وضع داكن
19-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 187 - يسب ابن آدم الدهر فأني أنا الدهر.....
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام:
 يقول عليه الصلاة والسلام مما أخرجه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم:

(( قَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: يَسُبّ ابْنُ آدَمَ الدّهْرَ. فإني أَنَا الدّهْرُ. بِيَدِيَ اللّيْلُ وَالنّهَارُ ))

 وفي رواية:

 

(( أقلب ليله ونهاره، فإذا شئت قبضتهم ))

 وفي حديث آخر:

 

 

(( لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر ))

 

[ رواه مسلم عن أبي هريرة ]

 إخوانا الكرام:
 هناك كلمات كثيرة تدور على ألسنة المسلمين، هي كفر بواح، دون أن يشعروا يقول لك القدر سخر مني، أو سخرت من القدر، من هو القدر ؟ هو الله، يلعن الدهر بشكل مستمر، الدهر هو الله، فاإنسان قبل أن ينطق بكلمة لا يدري أبعادها يجب أن يتريث لأن الإنسان يتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً.

 

(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم ))

 

[ رواه أحمد في مسنده وصحيح البخاري عن أبي هريرة ]

 قلب لي الدهر ظهر المجن، من هو الدهر ؟ الله جل جلاله، الدهر يعاتبني الظروف قاسية، ليس لي حظ، كلها كلمات شرك، ليس إلا الله.

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)﴾

( سورة الليل )

 البشر على اختلاف مللهم ونحلهم، وانتماءاتهم، وأعرافهم، وأنسابهم، ومذاهبهم، وطوائفهم، ليسوا إلا رجلان، رجل أيقن أنه مخلوق للجنة، يعني آمن بالحسنى أي صدق بالحسنى، بناء على تصديقه بالحسنى اتقى أن يعصي الله، الآن رد الإله على موقفه

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾

 ورجل لم يصدق أنه مخلوق للجنة صدق أنه مخلوق للدنيا لذلك استغنى عن طاعة الله، وبنى حياته على الأخذ، قال هذا رد الإله عليه:

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾

 بخلاف ما خلق له، أنت خلقت للسعادة:

 

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

 

( سورة الذاريات )

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾

( سورة هود الآية: 119 )

 مخلوق أنت للسعادة فإذا لم تصدق للحسنى، ولم تنضبط لمنهج الله، ولم تبنِ حياتك على العطاء تيسر لخلاف ما خلقت، تيسر للشقاء

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾

أيها الإخوة:
 كلمة فلان محظوظ ما لها معنى، أعطيني حظ وارمني في البحر، كلام شرك فلان يده خضراء ما لها معنى، فلان فوق الريح ما لها معنى، فلان يضربها شرق تأتيه غرب ما لها معنى، ممكن أن تلغي بهذا المعنى التوحيدي ألف عبارة يتداولها العوام ولا معنى لها، تعطي معنى عكسي، الله طاعم الحلاوة للي ما له أضراس، معناها الله ليس حكيم، فلانة مسكينة حظها قليل، ما لها ذنب، لكن حظها قليل، جاءها زوج يضربها ويجيعها، ويهينها، ويذلها، كلها كلمات لا معنى لها.
لذلك الحديث القدسي الصحيح:

(( لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، ذلك لأن عطائي كلام واخذي كلام، فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ))

[ رواه مسلم عن أبي ذر ]

 الإنسان بحاجة من حين لآخر إلى ما يسمى بالجرد، ليجرد تصوراته، أفكاره عقيدته، مبادئه، قيمه، لينظر هل هي موافقة للشرع، الآن بقول لك الله ما أراد له الهداية هو الكفر بعينه، ما أراد له الهداية ؟!

 

﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)﴾

 

( سورة الليل )

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (3)﴾

( سورة الإنسان )

 فالله ما أراد له الهداية ! حتى الله يأذن ! الله توهه ! الله لا يتوه أحد، دققوا في الكلمات معظمها كلمات كفر بواح.

 

﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)﴾

 

( سورة الأعراف )

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)﴾

( سورة الأنعام )

 ثم إن كل ما يجري في العالم من مصائب ومآسي يقول ترتيب سيدك، هو ما دخله، نحن لم نفعل شيء أبداً، بس هيك الله بدو يعذبنا، هذا كلام يبعد الإنسان عن الله يلقي اللوم على الطرف الآخر، لاحظ أنت في أي جلسة العوام يحملون كل ما تعانيه الأمة الإسلامية للعلماء فقط، والعلماء يحملون كل ما تعانيه الأمة الإسلامية للأمراء، والأمراء والعلماء للشعب، والشعب للاستعمار، والصهيونية العالمية نحن لم نفعل شيء أبداً، وهذا أكبر هروب من المسؤولية، أكبر جهل، نحن ما لنا علاقة أبداً، أنا أقول حتى تدنيس المصحف نحن السبب، لأنه قد هجرناه من حياتنا القرآن، القرآن مهجور يا أخوان، القرآن نحتاجه عند الموت، بالتماسي، والله ماذا قال:

﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً﴾

( سورة يس الآية: 70 )

 مو يقرا على من كان ميتاً، القرآن منهج للأحياء، نحن جعلنا هذا القرآن للمناسبات الحزينة، أما أنه تدخل لبيت مسلم القرآن مطبق ؟ لا، تدخل لشارع، لحي، لسوق، لمكتب تجاري، لمكتب محاماه، مكتب طبيب، مطبق ؟ لا غير مطبق، لكن الطبيب يضع:

 

﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾

 

( سورة الشعراء )

 اللوحات جميلة جداً، كل واحد يضع لوحة تناسبه، يكتب الضابط:

 

﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾

 

( سورة الصافات )

 خير إن شاء الله لكن ما غلبنا، يكتب ضابط آخر يعمل بالاستخبارات:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾

( سورة الحجرات )

 يكتب من يعمل في نقل البضائع:

 

(( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ))

 

[ رواه أحمد في مسنده وصحيح البخاري وابن ماجة عن أبي هريرة ]

 يكتب القاضي أمامه:

﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾

( سورة النساء الآية: 58 )

 يكتب أمام المذنبين:

 

﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾

 

( سورة البقرة )

 قرآننا عظيم، كل حرفة، حتى في محامي غير مسلم اسمه إبراهيم كتب:

 

﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (125)﴾

 

( سورة النساء )

 شغلة سهلة جداً، تتزين بآية، تدخل لمصر:

 

﴿ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)﴾

 

( سورة يوسف )

 بالمطار الدولي

﴿ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ ﴾

 يأتوا بآية، كيف ما تحركت في آيات، تدخل للجامعة العربية:

 

﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً﴾

 

( سورة آل عمران الآية: 103 )

نحن أصبحنا نعيش شعارات فقط، شعارات براقة، لكن المضمون يبتعد عن الواقع ابتعاداً كلياً.
 فلذلك أيها الإخوة الدرس اليوم عنوانه كلمات كثيرة تجري على ألسن العامة هي في الحقيقة نوع من الكفر، كأن تتهم الذات الإلهية بالظلم، كأنك تتهم الذات الإلهية بعدم العدل، كأنك تتهم الذات الإلهية بعدم الهداية، أو كأنك توحي أن الإنسان مجبور على كل أفعاله، على أفعاله الشريرة، ثم يحاسب عليها كقول الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
إخوانا الكرام:
 عقيدة الجبر تشل الأمة، توهم خطير أن كل ما يجري أراده الله، أراده بمعنى سمح به، لا بمعنَ أمر به، ولا بمعنَ رضيه، سمح به، لم يأمر ولم يرضَ، أما الله عز وجل:

﴿ قل إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

بل إن الشر ليس إلى الله، والشر ليس إليك، يعني أوضح مثل:
 مركبة خرجت من المصنع، بأجمل صورة، بأجمل خطوط، بأجمل طلاء بأجمل انسياب، بأجمل تناسب، أما حينما يقودها إنسان شارب للخمر، ويغيب عن الوعي ويهبط في وادي فتصبح هذه المركبة بشكل مخيف، هذا الشكل المخيف أله صانع ؟ لا، هذا الشكل المخيف لا يحتاج إلى صانع.
 إذاً الشر سلبي وليس إيجابياً، الشكل المخيف لسيارة نزلت في الوادي، وارتطمت، وأصبحت كالعجينة، هذا الشكل لا يحتاج إلى قوالب كي تصنعه، المصنع يقدم سيارة جميلة، كاملة انسيابية، متناسقة، لماعة، براقة، سريعة، أما هذا الحديد الذي دخل في بعضه بعضاً هذا لا يحتاج إلى صانع، هذا سببه إنسان شرد عن قواعد القيادة، وشرب الخمر فنزل في الوادي، إذاً والشر ليس إليك، بل إن الشر المطلق لا وجود له في الكون، إن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله.

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)﴾

( سورة آل عمران )

 ما قال والشر

﴿ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

 أيها الإخوة الكرام:
 يجب أن نطهر ألسنتنا من كل كلمة تتناقض مع كمال الله عز وجل، أو مع كمال أنبياءه، أو مع كمال العلماء الربانيين يجب أن نطهر أنفسنا عن كل عقيدة جبرية، والعقيدة الجبرية تتناقض مع العدل الإلهي، يقول لك لا تعترض تنطرد، لماذا ؟ لقوله تعالى:

 

﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ﴾

 

( سورة الأنبياء الآية: 23 )

 تفهم هذه الآية فهم جبري، إذا إنسان أقام العدل بين من حوله لا أحد يسأله عدم السؤال ناتج لا من القهر ناتج من العدل، وفرق كبير جداً بين الذي يسكت لأنه أخذ حقه وبين الذي يسكت لأنه قهر، الله عز وجل عادل، فعدله يسكت الألسنة، هذا معنى

 

﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ﴾

 كما أنه ليس من شان الإله أن يسأل، يسأله ند له وليس له شريك الله عز وجل هذا هو المعنى، إذاً يجب أن نفكر في كل عبارة نقولها.

 

إخفاء الصور