وضع داكن
20-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 173 - الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان …..
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام:
 لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من أحاديث البخاري ومسلم والحديث اليوم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 " الطهور شطر الإيمان، و " الحمد لله " تملأ الميزان، و " سبحان الله " و " الحمد لله " تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ".
الإيمان أيها الأخوة فيه صفتان، أو هما شطران، أو هما نصفان، نصف طهور ونصف تزكية، يعني نصفه صفات سلبية، ونصفه الآخر صفات إيجابية.
 كيف إنك إن رأيت وعاء ليس نظيفاً، فطهرته ثم ملأته شراباً طيباً، ففي عملية تطهير، وعملية إملاء، في تطهير وفي تعطير، الإنسان يغتسل يتطهر ثم يتعطر، فالعطر شيء إيجابي، أما الاغتسال إزالة الأوساخ.
فالصلاة تطهر وتزكي، والصدقة تطهر وتزكي.

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ﴾

( سورة التوبة الآية: 103 ).

 فالتزكية تحلية، التزكية تعطير، والتخلية أو التطهير تنظيف، فالمؤمن في أصل بنيته النفسية طاهر، لا يحمل في قلبه حقداً، ولا غلاً، ولا حسداً، ولا كبراً، ولا إعجاباً وما إلى ذلك، قلبه طاهر من كل ضغن، الآن في قلبه رحمة، وفي قلبه لطف، وفي قلبه أنس، هذا كله من الصلاة، فيقول عليه الصلاة والسلام: " الطهور شطر الإيمان " الحد الأدنى بالمؤمن، الحد المقبول بالمؤمن أن يكون طاهراً من العيوب، مقبلاً على علام الغيوب طاهر من كل عيب.
و " الحمد لله " تملأ الميزان " يعني ميزانك يوم القيامة، هناك أعمال تملئه وهناك أعمال لا تملئه، قال تعالى:

 

﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً (23)﴾

 

( سورة الفرقان )

(( لأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مَنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً فَيَجْعَلُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورا. قَالَ ثُوْبان: يَا رَسُولَ اللهِ ! صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَنَعْلَمُ. قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتَكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ، إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللهِ، أنْتَهَكُوهَا ))

رواه عِيسى بْنُ بُونُسَ الرَّمْلِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ ]

 معنى ذلك أن هناك أعمال لها وزن عند الله يا معاذ.

 

(( أخلص دينك يكفيك القليل من العمل))

 

[ رواه ابن أبي الدنيا في الإخلاص عن معاذ ]

في أعمال لها وزن كبير، لأن فيها إخلاص وفيها تطبيق للسنة، وفي أعمال ما فيها إخلاص، مهما يكن حجمها كبيراً لا قيمة لها إطلاقاً.
 الآن مثلاً في حياتنا اليومية أنا شاهدت ألماسة بمتحف بتركيا ثمنها 150 مليون دولار، بحجم البيضة، أكبر ألماسة رأيتها في حياتي، 150 مليون، والألماس أصله فحم تأخذ كيس فحم قلم أحمر ثمنه 100 ليرة، ففي شيء ثمين جداً عظيم جداً كلما كان العمل فيه إخلاص كان فيه نجاة، كان فيه سعادة الحمد لله أن تكون حامداً لله، شاكراً له قائماً في خدمة عباده، هذه تملئ الميزان، فالمؤمن طاهر، والمؤمن يحمد الله دائماً.
 أن تقول يا ربي لك الحمد هذا كلام إذا عبر عن حقيقة في قلب الإنسان هذه تملئ الميزان، أما إذا قلت سبحان الله يعني سبحته أي مجدته، يعني فكرت في ملكوت السماوات والأرض، فكرت في صنعته، في خلقه، في رحمته، قال وسبحان الله تملئ ما بين السماء والأرض، لو جسدنا سبحان الله بشيء مادي لكان حجمه يملئ ما بين السماء والأرض.
إذاً هناك تسبيح وهناك حمد، لذلك ورد في بعض الآيات:

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾

( سورة الكهف الآية: 46 ).

 لكن المال والبنيين يفنيان.

 

﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)﴾

 

( سورة الكهف ).

 " وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، يعني إذا سبحته، وحمدته، ووحدته، وكبرته، هذا الذي يبقى، وهذا أعظم شيء، لكن سبحته حقيقة ووحدته حقيقة، وحمدته حقيقة، وكبرته حقيقة، الله أكبر، قد يغش الإنسان في بضاعته ليربح، ماذا رأى ؟ رأى أن هذا المال الذي يأتيه من الربح أكبر من الله، لذلك عصى الله وغشى المسلمين، هذا الذي يرضي زوجته ويعصي ربه، هذا يرى أن رضا زوجته أعظم عنده من إرضاء الله، هذا الذي يرضي الناس ويعصي ربه، يرى أن إرضاء الناس أعظم عنده من إرضاء الله، فقضية أكبر كبيرة جداً.
أنت حينما تقول الله أكبر يعني أن تقف في الصلاة أكبر من أي عمل تعمله، إذاً " الحمد لله " تملأ الميزان، و " سبحان الله " و " الحمد لله " تملآن ما بين السماء والأرض والصلاة نور " الله عز وجل قال:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾

 

( سورة الأنفال الآية: 29 ).

 وقال عليه الصلاة والسلام:
الصلاة نور المؤمن.

 

[ رواه القضاعي وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه والحديث صحيح ].

 وفي بعض الآيات:

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)﴾

 

( سورة الحديد ).

في بقلبك نور يضيء لك الطريق، تجد المؤمن حكيم، المؤمن يقف موقف حكيم لا يتورط، لا يتحامق، لا يتجاوز، لا يطغى، لا يتكبر، لا يتحدى، حكمته جاءت من صلاته " والصلاة نور ".
 لو فرضنا إنسان راكب مركبة، معه ضوء كاشف، في بالطريق عقبات، في صخور، في حفر، في وديان، لكن بهذا الضوء الكاشف تجنب كل الأخطار، وهكذا المؤمن الدنيا فيها متاهات كثيرة، وفيها مزالق كثيرة، لكن حينما تتصل بالله يقذف الله في قلبك نوراً يريك الحق حقاً والباطل باطلاً، تنجو من كل متاهات الحياة " والصلاة نور ".
 " والصدقة برهان " يعني أنت حينما تتصدق من مال كسبته حلالاً وهو محبب إليك، وأنت في أمس الحاجة له حينما تدفع من مالك ولا تعلم شمالك ما أنفقت يمينك، هذا برهان قوي نابغ على أنك تحب الله، هذا الذي يصلي في الليل لا يراه أحد برهان على أنه يحب الله، هذا الذي ينفق ماله ابتغاء مرضاة الله برهان على أنه يحب الله، وما سميت الصدقة إلا لأنها تؤكد صدق صاحبها.
 " والصبر ضياء " الصبر على قضاء الله وقدره، والصبر عن المعاصي والصبر على الطاعات، في صبر على، وصبر عن، وصبر في، فالمؤمن يصبر على طاعات الله، ولو كانت متعبة، بأيام الصيف ينام الساعة الواحدة، الفجر ثلاثة ونصف، ما في غير ساعتين، فالمؤمن يستيقظ على صلاة الفجر، يغض بصره، يضبط لسانه، يحلل دخله، إذاً هذا صبر على الطاعات، امرأة تمشي في الطريق بمنظر جميل غض بصر الآن صبر عن المعاصي، صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، جاءته مصيبة قال يا ربي لك الحمد، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، وهذا صبر على قضاء الله وقدره ثلاث أنواع للصبر، فالصبر يولد في قلبك الضياء، والله في آية !:

﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (43)﴾

( سورة ص )

 الله يعلم أن هذه متعبة، في مشكلة، قد تكون مشكلة مالية، قد تكون مشكلة صحية، مشكلة أسرية، مشكلة بالعمل، أنت منيب لله عز وجل، الله ساق لك مشكلة ليمتحنك، تقول يا ربي لك الحمد، وقدوتك في هذا النبي الكريم في الطائف، يا ربي إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولك العتبة حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي.
 " والقرآن حجة لك أو عليك " حجة لك، القرآن يدلك، فإن قرأت الآيات ولم تطبقها أصبح حجة عليك، فبين أن يكون القرآن حجة لك حينما تهتدي لهديه، وتأتمر بأمره وتنتهي عن نهيه، أو أن يكون القرآن حجة عليك، في آية قرآنية وأنت خالفتها معانداً فأصبح هذا القرآن حجة عليك.
الآن آخر شيء بالحديث:
" كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " في حركة، الساعة الثامنة تجد الطرقات ممتلئة بالسيارات، كل واحد له هدف، واحد هدفه أن يكسب رزقاً حلالاً، يكفي أهله أعتقها من النار، واحد هدفه يطلب العلم الشرعي، واحد هدفه أن يتصدق، فكل واحد حينما يتحرك في برأسه هدف، قال " كل الناس يغدو " كل إنسان يتحرك لكن واحد منهم " فبائع نفسه لله " فمعتقها " من النار، واحد باع نفسه للشيطان فأوبقها وأدخلها النار.

 

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)﴾

 

( سورة الليل ).

 كل واحد في موال برأسه، هذا الذي يقيم دعوى كيدية، هذا يريد أن يزني، هذا يريد أن يشرب الخمر، هذا يريد عمل شركة احتيالية على الناس، هذا يطلب علم، هذا يريد أن يتاجر تجارة مشروعة، هذا يريد الزواج، كل واحد يريد أن يتحرك للهدف الذي في باله

(( كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ))
 

إخفاء الصور