- أحاديث رمضان
- /
- ٠07رمضان 1421 هـ - دراسات قرآنية
تفسير الحوادث تفسيراً إلهياً يسبب راحة للنفس :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام ؛ يقع حدث ما ، تستمع إلى الناس في تفسيره ، يذهبون مذاهب شتى ، هناك من يفسره تفسيراً أرضياً ، أو نفسياً ، أنواع من التفاسير لا تعد ولا تحصى ، ولكن حينما تطرح التفسير الإلهي المشركون يشمئزون من هذا الطرح ، قد تقع حرب أهلية تفسر تفسيراً عربياً وإقليمياً وطائفياً ودينياً وسياسياً ، ولكن حينما تقول :
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
أنت ماذا فعلت ؟ أعطيت التفسير القرآني لهذه الأحداث ، التفسير الإلهي له فوائد كثيرة ، كأنك كشفت قانون الله عز وجل .﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا﴾
﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾
﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾
أنت حينما تقرأ القرآن تفهم الحوادث فهماً من عند خالق الكون ، تفهم فهماً حقيقياً ، لذلك حينما ينشرح صدرك بالتفسير الإلهي ، وينقبض صدرك بالتفسير الأرضي ، عندئذٍ ترتاح نفسك ، أما أن يسلمك الله إلى جهة قوية لا تحبك ولا تريد لك الخير ، وهي قادرة عليك ، فهذا الشعور وحده يسبب أزمة نفسية ، مرضاً نفسياً ، أزمة قلبية ، عدو ما من صداقته ودّ ، وهذا ما يحصل لمعظم الناس ، يجدون دولة قوية تتحكم بهذه الدول تعيش حياة مترفة ، الدول الفقيرة مقهورة ، أنت حينما تفسر الحوادث تفسيراً أرضياً تضيق نفسك .﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
من اعتمد التفسير الإلهي اتقى الله و طبق سنة نبيه :
نصيحة ثانية : إياك ثم إياك إن سمعت قصة من آخر فصولها أن ترويها لأحد ، لا معنى لها ، القصة التي تعرفها من أول فصل إلى آخر فصل تتبدى فيها عدالة الله بشكل صارخ، لا تروي من القصص ولا تقبل من القصص إلا ما كان كامناً في كل فصوله ، عندئذٍ تتبدى لك حكمة الله ورحمته وعدالته .
فيا أيها الأخوة ؛ في تفسير الأمور:
﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾
أنت لا تستطيع أن تتكلم الآن بشكل عام عن أناس يعانون ما يعانون على أنهم مقصرون ، لا تستطيع التحدث بهذا الكلام ، أما عندما أفهم الحقيقة دعني والناس ، أنا أتعامل مع الله بشكل واضح ، شح الأمطار يقول : تصحّر ، تبدل خطوط المطر ، هذا لا يمنع تفسيراً إلهياً ، أن الله مسبب الأسباب ، أن تبقى بتفسير أرضي جغرافي فقط لا معنى لهذا التفسير ، الله رازقنا وخالقنا لم لا يرزقنا ؟ لم حجب الأمطار عنا ؟ أما حينما تفهم الجفاف فهماً قرآنياً .﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً ﴾
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾
حينما تفهم الجفاف فهماً إلهياً ، فهماً قرآنياً تتقي الله ، والله أعلم أنا لا أشك لحظة أنه إذا كان هناك جفاف ، وطبق الناس سنّة النبي ، وخرجوا جميعاً إلى العراء ، وتذللوا ، وتضرعوا ، وتضعضعوا أمام الله عز وجل ، والله ليأتينهم المطر كأفواه القرب ، هذه سنّة الله ، لأن الدعاء يقوي العبادة ، فدائماً وأبداً لا تقبل تفسيراً أرضياً ، ابحث عن مسبب الأسباب .قصة رويتها كثيراً ، ولكن هذه مناسبتها : أسير في الطريق في أحد أسواق دمشق خرج أخ كريم من تجار دمشق يبيع القماش ، خرج إلى عرض الطريق وقال : أنت تخطب ؟ قلت: نعم ، قال : إنسان جالس في دكانه سمع إطلاق رصاص بين شخصين مجرمين ، فمدّ رأسه ليرى ما الحقيقة جاءته رصاصة في نخاعه الشوكي فأردته مشلولاً ! ماذا فعل ؟ قال : إنسان جاء لمحله التجاري ليكسب رزقه الحلال يبيع أقمشة ، ما ذنبه ؟ قلت : لا أعلم أنا مثلك ، لكن أحسن الظن بالله عز وجل ، هناك حكمة لا أعرفها انتهى الأمر ، يمر عشرون يوماً أحد أخواننا قال : أنا ساكن بالمكان الفلاني ، وفوقنا إنسان مغتصب أموال أبناء أخوته ، مبلغ ضخم يساوي ثمن بيت ، وأحد كبار العلماء استدعاه ليحمله على أداء ما عليه ، فرفض بعنف ، قال العالم لأولاد أخوته : هذا عمكم إياكم أن تشكوه إلى القضاء ، ولكن اشكوا أمركم إلى الله ، هذا الكلام الساعة الثامنة مساءً ، الساعة التاسعة صباحاً له محل بأحد أسواق دمشق ، اثنان تبادلا إطلاق النار جاءته رصاصة في نخاعه الشوكي أردته مشلولاً !
أخ آخر قال : أستاذ نحن نسكن ببيت أربعة عشر أخاً ، والده أنجب خمسة عشر ولداً ، له أخت تعمل موظفة في بعض دوائر الدولة ، هذه الدائرة أنشأت مشروع سكن تعاونياً ، والأخت كان دخلها محدوداً ، قالت لأخيها : هل نشترك أنا وأنت في شراء بيت ؟ قال : حباً وكرامة ، بيت من حوالي عشرين سنة كان ثمنه مئة ألف مثلاً ، دفع هو خمسين ألفاً عداً ونقداً ، وهي دفعت خمسين ألفاً ، وأخذوا البيت معاً ، مضى عشرون سنة ، البيت ارتفع ثمنه أصبح ثمانية عشر مليوناً ، والأخت تعمل في القضاء قالت له : هذا البيت لي ، الأخ لم يخطر بباله في لحظة بحياته أن تنكر أخته عليه حصته في البيت ، لم يكتب أعطاها المبلغ باسمها ، هي زين الشيطان عملها ، وأجرت ترتيباً ، فالنتيجة القصة طويلة جداً ، أنا تابعتها يوماً بيوم ، هو أحد أخواننا ، المهم أخرجته من البيت وأنشأت عقداً خلبياً مع شخص قوي واحتلت البيت ، وطردته قال : أخوتي نصفهم ببيت جدي ، ونصفهم ببيت جدتي ، وشيء بالمستودع قال : والله قد عانينا كثيراً ، وله نصف ثمن البيت ، ثم قال لي بعد شهرين : والله عمتي مريضة ، معها سرطان بالأمعاء ، قلت له : خيراً ، هذا المرض أحياناً يمتد سنتين ، بعد شهر قال : ماتت ، ممكن أن تتفضل وتلقي كلمة بالتعزية ؟ قلت له : على عيني ، وذهبت إلى البيت وألقيت فيه كلمة ، من وريثها الوحيد ؟ أخوها وأولاد أخيها ، رجعوا إلى البيت جميعاً ! ماذا تقول ؟ مرض خبيث والعياذ بالله ، أنت هل تعرف ماذا فعلت ؟ لا تقبل تفسيراً أرضياً ، اقبل التفسير الديني .
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾
قال النبي صلى الله عليه وسلم :(( ما من اختلاج عرق ، ولا خدش عود ، ولا نكبة حجر إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر ))
فخذ احتياطك .الاستقامة على أمر الله و قبول تأديبه :
رأيت جفافاً أو اجتياحاً أو أناساً شاردين عن الله ، إلههم شهواتهم ، الجنس إلههم ، من فيلم إلى فيلم ، من فضائية إلى فضائية ، سهر حتى الساعة السادسة صباحاً، لا صوم ولا صلاة ولا شيء ، إذا جاءت ضائقة لا تقل : يوجد ظلم ، قل : هذا تأديب من الله ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ﴾
اقتدِ برحمته الواسعة ، قال :﴿ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾
فأنت إياك أن تقبل تفسيراً أرضياً سخيفاً لا بد من تفسير إلهي قرآني إسلامي ، هذا التفسير درس ، دليل ، تعد للمليون قبل أن تعتب على الله ، وترى حكمته ورحمته ، وتستقيم على أمره .ثمن المغفرة :
أرجى آية في القرآن الكريم على الإطلاق :﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾
لكن متى ؟ قال :﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾
إياك أن تفهم أن المغفرة بلا ثمن ، ثمنها أن تنيب ، وأن تتوب وتصحح ، وأن تفلح ، وأن تعقد العزم ، وأن تدع الذنوب كلياً ، أحياناً يدب إليك اليأس ترى الناس لا ينصاعون ، شاردون ، غافلون ، مسرفون ، دعوتهم ليلاً ونهاراً ، سراً وعلانية ، ولم يزدادوا إلا ضلالة ، ماذا أفعل أنا ؟ أنت لك معاملة خاصة ما دمت مؤمناً لك معاملة خاصة ، لا تقلق .﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾
تركُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب انتشار البلاء :
لا تقل : الرحمة خاصة والبلاء يعم ، هذه كلمة غير صحيحة ، البلاء يعم إن لم تأمر بالمعروف ، أنت تسكن بحي يوجد به خمسون بيتاً ، وأنت في آخر بيت ، احترق أول بيت ، إن لم تخرج من بيتك كي تسهم في إطفاء هذا الحريق ، الحريق سيصل إليك .
﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾
إذاً البلاء يعم إذا تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أما إذا بادرنا وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر يصبح :﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾
﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
يوجد أعمال عنيفة في بلد عربي ، إنسان جالس بمكان قبل الانفجار بدقائق خطر بباله أن يشتري خبزاً ، فخرج قبل الانفجار ، الله ينجيه من كل مشكلة ، مادمت مؤمناً فلك معاملة خاصة ، هذه الحقيقة تملأ قلبك ثقة بالله :﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾
أفضل عبادة التعرف إلى الله و التفكر بخلقه :
ماذا ينبغي علينا ؟ أن نقدره حق قدره ، أفضل عبادة أن تتعرف إلى الله ، أن تفكر في خلق السماوات والأرض ، أن تعرف أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى ، ما معنى هذه الآية :
﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ﴾
الجنة ثمنها في الأرض ، في الدنيا ، لولا أننا جئنا إلى الأرض ، وكبرنا ، وتزوجنا ، وعملنا ، واستقمنا ، وصدقنا ، وصلينا ، ودعونا ، لما كنا في الجنة ، فثمن هذه الجنة في الأرض.﴿ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ﴾
عملنا فيها عملاً صالحاً ، إذا إنسان بمكانة علية جداً ، ومرّ أمام جامعته ، يقول لك : كل الخير من هذه الجامعة ، لو لم آخذ الشهادة ما كان أحد أعطاني شيئاً ، معي اختصاص نادر ، درسنا وتعبنا لكن حصلنا ، فيجب أن تعلم أن الجنة التي تسعى إليها ثمنها في الأرض .﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴾
كل هذا النعيم في الجنة بسبب أنك ورثت الأرض فعملت فيها عملاً صالحاً .التطابق بين الدعاء و العبادة :
أخواننا الكرام ؛ حينما قال عليه الصلاة والسلام :
(( الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ وَقَرَأَ .. وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ))
إن الذين يستكبرون هي عن دعائي قال : عن عبادتي بدل كلمة دعائي بعبادتي ، فهناك تطابق بين الدعاء والعبادة ، إذاً الدعاء عبادة ، بل هو مخ العبادة كما ورد في بعض الأحاديث ، مما يؤكد بوضوح جلي قوله تعالى :﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾
هم مخيرون ، ولولا أنك مخير لا يثمن عملك ، قيمة عملك بأنك مخير ، والحمد لله رب العالمين .بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .