وضع داكن
17-04-2024
Logo
موضوعات قرآنية - الدرس : 27 - العلم .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

العلم هو معرفة الله وتطبيق منهجه

 أيها الأخوة الكرام ؛ يتفاضل الناس في الدنيا عند بعضهم بعضاً بقيم تواضعوا عليها ، يتفاضل الناس في الدنيا فيما بينهم بقيم تواضعوا عليها ، أي اتفقوا عليها اتفاقاً عفوياً ، فصاحب المال معظم ، وصاحب القوة معظم ، وصاحب الوسامة معظم ، والذكي معظم ، والقوي معظم ، ولكن لو رجعنا إلى كتاب الله لوجدنا أن الذي أوتي العلم هو الذي رفعه الله عز وجل ، قال تعالى :

﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾

[سورة المجادلة الآية:11]

 الآية الثانية التي مرت في هذه الصلاة :

﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾

[سورة طه الآية:114]

﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

 

[ سورة الزمر الآية : 9]

 الناس رجلان عالم ومتعلم ولا خير فيما سواهما ، السبب أن الإنسان بحكم فطرته يحب ذاته ، يحب كمال ذاته ، يحب استمرار ذاته ، يحب سلامة ذاته ، يحب وجوده وسلامة وجوده ، وكمال وجوده ، واستمرار وجوده ، هذه طبيعة الإنسان فإذا علم أن سلامة وجوده بطاعة الله يطيع الله بشكل آني ، هو لا يحتاج إلى من يقنعه أن يطيع الله إذا عرف أن طاعة الله تسعده ، هو يحتاج إلى من يقنعه أن طاعة الله تسعده ، أما إذا علم أن طاعة الله تسعده يبادر إلى طاعة الله من دون تلكؤ إطلاقاً ، لذلك هؤلاء الذين استحقوا النار ما مشكلتهم ؟ مشكلتهم قال تعالى :

﴿ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾

[ سورة لقمان الآية : 21]

 أزمة علم فقط ، الله عز وجل أعطى أناساً المال ، أعطى أناساً القوة ، أعطى أناساً القوة الذكاء الوسامة ، قال تعالى :

﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾

[ سورة النساء الآية : 113]

 الله عز وجل سمى عطاء العلم فضلاً عظيماً ، لو تتبعت الآيات والأحاديث لوجدت العجب العجاب ، كما قال الشافعي رحمه الله تعالى : إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإن أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإن أردتهما معاً فعليك بالعلم ، وقيل العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل .
 طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، والجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً ، العلم قيمة أساسية جداً ، هي قيمة أساسية لكن ينتج عنها كل سعادة هذه مقدمة .
 العلم ما هو ؟ الآيات والأحاديث وأقوال الصحابة كلها تؤكد أن قيمة العلم أعلى قيمة ، وقد قيل رتبة العلم أعلى الرتب ، الذين وصلوا إلى قمم المجتمع هم لا يحكمون المجتمع يحكمه العلماء يسألون ماذا نفعل ؟ لا يوجد إنسان قوي بأي بلد إلا هوله ثلة من الخبراء ينصحونه ماذا يفعل ، يعني في النهاية توضع بين أيديه خيارات هو يختار لكن من وضع هذه الخيارات ؟ العلماء .
 الحياة من دون علم شقاء ، إنسان من دون علم كالبهيمة تماماً ، إنسان من دون علم يشقى ، ويُشقي ، والإنسان بالعلم يسعد ويُسعد ، لكن السؤال الثاني ما هو العلم المعني بكل هذه الآيات والأحاديث ؟ هنا المشكلة يوجد اختصاصات نادرة ومتعددة كل صاحب اختصاص ، يتوهم أن هذا هو العلم ، العلم الذي تكتسب به رزقك هذا نوع من الحرف ، حرفة لا يقدم ولا يؤخر ، لكن الإمام الغزالي رحمه الله تعالى يقول : حيث ورد العلم في الكتاب والسنة فإنما هو العلم بالله ، لأن اختصاص نادر يوجد معه معصية حرفة سبيل رزقه هذا الاختصاص ، هذا لا يسمى عاقلاً يسمى ذكياً ، وقد قيل ما كل ذكي بعاقل ، العاقل من عرف الحقيقة العظمى ، العاقل من عرف سر وجوده وغاية وجوده ، العاقل من عرف ربه ، العاقل من عرف طريق الجنة ، العاقل من عمل لسعادة أبدية ، هذا هو العاقل ، لكن إنسان معه اختصاص نادر يدر عليه أرباحاً طائلة جيد ، اختصاص حرفة من الحرف الراقية ، يوجد عندنا حرف فكرية ، حرف راقية ، مخترع يأخذ امتيازاً بالمخترع خمسين سنة بحياته، ويوجد اجتهاد كل حياته وأولاده من بعده ، كل آلة صنعت في ضوء اختراعه له منها نصيب فالتفوق في الدنيا سهل جداً ، ويوجد أناس الله عز وجل أعطاهم قدرات إضافية قادر قال تعالى :

﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾

[ سورة فاطر الآية : 1]

 درسنا في الجامعة منعكس اسمه منعكس غوس ، عالم وجده بكل قدرة يوجد خمسة بالمائة تفوق وخمسة بالمائة تخلف وتسعين بالمائة وسط ، يوجد تفوق ، أحياناً الذكاء الوسط مائة يوجد مائة وأربعين ، ويوجد سبعين ثمانين دون البلاهة والعبقرية والوضع الوسطي .
 فقضية أن يكون في مخ برأس الإنسان يستخدمه لمصالحه ويجمع به المال هذه قضية سهلة ، هذا شيء بيدك أما أن تعرف الله هذا الشيء الذي تعد به فائزاً متفوقاً تعرف سر وجودك .
 يا أيها الأخوة ؛ عندما قال سيدنا علي : العلم خير من المال لأن العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، إن أحببت أن تقرأ أو أن تتطلع ما من مشكلة على وجه الأرض من دون استثناء تصيب الأفراد أو المجتمعات أو الأمم إلا بسبب خروج عن منهج الله ، ما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل ، والجهل أعدى أعداء الإنسان ، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به .
 مزارع بمحافظة درعا عنده بيوت بلاستيكية ، هذا البيت في الشتاء يدر على صاحبه مئات الألوف لأنه يزرع بخضار تباع بأعلى سعر ، فأحتاج إلى سماد ، اشترى سماداً من أعلى الأنواع ، وهذا السماد نسبة استهلاكه لتر بالبرميل ، هو لجهله وطمعه وضع لترين ففي اليوم الثاني كل هذه البيوت سوداء احترقت ، فوت عليه حوالي ثمانمائة ألف وهو عنده أربع بيوت ، ثمانمائة ألف ذهبوا في تصرف واحد ، هذا طبعاً مثل حاد ، هناك ملايين الأمثلة وملايين الأسر المنهارة بسبب الجهل ، الفاحشة ترتكب أحياناً بسبب الجهل ، أمر زوجته أن هذا ابن عمي بأي لحظة يأتي أدخليه المنزل وهو مسافر عشرة أيام وصار خلوة وانتهى كل شيء ، جاهل ، قصص لا تنتهي ، أنا أذكر أول ما خطبت في هذا المسجد عام أربعة وسبعين استوقفني رجل في صحن المسجد صار يبكي قلت له علامَ تبكي ؟ قال لي : زوجتي تخونني ، قلت له : أعوذ بالله مع من ؟ قال : مع جارنا . قلت له : كيف عرفها قال لي : زارنا الجار فقلت أم فلان تعالي واجلسي معنا هذا مثل أخوكِ ، يبدو صار علاقة في غيابه .
 أنا قلت لا يوجد مشكلة ، كلام دقيق لا يوجد مشكلة في الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا بسبب خروج عن منهج الله ، ما من خروج إلا بسبب الجهل ، الجهل أعدى أعداء الإنسان ، والجاهل يفعل بنفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به ، كل الجرائم ادرس أوضاعها قبلها يوجد معصية ، كل الأزمات بين الناس أسبابها عدم تطبيق الشرع .
 ما كتب عقد فصار عدوان الطرف الآخر خبيث النفس ، ومعه أموال وافرة وشريكه لا يوجد اسم بالشركة فاغتصبها ، أنا عندي هذه الملاحظة أي مشكلة تشاهدها حللها تحليل ، مرة هداني مدير سجون القطر كتاب يوجد به ثلاثة وستين جريمة من ما اطلع عليه هو من الجرائم ألطف ما في الكتاب كل جريمة حينما تنتهي قصتها يذكر المخالفة الشرعية التي أدت إلى هذه الجريمة ، يتنور الإنسان لذلك قضية العلم قضية مصيرية وقضية أساسية وقضية مفصلية في حياة الإنسان لكن أي علم ؟ العلم بالله ، أما إنسان معه فيزياء كيمياء رياضيات مدرس فرضاً ، موظف في وزارة أخذ ليسانس ، دبلوم ، أخذ ماجستير ، دكتوراه يرتقي هذا اختصاص مثله مثل أي حرفة ، لذلك ما كل ذكي بعاقل قد يكون ذكياً ولكن ليس عاقل، العاقل من عرف الله .
 مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بمجنون سألهم سؤال العارف من هذا ؟ قالوا : هذا مجنون ، قال : لا هذا مبتلى المجنون من عصى الله . قال تعالى :

﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾

[سورة القلم الآية:2]

 إذاً أول شيء ينبغي أن نفرق بين العقل وبين الذكاء ، الذكاء تفوق باختصاص نظري ، أما العقل أن تعرف الله وأن تعرف منهجه وأن تطيعه ، هذا هو العقل .

قيمة العلم وقيمة العمل

 فالناس عند الله يتفاوتون بقيمتين ، بقيمة العلم وبقيمة العمل قال تعالى :

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾

[سورة الأنعام الآية:132]

 حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، ويتفاوتون بقيمة العلم ، قال تعالى :

﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

 

[ سورة الزمر الآية : 9]

 هذه المفارقة الحادة ، والدرجات ، قال تعالى :

﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾

[ سورة المجادلة الآية: 11]

 الإنسان إذا طلب العلم هو ماذا يفعل ؟ هو يستثمر وقته لا يستهلكه ، سائق تكسي ركبت معه امرأة إلى أين يا أختي ؟ قالت له : خذني أين ما تريد ، فهم وحقق مأربه واعتبر نفسه شاطر فضلاً عن أنه حقق مأربه أعطته ظرفين هدية فتح الأول فيه خمسة آلاف دولار يعني مكسب على مكسب ، الظرف الثاني قرأه بعيداً عنها ، مرحباً بك في نادي الإيدز ، ذهب ليصرف المبلغ مزور وضعوه في السجن ، دخل السجن لأن معه مبلغ مزور وأصيب بمرض عضال لأنه لو كان مؤمناً ، لو كان يعرف مبادئ الشرع ركلها بقدمه ، لكن الجاهل يفعل بنفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به .
 كم من إنسان تورط بالفاحشة فانتهت صحته كلياً ووصل إلى هذا المرض العضال ، البارحة يوجد إحصاء قرأته اثنين وعشرين مليون إنسان ماتوا بمرض الإيدز بالعالم والآن يوجد تقريباً ستة وخمسين مليون مصاب بالعالم لم يموتوا بعد ، والدليل قوله تعالى :

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾

[ سورة الروم الآية: 41]

 آية مثل الشمس هذه حقائق فإذا الإنسان طلب العلم هو يحقق سلامته ، ويحقق كمال سلامته ، ويحقق استمراره ، ويحقق سعادته ، بل لعلي أقول يمكن أن تطلب العلم بدافع من أنانيتك ، الأنانية حب الذات فكل إنسان يحب الذات يسعى لطلب العلم والدليل :
 قد تشتري آلة غالية لا تستعملها إلا بعد أن تقرأ كتاب التعليمات إذا بالإنكليزي تترجمه لأنك حريص على سلامة هذه الآلة وعلى حسن مردودها لا تستعملها إلا إذا قرأت كتاب التعليمات فأنت إذا مع آلة حريص عليها ، نفسك أهون من آلة .
 أذكركم مرة ثانية بقول الإمام الغزالي: يا نفس لو أن طبيباً منعكِ من أكلة تحبينها لاشك أنك تمتنعين أيكون الطبيب أصدق عندك من الله إذاً فما أكفركِ أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله إذاً فما أجهلكِ .
 فلذلك طلب العلم فريضة على كل مسلم ، أقول كلمة واحدة أي علم الذي هو فريضة ؟ العلماء وصفوه ما ينبغي أن يعلم بالضرورة ، مثلت هذا بمثل مظلي هبط من الطائرة يوجد معلومات كثيرة قد يجهلها ولا تؤثر على سلامته ، قد يجهل شكل المظلة مربع ، مستطيل ، بيضوي ، كرة قد يجهل مما صنع هذا القماش خيوط طبيعية صناعية حرير بلدي ، قد يجهل عدد الحبال مما صنعت الحبال لكن إذا جهل طريقة فتحها نزل ميتاً ، طريقة فتح المظلة علم ينبغي أن يعلم بالضرورة ، ويوجد في الدين علم ينبغي أن يعلم بالضرورة لا ينجو منه أي إنسان ، ممكن تتوهم أن هذه العلاقة لا شيء عليها هكذا شائع بين الناس ، يوجد معي مبلغ أضعه عندك يقول له التاجر أنا والله لا أدخل في الحسابات أعطيك على الألف هذا المبلغ كل سنة ، يقول لك ممتاز ويقول لك أنا ليس لي علاقة بحساباته ، أنا لي هذا الربا الصريح ، ربح اسمي ربح ثابت من دون جرد ، من دون تحقيق ، أرباح حقيقية ربا لا يختلف عن الربا ولا شعرة .
 فالإنسان إذا جهل هذه الحقائق يأكل الربا شاء أم أبى ، ممكن بعلاقته مع المرأة أن يتورط بفاحشة تدمره ، إنسان ذهب إلى القاهرة بمهمة زلت قدمه هناك صار معه مرض عضال يقول : عشرين سنة وأنا أعالج هذا المرض دون أن أخفيه عن زوجتي وأولادي ، ألا يا رب شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً ، جهل لا يمكن أن تقع بمشكلة إلا بسبب الجهل أما إذا طبقت منهج الله عز وجل أنت بأعلى درجة من السلامة أعلى درجة من الطمأنينة .

 

تحميل النص

إخفاء الصور