وضع داكن
20-04-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 09 - صفات المسلم والمهاجر والمؤمن.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

المسلم الكامل يسلم المسلمون من لسانه ويده :

 أيها الأخوة المؤمنون؛ لازلنا في صحيح البخاري:

(( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ))

[مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا]

 المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأعراضهم.
 في هذا الحديث معانٍ دقيقة جداً، أولاً: المسلم، الألف واللام هذه تفيد كمال الإسلام، تقول مثلاً: زيد الرجل، هذه الألف واللام في الرجل تعني أنه كامل الرجولة، فالمسلم الكامل يسلم المسلمون من لسانه ويده، ولأن اللسان يعبر عما في النفس، ولأن اليد يقوم الإنسان بها في أكثر أعماله، فلذلك اكتفى النبي عليه الصلاة والسلام باليد واللسان، لأن اللسان معبر، واليد تفعل، اللسان يعبر عما في النفس، واليد تحقق ما في النفس، على كل هذا المعنى أنك لن تكون مسلماً كاملاً إلا إذا كففت أذاك عن المسلمين.

 

الإسهام بنشر الإسلام لا بزعزعة ثقة الناس به :

 يضاف إلى هذا المعنى معنى دقيق آخر لكن يحتاج إلى شرح، إلى تمهيد، لو أنك أنت إنسان في بلد، وهناك دين آخر في هذا البلد، معتنقو هذا الدين منحرفون، مكذبون، مقصرون، مهملون، مخادعون، فقراء فقر كسل، اتفقنا في درس سابق أن هناك فقر كسل، وهناك فقر قدر، وهناك فقر إنفاق، فقر الإنفاق محمود جداً دليل إيمان كبير، وفقر القدر معذور صاحبه، لحكمة أرادها الله كان مشلولاً فصار فقيراً لا يستطيع أن يكسب المال، أما إذا ذممنا الفقر ففقر الكسل، فقر الإهمال، فقر التسويف، فقر عدم الإتقان، فقر التسيب، هذا الفقر صاحبه مذموم أما فقير القدر فصاحبه معذور، أما فقير الإنفاق فصاحبه محمود.
 لو أنت إنسان في بلدة وفي هذه البلدة دين آخر، معتنقو هذا الدين يكذبون، مهملون، فقراء فقر كسل، حياتهم مضطربة، بيوتهم غير معتنى بها، ثيابهم مهملة، يخادعون، قد يرتكبون الآثام والمعاصي، هل يمكن أن يخطر في بالك لحظة أن تفكر في دينهم؟ إطلاقاً، لا يوجد عندك ثانية من وقتك أن تهتم بدينهم، لأنهم ساقطون من نظرك، فلئن يكون دينهم ساقطاً من باب أولى، هذا الكلام دقيق، هذا ما يحدث في العالم، المسلم عندما يكون هو الذي يرتكب الأخطاء، هو الذي يسرق، السجون أكثرها من المسلمين، في بلاد أخرى أقصد، هو الذي يحتال، هو الذي يزور، هو الذي يرتاد الملاهي، هو الذي يبيع الخمر، لا يمكن أن يخطر في بال إنسان غير مسلم أن يعتنق الإسلام، ولا أن يفكر في هذا الدين، ما لم يكن المسلمون في أعلى مستوى من الصدق، والأمانة، والوفاء، والوعد، وإنجاز العهد، والتواضع، والعلم، والتفوق لا أحد يفكر في دينهم، فكل إنسان يسهم بشكل أو بآخر في زعزعة ثقة الناس في الإسلام، أو في تشويه صورة المسلمين، أو في إعطاء صورة مزورة لهذا الدين، هذا إنسان له عمل عكس الداعية، الداعية مهمته التقريب، هو مبعد، الداعية مهمته التحبيب هو منفر، الداعية مهمته أن يوصل بالله هو قاطع، فلن تكون مسلماً إلا إذا سلمت سمعة المسلمين من لسانك ويدك، المسلم إذا أساء سَبَبَ سمعة سيئةً لمجموع المسلمين، عندئذ صار هناك حاجز كبير بين غير المسلمين وبين المسلمين، تماماً كما قلت قبل قليل، لو أنت في بلد وهناك دين آخر، معتنقو هذا الدين مقصرون، يكذبون، يحتالون، يسرقون، لا يمكن أن تفكر ثانية واحدة أن تفكر في دينهم، أو أن تقرأ كتبهم، أو أن تمسك بكتابهم المقدس، لأنهم ساقطون من نظرك، وإذا سقط الإنسان سقطت معه أفكاره، وعند عامة الناس سقط معه دينه، طبعاً حتى أكون دقيقاً العوام لا يفرقون بين الدين ورجاله، ولا بين الإسلام والمسلمين، ولا بين الإيمان والمؤمنين، لسذاجةٍ يفهمون الدين من خلال رجال الدين، يفهمون الإسلام من خلال المسلمين، يفهمون الإيمان من خلال المؤمنين، العوام لا يوجد عندهم تفرقة بين المسلم والإسلام، الإسلام يعني هؤلاء المسلمين، الإيمان يعني هؤلاء المؤمنين، يوجد معنى أخواننا الكرام من أخطر المعاني ورد في آية قرآنية، والله أيها الأخوة لو انتبهنا إلى هذا المعنى لكنا في حال غير هذا الحال، الله عز وجل يقول:

﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾

[ سورة الممتحنة: 5]

 كيف؟ ما معنى هذا الدعاء؟ هذا دعاء قرآني، أي هذا الكافر كافر مشرك، فاجر، عاص، عندما يلتقي بمسلم ويجد منه انحرافاً، أو عدم إتقان، أو تقصيراً، أو نفاقاً، أو كذباً، ماذا يقول في نفسه؟ أنا الصح وهم الغلط، أنت ماذا فعلت مع هذا الكافر؟ قويت فيه الكفر، جعلته يعتز بكفره، جعلته يتشبث بكفره، جعلته يعتقد أن كفره هو الصواب، جعلته يتعمق بكفره، جعلته يتشبث بكفره وأنت لا تدري، فكل مسلم يحمل الحق، يحمل هذا الدين إذا أساء إلى كافر، أو اطلع منه الكافر على شيء لا يرضي معنى هذا أن الكافر بقي على كفره.

 

قبول المسلم مرتبط بأقواله و أفعاله :

 يوجد عندنا شيء في الحياة دقيق اسمه تحقيق توازن، أو اختلال توازن الكافر بحكم فطرته التي تأبى الانحراف عنده حالة خلل توازن، توازنه مختل، هذا التوازن المختل ما الذي يعيده إلى توازنه؟ أن يسلم، فإذا وجد المسلمين مقصرين لا يسلم، يعيد توازنه بأن الكفر هو الصحيح، فإذا أردت أن تقوي الكفر، مثلاً أوضح مثل قريب منا؛ يوجد عندنا في التجارة بالعلاقات المالية شركة المضاربة، المضاربة أحل شركة، النبي أول مضارب في الإسلام، أخذ مال خديجة وضارب به والربح بينهما، واستثمار الأموال حاجة اجتماعية أساسية جداً جداً، لأنه يوجد إنسان متقدم في السن معه مال ولا يملك سواه، جمعه طوال حياته، هو يتمنى أن يضعه في مكان يدر عليه ربحاً، يوجد إنسان كبير في السن، ويوجد امرأة ليس بإمكانها أن تعمل، ويوجد يتيم معه مال ورثه من والده لا يمكنه أن يعمل، ويوجد إنسان لا يحسن استثمار الأموال، فالحاجة إلى استثمار الأموال حاجة أساسية جداً، هؤلاء الذين أخذوا أموال الناس ليستثمروها، وأصبحت أرقاماً فلكية، سبع وعشرون ملياراً، ثم كان كاذباً ومحتالاً ونصاباً، من الذي قوي بهذه العملية؟ البنك قوي، الاستثمار الربوي صار قوياً، صار وضع المال في البنك أفضل، الآن كل الناس يخافون يقول: أين أضع أموالي تذهب أما في البنك فلا تذهب، وهذا مثل قريب بين أيدينا، جامعو الأموال عندما كذبوا واحتالوا على الناس قووا مركز البنوك الربوية، أي عقب إخفاق هؤلاء تحولت الأموال كلها إلى البنوك الربوية، هذا الذي أكل أموال الناس واحتال عليهم هذا هو الذي قوى الربا، هو الذي جعل الناس يتجهون إلى الاستثمار الربوي مع أنه محرم، الشيء الحلال أساؤوا استخدامه، فالإنسان عندما يسيء استخدام منهج الله لا يدري ماذا يفعل، هو معول هدّام للإسلام، القناة الوحيدة الصالحة النظيفة المقبولة المشروعة المنصفة هدمها، وأبقى القناة الأخرى الغير صحيحة.
 أنت كلما عملت عملاً سيئاً قويت الكفار، وضعفت المسلمين إلى درجة تجد أن المسلمين أضعف شعب، ضعاف، مقصرون، يأكلون مالا يزرعون، يلبسون ما لا ينسجون، كلمتهم ليست هي العليا، والسبب تقصيرهم، هذا الحديث خطير جداً، المسلم لا يكون عند الله مسلماً مقبولاً مبدئياً إلا إذا سلمت من أقواله وأفعاله سمعة المسلمين.

من أراد أن يحترم دينه فليكن شخصية فذة :

 المسلم لا يكون عند الله مسلماً مقبولاً إلا إذا سلمت من أفعاله وأقواله سمعة المسلمين، أما إذا كان مستقيماً فهنا الموقف، إذا مسلم متفوق أنا قلت كلمة في بلد آخر نالت إعجاب المستمعين، لعل هذه الكلمة تنطبق على هذا العصر فقط، قلت لهم: ما لم تكن متفوقاً في دنياك، منضبطاً أخلاقياً لا يحترم دينك.
 أي أنت إذا أردت أن يحترم دينك يجب أن تكون شخصية فذة، يجب أن تكون صادقاً لا تكذب، أميناً لا تخون، تنجز الوعد، تفي بالعهد، منصفاً، كلامك منطقياً واقعياً، حينما تبتعد عن الواقعية والمنطقية والإنصاف، تبتعد عن الأمانة والصدق وإنجاز الوعد، أنت كنت في حق الإسلام مخرباً والأصح من هذا كنت مجرماً بحق هذا الدين، لأنك إذا أنت أسأت لمسلم، وأنت مسلم تتراشق التهم، فهذا بين شخصين فقط، لا بين دينين، إذا أسأت لمسلم يقول: فلان أذاني، لأنه هو مسلم، فلان أكل مالي، أما إذا أسأت لغير مسلم فيقول لك: الإسلام كلهم هكذا، رأساً يغفل شخصك، يحذف اسمك ويضع الإسلام مكان اسمك، يقول: الإسلام كلهم كاذبون، المسلمون مهملون، مقصرون، من باب الطرفة يسمون المسلم في بلاد الغرب إي، ب، إم، شيء له أصل، شيء مزعج جداً، مؤلم جداً، لكن له أصل أي إن شاء الله، إذا رجل لا يريد أن يعطيك مالك يقول: إن شاء الله أعطيك، يستخدم كلمة إن شاء الله على خلاف ما أرادها الله، إذا أراد أن يتنصل ولا يريد أن يأتي على الموعد يقول: إن شاء الله سوف آتي، معنى هذا أنه لا ينوي أن يأتي، لا يدفع ولا يأتي على الموعد، مع أن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً ﴾

[ سورة الكهف : 23-24]

 أنا عاقد العزم مئة بالمئة إلى أن آتي إلا أن يحول الموت بيني وبين تنفيذ هذا العهد هذا معنى إن شاء الله، أنا قلت مرة: في سهرة من سهرات الشباب يوجد فئة من المدرسين كلهم لهم سهرة كل سبت، أحدهم ليس صغيراً، عمره خمس وأربعون سنة تقريباً، فعلاً هو معتن بنفسه عناية بالغة، وبصحته، وبأكله، وبالرياضة، لا يدخن، وينام باكراً فقال: أنا أمامي بعد عمر طويل لأموت، سألوه: لماذا؟ قال: أنا أولاً وزني معتدل، ولا أدخن، وأمشي، وأعمل رياضة، وآخذ الأمور بأسبابها، ولا أحملها، لا يوجد عندي شدة نفسية، ولكن لم يقل إن شاء الله، تكلم بهذا الكلام يوم السبت، السبت القادم كان تحت الأرض مدفوناً، ولا تقولن لشيء إلا أن يشاء الله، فإذا قال المؤمن: إن شاء الله، معنى هذا أنه يوجد عنده عزم أن يفعل هذا الشيء بالمئة مليون إلا أن يحول الموت بيني وبين هذا الشيء، إلا أن يحاط بكم، أما استخدام هذه الكلمة اليوم فإذا أراد أن يخلف وعده، إذا أراد ألا يدفع يقول لك: إن شاء الله فسموه إي، ب، إم، أي غداً، كله تسويف، لا يوجد عنده شيء يقول: تعال غداً، لماذا آتي غداً؟ تكلف أن تقوم من وراء طاولتك وتوقع لي هذه الإضبارة، تعال غداً، كل أعمالنا تسويف، ويقول: ماذا حدث؟ فهذا المصطلح مؤلم جداً في بلاد الغرب هكذا المسلم إي، ب، إم، إن شاء الله، وغداً، و لابأس.

 

انضباط المسلم يعطي سمعة طيبة لكل المسلمين :

 شيء مؤلم جداً أن مسلماً مقيماً في بلاد الغرب إذا وعد إنساناً غربياً يأتي قبل ربع ساعة وهو هناك، إذا وعد رجلاً مسلماً يأتي بعد ساعة، لا ينضبط، فعدم الانضباط يسبب تشويه سمعة المسلمين، لماذا لا نكون نحن انضباطيين؟ لماذا لا نكون متقنين لأعمالنا؟ لماذا لا نكون دقيقين في مواعيدنا؟ هذا هو الإسلام، والشيء الذي لا يحتمل أنك ترى الكفار مطبقين للإسلام من حيث لا يشعرون حفاظاً على سمعتهم، وعلى تجارتهم، وعلى تفوقهم، من الذي يحدث خللاً عند التاجر المسلم الدقيق؟ مسلم عقيدته صحيحة، علمه عال، أخلاقه عالية، هذه الشخصية تحدث خللاً عند الآخرين.
 يوجد رجل اسمه جيفري لنك تكلمت عنه سابقاً، رجل من المتفوقين في اختصاصه، أستاذ رياضيات يحمل أعلى شهادة، أستاذ في جامعة سان فرانسيسكو، هو فاق أساتذته بكثير عندما كان في الجامعة، يقول له أستاذه: ابق خارج القاعة وخذ علامةً تامة، فإذا دخل يربك الدرس من شدة ذكائه، فهذا سمع من درس ديانة أدلة غير مقنعة فناقش والده، فوالده قسا عليه، فاعتنق الإلحاد وصار ملحداً، وعاش عمره كله ملحداً، أي لا يعترف بأي شيء سماوي، هو في مكتبه تدخل فتاة محجبة بحجاب كامل، وأنا أقرأ كتابه المترجم قال: أول ما نظرت إلى هذه الفتاة أخذت فكرة أخرى عن فتيات الشرق الأوسط في الحر الشديد، و فتيات أمريكا يمشين شبه عرايا في الطرقات، وهذه محجبة بحجاب كامل، شيء يلفت النظر، هذه الفتاة تحمل دكتوراه في الرياضيات ولها أستاذ مشرف، يوجد قضية استعصت عليها فدلها على تلميذه، يقول هذا الإنسان: أنا عندما نظرت إلى هذه الفتاة المحجبة شعرت أنه يوجد عندها قوة خفية في داخلها تجعلها هكذا بهذا الانضباط، ثم تهيبت أن أنظر إلى وجهها، ثم شعرت بدافع كبير إلى أن أقدم لها أي خدمة، عقب هذا اللقاء عكف على قراءة الإسلام وأسلم، والآن في أمريكا من أكبر دعاة الإسلام هو نفسه، هذه الطالبة لم تتكلم ولكن منظرها، انضباطها، انضباط فتاة في بلاد متفلتة، انضباطها في الحجاب وتفوقها في العلم دفعت ملحداً أن يسلم.
 لذلك أخواننا الكرام دققوا في هذه الكلمة: استقيموا يستقم بكم، الأمانة دعوة، والصدق دعوة، والتفوق العلمي دعوة، والنظافة دعوة حتى الانضباط دعوة، إذا انضبطت فأنت داعية، المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وكل واحد منكم سفير الإسلام، إذا إنسان سوف يتعين سفير دولة هل من المعقول وقت تقديم أوراق الاعتماد أن يلبس حذاء مرتوقاً؟ هل هذا من المعقول؟ مستحيل، هل من المعقول أن يلبس قميصاً وبنطالاً؟ مستحيل، يكون في أكمل ثياب، نظيف، متعطر، عنده قدرة على المحادثة، هكذا الأصول لأنه يمثل دولة، حتى في بعض الدول يوجد عندها مدارس، يجب أن يدرس الآداب والحقوق والعلوم معاً واللغات، أي يوجد شروط تعجيزية جداً لمن يكون سفيراً لدولته، حتى في شكله شخصية جذابة، من عائلة عريقة، يحمل ثلاثة اختصاصات علوم وآداب وحقوق، ويتقن اللغات كلها، حتى يكون سفير بلده إذا شاهدوا هذا الشخص يقولون: هذا بريطاني، هذا فرنسي، هكذا، الآن أنت خذها على الإسلام إذا شاهدوك كل الناس أنت الإسلام من ثيابك.

(( فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً مِنْكَ تَنْفَعُنَا وَلا تَضُرُّكَ قَالَ: نَعَمْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَنَا: إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ وَلِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا فِي النَّاسِ كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلا التَّفَحُّشَ ))

[ أبو داود عن أبي الدرداء]

 أنت الإسلام، كلامك، وحركاتك، وسكناتك، وتصرفاتك، فلذلك المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمعنى الأعمق من سلمت سمعة المسلمين من لسانه ويده، الداعية مقرب، محبب، موصل، المسلم المقصر عمله عكس الداعية منفر، قاطع، مبغض، فإذا كنت مسلماً يجب أن تكون كاملاً من أجل أن تعطي فكرة طيبة عن الإسلام.
 يوجد أخ حدثني في أمريكا، سائق تكسي وجد محفظة نسائية فيها عشرة آلاف دولار قدمها إلى الشرطة، الشيء الذي لا يصدق صار هناك مداولة في الموضوع، حاكم ولاية واشنطن جمع بعض المدارس وطرح هذا السؤال: لو أحدكم وجد في سيارة محفظة فيها عشرة آلاف دولار ماذا يفعل؟ بشكل غير معقول نأخذها، هكذا قالوا هؤلاء الطلاب، فقال لهم: لكن يوجد مسلم ما أخذها وقدمها، وعملوا حفل تكريم برعاية حاكم ولاية واشنطن لهذا المسلم الذي وجد هذه المحفظة وفيها هذا المبلغ.
 نحن عندنا شيء مألوف أخ من أخواننا قال لي: عنده مهندس فقير جداً، المعاش لا يكفيه، وجد ثمانمئة ألف، بحث عن صاحب هذا المال وقدمه له، في القدم وجد ثمانمئة ألف وقعوا من صاحبهم في سيارة، شيء طبيعي جداً، موقف واحد متألق يعطيك ثقة بالإسلام، موقف آخر يهز معنوياتك، هذا الحديث محور الدرس اليوم:

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ))

[ مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا]

تحميل النص

إخفاء الصور