وضع داكن
28-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 050 - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن.........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، والموضوع اليوم الترغيب في صلاة الاستخارة.
الله جل جلاله حينما قال:

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

(سورة فاطر)

 فالخبير هو الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها فأنت عبد لا تعلم والله يعلم، لست قوياً، لكن الله على كل شيء قدير، لا تعلم الغيب الله يعلم الغيب، فإذا استخرت خالق السماوات والأرض بما سنّ لنا النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الاستخارة.

 

(( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد ِاللَّهِ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ))

 

(صحيح البخاري)

 أي أمر ؟ أمر من المباحات لا استخارة في الفرائض ولا استخارة في المحرمات، يا ترى صلي أم لا ؟ سأستخير الله ! ما هذا الكلام ؟ هل أشرب خمر أو لا ؟ لأسأل الله، لا استخارة في الفرائض ولا في المحرمات، ولكن الاستخارة في المباحات، في سفر أو زواج أو تجارة أو اختيار فرع في الجامعة.

 

(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي))

 في الديني في الدنيا ومعاشي في الدنيا ومصيري في الآخرة، ثلاثة نواحي: حياتك المعيشية في الدنيا وإيمانك في الدنيا ومصيرك في الآخرة.

 

 

(( إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ ))

 أحياناً الإنسان ييسر له أمر الزواج بإمرأة لكن لا يبارك له فيها، يأتيه مرض عضال في مقتبل عمرها، فيبقى الزوج في خدمتها إلى أن يأتيها الأجل، تيسر له الزواج منها لكن لم يبارك له فيها.
أحياناً تيسر لك تجارة قد يصاب الإنسان بإفلاس فيها، فالعبرة أن تيسر في مقدماتها وأن يبارك لك فيها في نهايتها.

 

 

(( وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ))

 إذا كان في ديني شر ومعاشي وعاقبة أمري هذا تعليم من النبي الكريم انتهب إلى دنياك وإلى دينك وإلى آخرتك، فلذلك الدعاء الشهير: اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر.

 

 

(( وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي ))

لكن لو أنك يا رب صرفته عني وأنا متعلق به أتعذب، يا رب نرجوك بفضل ثاني أن تصرفني عنه أيضاً.
 شاب خطب فتاة جميلة تعلق بها تعلقاً شديداً فصلى الاستخارة فلم ييسر له الزواج منها، طلب أبوها شيء غير معقول شرط تعجيزي، فبهذا هي صرفت عنك لكنك معلق بها، هذه ليست حياة يقول ذهبت من يدي احترق قلبي عليها.
 فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وأرجو أن أرتاح منه أنا أيضاً، إذا صرفته عني اصرفني عنه.

 

 

(( فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي به ))

من صفات المؤمن أنه راض عن الله.
 رجل يطوف حول الكعبة يقول: يا رب هل أنت راض عني ؟ هو وراء الإمام الشافعي فقال له: يا هذا هل أنت راض عن الله حتى يرضى عنك فالتفت نحوه وقال: يا سبحان الله من أنت ؟ قال: أنا محمد ابن إدريس قال: كيف أرضا عنه وأنا أتمنى رضاه ؟ هذا كلام غير منطقي، فقال له الإمام الشافعي: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله.
 من هو البطل ؟ الذي يأتيه قضاء الله وقدره المكروه، مرض فقط، خسر وظيفته توفي ابنه فقال: يا رب لك الحمد أنا راض، قال له: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله.
قال تعالى:

 

 

﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾

 

(سورة المائدة)

 العبرة أن ترضى عن الله، هذا طويل هذا قصير هذا أسمر هذا أبيض هذا معه خلع ولادي، هذا معه روماتيزم خلقي، هذا معه ضيق هذا اختيار الله لك، يجب أن ترضى عن جسمك وعن كونك من فلان وفلانة، وعن كونك ولدت في بلاد معينة وفي مدينة معينة، يلد ابن ملك تجد الدنيا كلها ملكه، ابن فقير عنده متاعب لا تنتهِ، هذا اختيار الله له، يجب أن تحترم قرار الله عز وجل، لأن كل شيء أنت مكره عليه هو لصالحك.
وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ كم خطأ عند العوام ؟ الخطأ الأول أنني سأعمل لك استخارة، هذا لم يرد عن النبي الكريم، لها شيخة هي ستعمل لها الاستخارة، لا هذا لا يصح، ليس بينك وبين الله حجاب، الاستخارة مباشرة من العبد لربه، بالواسطة لا استخارة، الآن قمنا بالاستخارة نفتح المصحف مثلاً:

 

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾

 

(سورة النور)

 فهذا يعني أن الصهر جيد، هكذا أتت الآية، هذا غير صحيح.
حدثني أخ خطب واحدة وفتح المصحف فوجد:

 

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾

 

 

 اعتبر هذا جواب الله، قال: أكبر بلاء جاءني هو هذه المرأة ! الله لم يقل لك: افتح المصحف واقرأ ما هي الآية التي وقع نظرك عليها، أو رأى منام المنام لا علاقة له، والمصحف ليس له علاقة، عندما ييسر الله لك الأمر فهو مكتوب ومقدر لك، أما إذا عسره فيعني أنه لم يسمح لك، هل معقول أن تستشيره ويغشك ؟ مستحيل وألف ألف مستحيل، لكن الجواب الإله يهو التيسير، إذا كان في الأمر خير فيسره لي.
والله أتمنى أن لا يقطع أمر من المباحات إلا باستخارة الله عز وجل، هو الحقيقة يوجد شيء متمم، المؤمن الصادق يستشير أولي الخبرة من المؤمنين ويستخير الله.
 زارني أخ قال: أريد أن أفتتح معمل صغير لراحة الفستق، قلت له: اسأل في سوق البزورية عن هذه المصلحة معقولة أم لا، قال: سألت المحلات على الجانبين والجميع نبهني منها، قالوا لي: هذه مصلحة فاقورة، وانتبه يصيب هذه الراحة الدود مع الزمن، قطعوا لي قلبي، أنا شعرت أن الجماعة لم يتقوا الله في هذا الجواب، أعرف واحد بالبزورية أظنه صالحاً لا يكذب، اذهب لعنده واسأله، سأله فقال له: والله موادها الأولية موجودة وأرباحها جيدة وطلبها شديد وأنا أساعدك، سأل المحلات على الجانبين حذروه من العمل بها، لكن هذا مؤمن لا يكذب عليك تكلم بالحقيقة.
فأقول لكم: الاستشارة لا إلى أولو الخبرة فقط، ولا إلى المؤمنين فقط، الاستشارة لأولي الخبرة من المؤمنين.
 العلماء يقولون دائماً: لك أن تفطر في رمضان باستشارة طبيب مسلم حاذق ورع، إذا غير مسلم افطر، لأن الدين كله لا يهمه، وإذا كان الطبيب غير حاذق معه قرحة لا مشكلة صوم، يجوز أن تتفاقم، يجب أن يكون طبيب مسلم حاذق ورع أربع صفات، فالاستشارة لأولي الخبرة من المؤمنين، والاستخارة لله عز وجل، والنبي الكريم يقول: آخر حديث:

(( عن أنس قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار))

(للإمام جلال الدين السيوطي)

 استشر المؤمنين واستخر رب العالمين بكل قضية، فمن أنت حتى لا تستشير وقد أُمر المعصوم أن يستشير ؟ قال:

 

﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾

 

(سورة آل عمران)

 حقيقة شاورهم، ولا يوجد إنسان ناجح في الحياة ومتفوق إلا ويستشير كل من حوله، اتخذ لك مستشاراً، لصحتك لك مستشار، بتجارتك مستشار، بزواج ابنتك استشير، ترسل ابنك لبلد أجنبي استشير، لعل هناك بديل أفضل فالمؤمن لا يتحرك إلا بخبرة الخبراء وآخر شيء لو عندك كمبيوتر تعطل عندك جار سمّان طيب وصاحب دين تحبه جداً هل تثق به ليصلح لك الكمبيوتر ؟ لا هذا ليس عمله، يجب أن تستخير الله وتستشير المؤمنين لذلك:

 

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)﴾

 

(سورة الكهف)

﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾

(سورة لقمان)

إخفاء الصور