وضع داكن
18-04-2024
Logo
أدعية مأثورة - الدرس : 06 - دعاء الإيواء إلى الفراش، باسمك ربي وضعت حنبي وبك أرفعه....
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

من معاني بِاسْمِكَ رَبِّ :

أيها الأخوة الكرام: الناس ينامون يشعرون بالتعب فينامون فقط، لكن الليل عند رسول الله عباد:

((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ))

[ صحيح البخاري عن حذيفة]

أدرك أن الإنسان في الليل يموت موتاً مؤقتاً، ولعله يموت فلا يستيقظ.

(( إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ ))

لكن الدعاء الطويل:

((قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ ))

[صحيح البخاري عن أبي هريرة]

باسمك ربي لها معنيان؛ المعنى الأول: أن النوم من نعم الله عز وجل، أعرف إنساناً لا يستطيع النوم، والله لو أن الدنيا كله بيده لدفعها مقابل أن ينام، سنوات طويلة مرض نادر جداً لا ينام صاحبه.
" بِاسْمِكَ رَبِّ " هذا النوم نعمة منك يا ربي، وينبغي أن أنام وفق منهج رسولك، إذا قلت: بسم الله الرحمن الرحيم قبل أن تشرب الماء، فهذا الماء من نعم الله الكبرى، الناس في البحر يموتون عطشاً، لو أن ماء الأرض ملح أجاج ماذا نفعل؟ من جعله عذباً فراتاً؟ فالمعنى الأول باسمك ربي أن هذه نعمة من عندك يا رب، وينبغي أن أتعامل بها وفق منهجك، فكان عليه الصلاة والسلام يشرب ثلاثاً، ويشرب جالساً، ويشرب ويسمي، فكلما قلت: بسم الله قبل أن تفعل شيئاً يجب أن تذكر شيئين؛ أن هذا الذي أنت مقدم عليه نعمة من نعم الله، وهي من خلق وإكرام الله، ثم إنك ينبغي أن تأخذها وفق منهج الله، أما الكلمات حينما تردد دون أن نفقه معناها تفقد مضمونها، تفرغ من مضمونها، بسم الله ماذا تعني؟ وقد يظن أن هذه نعمة فلان فيشرك وهو لا يشعر، بسم الله وهو يشعر في هذه النعمة فعلاً يخالف منهج الله عز وجل، فحينما تقول: بسم الله يجب أن تذكر شيئين، أنها نعمة والفضل لله عز وجل، وأن تعاملك معها ينبغي أن يكون وفق منهج الله.

 

النوم من نعم الله العظمى :

((قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ...َّ يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي))

الأعصاب في النوم تتباعد، فالسيالة العصبية تقف عند التباعد فتنام، الإنسان إن لم ينم يهد كيانه، تتعب أعصابه، لكن لو جاء صوت كبير جداً أو صاخب، هذه السيالة تتجاوز هذا الفاصل، فكل أنواع المهدئات تباعد بين الأعصاب، الأعصاب عبارة عن قطع متباعدة أو متقاربة، وكل المنشطات تقرب هذه الفواصل، فالإنسان حينما يتعب تتباعد فواصل أعصابه فيأوي إلى فراشه، والنوم من نعم الله العظمى، لكن النوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ... يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ ))

لي صديق أوى إلى فراشه في أثناء الليل مست زوجته يده فإذا هي باردة فقامت مذعورة إنه ميت!

((بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ ))

احتمال كبير أن ينام الإنسان دون أن يستيقظ.
لنا أخ كريم رحمه الله أوى إلى فراشه ومن عادته أن يذهب إلى صلاة الفجر في المسجد وأهله قد ينامون، على طعام الإفطار طرقوا باب غرفته فإذا هو ميت، فاحتمال ألا يستيقظ الإنسان، والنبي نبهنا إلى ذلك.

 

من يبدأ نومه بالدعاء ويتوفى في هذا الليل يتوفاه الله على الفطرة :

(( بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي ))

إن توفيتني لأن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾

[سورة الزمر الآية : 42]

ليس إلى ما لا نهاية، إلى أجل مسمى، استيقظ مئة وثمانية و ثلاثون ليلاً بقي له! كلما استهلك يوماً نقص عمره.

﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾

أرأيتم إلى النوم كيف أنه عبادة! إنسان يبدأ نومه بهذه الأدعية إذاً هو مع الله، لو أن الله توفاه في هذا الليل يتوفاه على الفطرة.

(( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ))

[ صحيح البخاري عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ]

على الإنسان أن يجمع بين الخوف و الرجاء أثناء الدعاء :


وقد قرأت بحثاً طويلاً عن النوم على الشق الأيمن، المؤمنون ينامون على الشق الأيمن، والأغنياء ينامون على شقهم الأيسر، يأكلون كثيراً مركز الثقل على الشق الأيسر، والملوك ينامون على ظهورهم، والفقراء على بطونهم، أما المؤمنون فعلى شقهم الأيمن، طبعاً أنت لست مسؤولاً بعد النوم كيف تنام، لكن إذا بدأت النوم ينبغي أن تبدأ النوم على شقك الأيمن.

(( اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ))

دائماً الحالة الصحية في التعامل مع الله أنت هنا بين الرغبة والرهبة، إن خفته خوفاً أعاقك عن أن تحبه، هذا خوف مرضي، وإن أحببته حباً منعك أن تطيعه، هذه محبة مرضية، ينبغي أن تجمع بين الخوف والرجاء.

(( رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ))

حالة نادرة جداً !
الله عز وجل قوي وجبار ومنتقم.

﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾

[ سورة البروج]

فالإنسان ينبغي أن يخاف من الله، كيف أنجو من بطشه ومن عقابه ومن بلائه؟ بالإقبال عليه، لا تنجو منه إلا بالإقبال عليه:

((لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ))

فإذا مت مت مؤمناً:

(( اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ - هذا التوكل، أنت ضعيف لكنك بالله قوي جداً - رَغْبَةً وَرَهْبَةً -محبة وخشية- لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ))

من أدعية النبي الكريم قبل أن يأوي إلى فراشه :

((عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ))

[ صحيح مسلم عَنْ سُهَيْلٍ]

أرأيت إلى هذا الشمول؟ "رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ" الكون كله! الكون كم مجرة؟ من حدث العلماء أن الكون يزيد عن مليون مليون مجرة، والمجرة فيها تقريباً مليون مليون نجم، مجرتنا درب التبابنة مجرة متوسطة، المجموعة الشمسية كلها على شكل عضلة أو مغزل، المجموعة الشمسية بأكملها نقطة، هذه المجموعة ما قطرها؟ بيننا وبين القمر ثانية واحدة، و بيننا و بين الشمس ثماني دقائق، المجموعة الشمسية قطرها ست عشرة ساعة زمنية، الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، الدقيقة ضرب ستين، الساعة ضرب ستين، اليوم ضرب أربع وعشرين، ثلاثمئة وخمسة وستون يوماً ضرب ثلاثمئة وخمسة وستون، ثلاث عشرة ساعة قطر المجموعة الشمسية، أما المجرة المتوسطة فقطرها مئة وخمسون ألف سنة ضوئية، هذه مجرة متوسطة، مليون مليون مجرة، وكل مجرة فيها مليون مليون نجم، ما معنى اللهم رب السماوات والأرض؟

(( اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ ))

المجرات، السماوات والأرض، الرزاق، فالق الحب والنوى، الهادي، خلق ورزق وهدى.

الإنسان في نعم ثلاث؛ نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد ونعمة الهدى والرشاد :

كنت أقول دائماً أنت في نعم ثلاث؛ نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد ونعمة الهدى والرشاد:

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾

[سورة الإنسان]

من منا كان على قيد الحياة عام ألف وتسعمئة؟ من منا له اسم؟ من هو فلان عام ألف وتسعمئة؟ لم يكن شيئاً مذكوراً، وسيأتي يوم لا نعود شيئاً مذكورين إطلاقاً! فهو الذي أوجدنا، فالق الحب والنوى هو الذي أمدنا بالرزق وهادينا، منزل التوراة والإنجيل والقرآن. 

 

توظيف الله سبحانه وتعالى شر الإنسان للخير المطلق :

  

(( أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصيَتِهِ ))

لكن أنت آخذ بناصيتي، لا يوجد جهة بالأرض إلا بيد الله.

﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾

[ سورة الزمر]

هذا المعنى مريح، هناك قوى جبارة، وأقطاب في العالم طاغية، و أحقاد كبيرة، الشر لا يعلمه إلا الله وهو نتيجة البعد عن الله عز وجل.
قرأت خبراً بجريدة: قبل سنوات تمّ في أستراليا إعدام عشرين مليون رأس غنم بالرصاص ودفنت للحفاظ على أسعار اللحم المرتفعة في العالم! وهؤلاء الشعوب التي تموت من الجوع!! قلوب قاسية كالصخر.

﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾

(( أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصيَتِهِ ))

هذا المعنى مريح جداً، هذا الشر من مخلوق لكن الله سبحانه وتعالى يوظف شره للخير المطلق.

 

الدَّين همٌّ بالليل وذلٌّ بالنهار :


ثم يقول:

((اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ))

الدَّين كما تعلمون همٌّ بالليل وذلٌّ بالنهار، أي ليل النبي عليه الصلاة والسلام ليل أبيض، ليل عبادة وقرب من الله عز وجل، حتى النوم عبادة!

(( عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ))

[سنن أبي داود عن علي]

المغرم الدين، والمأثم الإثم، ألم يقل الله عز وجل:

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾

[سورة الصافات]

إن لم يغلبوا ليسوا جند الله، لو أنهم جند الله حقيقة لا يمكن أن يغلبوا.

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾

(( لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ))

الأذكياء لا ينفعهم ذكاؤهم معك، لأن الذكي يؤتى من مأمنه" سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ".
طبعاً لست مضطراً بأن تدعي كل هذه الأدعية، لكن لو دعوت بأحدها قبل أن تنام صار نومك عبادة، أمدّ الله بأعمارنا جميعاً، لو قبض الله الإنسان في ليله مات على الفطرة، مات مؤمناً، مات إلى الجنة.

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ ))

الفرق الكبير بين من يعيش في الأفق الأعلى وبين من يعيش في الأوحال :

آخر دعاء:

(( رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي وَفُكَّ رِهَانِي وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الْأَعْلَى))

[ سنن أبي داود عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ الْأَنْمَارِيِّ ]

لا أكون مرهوناً للدنيا، ومتعلقاً بها تعلقاً شديداً يحملني على معصيتك:

((فُكَّ رِهَانِي وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الْأَعْلَى))

اجعلني مع الرفيق الأعلى، اجعلني أحلق في آفاق الكمال، وهو بالأفق الأعلى.
يوجد شخص سخيف شهواني أرضي، شخص رباني همه خدمة الخلق وهدايته ومرضاة الله عز وجل، ففرق كبير بين من يعيش في الأفق الأعلى وبين من يعيش في الأوحال.

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي وَفُكَّ رِهَانِي وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الْأَعْلَى))

العبرة أن تكون مع الله إذا أويت إلى فراشك :

أخواننا الكرام: لو أن واحداً منكم لم يحفظ كل هذه الأدعية وأوى إلى فراشه، لو دعا الله بلغته المألوفة يا رب احفظني واسترني، أنت ربي لا إله غيرك، اجعل الأمر بسيطاً، العبرة أن تكون مع الله إذا أويت إلى فراشك، إن حفظتها أنعم وأكرم، وإن لم تحفظها فادعُ دعاءً من صياغتك، العبرة أن تكون مقبلاً على الله عز وجل.

(( بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي))

نعمة النوم لا تعدلها نعمة، والله الأخ الذي سألني مرة لا ينام لم يترك طبيباً، قلت له: ابذل جهدك، قال: أمشي حوالي عشرين كيلو متراً حتى أتعب و لا أنام، عاينت مشكلته أياماً طويلة لا يوجد حل، مرض نادر، لا ينام أبداً، دائماً مهزوز كيانه مهدود، فإذا أوى الإنسان إلى فراشه ونام نوماً عميقاً فليشكر الله.
يوجد فندق بألمانيا مكتوب على السرير: إذا لم تنم هذه الليلة فالعلة ليست في فراشنا إنها وثيرة، ولكن العلة في ذنوبك، إذا اقترف الإنسان في النهار ذنوباً لا ينام الليل، من هذا الذي ينام نوماً عميقاً؟ المستقيم، يأوي إلى فراشه وليس في رقبته حق لأحد، ما بنى مجده على أنقاض الآخرين، ما بنى غناه على فقرهم، وما بنى حياته على موتهم، الطغاة يبنون حياتهم على موت الآخرين، يبنون مجدهم على تحطيم الآخرين وإفقار الآخرين، أفضل ألف مرة أن تكون إنساناً في التعتيم وفقيراً وضعيفاً لكنك ناج عند الله، من أن تكون غنياً وقوياً وبنيت غناك ومجدك على أنقاض الآخرين.
أحياناً تحاك مؤامرة لاجتياح مكان أو لحرب قد يموت فيها آلاف مؤلفة وملايين مملينة، هم يقبعون في مكاتبهم ويخططون لحروب، وليست الأخبار عنكم ببعيد، فحينما تنام وليس في رقبتك حق لأحد تنام نوماً عميقاً، علامة النوم العميق أن الإنسان مستقيم." وفك رهاني" لا تكون متعلقاً بالدنيا تعلقاً يحجبك عن الله "واجعلني في الندى الأعلى" أي في الرفيق الأعلى. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور