وضع داكن
20-04-2024
Logo
أدعية مأثورة - الدرس : 22 - أدعية النبي في الصلاة، اللهم ربنا لك الحمد حمداً كثيراً ……
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الشكر جزء من وجود الإنسان :

أيها الأخوة:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[سورة النساء]

كأن العذاب علاج، فإذا حققت الهدف الذي من أجله خلقت يتوقف العلاج، كلية توقفت عن العمل لابد من استئصالها، هكذا تقتضي الحكمة ويقتضي العلم والرحمة، قبل أن تستأصل أعيد التصوير فإذا بها تعمل! هل تستأصل؟ مستحيل!

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

ذلك لأن الله سخر هذا الكون تسخير تعريف وتكريم، أي شيء خلقه الله من أجل أن تعرفه من خلاله وهو الهدف الأكبر، ومن أجل أن تنتفع به، فردّ فعل التعريف أن تؤمن، وردّ فعل التكريم أن تشكر، فحينما تؤمن وتشكر حققت الهدف من وجودك، عندئذ يتوقف العلاج.
فالشكر جزء من وجودك، الله عز وجل منحك نعمة الوجود والإمداد والهدى والرشاد، ما هو الشكر؟

 

مراتب الشكر :

1 ـ أن تعزو النعمة إلى الله عز وجل :

أيها الأخوة: عليك أن تعلم أن ما أنت فيه من النعم هو من الله وحده:

﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾

[سورة النحل]

في مطلع الفاتحة:

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾

[سورة الفاتحة]

الكافر يعيش النعم لكن لا يرى المنعم، الكافر يأكل ويشرب ويستمتع ويتنزه، النعم محيطة به من كل جانب، لكنه لا يعزوها إلى الله، فالمشكلة ليست في إثبات النعم أو نفيها، النعم قائمة ثابتة في ضمير كل مخلوق، لكن المؤمن عزاها إلى الله واخترقها إلى المنعم، المؤمن تجاوزها إلى المنعم، الكافر مع النعمة، والمؤمن مع المنعم، فلذلك بالفاتحة الحمد لله، أنت امتنانك ينبغي أن يكون لله عز وجل، فالشكر أولى مراتبه أنه ينبغي أن تعزو النعمة إلى الله، ما أنت فيه من صحة وعقل وأهل وقدرات وطاقات وحكمة، هذه كلها من الله عز وجل.

 

2 ـ أن يمتلئ القلب امتناناً لله عز وجل :


المستوى الأرقى أن يمتلئ القلب امتناناً، يتضح هذا أحياناً حينما تعطي إنساناً شيئاً ثميناً، تعطيه بيتاً، كلما التقى بك تجده في غاية الحب لك، والتعبير عن امتنانه وشكره، المستوى الأول مستوى شكري وعقلي، فهذا المنخفض الجوي من الله، هذه الأمطار الغزيرة من الله، هذه الصحة من الله، سلامة الأجهزة من الله، المستوى الأرقى أن يمتلئ القلب امتناناً وشكراً لله عز وجل، فالمؤمن دائماً وأبداً يلهج بذكر الله، إنك إن ذكرتني شكرتني، وإذا ما نسيتني كفرتني.

3 ـ أن ترد على نعم الله الغامرة بخدمة عباده :

المستوى الأرقى:

﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾

[ سورة سبأ]

أن ترد على نعم الله الغامرة بخدمة عباده، فينقلب الشكر إلى معرفة، إلى امتنان، إلى عمل.

 

التوحيد :

الآن هذا تمهيد لموضوع دقيق: المصلي حينما يصلي يركع، فحينما يرجع واقفاً يقول: سمع الله لمن حمده، كأن الله يذكرك أنني يا عبدي أسمعك، وقد قيل: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((أَفْضَلُ الْإِيمَانِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيمَانٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَغَزْوَةٌ لَيْسَ فِيهَا غُلُولٌ وَحَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ ))

[مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

وهو معكم أينما كنتم بعلمه، فلذلك كان عليه الصلاة والسلام بعد أن يرفع رأسه من الركوع يقول:

((سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ))

[صحيح البخاري عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ]

و:

(( عَنِ الْحَكَمِ قَال:َ غَلَبَ عَلَى الْكُوفَةِ رَجُلٌ قَدْ سَمَّاهُ زَمَنَ ابْنِ الْأَشْعَثِ فَأَمَرَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَكَانَ يُصَلِّي فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ قَدْرَ مَا أَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ))

[صحيح مسلم عَنِ الْحَكَمِ]

هذا التوحيد، إذا منح الله عبداً شيئاً، ليس في الكون كله قوة تحول بينه وبين العطاء، وإذا منع الله العبد شيئاً، ليس في الكون كله جهة يمكن أن تمنح العبد شيئاً.
مرة كنت عند طبيب قلب فجاءه اتصال، ويبدو أن صوت الهاتف عال جداً فسمعت الكلام قال: أي مكان في العالم وأي مبلغ.... قال: والله لا أمل! الورم وصل للدرجة الخامسة انتقل لكل أجزاء الجسم! "لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ".

﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ ﴾

[سورة الرعد]

أنت حينما تعتقد أن الأمر بيد الله تتجه إليه، أما حينما تعتقد أن الأمر بيد زيد أو عبيد تتجه لزيد أو عبيد وهذا هو الشرك.

 

الله عز وجل إذا أعطى أدهش وإذا أخذ أدهش :

"لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ" الجد هو العقل والحظ والدنيا، لو أن الإنسان أوتي دنيا عريضة هل تحجزه عن عذاب الله؟ لا، قد يكون الإنسان في أعلى مكان مالياً أو إدارياً أو علمياً، ولم يكن عابداً لله عز وجل، فربما خسر كل شيء في ثانية واحدة، يأتيه الموت يخسر كل شيء، وتبقى أمامه جهنم. "لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".
لا ينفعك مع الله مالك، الله قادر أن يتلفه في ثانية واحدة.
حدثني أخ وهو أكبر غني في بعض البلاد الإسلامية، كل أمواله أبنية وهو من تجار البناء، فيبني أبنية بأعلى مستوى في أجمل مناطق هذا البلد، جاء زلزال لم يدع له شيئاً، كل أبنيته مركزة في منطقة كلها هدمت، صُوِّر في الأخبار في خيمة ويقدم صحناً فارغاً ليسكب فيه بعض الـطعام! قصة لا تصدق، من أكبر الأغنياء لم يبق معه شيء! فالله عز وجل إذا أعطى أدهش وإذا أخذ أدهش، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.
لأن الله عز وجل يؤتى الحذر من مأمنه، لا ينفعك مع الله منصبك، لأن الله يأتي كل عبيده من مكان أمنهم، إنسان أحياناً يحيط نفسه بسلسلة من الحراس لا تنتهي، إذا جاء أجله يخترق ملك الموت كل الحراس ويصل إليه.

لا تأمن الموت في طرف وفي نفس وإن تمنعت بـالحـجاب والحـرس
فـما تزال سهـام الـموت نـافذة فـي جنب مـدّرع منـها ومـترس
أراك لسـت بـوقّاف ولـا حـذر كالحاطب الخابط الأعواد في الغلـس
ترجو النجاة ولـم تسلك مسالكـها إن السفينة لا تـجري عـلى اليـبس
***

الحد الأدنى من الشكر أن تعبر عن امتنانك لله عز وجل :

الآن هذا دعاء عقب القيام من الركوع:

(( اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ))

[صحيح مسلم عَنِ الْحَكَمِ]

هذا الدعاء تذكره بعد قولك: سمع الله لمن حمده، صار مناجاة، إنسان قد يأتيه خير من إنسان يكفي أن يتصل به اتصالاً هاتفياً، أنا شاكر جداً لهذه الهدية، ممتن لهذا الموقف، أكن لك كل حب وتقدير لما فعلت معي، الحد الأدنى من الشكر أن تعبر عن امتنانك، في السجود تقول:

(( عَنِ ابْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَلَمَّا رَكَعَ مَكَثَ قَدْرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ))

[سنن النسائي عَنِ ابْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ]

أو تقول:

((عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ نَائِمَةً إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَقَدْتُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك))

[سنن الترمذي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ]

الاستخارة في الأمور المباحة لا في الفرائض و المحرمات :

هناك حالة واحدة لا مثيل لها، جهة تخاف منها كثيراً والملاذ إليها أن تخاف منها وتأوي إليها، تستعيذ بها من عقابها، فالله وحده له عقاب إن كنت في رضاه جاءك الثواب: "أعوذ بك منك"، تستعيذ بالله من عقابه، وبرضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، وبه منه، وأنا بك وإليك، ليس إلا الله تخاف منه فتأوي إليه، تخاف عقابه فتأوي إلى رحمته، تخاف من سخطه فتأوي إلى رضاه، تخاف من بلائه فتأوي إلى عافيته، أعوذ بك منك، مما علمنا النبي في الدعاء دعاء الاستخارة:

(( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد ِاللَّهِ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ))

[صحيح البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد ِاللَّهِ]

يجب أن تستخير في أمر مباح، لا يستخار لا بالفرائض ولا بالمحرمات، جاءك عرض كي تسافر وتعمل في منطقة، يا ترى أبقى في بلدي أم أسافر؟ خطبت اخترت فلانة، أتزوجها أم أنسحب؟ الأمور المباحة:

(( إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ))

أنت بالاستخارة تستعين بعلم الله وبقدرته، أحياناً الإنسان يستعين بمحام يقول: هذا من ألمع المحاميين، مستوعب القوانين كلها، وله مكانة كبيرة في قصر العدل، والقضاة يحترمونه، تستعين بعلم محام، أو بعلم طبيب، أو بعلم مهندس إذا كان هناك تشقق في بناء، لكنك في الاستخارة تستعين بعلم الله وتستقدر بقدرته، العلم المطلق والقدرة المطلقة:

((وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ.....))

أنت استعنت بعلم الله وقدرته، فيا رب هذا الأمر لا أعلمه تعلم أنت ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، إن كان في هذا الأمر صلاح لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري - آخرتي -فيسره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر لا ينفعني لا في ديني ولا في دنياي ولا في عاقبة أمري بل يؤذيني فاصرفه عني واصرفني عنه، لو أن الله صرفه عنك ولا زلت متعلقاً به مشكلة كبيرة، صرفه عنك وأنت متعلق به قال: اصرفه عني واصرفني عنه نفسياً، واقدر لي الخير حيث تشاء.

 

الاستخارة من سنة النبي عليه الصلاة والسلام :

أيها الأخوة: دعاء الاستخارة من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن الناس ابتدعوا أن تستخير امرأة لأخرى، أو إنسان لآخر، وهذا لا أصل له في الشريعة، ليس بينك وبين الله حجاب، استخر أنت.
الآن: جواب الاستخارة ليس أن ترى مناماً ولا أن تفتح المصحف عشوائياً، فالآية ترشدك إلى القبول أو عدم القبول، هذا أيضاً من البدع، جواب الاستخارة أن ييسر الله لك هذا الأمر، فإن يسره لك أراد الله بك خيراً، وإن عسره أراد بك خيراً أيضاً، فبعد أن تستخير تستسلم، الدقة أنه يجب أن يكون في هذا الأمر خير في ديني ودنياي وعاقبة أمري.
إنسان له دخل محدود عنده مشكلة، وجد عملاً بدخل أكبر بكثير، لكن فيه اختلاطاً ونساء كاسيات عاريات، ومال إليهم، ثم خرق استقامته، ثم بدأ يقيم علاقات غير مرضي عنها، عندئذ جاءته المصيبة في دينه، دنياه جيدة، وسيدنا عمر كان إذا أصابته مصيبة قال: "الحمد لله ثلاثاً، الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها".

على الإنسان ألا يطلب رحمة الله بلا أسباب :

شيء آخر:

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى اللَّهِ وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لِيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ))

[سنن الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى]

من كانت له حاجة إلى الله تعالى، عنده مشكلة قد تكون صحية، وقد تكون اجتماعية، أو أسرية، أو في عمله، أو تكون كبيرة....:

(( مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى اللَّهِ وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لِيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ....))

[سنن الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى]

الأمر بيدك، أنت المتصرف الفعال.

(( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ....))

>[سنن الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى]

ملك قال لابنه: اطلب وتمنى، البلاد كلها ملكك، قال: أريد أحدث مركبة، قال: هي لك، أريد طائرة خاصة، قال: هي لك، أريد قصراً، قال: هو لك، الأب مقتدر، والبلاد كلها ملكه، قال: اجعلني أستاذاً في الجامعة، قال: لا! هذه تحتاج لدراسة، ائتني بدكتوراه ثم أجعلك أستاذاً في الجامعة، هذا الطلب متعلق بك، فلذلك النبي من أدبه العالي مع الله قال: أسألك موجبات رحمتك، لا تطلب رحمة الله بدون موجبات، بلا أسباب.

(( أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ))

غير الاستخارة، الاستخارة فيها اتخاذ قرار، هذه أو تلك، أسافر أو لا أسافر، إذا وجدت مشكلة كبيرة في صحتك، في عملك، في بيتك، أو أولادك، لا سمح الله تقول:

(( مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى اللَّهِ وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لِيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ))

[سنن الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور