وضع داكن
23-04-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 16 - نعمة الصحة والفراغ.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الصحة و الفراغ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس :

 أيها الأخوة الكرام؛ لا زلنا مع الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه. فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ))

[البخاري عن ابن عباس ]

 ما معنى الغَبْن؟ الغبن أن تبيع شيئاً نفيساً بثمن بخس، وهذا الشيء صار في حين من الوقت، إنسان اشترى بيتاً بعشرين ألفاً، وسافر سفراً طويلاً، رجع، لم يعرف الأسعار، فعرض البيت للبيع فأتاه أول سعر عشرين ضعفاً عن شرائه، فباعه على الفور، والبيت صار ثمنه مئة ضعف، بعدما باعه بمليون علم أن سعره خمسة ملايين، كم يتألم؟ شيء ثمنه خمسة ملايين وهو في أمس الحاجة لهذا المبلغ باعه بالخُمس فرضاً.
 فالغبن أن تبيع شيئاً نفيساً بثمنٍ بخس، لجهلٍ، أو لضغطٍ، أو لأسبابٍ أخرى، فالصحة كيف تُباع؟ والفراغ كيف يباع بثمنٍ بخس؟
 قد تجد شخصاً عنده وقت فراغ، كثير من الناس يتقاعدون، فتجده يقرأ في المجلات، يلعب طاولة، يتابع مسلسلات، يقول لك: ضاق خلقي، هذا الفراغ الذي يمكن أن تكون صدِّيقاً فيه، تكون عَلَماً من أعلام الأمة، تكون أكبر عالم بالفراغ، أضعته بقراءة المجلات، وبمتابعة المسلسلات، ولعب الطاولة والشدة، نعوذ بالله من ذلك، باع هذه النعمة العظمى بثمن بخس، أو نوم للظهر، استرخاء، سهر في كلام فارغ، وقت الفراغ ثمين، فكم إنسان لديه وقت فراغ؟ كم بيت من بيوت المسلمين فيه طاولة؟ تسعون بالمئة، ويسهر للساعة الواحدة أو الثانية، شيء ليس له نهاية، طريق مسدود، فهذا الذي غلبته أو غلبك بالنهاية، هذا الذي يبيع هذا الفراغ الثمين،.

 

الكفاية أهم سبب من أسباب الفراغ :

 العلماء قالوا: ما أسباب الفراغ؟ الكفاية، من لوازم الفراغ الكفاية، لولا أنك مكْتف في رزقك لما كان عندك وقت فراغ، لو شخص لا يجد أن يأكل يجب أن يعمل..

(( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ))

[البخاري عن ابن عباس ]

 قال: قد يكون المرء مَكْفِياً، وفارغاً، وليس صحيح البدن، هذا مشغول بالأدوية، والتقارير، والتحليلات، والمِرْنان، والإيكو، والتحليل، والسفر، أعرف رجلاً عنده محل وعنده بيت، وكل أموره منتظمة، قال لي: أنا أحب الأفلام جداً، كل وقتي بالأفلام، فماذا أقول له؟‍‍! بعد ذلك صار معه مشكلة بقلبه، دخل في دوَّامة، أمضى وقته كله من طبيب إلى طبيب، من تحليل، إلى مستشفى، إلى سفر، إلى إقامة، إلى سؤال، المرض يجعل الإنسان يدخل في دوامة كبيرة جداً، وتسمع آراء متضاربة، وليس لك ثقة بالأطباء، وطبيب أعطاك شيئاً خلاف الطبيب الثاني، فيوقعك بحرج، لا الأول طبب بشكل صحيح، ولا الثاني طبب بشكل صحيح، والدواء يا ترى مفعوله جيد، أيضاً دخل في دوامة.
 فنعمة الصحة ونعمة الفراغ نعمتان عظيمتان جداً، قد تكون هاتان النعمتان سبب سعادتك في الدنيا والآخرة، فارغ، أي لا يوجد عندك مشكلة أي مكتف، هناك شخص لا يستطيع الرجوع إلى بيته قبل الساعة الثانية عشرة مساءً، عمل مجهد، وإنسان يشتغل ثماني عشرة ساعة ليأكل، يوجد محلات تريد دواماً طويلاً، وهناك بيع بالطريق، وسفر شاق، فالذي عنده فراغ معنى هذا أن عنده دخل يسد حاجاته، وزاد معه وقت فراغ.

 

من لا يملك وقت فراغ ليس من بني البشر :

 بالمناسبة الذي لا يوجد عنده وقت فراغ ليس من بني البشر، بمعنى لا يعيش لهدف، فالذي عمله استغرق كل وقته هذا أكبر خسارة، لو در لك عملك مئات الملايين، العمل الذي يمتصُّ كل وقتك هذا أكبر خسارة، لأنه ألغى وجودك الإنساني، ألغى هدفك الكبير، ألغى الرسالة التي تحملها، يقول لك: خرجت قبل أن يستيقظوا، ورجعت بعدما ناموا، العمل الذي يمتص كل وقتك يعد أكبر خسارة، لأنه ألغى لك وجودك، ألغى لك عملك للآخرة، لابدَّ من وقت فراغ، تجلس في مجلس علم، تتنور، تعرف سرّ وجودك، غاية وجودك، الذي خلقك ماذا يريد منك؟ لماذا أنت على وجه الأرض؟ ماذا ينبغي أن تعمل؟ فدرس العلم يعرفك بذاتك، يعرفك بربك، يعرفك بمنهج الله، يعرفك بأبطال المسلمين، فتعمل موازنة بينك وبينهم، أين أنت منه؟ ماذا فعلت؟ ماذا قَدَّمْتَ للأمة؟

نعمة الصحة من أعظم النعم التي يتمتع بها الإنسان :

 مرة أحد أخواننا الكرام الذين يرتادوا المسجد توفي، معرفتي فيه محدودة جداً، يصلي، يأتي إلى الدرس من حين لآخر، فذهبت إلى تشييع جنازته، وقَّف أحد علماء دمشق أَبَّنَهُ بالمسجد، قال: أخوكم أبو فلان كان مؤذناً ترحموا عليه، أقل من ثلاثين ثانية، فصار معي صدمة أنه هل من المعقول إنسان يتأبَّن بثلاثين ثانية؟! بعد ذلك فكَّرت فوجدت أن حياته من أعلى مستوى دنيوياً ولكن يبدو أنه لم يترك أثراً واضحاً، كان مؤذناً يؤذن وكان صوته حسناً فقط، فإذا شخص موضوع بالنعش، إذا قلت: بيته مساحته ستمئة متر، لن يستفيد شيئاً، إذا قلت: عنده ثلاث سيارات، ليس لها معنى، إذا قلت: ما ترك مكاناً بالعالم لم يزره، هذا الكلام لا يقال بالتأبين، فتأمَّلت إذا أردنا أن نتكلم عن هذا الإنسان فماذا سنقول عنه؟ ليس له أي أثر، قد يكون صالحاً لكن ليس له أثر، فأنا انتبهت أن الشخص يعمل عملاً حتى يتكلَّموا عنه بدقيقة فقط، إذا مات يتكلم عنه بدقيقة، بستين ثانية.
 نحن منذ ثلاثين سنة نتكلم عن رسول الله، ولم ننته، ولم نعرف شيئاً من كماله، ولا من شمائله، ولا من دعوته العالية، ولا من محبته لله عزَّ وجل، فالإنسان يجب أن يكون طموحاً، يعمل عملاً يذكر خلال دقيقة فقط، والله عمل كذا وكذا وكذا، فهذه نعمة الصحة، الإنسان ليس مضطراً أن يغير دسَّامات قلبه، ليس مضطراً أن يعمل زرع مفصل، ليس مضطراً أن يعمل استئصال عضو من أعضائه، مستقيمه لا يعاني من ورم خبيث، هناك أمراض تنسيه كل أمور الدنيا، فالذي عنده جاهزية صباحاً، لا يعاني من شيء، يقف صباحاً، يمشي، إذاً لا يعاني من أي شيء، ينظر بعينه، يسمع، يتكلم، فهل هذه النعمة قليلة أن تسمع وتتكلم؟ تتكلم، تسمع، تمشي، الأجهزة سليمة، طريق الهضم سالك، طريق البول سالك، الرئتان تعملان بانتظام، القلب يعمل بانتظام، معنى هذا أنك بنعمة كبرى، نعمة الصحة.
 والإنسان إذا دخل بالطب فهذا موضوع كبير، معالجات، ونفقات، مرة قال لي شخص: أنا عملي مسافر- قالها كنكتة: أنا عملي مشي بالشموس، ومعاشرة تيوس، ودفع فلوس- فعلاً كلامه مضبوط، يوجد سفر شاق، أحياناً تتعامل مع أناس من الطبقة الدنيا في المجتمع، كلام كبير، وفظاظة، وغلظة، وجحود، وثِقَل.

أهداف المؤمن أكبر من حاجاته :

 إذا الإنسان كان عنده وقت فراغ يسمع درس علم، عنده وقت فراغ يقرأ القرآن، عنده وقت فراغ يزور أخاً في الله، عنده وقت فراغ يقوم بالدعوة إلى الله، إذا عنده وقت فراغ يجمع أصدقاءه، أو إخوانه، أو أولاده، أو من يلوذ به، بالأسبوع جلسة يقرؤون صفحة قرآن ويشرحوها.
 فهذه نعمة الفراغ أخواننا الكرام نعمة لا تعدلها نعمة، أنت بهذه النعمة تؤكِّد أنك إنسان، تؤكد أنك مخلوق لرسالة، تؤكد أنك مخلوق لهدف كبير، تؤكد أنك تسمو في أهدافك عن حاجاتك اليومية، يوجد إنسان صغير جداً، إذا اشترى بيتاً وتزوج انتهى، فلا تراه أبداً، عنده هاتان المشكلتان يكون عنده مأوى وزوجة، اشترى بيتاً، وتزوج، وضعها وجلس، أين أنت؟ مشغول، الزوجة أنهت وجوده كلياً، وقد تكون دون الوسط، وليس فيها شيء زائد يلفت النظر، لكنها ألغت وجوده، بيته صغير أنهى له وجوده.
 فالمؤمن أهدافه الكبيرة أكبر من حاجاته، صاحب رسالة، يعيش لمبدأ، يعيش لعمل صالح، ينفق وقته بسخاء لهدفٍ نبيل، فنعمة الفراغ نعمةٌ لا تعدلها نعمة.
 يوجد شخص يأتي إلى البيت ليتناول طعام الغداء، وبعد العصر لا يوجد عنده شيء، هذه نعمة لا تقدَّر بثمن، ممكن بالعصر أن تزور أقرباءك، ممكن أن تحضر درس المغرب في جامع، ممكن أن تسهر مع إخوانك سهرة لطيفة للساعة العاشرة، وهناك شخص لا يوجد عنده إمكانية، فنعمة الفراغ احفظوا هذه النعمة، ولا تبيعوها بثمن بخس، لا تبيعوها بكلام فارغ، لا تبيعوها بنوم مديد، لا تبيعوها بعمل سخيف، لا تبيعوها بالقيل و القال، لا تبيعوها بأشياء لا تنتهي، أكثر الناس مشغولون بهذه المسلسلات، وبالنهاية كله مثل بعض، أنت هل ينقصك هموم لتحمل هموم الفيلم أيضاً؟ هكذا الناس في دوَّامة، فنعمة الفراغ هذه نعمة عظمى تجعلك من كبار المؤمنين، ونعمة الصحة، لا يوجد عندك مشكلة صحية، لذلك قال: هاتان النعمتان شكرهما.. كيف تبيع هاتين النعمتين بثمن باهظ لئلا تكون مغبوناً فيهما؟ تبيع هاتين النعمتين بثمن باهظ حينما تشكر الله، كيف تشكره ؟ قال: باتباع أمره واجتناب نهيه، إذا اتبعت أمر الله واجتنبت نهيه فقد بعت هاتين النعمتين بثمنٍ باهظٍ جداً، من فَرَّطَ في ذلك فهو المغبون، ومن باعهما بثمنٍ غالٍ بأن شكر الله عليهما فأطاعه في أمره واجتناب نهيه فهو المغبوط.

الفرق بين المغبون و المغبوط :

 الآن نفرق بين مغبون ومغبوط، إذا بعت هاتين النعمتين بثمنٍ بالغ كبير جداً، بأن شكرت الله عليهما، وامتثلت أمر الله، واجتنبت ما نهى عنه فأنت المغبوط، إن بعتهما بثمنٍ بخسٍ فأنت المغبون، وإن بعتهما بثمنٍ باهظٍ فأنت المغبوط، قال أحد العلماء وهو ابن الجوزي: " قد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً لشغله بالمعاش "، هناك شخص صحته مثل الحصان، مشغول، لا يوجد لديه وقت فراغ أبداً، ليس لديه وقت ليحضر مجلس علم، هذا مشكلته كبيرة جداً، لأن بعد هذا العمل يوجد صدمة، فهل من الممكن أن يستيقظ الإنسان كل يوم وهو سالم؟ مستحيل، يمشي بطريق العمل، فجأةً عنده مشكلة صحية، دخل بمتاهة ثانية، انتهت بالموت، فيكون أكبر خاسر، لأنه كان غافلاً، كان غافلاً عن أخطر حدث بحياته، فقال: " قد يكون المرء صحيحاً وهو مشغولٌ بمعاشه، وقد يكون مستغنياً ولا يكون صحيحاً " عنده وقت فراغ لكن ليس صحيحاً، شغله مرضه، إما المرض يشغل الإنسان أو العمل، قال: فإذا اجتمعا - صحيح وفارغ - غلب عليه الكسل على الطاعة فهو المغبون.. أي إما صحيح مشغول، أو فارغ معلول، وإذا كان صحيحاً وفارغاً كسولاً فهو مغبون.
 يقول عليه الصلاة والسلام:

(( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ))

[البخاري عن ابن عباس ]

 من أين جاء بهذا الحديث عليه الصلاة والسلام؟ قال:

﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾

[سورة سبأ: 13]

 لأن الله عزَّ وجل يقول:

﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾

[سورة سبأ: 13]

 الآن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقَم، هذا معنى: ثم ماذا؟ فأنت لا يوجد عندك شيء وبعد ذلك؟ الفراغ ينتهي بالشغل، أغلب الظن ينتهي الفراغ بالشغل، والصحة تنتهي بالسقَم، معنى هذا أن الفراغ ينتهي و الصحة تنتهي، لابدَّ من ذلك، فإذا لم تكن مستغلاً هاتين بعمل صالح فأنت مغبون.

 

الكفاية والصحة والفراغ والأمن رأسمال الإنسان في الدنيا :

 الآن يوجد شيء ثان؛ رأسمالك في الدنيا الصحة والفراغ، فالمؤمن يحافظ على رأسماله، وينمِّيه، ويستهلك من أرباحه لا من رأسماله، أما إذ كان في جهل فتجده يضيع رأسماله مع ربحه، فأخطر شيء في هذا الدرس أن وقت الفراغ يجب أن تستغله في معرفة الله، وأن تستغله في طاعة الله، وأن تستغله في التقرُّب إلى الله، عندئذٍ تكون غير مغبونٍ فيه، والصحة كذلك، فكم من إنسان صحيح معافى فارغ ؟ هذه نعمة كبيرة، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾

[سورة التكاثر: 8]

 قال بعضهم: شرب الماء البارد نعيم، يكون لك مأوى نعيم، يكون لك أهل نعيم، مكتف بدخلك نعيم، فارغ نعيم، آمن نعيم، نعمة الأمن، ونعمة الصحة، ونعمة الفراغ، ونعمة الكفاية، أربع نِعَم، الكفاية، والصحة، والفراغ، والأمن، نعمة الأمن، لست ملاحقاً، إضبارتك نظيفة لا يوجد عليك شيء، تسافر، تروح، تأتي، ليس لك عدو، هذه نعمة كبيرة جداً، أنت آمن، وفارغ، وصحيح، ومكتف، والله عزَّ وجل قال:

﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾

[سورة الصف : 10]

 رأسمالك..

﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

[سورة الصف : 11]

الإيمان أعظم نعمة يتمتع بها الإنسان :

 العلماء اختلفوا في أول نعمة، قالوا: الإيمان أول نعمة، وثاني نعمة الصحة، والثالثة الكفاية، الإيمان، والصحة، والكفاية، فإن كنت مؤمناً فهذه نعمة عظمى، لأنه قيل: تمام النعمة الهُدى، والأصح من ذلك أن الهدى واحد، المال أمامها صفر صاروا عشرة، مثلاً الأهل صفر ثان، صاروا مئة، الأولاد صفر ثالث، اسحب الإيمان فلن تجد سوى أصفاراً، إذا سحبت رقم واحد أي الإيمان كل شيء أمامه يصير أصفاراً، أما الصحة مع الإيمان فنعمة كبيرة، إنسان عنده أهل مع الإيمان نعمة كبيرة، فهذا موضوع الحديث موضوع خطير:

(( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ))

[البخاري عن ابن عباس ]

***

أهداف الماء :

 وردت آية عن الماء بسورة الفرقان يقول الله عزَّ وجل:

﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً﴾

[ سورة الفرقان: 48-49]

 فأهداف الماء ثلاثة، التطهير، وسقيا المزروعات، والشرب للإنسان والحيوان، فهو كلام معجز، لولا الماء لا يوجد طهارة إطلاقاً، الماء مذيب، سريع التبخُّر، لو كان له لون، كل شيء غسلته بالماء صار زهري اللون، لو كان له طعم كل الطبخ يصبح بطعم واحد، لا طعم له، ولا رائحة، ولا لوناً، سريع التبخُّر، كثير السيولة، يدخل بأدق المسام، يغلي بدرجة مئة، لو كان مثل الزيت يغلي بالدرجة ألف وخمسمئة كان سيحرق كل الأكل، تضع الطعام على النار تروح و ترجع تجده قد احترق، درجة غليانه درجة ثابتة، لا تتجاوز المئة، فأولاً: ليطهرنا به، ولسقيا المزروعات لنمو النبات، ولنشربه نحن وأنعامنا.

 

تحميل النص

إخفاء الصور