وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات قرآنية - الدرس : 10 - الولاء .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
 الصادق الوعد الأمين .

إذا كنت كما يريد الله كان لك مثل ما تريد:

 أيها الأخوة, هناك موضوع دقيق متعلق بقدرة الله ورحمته، لا بد من مثل: إنسان يركب مركبة مع أولاده وزوجته، وعن يمين الطريق وادٍ سحيق، ألا يستطيع قدرة أقول قدرة أن يحرف المقود تسعين درجة ويهلك نفسه وامرأته وأولاده، من حيث القدرة ألا يستطيع؟ أيفعلها ؟ مستحيل، إنسان لا ينجب أولاد بعد عشر سنوات أنجب طفلاً كاد يجن من محبته ومن جماله ، من حيث القدرة ألا يستطيع أن يأتي بسكين ويذبحه؟ أيفعلها؟ مستحيل وألف ألف ألف مستحيل، لذلك الله عز وجل قوته مطلقة، لكن ألزم نفسه بالكمال حيثما وردت على معدات إلهية معنى ذلك أن الله ألزم نفسه بالكمال، طبعاً هذا المثل تمهيد، الله عز وجل يقول:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً﴾

[سورة النساء الآية: 144]

 إن كنتم كما يريد الله عز وجل، فالله عز وجل بحسب كماله ليس له عليكم سلطان، من حيث القدرة له عليكم سلطان، إذا كان إنسان ضعيف وإنسان قوي، القوي ممكن أن يقتل الضعيف، لكن إذا القوي كامل نقول مستحيل وألف ألف مستحيل أن يظلم هذا القوي الضعيف، فأنت حينما تلتزم منهج الله، حينما لا تأكل المال الحرام، حينما لا تقيم علاقة محرمة مع إنسان ، حينما لا تغش المسلمين، حينما ترحم عباد الله ومخلوقات الله، حينما يكون وجودك خيراً، حينما تكون مصدر أمن للناس وعطاء لهم، الله جل جلاله وهو القدرة المطلقة لا سلطان له عليك، المعنى دقيق جداً، الله جل جلاله وهو صاحب القدرة المطلقة لأنك تستقيم على أمره ولأنك متبع لسنة نبيه لأنك محسن إلى خلقه لأنك مصدر أمن لمخلوقاته ليس لله عليك سلطان هذا المعنى:

﴿أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً﴾

[سورة النساء الآية: 144]

 بالنظام المدني إذا مواطن مستقيم كل شيء يفعله وفق القوانين النافذة، لو مر إلى جانبه ضابط كبير في الشرطة لا تتحرك شعرة، أما إذا مجرم إذا قاتل ومتخف ينخدع قلبه إذا رأى ضابطاً في الشرطة، لأن هذا الضابط له عليه سلطان، استناداً إلى جريمته على مستوى التجارة، كل بضعتك نظامية وفيها فواتير، مر ضابط جمرك هل تتحرك شعرة عندك؟ أما إذا كان كله تهريب لا تلحق حالك!:

﴿أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً﴾

[سورة النساء الآية: 144]

 فتأمل هذا الدين العظيم، أنت حينما تستقيم على أمره وتحسن إلى خلقه وتكون مصدر خير للناس، أنت في عين الله, وأنت في رعايته، وأنت في حمايته, وأنت في تأييده, وأنت في نصره, وأنت في حفظه, وهذا معنى قوله تعالى:

﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾

[سورة الأنفال الآية: 19]

 قالوا: معية الله معيتان؛ معية خاصة ومعية عامة، المعية العامة هي معكم بعلمه، هو مع عباده جميعاً حتى مع الملحدين حتى مع عباد الوثن، لكنه مع المؤمنين بتوفيقه وتأييده ونصره وحفظه .

لن تستخلف في الأرض إلا إذا كنت كما أراد:

 ما قولك: أن تشعر أنك في عين الله, وأن كل قوى الأرض الشريرة لا تملك لك شيئاً؟ يواجه العالم الإسلامي اليوم هجمة شرسة عليه، ماذا قال الله عز وجل؟ قال:

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾

[سورة إبراهيم الآية: 46]

 تسمعون وترون قصف قصف، كل قصف ألف قتيل، بعد هذا هم أضعف من أن يواجهوا هذه القوة العاتية:

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾

[سورة إبراهيم الآية: 46]

 ثم يقول الله عز وجل:

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾

[سورة آل عمران الآية: 120]

 أنا شبهت هذه الحالة, وإن كان مثل تركيبي: أنت في غرفة من الحديد وفي مكعب من الحديد يتحول نحوك وراءك حائط حديد، والمكعب خمسة طن، وقوته في الحركة كبيرة، مع هذا أنك ستصبح طحين بعد دقائق! لكن يوجد إلى جانبك مفتاح إذا ضغطه توقفت هذه الكتلة هكذا يقول الله! أعداء المسلمين أقوياء جداً قال:

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾

[سورة آل عمران الآية: 120]

 التغت مؤامراتهم وأسلحتهم، لكن على ما يكون هؤلاء الذين ينتمون إلى الإسلام كما يريد الله عز وجل، لأن الله عز وجل قال:

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾

[سورة نور الآية: 55]

 الدين الذي سيمكنه لهم أو الدين الذي وعده أن يمكنه لهم هو الدين الذي يرتضيه هو لهم، فإن لم يمكنهم معنى ذلك أن هذا الدين الذي هم عليه لم يرتضيه لهم، لأنه دين شعائر فقط، بالتركيب الحديث فلكلور مظاهر، دين استعراضي دين ظاهرة صوتية فقط، لا يوجد المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله.
 ذكرت لكم البارحة: هناك أشياء إذا فعلها الإنسان خرج من ملة الدين، خرج من ملة الإسلام كلياً أن يعين كافراً على مسلم انتهى, ولو وصلت لحيته إلى أسفل بطنه، إذا أعان كافراً على مسلم خرج من ملة الدين .
 أعيد الآية:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ

 -هل تحبهم؟ من هوي الكفرة حشر معهم، ولا ينفعه عمله شيئاً، تعظمهم، من عظمهم وأقرهم على أعمالهم حشر معهم، ومن تمنى أن يكون مثلهم فهو منهم-:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً﴾

[سورة النساء الآية: 144]

 المعنى الدقيق: إن لم تفعلوا ليس لله عليكم سلطان، وهو القدرة المطلقة، بماذا ألزم نفسه؟ بالعدل قال:

﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة هود الآية: 56]

 الله عز وجل ألزم نفسه بالعدل وبالرحمة وبالحكمة، ثم يقول الله عز وجل وهذه الآية تؤكد ذلك:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾

[سورة النساء الآية: 147]

 ليس لله أي نفع أن يعذبكم .

 

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم:

 هذه القصة من اثنتي عشرة سنة أو أكثر، بعدما انتهى درس الأحد أخ كريم انتظرني خارج الحرم قال: أريد أن ألتقي بك قلت له: تفضل، وذهبت به إلى البيت، قال: أنا إنسان مهندس درست برومانيا هندسة خيوط، وأنا مساعد مدير مصبغة في معمل ضخم من معامل دمشق، معمل أقمشة قال: والذي على رأس هذه الدائرة صديقك وهو الذي أرسلني إليك، قلت له: تفضل، قال: أنا معي مرض الصرع أقع بالساعة، قال: أنا مهندس ولي مكانتي، مرة بالسيارة العامة مرة بمكتبي مرة أمام عمالي مرة في بيتي أمام أولادي، قال: هذه الحياة لا أحتملها، هل عندك من علاج؟ قلت له: يلزمك طبيب يا بني، قال: لا، أريد بالدين حلاً، يسألني كرجل دين لا كطبيب هل يوجد حل؟ لماذا أنا هكذا؟ منفعل أشد الانفعال والله أنا وقتها قلت له هذا: الله ليس له مصلحة بتعذيب عباده إلا أن يعالجهم، أما تعذيب للتعذيب مستحيل، وهذه حقيقة، لا يمكن أن يكون في كون الله شر مطلق، شر نسبي بالنسبة إليك شر، لكنه بالنسبة إلى الله معالجة لك، تماماً لو أن أب طبيب جراح ابنه التهبت معه الزائدة، طبعاً بالنسبة للابن شر أن يخدر ويفتح بطنه وتستأصل الزائدة، وبعد أن يذهب أثر المخدر يتألم أشد الألم، لكن هذا العمل محض خير بالنسبة لمن التهبت الزائدة عنده، فالشر المطلق لا وجود له في الكون، يوجد شر نسبي، قال: ما رأي الدين في هذا؟ قلت له: أنا أؤمن أن الله عز وجل ليس له مصلحة يعذب عباده إلا بسبب يكون فيه معالجة، قال: ماذا أفعل؟ قلت له: الله له منهج، قال: مثل ماذا؟ أذكر أنني قلت له: كغض البصر، فأخرج ورقة وكتب، أنا لم ألتق بإنسان اهتم بما أملي عليه كهذا الإنسان، قال: أنا ألعب بالطاولة، قلت له: هذه ممنوعة أيضاً، قال: أسهر مع جاري وجارتنا معنا، فأخبرته أن هذه أيضاً ممنوعة، تكلمنا عن الاختلاط ولعب النرد إطلاق البصر الاختلاط ، أذكر أخذ مني ثلاثين بند وكتبهم، ومهتم بهذا الكلام اهتمام ..... له منهج لو طبقته الله ليس له مصلحة إطلاقاً أن يعذبك وهذه آية:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ

 -قلت له: احضر عندنا، هذه القصة قديمة جداً من عشرين سنة تقريباً، فجاء يوم الأحد قال: هذا أول أسبوع لم يحدث معي شيء، قلت: الحمد لله يا ربي بيضت وجهي، في الجمعة الثانية الحمد لله، الجمعة الثالثة الحمد لله، أنا بصراحة تورطت معه، هذا مرض يلزمه معالجة وعمليا وأطباء كبار، أنا أعطيه قضية دينية فقط، قال: أذكر أربعة أسابيع لم يحصل معه شيء ، وكلما يأتي يسلم ويشكر بحرارة، حتى أنه موضوع ساكن مع جيرانه بغرفة لكي ينتهي الاختلاط يسر الله له بيت من بابه بثلاثمائة ليرة وزرته ببيته! في الجمعة الخامسة لم يأتِ، يظهر أن الحالة عاودته، بصراحة قلقت، جاء الجمعة السادسة قلت له: خير؟ قال: عادت لكن لا تقلق، أنا لي صديق قديم أحببت أن أزوره، وجلست زوجته وضحكنا وسهرنا، خرجت وأنا في الطريق جاءتني، قال: لا تقلق على مبدأك فهو صحيح، اجتمعت به بحلب بعد كم سنة انتقل بالوظيفة، لاحظ الآية ما أدقها-:

مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾

[سورة النساء الآية: 147]

 ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله أكثر، والآية أبلغ:

﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾

[سورة الشورى الآية: 30]

 كلام الله عز وجل هذه الآية لو عقلناها تنفي الحقد والاضطراب والقلق، علاقتك مع نفسك، الكرة بملعبك .
 هل يوجد إنسان بالأرض يتلقى ضربة بالعصا فيحقد عليها؟ هذه جماد، وأقوياء الأرض عصي بيد الله، فإذا إنسان تلقى ضربة قاسية من إنسان قوي ينبغي أن يراجع نفسه، ردت الكرة إلى ملعبه، الله عز وجل هو الذي أذن له هو كامل، إذاً يوجد عندي مشكلة، حتى أن بعض الصالحين يقول: أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي، أحياناً تحرن وتكون العلاقة مع الله غير متينة فيحدث في البيت مشاكل .
 فيا أيها الأخوة, هذه الآية اجعلوها شعار:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء الآية: 147]

 مع أن الله قدرته مطلقة، لكنه ألزم نفسه بالكمال:

﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة هود الآية: 56]

 فهذا الأخ طبق التعليمات، أنا أعرف أن هذا المرض مستعص، ونوع من التخريش في الدماغ، ليس بقضية سهلة، مرض مزمن، والله عز وجل شفاه، لما غير غير الله له حياته ، فإذا تعاملت أنت مع الله عز وجل بهذا الوضوح لعل الله سبحانه وتعالى يكون معه، وإذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك، ويا ربي ماذا فقد من وجدك، وماذا وجد من فقدك، والحمد لله رب العالمين .

دعاء الختام:

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

تحميل النص

إخفاء الصور