وضع داكن
19-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 157 - خيركم من تعلم القرآن وعلمه....
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
 أيها الأخوة الكرام : ننتقل إلى كتاب آخر من كتاب إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم ألا وهو كتاب قراءة القرآن، هذا الكتاب فيه فصول كثيرة منها: الترغيب في قراءة القرآن.
 قبل أن نقرأ الحديث لو أن تاجر سيارات عنده عشر سيارات وبلغه أن هناك قرار يخفض الجمرك على السيارات، كل سيارة سوف يهبط مائتين ألف ليرة فإذا قرأ هذا الخبر يخسر نصف رأس ماله كيف يتلقى هذا الخبر ؟ كيانه كله متعلق بخمس كلمات، هذا بالدنيا فقط، أقول الكلام: إنسان فرضاً اشترى أرض حتى يربح مئات الملايين، فقيل له بلاغ منع الإعمار يقرأ البلاغ تجحظ عيناه أحياناً !!!!! فنحن كلما كان إيماننا قوي ونقرأ حديث لرسول الله يجب أن نأخذه بأعلى درجة من المصداقية، هذا الإنسان لا ينطق عن الهوى، هذا الإنسان كلامه وحي يوحى هذا في اتباع سنته سعادة الدنيا والآخرة.
الرسول عليه الصلاة والسلام قال: خيركم...
 أنا أضع بين أيديكم مقاييس البشر، واحد أخذ أرض باثنا عشر ألف صار ثمنها اثنا عشر مليون كم ضعف ربح ؟ مائتين ألف ضعف، بمقاييس البشر الذي يمتلك ثروة طائلة أو وكيل حصري لشركة مبيعاته في اليوم مليون ليرة أو وصل لمنصب رفيع جداً أو تزوج امرأة فائقة الجمال أو......هذه مقاييس الأرض، افتح القرآن قال:

﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾

(سورة آل عمران)

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)﴾

(سورة الأحزاب)

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)﴾

(سورة النساء)

 يجب أن نقابل بين مقاييسنا للتفوق والنجاح والفلاح ومقاييس القرآن، إذا كان مقاييسنا في واد ومقاييس القرآن في واد فنحن بعيدون عن الإيمان بعد الأرض عن السماء، ولو صلينا ووضعنا في صدر البيت بسم الله الرحمن الرحيم وفي صدر المحل التجاري إن فتحنا لك فتحاً مبيناً ولو وضعنا المصحف تحت في المرآة في السيارة تدل أنك مسلم، هذه كلها مظاهر لا تقدم ولا تؤخر، إذا كانت مقاييسك للنجاح والتفوق والفوز كمقاييس القرآن فأنت مؤمن ورب الكعبة.
(يعني يا علي لن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس).
 الشمس تطلع على شركة أرباحها تساوي عشر دول، يوجد بعض الشركات العملاقة ميزانيتها تساوي دخل عشر دول مجتمعة، لو كنت تملك هذه الشركة يوجد شركات طيران أو غذائية أو نقل أو بترول أو حقول بترول ثاني أكبر مخزون في العالم وصلوا له واستلموه وسرقوه واليوم دشنوا أول صفقة بمقاييس البشر الذي ملك ثمانمائة بئر بترول يأخذوا من ثاني أكبر مخزون في العالم هذه معلومات قديمة، لكن الحديثة حقول العراق أول مخزون في العالم، وبأي مكان كلفة استخراج البرميل في حقول النفط ثمانية دولار ! بالعراق ثمانين سنت، لأن أقرب حقول لسطح الأرض في العراق، فملكنا البترول يدعوا الوضع فوضى لعامين آخرين حتى يأخذوا البتول دون حساب لحل مشاكلهم بمقاييس العصر كل الدول ترى الدولة العظمى التي ملكت ثروات البترول بترول القزوين والخليج وبعض البلاد والعراق كله ملكها، ستحدد سعر البترول في العالم وتعمل تقنين على الدول المنافسة، بمقياس العصر هذا فاز فوزاً عظيماً أما بمقياس السنة: (يعني يا علي لن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس).

 

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)﴾

 

﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)﴾

(سورة القمر)

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ﴾

(سورة مريم)

 عندما تقرأ القرآن تشعر بوجود مقاييس في القرآن إن تعلقت بها واعتمدتها كمقاييس للفوز فأنت مؤمن ورب الكعبة، وإذا كانت هذه المقاييس لم تعبأ بها عبأت بالدرهم والدينار وبمنصب رفيع وبزوجة جميلة وبدار فسيحة فمقاييسك إذا تناقضت مع مقاييس القرآن فأنت بعيد عن الإيمان بعد الأرض عن السماء.

 

(( عَنْ عُثْمَانَ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ))

 

(صحيح البخاري)

 خيرية مطلقة لأن كل إنسان يحب وجودة وسلامة وكمال وجوده، عنده بيت مائة متر يريد أربعمائة عنده سيارة مائة وتسعين يريد ستمائة، كل إنسان يحب رفع مستوى بيته وسيارته ودخله ولباسه وكل إنسان يحب استمرار وجوده يحب أن يعيش تسع وتسعون سنة ويحب أن يصفيها بالنقطة ويتمنى أن يعيش ألف سنة، فكل إنسان يحب وجودة وسلامة وكمال واستمرار وجوده وهذا منوط بطاعة الله عز وجل.

 

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)﴾

 زرت صديق لي في العيد والده رجل محترم توفي رحمه الله عندما زرته كان عمره تسع وتسعون سنة والله يا إخوان ذاكرته قوية جداً كل سنة أزوره في العيد ما مرة قال لي حديث أعاده في السنة الثانية القصة قلت لها لك السنة الماضية تسع وتسعون سنة بصره حاد قال: والله عملنا تحليل كانت النتائج ممتازة كله طبيعي نورمال قال: والله لم آكل قرش حرام في حياتي ولا أعرف ما هو الحرام، يا سيدي ما هذه الصحة ؟ قال: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.
 أحاديث رسول الله بين أيدينا، كان الإنسان يسافر من المدينة للبصرة من أجل حديث واحد، تأخذ اليوم من أي كتاب في السوق بمائتين ليرة عشرة آلاف حديث وكله مضبوط ومشكل ومشروح ن صار العلم ميسر لدرجة مذهلة لكن أين المشكلة ؟ تشعر أن هذا كلام من عند خالق الأكوان عن طريق رسول الله.
 مرة قلت: إذا عندك بيت يستحق خمسين مليون أجرته منذ زمن وأجرته مائة وعشر ليرات شهرياً وقمت دعوة إخلاء وقال: والله ما في أمل قبل قانون الإيجار الأخير قال: هذا المستأجر موظف، ثم قال واحد باجتهاد لمحكمة النقد في فقرة لصالحك ترقص فرحاً ‍‍! يعني يوجد أمل باسترجاع البيت، عندما تهتم بالنص النبوي كما تهتم باجتهاد محكمة النقد بقضية لك مصلحة فيها، عندما تهتم بالنص النبوي كما تهتم بقرار متعلق بتجارة السيارات وأنت تاجر سيارات، أو كما تهتم بنص متعلق بالوكالات سيغر لك دخلك كله، إما يوقفه أو يضاعفه تكون عندها مؤمن، هذا الذي قاله سيدنا سعد البارحة ذكرت لكم: ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس،من هذه الثلاثة أنه ما سمه حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علم أنه حق من الله تعالى.

 

 

((قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))

 كلمة تعلم أوسع من كلمة قرأ والقرآن شيء عظيم، نحن متعبدون ولو بتلاوته أو سماعه راكب في مركبتك يوجد أغاني ويوجد قرآن، سمعت قرآن جيد درجة عالية جداً فسماعه وحفظه مفيد لكن فهمه مفيد أكثر وتدبره مفيد أكثر وأكثر لكن تطبيقه هو الهدف، لذلك ما آمن بالقرآن من استحل محارمه، ورب تال للقرآن والقرآن يلعنه.
يكون يحفظ القرآن وراكب سيارة عامة تصعد امرأة ينظر إليها حتى تجلس مكانها والقرآن بيده ! أين الآية:

 

 

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾

 

(سورة النور)

لذلك في حالات قليلة جداً ورب تال للقرآن والقرآن يلعنه، ما آمن بالقرآن من استحل محارمه.
 هذا الكتاب من أجل أن نطبقه، أنت لا سمح الله مريض ذهبت لطبيب درجة أولى وصف لك وصفة بشكل واقعي، لو هذه الوصفة قرأتها وفهمتها قرأتها أولاً هل تشفى ؟ لا، وفهمتها هذا مسكن وهذا للالتهاب... هل شفيت ؟ لا اشتريت الدواء ولم تستعمله هل تشفى ؟ حتى تستعمل الدواء، فهذا القرآن وصفة طبية من الله للإنسان ، والدليل قال الله:

﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾

(سورة النحل)

 إن قرأته جيد وإن فهمته أجود وإن تدبرته أجود وأجود، أما إذا عملت به حققت الهدف من هذا الكتاب.
لذلك قال علماء التفسير في قوله تعالى:

 

﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾

 

(سورة البقرة)

 قالوا: ما حق تلاوته ؟ قال: أن تقرأه قراءة صحيحة وفق قواعد اللغة، ثم تقرأه قراءة مجودة وفق قواعد التجويد، ثم تفهمه، ثم تتدبره، التدبر أين أنا من هذه الآية ؟ محاسبة النفس، الله قال:

 

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾

 

(سورة النور)

 هل أنا مطبق لهذه الآية ؟ الله قال:

 

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾

 

(سورة البقرة)

 أنا كلامي شرق وغرب، هل هكذا الآية ؟ التدبر أن تقول أين أنا من هذه الآية، ثم التطبيق فمعنى:

 

﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾

 

 

 أن تقرأه قراءة صحيحة وفق قواعد اللغة، ثم تقرأه قراءة مجودة وفق قواعد التجويد، ثم تفهمه، ثم تتدبره، ثم يطبقونه،فمن فعل هذا فقد نال سعادة الدنيا والآخرة

إخفاء الصور