وضع داكن
29-03-2024
Logo
الصلاة عماد الدين : 02 - أحكام الوضوء.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

أركان الوضوء :

أركان الوضوء أربعة، وهي فرائضه:

1 ـ غسل الوجه :

أول ركن: غسل الوجه
الأول: غسل الوجه، وحدُّه طولاً، من مبدأ سطح الجبهة إلى أسفل الذقن، وحدُّه عرضاً ما بين شحمتي الأذنين.

2 ـ غسل اليدين مع المرفقين :

ثاني ركن: غسل اليدين مع المرفقين
والثاني: غسل اليدين مع المرفقين، ليس إلى المرفقين بل مع المرفقين، فالمرفق داخل في غسل اليد.

3 ـ غسل الرجلين مع الكعبين :

ثالث ركن: غسل الرجلين مع الكعبين
والثالث: غسل الرجلين مع الكعبين.

4 ـ مســح ربع الرأس :

رابع ركن: مسح ربع الرأس
والـرابع: مســح ربع الرأس.

سبب الوضوء :

استباحة ما لا يحل إلا به، فهل تحل الصلاة بغير وضوء؟ لا، فإنها لا تحلُّ إلا به، لاستباحة الصلاة، واستباحة الطواف، وهذا حكمه الدنيوي، وحكمه الأخروي الثواب في الآخرة.
الوضوء عبادة، فإذا قام الإنسان ليتوضأ، وقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، دخل في عبادة.

شرط وجوبه :

العقل، البلوغ، الإسلام، القدرة على استعمال الماء الكافي، فإذا كان الإنسان لا يقدر على استعمال الماء، أو يقدر والماء غير كافٍ فعندئذٍ يتيمَّم، وجود الحدث، عدم الحيض والنفاس، فلولا الحدث لما وجب الوضوء، وضيق الوقت.
في بعض الصلوات، كصلاة العيدين، أو صلاة الجنازة، إذا كان الوقت ضيقاً حيث تفوته الصلاة إذا ذهب ليتوضَّأ جاز له التيمم، لضيق الوقت.
إذاً شرط وجوبه: العقل، والبلوغ، والإسلام، والقدرة على استعمال الماء الكافي، ووجود الحدث، وعدم الحيض والنفاس، وضيق الوقت.

شروط صحته :

شروط صحته ثلاثة: عموم البشرة بالماء الطهور، أي أن يبلغ الماء كل الأماكن التي نصّ عليها الشرع بالماء الطهور، وانقطاع ما ينافيه من حيض، ونفاس، وحدث، وزوال ما يمنع وصول الماء إلى الجسد، فطلاء الأظافر يمنع وصول الماء، والشحم يمنع وصول الماء، والعجين يمنع وصول الماء.
وعندنا شروط الوجوب، كما عندنا شروط الصــحة.

معلومات جانبية متعلقة بالوضوء :

غسل ظاهر اللحية الكثة
يجب غسل ظاهر اللحية الكثة، واللحية نوعان، طبعاً الذقن غير اللحية، وكثيرون يظنون أنّ الذقن هو اللحية، فيقال: ليس له ذقن، أو لم يربِّ ذقنه، فكل واحد منا له ذقن، الذقن شيء، واللحية شيء، ويستعمل العامة خطأً الذقن بدل اللحية، إذًا فمن كانت له لحية كثة، أي غزيرة الشعر، يجب غسل ظاهرها، والشرع لم يكلَّفكَ بغسل أصول اللحية، عندئذ تحتاج إلى تنشيف على الهواء، وهذا أمرٌ صعب، فوق الطاقة، وعليه غسل ظاهر اللحية الكثة في أصح ما يُفتى به، ويجب إيصال الماء إلى بشرة اللحية الخفيفة، فإذا كانت اللحية خفيفة وجب أن يصل الماء إلى البشرة، أيْ إلى أصل اللحية، ولا يجب إيصال الماء إلى المسترسل من الشعر عن دائرة الوجه، فإذا كان لك شعر مسترسل لا يجب إيصال الماء إليه، ولا إلى ما انكتم من الشفتين، إذا ضمَّ إنسان شفتيه فهناك جزء من الشفتين من داخل الفم، فالجزء الذي يعد من داخل الفم لا يجب إيصال الماء إليه، ويجب تحريك الخاتم الضيق، وإيصال الماء إلى أصل اللحية الخفيفة، وغسل ظاهر اللحية الكثة، أي الكثيفة، وعدم وجوب إيصال الماء إلى ما استرسل من الشعر الخارج عن دائرة الوجه، فهذه معلومات جانبية متعلقة بالموضوع.
شيء آخر: لو ضره غسل شقوق الرجلين، إذا كان في الأرجل شقوق، أي مذبوحة من الشتاء، وهي مؤلمة، ويؤذيها الماء وضره غسل شقوق رجليه جاز إمرار الماء على الدواء الذي وضعه فيها.
وبعد: شخص واحد له لحية كثة توضأ فرضاً وحلقها، لا يقال له: أعد الوضوء، ولا يعاد المسح، ولا الغسل على موضع الشعر بعد حلقه ولا الغسل بعد قص ظفره، وشاربه.
فإذا طرأ بعد الوضوء قص ظفر، أو قص شارب، أو حلق شعر لم يصل الماء إليه عند الوضوء، فالشرع متساهل لا يجوز أن تعيد الوضوء في هذه الحالات، أ ي معلومات لطيفة ويحتاجها كل إنسان، وهذا مما يعين على إتقان الوضوء، لا زلنا في موضوعات أخرى، وإن شاء الله نتابعها في الدرس القادم، هذا ويسن في الوضوء ثمانية عشر شيئاً، نقرؤها الآن مجرد قراءة، وربما عدنا إليها في الدرس القادم.

ما يسن في الوضوء :

يسن في الوضوء ثمانية عشر شيئاً: غسل اليدين إلى الرسغين، والتسمية ابتداء، والسواك في ابتدائه ولو بالإصبع عند فقده، فالسواك من سنن الوضوء، لم تجد السواك فبالإصبع، والمضمضة ثلاثاً ولو بغرفة واحدة، طبعاً عندنا سنة التكرار، وسنة المضمضة، فإذا أخذت غرفة يمكن أنْ تتمضمض فيها ثلاث مرات، فالمضمضة تحريك الماء بالفم مرة أولى، ثم مرة ثانية، ثم مرة ثالثة، إذاً والمضمضة ثلاثاً ولو بغرفة واحدة، والاستنشاق بثلاث غرفات، قطعاً لأن الاستنشاق ليس عندك عضلات بالأنف تحركها ثلاث مرات، فلابد من المرة الأولى، والثانية، والثالثة، أما بالفم فممكن، إذاً يجوز أن تتمضمض ثلاث مرات بغرفة واحدة، ولا يجوز أن تستنشق ثلاث مرات بغرفة واحدة، فثلاث مرات ثلاث غرفات، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق، المبالغة تعني إيصال الماء إلى كل أنحاء الفم، وإيصال الماء إلى أقصى الأنف، المبالغة لغير الصائم، وتخليل اللحية الكثة بكف ماء من أسفلها، والتخليل يعني بالأصابع، الأصابع مبتلة تخلل اللحية الكثة بكف ماء من أسفلها، وتخليل الأصابع، وتثليث الغسل، كل عضوٍ ثلاثًا ثلاثًا، أول مرة تدلك، والثانية إسالة الماء، والثالثة التأكد من التنظيف، واستيعاب الرأس بالمسح مرة، ويجوز مسح ربع الرأس، أما السنة فكامل الرأس، ومسح الأذنين ولو بماء الرأس، فهذا ممكن، أن تمسح الأذنين بماء الرأس نفسه، طبعاً تُدخل إصبعك إلى داخل الأذن، وتمررها بتجاويفها وخطوطها، ثم ظاهر الأذن والرقبة، و الدلك.
أحدث شيء سمعته من طبيب جزاه الله خيراً أن هناك عصيات بالمستقيم اسمها العصيات الزرق، هذه متواجدة بالمستقيم، ولها وظائف حيوية، ومحظور عليها لأسباب يصعب شرحها أن تنتقل إلى داخل الجسم أو إلى الدم، فإذا دخلت في الفم بسبب عدم الاحتراز منها، عدم إتقان الغسل، إذا دخلت إلى الفم ووصلت إلى الدم سببت أمراضًا وبيلة.
فالأحاديث الشريفة تحضُّنا على المبالغة بالطهارة، فإذا دخل إنسان المرحاض وجب أن يبالغ في تنظيف يديه، ولا سيما الأنامل عند الأظافر، عند هذه الثنيات، فلو أن عصية زرقاء دخلت إلى الفم ولم يكن المتوضأ قد اعتنى بتغسيل يديه، فهذا يسبب له أمراضاً، يجب أن تعلموا أن أوامر النبي الكريم مبنية على حقائق علمية لأن الله سبحانه وتعالى أوحى له بذلك:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[ سورة النجم: 3-4 ]

ومسح الأذنين ولو بماء الرأس، و الدلك، والولاء، كشخصٍ غسل وجهه، فرنَّ جرس الهاتف، وتكلَّم ربع ساعة، ثم رجع وأكمل غسل يديه، فلم تتوفَّر الموالاة، بل صار في الوضوء انقطاع، فيجب أن يتوضأ مرة واحدة، والنية، والترتيب، فالإنسان أحيانًا ينسى فيغسل رجليه قبل يديه، فاختلَّ الترتيب وخالف السنة كما نص الله تعالى في كتابه، والبداءة بالميامن، في كل شيء تبدأ باليمين، ورؤوس الأصابع، ومقدم الرأس، ومسح الرقبة إلى الحلقوم، إذًا الميامن، والترتيب، والنية، والولاء، والدلك، ومسح الأذنين بماء الرأس، واستيعاب الرأس كله، وتثليث الغسل، وتخليل الأصابع، وتخليل اللحية الكثة من أسفلها، والمبالغة في المضمضة، والاستنشاق لغير الصائم، والمضمضة ثلاثًا بغرفة واحدة أو بثلاث غرفات، أما الاستنشاق فبثلاث غرفات قطعاً، والسواك ولو بالإصبع، والتسمية ابتداءً، وغسل اليدين إلى الرسغين، وهذه ثمانية عشر شيئاً هي سنن الوضوء.

 

أقسام الوضوء :

الوضوء على ثلاثة أقسام:
الأول: فرض، أي من أراد أن يصلي وهو محدث فالوضوء فرض، فعلى المحدث للصلاة، ولو كانت نفلاً، أو فرضًا، أو سنةً، أو تطوعًا، فإن كان المصلي محدثاً، فالوضوء لها ولصلاة الجنازة ولسجدة التلاوة فرضٌ، والوضوءُ فرض لِمَسِّ القرآن، ولو لمراجعة آية.
الوضوء من أجل الطواف بالكعبة واجب
والثاني واجب: وأما الوضوء الواجب فللطواف بالكعبة، وكما يتضح لكم أن الفرض إذا تركه الإنسان لأيِّ سببٍ يأثم، وإن تركه تهاوناً أَثِم، وإن تركه إنكاراً كَفَر، ومن ترك الصلاة استخفافاً بحقها كفر، أمّا من ترك الصلاة تهاوناً فقد فَسَقَ.
والثالث: مندوب - دققوا كيف كان السلف الصالح يتخذون من الوضوء أدباً، حتى يرفع من طاهرة نفوسهم - فيُندَب للنوم على طهارة، فإذا أردت أن تذهب إلى النوم فالوضوء مندوب لك، لأنّ النوم على طهارة يجعل النائم يغيب في منامات سعيدة، فيرى نفسه يقرأ القرآن، أو في مجلس علم، وقد يرى نفسه في زيارة الحبيب المصطفى، وما دام قد نام على طهارة فلنْ يأتيه كابوس في النوم، عند الكوابيس يستيقظ، وكأن الشيطان قد مسّه، هذه المنامات الموحشة، التي تفزع منها النفس، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتوضأ إذا ذهب إلى النوم، ويتوضأ إذا استيقظ منه،، فمثلاً أنْ يستيقظ من النوم مباشرةً إلى الأكل صباحاً، فهذا تأباه النفوسُ الطيِّبة، ولا يجوز له، فالوضوء بعد النوم، أي أنْ يغسل يديه، وكذلك إزالة بعض المفرزات من عينيه، وإزالة بعض الزبد على فمه، وغسل أنفه، وتنظيف ما تراكم فيه، فإذا استيقظ الإنسان من النوم وتوضأ فهذا من السنة بعدَ الاستيقاظ من النوم، كما يُسنُّ المداومة عليه، والمسلم إذا توضّأ وصلى الضحى وخرج من بيته، ثم انتقض وضوءه في أثناء الطريق، ووصل إلى مكتبه، أو وصل إلى مكان عمله فليتوضأ، وهذا الوضوء مندوب للمداومة عليه وعلى استمراريته، وكذلك في الصيف مثلاً رجلٌ متوضئ دخل المسجد، والبحرة فيها ماء زلال، واشتهى أنْ يتوضأ، مع أنّه متوضئ، فهذا مندوب، الوضوء على الوضوء، دخل إلى المسجد الحرام وهو متوضئ وتوضأ فهذا مندوب.

مندوبات الوضوء :

وبعد غيبة، فإذا كان الإنسان في غيبة ندب له الوضوء، وبعد كذب، فإذا وقع الإنسان في كذب فعليه أن يتوضأ، لأن نفسه تنجست:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلالِ كُلِّهَا إِلا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

فلا يخون المؤمن ولا يكذب، وكذلك بعد كذب وغيبة ونميمة، تكلَّم عن شخص، وشعر بوحشة وبحجاب، وانقطعت الصلة مع الله عز وجل، أول عمل أنْ يتوضأ، وبعد كل خطيئة أيضًا، والوضوء يلازم التوبة، والتوبة طهارة الباطن، والوضوء طهارة الظاهر، وبعد إنشاد شعرٍ، وكما قال بعض الشعراء: أعذب الشعر أكذبه، قال تعالى:

﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ﴾

[ سورة الشعراء: 224 ـ 226]

إذاً إنشاد الشعر يندَب له الوضوء، فهناك شعر فيه غزل، فيه هجاء، فيه وصف لمحاسن امرأة، شعر من هذا القبيل، عليك أن تتوضأ منه، وكذلك قهقهة خارج الصلاة، اللهم صلِّ عليه كان جلُّ ضحكه تبسمًا، وهناك ضحكة يكاد الشخصُ ينقسم نصفين من فَرط ارتفاع صوته، فهذا الضحك يُندَب أن تتوضأ منه، وغسل ميت، فكل من ساهم في غسل ميت، أو حمله، عليه أن يتوضأ، مع أن الميت طاهر، والمؤمن لا ينجس، ولكن هذا توجيه صحي، أي قد تكون الوفاة بسبب مرض سارٍ، وقد تكون الوفاة قد نتج عنها بعض المفرزات التي فيها بعض الجراثيم، فمن ساهم في غسل ميت، أو حمله فعليه أن يتوضأ، وهذا توجيه صحي كما نوَّهت، ولوقت كل صلاة، أذن العصر وأنت متوضئ فمندوب أن تتوضأ لكل صلاة، وقبل غسل الجنابة، مندوب أن تتوضأ قبل غسل الجنابة، وللجنب عند أكل، وشرب، ونوم، جنب لم يغتسل، وقام ليشرب أو ليأكل فعليه أن يتوضأ، إذًا أكلٌ وشربٌ ونوم ووطء، ولغضب كذلك، فإذا غضب الإنسان وتوضأ فقد يذهب عنه الغضب، وهذا مفهوم ومجرَّب، أو يسكت عنه الغضب، كما قال الله عز وجل:

﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾

[ سورة الأعراف: 154]

وهذا من أروع تشبيهات القرآن الكريم، وكذلك يتوضَّأ لقراءة قرآن، أو حديث شريف، أو قراءة، فهذا مندوب، أمَّا المسُّ ففرض، فشخص حافظ القرآن أحبَّ أنْ يقرأالوضوء لقراءة القرآن مندوب
القرآن، أو أنَّ المصحف مفتوح، فله أنْ يقرأ دون أن يمسَّ المصحف، ومن دون أن يتوضَّأ، لكن المندوب أن يتوضأ إذا قرأ القرآن، ولقراءة الحديث الشريف كذلك، تعظيماً لهذا العلم الشريف، وروايته، ودراسة العلم الشرعي، كأن يحضر مجلس علم، أو أحبّ أنْ يتدارس مع غيره موضوعًا شرعيًّاً فليتوضأ تعظيماً لهذا العلم، والوضوء مندوب للأذان، وللإقامة، وللخطبة، ولزيارة النبي عليه الصلاة والسلام، وللوقوف بعرفة، وللسعي بين الصفا والمروة، وكذلك أكل لحم جزور، فالفقهاء في هذه المسألة وقفوا عند النص، الوضوء من أجل مجلس علم مندوب
وإذا مس امرأة، والإمام الحنفي قال: لا مانع، ويقصد زوجته، أما المرأة الأجنبية فتحرم مصافحتها، وليس وضوءه، ولكن إذا مس امرأته فعلى المذهب الحنفي لا يتوضأ، وعلى المذهب الشافعي يتوضأ، فأيهما أكثر حيطة؟ المذهب الشافعي، وإذا أردتَ أن تخرج من خلاف العلماء وأنت حنفي المذهب، وأردت أن تصلي بالناس، وبينهم من هو شافعي المذهب، فإذا أردت أن يطمئن الناس لك، فلتتوضَّأ لتخرج من خلاف العلماء، والوضوء يسع كل المصلين، أما عدم الوضوء فيسع الأحناف فقط، فمن أجل أن تسع كل الناس توضأْ واخرج من خلاف العلماء، هذه مندوبات الوضوء.

نواقض الوضوء :

النوم ينقض الوضوء
نواقض الوضوء
أولاً: خروج شيء من أحد السبيلين.
ثانياً: ينقض الوضوء ولادة من غير رؤية دم.
ثالثاً: نجاسة سائلة من غيرهما، أيْ من غير السبيلين، والنجاسة السائلة دم أو قيح.
رابعاً: قيء طعام ملء الفم، فالقيء إذا ملأ الفم ينقض الوضوء.
خامساً: دم غلب على الريق أو ساواه، فإذا خرج من الفم دمٌ غلبَ على الريق فهذا ينقض الوضوء.
سادساً: النوم، وليس النوم ذاته ينقض الوضوء، ولكن النوم يضعف سيطرة الإنسان على أعضائه، فالنوم ينقض الوضوء لغيره لا لذاته.
سابعاً: إغماء، وجنون، وسكر، وقهقهة بالغ يقظان في صلاة ذات ركوع وسجود، والعلماء قالوا: القهقهة وحدها لا تنقض الوضوء، ولكن الإنسان يتوضأ إذا تقهقه في الصلاة تأديباً له على استخفافه بهذه العبادة العظيمة.

عشرة أشياء لا تنقض الوضوء :

1 ـ ظهور دم لم يسل عن محله :

ظهور دم لم يسل عن محله، فلو فَرَضْنا إنسانًا ثقبت يده بدبوس صغير، فخرجت نقطة دم لم تسل من محلها فهذا الدم لا ينقض الوضوء.

2 ـ سقوط لحم من غير سيلان دم :

سقوط لحم من غير سيلان دم، فقد يكون هناك بثورٌ في الجلد، فإذا نزعت هذه البثور لم ينتقض الوضوء.

3 ـ مسُّ الرجل امرأته :

من مس امرأة، على المذهب الحنفي امرأة أي زوجته، فمسُّ الرجل امرأته لا ينقض الوضوء في المذهب الحنفي، والإمام الشافعي يقول: مس امرأة ينقض الوضوء، والتوفيق بينهما، أن الإنسان إذا مس يد امرأته وشعر بشيء فعليه أن يتوضأ، وإذا لم يشعر بشيء فلا عليه إذا لم يتوضأ.
إذاً: التقليد في المذاهب وارد، والتلفيق مرفوض، التلفيق تصَيُّد الرخص في المذاهب، والتقليد أن تقلِّد المذهب في العلّة التي شرع هذا الحكم من أجلها، لذلك بعض العلماء قال: اختلاف الأئمة ليس اختلاف حجة وبرهان، إنما اختلاف بيئة وزمان، فلو أن الإمام أبا حنيفة رَضِي اللَّه عَنْه وُجِد في زمان الشافعي وفي بيئته لانطبقت أحكامُه على أحكام الإمام الشافعي، فاختلاف الأئمة ليس اختلاف حجة وبرهان إنما اختلاف بيئة وزمان.
شيء آخر: اختلاف العلماء الفقهاء اختلاف رحمة، فاتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة، و الاختلاف اختلاف غنى.
جاءني رجل قبل الدرس يستفتيني في موضوع، والإمام مالك قال: أحقًّاً لو أن الإنسان أقسم بالطلاق ثلاث طلقات في مجلس واحد لا تنعقد إلا طلقة واحدة؟ نعم، لأن الثانية والثالثة تأكيد للأولى، فوقع طلقة واحدة، فاختلاف المذاهب رحمة واسعة، جاء عالم آخر قال: إن لم تكن الزوجة طرفاً في الموضوع، وكان زوجها يكره فراقها كما يكره مفارقةَ دينه، فإن هذه اليمين لا تنعقد، لا ينوي الطلاق، ولا يقصد الطلاق إطلاقاً، أراد أن يردعها، فإنّ هذا الطلاق هو المعلق، فهناك طلاق منجز، وطلاق معلق، وعلى كلٍّ اختلاف الأئمة رحمة واسعة.

4 ـ تمايل نائم :

تمايل نائم، يسمع ما يقال، فما دام الذي يغمض عينه ويسمع ما يقال فوضوءه لم ينتقض، طبعاً هناك حكم: " ونومُ مصلٍّ، المصلي ينام؟ فلو فرضنا إنسانًا متعبًا تعبًا شديدًا،، وغفل ثواني وهو في القعود فلا ينتقض وضوءه ما دام مصلياً.

فروض الاغتسال :

الغسل :

ففي الاغتسال يُفرض أحدَ عشرَ شيئاً، أولاً: غسل الفرج والأنف والبدن مرةً واحدة، وداخل المضفور من الشعر، لا المضفور من شعر المرأة لحديث أُمِّ سَلَمَةَ:

(( قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ، قَالَ: لا إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِينَ عَلَى رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ ))

[مسلم عن أم سلمة]

أما الرجل فيجب أن يصل الماء إلى أصل شعره بخلاف المرأة، وعلى الرجل في الغسل أن يسري الماء إلى بشرة اللحية، وبشرة الشارب والحاجب، هذا مما يفترض من الغسل.

سنن الاغتسال :

ويسن في الاغتسال اثنا عشر شيئاً، الابتداء بالتسمية، والنية، وغسل اليدين إلى الرسغين، وغسل نجاسةٍ إن وجدت، وغسل الفرج، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ويمسح الرأس، ولكنه يؤخر غسل الرجلين إن كان يقف في محل يجتمع فيه الماء، ثم يفيض الماء على بدنه ثلاثاً، ولو انغمس في الماء الجاري أو مكث فقد أكمل السنة، ويبتدئ برأسه في صب الماء، ويغسل بعدها منكبه الأيمن ثم الأيسر، ويدلك جسده.

آداب الاغتسال :

وآداب الاغتسال هي آداب الوضوء، إلا أن المغتسل لا يستقبل القبلة، لأنه يكون غالباً مكشوف العورة، وكره فيه ما كره بالوضوء، و يفرض الاغتسال من الجنابة، ويسن بأربعة مواضع، لصلاة الجمعة، ولصلاة العيدين، وللإحرام، وللحاج في عرفة بعد الزوال.

مندوبات الاغتسال :

ويندب الاغتسال في ستة عشر شيئاً، لمن أسلم، ولمن بلغ بالسن، من بلغ سن البلوغ فعليه أن يغتسل، ولمن أفاق من جنون، وعند حجامة، وغسل ميتٍ، وليلة براءة، أي ليلة النصف من شعبان، وليلة القدر، ولدخول مدينة النبي عليه الصلاة والسلام، وللوقوف بمزدلفة غداة يوم النحر، وعند دخول مكة لطواف الزيارة، ولصلاة استسقاءٍ، هذه الأشياء يندب فيها الغسل وفي أربعة مواضع يسن ويفترض في الجنابة.

شروط التيمم :

التيمم.
يصح التيمم بشروط ثمانية :

1 ـ النية :

النية من شروط التيمم
الأول: النية، وحقيقتها: عقد القلب على الفعل، والعلماء على خلاف في النية، فأكثرهم أنها عمل قلبي، فإذا عزَم الإنسان على أن يفعل هذه العبادة، فهذه العزيمة هي النية، ووقتها: عند ضرب يده على ما يتيمم به، ففي أثناء الضرب على الحجر، أو التراب، أو الرخام، في أثناء الضرب ينوي الإنسانُ التيممَ من هذا الصعيد الطاهر لأداء الصلاة، أو لقراءة القرآن، أو لشيء آخر.
وشروط صحة النية ثلاثة: الإسلام، فلا تصح النية لغير المسلم، وهذا شيء بديهي، والتمييز، يعني العقل، والعلم بما ينويه، ينوي التيمم للصلاة، كأنْ ينوي التيممَ لصلاة جنازة، أو ينوي التيمم لقراءة القرآن، وهكذا.
ويشترط لصحة نية التيمم للصلاة أحد ثلاثة أشياء: إما نية الطهارة، هذه نية، أو نية استباحة الصلاة، أو نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة، من هذه العبادة المقصودة قراءة القرآن.
إذا نعود فنذكِّر أنَّ للتيمم ثمانية شروط:الشرط الأول النية، وهي عقد القلب على فعل طاعة ما.

2 ـ العذر المبيح للتيمم :

الشرط الثاني: العذر المبيح للتيمم، فإذا لم يكن هناك عذر مبيح للتيمم لم يصحّ التيمُّمُ، ما هي الأعذار؟ بُعْدُه مسافة ميل عن الماء، أي إذا كان بينك وبين الماء ميل، ولو في المصر، ولو كنت في بلد آهل بالسكان، وبينك وبين الماء ميل، هذا الميل يجيز لك التيمم، وكذلك حصول مرض، كمثل أشخاص يعانون مِن مرض الروماتيزم، وبردٍ يخاف منه التلف أو المرض، أي يخاف من التلف أي الهلاك، أو المرض، أو ازدياد المرض، إذاً بعد المسافة، والمرض، وخوف عدو، أو حيوان مفترس أو نحوه، فأحيانا عند الماء عدو ما، والعدو بطاش، كما في أثناء الحرب، وخوف عطش، فإذا كان مع الإنسان كمية ماء، وهو في الصحراء، وإذا توضأ بما معه من ماء ربَّما مات عطشا، إذًا خاف العطش، أو خاف المرض، أو خاف العدو، واحتياج ماء لعجن لا لطبخ مرق، فإذا كان معك ماء يكفي لعجن العجين، فلو أنك توضأت به لبقيت بلا خبز، ولفقد آلة أيضًا، فحبل الدلو مقطوع مثلاً، أو ليس لديه حبل للدلو، والماء على بعد أمتار، لكن لديك حبلٌ، فهذا يعني فَقْدَ آلة، وخوف فوت صلاة، أي الصلاة التي لا تقضى، مثل الجنازة وصلاة العيدين، فإذا خفت أن تفوتك صلاة الجنازة، أو صلاة العيدين فعليك بالتيمم.
إذاً فالأعذار المبيحة للتيمم، البعدُ عن الماء، وخوفُ المرض، وخوفُ العدو، وخوفُ العطش، والاحتياجُ لعجن لا لطبخ مرق، لأنّ المرق شيء ثانوي في الطعام، أما الماء للعجين فشيء أساسي، ولفقد آلة كحبل الدلو، أو السطل، أو ما شاكل ذلك، وفي أيامنا هذه إذا انقطع تيارُ الكهرباء، وعنده محرك يعمل على الكهرباء، والماء على بعد خمسين مترًا، وتيار الكهرباء مقطوع، فعليه أنْ يتيمم، وخوفُ فوت صلاة جنازة، أو عيد، هذا الشرط الثاني.

3 ـ أن يكون التيمم بطاهر :

الشرط الثالث: أن يكون التيمم بطاهر، نويت التيمم من هذا الصعيد الطاهر، من جنس الأرض، كالتراب، والحجر، والرمل، فالرخام حجر، أما الحطب، والفضة، والذهب فليست من جنس الأرض.

الشرط الأول: النية، الشرط الثاني: وجود العذر المبيح، البعد، وخوف المرض، وخوف العطش، وخوف العدو أيًّاً كان، واحتياج ماء لعجن، وفقدُ الآلة، وخوفُ فوات صلاة، والشرط الثالث: أن يكون التيمم بطاهر من جنس الأرض كالتراب، والحجر، والرمل، لا الحطب، والفضة، والذهب.

4 ـ استيعاب المحل بالمسح :

الشرط الرابع: استيعاب المحل بالمسح، أي استيعاب الوجه كاملاً، من منبت الشعر إلى أسفل الذقن، وطرفي شحمتي الأذنين استيعابًا كاملاً، وكذلك اليدين استيعابهما كاملتين.

5 ـ أن يمسح بجميع اليد أو أكثرها :

الشرط الخامس: أن يمسح بجميع اليد، أو أكثرها، فلو مسح بإصبعين لم يصحّ، ولو كرّر حتى استوعب، بخلاف مسح الرأس.

6 ـ أن يكون بضربتين بباطن الكفين :

الشرط السادس: أن يكون بضربتين بباطن الكفين، ولو في مكان واحد.

7 ـ انقطاع ما ينافي التيمم من حيض ونفاس :

الشرط السابع: انقطاع ما ينافي التيمم من حيض، ونفاس، فلو كانت المرأة في حيض أو نفاس لم يصحّ التيمم، إذْ لا بد من انقطاعهما انقطاعًا كاملاً.

8 ـ زوال ما يمنع المسحَ كشمعٍ و شحمٍ :

طلاء الأظافر يفسد التيمم
الشرط الثامن: زوال ما يمنع المسحَ كشمعٍ و شحمٍ، فإذا وُجدَ على الأظافر طلاءٌ، أو شحم، أو عجين، أو مادة مانعة فسدَ التيمُّم، فهذه ثمانية شروط للتيمم، وأعيدها سريعاً، أولاً: النية، ثانياً: وجود العذر المبيح، ثالثاً: التيمم بصعيد طاهر من جنس الأرض، رابعاً: استيعاب المحل بالمسح، خامساً: أن يمسح بجميع اليد، أو بأكثرها، سادساً: أن يكون بضربتين بباطن الكفين، ولو في مكان واحد، سابعاً: انقطاع ما ينافي التيمم، من حيض أو نفاس، الثامن: زوال ما يمنع المسحَ كشمعٍ، وهذه المعلومات أكثر الإخوة الحاضرين على علم بمعظمها، ولكن فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
 

أركان التيمم :

التيمم له ركنان فقط: مسح الوجه، ومسح اليدين فقط.

سنن التيمم :

سنن التيمم سبعة : التسمية في أوله، لا بد من أن تسمي في أول التيمم، والترتيب، تبدأ بالوجه، وتثني باليدين، ثم الموالاة، تمسح الوجه، وتمسح بعده اليدين مباشرة، دون أن تمسح الوجه وتمضي إلى حاجة، ثم تعود فتمسح اليدين، وهذا معنى الموالاة.
أكرِّر: التسمية: بسم الله الرحمن الرحيم، والترتيب: مسحُ الوجه أولاً، واليدين ثانياً، والموالاة: متابعة مسح الوجه واليدين في وقت واحد.
وإقبال اليدين بعد وضعهما في التراب، وإدبارهما، تضع اليدين على التراب وتجعلهما تقبلان وتدبران، ونفضُهما، إذا علقت بهما كمية من التراب كثيرة ينبغي أن تنفضهما، تفريج ما بين الأصابع.
أكرِّر: إقبال اليدين، وإدبارهما، ونفضهما، وتفريج ما بين الأصابع.
وندب تأخير التيمم لمن يرجو الماء، بعثتَ إنسانًا ليأتي بالماء، وأنت في انتظاره، فيندب تأخير التيمم، طبعاً قبل خروج الوقت، فإذا خرج الوقت المستحب ينبغي أن تتيمم وأن تصلي.
ويجب طلب الماء إلى مقدار أربعمئة خطوة، تقريباً نصف كيلومتر، إن ظن قربه مع الأمن وإلا فلا، فإذا كنت مثلاً في أثناء حرب داخل أرض عدو، فالأمن غير متوافر، فلو أن الماء على بُعد ثلاثمئة متر لا ينبغي أن تذهب، وإذا توافر الماء إلى قدر نصف كيلومتر مع وجود الأمن تذهب إليه وإلا فلا.
ويجب طلبه ممن هو معه، إنسان معه ماء فمرّت شاحنة عندها مستودع ماء، فإن كان هناك محل تشح به النفوس، أو غلب على ظنك أن أحداً لن يلبيك، فتيمَّمْ وصلِّ، لكن إذا كنتَ في أرض خيّرة وأناس طيبين، أو كنت في أرض يغلب على أهلها حبُّ الخير، فاطلب الماءَ من المارة، وإن لم يعطه إلا بثمن مثله لزمه شراؤه، كأنْ يقال لك: صفحة الماء بليرة، أما أن تكون بمئة ليرة، فهذا ليس ثمن مثله، فصار ذاك ابتزازًا لكن الصفيحة بليرة ثمن معقول، وإن لم يعطه إلا بثمن مثله لزمه شراؤه إن كان المالُ فاضلاً عن نفقته، معه مال زائد عن حاجته فالسعر معقول، والمبلغ موجود وفائض، عندئذ لزمه الشراء.
ويصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض، فكلما كثرت الفرائض قلَّ سعر الماء، فيقل السعر للمرة الواحدة يقسمهم على عشرة فروض، أو على خمسة فروض، يجد أنّ الفرض الواحد تكاليفه قليلة.
وفي بعض المذاهب لا يصح التيمم قبل دخول الوقت، ولكن في المذهب الحنفي يصح التيمم قبل دخول الوقت.
كذلك إن كان أكثر البدن أو نصفه جريحاً تيمَّم، ولو وجدَ الماء، فمثلاً وقع حادث، ومعظم البدن مضمد، أو فيه جروح و رضوض، فما دام نصف البدن أو أغلبه مجروحًا فهذا يتيمم ولو وجد الماءَ.
أمّا إنْ كان أكثرُه صحيحاً غسَله ومسَح على القسم المضمد.
ولا يجمع بين الغسل والتيمم، فلا يجوز الجمع بينهما، فما دام يستطيع الغسل، والماء متوافر، فلا ينبغي أن يجمع مع الغسل التيممَ.

نواقض التيمم :

ماذا ينقض التيمم؟ كلُّ ما ينقض الوضوء ينقض التيمم، ويضاف إليه شيء آخر وهو القدرة على استعمال الماء الكافي.

المسح على الخفين :

صحَّ المسح على الخفين في الحدث الأصغر، وما هو الحدث الأصغر؟ ما يوجب الوضوء، والحدث الأكبر ما يوجب الغسل، صحَّ المسح على الخفين في الحدث الأصغر للرجال والنساء ولو كانا - هذه الألف على من تعود؟ على الخفين - ولو كانا من شيء ثخين غير الجلد، فعلى المذهب الحنفي لا يشترط أن يكون الخف جلداً، بل شيء ثخين غير الجلد، سواء كان لهما نعل من جلد أو لا.

شروط المسح على الخفين :

يشترط لجواز المسح على الخفين سبعة شرائط.
الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في آخر أيامه ألَّف رسالةً عنْونَها بالمسح على الخفين، وعدَّ الجوربين خفَّين، ويشترط لجواز المسح على الخفين سبعة شرائط:

1 ـ لبسهما بعد غسل الرجلين :

لبسهما بعد غسل الرجلين، فلا يجوز لك المسح على الخفين إلا إذا لبست الجوربين، الترتيب سنة، فلو أنّ إنسانًا غسل رجليه ولبس الخفين وأتمَّ الوضوء جازَ، لكن يجب أن يتم الوضوء قبل نقضه، لأن الخفين يمنعان سريان نقض الوضوء إلى الرجلين، لكنهما لا يرفعان نقض الوضوء، وهذا شيء دقيق، فيجب أن يلبس الخفين بعد غسل الرجلين ولو قبل كمال الوضوء، وقبل أن ينتقض، فلو انتقض الوضوء قبل كماله لوجب نزع الخفين، إذاً الشرط الأول لبسهُما بعد غسل الرجلين ولو قبل كمال الوضوء، إذا أتمه قبل حصول ناقض للوضوء.

2 ـ سترُهما للكعبين :

لابد للخفين أن يسترا الكعبين
الشرط الثاني سترُهما للكعبين، أن يكونَ الخفان ساترين للكعبين.

3 ـ إمكان متابعة المشي فيهما :

الثالث إمكان متابعة المشي فيهما، أيْ أنْ يستطيع لابسُ الخفين أن يمشي بهما، فلا يجوز المسح على خف من زجاج، ولا من حديد، ولا من خشب، فيجب في الخفَّين استطاعةُ المشي بهما.

4 ـ خلوُّ كلٍّ منهما من خرق قدر ثلاثة أصابع من أصغر أصابع القدم :

الشرط الرابع خلوُّ كلٍّ منهما من خرق - ثقب - قدر ثلاثة أصابع من أصغر أصابع القدم، فإذا كان في الجورب أو الخف خرقٌ يزيد عن مقدار ثلاثة أصابع من أصغر أصابع القدم لم يجُز المسحُ عليهما.

5 ـ استمساكهما على الرجلين من غير شدٍّ :

الشرط الخامس استمساكهما على الرجلين من غير شدٍّ، أي من قماش له قوامٌ يقوم بنفسه.

6 ـ منعهما من وصول الماء إلى الجسد :

الشرط السادس منعهما من وصول الماء إلى الجسد.

7 ـ مدة المسح على الخفين يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر :

الشرط السابع مدة المسح على الخفين يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.

 

وقت المسح :

متى يبتدئ وقت المسح؟ قال الفقهاء: ابتداء المدة من وقت الحدث بعد لبس الخفين، مثلاً إنسان توضَّأَ عند العصر ولبس الخفين عند المغرب، وما انتقض وضوءه بين العصر والمغرب، إذًا لم تبدأ بعدُ مدةُ المسح، وعند العشاء انتقض وضوءه الآن من العشاء يوم وليلة للمقيم، أو ثلاثة أيام بلياليها للمسافر، إذاً مِن أولِ حدثٍ بعد لبس الخفين يبدأ وقت المسح، فإن مسح مقيمٌ ثم سافر استمتع برخصة السفر، وهو مقيم مسح عند صلاة الصبح، وعند العصر طرأ له سفر، انقلبَت المدةُ من يوم وليلة إلى ثلاثة أيام بلياليها على مسحه الأول، وإنسان آخر مسافر وصل إلى بيته، وكان قد مضى على لبس الجوربين أو الخفين بعد غسلهما يوم وليلة، فمنذ أقام المسافرُ يدخل في حيِّز الإقامة، ويجب نزعهما إنْ كان قد مضى على إقامته منذ بدأ المسح يوم وليلة، وإذا كان أقل فلَهُ أن يتمَّ يومًا وليلةً، أي إن كان مقيمًا وسافر يدخل في مدة السفر، وإنْ كان مسافراً وأقام يدخل في مدة الإقامة.
وقدر المسح قدر ثلاثة أصابع من أصغر أصابع اليد على ظاهر مقدَّم كل رِجْل، ثلاثة أصابع إذا مررت بها من أصغر الأصابع على مقدم الرِجْل فهذا هو المسح على الخفين.

سنن المسح على الخفين و نواقضه :

سننه: مدُّ الأصابع منفرجة من رؤوس أصابع القدم إلى الساق، ومع مدِّ الأصابع انفراجُها أيضًا.
ينقضُ مسح الخف أربعة أشياء، كلُّ شيء ينقض الوضوء ينقض المسح، ولا ينقض لبس الجوربين أو الخفين، أي أنك لا تحتاج إلى مسح مرة ثانية، ونزعُ الخف ولو بخروج أكثر القدم، فلو فرضنا طفلاً نزع جورب والده فخرجت معظَمُ الرِّجل من الجورب انتقض المسح على الخفين، وإصابةُ الماء أكثر إحدى القدمين في الخف على الصحيح، لو فرضنا شخصًا من دون أن ينتبه داس في مجمع ماء فابتلَّتْ أكثر القدم بالماء انتقض المسح على الخفين، لأنه وقع عندئذٍ اختلاطٌ بين المسح والغسل، ومضيُّ المدة ينقض المسح على الخفين، مضى يوم وليلة أو ثلاثةُ أيام بلياليها، فالمضيُّ وحده أو نزعُ الخف أو ابتلالُ الرجل بالماءِ أو ما ينقض الوضوء، أربعةُ أشياء تنقض المسح على الخفين، هذا هو المسح على الخفين، له فرض، وله سنن، وله نواقض، وله شروط، وله مدة، وله تعريف وهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى حديث المسحِ أكثر من ثمانين صحابياً، منهم العشرة المبشرون بالجنة، وقال بعض الحفاظ: خبرُ المسحِ على الخفين متواترٌ كما في فتح الباري، طبعاً وحتى لو كان الماء متوافرًا، وأناس يعانون من التحسس، أو أنْ يكون الشخص في الخدمة العسكرية ويصعب عليه خلعُ هذا البوط، فالإسلام يسر في وقت حرج كبير، وفي أيام الشتاء البارد تخاف أن تصاب الرِّجلُ بأمراض كتسليخ لحمها، فالإسلام يسر، فحيثما وُجِدَتْ حاجةٌ للمسح على الخفين فهذه رخصة، وإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.

المسح على الجبيرة :

المسح على الجبيرة :
فمن افتصد، أي أخرج دماً من جسمه، أو بجرح، أو بكسر عضوٍ فشدَّه بخرقةٍ، أي الضمّاد، أو بأيِّ حادث، وأيّ كسر إذا شُدَّ بضماد، أو جبيرة، وكان لا يستطيع غسل العضو، ولا يستطيع مسحه وجب المسح على أكثر ما شدَّ به العضو.
يمسح على الجبيرة في حال كان هناك كسرا
اليد مكسورة ومجبَّرة بجبصين وقماش، مجروحة عليها شاش ومادة معقمة، فصد دمه ربط مكان الفصادة بشاش، أي جبيرة أو أي ضماد شده الإنسان على جسمه إن لم يستطع غسله أولاً، وإن لم يستطع مسحه كذلك فماذا يفعل؟ وجب المسحُ على أكثر ما شدّ به العضو، على القماش وكفى المسح على ما ظهر، وإذا كانت الجبيرة طبقات متعددة فيمسح الطبقة الأخيرة فقط، والمسح كالغسل، معنى كالغسل هناك فرق كبير بين المسح على الجبيرة وبين المسح على الخفين، المسح على الخفين مسح بدل، بدل من غسل الرجلين، وله مدة يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، وله نواقض، لكن المسح على الجبيرة كالغسل فلا يتوقف بمدة، ولا يشترط شد الجبيرة على طهر، رجل أُخِذَ بحالة إسعاف إلى المستشفى ولم يكن متوضئًا، فماذا نفعل؟ هل نفكُّ الضماد؟ image
لا، إذْ لا يشترط شدُّ الجبيرة على طُهر، ويجوز مسحُ جبيرة إحدى الرجلين، أما بالخفين فيمسح الاثنتين معاً، رِجْل واحدة مضمَّدة والثانية معافاة، تَغسل واحدة وتَمسح على الثانية، ولا يبطل المسح بسقوطها قبل البرء، وإن سقطت فالمسح لا يبطل بل تصلي ولو سقطتْ، ويجوز تبديلها بغيرها، ولا يجب إعادة المسح عليها، فالمريض مجروح، ولهُ في الشرع وُسعةٌ كبيرة، والشرعُ سَمحٌ في تعامله مع هذا المريض.
ثم إذا رمَد الإنسان وأُمِر ألاّ يغسل عينه، ماذا يفعل؟ أو انكسر ظفره، وجُعِل عليه دواء أو مادة عازلة ويضرّه نزعُه، جاز له المسح، لا يوجد جبيرة للعيون، عينٌ رمداء وضِع لها الدواء، والماء يضرها، يمسح على جفنه من دون غسيل، ظفره انكسر وضع عليه مادة معقمة يضرها الماء يمسح على ظفره، الآن لا يوجد جبيرة، فلتَعلمْ إذًا أنّ الدين يسر، فلك أن تمسح على الخفين، ولك أن تتيمم، ولك أن تمسح على الجبيرة، أو أي ضماد، ولك أن تمسح على عضو يضره الماء من دون ضماد.

المسح على الجبيرة لا يفتقر إلى نية ولا توقيت ولا زمن :

والمسح على الجبيرة لا يفتقر إلى نية، حتى لو كان العضوُ يضرُّه الماء جاز له تركُ المسح، أكرِّر وأقول: ولا يفتقر المسُح على الجبيرة إلى نية كما في المسح على الخف، فلا نية ولا توقيت ولا زمن، ولا يشترط أن تكون الجبيرة على طهر، وإذا سقطت لا ينتقض الوضوء، ويجوز تبديلها وتغيرها، ولا يشترط النية، فقدْ رُفِع عن أمتي كلُّ ما يبعث على الضيق والتبرم من الشرع، فالدين يُسْرٌ.

((عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا ))

[البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا]

تحميل النص

إخفاء الصور