- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (003)سورة آل عمران
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً ، وارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً ، وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون ، مع الدرس التاسع والعشرين من دروس آل عمران ، ومع الآية السادسة بعد المئة ، وهي قوله تعالى :
﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ
1 ـ البشر كلهم فريقان :
أرأيت إلى البشر بمِلَلِهِم ، ونحلهم ، وأعراقهم ، وأجناسهم ، وطوائفهم ، ومذاهبهم ، ونزعاتهم ، واتجاهاتهم ، في النهاية هؤلاء فريق يبيضُّ وجهه ، وهو في رحمة الله ، وفريق يسودُّ وجهه ، وهو في نار جهنم ، فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ، لذلك قال تعالى :
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾
لماذا قدَّم الموت على الحياة ؟ لأن الإنسان حينما يولد أمامه خيارات لا تعد ولا تحصى ، أما حينما يأتيه الموت فأمامه خياران ؛ و كلما وقعت عينك على جنازة ، فإما إلى جنة يدوم نعيمها ، وإمّا إلى نار لا ينفد عذابها .
فيا أيها الإخوة الكرام ، كل هؤلاء الناس مشارب ونزعات ، واتجاهات وملل ، ونحل وطوائف ، وعقائد وطروحات ومبادئ ، هذا كله سوف ينتهي إلى نموذجين :
﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾
2 ـ أعِدّوا لهذا اليوم حتى تبيض وجوهكم :
وقد قال بعض علماء التفسير : ( يوم ) ظرف زمان ، أي احذروا هذا اليوم ـ أو أعدوا لهذا اليوم ـ احذروا هذا اليوم الذي يُفرَغ الناس فيه في أحد نموذجين لا ثالث لهما ، أي أعدوا لهذا اليوم عدته ، وما من إنسان عاقل فيه مسحة من عقل إلا كان ينبغي له أن يعد لهذه الساعة التي لا بد منها عدة ، قال تعالى :
﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾
الفوز الأبدي لمن ابيضّ وجهه ، العاقل من وصل إلى هذا اليوم أبيض الوجه ، المفلح من كان في هذا اليوم أبيض الوجه ، الذكي من وصل إلى ابيضاض الوجه في هذا اليوم ، الموفق ، المتفوق ، كل معاني التفوق تنتهي في أن يكون وجهك أبيض يوم القيامة ، ولن يكون هذا الوجه أبيضاً إلا إذا عرفت الله ، وعرفت منهجه ، وعملت الصالحات تقرباً إليه .
صحِّح العقيدة أولا ، ثم استقم بعد ذلك :
قال لي أخ كريم اليوم : انصحني نصائح موجزة ؟ قلت له : كأن هذا الدين يبدأ من تصحيح العقيدة ، فإذا صحت فعليك بالاستقامة ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾
عليك بمعرفة الله ، أو بعبارة أخرى عليك بتصحيح العقيدة ، لأن أي انحراف في العقيدة يقابله انحراف خطير في السلوك ، ولو أنه جدلاً لا علاقة للسلوك بالعقيدة فاعتقد ما تشاء ، ولكن أية عقيدة زائغة فاسدة لا بد من أن تنعكس انحرافاً في السلوك ، فإن أردت الفوز ، إن أردت النجاح ، إن أردت أن تكون أبيض الوجه صحِّح عقيدتك ، وطبق منهج ربك ، بتطبيق منهج الله تسلم ، ولكن بالعمل الصالح تسعد ، ولا بد من شيء رابع هو كثرة ذكر الله عز وجل ، عن طريق إحكام العبادات ، وإتقانها ، وعن طريق الدعاء ، والاستغفار ، والتسبيح ، والتهليل ، وما إلى ذلك :
﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾
وجوه بيضاء كثيرة ، ووجوه سوداء كثيرة .
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ
ومثل هذه الآيات كثير في القرآن الكريم :
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ(23)وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ(24)تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴾
مثل هذه الآية أيضاً قوله تعالى :
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾
فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
1 ـ أن موجبات الإيمان بين أيدي الناس :
من أَوْجَهِ ما قرأت في هذه الآية أن موجبات الإيمان بين أيديكم ، كفرتم ، وكلُّ موجبات الإيمان بين أيديكم ، كونٌ عظيم إذا تأملت فيه تجد أن وراءه إلهاً موجوداً ، كاملاً ، واحداً ،
وفي كل شي له آيةٌ تدل على أنه واحد
كتابٌ كريمٌ بين يديك ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، حوادث تراها رأي العين ، وترى فيها العِبَر تلو العِبَر ، وأنبياء مرسلون ، وكتبٌ منزَّلة ، ودُعاة صادقون ، كل موجبات الإيمان مُوَفَّرة لديك ، منحك كوناً تعرفه من خلال الكون ، ومنحك عقلاً أداةُ معرفة الله ، منحك فطرة تكشف لك خطأك ، منحك اختياراً ليُثمَّن عملُك ، منحك شهوةً كي تندفع إلى طاعة الله عز وجل ، وأن ترقى عند الله حينما تضبط شهواتك وتسير على منهج الخالق ، منحك حرية الاختيار ، أودع فيك الشهوات ، أعطاك قوة فيما يبدو ، هذا كله أيها الإخوة موجبات الإيمان ، قال تعالى :
﴿ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾
ماذا يقول ـ ولله المثل الأعلى ـ ابن لأبيه ، وقد هيّأ له أرقى مدرسة ، وأفضل أستاذ ، هيّأ له غرفة خاصة ، ونفقات باهظة ، ومدرِّسين متخصصين يأتونه في البيت ، وكتبًا ، ومراجع ، ومكتبات ، ومع ذلك لم يدرس ، هذا الأب أعطى ابنه كل موجبات النجاح ، ومع ذلك لم ينجح ، قال تعالى :
﴿ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾
معنى إيمانكم : أي أكفرتم بعد أن كانت موجبات الإيمان متاحة لكم ، بعد أن كان كل شيء يدلكم على الله ، بعد أن كانت الآيات التي نصبها الله في الآفاق ، وفي الأرض ، وفي أنفسكم، والآيات التكوينية هي أفعال الله ، والآيات القرآنية ، وكل ما في الكون يدل على الله ، ومع ذلك كفرتم ! قال تعالى :
﴿ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾
أي :
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾
وقوله :
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ(35)مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾
وقال أيضاً :
[ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْمُحْضَرِينَ]
فإذاً :
﴿ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾
الشيء الذي لا شك فيه أن الإنسان حينما ينحرف انحرافاً خطيراً ، ثم يواجه جزاء عمله حينئذ يسكت ، قال تعالى :
﴿ وَخَشَعَتْ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَانِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴾
وفي بعض معاني قوله تعالى :
﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ﴾
2 ـ عدل الله يُسكت الألسنة :
إضافة إلى كل المعاني التي وردت في التفاسير هناك معنى دقيق ؛ أنّ عدله يُسكت الألسنة .
دخل شخص إلى بيت صديقه فرآه مقتولاً ، فخرج مذعوراً ، فإذا بجار له يعمل في سلك الأمن الداخلي يلقي القبض عليه ، وساقه بتهمة أنّه هو القاتل ، وجرت محاكمة حُكِم عليه بثلاثين عاماً جزاء فعلته الشنيعة ، وهو لم يقتل ، وبعد ست سنوات أُلقي القبض على القاتل ، واعترف بجريمة أخرى ، وبجريمة سابقة ، هذه وقعت في دمشق ، فالذي حصل أنهم أعطوه تعويضاً يساوي عشرة آلاف ليرة ، نظير سجنه ست سنوات ، وأطلقوا سراحه ، طبعاً القصة قديمة ، والعشرة آلاف كانت تساوي ثمن منزل .
لي صديق كان في مرحلة إطلاق سراحه أخذه جانباً قال له : بربك ، أنشدك بالله أنت في الظاهر مظلوم ، لكن كيف ترى عدل الله عز وجل ، فأقسم بالله أنه فعل شيئاً لم يعلم به أحد ، ويستحق عليه الإعدام ، هكذا قال ، عدل الله يُسكت الألسنة ، فلذلك يوم القيامة يسكت الإنسان ، أي أنتم ترون كيف أنّ الأُناس يتلذذون بقتل البشر ، يرتاحون بإفقارهم ، وإشقائهم ، هؤلاء لهم جهنم ، وبئس المصير ، قال تعالى :
﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾
كنت في الدنيا عزيزاً كريماً بالمفهوم الأرضي ، ذق هذا هو جزاء عملك ، هؤلاء الذين يفقرون الشعوب ، يقتلون مئات الألوف ، وهم مرتاحون لا بد لهم من جهنم ، وجهنم تُعَدُّ جزاءً وفاقاً ، قال تعالى :
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾
أما الطرف الآخر فقال تعالى :
﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
1 ـ الفوز الكبير أن تأتي يوم القيامة أبيض الوجه :
كل عقلك ، وذكائك ، وبطولتك ، ونجاحك ، وفلاحك ، وتفوقك أن تأتي يوم القيامة أبيض الوجه ، أنت لم تظلم أحداً ، ولم تأكل مال أحد ، ولم تسهم في شقاء إنسان ، ولا شقاء أسرة ، ولا شقاء أمة ، هذا الذي فتن فتاة ، ففعل معها الفاحشة ، ثم ألقاها في الطريق ، وعَلِم أهلها بذلك فأهدروا دمها ، ليس لها من عمل إلا أن تكون مومسة ، فسلكت هذا الطريق ، فجاءت يوم القيامة شقية ، ولعلها أنجبت ذرية ربتهم على شاكلتها ، فإذا كشف الله لك يوم القيامة أنه من أجل لذة ساعة أوديت بهذه المخلوقة ، التي كان من الممكن أن تكون أماً وزوجة ، ولها مكانة ، ولها طريق إلى الله ، فهذا الذي يرتكب الموبقات ، ويفعل الفواحش ، ويأخذ ما ليس له ، ويظلم ، هذا أحمق ، سوف يدفع الثمن أضعافاً مضاعفة ، والكافر حينما يرى مكانه في النار يصيح صيحة لو سمعها أهل الأرض لصعقوا ، يقول لم : أر خيرًا قط ، والمؤمن حينما يرى مكانه في الجنة يقول لم أر شراً قط.
مرحباً بالتكاليف الشرعية ؛ بغض البصر ، بضبط اللسان ، ضبط الحلال ، الترفع عن الحرام ، أن تكون مظلوماً لا أن تكون ظالماً ، أن تكون في خدمة الخلق ، أن تكون في طاعتهم ، هذا الذي يبني ثروته على إشقاء الآخرين ، الشيء الذي لا يصدق أن أوسع تجارة الآن ، تجارة الرقيق الأبيض ، مؤسسات ، وشركات يأتون ، يجوبون أقطار الدنيا ، ويأخذون الفتيات القاصرات ، يغرونهن بدخل كبير ، ثم يعملن في الدعارة ، ويضطهدن ، ويعطين أقل القليل ، هذا الذي يسأله الله عز وجل يوم القيامة : لم فعلت هذا ؟
فيا أيها الإخوة ، قبل أن تأخذ ما ليس لك ، قبل أن تظلم مخلوقاً ، الإنسان بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله ، عُدْ من اليوم قبل أن تفعل شيئاً لا يرضي الله عز وجل ، قال تعالى :
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ(106)وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ ﴾
2 ـ بيض الوجوه المطيع لله والخادم لخلق الله :
أمضى حياته في طاعة الله ، أمضى حياته في خدمة الخلق ، أمضى حياته في رفع البؤس عن الآخرين ، ما تكلم كلمة فيها سخرية ، ما نظر نظرة مشبوهة ، ما متع عينيه بما لا يحل له ، ما ظلم زوجة ، ولا ابناً ، ولا جاراً ، لا صديقاً ، ولا مشترياً ، ما غش مسلماً ، أدى صلواته الخمس ، صلى قيام الليل ، ذكر الله كثيراً ، وقف عند كلام الله ، تَتَبَّع الحكم الشرعي في كل شيء ، حضر مجالس العلم ، تزود بزاد التقوى قبل أن يموت ، هذا يأتي يوم القيامة أبيض الوجه ، أنت لاحظ يوم توزيع الجلاءات على الطلاب ، تجد طالبًا يكاد يرقص من شدة الفرح ، ومعه جلاؤه ، ينطلق إلى أبيه انطلاقاً ليريه الجلاء ، وتجد طالبًا آخر يبكي ، ويمزق الجلاء ، قال تعالى :
﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾
3 ـ الفرق كبير لا يخفى على أحد :
أنت لاحظ هؤلاء الذين يرتكبون السرقات ، والموبقات حينما يقعون في قبضة العدالة ، وحينما يأتي المصورون ليصوروهم ، عيونهم في الأرض ، لا يستطيعون أن ينظروا إلى المصور .
مرة كنت عند قاضٍ للتحقيق ، صديق لي يحقق في جريمة ، فهذا المجرم ناكس الرأس ، خافض البصر ، وجهه أغبر اللون ، مسودّ الوجه ، فُتِح الباب ، ودخل شاب يطفح وجهه بِشْراً ، فقال له : هل الساعة جيدة ، يبدو أنه يصلح بعض الساعات ، فكلَّفه بتصليح ساعته ، لأنه إنسان مواطن شريف بريء ، دخل عليه مستبشرا ، فقال له : جيدة جداً ، جزاك الله كل الخير ، وازنت بين هذا الإنسان الذي يُحَقق معه في جريمة قتل ، وبين هذا الشاب الذي يعمل عملاً شريفاً أنجز شيئًا كُلِّف به ، لاحظ كيف أن البريء واضح من وجهه ، مرتاح، هناك صفاء وراحة ، حتى لو اتُّهم كذباً لا يتأثر ، يعلم أنه مستقيم ، ومن عرف نفسه لم تضره مقالة الناس به .
لكن الملاحظة الدقيقة هي أن هؤلاء في رحمة الله ، أي في الجنة ، رحمة الله هي الجنة ، أي رحمة الله هي رمز لعطاء الله ، أعلى عطاء لله أن يكون نصيبك في الجنة .
مرة أخ كان في بلد غربي حدثنا عن نظافة البلد ، وأناقته ، وجماله ، ونظامه ، وعن الحقوق الإنسانية فيه ، وكيف يعيش الناس آمنين مطمئنين ، حاجاتهم كلها متوافرة ، وإلى آخر ما هنالك ، قال له أحدهم في المنهج القرآني :
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾
الدنيا لا تساوي عند الله شيئا :
هذا هو الفوز ، أما أن تعيش سنوات محدودة في بلد جميل جداً ، الأمور كلها ميسرة فيه ، ينتهي ، أي أن الموت قدر الإنسان عندنا وفي بلاد أخرى ، لو عشت في أجمل بلد في العالم، في أغنى بلد في العالم ، في أرقى بلد في العالم ، لا بد أن يأتي الموت ، وينهي هذه الحياة ، لذلك ليس من كرم الله أن يعطي عطاء مؤقتاً ، هذا العطاء المؤقت في الدنيا يتناقض مع كرم الله ، لا يليق بالله أن يعطيك الحياة الدنيا فقط ، إنها أحقر من أن تكون عطاءً لله ، لا يليق بكرم الله أن يعطيك الدنيا ، وأن تأتي يوم القيامة صفر اليدين ، لذلك عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ))
إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ، ومن لا يحب ، ولكنه لا يعطي الآخرة إلا لمن يحب ، إن الله يعطي القوة ، والجمال ، والمال ، والذكاء للكثيرين من خلقه ، مع أنه يوجد كفاراً أقوياء جداً ، وكما يبدو لقصير النظر بيدهم مصير العالم ، بيدهم أن يراقبوا كل شبر في كل البلاد ، وأسلحتهم تطول أي مكان في العالم ، وهم متعجرفون متغطرسون ، ومع ذلك لا خلاق لهم عند الله .
4 ـ لابد من تهيئة أسباب دخول الجنة :
العِبرة أيها الإخوة أن تكون في رحمة الله ، هذه رحمة الله هي الجنة ، لكن كما قال علماء العقيدة : الجنة محض فضل ، سألني أحدهم سؤالاً على الهاتف قال لي : ما فهمت هذه : إلا أن يتغمدني الله برحمة منه ؟ فقلت له : لو أن أباً وعد ابنه إذا أخذ الشهادة الثانوية بتفوق أن يعطيه سيارة من وكالتها حديثة جداً ، فهذا الشاب تفوق في الدراسة ، ونجح كما يتمنى الأب ، وأمسك الجلاء ، وذهب مباشرة إلى بائع السيارات ، وقال له : هذا الجلاء ، أعطني هذه السيارة ، هل يعطيه إياها ؟ ورقة الجلاء ليست ثمن السيارة ، لكنها سبب اقتناء سيارة من جيب الوالد ، الجلاء سبب اقتناء السيارة إذا دفع الأب ثمنها ، فكما أنك تشتري بيتاً بخمسين مليونًا ، مفتاحه ثمنه عشرة ليرات ، فهل يعد المفتاح هو الثمن ، المفتاح سبب تدخل به هذا البيت الجديد ، هو هبة من الله ، ولم تدفع ثمنه ، وكذلك الجنة ، أنت لم تدفع ثمنها ، ولكنك دفعت ثمن دخولها ، سبب دخولها الإيمان بالله ، والاستقامة على أمره ، والعمل الصالح، وذكره ، هذا سبب دخولها ، أما هي فمنحة إلهية ، محض فضل من الله عز وجل ، الجنة محض فضل والنار محض عدل من أجمل ما قيل في هذا المقام : ادخلوا الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم .
مراتب الجنة بحسب أعمالكم ، أما دخول الجنة فبرحمة الله ، وفضل منه ، ثم يقول الله عز وجل :
﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ ﴾
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِين
1 ـ الخطأ من العبد ، ولا يظلم ربُّك أحدا :
أنت قد تسأل : هؤلاء الذين دخلوا النار ، وذاقوا حرها ، وتلظوا بلظاها ، لماذا كانوا هكذا ؟ الخطأ منهم ، والله خلقهم ليسعدهم ، ولم يخلقهم لهذا العذاب .
أنت أحياناً تدخل إلى مدرسة رائعة جداً ، بناء فخم ، مُدرِّسون أكفاء ، إدارة ممتازة ، مناهج رائعة ، قيم ، أساليب تربوية ، وأحياناً يصدر قرار بفصل أحد الطلاب ، وأحياناً يُسلَّم إلى جهات كي يؤَدَّب ، فهل تقول : إنّ إنشاء هذه المدرسة من أجل تعذيب الطلاب ؟ معاذ الله، لكن إن كان هناك أحد الطلاب منحرفاً ، سارقًا مثلاً ، منحرفًا أخلاقياً فهذا يُعاقَب ، أما في الأصل أن الإدارة لم تشأ فعل هذا مع طلابها ، أرادت أن يكونوا علماء وحكماء ، أن يكونوا قادة للأمة ، أما حينما ينحرف الإنسان يدفع ثمن انحرافه ، فالله عز وجل يقول : هؤلاء الذين اسودَّت وجوههم ، والذين كفروا مع موجبات الإيمان هؤلاء ما أراد الله لهم ذلك، قال تعالى :
﴿ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ ﴾
2 ـ الله غني عن تعذيب الناس :
أراد لهم أن يؤمنوا ، أن يسعدوا ، لا يوجد إنسان إلا مطلوب لله عز وجل ، هذا الفهم السقيم الجبرية أنّ الله عز وجل خلق للجنة أناساً ، وخلق للنار أناساً ، فهذه عقيدة فاسدة ، هذه العقيدة تشل الإنسان وينتهي ، لا الله خلق كل العباد للجنة ، قال تعالى :
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ﴾
ولذلك خلقهم ، خلقهم ليرحمهم فقط ، قال تعالى :
﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ ﴾
ثم يقول الله عز وجل :
﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
1 ـ الكون ملكٌ لله خَلقاً ، وتصرفاً ، ومصيراً :
( لله ) هذه لام المُلك ، ما في السماوات وما في الأرض تعبير قرآني عن الكون ، الكون ما سوى الله ، هو مُلك لله ؛ خلقاً ، وتصرفاً ، ومصيراً ، أنت قد تملك موظفاً ، لكنك لم تخلقه ، أجريتَ مسابقة ، فتقدم لها ، ونجح فيها ، فأصبح موظفاً عندك ، أنت لا تملكه خلقاً ، بل تملكه استخداماً ، ثم إنك لك عليه صلاحيات محددة ، عليك أن يأتي في الساعة الثامنة ، وينجز ما يُطلب منه ، أما أن تكون مسيطراً على كل أجهزة جسمه ، أو على بيته ، وحياته الخاصة ، وأولاده فهذا مستحيل ، فأنت علاقتك معه محدودة جداً بهذا الدوام ، وهذا العمل ، لو أنه رفض أن يبقى عندك فله الحرية ، مصيره ليس بيدك ، وإنما بيده هو ، أضف لكم للإيضاح ، لكن ما معنى ( لله ) ؟ أي أنك أنت ملك لله خلقاً ، هو الذي خلقك ، وهو الذي يُسيِّرك، وإليه المصير قال تعالى :
﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ(25)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾
2 ـ افعل ما بدا لك فإنك ملاقٍ ربَّك :
اضطر إنسان إلى اقتراض مبلغ من المال ، فلم يجبه إلى ذلك أحد ، إلا أنّ رجلاً قال له : أريد رهناً ، فقال له : عندي مزرعة أسجلها باسمك مؤقتاً ، فإذا نقدتك المبلغ رددتها إلي ، فقال له : موافق ، بعد أن أصبحت هذه المزرعة بيد المُقرِض ، والمقترض بعد حين توافر له المبلغ ، فجاء ، وقال له : رُدّ لي المزرعة ، وهذا مبلغك ، فقال له : لا ، كل واحد معه حقه ، المزرعة غالية جداً ، أضعافاً مضاعفة عن القرض ، فمن شدة الألم أصابته أزمة قلبية كادت تودي بحياته ، قبل أن يموت كتب وصية ، كلَّف ابنه ـ أذكر القصة جيداً بيته في المهاجرين ، وخصمه في أحد أحياء دمشق الجنوبية ـ فقال له : سِر بالجنازة أمام دكان هذا الذي اغتصب مني مزرعتي ، وأوقف الجنازة أمامه ، واخرج من الجنازة ، وقدِّم له هذه الرسالة ، والرسالة كتبها بخط يده ، وقال فيها : أنا ذاهب إلى دار الحق ، سأحاكمك هناك ، وإن كنت بطلاً فلا تلحق بي ، افعل ما بدا لك .
ظلمت زوجتك ، ضحكت على الناس ، غششتهم في بضاعتهم ، حققت ملايين من بضاعة فاسدة ، فعلت شيئاً لا يرضي الله عز وجل ، فافعل ما بدا لك ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ(25)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ(26) ﴾
هناك الحساب ، فكل إنسان لا يُدخل الآخرة في حساباته اليومية أحمق ، كل إنسان لا يُدخِل الآخرة ، أنّ الله سيسألك : لِمَ فعلت ؟ لِمَ أعطيت ؟ لِمَ منعت ؟ لِمَ وصلت ؟ لِمَ قطعت ؟ لِمَ سالمت ؟ لِمَ عاديت ؟ لِمَ بششت ؟ لِمَ قطبت ؟ قال تعالى :
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
وقال تعالى :
هناك آيات كثيرة جداً :
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك أن الأمر كله إليه ، وهذه كلمة أقولها دائماً ، أُحمِّلها ما لا أستطيع من الشعور أن الله وحده هو المتصرف ، ليس إلا الله ، لا تنظر إلى قوي هو بيد الله، لا تنظر إلى غني هو بيد الله ، انظر إلى أنّ الله مالك الملوك ، وملك الملوك ، وقد ورد في بعض الآثار القدسية : " أنا ملك الملوك ومالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فإذا العباد أطاعوني حوَّلت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة ، وإن العباد عصوني حوّلت قلوب ملوكهم عليهم بالسخط والنقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، وادعوا لهم بالصلاح فإن صلاحهم بصلاحكم " .
ثم يقول الله عز وجل :
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
أمة النبي خير أمّةٍ : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
أي أنتم أيها العرب بهذه الرسالة التي نزلت فيكم ، بهذا النبي الذي هو سيد الأنبياء والرسل ، الذي بُعث فيكم أصبحتم خير أمة أخرجت للناس ، أي جعلكم الله وسطاء بينه وبين خلقه قال تعالى :
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾
أي وسطاء بين الله وبين خلقه ، أي أنّ الله عز وجل حمَّل هذه الأمة رسالة عظيمة ، حمَّلها رسالة الإسلام لتنقلها إلى الأنام ، هناك تقصير أحياناً ، فهذه الأمة التي خصَّها الله بهذه الرسالة ، وبهذا النبي الكريم هي عنده خير أمة أخرجت للناس على الإطلاق ، لكنّ هذه الخيرية لها علة ، وعلتها قوله تعالى :
﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ﴾
علة خيرية هذه الأمة :
1 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الفريضة السادسة :
ولعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الفريضة السادسة ، وأية أمة لا تأمر بالمعروف ولا تنه عن المنكر أمة هالكة ، والدليل أن الله أهلك بني إسرائيل لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ، ونحن - واللهٍ - تلبَّسنا بهذه الصفة ، مجاملات ، مديح ، لا أحد يأمر بالمعروف، ولا أحد ينهَى عن المنكر ، لا يتأثر ، لو أن إنسانًا رأى ابنة أخيه بثياب فاضحة ، بالعكس يستقبلها ، ويبُش لها ، ويرحب بها ، ولا يعطيها أية ملاحظة على ثيابها ، لو رأى ابن أخيه الآخر لا يصلي ، فإنه يسأله عن دراسته فقط ، وعن تحصيله ، وعن علمه ، وعن وظيفته ، ودخله ، لو أن إنسانًا تزوج فتاة يُسأل عن بيته ، وعن دخله فقط ، لا عن دينه ، فحينما لا نتناهى عن منكر فعلناه نستحق الهلاك ، قال تعالى :
﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ ﴾
الآن لو تناهينا عن منكر بلا إخلاص ماذا نفعل ؟ ننهى عن المنكر إذا وقع به الفقير أو الضعيف ، ونسكت عن منكر وقع به الغني أو القوي ، وهذه وصمة عار بحق الأمة قال الرسول الكريم :
(( ... إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ))
فيجب أن نأمر بالمعروف ، وأن ننهى عن المنكر ، والمعروف ما عرفته الفطرة السليمة ، والمنكر ما أنكرته الفطرة السليمة ، أي ائتِ بمئة إنسان لا على التعيين من الطريق ، أسمعهم قصة واسألهم من الظالم ، يقولون لك : فلان هو الظالم ، بالفطرة ، عند الناس فطرة صحيحة جداً ، هذه الفطرة تدعو إلى معرفة الخطأ ، لذلك :
﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
2 ـ الإيمان بالله :
لماذا قدَّم الله الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر على الإيمان بالله
لماذا قدَّم الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله ؟ قال لأن الإيمان بالله شيء داخلي ، ولا يُرَ ، أنت ماذا ترى بعينك ؟ ترى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فالله عز وجل قدَّم الظاهر ، وأخَّر الباطن ، أما إذا لم نأمر بالمعروف ، ولم ننهَ من المنكر فنحن عندئذٍ لسنا خير الأمم إطلاقاً ، ليس لنا ولا أية ميزة ، ولا أدنى درجة ، ونستأنس بقوله تعالى :
﴿ وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
إذاً : العلماء اضطروا إلى أن يقسموا الأمة إلى قسمين ؛ أمة الاستجابة ، وهي خير أمة أُرسلت للناس ، وأمة التبليغ ، وهي أمة كأي أمة من الأمم ، لا وزن لها عند الله إطلاقاً ، لأنه هان أمر الله عليها فهانت على الله ، ترتكب المعاصي والآثام جهراً ، وعمَّت الناس الموبقات ، الفساد في كل بيت ، نادِ ليلي دون أن يشعر أصحابه ، عن طريق هذه الفضائيات ، الفساد عمَّ، المال أصبح مشبوهاً ، العلاقات علاقات استغلال ليست علاقات رحمة بين الناس ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ ، وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ ، فَظَهْرُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا ، وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ ، وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ))
قال تعالى :
﴿ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ ﴾
وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ
اقرأ هذه الآية بتروٍّ ، أي يا عبدي لو آمنت بي لكان خيراً لك ، لو عرفتني لكان خيراً لك ، لو أطعتني لكان خيراً لك ، لو بذلت من مالك في سبيلي لكان خيراً لك ، لو خفت هذا اليوم يوم القيامة لكان خيراً لك قال تعالى :
﴿ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ ﴾
وقال :
﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ﴾
لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى
1 ـ الكفار يؤذون المسلمين باللسانِ :
لسان طويل ، يتكلمون ، يطعنون ، يسبون ، يشتمون ، لكنّ فِعلهم بيد الله ، من أجل أن نطمئن ، قال تعالى :
﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ﴾
هؤلاء اليهود وقال تعالى :
﴿ وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾
2 ـ الكفار لا يصمدون في قتال المسلمين من شدة الخوف :
أي بعض هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل هز كيان العدو أوقفوا السياحة ، أوقفوا الهجرة ، أصبحت هناك هجرة معاكسة ، عشرات رحلات الطيران أُلغيت ، عشرات الرِحل من أمريكا إلى بلاد اليهود أُلغيت ، خافوا ، شباب قلة ضحوا بأنفسهم في سبيل هز كيان عدوهم ، فبلغوا الأثر الأقصى ، يقول كبير مجرميهم : نحن لم نضبط أنفسنا لكننا نصون أرواح شعبنا ، شعر أنّ الأمر يتفاقم ، قال تعالى :
﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾
تصريح إلهي ، وإن يقاتلوكم ، وأنتم مع الله بإقبال وإخلاص يولوكم الأدبار ، قال تعالى :
﴿ وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا ﴾
الكفار أذلة جبناء :
أينما كانوا ، إذا قال أحد الناس : ولماذا أذلاء ، بل أقوياء جداً ، قال تعالى :
﴿ إِلَّا بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ ﴾
إِلَّا بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ
أي إذا عادوا إلى الله ترفع عنهم هذه الذلة ، لأنهم بشر ، وحبل من الناس ، أي إذا دخلوا في حماية جهة قوية ، أما هم وحدهم من دون جهة قوية تمدهم ، وترعاهم ، وتقلق لأمنهم ، ويأتون من أقاصي الدنيا كي يطمئنوا على سلامتهم ، لولا أن هناك جهة قوية تدعمهم ، وتدافع عنهم وتمدهم لـ :
﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ﴾
إلا إذا تابوا إلى الله ، الله عندئذ ينصرهم ، قال تعالى :
﴿ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ﴾
وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ
أي ضربت عليهم المسكنة إمعاناً في إذلالهم الله عز وجل ابتلاهم بالفقر ، ويضرب العوام مثلاً لهذا الذي ضيَّع آخرته ودنياه معاً ، قال تعالى :
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ
1 ـ إن البُغاث بأرضنا يستنسر :
هناك مثل عربي يقول : إن البُغاث ـ وهو أضعف أنواع الطير ـ بأرضنا يستنسر ـ أي أصبح نسراً ، معنى ذلك نحن أضعف منهم ، إذا كان الضعيف الذي ضرب الله عليه الذلة ، والمسكنة ، وباء بغضب من الله أقوى من بعض المسلمين ، معنى ذلك أن هؤلاء المسلمين قصروا مع ربهم تقصيراً شديداً ، حتى سلط عليهم من لا يخافه ولا يرحمه ، قال تعالى :
﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾
2 ـ بِغَيْرِ حَقٍّ : قيد وصفي احترازي :
يقتلون أنبياءهم ، وما من نبي يُقتَل بحق ، مستحيل ، شأن قتل النبي أنه بغير الحق ، لا يوجد حالة اسمها قتل نبي بحق مستحيل هذا ، هذا اسمه احتراز وصفي ، صيغة احترازية وصفية ، قيد وصفي لا قيد احترازي ، هذا اسمه في البلاغة قيد وصفي ، لا قيد احترازي ، إذا قرأت قوله تعالى :
﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ﴾
لا يمكن أن نفهم من هذه الآية أن الفتاة إن لم ترد تحصناً لك أن ترغمها على الزنى ، لكن من شأن الفتاة أنها تريد تحصناً ، فسماه علماء البلاغة قيدًا وصفيًّا ، لا قيداً احترازياً ، قال تعالى :
﴿ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾
3 ـ تركُ الأمور تدريجي مآله إلى الكفر :
قال بعض العلماء : من ترك الآداب ابتلي بترك السنن ، ومن ترك السنن ابتلي بترك الفرائض ، ومن ترك الفرائض ابتلي بسوء العقيدة ، ومن ابتلي بسوء العقيدة أوصلته إلى الكفر ، هناك معنى أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فعَنْ سَلْمَانَ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( يَا سَلْمَانُ ، لا تَبْغَضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ أَبْغَضُكَ ، وَبِكَ هَدَانَا اللَّهُ ؟ قَالَ : تَبْغَضُ الْعَرَبَ فَتَبْغَضُنِي ))
أي أن البغض ينتقل .
فتَرَكَ الآداب ، ترك السنة ، ترك الفرض ، ساءت عقيدته ، انتقل للكفر ، قال تعالى :
﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ
أيها الإخوة ، من ترك الآداب ابتلي بترك السنن ، ومن ترك السنن ابتلي بترك الفرائض ، ومن ترك الفرائض ابتلي بعقيدة فاسدة ، هذه العقيدة الفاسدة توصله إلى الكفر ، قال تعالى :
﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾
1 ـ لابد من الموضوعية في الأحكام :
فالله عز وجل يعلمنا أن تكون أحكامنا موضوعية ، قال تعالى :
﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ﴾
أي قائمة بتطبيق منهج الله ، أو قائمة في عباداتها ، أو قائمة بالعدل ، ثلاثة معانٍ ، أمة قائمة بالعبادات أو قائمة بالالتزام ، أو قائمة بتطبيق العدل ، قال تعالى :
﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾
2 ـ لا يتلى القرآن في الركوع والسجود :
أي ليس هناك تلاوة قرآن في الركوع والسجود ، نهى عنها النبي ، الركوع هو التعظيم ، والسجود هو الدعاء ، لكن إن سمينا الصلاة سجوداً أي يقرؤون القرآن في الصلاة .
قال تعالى :
﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
فريق منهم هكذا ، قال تعالى :
﴿ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾
والحمد لله رب العالمين
الأسئلة :
أيها الإخوة ، لماذا يقول سيدنا عمر : << تعلموا العربية فإنها من الدين >> ؟
س : كيف يقول الله عز وجل مخاطباً أهل الكتاب :
﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ﴾
ج : فإذا عبدوا نبياً من أنبيائهم فهل معنى ذلك أنّ هذا النبي مصيره إلى الله ؟ لو عرف أنّ ( ما ) تعني غير العاقل ، ( من ) تعني العاقل ، لما سأل هذا السؤال ؟ لو قال : إنكم ومن تعبدون من دون الله ، لكان السؤال وجيهاً ، لكنّ الله تعالى قال :
﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾
أي الحجر ، إن عبدتم حجرًا فهذا يعني أنكم أنتم والحجر في النار ، أحدهم أحب أن يتفاصح فقال :
ولست أبالي حين أَقتُلُ مســلماً على أيّ جنب كان في الله مصرعي
مصيره إلى جهنم ، أما الصحابي فقد قال :
ولست أبالي حين أُقتَلُ مسلـــماً على أي جنب كان في الله مصرعي
شتان بين أن أقول : حين أَقتُل مسلماً إلى جهنم ، وبئس المصير ، وبين أن يقول حين أُقتل مسلماً بسبب إسلامي فأنا شهيد .
س : نحن نعلم أن العبد إذا صلى ، وصام ، وبذل كل ما يستطيع من أجل أن يستقيم ، وحرَّر دخله ، وزوجته ، وأولاده لا يخرجون عن نطاق الشرع ، فما بال بعض المشايخ يتوعدون الناس عند نزول القبر بعذاب شديد ، وأشياء ليس لنا بها طاقة ؟
ج : الحقيقة أن الجواب سهل جداً ، وهو وفي قوله تعالى :
﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾
لو كنت في أفسق مجتمع على الإطلاق ، وكنت مستقيماً أنت ، وأهلك لك الجنة ، وكرم الله أعظم من أن تؤخذ بجريرة العُصاة ، إلا إذا قصَّرت في نشر الحق ، مثلاً احترق بيت في آخر الحي ، فالبيت الأول سوف ينجو إذا خرج لإطفاء ذلك الحريق ، أما إذا قال : أنا لا علاقة لي ، بيتي لا يوجد فيه حريق فعندها الحريق سيصل إلى بيتك ، هذا معنى قوله تعالى :
﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾
حينما تستقيم على أمر الله أنت وأهلك ، وتحرر دخلك والمجتمع غارق في الربا ، وفي الفسق والفجور ، لا علاقة لك به ، فعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ :
(( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ))
قال تعالى :
﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾
والحقيقة أنّ الرحمة خاصة والبلاء خاص ، لا يوجد شيء عام ، إلا أن يكون هناك تقصير ، عندما أراد الله إهلاك قرية قالت الملائكة : إن فيها رجلاً صالحاً ، قال : به فابدؤوا ، قالوا : ولِمَ يا رب ؟ قال : لأنّ وجهه لا يتمعَر إذا رأى منكراً .
هذا موضوع آخر ، أما إذا أنت كنت مستقيماً ، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر فلك معاملة خاصة ، قال تعالى :
﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ ﴾
وقال :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا ﴾
فكلام واضح .
س : الحسن البصري يروي هذا الحديث : " ليس من ولد آدم أحد إلا وقد خُلِق معه الحسد " .
ج : هذا كلام صحيح ، الحسد صفة حيادية ، أنت تحب أن تكون مثل المتفوقين ، هذه الصفة لصالحك ، رأيت إنساناً ملتزماً صالحاً حافظاً لكتاب الله يعمل في الدعوة ، عمله طيب ودخله حلال ألا تغار منه ؟ هذا حسد ، وفي الحديث عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
media
visibility
seo_details
current_characters: , meta_title should_bd in_between 30-60 characters
current_characters:
current_characters: , meta_title should_bd in_between 30-60 characters
current_characters: