(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُمْلأ الأَرْضُ ظُلْمًا وَجَوْرًا ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا فَيَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلاً ))
مجتمعات الكفر جاءوا بأسلحةٍ فتاكة ، جاءوا بأجهزة كهربائية عجيبة ، حققوا إنجازات علمية مذهلة ومع ذلك كل هذا الإنجاز الحضاري لم يسعد الإنسان ، أغرقه في لذائذ ولكن نفسه معذبة وفرق بين اللذة والسعادة ، اللذة تتأتى من الخارج من طعام ، من جمال ، من ترف ، من بيت ، من مركبةٍ ، أما السعادة تنبع من الداخل من اتصال بالله وإقبال عليه ، فالمجتمعات الغربية قدمت للإنسان منجزاتٍ حضاريةً مذهلة ومع ذلك كل هذه الإنجازات لم تسعد الإنسان ، بالمقابل الأنبياء ماذا قدموا ؟ قدموا كلمةً طيبة لا كان معهم سلاح فتاك، ولا حاسب ، ولا مراكب فضائية ، ولا أقمار صناعية ولا منجزات حضارية ، حياتهم بسيطة لكن جاءوا بالكلمة.﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)﴾
لماذا هذه الكلمة فعلت فعل السحر ؟ لماذا هذه الكلمة غيرت وجه المجتمعات في ربع قرن ، لماذا هذه الكلمة أدخلت السعادة على قلوب معظم البشر وقتها ؟ لأنها كلمة طيبة ، ما معنى طيبة ؟ أنها كلمة تنطلق من حق ، وتنطلق من صدق ، وتنطلق من نية عالية ، فالكلمة الطيبة هي كلمة الحق ، ما الحق ؟ الشيء المستقر ، الشيء الثابت آلاف النظريات والمذاهب ظهرت وانهارت ، ولكن الإسلام شامخ كالطود هو الحق ، كلمة حق الشيء الثابت والمستقر ، قال تعالى:﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)﴾
يعني الحق لابس خلق السماوات والأرض ، هذا الخلق ثابت وهادف ، لأن الحق نقيضه الباطل ، والباطل الشيء الزائل ، ولأن الحق نقيضه اللعب واللعب الشيء العابث، فمن أجل أن تعرف كلمة الحق أبحث عن ضدها ، الحق يناقضه الباطل قال تعالى:﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81)﴾
زهوق صيغة مبالغة يعني أكبر باطل في الأرض ، قلعة الكفر في الأرض تداعت كبيت العنكبوت ، وإن الباطل كان زهوقا ، زهوق نوعاً ، وزهوق كماً ، مليون باطل ، مئات الفرق الضالة والمذاهب والملل والنحل ، كلها تهاوت وكلها ماتت قبل أن تولد ، ولدت ميتة لكن الحق شامخ كالطود ، أعلق تعليقاً بسيطاً لا تقلق على الإسلام مهما كثر أعداءه ، طبيعة هذا الدين عجيبة من يحاول أن يسكت صوت الحق ، من يحاول أن يحارب الدين كمن يحاول أن يطفئ النار بالزيت ، كلما صب الزيت زادها تألقاً ، لا تقلق على هذا الدين أبداً إنه دين الله ، والله جل جلاله قادر على أن ينصره بالرجل الفاجر ، ولكن اقلق على ما إذا سمح الله لك أن تنصره أو لم يسمح هل منحك شرف نصره ، هل قبلك جندياً لخدمته أم لم يقبلك ، قال تعالى:﴿ هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)﴾
الطغاة جاءوا بأسلحةٍ فتاكة ، والله وراء هذه الأسلحة من الذكاء والعبقرية الشيء الذي لا يوصف ، يعني ألف إنسان قابعين في ملجأ يجب كلهم أن يموتوا ، يجب أن نخترع قنبلة أول شيء خارقة ثم حارقة ، هذه القنبلة بإمكانها أن تخرق سمعت متر وسمعت ثلاثة أمتار ، ثلاثة أمتار إسمنت مسلح ، تخرقها ثم تنفجر داخل الملجأ الخسائر تسع مائة قتيل بحرب الخليج ، قنبلة خارقة حارقة ، قنبلة تتفجر قبل أن تسقط لتنشئ تخريب في دائرة قطرها مئات الأمتار قنبلة ذكية تركب أشعة الليزر في المدخل ، في وراء هذه الأسلحة ذكاء منقطع النظير ، تجارب علوم ، ومع ذلك هل قدمت هذه المنجزات للبشرية سعادةً ؟ ماذا قدموا الأنبياء ؟ قدموا كلمة لكنها طيبة ، كلمة صادقة ، كلمة خيرة ، كلمة الحق بإخلاص ، قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)﴾
بعضهم قال: أصول الدين جزع الشجرة ، والطاعات فروعها ، والاتصال بالله ثمارها، وهذه السعادة التي تستقر في قلب المتصل بالله عز وجل هي رائحة هذه الثمار اليانعة ، كشجرة طيبةٍ أصلها ثابت ، الحق يقف على أرض من صخر ، مهما اخترعوا ومهما اكتشفوا لم يظهر شيء حتى الآن ينقض أصول الدين أبداً لأنه كلام الله ، لأنه دين الله ، يعني مثل بين أيديكم أضربه كثيراً ، قال تعالى:﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)﴾
لو أن هذا الكلام كلام النبي تنتهي الآية هنا ، يأتي إنسان في عام ألف وتسع مائة وتسعين راكب طائرة فيها ست مائة وستين راكب يأكلون ويشربون وينامون ، في ساعات طويلة ، أين الخيل والبغال والحمير ؟ قال تعالى:﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)﴾
معنى ذلك أنه كلام الله ، فصارت الطائرات ، والقطارات والحوامات ، والمركبات ، والبواخر العملاقة تحمل مليون طن ويخلق ما لا تعلمون ، كلام الله عز وجل ، لم يظهر في كل العلوم علم ينقض آيةً قرآنية ، أصلها ثابت ، لأنها كلام خالق الكون ، لأنها كلام المكون ، لأنها كلام المقنن ، لأنها كلام الخالق أصلها ثابت وفرعها في السماء ، يعني ولو كان في شكليات كثيرة ، هل من المعقول دعوة تظهر في الجزيرة العربية في الصحراء في قرية اسمها مكة تنتشر في الخافقين ؟ من الصين وصلت جيوش المسلمين في فرنسا إلى مسافة أربعة عشر كيلو متر قبل باريس ، وإلى مشارف الصين ، هذا الحق كلمة طيبة أصلها ثابت ، تنطلق من واقع صحيح ، تنطلق من علم ، تنطلق من صدق ، تنطلق من إخلاص ، فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين.﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)﴾
إذا الله عز وجل وفقك أن تلفت إنسان إلى الله تعرفه بالله عز وجل ، أن تحمله على طاعة الله ، أن تمسكه بالحق ، أن تسعده بالقرب من الله ، أنت أحييت أمة من خلاله ، لأن هذا الذي اهتدى سوف يتزوج ، سيختارها مؤمنةً ، سينجب أولاد سيربيهم تربيةً إيمانية صحيحة ، الأولاد يتزوجون ، قد لا تصدق إنسان مؤمن تزوج إلى يوم القيامة قد يكون من ذريته مليونين مؤمن وهو واحد ، قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)﴾
كل فترة يوجد خبر سار ، يوجد إنسان دخل في الإسلام عالم كبير يوجد بلدة أسلمت بكاملها ، هذه الأخبار الطيبة تتأتى من أن الحق ينتشر ، قال تعالى:﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)﴾
أما الكلمة الخبيثة المفاجأة أنها تنتشر أيضاً ، قال تعالى:﴿ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)﴾
تنتشر ولكن ليس لها أصول صحيحة ، ليس لها جذور لا تقف على أرض صلبة ، تقف على باطل ، تقف على ضلال ، تقف على انحياز تقف على تزوير للحقائق ، قال تعالى:﴿ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)﴾
كم فرقة ، وكم طائفة ، وكم مذهب ، وكم اتجاه ولد ميتاً لا يوجد قرار ، لا يوجد أصول صحيحة ، قال تعالى:﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
القول الثابت القرآن الكريم ، يعني أضرب لكم مثل أحياناً إنسان يكون له قضية في القضاء قضية مستعصية ، يبلغه المحامي الحمد لله وجدنا في اجتهادات محكمة النقد فتوى لصالحك ، ترى امتلأ قلبه سرور ، خمس كلمات بمجلة عدلية عبارة عن اجتهاد محكمة النقد لكن هذه تتخذ حجةً في نيل الحكم ، هل من المعقول إنسان يجتهد اجتهاد يعطيك معلومات تملأ قلبك طمأنينةً وخالق الكون يعطيك بشائر ، قال تعالى:﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)﴾
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)﴾
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾
هل من المعقول أن الله عز وجل يعطينا بشائر لا تملأ قلبنا طمأنينةً أنا أريد مؤمن معنوياته عالية ، قال تعالى:﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)﴾
اجعل شعارك إذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك ، وقل يا ربي ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك ؟ فالكلمة الخبيثة تنتشر ألا يوجد مذاهب ضالة يقول لك مثلاً: تسعة مائة مليون بوذي ، أربعة مائة وخمسين مليون سيخ ، كلها ديانات وثنية تنتشر ولكن ليس لها قرار ، ولاء فقط ولا يوجد أتباع ولا يوجد منهج أساساً ، وهذا المذهب لا يسعد وفي أغلب الأحيان ينهار ذاتياً الديانات المنحرفة تنهار ذاتياً ، قال تعالى﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
المؤمن كل سعادته على آية مبنية ، قال تعالى:﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾
إله وعده بحياة طيبة وانتهى الأمر ، كن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك.﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)﴾
في قلوب أمة بأكملها ، وكل إنسان حجمه عند الله بحجم الذين اهتدوا على يديه ، فإنسان ، اثنين ، خمسة ، عشرة ، مائة ألف ، ألفين ، كل المسلمين في العالم في صحيفة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا علي لأن يهدي الله بك:((. فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ))