- أحاديث رمضان
- /
- ٠01رمضان 1415 هـ - قراءات قرآنية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
ذكر الله أكبر شيء في الصلاة :
يقول الله عز وجل :
﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾
وقف العلماء عند قوله تعالى :
﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾
وقفة متأنية فقال بعضهم : إن أكبر شيء في الصلاة أن تذكر الله ، فمن كان غافلاً أو ساهياً ، هذا في حكم السكران ، لقوله تعالى :
﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾
فإن لم تعلم ما تقول ، فهذا المصلي في حكم السكران ؛ أول معنى : إن أكبر شيء في الصلاة ذكر الله ، ولذكر الله أكبر ما فيها .
المعنى الثاني : أنك حينما تصلي تذكر الله ، والله حينما يراك تذكره يذكرك ، وذكر الله لك أكبر من ذكرك له ؛ ذكر الله لك بالتوفيق ، وبالطمأنينة ، وبالسكينة ، وبجنة عرضها السموات والأرض ، شتان بين أن تذكره ، وبين أن يذكرك .
ابن مفتقر ، وأب كريم ، وقوي ، الابن يسأل ، أما الأب فيعطي ، إذا صار هناك ذكر من الابن للأب فهو السؤال ، أما الأب فيعطي ، يعطي بغير حساب :
﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾
المعنى الثالث :
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾
هل تعتقدون أن الثمرة الوحيدة من الصلاة أن تكف أذاك عن الناس ؟ هذا هدف سلبي ، هذا حد أدنى فيها ، أما أكبر من ذلك فأن تسعد بقربك من الله ، الحد الأدنى أن تنتهي بصلاتك عن الفحشاء والمنكر ، لكنها لم تشرع لهذا .
مثلاً : طالب كل ميزاته لا يؤذي رفاقه ، لكن لا يريد أن يدرس ، هذا عمل سلبي ؛ أين الدراسة ؟ أين التفوق ؟ أين العلم ؟ أين التبحر في العلوم ؟
إذاً : إذا كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، هذا ليس أكبر ما فيها ، أكبر ما فيها أن تسعد بذكر الله عز وجل .
المعنى الأول : أكبر ما فيها ذكر الله ، المعنى الثاني : ذكر الله لك أكبر من ذكرك له .
من يعتمد على غير الله كمن يتمسك وهو يسقط ببيت العنكبوت :
هناك نقطة دقيقة في موضوع :
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾
الإنسان أحياناً يضع ثقته ، وأمله ، ورجاءه بإنسان ، مهما كان الإنسان قوياً في نظرك ، أو في نظر الناس ، مهما كان يحتل مرتبة عالية ، مهما كان غنياً ، حينما تضع ثقتك به ، كمن يتمسك وهو يسقط من شاهق ببيت العنكبوت ، هذا البيت لا يمكن أن يمنعه من السقوط :
﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾
لكن العلماء قالوا : لو أردنا أن نسحب الفولاذ بقطر خيط العنكبوت ، لكان أمتن من الفولاذ .
أي المتانة نسبية ، لو أردنا أن نسحب الفولاذ بخيط في قطر خيط العنكبوت ، لكان بيت العنكبوت أمتن من الفولاذ ، ومع ذلك بيت العنكبوت عند الناس لا شيء ، فربنا عز وجل قرب هذه الحقيقة .
ويوجد في الآية إعجاز علمي أنه لا أحد يعرف إلا لفترة قريبة أن التي تنسج هذا البيت أنثى ، فتاء التأنيث من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام :
﴿اتَّخَذَتْ بَيْتاً﴾
ذكر العنكبوت لا يتخذ البيت ، التي تنسج هي الأنثى ، ولو درسنا آلية النسيج ، شيء لا يصدق ، أي هذا الخيط المستمر الذي يخرج من العنكبوت ، أولاً : هو سائل ، بعد أن يلامس الهواء يصبح متيناً ، وهناك خيوط منوعة ، و خيوط نسيجية ، و خيوط شبكية في بيت العنكبوت ، ومدروس دراسة دقيقة جداً ، ومع ذلك من يعتمد على غير الله كمن يتمسك وهو يسقط ببيت العنكبوت .
من عرف سرّ وجوده و غاية وجوده فهو في نعمة عظمى :
قال تعالى :
﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
أخ كريم ذكر لي : ببعض بلاد شرق آسيا – اليابان- بالذات يوجد معابد يعبد فيها أشياء ، لا يمكن لعقل أن يقبلها ، مهما الإنسان أعمل عقله هناك شيء سخيف ، قذر، بعيد عن أن يكون شيئاً مقدساً ، هؤلاء يعبدون هذه الأشياء . الله عز وجل يقول لك :
﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾
نحن مع هذا الكتاب الذي يبين لنا أصل العالم ، مصير العالم ، قيمة الحياة الدنيا ، قيمة الإنسان ، كيف أن الإنسان سخر له الكون ، تجد شخصاً يعبد بقرة ، بقرة تقطع السير ساعات طويلة ، واقفة في منتصف الطريق ، والكل سعداء ، ازدحام سير لا يحتمل ، لأنه إله واقف بالطريق مثلاً ، من يضع روث البقر بغرفة الضيوف عنده بالأعياد ؟
أي شيء ثمين جداً أن تضع روث البقر في غرفة الاستقبال ، من يتعطر ببول البقر؟ هكذا ، وأي دين إذا الإنسان مات يحرقون معه زوجته ؟
أخ من الأخوان قال لي : والله رأيتها بعيني من زمن ليس بالبعيد ، أخ معاصر ، نزل بفندق ، أمامه ساحة عامة ، في اليوم الثاني رأى حشداً كبيراً ، موضوع تابوتان ، سألهم لمن هذا التابوت الثاني ؟ قالوا : لزوجته ، هي حية ، سوف تحرق معه ، هذه أديان !!
غاندي ؛ هذا يعد مفكراً كبيراً ، أحد أخواننا قرأ لنا مرة في درس الدعاة مقالة من كتاباته ، كيف أنه يفضل البقرة على أمه ، أمه ليست بشيء أمام البقرة ، إنسان يعد مفكراً عالمياً، وهذه أفكاره ، فإذا الله عز وجل أكرم إنساناً بهذا الكتاب ، الكتاب فيه غذاء للعقل ، وفيه تكريم للإنسان ، أنت سيد المخلوقات ، إذا إنسان عبد بقرة ، أو عبد حجراً ، أو عبد صنماً ، أو عبد عضواً تناسلياً ، هكذا يعبدون في بعض البلاد :
﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾
ألا تكفي هذه النعمة ! عرفت سرّ هذا الكون ، خالق الكون ، معنى الربوبية ، معنى الألوهية ، معنى الخلق ، سرّ وجودك ، وغاية وجودك ، أين كنت ؟ أين المصير ؟ بالصلاة تتصل ، بالحج تذهب إلى بيت الله الحرام ، بالزكاة تزكو نفسك ، بالصيام ترتقي ، هذه أكبر نعمة .
التخويف مهمة أساسية للشيطان :
أحياناً الإنسان يقلق ، لكن الله عز وجل يعاتب هؤلاء : يا عبادي يوم كنتم كفاراً ، يا أهل مكة يوم كنتم كفاراً تعبدون الأصنام ، كنتم في بلد حرام :
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾
بعد أن آمنتم تخافون ، يوم كنتم تعبدون أصناماً كنتم مطمئنين !!؟ لأن تفسيرها سهل ، الإنسان يكون وفق هوى نفسه ، الشيطان مرتاح منه ، هذا الإنسان ضال مضل ؛ لكن دققوا : الإنسان بعدما استقام ، الشيطان تيقظ :
﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾
الشيطان مهمته أن يخوف ، يخوفك ؛ إن أنفقت يخوفك ، وإن حضرت مجلس علم يخوفك ، وإذا أردت أن تصلي ، أن تقرأ القرآن بمكان عام يخوفك ، دائماً يخوفك ، مهمته أن يخوفك :
﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ﴾
إذا الإنسان خاف من الشيطان ، معنى هذا أنه وضع نفسه حكماً معه .
ممكن جندي يكون والده قائد الجيش ، يخوفه عريف ؟ أنت ماشي مع خالق الكون، الذي خلق الكون ، الذي بيده الناس كلهم ، القوى كلها ، أنت ماشي معه ، معقول تخاف ! قال:
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾
يكون الشخص لا يصلي ، الله يسر له أموره ، وعالجه ، وأكرمه ، وأنقذه من مصائب كثيرة ، ولم يكن يصلي ، بعدما التزم ، وصلى ، ومشى بالصحيح ، الآن خائف !؟ هذا الخوف خوف غير طبيعي ، هذا الخوف ليس منك ، هذا الخوف هجين عليك ، هذا الخوف من الشيطان ، لأننا نحن بصراحة موضوع الشيطان لا أحد يقبضه ، كلام بكلام ، الشيطان يعمل ليلاً نهاراً لإضعاف ثقتك بالله ، ويأتي وأنت لا تشعر بالوسوسة .
الإنسان أحياناً يريد أن ينفق ؛ كبر عقلك ، احفظ قرشك ، اتركه معك ، هذا شيطان، إله الكون يقول لك : إذا أنفقت أنا سأخلف عليك ، ويقول لك الشيطان : لا تنفق ، أنت بأمس الحاجة لهذا المال ، ويقول لك أيضاً بتعبير لطيف : لا يكفي العباد إلا رب العباد ، هذا كلام الشيطان .
طبعاً : كلمة حق ، لكن أريد بها باطل ، حتى يمنعك من الإنفاق .
على الإنسان المؤمن ألا يصغي لشياطين الإنس و الجن :
النقطة الدقيقة الآن : إذا الإنسان استقام ، وشعر بقلق ، أي هو يصغي إلى الشيطان ، الشيطان أحياناً يأتي المؤمن ، يوسوس له ، يخوفه :
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾
الإنسان كله معاص ، يروون أن سيدنا موسى دعا الله بالسقيا ، فلم يستجب الله له، ثم ألح في الدعاء ، فقال الله له : " يا موسى ، إن فيكم عاصياً – فيكم شخص عاص- ، فقال موسى عليه السلام : من كان فينا عاصياً لله فليغادرنا ، – فليفارقنا- ، ثم إن الأمطار هطلت غزيرة ، و لو يفارقهم أحد ، قال موسى : يا رب ، من هذا العاصي ؟ – هكذا تروي الكتب- ، قال له : عجبت لك يا موسى أستره وهو عاص وأفضحه وهو تائب !!؟" .
أنت انظر قبل أن تتوب لله ، قبل أن تستقيم ، قبل الصلح مع الله ، خمسون خطأ كان لك ، والله ساترك ، وحافظك ، ورافع شأنك ، وهناك عناية ، بعدما التزمت ، واستقمت ، وغضضت بصرك ، وحررت دخلك ، وكنت ورعاً ، الآن تريد أن تخاف ؟ هذا وضع غير طبيعي، لكن ما الذي يحصل ؟
الإنسان عندما كان غير مستقيم ، كان الشيطان مبتعداً عنه ، هذا من حزب الشيطان ، فلما استقام ، واصطلح مع الله ، الآن بدأ الشيطان عمله :
﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾
الإنسان عليه ألا يصغي ، أي عندك شياطين الإنس والجن . الله قال :
﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾
قد يكون هذا الإنسان من شياطين الإنس ، وقد يكون من شياطين الجن .
من جاهد نفسه و هواه هداه الله لصالح الأعمال :
هناك بشارة . قال :
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
الله عز وجل بعكس ما يفهم بعض الناس ، أي إذا الإنسان فيه ذرة خير ، الله ينميها له ، إذا الإنسان قرَّب من الله شبراً ، الله عز وجل يتقرب من عبده ذراعاً ، وإذا الإنسان تقرب ذراعاً ، الله يتقرب باعاً ، الإنسان إذا قدِم إلى الله مشياً ، أتاه الله هرولة . ما معنى هذا الحديث ؟ أنت فقط تحرك ، فقط اعقد توبة مع الله ، فقط قل : أريد أن أصلي الصبح حاضر، الله يوقظك ، ولو كنت نائماً الساعة الثانية .
هذه ساعة الرأس شيء محير ، جربوها ، اربط المنبه ، واطلب من الله أن يوقظك ، تستيقظ قبل الصبح بدقيقة ، لا يوجد شيء ، لا يوجد إنسان طلب أن يستيقظ إلا أيقظه الله عن طريق ملك ، لا نريد ساعة .
قالوا : ساعة الرأس ، والآن تفسيرها معقد جداً ، ولأن النبي الكريم قال : " اللهم أذهب عنه النوم إذا أراد " .
إذا أراد أن يستيقظ ، لكنه لا يريد ، يريد أن ينام نوماً عميقاً ، نوى ألا يستيقظ ليصلي الفجر ، طبعاً لن يستيقظ ، أما إذا نام ، وقبل أن ينام ، طلب من الله أن يوقظه ، تجده فتح عينيه قبل الوقت بدقيقة ، كأنه على ميعاد :
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
إذا الإنسان جاهد هواه ، جاهد بإنفاق ماله ، جاهد بقراءة كتاب الله ، حاول أن يفهم آياته ، الله يكشف له المعاني ، أنت قرب خطوة ، تحرك حركة واحدة .
هذه نكتة ، اعتزل إنسان في المسجد ، وقال : الله سيرزقني ، جاء شخص معه صفيحة ، لم ينتبه له ، مشى ، الثاني مشى ، فمرة سعل ، عندما سعل ، انتبهوا له ، أعطوه صفيحة ، تحرك ، اسعل فقط ، تحتاج إلى حركة ، قل : يا رب ، اذكر الله عز وجل ، أخي ما وجدت شيئاً أول يوم ، انتظر لليوم الثاني ، بعد ذلك تجد أمورك أصبحت جيدة ، صار الذكر محبباً لك ، بعد ذلك تجد نفسك طوال النهار في سعادة ، في توفيق ، تجد قوتك على مقاومتك للمعاصي كبيرة جداً .
أحياناً تجد الشخص مقاومته هشة ، أول شيء لا يقاومه ، وتجد شخصاً عنده مقاومة كبيرة جداً ، سر المقاومة أنه كان معتصماً بالله صباحاً ، جلسة الصباح ؛ الصلاة في مسجد مع جماعة ، تلاوة القرآن ، ذكر الله ، الاستغفار ، الدعاء ، هذا كله لله يستجيبه .
القصة أنت فقط قرب خطوة ، تحرك حركة ، قرب خطوة إلى الله ، الله عز وجل خالق الكون ، قال : " إذا أتيتني مشياً أتيتك هرولة ".
شيء لا يصدق ، خالق الكون يتقرب منك ! فما قولك بالذي يقول : الله ضله ؟ الله يضل إنساناً!؟ معنى الله يضل هذه تحتاج إلى جلسة طويلة ، هو خلقك ليعرفك بذاته ، خلقك ليسعدك، خلقك ليهديك إليه ، ما خلقك ليضلك ، وإذا كان ضلك فضلك عن شركائه ، لا عن ذاته ، تكون أنت معلقاً بإنسان ، يخيب لك ظنك فيه ، يضلك عن شركائه , لا عن ذاته , تكون أنت معلقاً بإنسان يخيب لك ظنك فيه , يضلك عن شركائه , إذاً :
من ترك شيئاً لله عوضه الله أفضل منه :
إذاً :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ﴾
انظر في اللغة العربية ، اللام : لام التوكيد :
﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ ﴾
النون : نون التوكيد الثقيلة ، ثلاثة أنواع توكيد يوجد في هذه الآية :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
أيضاً : اللام لام التوكيد هذه اسمها اللام المزحلقة ، كانت في اسم إن ، صارت في خبر إن ، أي (لله مع المحسنين) . حتى إنّ : حرف توكيد ، حرف مشبه بالفعل ، يفيد التوكيد ، فلما اجتمع توكيدان زحلقت اللام إلى خبر إن :
﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
فالآية فيها خمسة توكيدات :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ﴾
وكلمة جاهدوا ، أي هناك جهد ، فالله عز وجل سلعته غالية ، لا تتصور أن يعطيك الله جنة للأبد بعمل شكلي ، عمل صوري ، وأنت مقيم على كل رغباتك ، وشهواتك ، ومصالحك ، وهذه فيها فتوى ، وهذا يجوز ، وهذه بلوى عامة ، وهذه ماذا نريد أن نفعل ؟ نحن لا نستطيع ، ضحِّ ، ضحِّ بمصالحك واطلب رضاء الله عز وجل ، وانظر كيف أن الله . . . .
(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))
والله كنت أقول عن هذا الحديث زوال الكون أهون على الله من أن تدع شيئاً لله ، ثم لا يعوضك أضعافاً كثيرة .
(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))
هذه الآية إذا الإنسان قرأها يجب أن يشعر بثقة كبيرة :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
وإذا الله معك فمن ضدك ؟ تصور أن خالق الكون معك ، تخاف ممن ؟ من إنسان ممكن بجلطة يصير جثة هامدة ؟ ممكن نقطة دم بدماغه يصير مفلوجاً فوراً ؟
يوجد حالات كثيرة من هذا النوع ؛ إنسان يكون ملء السمع والبصر ، بعد ثانية صار خبراً على الجدران ، البارحة كان شخصاً فصار خبراً . والله قال :
﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾
فالله بيده كل شيء :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
هذه الآية ، الإنسان أحياناً تكفيه آية واحدة ، والله هذه الآية وحدها تكفي :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ﴾
له دخل كبير ، لكن فيه شبهة ، فتركه ، وقبل بدخل قليل ، هذا عمل ليس بالقليل عند الله ، كبير جداً ، أنت الآن كسبت رضاء الله ، وسيأتيك الدخل الكبير مكافأة لك ، لا تخف، الحرام اركله برجلك ، لا تخف ، عمل فيه معصية اركله برجلك ، لا تبال به أبداً .
(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))
الابتعاد عن مصادر المعاصي :
يوجد عندنا مصدران للمعاصي ؛ كسب المال والنساء ، إذا استطعت أن تتحصن من النساء بغض البصر ، وعدم الاختلاط ، وعدم اقتناء أجهزة اللهو ، وتتحصن بكسب المال بالورع ، أنت أغلقت على الشيطان أبوابه ، أكبر بابين للشيطان ؛ كسب المال والنساء ، فإذا شخص تفلت إذاً لم يعد هناك شيء يضبطه أبداً ، كل ثقافته ، وعواطفه الإسلامية ، وعنده اهتمام بأخبار المسلمين ، ويتابع الأخبار دقيقة بدقيقة ، قل له : يا أخي أنت لست على شيء ، ما دام باب النساء لم تغلقه ، وباب كسب المال الحرام لم تحكمه ، لا أنت ، ولا مشاعرك الإسلامية ، ولا تفكيرك الإسلامي ، ولا مطالعاتك تفيدك . .
هذه المحاضرة قرأتها ؟ رائعة ، نريد أن نرى استقامتك ، أما تقول : رائعة ، فانظر استقامتك :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
هذه الآية تكفينا . كيف كان الصحابة ؟ هذا الذي جاء النبي ، قال له : عظني ولا تطل ، - قال له آية واحدة ، القرآن ستمئة صفحة - ، قال له :
﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره﴾
- بدوي لا يحمل شهادة ؛ لا كفاءة ، ولا بكالوريا ، ولا لسانس ، ولا دكتوراه ، ولا مثقف إطلاقاً - ، قال له : " كفيت ، فقال النبي : فقه الرجل " . بدوي يسمع آية واحدة تكفيه طوال حياته !! ما دام
﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره﴾
قال له : " كفيت ، فالنبي قال : فقه الرجل " صار فقيهاً ، والله الذي لا إله إلا هو كل آية بالقرآن تكفي الإنسان طوال حياته .
الدين استقامة و ورع :
الآن آية :
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾
ألا تكفي هذه ؟ أنت تحت المراقبة ، تحرك لنرى ، تصرف ، اكذب على الناس ، غشهم ، قل لهم : بالأمانة لا أربح ، وأنت ربحك فيها مئة بالمئة ، يقول لك : ألا ترى أن الله يراقبك ، يأتيك إنسان ساذج ، تبيعه سلعة كلها غش ، يقول لك : هذه ألبسناه إياها ، تظن نفسك مؤدباً ، وأول صف تصلي ! ليس هذا الدين ، الدين استقامة .
(( ترْكُ دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام ))
الدين استقامة ، الدين ورع .
(( ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط ))
هذه الآية اجعلها شعاراً لك :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾