وضع داكن
29-03-2024
Logo
قوانين القرآن الكريم - الدرس : 11 - قانون الرزق
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الإخوة، مع درس جديد من دروس سنن الله في القرآن الكريم، والقانون اليوم قانون الرزق.

الرزق مِن عند الله:

 بادئ ذي بدء: الإنسان حريص حرص لا حدود له على حياته، وعلى رزقه ، فلذلك هذا الرزق له قوانين، هذا الرزق من عند الله.

﴿ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾

( سورة النور )

قوانين الرزق:

 ولكن لهذا الرزق قوانين، من هذه القوانين:

 

1 – الاستقامة:

﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾

( سورة الجن )

 

 والماء رمز الرزق:

﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾

 إذاً: الاستقامة أحد أسباب الرزق الوفير، فمن أراد أن يزيد في رزقه فليستقم على أمر الله، الآية الواضحة والعامة والرائعة هي قوله تعالى:

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

( سورة الطلاق )

﴿ يَتَّقِ اللَّهَ ﴾

 ، أن يستقيموا على أمره، فأيُّ إنسان أراد أن يكون في بحبوحة فليستقم على أمر الله استقامة ترضي الله عز وجل، لا بحسب فهمك، لكن بحسب حدود الاستقامة في الشرع، وهناك أناس كثيرون يتوهمون أنهم مستقيمون، وهم ليسوا كذلك، فكلما ازددت علماً ازدادت  معرفتك بالثغرات في استقامتك.

 

2 – الإيمان والتقوى:

 أيها الإخوة الكرام، قانون آخر:

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾

( سورة الأعراف )

 إذاً: الإيمان بالله، والاستقامة على أمره أيضاً أحد أسباب الرزق الوفير، وكل إنسان أودع الله فيه حب المال، قال تعالى:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

( سورة آل عمران الآية: 14 )

كل شهوة لها قناة نظيفة تسري من خلالها:

 النقطة الدقيقة: أنه ما من شهوة أودعها الله بالإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، فإذا أحب الإنسان المال بحسب فطرته فهذا الحب يمكن أن يروى بقناة نظيفة ، أحب المال فيعمل في عمل مشروع فيأتيه كسب وفير يتمتع به، ويكشر الله عليه.
لذلك هذه الشهوات التي أودعها الله فينا ما أودعها فينا إلا كي نرقى إلى رب الأرض والسماوات، نرقى بها مرة صابرين، ومرة شاكرين، أية شهوة أودعها الله في الإنسان إذا ترك الجانب المحرم منها، وأخذ الجانب الحلال يرقى مرتين، يرقى بترك الجانب المحرم إلى  الله صابراً، ويرقى بأخذ الجانب الحلال شاكراً إلى الله عز وجل.

 

هل المال نعمة أم نقمة ؟

 أيها الإخوة، ما منا واحد على الإطلاق إلا ويتمنى الرزق الوفير، والمال من نعم الله الكبرى، ولكن لا بد من هذا التنويه:
المال هل هو نعمة ؟ قلت قبل قليل: من نعم الله الكبرى، الإجابة الدقيقة ليس: نعمة، وليس نقمة، ولكنه موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه، فإن اكتسب الإنسان المال من وجه مشروع، وأنفقه في وجه مشروع فهو أكبر نعمة على الإطلاق، إن المال قوام الحياة ، ولا بد من التنويه أن المال قوة كبيرة في الحياة، لذلك يجب على كل مسلم أن يكون مكتفياً، وإن أمكن أن يكون غنياً، لماذا ؟ لأن خياراته في العمل الصالح تغدو كثيرة جداً، ولأن علة وجودك في الأرض هو العمل الصالح، ولأن الإنسان حينما يأتيه ملك الموت لا يندم إلا على  تقصيره بالعمل الصالح، كلما كنت قوياً أكثر كانت خياراتك في العمل الصالح أكثر.

 

 

المؤمن الغني له من طرق العمل الصالح ما ليس للمؤمن الفقير:

 الآن الإنسان الميسور يمكن أن يزوج شبابا، أن يفتح بيوت، أن يرعى أرامل، أن يرعى أيتاما، أن يوفر فرص عمل، فالإنسان كلما كان أقوى كانت خياراته في الأعمال الصالحة أوسع.
 فلذلك ينبغي أن تكون قوياً من ناحية المال مثلاً، لكن قد يكون طريق القوة المالية محفوفا بالمخاطر، وفي بعض الأقوال اللطيفة: الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة .
قد يأخذ إنسان أموال الناس، ويغامر بها فيقع تحت ديون طائلة يسحق، نقول لمثل هذا الإنسان: الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة، أما إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله فينبغي أن تكون غنياً لأن فرص العمل الصالح للأغنياء لا تعد ولا تحصى.
والله أيها الإخوة، لا يُغبط إلا غني مؤمن، بإمكانه بماله أن يصل إلى أعلى درجات الجنة، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( لا حَسَدَ إِلاّ في اثْنَتَيْنِ: وَرَجُلٌ آتَاهُ الله القُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللّيْلِ وَآنَاءَ النّهَارِ رَجلٌ آتَاهُ الله مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُ منهُ آنَاءَ اللّيْلِ وآنَاءَ النّهَارِ ))

 

 

[ متفق عليه ]

 بالمال تملأ قلوب الناس فرحاً، بالمال تطعم الجائعين، تكسو العراة، بالمال ترأب الصدع، توفق بين الناس، بالمال تزوج الشباب، بالمال تسعى بتزويج الفتيات، والأعمال الصالحة لا تعد ولا تحصى، بل إن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، دقق في أن علة  وجودك في الأرض العمل الصالح، والعمل الصالح قد يحتاج إلى المال.
 لذلك هناك كلمة لصحابي جليل: << حبذا المال أصون به عرضي، وأتقرب به إلى ربي >>، هذا الصحابي الجليل رسم للمال هدفين واضحين، أصون به عرضي، أطعم أولادي، أكسو زوجتي، أملأ البيت فرحاً بتلبية ما يحتاجون، والمال له وظيفة أخروية كبيرة جداً،  وأتقرب به إلى ربي، بل إن المؤمن يسعده العطاء لا الأخذ، فإذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله فينبغي أن تكون غنياً، لأن فرص العمل الصالح للغني لا تعد ولا تحصى، أما إذا كان طريق الغنى سالكاً على حساب مبادئك ودينك فالفقر وسام شرف لك.
إذاً أول قانون:

 

﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾

القانون الثاني:

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾

 

3 – الاستغفار:

 

 

 الآن: أحد أسباب وفرة الرزق الاستغفار، طالبوني بالدليل، قال تعالى:

 

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾

 

( سورة نوح )

 فلذلك قال تعالى:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 33 )

 مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعذب أمة محمد عليه الصلاة والسلام وسنة النبي بعد وفاته قائمة في حياته

 

﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾

 ، أي سنتك مطبقة في حياتهم، في كسب أموالهم، في إنفاق أموالهم، في أفراحهم، في أتراحهم، في حلهم، في ترحالهم، في كل شؤون حياتهم.
الآن:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

 

( سورة الأنفال )

 أنت في بحبوحتين، بحبوحة الاستغفار، وبحبوحة تطبيق منهج رسول الله، إذاً :

 

 

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾

 

4 – الصلاة والذِّكر:

الآن:

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ﴾

( سورة طه الآية: 132 )

 استنبط العلماء من هذه الآية أن البيت الذي فيه صلوات تؤدى، وأن المحل التجاري الذي يؤدي أفراده الصلوات الخمس، والذي يقام فيه منهج الله، الصلاة والذكر أحد أسباب جلب الرزق.

 

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ﴾

 

﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾

( سورة طه )

التقتير الإلهي تقتير تأديب لا تقتير عجزٍ:

 أيها الإخوة، لابد أن أوضح حقيقة خطيرة جداً: أن أيّ تقنين إلهي هو تقنين تأديب لا تقنين عجز، إن أي تقنين إلهي إنْ كان في الأمطار، إن كان في الأرزاق، إن كان في المحاصيل، إن كان في النبات أي تقنين إلهي هو تقنين تأديب لا تقنين عجز، لقول الله جل جلاله:

﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾

( سورة الحجر )

 إذاً: أي تقنين تقنينُ تأديب لا تقنين عجز، أما حينما يقنن الإنسان ففي الأعم الأغلب يقنن تقنين عجز، أما إلهنا جل جلاله إذا قنن تقنينه تقنين تأديب.

الغنى والفقر بحكمة الله

 لكن أحياناً لحكمة بالغة، لأن الله يعلم ما يكون، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، وقد قيل: علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، لأن الله وحده يعلم ما الذي سيكون لو كنت غنياً، وما الذي سيكون إن  كنت فقيراً، فلذلك هناك حكمة بالغةٌ من أن هذا الإنسان أراد الله له دخلاً محدوداً، وهذا إنسان أراد له دخلاً غير محدود، لأن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى، فإذا أفقرته أفسدت عليه دينه، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر، فإذا أغنيته أفسدت عليه دينه.
إذاً: لأن الله يعلم ما سيكون فقد يختار لكل واحد منا رزقاً يعينه على أن يصل إلى دار السلام بسلام، لذلك في بعض الأحاديث:

 

(( فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ))

 

[ أخرجه البخاري ومسلم عن عليّ رضي اللّه عنه ]


 هو خُلق للجنة، فإن كان الدخل المحدود يمكن أن يكون سبباً أقوى في بلوغ الجنة يجعل الله هذا الإنسان ذا دخل محدود.

هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا...

 أما إذا كان الدخل غير المحدود سبب للتفلت والانغماس بالملذات، ثم المعاصي والآثام يأتي هذا الحديث الذي أسميه قاصمة الظهر، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

 

[ أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة ]

 عدّ النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً من المصائب.

 

((هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

 

[ أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة ]

 إذاً: لأن الله علم ما كان، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون يختار لعبده نوعاً من الرزق، فالمؤمن الصادق يرضى عن الله.
إن إنسانا كان يطوف حول الكعبة وهو يقول: " يا رب، هل أنت راضٍ عني، ورآه الإمام الشافعي قال: يا هذا، هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك ؟ قال: سبحان الله ! من أنت ؟ قال: أنا محمد بن إدريس، قال: كيف أرضى عن الله وأنا أتمنى رضاه ؟ فقال له: إذا  كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله ".
 فالمؤمن الصادق يرضى عن الله، ولو كان ذا دخل محدود.
 عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

(( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ))

 

[ مسلم ]

 إذاً: يجب أن تعلم علم اليقين أنك تدعو الله فيجب أن تستقيم، وتؤمن، وتتقي، لكن أحياناً هناك حكمة بالغةٌ بالغة من الدخل الذي قدره الله لك.
إخوتنا الكرام، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ ))

 

 

[ مسلم ]

 لذلك: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

 

(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ))

 

[الترمذي]

 سأل ملِكٌ وزيره: مَن الملك ؟ قال له: أنت، قال: " لا، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيت يؤويه، وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، إنه عن إن عرفنا جهد في استرضائنا، وإن عرفناه جهدنا في إحراجه ".
 لذلك قد يكون الكفاف وضعاً مثالياً للمؤمن، الكفاف لا يعني أنك فقير، ولا يعني أنك مترف، لذلك قالوا: خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدرها هَمًّا، ومن أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر.
لذلك أسباب الرزق أحياناً صلة الرحم، أسباب الرزق أداء الصلوات، أسباب الرزق الإيمان والاستقامة على أمر الله، أسباب الرزق الإيمان والتقوى، أسباب الرزق الاستغفار، هذه كلها أسباب للرزق، لكن أريد أن آبين لكم حقيقة:

 

لن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها:

 هناك منطقة مشهورة بالتفاح، لو دخلنا إلى البستان الرابع من بداية هذه المنطقة ، وتجولنا فيه، ورأينا الشجرة الثامنة، والغصن الثالث، والتفاحة العاشرة، هذه التفاحة لك، من وقت أن خلقها الله هي لك، وهذا معنى الرزق المقسوم، أما وصولها إليك فباختيارك، هذه التفاحة لك، يمكن أن تصل إليك هدية، يمكن أن تصل إليك ضيافة، يمكن أن تصل إليك صدقة، يمكن أن تصل إليك تسولاً، يمكن أن تصل إليك سرقة، يمكن أن تصل إليك شراءً، الشراء طريقة، والسرقة طريقة، والتسول طريقة، والصدقة طريقة، لذلك هي لك، ولكن طريقة وصولها إليك باختيارك، من هنا ورد في الحديث الشريف:

(( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، واستجملوا مهنكم ))

[ أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة ]

 اختر حرفة شريفة، لأن الرزق هو هو، وما عند الله ما ينال بمعصية الله.

 

(( من حاول أمرا بمعصية الله كان أبعد له مما رجا، وأقرب مما يتقي ))

 

[ رواه أبو نعيم عن أنس رضي الله عنه ]

 فلذلك أيها الإخوة، هذه مبادئ متعلقة الرزق، الاستقامة، العمل الصالح الإيمان، التقوى، الاستغفار، صلة الرحم، إقامة الصلوات، هذه أسباب الرزق، والرزق مقسوم بمعنى أن الله سبحانه وتعالى يسوق لك الرزق المناسب، فليس في الإمكان أبدع مما كان، والقاعدة اللطيفة في حكم ابن عطاء الله السكندري: " ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، وإذا كشف لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء "، والمؤمن راضٍ عن الله يقول: يا رب، احفظني وارزقني، ارزقني طيباً واستعملني صالحاً.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور