وضع داكن
23-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 019 - إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي...
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة المؤمنون: لا زلنا في أبحاث المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، واليوم الترهيب من الخروج من المسجد بعد الأذان بغير عذر، المؤمن في المسجد كالسمك في الماء، والمنافق في المسجد كالعصفور في القفص، العصفور لا يليق به، نريد تشبيه آخر غيره، على كل يف القفص متضايق، فإذا أذن المؤذن لا ينبغي أن تخرج من المسجد إلا في حالات نادرة جداً، أن يكون أحد المصليين إماماً في مسجد آخر وقد أخذه الوقت وسمع الأذان هذا إذا خرج من المسجد ليؤم أناس في مسجد آخر هذا مسموح له، ولكن لئلا يتهم ينبغي أن يعلن بأن يقول: أنا إمام في مسجد آخر، النبي عليه الصلاة والسلام كان يمشي مع زوجته صفية، فمر صحابيان جليلان فقال عليه الصلاة والسلام:

((.... يَا فُلَانُ هَذِهِ زَوْجَتِي فُلَانَةُ...))

(صحيح مسلم)

 فخروج المصلي من المسجد بعد سماع الأذان دليل تقصيره في الدين الشديد إذاً لابد إن كان معذوراً وإن كان إماماً في مسجد آخر من أن يعلم، ولكن هذه حالة نادرة جداً جداً.

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَمَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَفِي حَدِيثِ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 هذا هو الحكم الشرعي، لكن في حالة ثانية، في أكثر المساجد يعلنون أن صلاة العصر بعد الأذان بنصف ساعة، وأن صلاة الظهر بعد الأذان بنصف ساعة، وأن صلاة الفجر بعد الأذان بعشرين دقيقة، وأن صلاة المغرب بعد الأذان بخمس دقائق فرضاً، أنت حينما تدخل إلى المسجد ويؤذن المؤذن والجماعة تنعقد بعد نصف ساعة وأنت مسافر عندك مواعيد لك أن تصلي وحدك الظهر وتنطلق لا إشكال عليك.
وفي موضوع آخر: هو الترغيب في بناء المسجد في الأمكنة المحتاجة إليها:

 

(( عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ))

 

(صحيح البخاري)

 هذا المسجد مكان عبادة، ومكان للاتصال بالله ومكان لتعليم العلم ومكان التوبة والإنابة والتجليات والرحمات ومكان القرب من الله عز وجل، فكل إنسان ساهم في بناء مسجد ولو بلبنة ولو بخمس ليرات بنى الله له بيتاً في الجنة، أحياناً مسجد يعمل نشاط كبير، يكون منطقة ميتة أسواق أيمان كاذبة نساء كاسيات عاريات يبنى مسجد يأتي المصلون فيصلون، يلقى درس علم، صار تذكير، فأكثر أهل الحي على إنابة لله وتوبة واتصال به بسبب هذا المسجد، نحن عندنا قاعدة: لا كيان بلا أرض، التجارة يلزمها مكان، مكتب تجاري هاتف فاكس مستودع، أي شيء كيانه، جامعة يلزمها بناء، مؤسسة يلزمها بناء محل للبيع يلزمه بناء، فأيضاً الدين أيضاً يلزمه مكان يحتاج غلى مكان لا كيان بلا أرض.
 أذكر رجل من أهل اليسار الغنى وحجمه المالي بمئات الملايين، في حي شعبي في جنوب دمشق لا يوجد ولا مسجد ومكتظ بالسكان أقسم لي بالله شخص أكثر من ثلاثمائة كيلو متر في شمال شرق سورية لا يوجد مسجد ولا بأي قرية أبداً، فهذا الرجل وجد من المناسب أن يبني بيت لله في هذه المنطقة الجنوبية الحديثة التي كلها مخالفات، واكتظاظ سكاني كبير، فكلف مهندس من إخواننا قال: بحثت عن أرض، الأرض مناسبة سعرها مناسب ثلاثة ونصف مليون ! ورثها آذن مدرسة فقير فقر مدقع عنده خمس أولاد دخله أربعة آلاف أو ثلاثة تقريباً لا يكفوه يوماً أو ثلاثة، هذا وافق على بيعها بثلاثة ونصف مليون فأحضر المحسن الكبير المليونير وشاهد الأرض وعاينها ميدانياً، فجاء به أعجبته وسعرها مناسب أخرج دفتر شيكات وكتب اثنان مليون دفعة من ثمن الأرض قال صاحبها: والباقي متى ؟ قال: عند التنازل قال: ما التنازل ؟ قال: التنازل بالأوقاف أن تتنازل عن هذه الأرض بالأوقاف حتى اعمرها جامع، قال: هذه جامع ؟ فأمسك بالشيك ومزقه ! قال: أنا أولى أن أقدمها لله منك ! أنا أبيع الأرض وأنت تقدمها لله ؟ وهل أنا أقل منك ؟ يقول هذا الغني: بحياتي لم اُحتَقر أمام إنسان أو أصغُر كما صغرت أمام هذا الآذن، هو معه مئات الملايين، أما هذا الآذن دخله أربعة آلاف بالشهر وعنده خمسة أولاد يتمنى القرش، وهذا المبلغ يحل له كذا مشكلة، لكن استحيا من الله أن يبيع أرضاً لتكون مسجداً يقبض ثمنها في الدنيا قال: لا والله مزق الشيك قال: أنا أقدمها لله مكانك،
 فهذا أخونا الكريم بيته جانب الأرض فأحب أن يكرمه فعينه ناطور وخصص له أربعة آلاف بالشهر لم يرضى بهم لماذا ؟ قال: أنا لا أريد أن أستفيد من أرضي، قال: ليس استفادة واسأل أياً كان أجر الناطور أربعة آلاف، المهم بصعوبة بالغة أخذ ألفين لا يريد أن يأخذ هذا إنسان توفاه الله ورأى عمله.
 يوجد إنسان ثاني أوصى بمسجد ابنه والعياذ بالله ضال منحرف فلما توفى الأب امتنع الابن عن تنفيذ وصية والده، اعتبرها نوع من الجهل وأنجب هذا الابن المنحرف عقيدياً وسلوكياً ولداً صالحاً، هذا الولد سمع بقصة جده أنه وهب أرضاً لتكون مسجداً فقال لأبيه في وقت حاسم: إن لم تبني هذه الأرض مسجداً فأنت لست أبي ولن تراني بعد اليوم فاضطر الأب أن يعيدها لتكون مسجداً وأن يبنيها والمسجد موجود في جنوب دمشق، أنت بسبب وصية الابن امتنع عن تنفيذها أما ابن الابن نفذها قال تعالى:

 

﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾

 

(سورة الأنعام)

 فابنه كان حياً بإيمانه والأب كان ميت والجد كان حي، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:

((عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ))

(صحيح البخاري)

وفي رواية أخرى: بنى الله له مثله في الجنة.
 مرة دخلت لمسجد أنا لا أعتقد أن في دمشق كلها مسجد أنظف منه ! لو كنت ترتدي بذة كحلية وركعت وسجدت لن تجد مساحة بيضاء عند ركبتيك لأن السجاد يغسل بالماء والصابون ويلمع بمواد إن دخلت إلى مرافقه تظن أنك في بيت من بيوتات دمشق العريقة وله صاحبة موسوسة، عندها مرض وسواس النظافة، لا يوجد بيت فيه مرافق بهذه النظافة، كأن الرخام مركب البارحة، الستائر تغسل تعلق البلور ملمع، فمرة سألته هو في آخر أيامه افتقر وكان عاجز وأصابه المرض من شدة استعمال المياه والتنظيف قال: يكفيني شرفاً بهذا العمل أن الله قال:

﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾

(سورة الحج)

 كلف نبياً عظيماً أن يطهر بيته، فإذا الإنسان خدم بالمسجد مسح بلور نظف سجادة أحضر ساعة أو مكبر رتب أساس، هذا أيضاً من الأعمال الصالحة، أول شيء عدم الخروج من المسجد بعد الأذان، ثاني شيء الترغيب في بناء المساجد.
 واحد معه العياذ بالله مرض خبيث بدمه فذهب لبلد بعيد وأجرى تحاليل، وقال: أحصل على النتيجة بالهاتف، ببيته يوجد عدة هواتف الهاتف قرع رفع السماعة تكلم ابنه هو يسمع هذا قيل له: أبوك منه يموت بعد يومين هكذا التقرير، سمع هذا بأذنه، طلب صديقه قال له: أنا انتهيت لي عدة صفقات تجارية فالذي دفعت ثمنه تستقبله وتبيعه وتعطي الربح لأولادي والذي لم أدفع ثمنه تعيده تعمل فاكسات بإلغاء الصفقة وأنا ميت، لم يصدق قال: أبداً ! استقبل الموت بنفس رضية عجيبة في اليوم الثاني أحضر بناته وأصهاره وأولاده وودع هم جميعاً له شيخ بالشام في اليوم الثالث هللوا له دخل وتغسل بنفسه ونظف نفسه جيداً واضطجع بسريره والساعة الواحدة سلمها، حدثني عنه صديقه قال: هذا عمر جامع صغير في الحريقة كلها مكاتب تجارية عنده مكتب كبير فعمره مسجد، مصلى البناء ضخم الكل يصلي فيه قال: إذا دخل رجل يريد قبض مساعدة له عبارة مشهورة افتح الصندوق وخذ ما تشاء ولا تعلمني ! فلما جاءه ملك الموت وجده بأحسن حال، قال صديقه لم أرى إنسان استقبل أموت بهذه النفس الرضية، بلغوه أنه منته، قال: لا يهم لا مشكلة، أنهى علاقاته وصفقاته كلها وودع أولاده وبناته وفي اليوم الثاني جاء شيخه وإخوانه وقالوا ذكر لنشوة هذه الوجهة لله جاءه ملك الموت بصورة أحب الناس إليه وانتقل إلى الدار الآخرة، والمؤمن ينتقل من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، كما ينتقل الجنين من ضيق الرحم إلى سعة الدنيا، فالإنسان له بوابة خروج يجعلها بوابة إلى الجنة

إخفاء الصور