وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 016 - صفات الدعاة .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

صفات الدعاة :

أيها الأخوة الكرام ؛ الآية الكريمة التي قُرأت في الصلاة ، وقرأها الإمام جزاه الله خيراً :

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

هؤلاء الدعاة إلى الله ، لهم آلاف الصفات ، آلاف ، الداعية صادق ، أمين ، ورع مستقيم ، إلى آخره ...........

 

الصفة الرئيسية : أن يخشى الله .

هذه الآية أغفلت كل هذه الصفات ، وجاءت صفة واحدة :

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

الصفة الوحيدة التي ذكرها الله في وصف الدعاة هي خشية الله وحده
لو أن هذا الذي دعا إلى الله خشي غير الله ، ولأنه خشي غير الله سكت عن الحق خوفاً ، وتكلم بالباطل تملقاً ، انتهت دعوته ، لم يبقَ داعية .

 

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

صفة واحدة ، علماء البلاغة قالوا : هذه صفة مترابطة مع الموصوف ، ترابط وجودي فإذا ألغيت ألغي الموصوف كله ، صفة واحدة إذا خشي الداعية غير الله فتكلم بالباطل خوفاً ، فسكت عن الحق ، وتكلم بالباطل تملقاً ، انتهت دعوته ، لذلك هؤلاء الدعاة إلى الله إذا وقفوا مع الظلم ، وقفوا مع الانحراف تزلزلت الأمة ، هم قدوة ، هم منارات الأمة ، هم معقل أمل الأمة ، فلذلك لما الداعية ، أو العالم يقف موقف غير صحيح هناك آثار كبيرة جداً قد تصيب الناس بالإحباط ، في دعاة أنا أقول قامة علمية كبيرة ، فلما وقفت موقف غير صحيح مع القاتل انتهت الدعوة كلها ، احرقت الكتب لها ، خسر كل شيء ثم قتلوه فوق ذلك .

 

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

تجهض دعوتك إلى الله إذا ارتزقت منها
أنا سمعت ببلد بشمال إفريقيا علماني حكمه حاكم ثلاثة وعشرين سنة ، الحاكم غير مؤمن بالدين إطلاقاً ، أذكر قصة مؤثرة جداً أنه جاء بالمفتي العام ، وكلفه أن يلقي خطبة أن الصيام يعيق الانتاج فينبغي أن يفطر الناس ، هذا العالم الكبير ، المفتي الكبير وافق ، أن يصعد المنبر ويلقي كلاماً بحسب توجيهات هذا القوي ، لذلك أسبوعين تقريباً قبل موعد الخطبة ، الإعلام يوجه الناس إلى كلام خطير جداً ، سوف يلقى من قبل المفتي العام ، فصعد المنبر وقال :

 

﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[ سورة البقرة الآية : 183 ]

والذي لا يصوم ، وينكر فضيلة الصيام فهو كافر ، طبعاً قُتل ، لكن دفع الثمن ، أدى رسالات العلماء :

 

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

فقضية الدعوة قضية خطيرة جداً ، فلابد من أن تقول كلمة الحق مهما بلغ الثمن .

 

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

طبعاً يخشونه كافية ، من باب التأكيد :

 

﴿ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

فلذلك كل إنسان بحسب مقامه مكلف بمهمة .
ففي حرف تحتاج إلى إطلاع كالطبيب مثلاً .
حرف تحتاج إلى إتقان كالصانع .
أما الدعوة إلى الله تحتاج إلى صدق ، وإلا حينما يتكلم الداعية بخلاف قناعاته سقطت دعوته وانتهى عند الله ، وعند الناس .
فلذلك :
ما من عمل يتذبذب بين أن يكون عملاً خطيراً يرتقي إلى صنعة الأنبياء ، وبين أن يكون عملاً تافهاً لا يستأهل إلا ابتسامة ساخرة كالدعوة إلى الله ، فإذا بذلت من أجلها الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس تكون قد حققت الهدف ، أما إذا ارتزقت بها .

 

ملاحظة :

للإمام الشافعي كلمة مذهلة قال :
لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أترتزق بالدين .
من يقبل أن يأخذ شيئا ولو مرة من القوي فسيقبل كل مرة
فهذا الدين كما قال الله عز وجل :

﴿ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾

[ سورة آل عمران الآية : 187 ]

يعني واحد على طاولته شك بمليون دينار ، لكن موضوع بشكل عكسي ، واضح ورقة مستطيلة فارغة ، فجاء إنسان واستخدمها لإجراء عملية حسابية ، فلما انتهى منها مزقها ، وألقاها في المهملات ، وهذا شك بمليون دينار ، حينما يعلم الحقيقة ، وشك آخر ما في ، وبدل عن ضائع ما في ، ما الذي يحصل ؟ بثانية واحدة أتلف مئة مليون دينار ، هكذا الذي يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً هذا الذي يرتزق بالدين ، لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أترتزق بالدين .

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

الناس قد تغفر للساكت لكن لا يغفرون لمادح الظالم
بعض العلماء قال كلام طيب ، قال : العالم الذي يستجيب لضغط فيتكلم بما يرضي القوي كالسفينة التي تأخذ من ماء البحر شيئاً ، فإذا بالبحر يبتلعها بأكملها ، إذا سمحت أن تأخذ شيئاً من القوي يبتلع هذا الإنسان بأكمله ، وانتهى .
لذلك أنا ما كنت أصدق أن أرى في حياتي سقوط عالم ، سقط نهائياً ، وكان قامة مديدة وله أثر في العالم الإسلامي ، فلما وقف مع ظالم ، انتهى ، لذلك البطولة لا أن تبلغ القمة البطولة أن تبقى فيها ، أنا أشبه الصعود إلى القمة بطريق وعر ، صاعد ، في أكمات ، في حفر ، وفي صخور ، والجو حار ، والطريق ترابي ، هذا الصعود بلغ القمة ، السقوط من القمة الطريق سيراميك مع صابون ، بثانية صار تحت إذا وقف موقف لا يرضي الله ، إذا استجاب لهواه ، إذا استجاب لقوي ، الآية دقيقة جداً ، يعني هذا الداعية له آلاف الصفات ، القرآن أغفلها كلها ، أبقى على صفة واحدة .

 

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

طبعاً الناس يغفرون للساكت ، لكن لا يغفرون للمادح ، قد يكون القوي قوي ، وبطاش ، إذا الواحد سكت الناس يعذرونه ، أما إذا تكلم بعكس ما ينبغي تكلم مادحاً الناس لا يعذرونه .

 

الخلاصة :

أيها الأخوة الكرام ؛ القضية في الدين قضية خطيرة ، هذا منهج الله ، هذا دين الله فالذي يلعب بدين الله ، ويوجه الآيات وفق مصالح للأقوياء ، يوجه الآيات بخلاف ما أراد الله عز وجل ، هؤلاء سقطوا من عين الله ومن عين الناس ، ولئن تسقط من السماء إلى الأرض فتنحطم أضلاعك ، وتنكسر عظامك ، أفضل ألف مرة من أن تسقط من عين الله ، فإذا سقط الإنسان من عين الله انتهى .
لذلك أيها الأخوة ؛ يعني من فضل الله عز وجل ، بلد كهذا البلد التدين ليس تهمة يحاسب عليها الإنسان ، هذه نعمة كبيرة اشكروا الله عليها ، وأن في هذا البلد أطياف كثيرة ، ليس بين طيفين أحقاد تاريخية تقتضي القتل ، الثالثة الإنسان إذا أخطأ يحاسب لكن لا يقتل فوراً ، ففي نعم يجب أن ننتبه إليها ، مثلاً :
واحد عنده زوجة ، وسافر شهر ، زوجة صالحة ما خطر في باله لثانية واحدة أن إنسان أجنبي دخل إلى البيت ، هذه نعمة كبيرة جداً ، إلا أنها عنده مألوفة ، لكن النبي وجهنا قال :

(( اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها ))

لنشكر الله على نعمة الإسلام فهناك في العالم من يعبد الجرذان
لابد من أن ترى هذه النعمة ، تراها بإحدى طريقين إما بزوالها ، أو بدوامها ، فالذي عنده زوجة صالحة فليشكر الله عز وجل ، مطمئن فالطمأنينة لها ثمن ، أنا كيف عرفت هذا الثمن ؟ عملي بالدعوة ، يوجد عندي عشرة آلاف بالشام ، أربعة خمسة شاكك بزوجته ، لا ينام الليل يكون بالمحل التجاري ، عنده موظف ، اذهب وقف أمام البيت ، هل ترى أحداً دخل إلى البيت في غيابي ؟ تجده مرجل إذا الإنسان شك بزوجته ، لكن هذه قيمة لا أحد يعرف قيمتها ، أنت تسافر شهر ، لا يأتي ببالك خاطر واحد بالمليار أن واحد فات للبيت أجنبي بغيابك ، فهذه نعمة ، أين بطولتك ؟ أن ترى النعم بدوامها ، لا بزوالها ، فمن هذه النعم الله عز وجل دلنا عليه ، فأنت على معرفة بالله عز وجل ، في بلاد يعبدون النار ، في بلاد يعبدون موج البحر ، في بلاد يعبدون الجرذان ، بآسيا ، في عندي مقال طويل موثق ، مجلة علمية المانية ، يعبدون الجرذان ، فنحن الله عز وجل أكرمنا بمعرفة الله ، نعبد خالق السماوات والأرض ، هذه نعمة كبيرة جداً .
فلذلك الآية ، طبعاً أنا محضر موضوعين ثلاثة ، لكن بس قرأ الإمام الله يجزيه الخير هذه الآية تأثرت بها كثيراً :

 

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

صفة واحدة جامعة مانعة :

 

﴿ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية :39 ]

لأنه لو لم تكن هذه الصفة فاستجابوا للقوي ، ونطقوا بما يرضيه ، وسكتوا عما يغضبه الدعوة انتهت .

 

اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور