وضع داكن
29-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 065 - يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير ......
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، ولا زلنا في باب مهم من أبواب هذا الكتاب وهو الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى.

(( حَدَّثَنَا شَدَّادٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ))

(صحيح مسلم)

 حاجاتك الأساسية لك أن تأخذها، أما ما زاد عن حاجاتك الأساسية يمكن أن تنعش بها فقيراً، أن تعالج به مريضاً أو تفك أسيراً أو تؤمن بها حاجة أن تلبي رغبة أن تخفف ألماً، إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ
 أذكر لكم أن في دمشق آلاف من طلاب العلم الوافدين، هؤلاء ينعشهم بساط يجلسون عليه أو مدفأة أو مروحة في السقف، فمن عنده فرضاً قطعة أثاث موضوعة في التخزين وأخذت حجم وهي عبء عليه وقدمها لطالب علم أنعشته في الصيف، مدفأة أو بساط في الشتاء، إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ الضائقة الشديدة والفقر الشديد وقلة المال وقلة فرص العمل والمطاليب الكثيرة وضائقة اقتصادية وكساد في البيع والشراء في مثل هذه الأزمنة الصعبة المؤمن الصادق الذي يحب الله ورسوله لا ينفق إسرافاً أبداً بل حاجاته الأساسية، وما سوى ذلك قد يكون الألف ليرة لا قيمة لها عندك، ولكن عند غير أسرة تنعشها، والله هناك أسر تنتظر بالدور وقتاً طويلاً لتأخذ في الشهر ألف ليرة أو خمسمائة ليرة، فأنت الألف لا قيمة لها عندك، لكن عند إنسان لا شيء معه إطلاقاً لها قيمة كبيرة، فالإنسان الشيء الزائد عن حاجاته الأساسية أعان فيمن حوله هذا دليل انتمائك للمؤمنين، دليل أنك تحس بآلامهم، ودليل أننا جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
 يوجد أعمال بر كثيرة جداً، لكن لفت نظري مرة حينما أدعو الأخوة الكرام بالتبرع لمشروع خيري أتكلم عشر دقائق أحياناً وتأتي الغلة كبيرة جداً، كان عندي خطبة إذاعية أسبوع قبل الماضي فممنوع أن أتكلم شيء بالإذاعة قبل الصلاة، فبعد الصلاة تكلمت كلمتين المبلغ لم يتغير هذه ظاهرة عندي ثمنها مليارات الناس عندهم قناعات ثابتة إن تكلمت أو لم أتكلم كنت عندما أجد الغلة كبيرة كنت أعزي هذا للكلام الدقيق والطويل والعميق والأدلة والتمحيص لكن المرة الثانية قلت كلمتين الغلة نفسها، يعني صار حب الخير متأصل في النفوس أو في رواد ذاك المسجد، فالمؤمن لا يريد لمن يدفعه، أحياناً يكون عندك حاجة زائدة أعرف بيوت يعملون جرد أي حاجة زائدة عن حاجتهم تقدم مساعدة هذا الكلام دقيق: إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ واحد دخله عدة آلاف وعنده عدة أولاد بحكمة بالغة وبضبط شديد وبشراء الحاجات من منابعها بإلغاء كل شيء ثانوي بكميات معقولة بإدارة حازمة، هذا الدخل الذي هو عدة آلاف يكفي عدة أشخاص هذا إذا لم يدفع شيء لا يلومه أحد عياله أولى، إن خير درهم تنفقه ذلك الذي أنفقته على عيالك، لا تلام أبداً، عندنا قاعدة ثانية عندما تضغط الزوجة على الزوج ليأتي لها بالمال لتشتري فرش جديد أو طلاء المنزل هو حينما يعتذر لا يلام، متى يلام ؟ إذا أطعمها غير ما يأكل، وألبسها غير ما يلبس، أما إذا أكلت من أكله ولبست من لبسه هذا الحاضر، أنا لا أدخل جهنم من أجلكم هذا دخلي، والله مئات ألوف الأزواج متورطون بالمال الحرام إرضاء لزوجاتهم.
( الصحابية الجليلة تقول قبل أن يغادر زوجها المنزل يا فلان اتقي الله بنا نحن بك نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام.)
 عندنا أخ عنده محل بيع جملة مواد تجميلية فأحضر موظف عريس جديد مضى عليه أشهر فقال يوجد نقص في البضاعة أو بالغة لست مرتاح، أرسل شخص بغيابه ليشتري حاجات وقال تأتي السعاة الخامسة تطلب إرجاعها عمل خطة، هذا جاء الساعة الحادية عشر سلم على الموظف هل جاء أحد قال أبداً ولا زبون ولا زبون، الساعة الخامسة جاء الزبون الذي اشترى الساعة التاسعة والنصف يريد أن يرجع الحاجات قال: متى اشتريتهم ؟ قال اليوم الساعة التاسعة والنصف نظر إليه فوجده مثل التوت لونه !! ارتكب خيانة وسرقة طبعاً في اليوم الثاني طرده وجاء ورجاني قلت له لا أستطيع فأنا أتحمل من الموظف مليون خطأ إلا الكذب والخيانة لا أستطيع، ثم قال: بضغط من زوجته تريد أن تذهب للمطاعم وترتدي الثياب وتشتري حاجات فسرق وخسر العمل كله ‍‍‍‍!!! كان مستور ومعلمه صاحب دين ويكرمه يريد نفقة أعلى من هذه ما معنى قوله تعالى:

 

﴿ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ﴾

 

(سورة التغابن)

العلماء قالوا: هذه عداوة مآل لا عداوة حال، هي زوجتك وتحبها لكنها ورطتك فكرهتك بسبب شقائك منها
 المثل الأعلى بهذا الموقف( أحد الصحابة قال: اعملي أيتها المرأة أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر فلأن أضحي بك من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلك)، أنت شيء مؤقت أما هم فدائماً، هذا الكلام الطيب، لذلك: إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ أطعم مما تأكل أعرف أزواج لا يأكل لقمة خارج البيت، يوجد أزواج يأكلون لحم كباب يدفع مائتان ليرة وأولاده يأكلون المجدرة، الزوج المؤمن لا يأكل لقمة خارج البيت لو اشتهى وقية هريسة يحضر وقيتين للبيت يأكلهم مع أهله، يوجد أفضل من هذا لا يمكن رجل مؤمن أن ينعزم عزيمة إلا ويأتي مثلها في اليوم الثاني لأهله !! أنا أكلت أكل طيب يجب أن أطعمكم مثله هذا الزوج المؤمن، فإذا إنسان عنده حرص على أهله لو أكل زيت وزعتر لو أكل معكرونة فقط يصير الحب أغلى من الطعام، أما كل واحد يأكل وحده هو مع رفاقه لحومات وهم على تمضاية بعد هذا يملوا فيضغطوا عليه فهذا من باب الوفاء الزوجي، المؤمن يأكل بشهوة أهله، ويوجد أفضل من هذا يصنع طبخة يحبوها الأولاد هو قد لا يحبها، أو طعام تحبه زوجته، يلح عليهم ماذا تحبون أن تأكلوا اليوم، يأكل بشهوة أهله، بين أن تعيش بجنة ببيتك والله لو دخلك محدود وبيتك برأس الجبل، لو كان أبو إذا كان في البيت حب وود البيت جنة، وإذا كان أموال وملايين مملينة والزوج شرق والزوجة غرب وكيد وعداوة وبغضاء ومؤامرات هذا البيت قطعة من الجحيم وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ هذه إمكانيتي افعلوا ما شئتم، طبعا كما ورد في الأثر: ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله هذا ليس من بني البشر وليس من المسلمين.
 والله أعلم إنسان جمع المحسنون له ثمن بيت بدوما أبوه عنده أثنى عشر بناية والآن مات أنفق معظمها على مومسات في بلغاريا !! وأولاده شباب مؤمنون يحتاجون لمأوى والله يوجد آباء وحوش شهد الله، وبعض الآباء أبطال كم أب باع بيته في المهاجرين وسكن في زملكا من أجل أولاده ؟ لأن ثمن بيت يشتري أربع بيوت فباع بيته وسكن خارج المدينة وزوج كل ولد ببيت هذا أب بطل، والله لعله يلقى الله عز وج والله راض عنه بهذا العمل، ستر أولاده قد تجد أب بسيط لكنه ملك عند الله، أمن أولاده وزوجهم وآثرهم على نفسه، ليس كل شيء بالمال معظم الأشياء تحتاج للأخلاق وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أقول لكل أخ أولاد الفقراء أنت لهم وغيرك لهم، أما أولادك من لهم غيرك ؟ والله يوجد أشخاص بحفل خيري يدفع مليون له أولاد أخ ميتين من جوعهم لأن تبرعه فيه سمعة ووجاهة والمحسن كبير مليون يدفع وأولاد أخوه يموتون من الجوع هؤلاء ينفقون المال رئاء الناس فقط، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ من يصدق أن إعطاء الفقير القريب لك فيه أجران لك أجر الصدقة وأجر الصلة، إن دفعت لقريب لك مبلغاً من المال أنت لك أجر المتصدق وأجر الواصل، نحن في الإسلام التضامن الاجتماعي على أساس عائلي في باب النفقة كل إنسان ملزم بأقربائه الضمان الاجتماعي في الإسلام أساسه الجغرافية الجوار أو النسب، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى يوجد عندنا في الجامع إمام يحفظ كتاب الله مظهره بسيط سبحان الله جاء أخ في رمضان قال هذا المبلغ لهذا الإمام فهو فقير الحال، قلت له هذا الإمام يدفع عشر أضعاف زكاته للفقراء !! أغنى مني ومنك عنده معمل، شيء جميل أن إمام يحفظ كتاب الله ومحسن هو لم يعرف قلت له إمامنا بعلمي يدفع عشر أضعاف الزكاة صدقات وعنده معمل، فليس بحاجة، لماذا المسلم ضارب آلة كاتبة ملحوش خلف الباب ؟ لم لا تكون طبيب لامع أو محامي أو أستاذ أو صناعي كبير، لماذا الطبقة الدنيا مسلمة والعليا غير مسلمة ؟ النبي الكريم طلب النخبة قال:

((... وَبِدَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ اللَّهُمَّ أَيِّدِ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ وَبِرَأْيِهِ فِي أَبِي بَكْرٍ كَانَ أَوَّلَ النَّاسِ بَايَعَهُ ))

(مسند الإمام أحمد)

 لأن النخبة تحمل معه، أما غير النخبة لا تستطيع حمل الناس كلها غير النخبة بدها حمل، أما النخبة تحمل معك، فلذلك أيها الأخوة: وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى لماذا لا تتوفق بعملك الله موجود والأمر بيده استقيم وكن مخلص وصادق يأتيك الخير من كل مكان، ودائماً الرزق يلزمه عمل صالح، الإنسان يستمطر الرزق بالصدقة والحمد لله رب العالمين.

إخفاء الصور