وضع داكن
29-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 148 - الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل ليذكر..........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في كتاب الترغيب والترهيب ولا زلنا في باب الجهاد واليوم نتحدث عن الإخلاص في الجهاد.

(( حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ))

(صحيح البخاري)

 هذا الكلام يؤكد أن هؤلاء الذين ذهبوا كل واحد ذهب على نية، فمن أراد أن يدافع عن المسلمين فله نيته، فالنوايا مختلفة، لكن كل إنسان يلقى الله بالنية التي قاتل من أجلها.
فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وطبعاً الحديث الجامع المانع الأصل في الدين:

 

(( سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ))

 

(صحيح البخاري)

 لو إنسان رأى في الطريق ليرة ذهبية وانحنى وأخذها وصورناه بآلة تصوير متحركة حينما أخذ هذه الليرة في نيته أن يبحث عن صاحبها وإنسان آخر رأى ليرة ذهبية وانحنى والتقطها وصورناه بآلة متحركة وفي نيته أن يأخذها، فلو عرضنا الفلمين تطابق مائة بالمائة رأى انحنى التقط وضعها بجيبه، إنسان يرقى بهذا العمل وإنسان يسقط، فمن نوى أن يبحث عن صاحبها يرتقي عند الله عز وجل، والذي نوى أن يأخذها اغتصاباً يسقط من عين الله عز وجل، أعمال كثيرة جداً: أحياناً تقدم دواء مر لإنسان وفي نيتك أن يشفى به، فلا يشفى يزداد مرضه لك عند الله أجر، وأحياناً تقدم فاكهة لإنسان وأنت تعلم سراً أنها تؤذيه ويتفاقم مرضه منها، لو أن هذه الفاكهة ساهمت في شفائه عليك وزر، النية !
 العلماء وصلوا لدرجة دقيقة النية في العبادات أساسية لو إنسان استيقظ للفجر وجد أنه بقي ربع ساعة والنوم غالب عليه قال أصلي ماذا يحصل إذا تأخرت ربع ساعة، صلى وفي نيته أن يتجاوز شرط دخول الوقت، الصلاة غير مقبولة وباطلة وسيعاقب عليها ! لو أن عملياً الفجر أذن الصلاة باطلة وغير مقبولة وسيعاقب عليها هو توهم أنه بقي ربع ساعة مخطئ في الساعة هو مضى ربع ساعة على أذان الفجر وصلى بعد أذان الفجر لكن في نيته أن يصلي قبل دخول الوقت، الصلاة غير مقبولة ومرفوضة وسيعاقب عليها.
أيها الأخوة: هذا الحديث أصل في الدين إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ما دام الإنسان نيته طيبة لا يخاف، من أي شيء، وإذا النية سوء مهما كان ذكي........
 بالمناسبة أيها الأخوة: الله عز وجل يمنح الحكمة لمن يحب ويحجبها عمن لا يحب ! فقد تجد إنسان قوي جداً كهذه الدولة المتغضرسة ترتكب حماقات العق لا يصدقها، فالله حينما يغضب عن جهة ما يحجب عنها الحكمة والذي يحبه يؤتيه الحكمة عملياً مقولة رائعة غريبة لكن: أنت قوي إذاً أنت ضعيف ! أنت ضعيف إذا ً أنت قوي ! القوي يستغني عن الله بقوته فيرتكب حماقات ما بعدها حماقات وهي سبب لضعفه المستقبلي، والضعيف المفتقر لله يلهمه الله الحكمة فبهذه الحكمة يصبح قوياً.

 

(( الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))

والحديث الذي تقدم في أول أبواب هذا الكتاب: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ.

 

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ))

 

(صحيح البخاري)

 قذف محصنة يهدم عمل مائة سنة حتى العلماء توسعوا في ذلك إذا إنسان ذكرت أمامه امرأة فأمسك بقميصه وأبعده عن رقبته ونفخ قذفها ! وقال لا نعرف مع أنه لم ينطق بكلمة والأبلغ من ذلك:

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾

 

(سورة النور)

 لم يتكلم ولم يهز قميصه لكن سمع بفضيحة إنسان ففرح، علامة النفاق إن تصيبك حسنة تسؤه،وإن تصيبك سيئة يفرح بها، لمجرد أن يقع مؤمن في مشكلة ويشار له بالتهم وتفرح أنت هذه علامة النفاق ! أي بلد مسلم لو أنه تلقى عدواناً عصياً وأنت سرك هذا، هذه علامة النفاق، يجب أن تحمل هم المسلمين يجب أن تتألم لآلامك وتفرح لأفراحهم وتحزن لأحزانهم، هذا قذف المحصنات.
 طبعاً الحديث عن: الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ *فعلاقة الحديث بالباب من كلمة واحدة: هي التولي يوم ازحف، في بداية العهد النبوي وكان الإيمان في أوجه قال تعالى:

 

﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾

 

(سورة الأنفال)

 متى يعد الإنسان متولياً من الزحف ؟ بالعهد الأول، إذا كان خمسة عشر وعاد لا يؤاخذ لا يسمى الخروج من المعركة تولي من الزحف إلا إذا كان الأعداء أقل من عشرة أضعاف، عشرة أضعاف ينبغي أن يصمد، عندما خفف الله عن المؤمنين قال:

 

﴿ فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾

 

(سورة الأنفال)

 فأنت إذا توليت وعدوك ضعف أنت متولي من الزحف أما إذا كان عدوك مليون ضعف لا مشكلة !! صار هذا انتحار، الإسلام واقعي، إذا كان انتصار العدو محقق بالمائة مليون وبينك وبين العدو مسافة كبيرة جداً لا يمكن أن تترمم وأنت حفظت أرواح المسلمين ففيها فتوى، ليس دائماً التولي من الزحف يعد عند الله تولي من الزحف، يوجد حالات إذا كانت قوة الإيمان أكثر من عشرة بضعف الإيمان أكثر من الضعف وكان في تولي لا يعد هذا تولياً من الزحف، وأكبر دليل عندما أنقذ سيدنا خالد أصحاب رسول الله وانسحب، وحينما عاد للمدينة اتهمه أصحاب النبي بأنه فرار، فقال لهم النبي: بل كرار، إنقاذ الصحابة يعد نصر سلبي.
 القضية ليست انتحار، يوجد إنسان يفهم الأمور فهم ساذج يجب أن تموت، لا ليس كذلك يجب أن تنتصر وتحقق هدف وتعمل نكاية بالعدو وتهز أركانه، لكن قط أنا ذاهب للموت ؟ لا ليس هذا القصد من الجهاد في سبيل الله.
 أيها الأخوة: مال اليتيم عليه بالقرآن تشديد كبير وبالسنة الشريفة، العلماء استنبطوا حكم فقهي رائع، إذا كنت غنياً أو كلفت أن تدير أموال يتيم إذا كنت غني فينبغي أن تستعفف ولا تأخذ شيئاً الربح كله لليتيم وإن كنت فقيراً ينبغي أن تأكل بالمعروف،ما معنى تأكل بالمعروف؟ قال: أن تأخذ ربح المثل أو حاجتك أيهما أقل، تعبير فقهي دقيق: يوضع معك مليون ليرة ليتيم فرضاً ربحهم مائتين لك مائة وله مائة أنت لا يكفيك بالشهر عشرة آلاف بالشهر ثمانية وأنت يلزمك خمسة عشر يجب أن تأخذ فقط على المائة ألف حاجتك مائتين يجب أن تأخذ مائة، أعطاك واحد عشر ملايين وربحوا مليون وأنت يكفيك سنوياً مائتين ألف لك خمسمائة يجب أن تأخذ مائتين، إما تأخذ حاجتك أو أجر المثل أيهما أقل، هذا معنى فليأكل بالمعروف الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ.
هذه الكبائر وقد أدرجت في هذا الحديث وأحاديث أخرى:

(( الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ))

 إذا ارتكب إنسان معصية صغيرة واستمر عليه انقلبت لكبيرة، وإذا ارتكب ذنب مهما كان كبيراً واستغفر وتاب منه فوراً انقلب لصغيرة، فهذه قاعدة دقيقة جداً: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.
آخر حديث:

 

((عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ فِي النَّارِ فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا ))

 

(صحيح البخاري)

 واحد النفل الغني جمعها أنفال

 

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾

 

(سورة الأنفال)

مفرد أنفال نفل، كان في إنسان أوكله النبي أن يحفظ أموال الغنائم.
 هذا أعلمه الله ذلك، النبي لا يعلم بمفرده ولا بذاته لكن الله يعلمه، كان مع النبي فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا، أخذها قبل تقسيم الغنائم ! هذه القصة تتكرر بحياة المسلمين لكن ليس بالجهاد بعد الموت يترك الميت بيته كل شيء فيه يأتي الأخ الأكبر يأخذ أغلى سجادة هذه من رائحة أبي يأخذون الأشياء قبل تقسيم الإرث هذا اسمه غلول والنبي عليه الصلاة والسلام قال:

((هُوَ فِي النَّارِ فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا ))

 يقاس عليها بالضبط من أخذ من أموال الميت شيئاً غير خاضع للتقسيم، قد يكون سجادة ثمينة أو ثريا يأتي الأخ القوي يأخذها لبيته هذه لكي لا أنسى أبي أبداً يزعبر هذا اسمه غلول فقال:

((هُوَ فِي النَّارِ فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا ))

إخفاء الصور