وضع داكن
20-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 091 - أفضل الصيام عند الله صوم داود عليه السلام كان.......
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في أحاديث الصوم ففي البخاري ومسلم:

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ صُمْ يَوْمًا وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ قَالَ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صُمْ يَوْمَيْنِ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ قَالَ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ قَالَ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صُمْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ قَالَ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صُمْ أَفْضَلَ الصِّيَامِ عِنْدَ اللَّهِ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا ))

(صحيح مسلم)

 وفي حديث آخر:

 

(( عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 هذه مزاودة في العبادة، الخبير هو الذي فرض عليك الصيام ثلاثون يوماً في العام عن كنت تطيق أكثر من ذلك هو لك، فهناك سقف عن تجاوزته معنى هذا أنك تهلك نفسك، الحدث الدقيق:

 

(( عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَتْ كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قُلْتُ فُلَانَةُ لَا تَنَامُ بِاللَّيْلِ فَذُكِرَ مِنْ صَلَاتِهَا فَقَالَ مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ))

 

(صحيح البخاري)

 فقليل تدوم عليه خير من كثير تتركه.

 

(( عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ))

 

(صحيح البخاري)

(( عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ قَالَتْ لَا كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطِيعُ ))

(صحيح البخاري)

 يبدو أن العمل المستمر يسبب تراكم في النفس ثم الثورة ثم التخلف يسبب نكسات، طبيعة النفس حينما تقدم ثم تحجم تتزلزل ثقتها بنفسها، لو أن شيخاً كلف طلابه بأذكار فوق طاقتهم، فكلما قصروا فيها شعروا أنهم عاصون لله عز وجل، لذلك منهج النبي منهج متكامل وفق طبيعة النفس، ومنهجه تستثيغه النفس وهذا ينقلنا لأن الأصل في الأشياء والأعمال الإباحة، ولا يحرم شيء إلا بالدليل القطعي الثبوت والقطعي الدلالة بينما العبادات هذه الأصل فيها الحضر ولا تشرع عبادة إلا بدليل قطعي في الثبوت وقطعي في الدلالة.
واحد أراد أن يحرم أبعد ما حرم رسول الله، قيل له لا تفعل، قال: وماذا أفعل أنا في عبادة، قيل:تفتن، قال: وأي فتنة أفتن بها قيل له وأي فتنة أشد من أن ترى نفسك سبقت رسول الله.
يبد هذه الأحاديث لغير هذه الأيام، الآن الفرائض لا تؤدى، فهناك حقوق كثيرة على الناس لله عز وجل، ولكن حينما أراد بعض أصحاب رسول الله أن يزهدوا في الدنيا:

 

(( عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَصُومُ فَلَا أُفْطِرُ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ))

 

(سنن النسائي)

هذا يحقق توازن، فالتوازن يستمر أما التطرف لا يستمر.
 أيها الأخوة: حينما تتلقى منهج الله بالقبول وأنه المنهج الأمثل لا تحاول أن تغير فيه شيء لا زيادة ولا نقصان وما ضيع المسلمين إلا البدع التي تعلوها وليست من السنة وما ضيعهم إلا الأوامر التي أهملوها وهي من صلب الدين، وبشكل أو بآخر وما يعانيه العالم الإسلامي في شتى أقطاره هي أخطاء متراكمة من مائتي عام، حينما عطلوا بعض الفروض وابتدعوا بعض البدع اختل توازنهم، يوجد فروض أساسية عطلوها ويوجد بدع روجوها، فهذه البدع والفروض سببت تراجع المسلمين فكانوا في حال لا يحسدون عليه فرضت عليهم ثقافة أعدائهم، وأساليب أعدائهم في المعيشة وإرادتهم وأن تسلب أموالهم وتحتل بلادهم وتقهر إرادتهم ويذل كبريائه هذا كله من ترك ما في الدين من أساسيات.
لذلك ورد في الأثر:

(( كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ))

 وأولها يقول الله عز وجل:

 

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)﴾

 

(سورة الجمعة )

 ما لم تقم الدعوة على معرفة بالله وتزكية للنفس ومعرفة بالكتاب والسنة فهذه دعوة ليست كما ينبغي أن تكون وحينما لا تكون الدعوة كما ينبغي لا نستحق وعد الله عز وجل:

 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

 

(سورة النور)

 لا يمكن الله لهم دينهم إلا إذا ارتضاه لهم فإن لم يمكنهم معنى ذلك أنه لم يرتضي لهم دينهم، فالبطولة ونحن في رمضان ن يكون الدين الذي نحن عليه مما يرتضيه الله عز وجل دين التزام وورع وإخلاص وحب هذا الدين الذي يرتضيه الله، فإذا ارتضاه الله مكنهم في الأرض ولماذا لا يمكنهم ؟ لماذا يمكن أعدائهم ؟ كلما وجدت مصيبة عامة أو خاصة ووجدت شيئاً يؤلم القلب يحل بالمسلمين كلما وجدت تراجعاً كلما وجدت قهراً لهم يجب أن تقر قوله تعالى وأنت واثق من قوله تعالى:

 

﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾

 

(سورة الشورى)

 إخواننا الكرام: قد يعتب الإنسان لجهله على الله إن لم يكن مع المؤمنين اليوم، النبي عليه الصلاة والسلام قال: إن الله اختارني واختار لي أصحابي، من هم أصحابه ؟ قمم البشر، لأن سيدنا موسى ماذا قال أصحابه:

 

﴿ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)﴾

 

(سورة المائدة)

 فيما ورد في الأثر: ماذا قال أصحاب النبي ؟ والله قالوا كلام يذيب القلب في أحد: قال سيدنا سعد بن معاذ: لعلك تعنينا يا رسول الله قال: أجل، قال: يا رسول الله لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق فسر على بركات الله، والله لو خضت هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا واحد فصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وخذ من أموالنا ما شئت ودع ما شئت فوا الذي بعثك بالحق للذي تأخذه من أموالنا أحب إلينا مما تتركه لنا فابتسم النبي هكذا كان أصحابه....
 ومع ذلك في أحد لم ينتصروا من معهم ؟ رسول الله حبيبه، سبعين قتيل خسرهم من وجهاء الصحابة وفي حنين لم ينتصروا يوجد خطأ بالعقيدة بالشرك أعجبتكم كثرتكم أنكم أقوياء، في أحد معصية خطأ تكتيكي في حنين خطأ إيديولوجي عقائدي وفي هاتين المعركتين لم ينتصر.
فإذا كان الصحابة الكرام الذين بذلوا أرواحهم وأموالهم في سبيل الله والذين فدوا رسول الله بأرواحهم لم ينتصروا لأنهم خالفوا، نحن عندنا ولا أبالغ مليون مخالفة عندنا في العقيدة والسلوك وأداء الحقوق وكل شيء، الصحابة لم ينتصروا، لكن نرجو الله سبحانه وتعالى أن ينصر المسلمين نصراً تفضلياً، العلماء قالوا: هناك نصر تحققي استحقاقي وهناك نصر تفضلي ونصر تكويني.
 إذا الفرقاء المتحاربون لا يعرفون الله أبداً الأقوى هو الذي ينتصر قضية سلاح ومدى مجدي ودقة إصابة وإلكترون وأقمار صناعية وطائرات ترسل أشعة سينية الليزر تركبها القنبلة، الأذكى ينتصر والأقوى، هذا نصر تكويني، اثنان كفار وشاردون ومعرضون الأقوى ينتصر، نصر تكويني ونصر تفضلي ونصر كما نصر الله الروم قال:

 

﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)﴾

 

(سورة الروم)

 هم ليسوا موحدين لكن حاربوا من ؟ الوثنين، نصر تفضلي، أما نصر أصحاب الرسول في بدر نصر استحقاقي:

 

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾

 

(سورة آل عمران)

 فنرجو الله سبحانه وتعالى أن ينعم علينا بنصر تفضلي، والحمد لله رب العالمين.

إخفاء الصور