وضع داكن
29-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 194 - بادروا بالأعمال سبعا......
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة

 أيها الإخوة الكرام، في صحيح البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

[ الترمذي]

 هل يستطيع الواحد منا أن يستيقظ كل يوم كاليوم السابق إلى ما لا نهاية ؟ هناك مفاجاءات، لكن الإنسان أحياناً يستيقظ على ظاهرة جديدة في جسمه، وقد تكون بوابة الخروج، أو يكون له عمل تجاري ينتهي لسبب أو لآخر، معه وكالة سُحبت منه.

 

(( هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ))

 دخْلٌ فلكي الزوجة، وانحرف الأولاد وتوسعوا، وتخطوا الخطوط الحمراء، وأصبح هذا البيت لا ينتمِي إلى المؤمنين، بل ينتمي إلى أهل الدنيا، فيه الفسق والفجور فالنبي عليه الصلاة والسلام وصف الغنى أنه مطغٍ، وإحدى المصائب الكبيرة أن تكون غنياً فاسقاً، وإحدى المصائب الكبيرة أن تكون فقيراً، حتى ينسيك الفقر كل شيء.

 

 

(( كاد الفقر أن يكون كفرا ))

 

[ أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أنس ]

 إنسان في بلد عربي عنده محل، ليس له مثيل في هذه العاصمة، أربع واجهات في أربع واجهات، ومستودع ضعف مسامة المحل، ومكتب بحجم مساحة المحل، وبيت مساحته أربعمئة متر، أخذ قرضًا بفائدة من 200 ألف دولار فأصبح المبلغ مليون، مع تراكم الفوائد باع بيته، وباع بيت ابنه، وباع المحل، وباع المستودع، وباع المكتب، ولم يكف المبلغ، لذلك فإن الفقر ينسيك كل شيء، وكذا الغنى المطغي.

 

(( أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ))

 أمراض عضالة، فشل كلوي، يا لطيف، تصبح حياة الإنسان جحيمًا، غسيل كلية مرتان كل أسبوع، وكل مرة تدفع ثلاثة آلاف ليرة، و8 ساعات، وانتظار، ويبقى من حمض البول بنسب قليلة، تحدث ردود فعل قاسية تحدث كآبة، فمن منا عنده ضمان ألا يصاب بمرض ؟ لا أحد

 

(( أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ))

(( أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ))

 كبر في السن، فصار حشريا، يعيد القصة مئة مرة، وكلما دخل ضيف يقول له: لا يطعموني، ويفضح أهله، هذا مرض مخيف، وأقرب الناس لهذا الإنسان يدعو له بالموت، لأنه فضيحة.

 

(( أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ))

 ولعل أصعب من هذه كلها:

 

 

(( أَوْ الدَّجَّالَ ))

 صاحب الحرية والديمقراطية، قتل، ونهب، وإهانة، وإذلال، وجئناكم من أجل حرياتكم وديمقراطيتكم.

 

 

(( أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

 هل ينتظر الإنسان الذي أعرض عن الدين، وأدار ظهره للإسلام، ولم يعبأ بالقرآن، ولا بما في القرآن من وعد ووعيد، والتفت إلى الدنيا، ماذا ينتظره ؟ أهل الدنيا أمامكم، 30 سنة يجمع مبالغ بسيطة ليشتري بيتا، بعد ثلاثين سنة اشترى بيت له إطلالة على شكل خط منحني، تكشف دمشق، القصة قديمة من ثلاثين سنة، بعدما كان يسكن في عمارة ببيت قميء صغير، تحت الأرض، أولاده أصابتهم الأمراض، وهو يجمع ثمن هذا البيت، بعدما استلمه وأثثه، ورتبه، جلس العصر في الشرفة، أتوا له بكاس شاي، والشام كلها مثل الكف أمامه، قال لهم: الآن أمّنا مستقبلنا، عاش بعد هذه الكلمة ستة أيام فقط

 

(( أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ))

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ))

 ينسيك كل شيء الفقر

((أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

 هذا الذي أدار ظهره للدين، ولم يعبأ بالقرآن الكريم، هذا الذي أقبل على الدنيا فقط، هذا ينتظره أحد هذه السبعة.

 

ثم ماذا ؟

 

 أنا أقول لكم أيها الإخوة، تحت عنوان: ثم ماذا ؟ معك ألف مليون دولار، بيل غيت صاحب ميكرو سوفت معه تسعون مليارا، ماذا يأكل ظهراً ؟ أوقية لحمة وصحن سلطة، على كم سرير ينام ؟ كم ثيابًا يلبس ؟ بذلة واحدة، يأتي إنسان عادي يلبس ثيابًا أكل، وشرب، ونام، وسكن بيتا مثله.

الدنيا لها سقف وحدود

 

 بالمناسبة إخواننا الكرام، الحياة لها سقف، لو أنك تملك كل ما في الدنيا، لا تأكل إلا وجبة واحدة، وإذا أثقلت يزيد وزنك كيلوا، فتخرج العيون بالطول والعرض من أجل أن تنزل كيلو من وزنك، ومن أجل أن تنزل تحتاج إلى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، يموت مليون موتة لينزل كيلوا واحدا، هذا الطعام.
يريد أن يلبس ثيابا، ويسكن بغرفة، ينام على تخت واحد، عنده زوجة، عنده أولاد، عنده سيارة، وبعد ذلك، أما الآخرة فلا سقف لها.
 أيها الإخوة، لذلك أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً، الكيّس، العاقل، الذكي، الموفق، الفالح، الناجح من دان نفسه، ضبطها، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، هذا حال المسلمين، يقول: يا رب، نحن عبيد إحسان، ولا عبيد امتحان، يا رب، لا يسعنا إلا فضلك، لا يرغب أن يتوب، لكنه يتكلم بهذه الكلمات، هذه لا تقدم ولا تؤخر.
 التقى رجل بعالم جليل فقال له: ادعُ الله لي، أجابه إجابة تقصم الظهر، قال له: لا تظلم، ولست محتاجاً إلى دعائي، فإذا ظلمت فإن المظلوم إذا دعا الله تصل دعوته إلى سبع سماوات، وليس بينها وبين الله حجاب، ولو كان كافراً.
لو دعا لك النبي عليه الصلاة والسلام، وعلماء المسلمين، والصحابة الكرام مجتمعين، وقد ظلمت لم ينفع الدعاء إطلاقاً.

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

( سورة الأنعام )

 المشكلة أن الذين آمنوا في هذه الأيام يلبسون إيمانهم بظلم، هناك ظلم في البيوت هناك ظلم بعدم العدل بين الأولاد، هناك ظلم بعدم العدل بين الزوجات، هناك ظلم إذا كنت مدير معمل.
أنا أسمع أشياء مثل الخيال، قال لي احدهم: يا أستاذ، أنا أعمل في مطعم بعد الظهر من الساعة السادسة إلى الساعة الثالثة بالليل، ماذا يأخذ ؟ عنده زوجة وأولاد، ويعمل ثلاثين يومًا، حتى يوم الجمعة، صاحب المطعم يصرف في اليوم الواحد عشرة آلاف، ويعطيه في الشهر ثلاثة آلاف، والله ما دام عندنا ظلم، ظلم بعلاقاتنا اليومية، ظلم في بيوتنا، فإذا كانا زوجة الابن في البيت، وليس لها أهل، أو أهلها مسافرين، أو أبوها فقير، أو بيتها صغير، ولا مجال لتذهب إليهم، فيتفننون بإذلالها وقهرها وإهانتها.
فلذلك أيها الإخوة، إذا كنا نظلم بعضنا والله لن نشم رائحة النصر.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

 

[ رواه البخاري ومسلم]

 لذلك:

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)﴾

( سورة الحج )

 لي قريب بمصر، في وقت زلزال القاهرة حملت زوجته من شدة الخوف والهلع ابنها الرضيع، وانطلقت إلى الطريق، في الطريق نظرت إلى ابنها الرضيع فإذا هو حذاء زوجها، هل يمكن لامرأة تحمل حذاء وتتوهم أنه ابنها الرضيع،

 

﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)﴾

 إخواننا الكرام، ينبغي أن نعد للقاء الله عدة، الآن كل واحد منا إذا كان فوق الأربعين عنده بعض المتاعب، يقول: والله عندي آلام بالمفاصل، معي أسيد أوريك عال جداً، أشعر بتنمل يدي، وآلام بظهري، وحموضة زائدة بالمعدة، هذه أعراض الصحة السلبية هي رسائل لطيفة من الله أن يا عبدي قد اقترب اللقاء بيننا، هل أنت مستعد لهذا اللقاء ؟ أيضاً رحمة بنا، لا يأتِي الموت فجأة، له تمهيدات، أن يا عبدي كبرت سنك، وضعف بصرك،

 

وانحنى ظهرك، وشاب شعرك  فاستحي مني، فأنا أستحي منك.
إلى متى أنت باللذات مشغول  وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
***
تعصي الإله وأنت تظهر حبه  ذاك لعمري في المقال شنيــع
لو كان حبك صادقاً لأطـعته  إن المحب لمن يحب يطيـــع


 مرة ثالثة:

 

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

 

إخفاء الصور