وضع داكن
25-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 021 - أحاديث مختلفة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة الكرام: أخ كريم طلب مني أن يكون موضوع هذا الدرس عن هذه الأيام العشر التي نعيشها والحقيقة إن هذه الأيام العشر من أفضل الأيام على الإطلاق، ذلك أن الله سبحانه وتعالى من شأنه أن يفضل يوماً على يوم وشهراً على شهر وسنة على سنة ووقتاً على وقت ومكان على مكان، الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف، الله عز وجل اختار هذا المكان وأعطاه الأفضلية، رمضان له أفضلية، يوم الجمعة له أفضلية، أما الشيء الثابت أن أفضل يوم على الإطلاق في حياة المؤمن يوم عرفة، وأن أفضل ليلة على الإطلاق في حياة المؤمن ليلة القدر، الله جل جلاله في هذه الأوقات والأماكن المخصوصة يتجلى على عباده تجلياً استثنائياً فكل من حج بيت الله الحرام بإخلاص واتباع للسنة النبوية الشريفة يشعر أن الحر والازدحام ودفع الأموال لا شيء أمام السرور الذي غمره الله به، فأماكن مخصصة فيها تجليات مخصصة أزمنة مخصصة فيها تجليات مخصصة، لكن لبعد الناس الشديد عن الله عز وجل ابتعدوا عن هذه المواسم، كيف أنه في التجارة مواسم ألم يقولون موسم العيد يتضاعف ربحه في هذا الموسم، أكثر المصالح لها مواسم، والمواسم فرصة كي يحقق ربح كبير جداً، كما أن هناك مواسم في حياتنا الدنيا وفي تجارتنا وصناعتنا، هناك مواسم في عباداتنا، فهذه الأيام العشر بعض علماء التفسير يفسر قوله تعالى:

﴿ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)﴾

(سورة الفجر)

 بأنها الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، ماذا ينبغي أن نفعل فيها ؟ طبعاً أول شيء وأولى شيء أن تحج بيت الله الحرام أو أن تعتمر في هذه الأيام، من لم يكتب له الحج في هذا العام ماذا يفعل في هذه الأيام ؟ العلماء قالوا: صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها لكن لابد من صيام يوم عرفة لغير الحجاج، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

 

((مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا.))

 

(صحيح مسلم)

 وكما ورد في الحديث الصحيح:

 

(( عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ.....))

 

(صحيح البخاري)

 الشيء الثالث الذي ينبغي أن نفعله في هذه الأيام العشر أن نكثر من التكبير وذكر الله عز وجل لقوله تعالى:

 

﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾

 

(سورة الحج)

 فالحجاج هناك يذكرون الله ونحن هنا نقلدهم بذكر الله، لكن لئلا تفرغ هذه الأذكار من مضمونها، كم مسلم في العالم الإسلامي يقول الله أكبر ؟ كلما يؤذن المؤذن يقول الله أكبر، سأتكلم كلام أرجو ألا يكون قاسياً: من غش المسلمين وعصى رب العالمين وناله ربح وفير من هذا الغش فهو ما قال الله أكبر ولا مرة ولو رددها بلسانه ألف مرة ! لأنه رأى أن هذا الربح اكبر عنده من طاعة الله، من أطاع زوجته وعصى ربه ما قال الله أكبر ولا مرة ولو رددها بلسانه ألف مرة، لأنه رأى أن طاعة الزوجة وحسن العلاقة معها أكبر عنده من طاعة الله أوسع، من أطاع مخلوقاً كائناً من كان وعصى الخالق ما قال الله أكبر ولا مرة ولو رددها بلسانه ألف مرة لأنه رأى أن طاعة هذا المخلوق القوي أكبر عنده من طاعة الله فحتى لا نردد كلمات لا معنى لها أو نقع بالنفاق ينبغي للمسلم في هذه الأيام العشر أن يذكر الله ومن أفضل أنواع الذكر الله أكبر الله أكبر من كل شيء من المال والتجارة والأولاد، قالت له: أريد كذا وكذا فقال: اعلمي يا فلانة أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر فلأن أضحي بك من أجلهن أهون من أضحي بك من أجلك الله أكبر لئلا تفرغ هذه الكلمات من مضمونها، لئلا نرددها كالببغاء، لئلا نذكر هذه الكلمات والقلب ساهٍ ولاهٍ، فالعبرة في هذا التكبير أن تكون في مستوى التكبير، والعبرة في التهليل أن تكون في مستوى التهليل، لا إله إلا الله إنك تخاف من زيد وترجو عطاء عبيد، وتعلق الأمل على رضا فلان وتخاف من سطوة إعلان هذا نوع من الشرك فينبغي أن توحده وتكبره وتحمده وتسبحه، هذه الباقيات الصالحات.
بعض فقهاء التابعين يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، هذا الذي ينبغي أن يردد في هذه الأيام العشر.
الشيء الخامس كثرة الأعمال الصالحة وقبلها الرابع التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب.
 بالمناسبة أيها الإخوة: قد يتوهم متوهم أنني سأذهب إلى الحج وهناك تغفر كل ذنوبي وتستر كل عيوبي وارجع من هناك كيوم ولدتني أمي، بأعماقه دون أن يصرح يريد أن يعود إلى ما كان عليه، فإذا أتيح له أن يحج مرة ثانية غفرت هذه الذنوب، صدقوني أن هذا الذي يفكر هذا التفكير سيحاسب على كل ذنوبه السابقة واللاحقة، لا يقبل حجك إلا إذا نويت الإقلاع كلياً عن الذنوب أما أن تعود إلى ما كنت عليه هذا شيء مرفوض.
 الشيء الخامس: كثرة الأعمال الصالحة، صار عندنا أن نحج بيت الله الحرام أو أن نعتمر فإن لم يكتب لنا أن نصوم هذه الأيام أو ما تيسر منها ولا سيما يوم عرفة ثم أن نكبر ونهلل ونسبح ونحمد في هذه الأيام ثم أن نتوب عن كل المعاصي والذنوب ثم أن نكثر من الأعمال الصالحة، هذه أيام لها خصائص، الأجر في هذه الأيام أعلى بكثير من بقية الأيام.
طبعاً الشيء السادس: يشرع التكبير المطلق والتكبير المقيد، المقيد عقب دخول أيام العيد عصر يوم عرفة نبدأ بالتكبير إلى سادس أيام التشريق أي رابع يوم العيد، تشرع الضحية في هذه الأيام

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 إطعام الطعام من أعظم ما في الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام: سئل ما أفضل الإسلام؟ قال: إطعام الطعام.
 واللحم مادة أساسية جداً وهي غالية أيضاً فأنت حينما تقدم هذا اللحم للفقراء والمساكين وللأصدقاء والأقرباء وتطعم أهلك من هذه الأضحية فقد فعلت أشياء كثيرة تصدقت ووصلت وتغديت.
هناك من يطبق هذا الحديث:

 

((عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ ))

 

(صحيح مسلم)

 بعضهم على وجه الوجوب وبعضهم على وجه الاستحباب، من أراد أن يضحي ينبغي أن يقلد المحرم فلا يأخذ لا من شعره ولا من أظافره.
الشيء التاسع: مما يفعل في هذه الأيام الحرص على أداء صلاة العيد وحضور الخطبة والاستفادة منها، لأنها سنة مؤكدة، هذه الأشياء التي ينبغي أن نفعلها في هذه الأيام، نعيدها ثانية على وجه السرعة.
 الأولى أن يؤدى الحج والعمرة في هذه الأيام فإن لم يكتب لنا في هذا العام صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها ولا سيما يوم عرفة، التكبير والذكر في هذه الأيام ثم التوبة والإقلاع عن المعاصي والذنوب وكثرة الأعمال الصالحة والتكبير المطلق عبر الصلوات الخمس إذا أوديت جماعة من دخول العيد إلى نهاية أيامه ثم الأضحية ثم عدم الأخذ من الشعر والأظافر لمن أراد أن يضحي ثم الحرص على أداء صلاة العيد وسماع الخطبة، وبعد ذلك ينبغي أن يفعل الإنسان في هذه الأيام النوافل المطلقة، ولعل الله سبحانه وتعالى يرحمنا بهذه الأيام.
أما هو المؤمن لم تعمقتم أنا مع المواسم وذكرتها الآن لكن الناس لهم وجهة نظر عجيبة آخذ حريته الكاملة طوال العام، إذا في مواسم طاعات يحرص عليها حرصاً لا حدود له، هذا تناقض لم يكن هكذا أصحاب رسول الله، من غير مواسم يطلق لسانه بالغيبة والنميمة ويطلق بصره في الحرام ويفعل ما يشتهي وليس ورعاً ولا محافظاً ولا ملتزماً أما إذا جاء يوم الخامس عشر من شعبان ولم تصوم يقول: ألست صائم يا أستاذ ؟ أعوذ بالله، أنا مع المواسم لكن لست مع إنسان متحلل من منهج الله في غير المواسم، وفي المواسم يركز عليها للتعويض، عنده إحساس أنه مقصر جداً ، تجد امرأة ساترة كل مفاتنها ظاهرة، صائمة سبع وعشرون رجب وخمسة عشر شعبان لا تستطيع معقول لا نصوم يا أستاذ ؟ لا صوموا أنا أبين لكم أن هذا المتفلت من منهج الله طوال العام والحريص على صيام النفل في هذه المواسم هذا عملية تعويض وانهدام داخل معه، أما المؤمن طوال العام يغض بصره ويضبط لسانه ودخله حلال ولا يكذب، هذه البطولة، تأتي المواسم نور على نور خير على خير، بالمواسم المبالغة بالاحتفال بها دليل التقصير أحياناً

إخفاء الصور