وضع داكن
19-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 128 - الحلال بين والحرام بين.......
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،
أيها الأخوة الكرام:

(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

(صحيح مسلم)

 واضح كالشمس وليس هناك من مشكلة في معرفة الحلال أو الحرام إطلاقاً ، لأن معرفة الحلال والحرام يمكن أن تدركها بفطرتك السليمة ، لأن الله عز وجل يقول:

 

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾

 

(سورة الشمس)

﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)﴾

(سورة القيامة)

 المشكلة في الشبهات.
 رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ أي تشبه الحلال من جانب وتشبه الحرام من جانب.
 أخت اتصلت بي وضعت مبلغ عند تاجر يعطيها على الألف ألفين وخمسمائة بالشهر إن كان ربحك أكثر تسامحيني وإن كان ربحك أقل أسامحك ، أعطى ربح ثابت من دون جرد وحسابات وكأنه أعطى فائدة لكنه غلفها إن كان ربحك أكثر تسامحيني وإن كان ربحك أقل أسامحك ! هذا العمل يشبه الاستثمار المضاربة ويشبه الربا ، معنى مشتبهات عمل يحير ، يشبه طاعة ويشبه معصية.
 واحد مقيم ببلاد الحجاز جاء للشام وتزوج زواج مسيار عندها بيت معفى من الإنفاق عليها ومن المساكنة ومن كل شيء ، بالسنة إذا زار دمشق له بيت وزوجة ، المساكنة غير موجودة عقد رسمي زواج إيجاب وقبول ومهر هذه مغطاة بالزواج تسكن وحدها ممكن أن تفعل كل شيء ، حاجتها للزوج غير موجودة بالسنة مرة بالسنتين مرة ، زواج لا ليس زواج أساسيات الزواج غير محققة لا يوجد مساكنة ولا إنفاق ولا مؤانسة ولا قضاء حاجة جنسية ،
الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ من أين جاءوا به هذا الزواج.
 النبي اللهم صلي عليه قبل أن يتوفاه الله اشتد مرضه فاستأذن إحدى زوجاته أن تهب ليلتها للسيدة عائشة ، من هنا دخلوا ! هذه حالة طارئة ، أما بالمسيار في أصل العقد معفى من المساكنة نزلت له عن العدل في المساكنة صار في أصل العقد خلل ، أما النبي الكريم لا يوجد شيء قبيل وفاته اشتد مرضه فاستأذن إحدى زوجاته أن تهب ليلتها للسيدة عائشة هذا موضوع ثاني ! الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ تشبه الحق من جهة والباطل من جهة ، يا ترى المشتبهات ألا يعلمها أحد ؟ ألا يوجد قول حاسم فيها ؟ هكذا يتوهم الناس لا يوجد قول حاسم فيها ، شيء يحير ، لا ! لا يحير ! الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أما القليل من الناس يعلمونها ، الله عز وجل قال:

 

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾

 

(سورة النحل)

 أكثر الناس يشتري بيت نقص عليه مليون ، يقول لأحد أقربائه أن يدفع المليون ويعطيه أجرة يقول له قريبه: أريد المليون بعد سنتين وأعطني أجرة البيت يتوهم أنه لا بأس بيت ثمنه مليونين دفع أخوه مليون ويجب أن يعطيه أجرة على البيت لأنه يسكن بنصفه هو ! بعد سنة إذا نزل ثمن البيت وصار ثمنه مليون ونصف هل تقبل سبعمائة وخمسين ؟ لا أريد مليون ! فهي ربا ! ممكن تأخذ أجرة لكن بعد سنة يقيم البيت إن صار بخمس ملايين لك مليونين ونصف وإن صار بمليون ونصف لك سبعمائة وخمسين ألف ، لا تستحق الأجرة إلا على سعر مفتوح ، أما إذا ضمن لك الشريك في البيت أن يعطيك حصتك كاملة غير منقوصة مع الأجرة فهو عقد ربا.
 لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أربع أخماس استثمار الناس عند أقربائها بطريقة ربوية لا يوجد دفاتر ولا جرد ولا حسابات ، يعطيهم على الألف ألفين أو ألف وخمسمائة بالشهر ! قرض ربوي ، فالحديث: لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يقابل هذا المعنى أن قليل من الناس يعلمون حقيقة هذه المشتبهات ، لذلك قال الله عز وجل:

 

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾

 أهل الذكر هم الذين يعلمون القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الوحيان الشرع الإلهي ، قال: فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ لدينه علاقته بالله متينة وعرضه سمعته تبقى جيدة ، ضمن علاقة مع الله طيبة وسمعة بين الناس طيبة ، استبرأ أي طلب البراءة لدينه وعرضه ، والمؤمنون الورعون هكذا يفعلون ، معه حق بالمائة عشرة يقول: لا أريد شيء أسامحك هكذا أفضل لي ! فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ أوضح مثل كنت أمثله: نهر عميق مخيف له شاطئ مائل زلق عليه حشائش زلقة ، وله شاطئ جاف الحلال والحرام الشاطئين الجافين ، أما الشبهات شواطئ مائلة ، احتمال سقوط الإنسان الذي يمشي على شاطئ مائل زلق كبير جداً.
أيها الأخوة: الإنسان حينما يقترف معصية تقوده لمعصية أكبر ، كلما اقترف معصية قادته المعصية إلى أكبر منها.

 

 

(( وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ))

 ليس لك حق أن تخلو بامرأة ، لأنه يوجد نص ! فما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما قد تخترع حجة أنني أعلمها القرآن أو أعالجها أو أنصحها أو هي قريبتي أو أخت زوجتي أو زوجة أخي.....فلما أدخل عذر والشرع واضح في التحريم وقع في الحرام.
حمى الملك منطقة محرم عليك أن تدخلها ، فإذا حام الإنسان حول الحمى أوشك أن يدخله فإذا دخله عوقب من قبل الملك.
أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ

 

 

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾

 

(سورة الشعراء)

 إخواننا الكرام: أمراض الجسد تنتهي عند الموت ، بينما أمراض القلوب تبدأ عند الموت وتهلك صاحبها إلى أبد الآبدين ! فهذه المضغة التي هي القلب ، والمعني بها قلب النفس كقوله تعالى:

 

﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾

 

(سورة الأعراف)

﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)﴾

(سورة الحج)

 هذا القلب قلب النفس عليه المعول ، وسيدنا عمر يقول: تعاهد قلبك.

 

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾

 

(( أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

 إخواننا الكرام: يوجد أحاديث لطيفة:

 

(( عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ))

 

(صحيح مسلم)

 أنت سافرت لبيروت وكلفك أخ بعض الحاجات ، وأنفقت على هذا السفر مبلغ فيجب أن تحمل هذه الحاجات جزء من المصروف لكن دون أن تقول له ، غير معقول أن تقول له ، هو يعتقد أنك بكل الأحوال مسافر وهذه خدمة ، فيجب أن تحمل هذه الحاجات جزء من المصروف بالعدل ، أشيائه بألف تحاسبه ألفين المصروف على ثلاثة وأنت تمشي بالعدل ، لكن هو كلفك على أساس خدمة ، وليس على أنك أجير ، قدمت له خدمة كأخ قل له ، لا أستطيع ! ما مدت لا تستطيع أن تخبره فهو حرام ، قل له لا يوجد مانع ، قل له وخذهم ، لا أخجل ،ما دمت تخجل فهو حرام ، الشيء الذي تكره أن يطلع الناس عليه هو حرام.
 كثيراً ما أنصح إخواننا: كهربجي يكلفه إنسان ببيت يقول: أنت أمن الحاجات يسألني هل يمكن أن أضيف عليها شيء هذا وقتي وتعبي قلت له لا بأس وخبرتك ولكن تبلغه ، إذا بلغته أنك ستتفرغ يوم لتشتري الحاجات من السوق وأنا أضع عليها جزء من الربح لأن عندي خبرة وأسعار خاصة وأستطيع أن أحضر لك كل لوازمك وبأفضل سعر ، مقابلها أتفرغ يوم ، يقول: أخجل أن أخبره ، إذا كنت تخجل لا تستطيع أن تأخذ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ.
لذلك الحسابات طلعنا خلاص ! أين الحساب رأس برأس جزاك الله خير ، أين الحساب؟ لا بد من أن تقدم الحساب.
 النبي عليه الصلاة والسلام كان يمشي مع زوجته السيدة صفية مر صحابيان فقال لهما: على رسليكما هذه زوجتي صفية ،أنت بالحساب يوجد أشياء ليست جيدة ، أشياء تخصك أدخلتها بالمشوار وأشياء استهلكتها وحدك علمتها مع المصروف ، فإذا بالحساب لا لك ولا عليك ، طلعنا خلاص ، هذا شيء غير شرعي ، يجب أن تبين له ، فإذا كنت قانع اقنعه ، لم تكن مقتنع حرام ، هذا معنى وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ
آخر حديث:

 

(( عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا وَقَالَ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ وَقَالَ زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ ))

 

(صحيح البخاري)

 وفي رواية ثانية:

 

(( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَائِمًا فَوَجَدَ تَمْرَةً تَحْتَ جَنْبِهِ فَأَخَذَهَا فَأَكَلَهَا ثُمَّ جَعَلَ يَتَضَوَّرُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَفَزِعَ لِذَلِكَ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ فَقَالَ إِنِّي وَجَدْتُ تَمْرَةً تَحْتَ جَنْبِي فَأَكَلْتُهَا فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 على مستوى تمرة ! الآن يبلع الدنيا ولا يهم بالملايين اغتصاب شركات وبيوت وقروض لا يدفعها يصلي في الجامع ، لذلك حينما يضعف الورع يتخلى الله عنا ، أكثر الشركات لا يوجد فيها حسابات مضبوطة كل شريك يأخذ وحده قدر ما يستطيع ، ويحمل الشركة ما لا تطيق

إخفاء الصور