الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين ، مع الدرس الأول من دروس الموضوعات العلميّة في رمضان .
الهيكل العظمي في جسم الإنسان :
أيُّها الأخوة ؛ كلمةٌ أرددها كثيراً ، الكون أوسع بابٍ تدخل منه على الله ، وأقصر طريقٍ إلى معرفة الله ، وإذا فكَّرت في آيات الكونعظام الإنسان سطحها أملس وبنيتها الداخلية اسفنجية
عمليات الهدم و البناء أروع ما في الجهاز العظمي :
هناك شيء آخر في هذا الموضوعالهيكل العظمي مستودع للكالسيوم يمد الإنسان به عند الضرورة
بسط العظام و قبضها من آيات الله الدالة على عظمته :
أما الشيء الذي لا يصدَّق أن هذا الجهاز ينمو
فمن الذي يقول له : قف عند هذا المكان ؟ فقد سألت أستاذاً في الثانوي - وهي قصة قديمة - ما الذي يجعل هذا العظم يقف عند مكان معيّن ؟ قال لي إجابة لم تقنعني مطلقاً ، قال : هناك خط وهمي في الفراغ ، فهذه العظمة تنمو فإذا بلغت هذا الخط تقف . هذا الكلام غير مقنع ، اكتشفوا هرمونات ، وهذه الهرمونات هي المسيطرة على نمو العظام ، لو أن نمو العظام لا يقف عند حدّ أصيب الإنسان بمرض يسمى العملقة ، فيصبح طوله مئتين وأربعين سنتيمتراً ، ولو أن الهرمونات المولِّدة للنمو لم تفعل فعلها أصبح طول الإنسان حوالي ثلاثين سنتيمتراً ، وهو رجل يبلغ من العمر ثلاثاً وعشرين سنة، هذا مرض التقزُّم ، والأول مرض العملقة ، فالإنسان يغيب عن ذهنه أن طوله معتدل ، وأن كل عظامه نمت بشكل معتدل ، ووقفت في الوقت المناسب ، فالله عزَّ وجل باسط ، وقابض ، يبسط العظام ، ثم يوقفها عند حدّ معيّن ، هذا أيضاً من آيات الدالة على عظمته .
الحكمة من كون هيكل الجنين العظمي غضروفياً :
أما الشيء اللطيف فهو أن هيكل الجنين العظمي غضروفي ، ثم يبدأ بالتعظُّم من الوسط إلى الخارج ، عظم الفخذ في الجنين يكون غضروفياً ، بعد الولادة يبدأ التعظُّم من الوسط إلى الأطراف ، لا بدَّ من طبقة في الأطراف تبقى غضروفيّة ، ولو كبر الإنسان ، هذه الطبقة ماصَّة للصدمات في النخاع الشوكي ، في العظام الطويلة في كل أنواع العظام طرف العظمة غضروفي ، تماماً مثل الكاوتشوك بين القطع المعدنية ، هذا يمتصُّ الصدمات ، تشعر أن هناك علماً مطلقاً وراء هذا الهيكل .هناك سائل في المفاصل يسهل حركتها ويمنع الاحتكاك
﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾
المفاصل من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام :
هناك شيء آخر.. وهذا الشيء من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام...
قال العلماء : " في العمود الفقري مئة وسبعةٌ وأربعون مفصلاً ، خمسة وعشرون منها غضاريف بين الفقرات ، واثنان وسبعون منها بين الضلوع والفقرات ، وخمسون منها بين الفقرات عن طريق اللقيمات الجانبية ، مجموع مفاصل العمود الفقري مئة وسبعة وأربعون ، وفي الصدر اثنان وأربعون مفصلاً ، والطرف العلوي أيضاً فيه مفاصل ، عددها خمسة وثلاثون ، والطرف السفلي به أربعة وأربعون ، فالنتيجة أن هذه المفاصل درست بإتقان ، وأحصيت بإتقانٍ شديد ، فصار مجموع هذه المفاصل في كل جسم الإنسان بين مفاصل عموده الفقري ، ومفاصل أطرافه العليا ، وأطرافه السفلى ، وصدره ، و حرقفه ، مجموع المفاصل ثلاثمئة وستون مفصلاً ، هذا بعد التشريح والإحصاء الدقيق والأعمال المخبرية في كليّات الطب بالجامعات الكبرى.
عدد مفاصل الإنسان 360 مفصلا متنوعا ذكرها النبي الكريم في حديث شريف
((حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلاثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ ، فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَهَلَّلَ اللَّهَ وَسَبَّحَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثّلاثِ مِائَةِ السُّلامَى فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ......))
فلا يمكن في عهد النبي أن يعرف الإنسان كم مفصل في جسم الإنسان ، فلم يكن هناك كليّات للطب ، ولم يكن هناك تشريح ، ولم يكن هناك أي شيء ، فقد كان الإنسان إذا مرض يموت ، هذه هي كل القضية ، أما الآن فقد كُشف أن في الإنسان ثلاثمئة وستين مفصلاً، طبعاً توجد تفاصيل طويلة خلال صفحات عن مفاصل العمود الفقري ، ومفاصل الصدر ، ومفاصل الحُرقف ، ومفاصل الأطراف العلوية والسفلية ، فكل عظمين متحركين بينهما مفصل ، مجموع مفاصل الإنسان ثلاثمئة وستون مفصلاً ، هذا أيضاً من آيات الله الدالة على عظمته.. لذلك :﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾
التفكر جزء من العبادة :
هذه بعض الأفكار الدقيقة والبديهيّة ، والتي هي عند الأطباء مسلَّمات عن هيكل الإنسان العظمي ، لذلك قال الله تعالى :﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾
وكلّما دققت في خلق الإنسان وجدت أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وكرَّمه أعظم تكريم :﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾
فتصوَّر أن دماغ الإنسان موضوع ضمن صندوق عظمي ، وبين الصندوق والدماغ سائل لامتصاص الصدمات ، فأحياناً الطفل الصغير يقع على الأرض آلاف المرَّات ، وتسمع رنين رأسه بشكل مخيف ، ومع ذلك يقف وليس فيه شيء ، ما الذي حصل ؟ هذا عندما صدم على طرف جمجمته ، هذه الجمجمة متمفصلة مع بعضها بمفاصل منكسرة ، وتوجد فراغات بسيطة ، فهذا الفراغ البسيط يمتصّ الصدمة ، لولا هذه المسننات في الجمجمة ، أول وقوع على الأرض تنكسر الجمجمة.﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
السائل بين الدماغ والجمجمة يحمي الدماغ من الصدمات