وضع داكن
26-04-2024
Logo
عطر السنة - الندوة : 21 - الأخوة 1 – الأخوة الإسلامية .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
أعزائي المشاهدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أرحب بكم أجمل ترحيب في حلقة جديدة من : "عطر السنة " نتفيأ فيه ظلال النبوة العطرة الكريمة ، ونستلهم رشدنا منها من فم أستاذنا الكريم الدكتور محمد راتب النابلسي حفظه الله .
أعزائي المشاهدين حديثنا اليوم سيكون عن الأخوة الإسلامية ، وفي ظلال قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لَا يَظْلِمُهُ ، وَلَا يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

فضيلة الأستاذ الكريم أرحب بك أفضل ترحيب مرة أخرى .
الحقيقة الأخوة من شعائر هذا الدين وقد أمرنا الله عز وجل بالاعتصام بها قال :

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

[ سورة الحجرات : 10 ]

﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾

[ سورة آل عمران: 103 ]

لماذا اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الرابطة الفريدة ؟

 

التعاون حضارة و دين و تفوق و قوة :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، الآية تقول :

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

[ سورة الحجرات : 10 ]

هناك ملمح دقيق وخطير ، أي ما لم يكن انتماؤك إلى مجموع المؤمنين فلست مؤمناً ، أما أن تنتمي إلى فقاعات صغيرة وجماعات متناحرة متقاتلة تتبادل التهم ، تتراشق ، فهذا لا يجوز ، لهذا انا أقول دائماً الدعوة إلى الله دعوتان ؛ دعوة إلى الله خالصة ، ودعوة إلى الذات مغلفة بدعوة إلى الله ، الدعوة إلى الله الخالصة الاتباع ، اتبع لا تبتدع ، اتضع لا ترتفع ، الورع لا يتسع ، والدعوة إلى الذات أساسها الابتداع لا الاتباع ، تبتدع تقول : أنا وحيد ليس على وجه الأرض مثلي ، اتبع لا تبتدع ، الأخوة الخالصة أساسها الاتباع أما الانتماء إلى الذات فأساسه الابتداع ، الآن الأخوة الخالصة أساسها التعاون بينما الانتماء إلى الذات أساسه التنافس، الدعوة الخالصة أساسها التعاون ، ما الذي يمنع أن يتعاون الدعاة مع بعضهم ؟ إذا تعاونوا وتناصحوا وتبادلوا الخبرات ارتقوا جميعاً عند الله وعند الناس ، فإذا تخاصموا وتراشقوا التهم ، سقطوا جميعاً من عين الله ، ومن عين الناس ، الفرق بين الدعوة المبتدعة والدعوة الخالصة الأولى فيها ابتداع الثانية فيها اتباع ، الأولى فيها تعاون والثانية تنافس ، الدعوة الخالصة أساسها الاعتراف بالآخر ، أنا داعية وهناك دعاة آخرون صادقون مخلصون ، فحينما أتوهم أنني الوحيد في هذه الساحة ، هذا غلو في الدين .
المذيع:
هناك مقولة جميلة للدكتور محمد الغزالي رحمه الله يقول : " من أراد من الناس أن يتبعوه وأن يحملوا رأيه وأن يقلدوه ولا يأخذوا آراء غيره فهو صم حي متحرك " .
الدكتور راتب :
إذاً الدعوة الخالصة اتباع ، إلى الذات ابتداع ، الخالصة تعاون ، إلى الذات تنافس، الخالصة الاعتراف بالآخر وأما الثانية فإلغاء الآخر كلياً ، فأنت ما لم تجد الداعية منفتحاً يتعاون مع إخوانه الدعاة ، يتبادلون الخبرات ، ما الذي يمنع أن تسأل أخاً داعية في قضية هو متخصص بها ؟ وما الذي يمنع أن يسألك داعية آخر في قضية الإعجاز وأنت متخصص به ؟ تبادل الخبرات حضارة ، أخي الكريم التعاون حضارة ، التعاون دين ، التعاون تفوق ، التعاون قوة ، وهناك أمر إلهي :

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾

[ سورة المائدة:2]

قال علماء التفسير: البر صلاح الدنيا ، والتعاون على التقوى صلاح الآخرة . فأنت مكلف أن تتعاون مع من حولك في الدنيا والآخرة معاً ، والدول القوية في تعاون مذهل ، أنا أقول : أعداء المسلمين يتعاونون تعاوناً مذهلاً وبينهم قواسم مشتركة خمسة بالمئة والمسلمون يتقاتلون والدماء تجري وبينهم خمسة وتسعين بالمئة قواسم مشتركة ، وهذه وصمة عار بحقنا.
المذيع:
أنا أردت أن أسألك هذا السؤال : الحقيقة لماذا نجح النبي صلى الله عليه وسلم في بناء مجتمع الأخوة ولم ينجح المسلمون اليوم في بناء هذا المجتمع ؟ ما الذي اختلف ؟

 

المواطنة في الإسلام :

الدكتور راتب :
دخل النبي عليه الصلاة والسلام المدينة ماذا قال ؟ يوجد بالمدينة أطياف كثيرة ، أوس وثنيون عباد أصنام ، وفيها خزرج وثنيون ، وفيها أوس مسلمون وخزرج مسلمون ، فيها موالي وأعراب نصارى ويهود ، هذا مجتمع فسيفسائي ، فلما دخل المدينة في أول خطاب له قال: أهل يثرب أمة واحدة . هذا أقدم مفهوم مواطنة بالإسلام ، سلمهم واحدة وحربهم واحدة .
أنا حينما أفهم هذا الفهم العميق أرى أن المواطنة حضارة ، و أرى أنه ليس هناك حل للمجتمعات الفسيفسائية إلا المواطنة .
المذيع:
أستاذنا الكريم هل يمكن أن توطن المواطنة بالدين الأخوة ؟
الدكتور راتب :
لا هي معلقة بالمكان ، أنا قد ألتقي مع أخ مقيم في أمريكا ، أخي حقاً وأتفاعل معه تفاعلاً مذهلاً ، المواطنة متعلقة بالمكان ، من يسكن هذا الوطن هم مواطنون ، لهم حقوق يجمعهم هذا الوطن .
المذيع:
أستاذنا الأخوة في الله كان لها تطبيقات جميلة جداً ، ورثناها عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم وحتى عن علمائنا هناك تطبيقات رائعة منها ما جرى للمسلمين يوم اليرموك ، اسقِ أخي فلاناً حتى ماتوا كلهم ، أستاذنا ما الذي يدفع إلى هذه التضحيات من أجل الأخوة ؟ هل الأخوة في حدّ ذاتها طاعة وعبادة لله عز وجل ؟

الأخوة طاعة وعبادة لله عز وجل :

الدكتور راتب :
طبعاً إلا أن الشيء الذي لا يصدق أن الأنصار والمهاجرين ما ثبت أن مهاجراً أخذ من مال الأنصار شيئاً ، قال له : هذا بيتي ، هذا حانوتي ، قال له: بارك الله في بيتك دلني على السوق ، في عزة مع أن الأنصاري بذل كل شيء ، بذل ماله

والمهاجر أيضاً أكّد عزة نفسه ، قال له : بارك الله في بيتك دلني على السوق ، أنا أقول : من يستطع أن يكسب المال ينبغي أن يسكبه شخصياً دون أن يكون عبئاً على أحد ، أما حينما يصاب الإنسان بعاهة يأخذ المال وهو راض عنه ، مضطر له .
المذيع:
أستاذنا الأخوة قلنا : إنها طاعة مستقلة ، أو طاعة لها أجر عظيم عند الله عز وجل فلذلك يحارب المسلمون اليوم في أخوتهم ، هل يمكن أن يقال إن بعض مفاهيم الأخوة المعاصرة الوحدة ، وحدة المسلمين ؟
الدكتور راتب :
والله هذا شيء ضروري جداً .
المذيع:
تفضلت وقلت : إن المواطنة تجمع الناس في مكان واحد ، هل يمكن أن يقال : إن الأخوة الإسلامية هي أساس الوحدة بين الأقطار المسلمة وبين المسلمين ؟

أخوة الإيمان أساس الوحدة بين المسلمين :

الدكتور راتب :
قوة الإيمان ، هناك أخوة المواطنة ، وأخوة الإيمان ، حينما ألتقي بإنسان مؤمن بطرف الدنيا الآخر أحس أنه أقرب الناس إليّ ، هذه حقيقة ، القصة تبدأ من هذا الترتيب ، عندنا بالإنسان سمات وصفات ، السمات أوسع من الصفات ، قد نقول : عنده سمة الضبط ، موعده مضبوط ، موضوعه مضبوط ، كلامه مضبوط ، حسابه مضبوط ، شهوته مضبوطة ، كلمة مضبوط لها خمسة فروع ، مضبوط سمة ، وضبط المواعيد صفة ، وضبط الكلام صفة إلى آخره ، لو أخذنا إنسانين وكتبنا على عامود شاقولي السمات والصفات لكل إنسان ووصلنا بين كل سمتين أو صفتين متشابهتين بخط ، الشيء الذي لا يصدق أنه كلما كثرة التقاطعات كان الحب بينهما ، هذا ورع ، صادق صادق ، أمين أمين، أنيق أنيق ، نظيف نظيف ، كلما كثرة التقاطعات بين شخصيتين كان الحب اقوى بينهما ، الشيء الطبيعي جداً المؤمن هذا صادق وهذا صادق ، هذا خط ، أمين أمين ، عفيف عفيف ، معتدل معتدل ، وسطي وسطي ، فالخطوط إذا كثرت كان الحب واللقاء .

خاتمة و توديع :

المذيع:
أستاذنا بارك الله بك ، سنقف مع هذا العبق والعطر الفواح في حلقة مقبلة إن شاء الله ، لم يبق من وقت حلقتنا إلا أن أشكرك جزيل الشكر ، وأنتم أعزائي المشاهدين لم يبق من وقت هذه الحلقة إلا أن أشكركم شكراً جزيلاً على متابعتكم لنا ، ألقاكم في حلقة قادمة ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور