وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات قرآنية - الدرس : 04 - حلاوة الإيمان.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد له رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

لن تستوفي شروط الإيمان إلا إذا كنت صادق الانتماء:

 أيها الأخوة, الإنسان في حقيقته عقل يدرك وقلب يحب وجسم يتحرك، وأية نظرة إلى الإنسان تقتصر على جسمه كما هي الحضارة الغربية نظرة قاصرة ورؤية عرجاء، بل إن القرآن الكريم يخاطب عقله تارةً وقلبه تارةً أخرى لأن العلم غذاء العقل ولأن الحب غذاء القلب، ما منا واحد لا يحب ولا يتمنى أن يُحب ولو لم يكن كذلك ليس من بني البشر أن تُحب أو أن تتمنى، أن تُحَب هذه خصيصة أساسية من خصائص البشر, لذلك الإيمان حب وكره أن تحب في الله وأن تبغض في الله, وهذا أبرز معالم الإيمان الحب في الولاء والبراء, أن تحب المؤمنين, وأن تحمل همومهم, وأن تتمنى نصرهم, وأن تتألم من الكافرين, ولو كانوا أقوياء, ولو كانوا أغنياء, ولو كانت مصالحك معهم, ولو كانت سلامتك في رضائهم، ولو كان أمنك في تطمينهم ينبغي أن توالي المؤمنين وأن تتبرأ من الكفار والمشركين .
 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا, وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ, وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))

 أخواننا الكرام, الإيمان له حقائق وله حلاوة, والمسافة بين حلاوة الإيمان وبين حقائقه كبيرة جداً كالمسافة بين خارطة قصر ورق وأنت لا تملك كوخاً وبين قصر تسكنه، الخارطة كلها حقائق مبنية على حسابات وعلى هندسة وعلى علم, ويوجد مهندس إنشائي ومهندس معماري ومكلفة مائتين ثلاث مائة ألف الخارطة ولكن ورق هل يستوي الورق؟ أما حلاوة الإيمان كالقصر تسكنه لذلك:

((ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

 -عند التفاضل، طبعاً كلاً يدعي محبة الله وأموره تمشي كما يتمنى، كل يدعي محبة الله ومصالحه مضمونة، أما حينما تتعارض مصالحه مع الأمر والإلهي أو مع النص الشرعي فيقف مع الأمر الإلهي ويركل مصالحه بقدمه هذه تضحية كبيرة إيمانه قوي جداً، عندئذ يستحق أن يذوق حلاوة الإيمان.

ثلاثة من كن فيه أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

 -عند التعارض، صار في تعارض, تجارة رابحة جداً, بالتعبير العامي: يقبر الفقر, لكنها محرمة فركلها بقدمه، ماذا تريد يا محمد؟ إن أردت مكانةً سيدناك علينا لا نقطع أمراً دونك، إن أردت مالاً جعلناك أغنانا، إن أردت زواجاً زوجناك أجمل بناتنا،

قال: والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه .

 إذا كنت كذلك عندئذ تذوق حلاوة الإيمان أما الإسلام كفر، فكر رائع منطقي كاتجاه كاهتمام كأرضية كخلفية كنزعة، ثلاثة أرباع المسلمين عندهم نزعة إسلامية وعنده اهتمامات إسلامية ويتابع الأخبار ويفرح بالنصر ويتألم للهزيمة أما هل أنت ملتزم؟ هل أنت مطبق لهذا المنهج؟ .
 الشيء الثاني-:

وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود بالكفر كما يكره أن يلقى في النار))

لن تكون حراً إلا إذا كنت محباً لله ولرسوله:

 الآية الآن موضوع هذا الدرس إن شاء الله:

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً

 -أنداداً لله، هو لا يقول: هذا إله, يقول: هذا إنسان لكنه يعامله كما يعامل الإله, يخضع له, يحبه, يأتمر بأمره, ولو على حساب دينه, يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل, إرضاءً لزيد أو عبيد .
 كان الحسن البصري عند والي البصرة, جاء توجيه من يزيد من الخليفة إلى والي البصرة, لعل في هذا التوجيه ظلماً، فقال: ماذا أفعل إن لم أنفذ هذا التوجيه أغضبت الخليفة وإن نفذته أغضبت الله، فقال له الحسن البصري: إن الله يمنعك من يزيد ولكن يزيد لا يمنعك من الله .
 فالنقطة الدقيقة: إن هؤلاء الناس لضعف إيمانهم لضعف توحيدهم يرون بعضهم بعضاً كل شيء, وأحياناً الإنسان يتأله إما صراحةً وإما ضمناً يشعرك أنه هو كل شيء، وهذا يحصل في هذه الأزمات العالمية جهة قوية تدعي القوة المطلقة وتفرض إرادتها على كل الشعوب، قال تعالى-:

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ

 -الإنسان متى يحب؟ الإنسان يحب القوي، ويحب المعطي ويحب الجميل، عبر عنها العلماء بأن الإنسان يحب الكمال والنوال والجمال، إذا أنت بحاجة إلى بيت وخاطب ومضى على الخطبة سنة وكاد يفسخ العقد وجاء إنسان وقدم لك بيتاً وقال اسكنه بيت كامل ألا تحبه؟ ولو كان ذميم الخلق، لا تنس ذكره تذكره كل يوم، النوال أحد أسباب الحب، وإذا إنسان بلغك عنه أنه شريف، شهم، ذو مروءة وقف مع الحق، تنهج بالثناء عليه دون أن تشعر وإذا شيء جمال آخاذ أيضاً تتعلق به، فالإنسان يحب الكمال والجمال والنوال, هذه فطرته, وهذه جبلته, يحب العمل الأخلاقي الكامل، يحب الجمال يحب العطاء، قال هؤلاء الناس-:

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ

 -لكنه يقول-:

وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾

[سورة البقرة الآية: 165]

 تعلق هذا الشارد تعلق هذا الجاهل بإنسان مثله أعطاه شيئاً أو دعمه أو طمأنه أو قربه، محبة هذا الإنسان الشارد لهذه الجهة القوية لا يمكن أن يتساوى مع محبة المؤمن لله عز وجل .
 سيدنا سعد بن الربيع كان في النزع الأخير في ساحة المعركة جاءه أحد أصحاب النبي يتفقده من قبل النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا سعد أنت بين الأحياء أو بين الأموات؟ قال: مع الأموات، قال له: إن النبي الكريم أرسلني كي أتفقدك، قال له: أبلغ رسول الله مني السلام وقل له: جزاك الله خير ما جزى نبياً عن أمته. -وهو في النزع معنى هذا: أنه كان في قمة سعادته-, وقل لأصحابه: لا عذر لكم إذا خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف.
 اقرأ تاريخ الصحابة الكرام تجد أنهم كانوا في أعلى درجات سعادتهم حينما لقوا ربهم عند النزع الأخير:

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾

[سورة البقرة الآية: 165]

 لا يوجد إنسان لا يحب، بالمناسبة: إن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم، لا بد أن تكون تابعاً إلى جهة وإن لم تكن حراً عبدت الله عز وجل, لا بد من أن تخضع لعبد لئيم إن رأى خيراً كتمه وإن رأى شراً أذاعه، إن أحسنت لن يقبل وإن أسأت لن يغفر، وكل إنسان يكون بخدمة إنسان آخر شارد عن الله كهذا المنديل تمسح به أقذر عملية ثم يلقى في المهملات، دققوا في هذا الكلام: كل إنسان يعاون كافر على مؤمن دوره كدور هذا المنديل تمسح به أقذر عملية ثم يلقى في المهملات, لذلك:

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾

[سورة البقرة الآية: 165]

 فالإيمان له حب ولا إيمان لمن لا محبة له، الإيمان مواقف، الإيمان ولاء وبراء، الإيمان أن تحب المؤمنين، أن تدافع عنهم، أن تتمنى قوتهم، أن تتمنى وحدتهم، والإيمان أن تكره الكفار والمشركين ولو كانت مصالحك معهم.

إن أشد أنواع الظلم أن يظلم الإنسان نفسه:

 لكن النقطة الدقيقة:

﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا

 -دققوا الآن: هؤلاء الذين أحبوا غير الله, هؤلاء ظلموا, أحبوا شيئاً ثانياً, أحبوا ضعيفاً, أحبوا فقيراً, أحبوا لئيماً، أحبوا عبداً ذليلاً إلى الله عز وجل-:

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ

 -الآن-:

أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً

 -كلمة قوة عامة، تقول: فلان مركزه قوي، قد يكون نحيفاً، منصبه قوي، فلان حجته قوية ، هذا الجمال آسر, معنى آسر قوي، يعني سبى عقلك، معنى كلمة قوة واسعة جداً، يوجد إنسان مركزه قوي، حجته قوية إنسان جماله قوي، والإنسان يحب الموقف الأخلاقي، يحب العطاء يحب الجمال، هؤلاء الذين أحبوا غير الله، هؤلاء الذين تعلقوا بغير الله, هؤلاء الذين عبدوا حقيقةً غير الله، هؤلاء الذين حسبوا على أناس بعيدين عن الله، هؤلاء ظلموا أنفسهم ويوم القيامة-:

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً

 -لماذا الإيمان أعلى درجة جمالية؟ لأن المؤمن عرف أصل الجمال، حينما تأكل طعاماً طيباً تشعر بلذة الطعام خلال ثوان فقط أثناء بلع اللقمة لأن اللسان يرفع هذه اللقمة إلى سقف الحلق أعصاب الذوق في سقف الحلق، إذا إنسان أكل طعاماً نفيساً جداً والثاني أكل طعاماً خشناً الفرق بينهما ثوان فقط من بعد تناول الطعام شعر الإنسان بامتلاء المعدة فشبع.
 الجمال أصله عند الله عز وجل كل ما في الكون من جمال، من جمال بشري، جمال في الطبيعة، من جمال في الجبال في البحار، من جمال في الفواكه والثمار كل جمال الخلق مسحة من جمال الحق، فهذا المؤمن وصل إلى أصل الجمال, لذلك في قلبه سعادة لا توصف-:

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا

 -ظلموا أنفسهم حينما أحبوا غير الله، قضية حب الآن إن أحببت غير الله ظلمت نفسك لأنك أحببت الدون، أحببت الذي يفنى، أحببت الذي قد لا يكون وفياً لك، يقول النبي الكريم :
 لو كنت متخذاً من العباد خليلاً لكان أبو بكر خليلي ولكن أخ وصاحب بالله، من خليله؟ الله جل جلاله، لذلك إذا أحببت الله أحبك كل الخلق وألقى محبتك في قلوب الخلق، قال تعالى:

﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾

[سورة طه الآية: 39]

 إذا أحبك الله سخر لك عدوك ليخدمك؛ عدوك اللئيم, وإن أحببت ما سواه تطاول عليك أقرب الناس إليك-:

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً

 -قوة الجمال كلها عند الله، قوة العطاء كلها عند الله، قوة الكمال الإلهي كمال مطلق, أنت تحب الكمال والجمال والنوال كلها عند الله-:

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ

 -وبالمقابل: عذابه أشد أنواع العذاب، الله عز وجل أنت في قبضته خطأ بجسمك يجعل الحياة جحيماً لا تطاق، الحياة يجعلها جحيماً خلل في الجسم، الغدة النخامية تفرز هرمونات كل هرمون لو قل إفرازه أو كثر لأصبحت حياة الإنسان جحيماً لا يطاق-:

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ

 -نحن في الدنيا نحب بعضنا بعضاً محبة شرك, هناك حب في الله وهو عين التوحيد, وهناك حب مع الله وهو عين الشرك، فرق كبير بين أن تحب في الله وأن تحب مع الله، أن تحب مؤمناً هذا حب في الله, أن تحب رجلاً محسناً هذا حب في الله، أن تحب رسول الله هذا حب في الله, أي جهة تنتمي إلى الله إذا أحببتها فهذا حب في الله وهو عين التوحيد، وأية جهة لا تنتمي إلى الله لكنها قوية أو غنية إذا أحببتها من أجل مصالحك، الحب بالله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك، فهؤلاء الذين اتبعوا الأقوياء الأغنياء في الدنيا, يقول الله عز وجل-:

إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ

 -كما قلت قبل قليل: هذا الذي اتبع وضحى بدينه هو يعامل كهذا المنديل الرخيص التي تمسح به أقذر عمليه ثم يلقى في المهملات-:

وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾

[سورة البقرة الآية: 165-167]

لن تعرف الله إلا إذا أحببته:

 أيها الأخوة, قضية الحب والبغض في الإسلام أساسية جداً، والحب كالمحرك والمنهج كالمقود، المحرك من دون مقود إلى الوادي والمقود من دون محرك جمود وسكون، فلا بد من منهج يوجه أعمالنا وهو العلم ولا بد من حب يحركنا، والحقيقة الذي تراه من الصحابة الكرام لا يوصف والسبب هو الحب، مثلاً:
 امرأة بلغها أن النبي في أحد قد قتل خرجت هائمةً على وجهها, رأت أباها مقتولاً, قالت: ما فعل رسول الله؟ رأت ابنها مقتولاً رأت زوجها مقتولاً رأت أخاها مقتولاً فلما تأكدت أن النبي معافى سليم قالت: يا رسول الله كل مصيبة بعد جلل تهون.
 هذا حب, الذي يفعله الحب شيء لا يصدق، الإنسان من دون حب جثة هامدة منته من دون حب، لذلك آية الحب:

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ

 -ولو يرى الذين ظلموا أنفسهم، ظلموا أنفسهم حينما أحبوا غير الله، يوم القيامة-:

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾

[سورة البقرة الآية: 165]

 هو الغني هو القوي هو الجميل، هو أحب قوياً في الدنيا أو أحب جميلاً, هؤلاء روميو وجولييت أو امرؤ القيس، هؤلاء أحبوا جمالاً بشرياً, لكن المؤمن أحب الجمال المطلق, أحب الله عز وجل, هؤلاء يوم القيامة يرون أن القوة لله جميعاً، قوة الجمال عند الله، قوة العطاء عند الله، قوة الكمال عند الله، وبالمقابل أشد أنواع العذاب عند الله وأن الله شديد العذاب، والذين أحبوهم في الدنيا تبرؤوا منهم، لا يوجد أصعب من إنسان يكون مخلصاً لجهة كل عمره تتخلى عنه, في النهاية هذا شيء لا يحتمل .
 فيا أيها الأخوة الأكارم: أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً.
 لو فرضنا خيرناك بين قطرميز زجاج ثمنه عشرون ليرة، وكأس كريستال ثمنها ألف ليرة, وجوهرة استانبول ثمنها مائة وخمسون مليون دولار، اختار فأنت استكبرت القطرميز هل يكون في عقل برأسك؟.
 أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً.
 بالتعبير الدارج: المؤمن عرف أن يختار، اختار جهةً لا تزول، اختار حياً باقياً على الدوام، اختار من بيده أعداءه، إذا كنت مع الله, أعداءك الأقوياء بيد الله عز وجل, ترى بفعل بهم الأفاعيل الله عز وجل، إذا إنسان كان مؤمن إيمان كما يريد الله تماماً شيء لا يصدق، أقوى قوى البشر بيد الله عز وجل يجعل تدميرها في تدبيرها هذا شيء واضح تماماً.
 الصحابة كانوا قلة, فتحوا العالم كله شرقاً وغرباً لا بحنكتهم العسكرية ولا بعتادهم ولا بطائراتهم ولا بما عندهم من أجهزة فتاكة, لا، فتحوها بقوة إيمانهم، هذه الآية منهج لنا إن شاء الله ينبغي أن تحب الله:

تعصي الإله وأنت تظهر حب ه ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبـك صادقاً لأطعته  إن المحب لمن يـحب يطيع

  

آخر كلمة:

 مستحيل أن تعرفه ثم لا تحبه ومستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه:

إلى متى أنت في اللذات مشغول  وأنت عن كل ما قدمت مسؤول؟

 مستحيل أن تعرفه ثم لا تحبه, ومستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه.

 

تحميل النص

إخفاء الصور