وضع داكن
19-04-2024
Logo
الخطبة : 0465 - االوقاية من الإيدز2- الشهوات حيادية - سُرعة التئام الجروح عند الأسماك.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا لرُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ما اتَّصَلَت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بِخَبر . اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللَّهمّ ارْحمنا فإنّك بنا راحِم ، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُف بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الإنسان بين موقفَيْن ؛ إما أن يستجيب للحق وإما أن يتَّبِع الهوَى :

 أيها الأخوة الكرام ؛ تَتْميمًا للموضوع السابق حول موضوع مرض الإيدز الإنسان أيها الأخوة رُكِّب - كما قال الإمام عليّ كرَّم الله وجهه - مِن عَقْل وشَهوة ، في حين أنّ الملَكَ ركّب من عقل دون شَهوة ، وأنّ الحيوان ركِّب من شهوة دون عقل ، وأنّ الإنسان ركِّبَ من كِلَيْهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمَتْ شهوته على عقله أصبح دون الحيوان ، لذلك هذه الشهوة التي أوْدَعها الله في الإنسان - وقد ذكرتُ لكم في الأسبوع السابق أنّها حِياديَّة - إما أنّها درجاتٍ نرقى بها ، وإما أنَّها دركاتٍ نهوي بها ، إما أنَّها قِوَى محرِّكة ، وإما أنّها قِوَى مُدَمِّرة ، على كلٍّ في الإنسان شهواتٌ أوْدعها الله فيه ، القرآن الكريم عبَّر عنها أحيانًا بالهَوَى ، لذلك لو تتبَّعنا الآيات الكريمة التي ذكرت الهوى لرأينا العجب العُجاب ، فالله سبحانه وتعالى يقول في سورة طه :

﴿وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ﴾

[ سورة طه : 81]

 أي سقط ، فهَوَى يَهْوي بمَعنى سقط يسقط ، والعجيب أنّ هذا الفعل يُستعمل تارةً للسقوط ، وتارةً للميل ، فينبغي أن نفْهم أنّ الهوىَ بِمَعنى المَيْل ربّما تطابق مع السُّقوط ، والإنسان لأنْ يسقط من السماء إلى الأرض أهْوَنُ من أن يسقط من عين الله ، وسُقوط الإنسان أيْ هلاكهُ .

 

الكفار تصوُّراتهم غير صحيحة و عقيدتهم غير صحيحة :

 الله سبحانه وتعالى في آية من سورة النجم بيَّن أنّ هؤلاء الكفار ، هؤلاء المعرضون إن يتّبعون إلا الظنّ وما تَهوى الأنفس ، فالإنسان أيها الأخوة إما أن يقودهُ عقلهُ ، وإما أن يقودهُ هواه ، وليس هناك حالة ثالثة ، إما أن يتَّبِعَ الهوى ، وإما أن يتَّبِعَ العقل ، العقل يدلُّه على الله ، العَقل يأمرُهُ بِطَاعة الله ، والعمل للآخرة ، بينما الهوى يأمرُه أن يفعل كلّ شيءٍ يقضي شَهوتهُ ولذَّتهُ ولو كان عُدْوانًا ، أو بَغْيَا ، أو طُغيانًا ، فهؤلاء الكفار يقول الله عنهم : إنّ يتَّبعون إلا الظنّ أيْ تصوُّراتهم غير صحيحة ، عقيدتهم غير صحيحة ، فلْسفتهم غير واقِعِيَّة ، وهذا هو الظنّ .
 فيا أيها الأخوة ، الإنسان ينبغي أن تبلغ عقيدته درجة اليقين ، قال تعالى :

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾

[ سورة التكاثر : 5-6]

 أما إذا ظنَّ ظنًّا ، والظنّ لا يُغني من الحق شيئًا ، فهناك وهْمٌ ، وهناك شكّ ، وهناك ظنّ ، وهناك غلبة ظنّ ، وهذه كلّها لا تُغني من الحق شيئًا ، وبعد علم اليقين هناك حقّ اليقين ، وبعد حقّ اليقين هناك عَين اليقين ، فإذا رأيْتَ دُخانًا وراء جدار عِلْمُ اليقين يقول لك : لا دُخان بلا نار ، فإذا رأيْتَ النار بأمِّ عَينِك ، رأيْتَ عَيْن النار ، فضلاً عن آثارها وهي الدخان فهذا هو حق اليقين ، فإذ لمسْت النار ، واحترقَت يدُك بها فهذا هو عين اليقين ، ينبغي أن تكون دائرة عقيدتك في علم اليقين ، وحقّ اليقين ، وعين اليقين ، أما الوهم والشكّ والظنّ وغلبة الظنّ فكلُّ هذا لا يُغني من الحقّ شيئًا ، قال تعالى :

﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ﴾

[ سورة النجم : 23]

 الذي يُحرّكهم أوهام ليْسَت واقعيَّة ، وشهوات دنيئة مسْتعرة تغلي في نفوسهم ، هذا وصْفٌ دقيق لِخَالق الكون عن الكفار .

 

من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً :

 أيها الأخوة الكرام ؛ الصّفة الأولى التي وصف بها الله نبيَّه عليه الصلاة والسلام هي إنَّه لعلى خلق عظيم ، أما كلامهُ فقد وصفه الله عز وجل بأنَّه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فنحن البشر إما أن ننطق عن الحق الذي أنزلهُ الله من السماء ، إما أن تنطق بآيةٍ ، أو بحديث صحيح ، أو بِحُكمٍ شرعي ، أو بِحَقيقة ساطعة كوْنيَّة ، وإما أن تنطق عن الهوى ، والنبي عليه الصلاة والسلام في كلّ أطواره ، وفي كلّ أحواله ، في غضبه وفي رضاه ، وفي ضيقه وفي وُسعته لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
 أيها الأخوة الكرام ؛ في سورة النازعات آيةٌ كريمة ، وهي قوله تعالى :

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات : 40-41]

 قال بعض المفسِّرين : مقام الله عز وجل أيْ وُقوف العبد بين يدي ربّه يوم القيامة، لذلك ترى المؤمن ما من موقف يقفهُ إلا ويسأل نفسهُ ؛ ما جوابك لله إذا وقفْت بين يدي الله عز وجل ؟! أيها الإنسان تحرَّك كيفما شئت ، ولكن هيِّئ لرَبِّكَ جوابًا عن كلّ موقفٍ وحركة، وعن كلِّ سكنةٍ ، وعن كلّ إنفاق ، وعن كلّ منْعٍ ، وعن كلّ عطاء ، أيُّ موقفٍ تقفهُ ينبغي أن تُهَيِّئ لله تعالى جوابًا قال تعالى :

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾

[ سورة النازعات : 40]

 أي مقامه بين يدي الله عز وجل حين الحِساب ، قال تعالى :

﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات : 40-41]

 أيْ أنَّ النفس أمارة بالسوء ، فلو أنَّ النفس أتْبعْتها ما تشتهي لوَقَفْتَ يوم القيامة أمام ربِّك موقفًا صعْبًا ، أما لو نهَيْتَ نفسكَ عن الهوى ، ووضَعْتَ مُيول النفس الدنيئة تحت قدمك ، وخفْتَ مقام ربّك ، وخفْتَ أن تقف بين يديه لِتُسأل عن كلّ شيء ، فإنّ الجنّة هي المأوى ، لذلك من حاسب نفسهُ في الدنيا حسابًا عسيرًا كان حسابه يوم القيامة يسيرًا ، ومن كان حسابهُ لنفسه يسيرًا كان حسابه يوم القيامة عسيرًا ، قال تعالى :

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾

[ سورة النازعات : 40]

 أي وقوفه بين يدي الله عز وجل ، وقال تعالى :

﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات : 40-41]

من يتبع هواه ليس أهلاً للسؤال و الاستشارة :

 أيها الأخوة الكرام ؛ إما أن تتَّبِعَ الهوى ، وإما أن تتَّبِعَ ما يُمليه عليك عقلك ، والعقل المطلق متطابق مع النقل الصحيح ، فإذا فكَّرْتَ تفكيرًا صحيحًا تنتهي إلى نتائج متطابقة مع الأمر الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام ، والنهي الذي نهى عنه ، أما العقل الجامح فقد يتناقض مع النقل الصحيح ، وأما النقل غير الصحيح فقد يتناقض مع العقل الصحيح .
 أيها الأخوة الكرام ؛ وربّنا سبحانه وتعالى في سورة الكهف ينهانا ويقول :

﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف : 28]

 هذا الذي يتَّبِعُ هواه ليس أهلاً أن تسأله ، ولا أن تسْتشيره ، ولا أن تسْتنصِحَهُ ، ولا أنْ تعرِضَ عليه مشكلتك ، ولا أن تهتدي بِرأْيِهِ ، فإنَّه لا رأْيَ له ، كان أمْرهُ فرطًا ، والغفلة هنا أيُّها الأخوة تُقاسُ على أشياء كثيرة ، قال تعالى :

﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾

[ سورة الصف : 5]

 إزاغَةُ الله لقُلوبهم إزاغةٌ جزائيَّة مَبْنِيَّة على زَيْغٍ اختياري ، وإذا عُزِيَ الإضلال إلى الله عز وجل فهو الإضلال الجزائي ، الذي أساسه ضلال اختياري ، وكذلك أغفلنا قلبه عن ذِكرنا ، هذا الإغفال الجزائي الذي يُبنى على غفلةٍ اختياريّة ، قال تعالى :

﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف : 28]

 وفي آية ثانية في سورة طه ، قال تعالى :

﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾

[ سورة طه : 16]

 أيْ تسْقط ، كلُّ الآيات التي تأتي فيها كلمة الهوى تُشير إلى الشهوات التي لا ترضي الله عز وجل .

 

من يتبع هواه بغير هدى من الله أشدّ الناس ضلالاً :

 ثمّ إنّ الله يبيِّنُ أنّ هذا الذي يتَّبعُ الهوى لقد جعل من الهوى إلهًا له يعبدُه من دون الله ، قال تعالى :

﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ﴾

[ سورة الفرقان : 43]

 هذا الذي يتحرَّك وفْق أهوائه المنحرفة ، هذا الذي يقف أيّ موقف في ضوء أهوائه الضالة ، وهذا الذي يعطي عن هوى ، ويمنع عن هوًى ، يُسرُّ عن هوًى ، ويغضبُ عن هوًى ، هذا الذي يُسيِّرُه الهوى كيفما شاء كأنّه اتَّخذ الهوى إلهًا له ، ثمّ إنّ الله سبحانه وتعالى في سورة القصص يبيِّنُ أنَّه ما من إنسان على وجه الأرض أشدّ ضلالاً وانحرافًا وعمًى من الذي اتَّبَعَ هواه بغير هُدًى من الله عز وجل ، في هذه الآية إشارةٌ إلى أنّ هذه المُيول التي أوْدعها الله فينا ، إلى أنّ هذه الشهوات التي غرزها الله في نفوسنا ، لو أنَّنا تحرَّكنا من خلالها وفْق شرْع الله عز وجل ومنهج الله لا شيء علينا ، فلو أنّ حُبّ المال أوْدَعَهُ الله في كلّ إنسان ، لو أنّ هذا الحبّ أفرغَهُ في قناةٍ شرعيَّة ، وهي العمل الشرعي ، الكَسب المَشْروع ، أوْدَعَ الله في الإنسان حبّ النّساء ، لو أنّ هذا الحبّ أفْرغَهُ في قناة الزواج النظيفة ، التي تبني المجتمع ، لا شيءَ عليه ، هذا معنى قوله تعالى :

﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّه﴾

[ سورة القصص : 50]

 أي أنّ الميْل قد يكون قوَّة تبني ، أنّ الشهوات قد تكون أساسًا لِرُقِيِّنا إلى ربّ الأرض والسموات ، ولكن بِشَرط أن تتَّبِعَ الهوى وفْق منهج الله تعالى .

 

من يكذب بآيات الله فهو في ضلال مبين :

 تتِمَّة الآية :

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة القصص : 50]

 وهناك علاقة وشيجة بين طرفي الآية ، فهذا الذي يتَّبعُ هواه بغير هدًى من الله لا بدّ من أن يظلم ، قال تعالى :

﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة القصص : 50]

 وفي سورة الأنعام يقول الله عز وجل :

﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾

[ سورة الأنعام : 150]

 الحقّ لا يتبدَّل ولا يتعدَّد ، فهذا الذي يكذب بآيات الله هذا في ضلال مبين ، إذًا كلّ تعليماته ، وكلّ إرشاداته ، وكلّ آرائه ، وكلّ تصوُّراته ، ضلال في ضلال قال تعالى :

﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾

[ سورة الأنعام : 150]

 لأنه ما بعد الحق إلا الضلال ، ما بعد التكذيب بالآيات إلا الضلال العميم .

 

ثمرات اتباع الهوى :

 أيها الأخوة الكرام ؛ وفي سورة الجاثية يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة الجاثية : 18]

 وكأنّ الذي يعلم لا يتَّبعُ الهوى ، وكأنّ الذي لا يعلم يتَّبع الهوى ، وكأنّ بين العلم والهوى تناقضًا بمَعنى وُجود أحدهما ينقض الآخر ، قال تعالى :

﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة الجاثية : 18]

 لا يعلمون إذًا لهم أهواء ، لو أنّهم يعلمون لأخضعوا أهواءهم لمنهج الله عز وجل، أما أن ينطلق الإنسان من شهواته ، ومن أهوائه ، دون أن يتقيَّد بِمَنهج الله عز وجل فالنّهاية وخيمة جدًّا ، إنّها إفسادٌ للسموات والأرض ومن فيهنّ ، أليْسَت الأجواء ملوّثة ؟ أليْسَت طبقة الأوزون مخلْخَلة ؟ أليْسَت مياه البحار ملوَّثة ؟ أليْسَت النباتات ملوّثة بهذه المُبيدات ؟ أليْسَت حياتنا كلّها تشكو التلوّث ؟ أليْست العلاقات الإنسانيّة تشكو التلوّث ؟ هذا هو الفساد ، قال تعالى :

﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنّ﴾

[ سورة المؤمنون : 71]

 فالبشريَّة إن انطلقت من أهوائها فهي تنتحر باختيارها ، وحينما تقول : القارة الإفريقيّة ، وبعض القارات الأخرى على وشك الهلاك بِفِعل هذا المرض الذي تحدَّثتُ عنه في الأسبوع السابق ، إنّهم قد اتَّبعُوا أهواءهم فهَلَكوا ، قال تعالى :

﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنّ﴾

[ سورة المؤمنون : 71]

 ألَيْسَت المجتمعات الغربيَة قد انتهَتْ منها الأسرة ؟ انتَهَتْ منها العلاقات النظيفة ، أليْسَ هذا التمزّق والتفتُّت والضياع والشقاء الإنساني بِفِعْل المخدّرات ؟ وبِفِعل الانحرافات ؟ وبفعل هذه الأمراض الوبيلة ؟ أليْسَت هي ثمرة اتِّباع الهوى ؟ قال تعالى :

﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنّ﴾

[ سورة المؤمنون : 71]

 هذه الآية في سورة المؤمنون .
 أيها الأخوة الكرام ؛ كَمِقْياسٍ دقيق يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿َ فإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾

[سورة القصص:50]

 فالإنسان بين موقفَيْن ، إما أن يستجيب للحق ، وإما أنَّه يتَّبِعُ الهوَى ، فإن لم يسْتجِب للحق ، فهو يقينًا يتَّبعُ الهوى قال تعالى :

﴿َ فإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾

[سورة القصص:50]

الهوى في القرآن الكريم :

 يا أيها الأخوة الكرام ؛ الهوى في القرآن الكريم وردَ في أكثر الآيات مذمومًا إلا في آيةٍ واحدة ، وهي دُعاءٌ ورد على لٍسان سيّدنا إبراهيم :

﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾

[ سورة إبراهيم : 37]

 أحيانًا يأتي الهوى بِقَرينةٍ تدلّ على أنَّه المَيْل إلى الحق ، المَيْل إلى إنصاف الناس ، والمَيْل إلى طاعة الله ، وهذا يؤكِّدُه قوله تعالى :

﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّه﴾

[ سورة القصص : 50]

 أي لو أنّ هذا الهوى ما رسخ في الإنسان بالطريقة التي شرعها الله عز وجل لا شيء عليه ، لذلك ورد في بعض الأحاديث الصحيحة فقد روى الإمام مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ :

(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ ))

[ مالك عن أبي هريرة]

 وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :

(( حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا قَالَتْ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً فَقَالَ : لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ ))

[الترمذي عن عائشة]

 وعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ))

[الترمذي عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ]

 الكيّس أي العاقل من دان نفسه ، أي ضبط جوارحهُ ، ضبط شهواته ، ضبط ميولهُ ، قنَّنَ مُيوله وفْق شرع الله ، ووفق منهج الله ، هذا هو العاقل ، وعمل لما بعد الموت ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الأماني ، والله سبحانه وتعالى لا يتعامل مع عباده بالأماني ، لا يتعامل معهم إلا بالسعي الصحيح ، قال تعالى :

﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ﴾

[ سورة الإسراء : 19]

 هذا التمنّي كما قال تعالى :

﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ﴾

[ سورة النساء : 123]

(( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ))

[الترمذي عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ]

 ومن أدعية النبي عليه الصلاة والسلام كما روى الترمذي ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَهْوَاءِ ))

[الترمذي عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَمِّهِ]

 إذًا ركِّبَ الحيوان من شهوة بلا عقل ، في حين أنّ الملَكَ ركّب من عقل دون شَهوة ، وركِّبَ الإنسان من كِلَيْهما ، فإن سما عقله على شهوته ، قال تعالى :

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات : 40-41]

 فإذا سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمَت نفسه على عقله ، واتَّبع هواه ، وكان أمره فرطًا ، أصبح دون الحيوان .

 

الإنسان دائماً بين نِداء الشَّهوة ونِداء العقل :

 فيا أيها الأخ الكريم ؛ وأنت في بيتك ، وأنت في عملك ، وأنت في الطريق غرائزُك تدعوك إلى شيء ، وعقلك يدعوك إلى شيء ، تقول لك الغريزة : اُنظر ، ويقول لك عقلك : غُضّ الطرْف ، تقول لك الغريزة : خُذ هذا المبلغ من المال ، يقول العقل : لا تأخذهُ هذا مالٌ حرامٌ مَشبوه ، فدائمًا أنت بين نِداء الشَّهوة ونِداء العقل ، طوبى لِمَن استجاب لِنِداء العقل ، وأعرض عن نداء الشهوة ، واقرَأ الآيات كلّها تجد أنّ الهوى في معظم الآيات الكريمة ورد في معرض الذمّ ، وأنّ الهوى إذا أطلق انصرف إلى الهوى غير المَشْروع الذي لا يرضي الله عز وجل .
 أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنَتَّخِذ حذرن .

(( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ))

[الترمذي عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ]

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

تفسير سرعة التِئام جروح الأسماك :

 أيها الأخوة الكرام ؛ من آيات الله الدالة على عظمته ، وقد بيَّنْتُ لكم كثيرًا أنّ التفكّر في آيات الله في كونه أقْصَر طريق إلى الله ، وأوْسعُ باب ندخل منه إلى مُعاينَة عظمة الله عز وجل ، فهناك فُنون حربيَّة تُتْقنها الأسماك ، الحرب كما تعلمون كرّ وفرّ ، وما من حُروبٍ تدور إلا وفيها قَتلى وجرْحى ، وكذلك الأمر لدى سُكَّان البحار ، فكم من سمكةٍ فرَّت وهي تحملُ جراحًا من عضَّة أو نهشةٍ أصابتْها من عدوّها ، ولكنّ الشيء الذي يلفتُ النَّظر أنّ جراح الأسماك سريعًا ما تشفى ، سريعًا ما تلتئِم ، في وقتٍ قياسيّ لا يُصدّق ، هذا السؤال حيَّر علماء الحيوان ، بعضُ العلماء عزا هذه الظاهرة ، سرعة التِئام جروح الأسماك في وقتٍ قياسي وقصيرٍ جدًّا بالقياس إلى التئام جروح الإنسان إلى مُلوحة المياه ، ولكنّ هذا التفسير سقط أمام ظاهرة كثيرة ، شاهدها علماء البحار بأُمِّ أعْيُنهم ، فعُلماء البحار ، وعلماء الأسماك وجدوا من خلال الملاحظة الدقيقة ، أنّ بعض الأسماك إذا ما جُرحت تلجأُ إلى أسماك من نوعِهِا ، يتناوَبُ بعضها خلف بعض على الالتِصاق بأماكن الجروح ، أسماكٌ تلتصقُ مع السمكة الجريحة ، تأتي الأولى والثانية والثالثة إلى أن يلتئمَ الجُرح ، اعْتَقَد العلماء أنّ هذه الأسماك تفرزُ مواد تُعين على شِفاء الجروح والتئامها ، فما كان من علماء الأسماك إلا أن جاؤوا ببعض هذه الأسماك إلى مختبرات ، ووضَعوها في مياه مالحة ، ووضعوها في الشروط نفسها ، وأحْدثوا جرحًا في بعض هذه الأسماك ، الشيء الذي يلفتُ النظر ثانيًا أنّ هذه الأسماك امْتَنَعَتْ عن معالجة زميلتها !! وهي تحت سمْع وبصر العلماء !! وبقي هذا السرّ دفينًا سنواتٍ طويلة ، إلى أن استطاع عالمٌ قضى سنوات طويلة في تحليل هذه المواد التي تفرزها الأسماك حينما تلتصقُ بِزَميلاتها الجرحى، فإذا هذه المواد سامَّة وضارَّة ظاهرًا ، لكنّ بعضها متخصِّصٌ بِتَخثير الدمّ ، وبعضها يُعين على انقباض الجلد والعضلات ، وفي بعضها مادّة لاصقة ، يخثّر الدم أوّلاً ، تُشدّ العضلات والجلد ثانيًا ، تأتي المادة اللاصقة ثالثاً لتُنهيَ هذا الجرح نهائيًّا ، جيءَ بِبَعض هذه المواد ووُضِعَت على جرح الإنسان فإذا هو يلتئِمُ في ثلث الوقت الذي من عادته أن يلتئم به من عشرة أيام إلى ثلاثة أيام بتأثير هذه المواد ، دون أن يكون لهذه المواد أعراضٌ جانبيَّة ، قال العلماء : وكأنّ هذه المواد المتنوّعة - بعضها للتخثير ، وبعضها لِشَدّ الجلد والعضلات ، وبعضها كمادّة لاصقة - تتعاونُ فيما بينها ، وتنسِّقُ وظائفها ، وكأنَّها واعِيَةٌ هادفةٌ تتعمَّد الوُصول إلى نتيجةٍ واحدة ، ألا وهي سُرعة التئام الجروح .
 أيها الأخوة الكرام ؛ هذه الآية الكَوْنيَّة مِصْداق قول الله تعالى :

﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾

[ سورة طه : 50]

 علمٌ ما بعده علم ، وقدرةٌ ما بعدها قدرة ، لذلك قال بعض العلماء : كلُّ إنسانٍ لا يرى من هذا الكون قوَّة هي أقوى ما تكون ، عليمة هي أعلم ما تكون ، حكيمة هي أحكمُ ما تكون ، رحيمةً هي أرحم ما تكون ، هو إنسانٌ حيّ ولكنَّهُ ميِّت ، ففي كلِّ شيءٍ له آية تدلّ على أنَّه واحدُ ، يمكن أن تفكِّر في الأسماك فترى العجب العُجاب ، يمكن أن تفكِّر في الأطيار التي زوَّدها الله برؤيةٍ تزيد ثمانية أضعاف عن قدرة رؤية الإنسان ، يمكن أن ترى طائرًا يقطعُ سبعة عشر ألف كيلو متر من دون توقّف !! ما هذه الرحلة ؟! تعجزُ عنها أكبر الطائرات الأرضيَّة .
 أيها الأخوة الكرام ؛ الكون مَظْهرٌ لأسماء الله الحسنى ، وصفاته الفضلى ، يمكن أن تلْمسَ من خلال الكون أسماء الله الحسنى ؛ قدرته ، علمه ، رحمته ، عدالته ، لذلك القرآن الكريم طافحٌ بالآيات التي تدْعو إلى التفكّر في خلق السموات والأرض ، قال تعالى :

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾

[ سورة فاطر : 28]

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور