وضع داكن
25-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 032 - صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفا.....
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الإخوة الكرام ؛ لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، الأحاديث اليوم حول صلاة جماعة، وما جاء فيمن يريد الجماعة فوجد الناس قد صلوا

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ ))

(رواه البخاري مسلم)

  في بيته وفي سوقه، أي في مكتبه التجاري، في دكانه، طبعا أريح مليون مرة تصلي في بيتك وفي دكانك، أما في المسجد هناك مشي، و هناك نظام عام، وقد تكون الصلاة بعد الأذان بعشرين دقيقة مثلا، هناك سنة قبلية، سنة بعدية، هناك دعاء... إلخ، إذًا: صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ "، الإنسان قد يتفق مع إنسان لمصلحة مادية راجحة أن يلتقيا في المسجد، حدثني أخ من إخوتنا الكرام ممن بقي يلازم دروس جامع النابلسي أكثر من ستة عشر عاما، سبب التزامه بالدروس سبب غريب جدا، له مع أخ مبلغ،وهذا المبلغ لم يحصِّله، وهذا الأخ يوجد في الدروس، قال لي: جئت إلى الدرس وليس في نيتي أن أستمع إلى كلمة من المدرّس، إلا أن ألتقي بهذا الإنسان وأحصل ديني، هذا معنى آخر صار، هذا المعنى " كن لما لا ترجو أرجى بك بما ترجو "، سيدنا موسى ما الذي جعله يتجه إلى مكان المناجاة، قال:

 

﴿ إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)﴾

 

(سورة طه)

 أي أن يأخذ قبسا من النار، هذا كل هدفه، فإذا يفاجأ أن الله يناجيه هناك، " فكن لما لا ترجو أرجى بك بما ترجو ".
لبعض الأئمة الكبار كلمة رائعة قال:

(( أردنا العلم لغير الله فأبى العلم إلا أن يكون لله ))

 حدثني طالب ضاقت في وجهه الدنيا و انسدت كل السبل، وليس فيه من الدين ذرة، فتح له سبيل واحد هو كلية الشريعة، واستطاع أن يأخذ بعثة داخلية، أي راتبا، قال لي: أنا أَبعَد عن الدين كبُعد الأرض عن السماء، درس التفسير، درس الحديث، درس الفقه، درس العقيدة، فعظّم هذا الدين، وأحبّ هذا الدين، وكانت هدايته بسبب هذا الدين، هذا الأخ الذي جاء ليأخذ دَينه من أخ آخر قال لي: أعجبني الدرس، جئت مرة ثانية ولزمت الدروس ما يزيد عن ستة عشر عاما، ولم أغادرها، أنا لست ضد أن يعد إنسانا في الجامع، وليس حراما أن تعده في الجامع، ولكن أحيانا تريد شيئا، والذي يحصل شيء آخر، "أردنا العلم لغير الله فأبى العلم إلا أن يكون لله"،

 

(( وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ *، انتظار الصلاة في المسجد صلاة، "وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ "، وفي حديث آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ - أي المفرد - بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ))

 

(متفق عليه)

 يا أيها الإخوة ؛ الله عز وجل قهرنا و أرادنا، قهرنا أن نجتمع، كيف ؟ كل واحد منكم له حرفة واحدة يتقنها، و لا أبالغ بحاجة إلى مليون حرفة، أحيانا نحتاج إلى زر، وهذا الزر معامل قائمة بذاتها، خلطات وموديلات، وأشكال وألوان، بحاجة إلى خياط، بحاجة إلى طبيب أسنان، بحاجة إلى حلاق، بحاجة إلى طبيب بشري بحاجة إلى محامي، بحاجة إلى حاجات نادرة، بحاجة إلى لاصقة، بحاجة إلى ورق، إلى أقلام، فأنت بحاجة إلى مليون حاجة، وسمح لك أن تتقن حاجة، إذًا الله فطرك أن تكون في مجتمع، تأخذ كيلو خبز، هذا الخبز، هناك أرض حرثت و سمّدت، وقلب ترابها، وعشبت، ثم زرع القمح، ثم سقي القمح، وسمد القمح، وعولجت آفات القمح، ثم نما القمح، ثم نضج القمح، ثم حصد، ثم درس، ثم سود كما يقولون، ثم جفِّف، ثم طحن، ثم أُخذ إلى الأفران، هناك عجانات، وخمائر، وهناك عمال يعملون ليل نهار،ثم جيء به إليك جاهزا، كم واحد دخل في هذا الشيء، كل واحد له حرفة يتقنها، أحيانا تشتري كيلو خيار، هل تعلم أن هذه الخيارة مطورة أكثر من خمسين سنة، إذا قال لك: هذه الخيارة طويلة، معنى ذلك أنها مزوجة إلى صنف طويل، وإذا قال مضلعة، فزواج ثان، وإذا قال لك: ‘نتاجها غزير، فزواج ثالث، وإذا قال لك: تتحمل البرد فزواج رابع، وإذا قال: طولها ثلاثة وعشرون سنتي فزواج خامس، إذا قال لك مثلا: نحيفة، فليست مرغوبة، زواج خامس، تأخذ بذرة اسمها " إكوان" أي هجين، هذه معالجة بثماني أو تسع زيجات، وكذلك عاملوها معاملة ثانية، المعدلة وراثيا حتى لا تأتي البذرة مثل الأم، يفلس الجماعة، حتى لا يفلسوا عدّلوها وراثيا حيث تأتي البذرة على القديم، على الأصل، فكل سنة لا بد أن نستورد البذور، أبدا، طول حياتنا، وكل شيء تأكلونه مستورد، كل شيء تأكلونه من الخضراوات، وكل أنواع النباتات مستور، لأن البذر الهجين أحيانا تعطي ثلاثين كيلوا، ثمنها ثماني ليرات للبذرة الواحدة، أما البلدية تعطي خمس كيلو، وغير مقبولة، فكل شيء تستعمله أحيانا له خبرات مائة سنة، تسعين سنة، خمسين سنة، علماء بحوث مطورة، ابتكارات، دكاترة، مسوقين، فأنت تأخذ الشيء جاهزا، أحيانا تأخذ آلة، هذه الآلة مطورة من خمسين سنة، كل سنة فيها تطوير، وتطوير، فالله قهرنا أن نجتمع، وامتحننا باجتماعنا، أما صلاة الجماعة فاجتماع طوعي و ليس قهري، نحن مجتمعون في مدينة، وفي مهن، وفي حرف، وفي أسواق، هذا اجتماع قسري، ليس لنا فيه أجر، لكننا ممتحنون فيه، أما نحن نجتمع على الصلاة اجتماعا طوعيا، هذا فيه أجر كبير، خمس و عشرون ضعف، سبع عشرون ضعف، لأن هناك تعاون، وهناك تناصح، وهناك تحابب، هناك مشاركة، واحد من عادته يأتي إلى الدرس، و اليوم لم يأت، فقام أخ من إخواننا الكرام واتصل به، قال له: غليت قلبنا "، هذا الاتصال لا يقدر بثمن، كان السلف الصالح إذا غاب عن درس الفجر يزوره عشرة، خير، فلما أنت كذلك مثلما النبي علّمنا " تآخيا اثنينِ اثنين، تختار من جامع الطاووسية واحدا، كحد أدنى، لأجعله كأخ لك في الله، تتفقده إذا غاب، ويتفقدك إذا غبت، تسأل عنه، ويسال عنك، تزوره ويزورك، تعينه و يعينك، تأخذ بيده، يأخذ بيدك، هذه حكمة صلاة الجماعة، تعيش ضمن مجتمع مسلم، حدثني أخ قال لي: أنا كنت في مؤتمر في الصين الشعبية، قال لي: فندق، ومكان المؤتمر بنفس الفندق، سألت عن مسجد في هذه المدينة، دللت عليه، والمسافة بعدة جدا، تعرفت على أربعة خمسة، دكاترة، في الجامعة، وطلاب علم، أخذت عناوينهم، قال لي: لا زالت الاتصالات بيننا عشر سنوات، لو صليت وحدك لم تعرف أحدا، كنت في أمريكا، واحد ليس من رواد المساجد، مات، عرفوا بموته بعد أربعة أيام حتى رائحة جثته لا تطاق، أخذوه ودفنوه في مقابر اليهود، لو كان من رواد المسجد لكان من يتفقده، وأُخذ وغسل و صلي عليه ودفن مع المسلمين، أنت حينما تأتي المسجد تنضم إلى جماعة، أنت في مجتمع، الحد الأدنى هناك تواصل، الحد الأدنى هناك سلام، يمكن أن يدخل أحدكم دائرة فيجد أخاه موظفا هناك، لا بد أن يساعده، لا بد أن يعينه، فالجماعة رحمة و الفرقة عذاب، لأن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ويد الله مع الجماعة، ويد الله على الجماعة، بالتوفيق.

 

(( فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ))

 الحديث الثالث ؛

 

 

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ))

 

(رواه مسلم)

 أيْ عاجز، ومع ذلك يصلي في المسجد، وفي رواية ثانية: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد عُلم نفاقه، أو مريض، وإن كان الرجل ليمشي بي رجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علّمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.
 أربعة أحاديث، أو ثلاثة أحاديث برواية رابعة تحض على صلاة الجماعة، أنا أقول لكم: والله أيها الإخوة ؛ مئات الإخوة الكرام سبب هدايتهم المسجد، دخل ليصلي، مرة قال لي واحد: كنت ماشي في الطريق، و لا بد أن أصلي المغرب، دخلت، وجدت درسا، عندنا في النابلسي درس أحد، قال لي: تأثرت تأثرا، فقلت: ما السبب ؟ قال لي: كنت عندك وقصصت عليك قصتي خمسين مرة، قلت: استوعبتها تماما، وأنت عالم نفس وأردت أن تعالجها، لا أستمع كلاما في هذا الدرس مثل هذا الكلام، الله أراد به خيرا، فألهمني، قال لي: كأنك بمشكلتي، فالله عز وجل إذا علِم من إنسان خيرًا يلهم المتكلم دون أن يشعر، يتكلم كلاما متعلقا بمشكلته، قال لي: وضعت يدك على الجرح، وضعت الجواب، من وقتها لم أترك الدروس، فأنت لا تعرف من أين يأتي الخير، قد يأتيك الخير لا يعلمه إلا الله من المسجد، من أخ كريم، أحيانا في الدنيا تكون الأمور كلها مغلقة أمامك، يكون أخ في الجامع يصلي جنبك، تتعرف عليه، ويتعرف عليك، بحاجة إلى عمل، أنت مناسب له تماما.

إخفاء الصور