وضع داكن
24-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 198 - إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث…..
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الظَّنَّ أكْذِبُ الحَدِيثِ

 أيها الإخوة الكرام، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:

 

(( إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذِبُ الحَدِيثِ ))

 إن الناس في علاقاتهم الاجتماعية حينما يتعاملون بالظن يمزق المجتمع، ويفتت، ويصبح شيعاً وأحزابًا، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذِبُ الحَدِيثِ ))

معنى التحسس

(( وَلاَ تَحَسَّسُوا ))

التحسس تتبع الخبر الطيب، لكن هذا من الفضول:
 عُيّن إنسان في وظيفة فتسأله: كم الراتب ؟ أو تزوج فتسأله: كم المهر ؟ أو أنجب ولدًا فتسأله: أين كانت الولادة ؟ وكم كانت كلفتها ؟ إنها أخبار ليست سيئة، لكنها حشرُ الأنف فيما لا ينبغي.

منْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ

(( منْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ ))

[ رواه الترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة ]

 لقيت صديقك في الطريق فتسأله: أين أنت ذاهب ؟ ما لك وله ؟ لو أنه ذاهب ليقترض مبلغًا من المال ماذا يقول لك ؟ إما أن تحمله على أن يكذب، وإما أن تحرجه، لذلك

(( منْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ ))

 والناجحون في الحياة ليس عندهم وقت لسفاسف الأمور، المشكلة في الفارغين، الفارغ لا يفعل شيئاً، إلا أنه يقتات بالأحاديث، ومشكلات الناس، وحشر الأنف، والسؤال عن كل كبيرة وصغيرة، وطلب التفسير، والتعليل، هذا من شان الفارغين.

 

معنى التجسس

 

(( ولا تَحَسًّسُوا وَلاَ تَجَسَّسُوا ))

 التجسس تتبع الخبر السيئ، لماذا طلق فلان ؟ هل تخونه ؟ لا، لم تخنه، لماذا وصلت إلى هذه التهمة ؟ هذه لا تنجب، منه أم منها ؟ أنت لا علاقة لك، الجماعة متفاهمون، الشركة انفصلت، فيقال: أحد الشريكين سارق ؟ لا، كبر أولادهم، ولا يريدون أن تحصل مشاكل، كلما سمع خبرًا يحاول أن يبحث عن الجانب السلبي منه، هؤلاء القناصون، هؤلاء الذين يفلتون المجتمع،

(( ولا تَحَسًّسُوا وَلاَ تَجَسَّسُوا ))

التنافس

(( وَلاَ تَنَافَسُوا ))

 المؤمنون يتعاونون ولا يتنافسون، والبعيدون عن الله يتنافسون، التنافس مذموم، والتعاون محمود، والمداهنة مذمومة، والمداراة محمودة، المداهنة بذل الدين من أجل الدنيا، والمداراة بذل الدنيا من أجل الدين، بدل أن تنافسه عاونه.
 سيدنا الصديق قال لعمر رضي الله عنه: مُدّ يدك لأبايعك، قال: ما تقول ؟ أيّ أرض تُقِلني، وأي سماء تظلني إن كنت أميراً على قوم فيه أبو بكر، مستحيل ! قال: أنت أقوى مني يا عمر، قال: أنت أفضل مني يا أبا بكر، قال له: إذاً قوتي إلى فضلك، نتعاون.
علامة إيمانك التعاون، علامة إخلاصك التعاون، وعلامة أنك دنيوي التنافس تريد أن تبقى وحدك

(( وَلاَ تَنَافَسُوا ))

 وصية للنبي عليه الصلاة والسلام حينما أرسل صحابيين إلى اليمن قال:

 

(( تطاوعا ولا تختلِفا ))

 

[متفق عليه عن معاذ]

إذا عز أخوك فَهُن أنت.
 والله كنت مرة في جامعة في أمريكة، فرأيت في الدرج عند كل فسحة للاستراحة حكمة، إحدى هذه الحكم " فضيلة التنازل "، أنت وأخوك بمهمة، تكلم وأجاد، وأنت تتكلم أفضل منه، لكنه أجاد، اسكت، انتهى، المهمة تحققت، يجب أسكته، وأتكلم أنا، يجب أن أقول: أنا الذي تكلمت، وفلان ارتبك، وأنا الذي أقنعت، وأنا الذي حججتهم موضوع أنا، موضوع ذات، موضوع تأكيد ذات، لذلك أنا أقول: هناك من يدعو إلى ذاته، وهناك من يدعو إلى ربه،

(( ولا تنافسوا ))

(( لا تحاسدوا ))

 أصل الحسد أن تتمنى شيئاً على مَن تفوق في نظرك، هذه خصيصة حيادية، يمكن أن توظف في الخير كما توظف في الشر، لأن هناك خصائص حيادية، وحظوظ حيادية، وشهوات حيادية، الشهوات حيادية، والحظوظ كحظ الذكاء، وحظ الغنى، وحظ القوة، وحظ طلاقة اللسان، القلم الأدبي السيال، والوسامة، هذه حظوظ كلها حيادية توظف في الخير وفي الشر، ومن الممكن بعد موت لمغنٍّ أغانيه إلى يوم القيامة، وهو المغني الأول، ويمكن لقارئ قرآن يموت، وبعد أن يموت تبقى قراءته إلى يوم القيامة، فالصوت الحسن حظ حيادي، قد يستغل في تلاوة القرآن، وفي بث الخشوع في قلوب الخلق وقد يكون لإثارة معاني جنسية ساقطة من قبل مغنٍّ، فالصوت الحسن حظ حيادي، والوسامة حظ حيادي ، الذكاء حظ حيادي، القدرة على الإلقاء حظ حيادي، الحظوظ حيادية، والشهوات حيادية ، والخصائص التي خصنا الله بها أيضاً حيادية، فمن هذه الخصائص تمني ما عند الآخرين ، نسميها الغيرة، نسمّيها الحسد، هناك مصطلح تمني ما عند أهل الدنيا، وهذا حسد، وتمني ما عند الآخرة، وهذا غبطة، لكن النبي في حديث صحيح استخدم كلمة الحسد لتمني الخير فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ:

 

(( لَا حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ، وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ))

 

[ مُتَّفَقٌ عَلَيه ]

التباغض

(( ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ))

 التباغض أيها الإخوة ليس عملاً إرادياً، هو عمل شعوري، عمل نفسي، بل ليس عملاً ينتابه شعور، أما التباغض فله أسباب، أن تعمل عملاً تدعو الآخر أن يبغضك ، إن لم تسلم عليه، إن استعليت عليه، إن نظرت إليه بازدراء، إن خاطبته باسمه من دون لقب، وهو له لقب علمي، أو لقب اجتماعي، أو لقب إداري، هذا محافظ فرضاً، هذا وزير، هذا عميد، هذا أستاذ جامعة، فإذا أنت أردت أن تهينه تناديه باسمه من دون لقبه، أو أن تنظر إليه بازدراء، أو أن تخلف وعدك معه، أو إذا أتاك لا تستقبله، فأي عمل يسبب البغضاء نُهيت عنه،

(( ولا تباغضوا ))

 أي: لا تفعلوا فعلاً يسبب البغض.

 

التدابر

 

(( ولا تدابروا ))

 لا تنسوا أن أكبر مصيبة تصيب المسلمين فساد ذات البين.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( إِيَّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ، لاَ أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ))

 

[الترمذي]

 دققوا في هذا الحديث:

 

(( يَا سَلْمَانُ لاَ تُبْغِضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ: كَيْفَ أُبْغِضُكَ وَبِكَ هَدَانَا اللّهُ، قَالَ: تُبْغِضُ الْعَرَبَ فَتُبْغِضُنِي ))

 

[ رواه أحمد عن سلمان ]

 أحيانا يترنم الإنسان، ويقول: نحن متخلفون، رغم كل تخلفنا فعندنا فضائل وقيم وتماسك أسري، وعندنا رحمة، وعندنا مودة، وعندنا الأب محترم، والأم محترمة، وعندنا عادات وتقاليد أساسها من ديننا، وهي واللهِ تفضل ما عند الغرب من حضارة.
 في موسم الحج لو وقع حادث سير، ومات إنسان فالدية مضاعفة، ديته هناك مئة ألف ريال، في الحج مئتا ألف، قال لي أحدهم: كنت راكبًا سيارتي، وأمشي بسرعة معقولة، وإذ ظهرت شاحنة في طريق فرعي، فأنا خفضت السرعة إلى أقلّ سرعة ممكنة، بقيت الشاحنة واقفة، لم تتحرك، فغلب على ظني أنه بدا له أن تقف، فرفعت السرعة، ما إن رفعت السرعة حتى تخطت هذه الشاحنة الطريق عرضاً، ووقع الحادث، وماتت زوجة، وولدان، فالدية 600 ألف ريال، فوراً ضرب 13، الناتج 6 أو 7 ملايين، مبلغ فلكي، جاءت الشرطة، هذا البدوي قال: والله الحق علي، هذا لا علاقة له بالحادث، بهذه الكلمة خسر ستة ملايين ليرة، أنا عندي هذا الاعتراف بأوربة كلها والعالم الغربي، هذا الحق، أما هذا لو سكت لقبض 6 ملايين ليرة ، لكنه ما سكت، وقال: الحق علي.
 تجد موقفا أخلاقيا خير من الدنيا وما فيها، بعد القتل والتعذيب، والتمثيل، والإرهاب والكذب، والدجل، صار الإنسان يشتهي كوخا، لكن فيه رحمة، كوخ، لكن فيه صدق، والله كرهنا مظاهر الحضارة الغربية، الأبنية الشاهقة، كله تحكم عن بعْد (ريموت ) كنترول، حتى أصبحنا نشتهي محبة، وحياء، وخجلا، وامرأة عندها حياء كأنها ملكة، أما هذه التي تفلتت من منهج الله فهي سلعة، وما أرى إهانة للمرأة في الحياة المعاصرة كأن تكون إشهارا لسلعة، ومهما كانت هذه السلعة حقيرة فلا تباع إلا مع صورة امرأة شبه عارية، علبة تلميع الأحذية (البويا) عليها صورة امرأة، هذه إهانة للمرأة، والمرأة المحجبة ملكة، والمتفلتة سلعة رخيصة.

 

((ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله، المُسلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ، ويشيرِ إلى صدره ثلاثَ مرات ))

 أنت مدير عام، وعندك حاجب مؤمن مثلك، إن لم تحترم هذا الحاجب على أنه أخ لك في الدين فأنت لست مؤمناً،

 

(( المُسلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنا ـ ويشيرِ إلى صدره ثلاثَ مرات ))

 قال تعالى:

 

﴿ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)﴾

 

( سورة لقمان )

(( التَّقْوَى هَاهُنا ))

احتقار المسلم شر عظيم

(( بِحسْبِ امْرِئ مِنَ الشرّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلم ))

[ رواه الترمذي عن ابي هريرة ]

 يعني أكبر شر ترتكبه أن تحقر أخاك المسلم، الآن عندنا خطوط حمراء، هذه الكلمة متداولة كثيراً، أي نظام في أي مكان في العالم عنده خطوط حمراء، فإن لم تقترب منها فأنت سالم، إن تجاوزتها فأنت هالك، في الإسلام الخطوط الحمراء:

 

الخطوط الحمراء في الإسلام: العرض والمال والدم

 

(( كُلّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ عرْضُهُ ومَالُهُ وَدَمُهُ ))

[ رواه الترمذي عن ابي هريرة ]

 ماله قد تأخذه سرقة، وقد تأخذه كذباً، واحتيالاً، وغشاً، وتدليساً، هناك مليون طريق للكسب الحرام، وأنت لا تشعر، يكفي أن توهم الشاري أن هذه البضاعة إنكليزية وهي تايوانية، أنت سرقته، لأن كل صناعة لها سعر، يكفي أن تبيعه شيئاً انتهت صلاحيته، فقد سرقته، عندنا سرقة موصوفة مشهورة معروفة، لكن عندنا ألف نوع من السرقة غير مألوفة، فلذلك:

((كُلّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ ))

 أحيانا يشتري الإنسان جوارب في الشتاء، وهو موظف، ودخله محدود، وثمنها مئة ليرة، من صوف، تبقى عنده ثلاث سنوات، بخلاف الجوارب المغشوشة تخرب، والذي يغش المسلمين ليس من المسلمين.

 

(( من غشنا فليس منا ))

 

[رواه الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ]

 والرواية الأدق:

 

(( من غش فليس منا ))

 

[ رواه الترمذي عن أبي هريرة ]

 ولو غششت مجوسيا فلست منا، إذاً الخطوط الحمراء:

 

(( عرْضُهُ ومَالُهُ وَدَمُهُ ))

المال يؤخذ سرقة من طريق معروف، ويؤخذ بمليون طريق غير مألوف، بالاحتيال والكذب والغش.
مثلاً: يضع لك اللحم مع ضوء أحمر فوق البراد، يُرى أزهر، وهو ليس كذلك، هناك ألف طريق للغش.
 العِرض: نتوهم أنه عرض المرأة، لا، عرض الإنسان، ذكراً كان أو أنثى، وهو موطن المدح والذم فيه، فإذا اتهمت إنسانا اتهاما باطل فأنت اعتديت على عرضه، أي على سمعته، موطن المدح والذم فيه.

 

إخفاء الصور