وضع داكن
19-04-2024
Logo
رمضان 1420 - خواطر إيمانية - الدرس : 31 - من سورة النور - حديث الإفك.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

المعصية قضية خطيرة جداً :

 أيها الأخوة الكرام؛ الآية الثالثة من آية النور:

﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[سورة النور : 3]

 ذكرت البارحة أنه قد يحصل أن يتزوج زانٍ بفتاةٍ لم تزنِ، فكيف نفسر هذه الآية؟ قال علماء التفسير: الفتاة التي ترضى أن يكون زوجها زانياً، والزنا عندها ليس بشيء فهي في حكم الزانية، والزاني الذي يرضى بامرأةٍ زانيةٍ، والزنا عنده ليس بشيء، فهو بحكم الزاني، ففهم من هذه الآية أنه قد يقترف الإنسان معصيةً فيوصف بها، وقد لا يقترفها، لكنه يرضاها، فيوصف بها، قضية أن ترضى بمعصية، وألا يكون لهذه المعصية شأنٌ عندك هذه قضية خطيرة جداً، فالذي يرضى بامرأة زانية، ولا يعبأ بتاريخها السيئ، طبعاً إن تابت وضع آخر.
 جاء رجل إلى سيدنا عمر، ذكر له أن أخته زنت، فأقيم عليها الحد، وتابت وجاءها خاطب، أفيذكر له ما كان منها؟ قال له عمر: والله لو ذكرت له لقتلتك، إذا الإنسان تاب موضوعٌ ثان:

(( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ))

[الطبراني عن عبد الله بن مسعود ]

 أما إنسانة تفتخر أنها زانية، وجاء من يخطبها، ورضي بها، فهو عند الله زان، والعكس صحيح. إذاً اقتراف الذنب، أو أن ترضى به، أو أن تفتخر به وإن لم تقترفه هذا يضعضع سلامة المجتمع.
 لذلك من غاب عن معصية فرضيها كمن شهدها، ومن أنكر معصية وشهدها كمن غاب عنها، هذه واحدة.

 

لكل واقع حكمة :

 الشيء الثاني: حديث الإفك معروفٌ عندكم، ولكن كتعليق أن السيدة عائشة انفرط عقدها، فبحثت عنه، ففاتها الركب، فكان حديث الإفك، أليس من الممكن ألا ينفرط عقدها والحديث لا يقع إطلاقاً؟ السيدة عائشة حملت في الهودج، رفع الهودج، فظنوا أن فيه عائشة، لو أنهم تأكدوا، وبحثوا عنها، ما كان هناك حديث إفك، انتهى الحديث.
 مرة ذكرت اثني عشر سبباً لو لم تقع- كلها أسباب صغيرة جداً- لما كان هذا الحديث، والحديث خطير جداً، كيف نفسر ذلك؟ الحقيقة أن لكل شيءٍ حقيقة وحقيقة الإيمان أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فالشيء الذي وقع لا يمكن أن يقع إلا لحكمةٍ بالغة، والشيء الذي لم يقع لا يمكن أن يقع، هذه حقيقة الإيمان إذاً يستنبط أن لكل واقعٍ حكمة، الموقِع قد يكون غير حكيم، إلا أن الشيء ما دام الله سمح أن يقع ففيه حكمة، هذا شيء يبعث في النفس الطمأنينة، ما دام الله سمح أن يقع هذا الشيء فهذا الذي وقع لابد أن يقع، ولو لم يقع لكان الله ملوماً لأنه لم يقع، هذا الذي وقع لابد من أن يقع، ولو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله عز وجل، هذا التسليم التوحيدي مريح جداً، فحديث الإفك خطير جداً، زوجةٌ مؤمنةٌ شريفةٌ، طاهرةٌ، حصينةٌ، تتهم بالزنا وهي امرأة النبي عليه الصلاة والسلام؟! قال:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً ﴾

[سورة النور : 11]

 ما دام وقع ليس بشر، هذا القانون مريح، ما دام وقع ليس بشر، وسع هذا المثل صار مثلاً اجتياح، صارت حرب، صار قحط، مادام وقع هذا الشيء إذاً هو ليس بشر، ما دام سمح الله أن يقع إذاً فيه خير، قد لا يكشف وجه الخير الآن، لكن بعد حين نكتشف وجه الخير.
 ذكرت لكم أن إنساناً تكلم عن قطر عربي إسلامي، أصابته الويلات، أصابه من الهلاك ما لا يعقل، قال بالحرف الواحد في المؤتمر: إن الذي أصاب هذا البلد لم يصب به المسلمون مجتمعين في خمسين عاماً- كلام مؤلم جداً- حصار، موت أطفال، ارتفاع أسعار، مرض، قهر، فقر، ثم قال: لكن هذا البلد قفز في الإيمان قفزةً، وقد أقسم بالله لن تكون هذه القفزة ولا بثلاثمئة عام.
 إذاً مادام وقع سمح الله به، وما دام قد سمح الله به فهناك حكمةً بالغة، هذا حديث الإفك أصاب النبي.

 

التوحيد لا ينفي المسؤولية :

 الآن قال تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

[سورة النور : 11 ]

 في هذه الآية ملمح رائع، أي التوحيد لا ينفي المسؤولية، التوحيد وقع بأمر الله، أما هذا

﴿ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

  فكل إنسان يغلط، يقول لك: هكذا يريد الله، ألهمني الله أن أفعل هكذا، ماذا نفعل؟ ترتيبه، هذا إنسان ليس على ما يرام، هذا الكلام يتناقض مع القرآن مع أن الله قال: الإفك

﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ ﴾

  ثم قال:

﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

 سيدنا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه سأل امرأته يا فلانة لو كنت مكان عائشة أتقترفين الفاحشة؟ قالت: لا والله، قال: عائشة أفضل منك، انظر القياس اللطيف، ثم سألته: يا أبا أيوب لو كنت مكان مسطح أترتكب الفاحشة؟ قال: لا والله، قالت له: مسطحٌ خيرٌ منك، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً ﴾

[سورة النور : 12]

 رأيت المؤمن؟ أنت مؤمن، أنت لا تأكل قرشاً حراماً، تتهم أخاك؟ مثلما أنت مؤمن هو مؤمن، كما أنك تخاف الله هو يخاف الله، كما أنك ترجو رحمته هو يرجو رحمته، هذا القياس الرائع، قالت له: ومسطح خيرٌ منك، وقال لها: وعائشة خيرٌ منك:

﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾

[سورة النور : 15 ]

 أي سيدنا رسول الله صاحب دعوة كبيرة جداً، فإذا طعن في أخلاق زوجته الدعوة كلها زلزلت، أهل بيت النبي جزءٌ من الدعوة، لا يوجد فصل، فكل إنسان من دون أن يتأكد عندنا مشكلة تلقى التهم هكذا جزافاً، من دون تأكد، من دون تحقيق، من دون بحث، هذا عمل شيطاني، أن تلقي بتهمةٍ وأنت لست متأكداً منها.

 

علامة إيمان المؤمن أنه يفرح لفرح أخوته و يحزن لحزنهم :

 الشيء الخطير جداً أنه يوجد أشخاص ما فعلوا شيئاً، ولا تكلموا بكلمة، ولا حركوا عيونهم، ولا حركوا أيديهم، ولا فعلوا شيئاً، إلا أنهم حينما سمعوا حديث الإفك ارتاحوا، إذا الإنسان عنده هذا الموقف، إذا إنسان مؤمن يكون قد انكشف، تدمر وارتاح، يجب أن يعد نفسه مع الكفار والمنافقين.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ﴾

[سورة النور : 19]

 ماذا فعلوا؟ فقط أحبوه، لم يفعلوا شيئاً:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾

[سورة النور : 19]

 أنت كمؤمن حقيقي صادق تحب أن يكون أخوانك المؤمنين أعفةً، أن تكون سمعتهم نقية، أن يكونوا ناجحين في حياتهم، هذه علامة إيمانك، فإذا فرحت بمصائبهم فأنت مع المنافقين ورب الكعبة، هذا مقياس دقيق، راقب نفسك أيؤلمك أن يتفوق أخٌ عليك؟ أيؤلمك أن يغتني أخٌ؟ أيؤلمك أن يتسلم أخ منصباً رفيعاً؟ أيؤلمك أن يشتري أخ بيتاً؟ إن آلمك هذا فأنت مع المنافقين، أيؤلمك أن يدمر أخ؟ ترتاح؟

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾

[سورة النور : 19]

من يحسن مع الآخرين فعليه أن يتمم إحسانه :

 الآن أضعكم أمام مشكلة؛ إنسان قد يسيء لك إساءةً بالغة، لكن أعتقد أنه لا يوجد إساءة على الإطلاق أكبر من إنسان يتهم ابنتك بالزنا، وهو مرتاح، يشيع هذا الخبر بين الناس، أعتقد أي إساءة أقل من هذه الإساءة، فهذا الذي اتهم السيدة عائشة بالزنا، كان الصديق أبوها يبره، يعطيه مساعدات، سيدنا الصديق بشر، فحينما بلغه أنه أشاع هذه الفاحشة على ابنته، وهو موقنٌ من طهارتها، نوى ألا يعطيه المال بعد ذلك، فجاء العتاب الإلهي:

﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾

[سورة النور : 22]

 فكان يبكي الصديق ويقول: بلى أحب أن يغفر الله لي، فهذا الإيمان، إنسان اتهم ابنتك بالزنا يجب أن تكرمه، وأن تتابع إكرامك له، لأنك إن فعلت هذا تفعل هذا مع الله، فالقضية ليست دين ووفاء كما يفهم العامة، القضية إحسان.

 

الطيبون للطيبات حكم تكليفي و ليس تكوينياً :

 يوجد نقطة مهمة جداً يسيء المؤمنون فهمها وهي قوله تعالى:

﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

[سورة النور : 26]

 أحياناً يلفت نظري عرس مختلط، يقام في فندق فخم، وتدار به كؤوس الخمر، ويؤتى بالراقصات، والنساء شبه عرايا، وعلى بطاقة الدعوة:

﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ﴾

  أيُّ طيبون وأيُّ طيبات، فهنا:

﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ﴾

 معناها أنه ينبغي أن يكون

﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ﴾

  هذا ليس حكماً تكوينياً، بل هو حكم تكليفي، لو كان حكماً تكوينياً من فعل الله ينبغي ألا ترى امرأةً طيبةً مع رجل سيئ، وألا ترى امرأةً سيئةً مع رجل طيب، ولكن هذا واقع، معنى ذلك أن هذا حكم تكليفي، وليس حكماً تكوينياً، الله أمرنا أن نتخير للمرأة الطيبة إنسان طيب، وللشاب الطيب امرأةً طيبة.

 

الشهوة الجنسية دافعها خارجي أما الأكل والشرب فدافعهما داخلي :

 يوجد نقطة مهمة هي أن الإنسان حينما يجوع، أو حينما تجلسه في غرفةٍ ولا يرى طعاماً، ولا يشم رائحته، ولا بسمع به يجوع، لو لم يرَ طعاماً، لو لم يشم رائحة الطعام، لو لم يسمع بالطعام يجوع، معنى هذا أن الجوع داخلي، لذلك الإنسان في حالاتٍ نادرةٍ جداً لو أشرف على الموت بإمكانه أن يأكل لحم الخنزير:

﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾

[سورة البقرة: 173 ]

 لكن لا يوجد عندنا زنا اضطراري، السبب لأن الزنا دافعه خارجي، لذلك قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

[سورة النور : 30]

 الشهوة الجنسية دافعها خارجي، تحتاج إلى إثارة خارجية، أما الأكل والشرب فالدافع داخلي، ففي مجال الطعام سُمح للمؤمن إذا أشرف على الهلاك أن يأكل لحم الخنزير، لكن لم يسمح لإنسان أن يزني اضطراراً، والدليل:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

  وما قال: ويحفظوا من فروجهم، أما:

﴿ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

 لك أن تنظر إلى أمك، وأختك، وزوجتك، وعمتك، وخالتك، وابنة أخيك، وابنة أختك، إذاً غض عن بعض النساء، وهناك غض زمني، لو شخص شاهد امرأة فجأةً، صرف بصره، لكن لمحها، وغض نوعي، الإنسان إن نظر إلى محارمه ينبغي ألا يدقق في التفاصيل، أخته، ابنته، ينبغي ألا يدقق في التفاصيل، نظرة إجمالية، مسموح له بنظرة إجمالية، أما النظرة التفصيلية فهذه ممنوعة، إذاً جاء الغض بكلمة:

﴿ مِنْ﴾

﴿ يَغُضُّوا مِنْ ﴾

  لكن لا يوجد وليحفظوا من فروجهم، لو كان من فروجهم، هناك شيء اسمه زنا اضطراري، لأن الزنا دافعه خارجي، وهناك غض بصر، وعدم اختلاط، والإنسان عندما يكون بأماكن موبوءة فصار هو الآثم.

 

التجارة لا تتناقض مع الإيمان :

 قال تعالى:

﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال * رِجَالٌ ﴾

[سورة النور : 36-37]

 بالمناسبة كلمة:

﴿ رِجَالٌ ﴾

 في القرآن لا تعني الذكور، تعني الأبطال، فهؤلاء الرجال الأبطال يتاجرون، إذاً التجارة لا تتناقض مع الإيمان، ولكن تجارتهم لا تلهيهم:

﴿ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾

[سورة النور : 37]

 الضابط الدقيق أنه إذا كنت تاجراً، ولم تلهك تجارتك عن ذكر الله، ولا عن أداء الصلوات، ولا عن طلب العلم، ولا عن عملٍ صالح، بالعكس.

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 أما إذا كان طريق الغنى ممراً إجبارياً في المعصية فالفقر وسام شرف، وإذا كان طريق القوة ممراً إجبارياً في المعصية فالضعف وسام شرف، أما إذا كان طريق القوة سالكاً والغنى سالكاً فأنت إن كنت كذلك عمَّ خيرك للناس، فالضابط هنا:

﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ﴾

[سورة النور : 37]

تزويج الشباب تحصين للمجتمع :

 أما قول الله عز وجل:

﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾

[سورة النور : 32 ]

 قال علماء التفسير: هذا أمر ندب، أي المجتمع المسلم مكلف أن يزوج شباب المسلمين، بطريقةٍ أن يسهل التكاليف، وبدأ يظهر بالعالم الإسلامي ما يسمى بصندوق الزواج، وعندنا والحمد لله نشأ هذا الصندوق، وهناك زواج جماعي، في بعض البلاد العربية والإسلامية يوجد زواج خمسمئة شاب في عرس واحد، أي توفير نفقات، وهناك مشروعات خيرية، الشركات تتنافس في تأمين غرف نوم، وأجهزة كهربائية، فتزويج الشباب تحصين للمجتمع، الإنسان إن تزوج هو بذهنه أن يحقق شيئاً أساسياً بحياته، لكن حينما يتزوج شاب بفتاة، هذه لبنة صحيحة نظيفة تكون في بناء المسلمين، فكل إنسان تزوج صار محصناً، وفي زمن الفتن، والنساء الكاسيات العاريات، وكل شيء يدعو إلى الجنس، في هذا الزمن تتضاعف الحاجة إلى الزواج، فلذلك الآباء مكلفون، وأولياء الأمور مكلفون أن يسهلوا سُبل الزواج، وهذا معنى قوله تعالى:

﴿ وَأَنْكِحُوا ﴾

  هذا أمر ندب،

﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى ﴾

  جمع أيم، من الأيم؟ الذي ليس له طرفٌ آخر ذكراً كان أو أنثى، ثيباً كان أو أعزب، كل واحد من دون زوجة يجب أن نسعى لتزويجه:

﴿ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾

  أي اجعلوا المقياس غير مقياس الغنى والفقر، مقياس الإيمان والصلاح.
 أخواننا الكرام؛ النبي عليه الصلاة والسلام ندبنا أن نعلم نساءنا وبناتنا سورة النور، والفضل لله عز وجل هذه السورة أنا فسرتها بثلاث وعشرين شريطاً، وتركت أثراً بالغاً جداً في أسر المسلمين، فهذه السورة ينبغي أن تعلمها لبناتك، وزوجتك، ومن يلوذ بك من النساء، هي سورة متعلقة بالنساء بمجملها تقريباً.

 

تحميل النص

إخفاء الصور