وضع داكن
20-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 129 - ركعتين من ورع خير من ألف ركعة من مخلط.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في كتاب البيوع ولا زلنا في الترغيب في الورع وقد ورد في الأثر: أن ركعتين من ورع خير من ألف ركعة من مخلط.
 والحقيقة الصارخة حينما تخالف أمر الله عز وجل ولو في الصغائر تحجب عن الله عز وجل، والإنسان إذا حجب عن الله أصبحت عبادته شكلية ومملة، فإذا قام للصلاة قام متكاسلاً

﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً (142)﴾

(سورة النساء)

 فالعبرة هي أن المخالفات لو بدت لك أنها صغائر هي في الحقيقة حجاب، والمثل الدقيق لو كان هناك معصية صغيرة جداً كأن تشرب واقفاً، وهناك معصية كبيرة جداً كان تخون أمة لمن يقدم معلومات لليهود عن مواقع الفلسطينين وأماكن وجود الزعماء وبعد ئذ يقصفون البيت ويموت عشرات مع الذين استهدفوه شرب الماء واقفاً شيء، وأن تخون أمتك شيء آخر، ولكن كلا المعصيتين تحجبك عن الله، الثانية مدمرة، إذا عندك بيت فيه عشرين جهاز كهربائي والخط الرئيس فصلته ميليمتر واحد أو عشرة أو متر ما دمت فصلته صار حجاب لذلك فيما ورد في الأثر: النبي عليه الصلاة والسلام قال: إن الشيطان يئس أن يعبد في أرضكم، ولكن رضي فيما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم.
 الشيطان لا يطمع أن تعبد بوذى، أو تأتي بصنم تعبده في بيتك الشرك الجلي انتهى، يئس أن يعبد في أرضكم، ولكن رضي فيما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم مشكلة المسلمون الأولى والله أعلم خذ ألف مسلم لا على التعيين كم سارق ؟ قلة، كم زاني ؟ كم شارب خمر كم قاتل ؟ قلائل جداً، التسعمائة وخمسون واحد لم يشربوا الخمر ولم يزنوا ولم يقتلوا ولم يسرقوا هذه الكبائر، لكن كم واحد واقع بالصغائر ؟ التسعمائة وخمس وأربعون يصافح وسهرات مختلطة.

 

(( عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ ))

 

(صحيح البخاري)

 يجمع بناته وأصهرته على مائدة واحدة في رمضان، هذا شاهد زوجة فلان هذه أفتح هذه أطول هذه أزكى ن مهما كان الإنسان تقياً يحب أن يوازن بين زوجته وزوجة عديله، كلهم جالسين ويتكلمون ويضحكون، قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ فشارب خمر قاتل سارق زاني هم قلة بمجموع المسلمين، لكن اختلاط كسب فيه شبهة غش خفيف تدليس في البيع هذا واسع جداً إطلاق بصر.
 إن الشيطان يئس أن يعبد في أرضكم، ولكن رضي فيما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم والحديث: لا صغيرة مع الإصرار، ويقصد بالصغيرة حرف المقود ميليمتر واحد لو ثبت الميليمتر وتمشي على الطريق العام وعلى اليمين وادي آخرتك في الوادي ! أما تسعين درجة عد فوراً لا مشكلة الطريق عريض، لو أخطأت بانحراف المقود تسعين درجة لا بأس هذه الكبيرة ثم استغفرت الله وأعدتهم لم يعد هناك مشكلة ! أما ثبت ميليمتر واحد تذهب للوادي. فالنبي قال: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، الاستغفار انحراف المقود تسعين درجة لكن الطريق عرضه ستين متر أنت حرفته تسعين وندمت فأعدتهم فبقيت على الطريق، أما ثبت ميليمتر واحد تذهب للوادي. لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.
والله عز وجل يقول:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾

 

(سورة الأنفال)

 ما دامت سنة النبي مطبقة في حياتنا مستحيل وألف مستحيل أن نعذب، لأنك إن عبدت الله أنشأ الله لك حق عليه ألا يعذبك، إن لم تعبده مثلك كمثل أي إنسان معرض أن يصيبك ما يصيب الناس.
 الكلمة الدقيقة: هان أمر الله على الناس فهانوا على الله، والكلمة الأدق أن أمة محمد أمتان أمة التبليغ مثل أي أمة في الأرض لا قيمة لها عند الله، شعوب متخلفة شعوب بالغابات شعوب غارقة بالزنى والشذوذ الأمة التي لا تستجيب لله عز وجل هي أمة كبقية الأمم والدليل

 

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾

 

(سورة المائدة)

 فجاء الجواب الإلهي:

 

﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

 ليس لكم أي ميزة، ولأن أمر الله هان على الناس فهانوا على الله ولأنهم تفلتوا من منهج الله بربكم هؤلاء الفتيات اللواتي يمشين في الطريق لهم آباء وأمهات مسلمات وإخوة مسلمين يرتادون المساجد يوم الجمعة وابنته أو أخته أو زوجته تمشي كما خلقها الله كاسية عارية مائلة مميلة، فالله لا قيمة له عندنا ! فالمشكلة هنا: دعك من الكبائر المشكلة في الصغائر ما لم نحكم هذه الصغائر لا نستطيع أن نصل لله.
الحديث الذي هو محور هذا اللقاء الطيب:

 

 

(( عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَتْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ ))

 

(صحيح البخاري)

 شرب لبن من أجر كهانة، والكهانة مرحمة هذا هو الورع، لكن ليس هذا هو الحكم الشرعي، بل أن تتوب لله لكن غير مكلف أن تتقيأ، سيدنا الصديق من شدة ورعه تقيأ اللبن الذي شربه من ثمن الكهانة.
أيها الأخوة: نعود لأول حديث قلته في الدرس: أن ركعتين من ورع خير من ألف ركعة من مخلط.
دع هامش أمان بينك وبين المعصية لقوله تعالى:

 

﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾

 

(سورة البقرة)

 والمثل المشهور: إذا في تيار كهربائي قاتل وزير الكهرباء لا يكتب مس التيار بل الاقتراب منه لأن له ساحة لو دخلتها لاحترقت، في الكهرباء العالية جداً حولها ساحة ستة أمتار تقريباً، فمن دخل هذه الساحة أصبح قطعة من الفحم فالإعلام التحذيري لا نكتب خطر الموت ممنوع مس التيار ممنوع الاقتراب من التيار.
عندنا معاصي لها قوة جذب وإذا دخل الإنسان أول مرحلة منها تتعطل محاكمته، لذلك:

 

(( عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهم عَنْهم خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَامِي فِيكُمْ فَقَالَ.... يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 أي رجل إذا خلى بامرأة حدثته نفسه أن يزني بها، فلذلك المؤمن يقف عند حدود الله ولا يقبل أن يخلو بامرأة، فالمرأة فيها قوة جذب، والمرء حينما يستثار جنسياً شيء لا يصدق المخ يفرز مادة يعطل المحاكمة، تجد إنسان له مكانة كبيرة كيف ارتكب مثل هذه الحماقة ؟ عندما سمح بخلوة تعطلت محاكمته.

 

﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾

 ما هو الورع ؟ أن تبتعد لا عن المعصية بل عن أسبابها، بل إن الله تعالى يقول في القرآن الكريم:

 

 

﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾

 

(سورة الإسراء)

 ما قال: ولا تزنوا، لأن الزنى كصخرة مستقرة في رأس جبل فإذا سمحت لنفسك أن تزحزحها عن مكانها لأول الانحدار لا تستقر إلا في قعر الوادي ‍! هذه طبيعة النفس ن فجاءت الآية:

 

﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (32)﴾

 والمال مغر أيضاً قال تعالى:

 

 

﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ﴾

 يجب أن تقيم فاصل بين مالك وماله، أغلب الناس يجعل الحساب هو الحكم، خطأ يجب أن يكون المال اليتيم موضوع بمكان مستقل ليس تدخله ليجبك وتنظر للذاكرة ماذا أنفقت ؟ هذا علي وهذا على غيري قال:

 

 

(( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَائِمًا فَوَجَدَ تَمْرَةً تَحْتَ جَنْبِهِ فَأَخَذَهَا فَأَكَلَهَا ثُمَّ جَعَلَ يَتَضَوَّرُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَفَزِعَ لِذَلِكَ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ فَقَالَ إِنِّي وَجَدْتُ تَمْرَةً تَحْتَ جَنْبِي فَأَكَلْتُهَا فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 ما جرأ أن يأكل تمرة على سريره خشية أن تكون من مال الصدقة ! يروى عن أبي حنيفة النعمان رحمه الله تعالى رفض أن يقف في ظل بيت مرتهن عنده لئلا ينتفع بظله، ويوجد أئمة كبار ما أكلوا من فواكه الشام شيئاً ! يوجد قصص عن الورع تفوق حد الخيال، لكن في بعض الحالات هي وسوسة، وضرب عليها الإمام الغزالي مثل: أنت على شاطئ البحر اصطدت سمكة هي أصبحت ملكك، لعل أحد اصطاده ثم تفلتت من يده فرجعت للبحر هذا اسمه ورع وسوسة من نوع الضعف العقلي، يوجد عند الناس ورع وسوسة يأكل الثور ويغص بالذنب ! ويغض عن أكبر مخالفة يعلق على قضية صغيرة يسألك عنها أعجب من سؤاله، هل لهذه الدرجة أنت ورع ؟ حتى وصلت لهذا الحد، أنت عندك مليار مخالفة إذا اعتبرت هذه مخالفة ! فالإنسان يجب أن يكون واقعي، أسأل الله لي ولكم دوام طاعة الله عز وجل،

إخفاء الصور