وضع داكن
20-04-2024
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 023 ب - اسم الله الطيب 2
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى: ( الطيِّب ):

1 ـ المال المزكَّى يطيب:

 أيها الإخوة الأكارم، لا زلنا مع اسم الطيب، ومن الأحاديث الصحيحة قول النبي صلي الله عليه وسلم:

(( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ الزَّكَاةَ إِلَّا لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ ))

[ أبو داود عن ابن عباس ]

  المال الذي تؤدى زكاته يطيب، يبارك فيه، تنتفع به، يحفظه الله، يسلم من التلف.
 أيها الإخوة الكرام، ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة.
 وحصنوا أموالكم بالزكاة.

 

(( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ الزَّكَاةَ إِلَّا لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ ))

  لذلك حينما قال الله عز وجل:

 

 

﴿ خُذْ (103) ﴾

 

[ سورة التوبة]

 الخطاب موجه إلى النبي عليه الصلاة والسلام لا على أنه نبي، بل على أنه ولي الأمر:

 

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (103) ﴾

 

( سورة التوبة)

 الصدقة هنا تعني أنها تؤكد صدقهم:

 

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (103) ﴾

( سورة التوبة)

 تطهر الغني من البخل، والبخل والشح مرض خبيث يصيب النفس، كيف أن الورم الخبيث يصيب الجسم، وقد يكون قاضياً، كذلك الشح مرض خبيث يصيب النفس، فأندم الناس من عاش فقيراً ليموت غنياً، وأكبر عقاب للبخيل أن من حوله يتمنون موته، فإذا أصابته وعكة وجاء الطبيب، وقال: قضية بسيطة، ينزعج الأولاد جداً، يريدونها قاضية، ولا يريدونها عَرَضية، فلذلك الزكاة تطهر الغني من الشح، تطهر الفقير من الحقد، يرى أن الغني يعطف عليه، يعطيه من ماله، تطهر المال مِن تعلق حق الغير به، فالحجر المغصوب في دار رهن بخرابها.
 إذا بقي في المال حق الفقير، ولم يؤدَّ ربما تلف المال كله، إذن برئ مِن الشح مَن أدى زكاة ماله، ولا تستطيع أن تتهم إنسان بالبخل إذا أدى زكاة ماله، برئ من الشح من أدى زكاة ماله، وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده، وبرئ من النفاق من أكثر من ذكر الله.
 إذاً:

(( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ الزَّكَاةَ إِلَّا لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ ))

  لأن الله طيب، هو طيب، وطيّب مالك، أنفقته بيسر، فبارك لك الله فيه، انتفعت به، وسلم من المصادرة، ومن التلف، ومن الحريق، الله عز وجل كما أنه إذا أعطى أدهش، إذا أخذ أدهش.
  وفي حديث آخر، دققوا في هذا الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

(( مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ ـ يعني بمثل تمرة ـ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ـ من مال حلال ـ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ ـ الفرس الصغير ـ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ ))

 

[ البخاري ]

  ورد في بعض الأحاديث أن الإنسان إذا وضع في فم زوجته لقمة من طعام رآها يوم القيامة مثل جبل أحد.
  الله عز وجل خلقنا لنربح عليه:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) ﴾

( سورة الصف)

  أيها

(( مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ ـ يعني بمثل تمرة ـ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ ))

 

2 ـ الطائع التائب يكون طيِّبًا:

 شيء آخر، أنت أيها المؤمن، إذا اصطلحت مع الله، وتبت إليه، وأقبلت عليه، وطبقت أمره، واجتنبت نهيه، وأحسنت إلى خلقه تكون طيبا، لذلك قال تعالى:

﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ (73) ﴾

( سورة الزمر)

  أصبحتم طيبين.
 إن محصلة معرفتك بالله، محصلة طاعتك له، محصلة إقبالك عليه، محصلة عملك الصالح أن تكون في النهاية طيباً، لأن الجنة لا يدخلها إلا الطيب:

 

﴿ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) ﴾

 

( سورة الزمر)

 أيها الإخوة، كلكم يعلم أن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾

( سورة الأعراف )

 كمال الله كمال المطلق، فأيّ خبر، أيّ كلام، أيّ تعليل، أيّ تحليل لا ينتهي بك إلى أن تعظم الله فهو باطل، لأن أسماء الله حسنى، وصفاته فضلى وكماله مطلق، وحسن الظن بالله ثمنه الجنة.

 

وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا

 يقول الله عز وجل:

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (180) ﴾

( سورة الأعراف )

 الفقرة الأولى: أسماء الله كلها حسنى الآن:

﴿ فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾

( سورة الأعراف )

 

معنى:  فَادْعُوهُ بِهَا

 كلمة فادعوه بها لها معنيان رائعان:

المعنى الأول:
 أنت في ضائقة مالية شديدة، ولك صديق حميم، لكن منذ أمد طويل لا تعرف عنه شيئاً، ثم بلغك أنه غني كبير، وأنه كريم، هاتان المعلومتان تدفعانك إلى أن تسأله قرضاً، لولا هاتين المعلومتين لما سألته، وحينما تعرف رحمة الله، حينما تعرف عفو الله، محبة الله رحمة الله، حكمة الله، حينما تعرف أسماءه الحسنى تسأله، وتستغني به عما سواه.
 أحد الخلفاء رأى عالما جليلا في الحرم المكي، قال له: سلني حاجتك، قال: إني والله أستحي أن أسأل غير الله في بيت الله.

كن عن همومك معرضاً  وكِلِ الأمور إلى القضا
وابشر بخير عاجــل  تنس بـه ما قد مضى
فلربّ أمر مســـخطٍ  لك في عواقبه رضـى
و لربما ضاق المضيق  ولربما اتسع الفضــا
الله يفعل ما يشـــاء   فلا تكن معترضـــا
الله عودك الجميـــل  فقس على ما قد مضى
***

 ولله الأسماء الحسنى، اسأله التوبة يتب عليك، عَنْ أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

 

(( يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ))

 

[ الترمذي ]

 ادعه في كل شيء اسأل الله ملح طعامك، اسأل الله شسع نعلك إذا انقطع، اسأل الله حاجتك كلها، الدعاء هو العبادة فلذلك:

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾

( سورة الأعراف )

 حينما تعرفها تدعوه، حينما تعرفه تعلق الأمل عليه، حينما تعرفه لا تتضعضع أمام قوي، ولا أمام غني، بل تكون عزيز النفس.
 اسأله الحوائج بعزة أو ذل، فإن الأمور تجري بالمقادير، ولا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، وشرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس، لماذا أنت عزيز ؟ لأنك تعرف الله، لماذا أنت لا تنافق ؟ لماذا لا تتضعضع أمام قوي ؟ كلام السحرة شيء لا يصدق:

﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾

( سورة طه)

 

أهمية معرفة أسماء الله الحسنى في نفس المؤمن:

 أيها الإخوة، دعاء الله عز وجل أحد أسبابه معرفته، فلذلك تكاد الأسماء الحسنى تشكل أكبر حيز في العقيدة الإسلامية.
 دخلت إلى بيت صديقك، والصديق مشغول، رأيت في غرفة الضيوف إنسانا تسأله: ما اسم الكريم ؟ يا ترى هل يكفي أن يقول لك اسمه ؟ ماذا تعمل ؟ متزوج ؟ إلى أين وصلت في الدراسة ؟ لا يمكن أن تكون المعرفة تامة إلا إذا عرفت عنه أكثر الأشياء، فالله خالق السماوات والأرض، هل عرفت رحمته ؟ هل عرفت عدله ؟ هل عرفت لطفه ؟ هل عرفت محبته ؟ إن عرفته دعوته، وإن عرفته زهدت فيما سواه، إن عرفته أقبلت عليه، إن عرفته سألته، إن عرفته استغفرته، إن عرفته تبت إليه، إن عرفته توكلت عليه، إن عرفته لا يمكن أن تحزن، لا يجتمع الحزن مع معرفة الله.
 تصور مجند في جيش والده قائد جيش، هل يمكن أن يخاف من عريف ؟ هل لو هدده عريف لا ينام الليل ؟ والده بيده أعلى الرتب، فحينما تعرف من هو أبوك، وما علاقته بهذا الجيش لا تعبأ بأي تهديد، لذلك قالوا: كلمة الحق لا تقطع رزقا، ولا تقرّب أجلاً.

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ (39) ﴾

( سورة الأحزاب)

 لو أنهم خافوا من غير الله فسكتوا عن الحق خوفاً من هذا القوي، بل نطقوا بالباطل إرضاءً له ماذا بقي من دعوتهم ؟ انتهت دعوتهم.
 سئل الحسن البصري: بمَ نلت هذا المقام ؟ قال: بشيئين، باستغنائي عن دنيا الناس، وحاجتهم إلى علمي.
  في آخر الزمان يستغني الأمير عن علم العالم، والعالم بحاجة إليه، انتهت الدعوة.
 سيدنا أبو حنيفة النعمان رحمه الله تعالى قال له جعفر المنصور، وكان من أقوى خلفاء بني العباس، ومن أشدهم بطشاً، قال له: يا أبا حنيفة لو تغشيتنا، زرنا، قال: ولمَ أتغشاكم، وليس لي عندكم حاجة أخاف عليها ؟ وهل يغشاكم إلا من خافكم علي شيء ؟ إنك إن أكرمتني فَتنتني، وإن أبعدتني أزريت بي.
  أيها الإخوة، في نفس المؤمن من العزة، صدقوا، ولا أبالغ، ما لو وزعت علي أهل بلد لكفتهم، لذلك إذا عرفت الله تكون عزيز النفس، وإذا عرفت الله لا تخشى أحداً إلا الله،
 ماذا قال سيدنا هود ؟

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا (55) ﴾

( سورة هود)

 يتحداهم.

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) ﴾

[ سورة هود]

 لذلك أنت إذا عرفته دعوته

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾

( سورة الأعراف )

المعنى الثاني:
 هناك معنى آخر رائع جداً، ألاّ تتخذ وسيلة إلى قلب كبير في الأرض، تذهب إليه ومعك هدية، الهدية تذهب بوحر الصدر، الهدية تفتح القلب،

(( تَهَادَوْا تَحَابُّوا ))

[ مالك في الموطأ ]

 الهدية وسيلة، بإمكانك أن تصل إلى الله إذا تقربت إليه بخُلق مشتق من كماله، الله رحيم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

(( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ))

 

[ الترمذي ]

  الله لطيف، كن لطيفاً.

 

(( علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف ))

 

[ الجامع الصغير عن أبي هريرة ]

 الله عز وجل منصف، فاعدل بين أولادك، اعدل بين صهرك وابنتك، تأتي البنت تشتكي من زوجها، يأخذ الأب موقفاً، هل كلف الأب نفسه أن يسأل صهره: ما الذي أزعجك منها ؟ يستمع إلى ابنته فقط، ويأخذ موقفا، ويقاطع هذا الصهر، وقد يكون مظلوماً، فالله عز وجل عدل، ولا تتقربوا إليه إلا بالعدل، لذلك:

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾

( سورة الأعراف )

 إن عرفتموه دعوتموه، وإن دعوتموه وتمنيتم عليه أن يستجيب لكم فتقربوا إليه بكمال مشتق منه، هذا المعنى الثاني.
 أيها الإخوة، الآية الكريمة أو الدعاء الذي ورد:

 

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ))

 

[ الترمذي عن ابن عباس ]

 هناك زوجة طيبة، هذه نعمة كبيرة، بل هي حسنة الدنيا، هناك طعام طيب، ليس لأنه غال، لأنه اشتري بمال حلال.

 

(( يا سعد، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))

 

[ الترغيب والترهيب بسند ضعيف عن ابن عباس ]

3 ـ اسأل الله فعل الطيبات:

 هناك بيت طيب، بيت ليس مكشوفاً على أماكن لهو، أو أماكن منحرفة، هذا بيت طيب، هناك بيت أمام الملاهي، أمام أماكن صاخبة، وهناك بيت طيب، وزوجة طيبة، وطعام طيب، اشتري من مال حلال، هناك صديق طيب ينفعك، ويعينك علي فعل الخير، وهناك صديق خبيث، وكأن الطيب يقابله الخبيث، الله سبحانه وتعالى يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، فالدعاء الذي ورد في البخاري:

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ ))

  والله يا أيها الإخوة، في آخر الزمان:

 

(( يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا ))

 

[ مسلم عن أبي هريرة ]

  الآن نحن في زمن الفتن، لكن هناك معنى دقيق:

﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾

( سورة الممتحنة الآية: 4 )

 الدعاء ألا تكون مفتوناً ينبغي أن لا تكون فاتناً، أنا كيف أفتن الذي كفروا ؟ مسلم مقصر، مسلم لا يتقن عمله، مسلم يقدم تصريح كاذب، يأتي الطرف الآخر أنا لا أفعل هذا، أنا على حق، وأنت على باطل، ما الذي أقنعه بانحرافه العقدي ؟ تقصير المسلم، فكما أن المسلم قد يفتَن، قد يفتِن الكافر بكفره.
وفي صحيح البخاري أيضاً:
 

(( الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ))

 إذا أكل إنسان، إذا جلس إنسان مع أهله، وسعد بهم، إذا أعجبه أولاده، إذا سافر إلى النزهة، وسعد بهم، الدعاء الذي ورد في البخاري:

 

(( الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ))

  ومن أدعية النبي عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا ـ هناك علم لا ينفع ـ ))

  وفي دعاء جامع مانع:

 

 

(( اللهم ارزقني طيباً، واستعملني صالحاً ))

 

[ الجامع الصغير عن حنظلة بسند ضعيف ]

 هناك أعمال مقدسة، وأعمال فيها خير، وأعمال فيها نفع للناس، وأعمال فيها هداية، وأعمال فيها معالجة طبية، كالطبيب، والمعلم، وأعمال كلها خير للناس، وهناك أعمال أساسها ابتزاز أموال الناس، أو إلقاء الرعب في قلوبهم.

4 ـ دعاء العبادة:

 أيها الإخوة، هذا الدعاء دعاء المسألة، وهناك دعاء عبادة، دعاء العبادة تحري الحلال الطيب، لذلك قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) ﴾

( سورة البقرة )

التطبيقات العملية لاسم ( الطيِّب ):

 الآن ما علاقتنا بهذا الاسم ؟ التطبيقات العملية، ألم أقل لكم قبل قليل: يمكن أن تتقرب إلى الله بكمال مشتق منه، هو طيب فمتى تكون طيبا ؟

1 ـ الجود والكرم بأفضل الأمور:

 تكون طيبا إذا عرفت الله، تكون طيبا إذا أطعته، تكون طيبا إذا تقربت إليه، لكن من تطبيقات هذا الاسم الجزئية أن ينفق الإنسان من أجود ماله، أكثر الباعة سامحهم الله يعطون ملابس باليةً، والله قد جاءتني مجموعة ألبسة وضعتها في الحاوية فوراً، فلما سألني عنها صاحبها في اليوم التالي قلت: وضعتها في مكانها المناسب، أقصد الحاوية، لماذا تنفق شيئًا تكرهه ؟ كل حذاء بمقاسٍ مخالف يحسبه من مال الزكاة، ومعظم الباعة الذين شردوا عن الله ماذا عنده من المخزون والبضاعة الكاسدة القديمة المنفرة يقدمها زكاة ماله.

(( إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ))

[ مسلم عن أبي هريرة ]

 

2 ـ التوسعة على النفس والأهل:

 من تطبيقات هذا الاسم أن تنفق من أجود مالك، وألا تبخل على نفسك وعلى عيالك بالطيب، فإذا وسع الله عليك، فإنه:

(( ليس منا من وسع الله عليه، ثم قتر علي عياله ))

[ الجامع الصغير عن جبير بن مطعم بسند فيه ضعف ]

  اشتهوا أكلا معينا، اشتهوا شيئًا معينا مباحا ضمن الشرع، وأنت معك فلا ترفض لهم ذلك، ربّوا أولادكم، فإنهم خلقوا لزمن غير زمنكم.
  الطفل اشتهى الكمبيوتر، وهذه أداة العصر، والآن من لا يتقنه يعدّ أمياً، الأب ليس قانعا به، هذه ليست قضية قناعتك، قضية أنه أداة العصر، فلذلك أن تنفق من أجود مالك، وألا تبخل علي نفسك وأهلك وعيالك بالطيبات، إذا كنت في بحبوحة.

 

(( ليس منا من وسع الله عليه ثم قصر علي عياله ))

 

[ الجامع الصغير عن جبير بن مطعم بسند فيه ضعف ]

 الآية الدقيقة:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ (267)﴾

(سورة البقرة)

 

3 ـ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ

 معنى تيمموا أي تتحروا الخبيث، ماذا يوجد عنده أشياء خبيثة بشعة غير جميلة، الإنسان انصرف عنها يقدمها للفقير:

﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ (267)﴾

(سورة البقرة)

 إذا كان الطعام سيئًا تدفع فيه ثمن بخس:

﴿ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ (267)﴾

(سورة البقرة)

 تأخذون هذا المبلغ مقابله، وتستزيدون منه لسوئه، وتخفضون السعر:

﴿ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)﴾

(سورة البقرة)

 يعني أنفقوا من طيبات ما كسبتم، هذا التطبيق العملي.

 

4 ـ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ

 أيها الإخوة، الشيء الأخير:

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ (26)﴾

(سورة النور)

 عندك بنت حفظت كتاب الله، معها شهادة عليا شرعية، يأتيك تاجر جاهل، عنده بيت وسيارة، لكن لا يقدّر علمها، بل يهينها، وأحياناً يحتقر علمها، ويسيء إليها إساءة بالغة:

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ (26)﴾

(سورة النور)

 من التطبيقات العملية إذا كان عندك بنت صالحة مؤمنة محجبة مثقفة ثقافة عالية حافظة لكتاب الله فلا تفرط فيها، لا يغريك المال، هذه الفتاة الطيبة تحتاج إنسانا يقدّر علمها.

5 ـ معرفة الله:

 لكن أعظم عمل طيب تقوم به أن تعرف الله، إنك إن عرفته عرفت كل شيء، وإن غفلت عنه غفلت عن كل شيء، يا رب، ماذا فقَد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ أعظم عمل طيب أن تعرفه.
  " إني و الإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلى صاعد، أتحبب إليهم بنعمي، وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلى بالمعاصي، وهم أفقر شيء إلى، من أقبل إلى منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ".

فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه  لما وليت عنا لـــــــغيرنا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خـلعت  عنك ثياب الــــعجب و جئتنا
ولو ذقت من طعم المـحبة ذرة عذرت  الــــذي أضحى قتيلاً بـحبنا
ولـــــو نسمت من قربنا لك نسمة   لـــمت غريباً و اشتياقاً لقربنا
فما حبنا سهل وكل مـن ادعــــى   سهولته قلنا له:قــــد جهلتنا
***

 نهاية العلم التوحيد، ونهاية العمل التقوى، فإذا وحدت الله، واتقيته جمعت المجد من كل أطرافه.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور