وضع داكن
28-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 152 - ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله...........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
أيها الأخوة الكرام : لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم والحديث اليوم:

(( أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْسٍ هُوَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ ))

(صحيح البخاري)

 هذا يعني أنه تحرك وخرج من بيته ويبدو أن هذا الحديث ليس فيه تخصيص، أية حركة في سبيل الله، لو عدت مريضاً أو شيعت جنازة أو تفقدت رحماً فكل حركة تتحركها هي في سبيل الله وأنت حينما تقرأ قوله تعالى:

 

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)﴾

 

(سورة الليل)

 لو أن لك بيتاً مطلاً على طريق مزدحم كل إنسان يتحرك في هذا الطريق في ذهنه هدف قد يتحرك إنسان ليقيم دعوة على إنسان افتراء أو كيد أو محقاً، وقد يسافر إنسان ليتاجر أو سفراً جنسياً أو سياحياً كما يقولون، هذا يذهب ليحتال هذا لينصح، فلا يوجد إنسان يتحرك إلا وفي ذهنه هدف.
الله عز وجل قال:

 

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)﴾

 

 

 متنوع، وعند الله تقريباً في الحياة المدنية موظفوا الدولة كلهم على اختلاف أنواعهم وأجناسهم وشهاداتهم وقيمهم يجب أن يفرغوا في ثلاثين مرتبة عشر مراتب وكل مرتبة ثلاث درجات يقول كنت ثاني أولى ثاني ثانية ثاني ثالثة وهكذا، لكن عند الله عز وجل كل إنسان من الستة آلاف مليون له درجة، الدليل:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾

(سورة الأنعام)

 نحن ممكن نعطي معاش لدكتوراه قد تكون من دولة شرقية غير متقنة اختصاص سخيف مثلاً وقد تمنح المعاش نفسه لعلى دكتوراه وأخطر موضوع، طبيعة حياتنا لا يوجد عندنا إمكانية أن نعطي كل واحد مرتبة، فنجمع الدكتوراه معاش واليسانس معاش، عند الله عز وجل:

 

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾

كل إنسان يقيم على حدى وهذا يحتاج لعلم مطلق.

 

 

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)﴾

 

كل واحد يحتل عند الله مكانة بحسب سعيه والنوايا هي التي تقيم الأعمال.
 طالب يدرس لو سألته يريد أن يتزوج ويشتري بيت اختار فرع معين عليه ضغط وطلب، لكن يأتي طالب علم شرعي آخر يدرس اختصاص يقول أريد أن تقوي الدين يقدم نموذج طيب للناس عن المسلم، المسلم متفوق بدنياه أيضاً، يمكن إنسان يدرس لغة إنجليزية هدفه يكون داعية للأجانب، إنسان هدفه فقط مترجم محلات، تجد التفاوت بين أهداف البشر كبير جداً، فقد يدرس اختصاص ويوظفه ويهبه للحق.

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)﴾

 إنسان يتزوج هدفه المتعة، إنسان آخر هدفه إنجاب ولد صالح يدعو من بعده، حتى أن سيدنا عمر في بعض أقواله قال: والله أقوم لزوجتي ومالي من شهوة إلا ابتغاء أن يكون ولد صالح ينفع الناس من بعدي ،فالسعي شتى باختلاف النوايا.
 ستة آلاف مليون إنسان كلهم يعملون السلوك اليومي المألوف الطبيعي بأي مكان ذهبت من دول العالم الثالث لدول الشمال إلى دول الجنوب والدول الراقية والمتخلفة بلغة العصر كله فيه عمل تعليم ودراسة وصناعة وزراعة وتجارة وخدمات...... من منا يصدق أنك و اخترت عمل أصله مشروع وسلكت به الطرق المشروعة وهذا العمل ابتغيت به كفاية نفسك وأهلك ومن تعول ثم خدمة المسلمين ثم ما شغلك عن فريضة ولا عن واجب ولا عن طاعة لله من منكم يصدق أن هذا العم عبادة ؟ الوقت وقت ثمانية ساعات ثمانية ساعات انشغال انشغال بين إنسان يدرس ونيته يكون مسلم متفوق إذا أقنع الناس في الدين يسمعونه لنه معه شهادة اختصاص عالية وبين إنسان هدفه الشهرة، كثير من العلماء الكبار اخترعوا أشياء دقيقة يقول واحد لمن الجنة ؟ الجنة يستحقها من يطلبها هذا طالب شهرة ونالها طالب مال وناله وطالب متعة ونالها، تريد أن تحمل إنسان ما لا يطلب يوجد أناس بسذاجة معقول من اخترع الكهرباء يذهب جهنم ؟ ماذا أراد بهذا الاختراع ؟ إذا أراد الشهرة اشتهر، من أراد الشهرة شهرّ الله به، من أراد المال يغنيه الله عز وجل، لكن واحد لم يفكر بالجنة ولا بخدمة الخلق تريد إعطائه الجنة على مزاجك أنت ‍؟؟!

(( سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى......))

(صحيح البخاري)

 ممكن إنسانان يعملان عمل واحد الأول يرقى به لأعلى عليين والثاني يهوي به لأسفل سافلين، الآية:

 

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)﴾

 

 يوجد زواج هدفه التحصن، وزواج هدفه تأسيس مؤسسة إسلامية وزواج هدفه إنجاب عناصر طيبة، كل الطلاب يدرسون في الجامعة لو سألت المؤمن منهم ماذا تدرس ؟ يقوي الإسلام ويكون داعية، فأنا أقول هنيئاً لعادات التي يألفها الناس جميعاً بالخير، لذلك قالوا: المؤمن عاداته عبادات والمنافق عباداته سيئات عباداته المحضة سيئة والمؤمن عباداته المحضة عبادات.
 لو واحد عنده زوجة وأولاد وأراد أن يدخل على قلب أولاده السرور بنزهة من منكم يصدق أن هذا عمل صالح وقد يرقى به لأعلى عليين لأنه متن علاقته مع زوجته وأولاده وأدخل على قلبهم السرور لم يتركهم بحرمان وضغط، إنسان يعمل عمل دؤوب ليؤمن لولاده حاجاتهم الأساسية، فكل عمل قيمته في نيته، إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ فالوقت وقت والدراسة دراسة والعمل عمل، فرق المؤمن عن غير المؤمن المؤمن بمعرفته بالله أسبغ على كل أعماله صفة العبادة، والمنافق بغفلته عن الله لو صلى وحضر الجمعة عباداته سيئات أراد منها...
مرة كنت أمشي بجنازة سأل الأرض انباعت ؟ قال: لا لم تبع ماذا تستحق ؟ الرجل أمامهم متوفي !!!!! واحديث عن الدنيا.
لذلك عندما قال سيدنا سعد: ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها.
 ماذا تقول الجنازة ؟ تروي بعض الأحاديث: أن روح الميت ترفرف فوق النعش تقول: يا أهلي يا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي جمعت المال مما حل وحرم فأنفقته في حله وفي غير حله فالهناء لكم والتبعة علي، لذلك قال العلماء: أندم الناس رجلان رجل دخل الناس بعلمه الجنة ودخل هو بعلمه النار، هو اتخذ الدعوة حرفة والذين استمعوا منه صدقوه وطبقوا ما قال فارتقوا لله، وغني دخل ورثته بماله الجنة ودخل هو بماله النار، الحركة تحتاج لنوايا طيبة عندئذ تنقلب لعمل صالح وتنقلب لعبادة، بينما الحركة من دون نوايا طيبة ولأنها عبادة تنقلب إلى سيئة، فارغة من مضمونها، مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ.

إخفاء الصور