وضع داكن
25-04-2024
Logo
الفقه الإسلامي - الدرس : 8 - الاعتكاف.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الاعتكاف:

 أيها الأخوة الكرام؛ مع بداية الدرس الثامن من دروس الفقه في رمضان وموضوع اليوم الاعتكاف.
 الاعتكاف: لزوم الشيء وحبس النفس عليه خيراً كان أم شراً والدليل قال تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ﴾

[ سورة الأنبياء: 52]

 لزوم الشيء وحبس النفس عليه هو الاعتكاف، كان عليه الصلاة والسلام يعتكف في العشر الأواخر من رمضان.

 

أنواع الاعتكاف: مسنون وواجب.

 يوجد اعتكاف مسنون: اعتكاف النبي عليه الصلاة والسلام.
 في اعتكاف واجب: الإنسان إذا نذر أن يعتكف أيام عديدة مطلقاً أو مشروطة، إذا شفي من مرض يعتكف كذا يوم، أو ليعتكف كذا يوم تقرباً لله عز وجل هذا الاعتكاف الواجب.
 أما المسنون أن تقلد النبي لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( من نذر أن يطيع الله فليطعه))

[أخرجه البخاري وابن خزيمة في صحيحه]

 الاعتكاف في أي وقت يكون، في أيام السنة يكون، لكن النبي عليه الصلاة والسلام من عادته يعتكف في العشر الأواخر من رمضان.

 

شروط الاعتكاف:

 شيء آخر المعتكف يجب أن يكون مسلماً مميزاً طاهراً من الجنابة والحيض والنفاس فلا يصح الاعتكاف من كافر ولا صبي غير مميز ولا جنب ولا حائض ولا نفسا.

 

أركان الاعتكاف:

 المكث في المسجد بنية التقرب إلى الله؛ أريد هذه الكلمة؛ المكث في المسجد بنية التقرب إلى الله؛ أي واحد منكم دخل إلى أي مسجد في الأرض بنية التقرب إلى الله فهو معتكف؛ لماذا دخل إلى هذا المكان؟
 الإنسان يدخل المطعم ليأكل؛ يذهب إلى المتنزه ليتنزه؛ يذهب إلى السوق ليشتري.
 لماذا دخل إلى المسجد؟
 ليتقرب إلى الله؛ إذاً هو معتكف؛ هذا أوسع معنى من معاني الاعتكاف.
 إذاً أركانه: المكث في المسجد والتقرب إلى الله؛ لا بد من نية الاعتكاف؛ لذلك قد تجدون في بعض المساجد مكتوب على جدرانها: نويت الاعتكاف في هذا المسجد ما دمت فيه.

الخلاصة:

 إن دخلت المسجد فانوي التقرب إلى الله؛ معناها في مكافأة؛ في ضيافة من الله.
 الضيافة: التوفيق في أعمالك، الضيافة: التيسير، الضيافة: السعادة، الضيافة: الطمأنينة، الضيافة: الشعور بالأمن، الضيافة: السكينة التي يلقيها الله في قلبك، الضيافة: الشجاعة، الضيافة: الأمانة، الضيافة: التفاؤل.
 لو أن الإنسان بعيد عن الله عز وجل يسحقه اليأس والتشاؤم والسوداوية والخوف والقلق وعدم التوازن والتعسير في أموره والتضييق عليه.
 لذلك ضيافة الله ثمينة جداً إذا دخلت بيته لتعتكف، أي لتلزم بيت الله بنية التقرب إلى الله، المكث في المسجد بنية التقرب إلى الله.
 ركنان: المكث والنية.
 نعم، يصح الاعتكاف في أي مسجد من دون استثناء.
 كل مسجد له مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح، المعتكف إن صام فحسن وإن لم يصم فلا شيء عليه، هذا في أيام غير رمضان أما في رمضان يكون صائماً حكماً.
 الاعتكاف ليس وقت محدود لكن متى دخل المُعْتَكِف إلى المسجد و نوى التقرب إلى الله عز وجل صار معتكفاً حتى يخرج.

ماذا يستحب للمعتكف؟

 أيها الأخوة؛ قالوا استحبوا للمعتكف أن يكثر من نوافل العبادات، وأن يشغل نفسه بالصلاة، و تلاوة القرآن، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والاستغفار، والصلاة، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء.
 هذه مستحبات الاعتكاف، و يدخل في هذا: دراسة العلم واستذكار كتب التفسير والحديث، وقراءة سير الأنبياء والصالحين، وغيرها من كتب الفقه والدين، معنى ذلك إذا دخلت لتقرأ أو لتستمع فأنت معتكف؛ معنى ذلك أنتم في هذا الدرس معتكفون.
 يدخل في الذكر والاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والتلاوة والدعاء يدخل دراسة العلم واستذكار كتب التفسير والحديث وقراءة سير الأنبياء والصالحين، وغيرها من كتب الفقه والدين.

ماذا يكره للمعتكف؟

 يكره للمعتكف أن يشغل نفسه بما لا يعنيه من قول أو عمل، هذا البيت للعبادة، للذكر، للطاعة، للدعاء، للتسبيح، للتحميد، للتهليل، للتكبير، لقراءة كتب التفسير والحديث والفقه والسيرة، ويكره له أيضاً أن يمسك عن الكلام هذا ليس في ديننا إطلاقاً.
 رأى النبي عليه الصلاة و السلام رجلاً قائماً، سأل من هو فذكروا اسمه وقالوا نذر أن يقوم ولا يقعد ونذر ألا يتكلم، فقال عليه الصلاة و السلام : مروه فليتكلم.

ماذا يباح للمعتكف؟

 قال يباح للمعتكف الخروج من معتكفه لتوديع أهله فقد فعل هذا النبي صلى الله عليه وسلم خرج من معتكفه مع السيدة صفية فرآه صحابيان جليلان فقال عليه الصلاة و السلام: على رسلكما، هذه زوجتي صفية، دقق فالنبي يوضح، يبين وهو سيد الخلق، فأنت أيضاً قلده في هذا، بَيِّنْ للناس.
أنا أذكر مرة كنت في محل تجاري ويوجد رجل يبدو عليه الصلاح والتقى، فدخلت امرأة لهذا المحل فإذا بصاحب المح يرحب بها ترحيباً شديداً يزيد عن أنها شارية، كيف الصحة؟ أطلتوا علينا، اشتقنا لكم، لماذا لا نراكم، هذا الرجل الصالح تغير لونه، أي أساء الظن به، أنا قلت له أنا أحسن الظن به وأظنها أخته، هذا الذي حدث إنها أخته لكن لا بد من أن تُبَيِّنْ، عندما تدير حديث حار مع امرأة معنى ذلك أنها قريبتك، أنها أختك، أنها من أقرب الناس إليك، فينبغي أن تبين كانت أختي عندي انتهى الأمر، حسم، فقال النبي هذه زوجتي صفية، إذاً يباح للمعتكف الخروج من معتكفه لتوديع أهله.
 يباح له ترحيل شعره وحلق رأسه وتقليم أظافره وتنظيف البدن من الشعر سوى الدرن و لبس أحسن الثياب والتطيب بالطيب.
 ويباح للمعتكف الخروج للحاجة التي لا بد منها، كلكم يعلم أن سيدنا ابن عباس كان معتكفاً رأى في المعتكف رجل حزين قال: ما لي أراك مهموماً قال: ديون لزمتني لا أطيق سدادها قال: لمن قال: لفلان قال: أتحب أن أكلمه لك قال: إذا شئت فلما هم بالخروج من معتكفه أحد الفضوليين قال يا ابن عباس أنسيت أنك معتكف قال: لا والله ما نسيت ولكن سمعت صاحب هذا القبر وأشار لقبر النبي والعهد به قريب، لأن أمشي مع أخ مؤمن في حاجته خير لي من أن أعتكف شهراً في هذا المسجد.
 إذاً يجوز أن يخرج المعتكف للحاجة التي لابد منها، قال وله أن يأكل وأن يشرب وينام مع المحافظة على نظافته وصيانته، في الحرم المكي الشريف يوجد أكل المسموح به تمر وماء وشراب أما الطبخ ممنوع، الطعام الناشف واللطيف الذي لا يؤذي المسجد، لأن عشرة أيام جالس في المسجد.

ما الذي يبطل الاعتكاف؟

 الخروج من المسجد بغير حاجة عمداً هذا العمل يبطل الاعتكاف، وذهاب العقل بجنون أو سكر غير مكلف والحائض والنفسا لفوات أيضاً، الحيض والنفاس أيضاً يبطل الاعتكاف.
 العلماء قالوا يجوز أن تقضي الاعتكاف، أنا أريد أن أجمع بين الظروف المعاصرة وبين هذا الدرس، يعني إذا دخلت إلى هذا المسجد ونويت التقرب إلى الله عز وجل وشغلت نفسك بالذكر والحمد والتهليل والتكبير والتسبيح والدعاء وقراءة القرآن والصلاة ثم طلب العلم أو تعليم العلم، قرآن وسنة وحديث وسيرة وفقه فأنت معتكف وأنت ضيف الله عز وجل ولهذه الضيافة ثمن كبير جداً.
 هناك نقطة مهمة ، ما في مسجد له ميزة إلا ثلاث مساجد، المسجد الحرام والنبوي الشريف والمسجد الأقصى، وما سوى ذلك المساجد في الأرض كلها سواء ، فإذا إنسان نوى أن يعتكف في مسجد له أن يعتكف في مسجد آخر لأنه لا يوجد فرق بين المساجد إلا الثلاثة لقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ : الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الأقْصَى))

[أخرجه البخاري ومسلم]

((عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ))

 الركعة في الحرم المكي بمائة ألف ركعة وهذا حديث صحيح للنبي عليه الصلاة والسلام.
 اعتكافنا دخولنا للمسجد بنية التقرب إلى الله والضيافة ثمينة جداً.

 

تحميل النص

إخفاء الصور