وضع داكن
18-04-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 14 - صلاة الجماعة - الغدد.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الجماعة رحمة و الفرقة عذاب :

 أيها الأخوة الكرام؛ لا زلنا في صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى.

(( صَلاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ))

[ البخاري عَنْ عَبْد ِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

 والحديث في أصح الكتب بعد القرآن الكريم، صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
 وفي بعض الروايات بخمس وعشرين، وبعضهم قال: صلاة الفجر والعشاء بسبع وعشرين، وبقية الصلوات بخمس وعشرين، وبعضهم قال: الصلاة الجهرية للجماعة بسبع وعشرين، والسرية بخمس وعشرين، على كلّ خمس وعشرون فما فوق ثواب صلاة الجماعة بحديث رسول الله.
 أحاديث كثيرة تبين أن الجماعة رحمة والفرقة عذاب، وأن همَّة الإنسان في الجماعة غير همَّته وهو منفرد، فأولاً: يخرج من البيت، موضوع النوم انتهى، ولا سيما في صلاة الفجر وصلاة العشاء، خروجه من البيت طرد عنه النوم، ذهابه إلى المسجد، هذه كلها قربات عند الله، بل إن أحد الصحابة الكرام أراد أن يبيع بيته ليشتري بيتاً ملاصقاً للمسجد، فالنبي الكريم قال: "مكانكم تكتب آثاركم"، كلما كان المكان أبعد كان الثواب أكبر.
 ثالثاً: إذا دخلت إلى المسجد صلّيت تحية المسجد.
 رابعاً: قد تستمع إلى قراءة مجوّدة من الإمام، وقد يقرأ الإمام في الصلاة ولاسيما في الفجر آيات كثيرة، بينما أنت قد لا تقرأ إلا أقصر السور، فالبيت مكان الراحة، والراحة تشدّك إليها، أما المسجد فمكان عبادة.

فضل صلاة الجماعة :

 هناك علماء فصَّلوا تفصيلات كثيرة جداً في فضل صلاة الجماعة، الحقيقة أبلغ ما في ذلك أنك حينما تأتي إلى المسجد تلتقي بأخيك، ولقاء الأخوة المؤمنين له آثار يانعة، فالقوي يأخذ بيد الضعيف، قد يكون أخ حاله مع الله كبير، فهذا الأخ المتألق المتوهج هذا الوهج والتألق والضياء يشع منه، لعل الآخرين يستفيدون منه، الإنسان مع الجماعة قد يسأل وقد يأخذ الجواب، قد يخطئ وقد يصحح الخطأ، مهما تحدثنا عن فضل صلاة الجماعة فالفضل أكبر، أما أقوى دليل على أقبلية صلاة الجماعة فهو أن النبي الكريم حينما كان يحارب العدو وفي اللقاء المباشر، المواجهة المباشرة، بالسلاح الأبيض، بالسيف، العدو وجهاً إلى وجه مع المسلمين، لا بد من صلاة الجماعة، والقرآن الكريم يحدثنا كيف نصلي صلاة الجماعة في أثناء القتال، الإمام يركع ومعه صف، وصف يحرس، ثم يأتي الذي لم يصلّ ويصلّ مع الإمام الركعة الثانية، فإذا كانت هذه الصلاة مشروعة في أثناء الحرب واللقاء مع العدو وفي المواجهة التامة فلأن تكون واجبة في السلم من باب أولى.
 الحقيقة المؤمنون قوتهم باجتماعهم، وسلامة دينهم باجتماعهم، وصوابهم بتبادل الرأي فيما بينهم، وكم من إنسان قبع في بيته، وصلّى في بيته، وبنى أوهاماً فوق أوهام، وأفتى بنفسه، فإذا هو بعد حين بعيد جداً عن منهج الله عز وجل، الإنسان وحده معه الشيطان، وقد يأتيه الشيطان عن يمينه، يفتي له الضرورات والمحظورات، يعطيه كلمات حق لكن أريد بها باطل، يعطيه تأويلات أو فتاوى أو تبريرات ما أنزل الله بها من سلطان، لكنك مع أخيك دائماً في صواب، لأن النبي الكريم يقول: " لا تجتمع أمتي على ضلالة " وذكرت لكم من قبل أن الجليس الصالح خير من الوحدة، الإنسان إذا لجأ إلى بيت من بيوت الله وله ثقة بهذا المسجد وبإخوانه وبمن يتكلم، فإذا وجدت الثقة وأنت انضممت إلى مسجد معنى ذلك أنت تحصّنت، الجماعة حصن، وهناك أمثلة كثيرة جداً، عمل غير تعبدي إذا كنت وحدك لا تفعله، لكن مع الجماعة تفعله، هناك نشاطات كثيرة عندما تكون وحدك لا ترغب بفعلها، لكن مع المجموع عندك هذه الهمّة، فالصلاة في المسجد لها طعم آخر، سماع القراءة من الإمام له طعم آخر، أن تلتقي بأخيك عقب الصلاة، وأن تسأله عن حاله، أحياناً يكون الإنسان بحاجة إلى فتوى، إلى حل مشكلة، أو حل قضية، هذا كله متوافر في المسجد، فالله عز وجل يقول:

(( يد الله مع الجماعة ))

[ رواه الحكيم وابن جرير عن ابن عمر ]

((... ومن شذّ شذ في النار ))

[ من الدر المنثور عن ابن عمر ]

التنافس و أهميته في الجماعة :

 هناك شيء اسمه التنافس وهو مهم جداً في الجماعة، الله عز وجل خلق الإنسان، الإنسان له خصائص، ذكرت لكم في درس سابق يوجد صفات ويوجد سمات، الصفات كثيرة، والسمات قليلة، كل عشرين صفة ترجع إلى سمة واحدة، أحد سمات النفس البشرية التنافس، هذا التنافس يُعَبَّر عنه بكلمات كثيرة، إذا كان في الدنيا حسد، وإن كان في الآخرة غبطة، فالإنسان بنيته أنه يغار، فإن كان يعيش وحده وكان مقصراً يبقى مقصراً، أما إذا انضم إلى جماعة يوجد إنسان متفوق عنه في حفظ القرآن مثلاً، أو في فهمه، أو له أعمال كالجبال، فأنت عندما تلتقي مع أخيك وتراه متفوقاً عليك بحكم جِبِلَّتِكَ النفسية ينشأ عندك ما يسمى بالغيرة، هذه الغيرة صفة حيادية، يمكن أن تُسْتَغَل في الدنيا فيكون الحسد والتنافس على حطام الدنيا، ويمكن أن تكون في الآخرة فتكون غبطة، على كل الأحوال الإنسان الذي لا يغار ليس من بني البشر، كل واحد منا من شأنه أن يغار، وهو أن يتمنى ما عند الآخرين، فإذا صبت هذه الغيرة على أمور الآخرة فنحن في حال طيب جداً، يقول الله تعالى:

﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾

[سورة المطففين : 26]

 بحكم خصيصة الغيرة حب التفوق، حب العلو، حب أن تكون الأول، هذه صفة في الإنسان، إذا صرفت إلى أمور الآخرة من نعم الله الكبرى، فالإنسان وحده لا يستطيع أن يوازن مع نفسه، قد يكون أسوأ إنسان فيوهم نفسه أنه إنسان عال، وهذا نجده كثيراً عند من لا يرتادون المساجد، الموبقات كلها يفعلها، وكل الملهيات في بيته، ويقول لك: أنا إيماني أقوى من إيمانك، لأنه بعيد عن الموازنة، لكن مع الجماعة تتحجم، والتحجيم مهمته أن تنطلق إلى مستوى أرقى، الإنسان إذا لم يتحجم لا يرقى، أما إن رأى نفسه في أعلى درجة من درجات الفهم والذكاء والحكمة بقي عند هذا الحال، فأكبر حافز للتفوق الجماعة.

 

الروح الجماعية :

 أنت عندما تلتقي مع إخوانك تجد من هو أعلم منك، ومن هو أورع منك، ومن هو أتقى، الأوَّاب والأكثر إقبالاً على الله عز وجل، هذا يدفعك إلى أن تتفوق، فالحقيقة الجماعة رحمة، بمعنى أنها تخلق حوافز، يوجد شيء اسمه روح جماعية، وهو غير التنافس.
 لو فرضنا أننا عرضنا قضية مهمة على إنسان وحده يتأثر بها، أما لو عرضناها على جماعة فنجد عدوى التأثر، يكون مستوى التأثر أعلى بكثير من المستوى الفردي، فهذا يعبر عنه بروح الجماعة، روح الجماعة عالية جداً، أحياناً تكون القضية صغيرة إذا طرحت مثلاً في مكان عام فظهر حماس انقلبت إلى عمل قد يكون كبيراً جداً، سببه روح الجماعة، فنحن نريد هذه الروح في الإيمان، في الاتصال بالله عز وجل، فالتنافس مع روح الجماعة العالية التي تصهر كل هذه المشاعر الصغيرة في بوتقة كبيرة وتضاعفها أضعافاً مضاعفة، والحديث عن الجماعة طويل.

((عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا، فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ ولا يُسْتَحْلَفُ، وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلا يُسْتَشْهَدُ، أَلا لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))

[الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ]

 أحياناً وأنت في المسجد تستشير أخوانك، النبي الكريم أُمِر أن يستشير أصحابه، قال تعالى:

﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾

[سورة آل عمران : 159]

 وصف المؤمنين بأنهم:

﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾

[سورة الشورى : 38]

 إذاً المشاورة والحوافز إلى التفوق وروح الجماعة.

 

مستوى الصلاة والعبادة أرقى في المسجد :

 ثم وأنت في المسجد أخوك إما أن يعينك وإما أن تعينه، إما أن يرشدك وإما أن ترشده، إما أن يأخذ بيدك وإما أن تأخذ بيده، حدثني أخ سافر إلى الصين نزل في بكين، قال لي: حرصت على أن أصلي في المسجد، بحث عن مسجد فوصل له وصلى، التقى بثلاثة ممن يحملون درجة الدكتوراه، وهم أساتذة في الجامعات، وهم مسلمون، قال لي: المودة والمراسلة والتعاون بقيت عشر سنوات بفضل هاتين الركعتين اللتين صليتهما في المسجد، التقى بإخوانه.
 أنا عندي عدة قصص نادرة أو هي غير نادرة، مثل أخ يسير قرب المسجد أدركه وقت الصلاة، فدخل وصلاه، ووجد درساً يلقى فاستمع إليه، وبقي يحضر هذا الدرس دائماً.
 يوجد قصتان أو ثلاث أو أربع بهذا القبيل، مرة أخ قال لي: سبب حضوري للدروس هو أنني كان لي مع أحدهم مبلغ من المال، وكان هذا الأخير يحضر الدرس عندك، جئت أطالبه به في المسجد، قال في نفسه: لا يمكن أن أطالبه به قبل الدرس، فاستمعت إلى الدرس فأعجبني، وبقيت بعدها أحضر الدرس منذ ثماني سنوات، الإنسان دخل لمرة واحدة يريد أن يطالب أحدهم بمبلغ من المال فانْسَرَّ، إذاً الجماعة رحمة، طبعاً يمكن أن نلخص روح التنافس، الروح الجماعية، التعاون، هذا كله في الصلاة، ثم إن مستوى الصلاة والعبادة أرقى في المسجد، وهناك ثواب بالذهاب إلى المسجد، ودخوله، وتحيته.
 وإن بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوّارها هم عمّارها، فطوبى لعبدٍ تطهر في بيته ثم زارني.

من نشأ في المسجد فله أخلاق متميزة عن بقية الناس :

 تصور إنساناً يقرأ في بيته ثم يضطجع على السرير وينام، أكثر الذين يقرؤون في البيت، السرير مريح وهو له رغبة بالنوم، أما لو درس في المكتبة فالجلسة على الطاولة، والجو الهادئ، والجميع يقرؤون تشعر أن عليك أن تقرأ، ممكن أن تقرأ ثماني ساعات دون ملل وأنت في المكتبة، أما وحدك في البيت فالسرير مغر، التسلية مغرية، تدخل للمطبخ كل ربع ساعة شيء مغرِ، أما تجلس في مكتبة عامة فتقرأ بثماني ساعات بشكل جيد، طبعاً نحن نحلل تحليلاً، أما النبي الكريم:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[سورة النجم: 3-4]

 عليكم بالجماعة، وكل إنسان مربى في مسجد له أخلاق متميزة عن بقية الناس، متميزة بشكل واضح وصارخ، لأن أي ليسانس في الجامعة دراسة أربع سنوات، وتقريباً في الأسبوع عشر ساعات، العام الدراسي ستة أشهر فقط، فإذا أنت كنت تأخذ بالسنة كل أسبوع أربع ساعات، معنى ذلك أربع ساعات أسبوعياً لستة أشهر، لك هنا في المسجد اثنتا عشرة سنة إذاً معك ثلاثة ليسانسات، ما الدراسة؟ هي سماع حقائق واستيعابها وحفظها، إما من الكتاب أو من المدرِّس، فكل إنسان يرتاد المساجد لا يسمى أمياً، هذا متعلم، ويتعلم أشرف كتاب في الأرض، كلام الله عز وجل، إذا إنسان متاح له أن يستمع إلى تفسير كلام الله، وتفسير حديث رسول الله، وإلى قراءة سير أصحاب رسول الله، وإلى تعلم الأحكام الفقهية، هذا جمع المجد من أطرافه كلها، والإنسان عندما يستقيم أصبح عند الله عالماً، لأنه كفى بالمرء علماً أن يخشى الله.

***

الغدة الصنوبرية :

 أخواننا الكرام؛ يوجد حقيقة أريد أن أقرأها لكم، قال: وسط الدماغ البشري غدة صغيرة حجمها بحجم حبة الذرة البيضاء، اسمها الغدة الصنوبرية، عالم كبير جداً عاش قبل أربعين عاماً في بلد متقدم جداً بالمعنى المادي طبعاً، يقول لطلابه - وهذا كلام أحد طلابه بالحرف الواحد- : إن الغدة الصنوبرية غدة عديمة النفع والفائدة، ولا وظيفة لها، ولا نشاط لها، وليس لها أدنى دور في جسم الإنسان، ليس كلام إنسان عادي، كلام أكبر علماء الطب في بلد متقدم جداً، وقال هذا الكلام بالحرف الواحد، ما الذي حصل؟ في عام خمسة وتسعين صدرت دراسة عن هذه الغدة، هذا الكلام من عشر سنوات تقريباً، قال: هذه الغدة من أغرب ما فيها أنها تفرز هرموناً موجوداً في النبات والحيوان والإنسان، هرمون مشترك بين الإنسان والحيوان والنبات شيء غريب، وهذا الهرمون له فعالية في الجسم عجيبة جداً، يساعد الجسم على مكافحة الجراثيم والفيروسات، وعلى النوم المريح، وعلى تحسين نوعية النوم، يساعد الجسم على الإقلال من حدوث أمراض الشرايين والقلب، يخفف أعراض السفر البعيد، يزيد في حيوية الكائن الحي، وفي قوة عضلاته، يكاد هذا الهرمون يكون العنصر الأول في حيوية الإنسان، وصحته، وسلامته، وسلامة وظائف أعضائه. ماذا قال عنها العالم الكبير؟ قال: إن هذه الغدة عديمة النفع والفائدة، ولا وظيفة أو نشاط لها، وليس لها أدنى دور في جسم الإنسان، فليس كل شيء نقرؤه صحيحاً، هذا كلام عالم مختص بعلم الطب، بحسب علمه المحدود ما وجد بهذه الغدة فائدة، فقال هذا الكلام لطلابه في الجامعة، مؤلف هذا الكتاب الذي أخِذَت منه هذه الحقيقة أحد تلامذة هذا الطبيب أو الأستاذ الجامعي البروفيسور، فقِس على ذلك لو أنت الآن قرأت كلاماً علمياً يتناقض مع القرآن لعله من هذا القبيل، لعل هذا الذي قاله لم تكشف له بعد الحقيقة، وكم من حقيقة لم تكشف إلا بعد حين.

 

النبي الكريم لا ينطق عن الهوى :

 كان هناك طبيب في جامعة دمشق يعتقد أن النبي عندما قال:

(( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ))

[الترمذي عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ]

 فهو يعتقد من خلال هذا الحديث أن شرب الماء مع الطعام لا يؤذي، مع أنه خلال ثلاثين عاماً سابقة هناك حقيقة ثابتة أنه يجب أن تقلل من شرب الماء مع الطعام لأن الماء يمدد العصارة الهاضمة، فإذا مددها ضعُف مفعولها، وينصح الأطباء بالشرب بعد الطعام بثلاث ساعات، هذا كلام يقولونه خلال ثلاثين عاماً، الآن اكتشف قبل سنة أو سنتين أن شرب الماء مع الطعام يفيد في فاعلية الهضم، فالطبيب معتمد على حديث نبوي فقط، لكن النبي لا ينطق عن الهوى، الشيء الذي جاء به النبي ليس من عنده، بل هو من عند الله عز وجل، فله توجيهات لا يمكن أن تفسّر في ضوء العلم إطلاقاً، لم تكن هناك هذه المعلومات الآن فسّرت، إذاً توجيهات النبي من عند الله عز وجل.

 

تطابق العلم مع القرآن و السنة :

 هناك من علماء العقيدة من يقول: الوحي وحيان، وحي متلو وهو القرآن، ووحي غير متلو وهو حديث رسول الله، في هذا الموضوع لفت نظري أن غدة بهذه الخطورة هرمونها موجود في النبات والحيوان والإنسان، وله دور كبير جداً وفعّال، وغابت هذه الحقيقة عن علم أكبر عالم بالطب وقتها في أكبر جامعة في أوربا، والآن كشف العكس، ماذا يمنع أن تنسحب هذه الحقيقة على شيء نسمعه الآن غير صحيح؟ فما كل شيء ذكره الإنسان قد يكون صحيحاً، الله عز وجل قال:

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

[سورة الإسراء: 85]

﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾

[سورة يوسف: 76]

 وآلاف النظريات ثبتت بطلانها بعد مرور الزمن، القمر انفصل عن الأرض، بعد أن وصل الروّاد إلى القمر وجاؤوا بتربة القمر، لا علاقة لتربة القمر بالأرض إطلاقاً، فهذه النظرية نظرية الانفصال ثبت أنها غير صحيحة، فأنا لا أريد أن أشكك بكل شيء نقرؤه لكن دع احتياطاً بالمئة عشرة أن تكون هذه المقولة غير صحيحة، دائماً الأصل هو القرآن الكريم، فالعلم إذا وافق القرآن نال استحساناً، أكثر الناس بالعكس مساكين يعد العلم هو الأصل، فإذا جاءت حقيقة علمية وفق القرآن يفرح كثيراً لأنه وافق العلم، بل على العكس يجب أن تفرح إذا كان العلم موافقاً للقرآن، الأصل هو القرآن، القرآن كلام خالق الأكوان، وحديث النبي كلامه سيد الكائنات، فإذا كان العلم تطابق مع القرآن والسنة مع ذلك أن العلم جيد، أما إذا لم يتطابق فعليه استفهام كبير جداً، فلذلك أي شيء نقرؤه يخالف الكتاب والسنة معنى ذلك أن هناك قصوراً في الفهم، وهذا الدليل، قضية علمية اختصاصية بالطب، ولا علاقة لها بالدين، لكن عالماً كبيراً يقول: هذه الغدة عديمة النفع ولا فائدة لها إطلاقاً، لم يعطها أي فائدة، والآن هي أخطر غدة وهذه فوائدها وهرمونها موجود في الحيوان والنبات والإنسان. والحمد لله رب العالمين.
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .

 

تحميل النص

إخفاء الصور