وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 4 - سورة النبأ - تفسير الآيات 27 - 30، الخطورة في التكذيب العملي لا التكذيب القولي .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

التكذيب نوعان ؛ تكذيب عملي و تكذيب قولي :

أيها الأخوة الكرام ؛ لازلنا مع تفسير الجزء الثلاثين ، ومع السورة الأولى وهي سورة النبأ ومع قوله تعالى :

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا * وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا * وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا * فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا * إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴾

[ سورة النبأ :27-36]

وعد الله حق والبطولة أن تستعد لهذا الوعد
أيها الأخوة الكرام ؛ هناك نقطة دقيقة جداً لا يستطيع أحد أن يكذب بوعد الله عز وجل ، لكن البطولة أن تستعد لهذا الوعد ، أن تعمل وفق هذا الوعد ، فلذلك قال العلماء : هناك تكذيب لفظي ، وهناك تكذيب عملي ، لا تجد في العالم الإسلامي كله مليار وثمانمئة مليون إنسان يقول لك : ليس هناك آخرة ، أو ليس هناك حساب ، فالتكذيب اللفظي غير موجود في العالم الإسلامي كله إلا إن كان الإنسان ملحداً ، أما المسلم العادي فلا يمكن أن يكذب بيوم القيامة ، لكن هذا التكذيب العملي أخطر بكثير من التكذيب القولي ، لو قلت : ليس هناك يوم قيامة ، وهناك أدلة قرآنية ، وأدلة عقلية ، وأدلة نقلية ما لم تحمل نفسك على طاعة الله فلا قيمة لقناعاتك
لو قلت : أنا لا أؤمن بهذا اليوم ، هناك من يقنعك بهذا اليوم ، أما إذا كذبت بقلبك بمعنى أنك لم تعد لهذا اليوم ، إذا طالب قال : لا يوجد امتحان ، والامتحان مصيري ، والعلامات بالامتحان تحدد مسار حياتك ، طب أو فروع ثانية ، لكن لأنه لم يدرس إطلاقاً ، ولم يفتح كتاباً ، فهو مكذب تكذيباً عملياً ، هذا التكذيب العملي هو الخطير ، ترى مسلماً يعمل في التجارة ، وأمواله في المصارف وبفائدة ربوية وهو مرتاح يسمع الدروس أحياناً ؟ هذا التكذيب العملي خطير جداً ، فلذلك ما لم تحمل نفسك على طاعة الله ، ما لم تترجم الدروس التي تسمعها إلى واقع ، إلى سلوك ، ما لم تقم الإسلام في نفسك ، ما لم تقم الإسلام في بيتك ، ما لم تقم الإسلام في عملك ، فكل قناعاتك لا وزن لها ، هذه المشكلة ، قال تعالى :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

واقع المسلمين يجعل الله في حلّ من وعوده :

الحقيقة المُرّة أفضل ألف مَرّة من الوهم المريح ، هل نحن كمسلمين الآن مستخلفون في الأرض؟ لا والله ، قال تعالى :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

قانون قال تعالى :

﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

هل هذا الدين الإسلامي ممكن في الأرض أم يواجه حرباً عالمية ثالثة ؟ كانت تحت الطاولة واليوم فوق الطاولة ، جهاراً ونهاراً ، قال تعالى :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55 ]

بعدنا عن الدين الحق يجعلنا مستضعفين في الأرض
لسنا مستخلفين الآن ، ولسنا ممكنين ، ولسنا آمنين ، أين الخلل ؟ ما السبب ؟ ما المشكلة ؟ كيف نفسر ذلك ؟ كيف نقبل هذا التناقض المريع والمفارقة الحادة بين وعود الله لنا في القرآن ؟ زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، كيف نتوازن ؟ كيف ننسجم مع وعود الله للمؤمنين في القرآن الكريم ومع واقع المسلمين ؟ ليست كلمتنا هي العليا ، وليس أمرنا بيدنا ، وللطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل ، هذا التردي ، هذا الانقسام ، هذا الضعف ، هذا الحصار ونحن أمة الوحين ، أمة الكتاب والسنة ، أمة وعدها الله بالاستخلاف ، قال تعالى :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55 ]

دقق :

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور: 55 ]

فإذا أخلّ البشر ، أخلّ المسلمون بما كلفوا به من عبادة ، فالله جل جلاله في حل من وعوده الثلاثة ، فواقع المسلمين في تفرق ، في ضعف ، هل تصدقون أن المسلمين يملكون نصف ثروات الأرض ؟ وهل تصدقون أن في الأمة الإسلامية من أسس الاجتماع والتعاون ما لا تملكه أمة في الأرض ؟ تاريخ مشترك ، إله واحد ، قرآن واحد ، نبي واحد ، أهداف واحدة ، آلام واحدة ، آمال واحدة ، لا تملك أمة في الأرض ما نملك نحن من مقومات الوحدة ، ومع ذلك بأسنا بيننا ، الحقيقة المؤلمة أن الأعداء يتعاونون تعاوناً مذهلاً وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ، والمسلمون - والحقيقة مرة - يتقاتلون وبينهم خمسة وتسعين بالمئة قواسم مشتركة ، إذاً لا بد من صحوة ، لا بد من عقد يجمعنا ، لا بد من أهداف توحدنا ، لذلك قال تعالى :

﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾

[ سورة النبأ :28]

التكذيب العملي أخطر من التكذيب القولي :

الخطورة في التكذيب العملي لا التكذيب القولي ، مرة ثانية : لا يجرؤ إنسان مسلم في العالم الإسلامي كله أن يقول : ليس هناك آخرة ، لكن هذا الذي لا يعمل للآخرة ، يأكل المال الحرام، يعتدي على أموال الناس ، على أعراضهم ، لا يطبق هذا الدين لا في بيته ، ولا في عمله ، ولا في نفسه ، هذا يكذب تكذيباً عملياً ، وأخطر ما في التكذيب التكذيب العملي ، قال تعالى :

﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾

[ سورة النبأ :28]

مثلاً التكذيب القولي ، قال تعالى :

﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾

[ سورة الرعد : 43]

أنت لست رسولاً ، هذا تكذيب قولي ، قال تعالى :

﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾

[ سورة الرعد : 43]

التكذيب العملي هو معرفة الحق وعدم تطبيقه والسير نحو الباطل
أما التكذيب العملي فعدم الأخذ بالمبادئ نوع خطير من التكذيب ، الذي يكذب عملياً لا يناقش ، ولا تستطيع أن تناقشه ، يقول لك : أعوذ بالله أنا مؤمن ، دخلك حرام ، دخلك ربوي ، الأموال في البنوك ، الفوائد ربوية ، البضاعة محرمة أساساً ، هناك مليون مخالفة بحياته ويدعي أنه على حق .
أيها الأخوة الكرام ؛

﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾

[ سورة الرعد : 43]

القرآن ضرب أمثلة كثيرة ، لو زرت طبيباً متفوقاً جداً يحمل أعلى شهادة ، وزرته لمرض تعاني منه ، وهو اختصاصه ، كتب لك وصفة ، فأنت شكرت الطبيب ، وبينت مكانته العلمية ، وأثنيت على علمه ، وعلى اختصاصه ، وأعطيته الأتعاب ، وأخذت هذه الوصفة ولم تشتر الدواء ، ولم تستعمله ، بالكلام كلام رائع ، مدحت الطبيب ، مدحت علمه ، إخلاصه ، أثنيت على خبرته ، صافحته ، أديت له الأتعاب بالتمام والكمال ، ولكن لأنك لم تشتر هذه الوصفة إذاً أنت تكذبه تكذيباً عمليلاً ، وإذا الله عز وجل وعد من يأكل الربا بحرب من الله عز وجل ، قال تعالى :

﴿ فَإِن لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾

[ سورة البقرة: 279 ]

ومع ذلك لا أحد يتعظ ، وبلاد المسلمين مبنية على الربا ، فمعنى ذلك :

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

التكذيب العملي عطل كل وعود الله للمسلمين :

إن كان المسلمون بالإحصاء الأخير مليار وسبعمئة مليون ، هذا عدد المسلمين وليست كلمتهم هي العليا ، وليس أمرهم بيدهم ، إذاً أين الخطورة ؟ قال تعالى :

﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾

[ سورة النبأ :28]

التكذيب العملي لا التكذيب النظري ، الله عز وجل قال :

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾

[ سورة البقرة : 8-9]

فالتكذيب القولي يعالج ؛ تحاوره ، تأتيه بالأدلة ، بالآيات ، بالأحاديث ، بالقصص ، دليل منطقي ، دليل عقلي ، دليل نقلي ، ودليل شرعي ، فلذلك :

﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾

[ سورة النبأ :28]

هذه كذّاب مصدر .
من عرف الله حق المعرفة التزم بمنهجه وبحلاله وحرامه
أخواننا الكرام ؛ هذه اللغة العربية لغة راقية جداً ، نظامها نظام أسري ، هناك جد و أولاد و أولاد الأولاد ، ذكور وأناث ، هذه اللغة العربية فيها مثلاً عرف ، يعرف ، معرفة ، مصدر ، فيها فعل ماض ، وفعل مضارع ، وفعل أمر ، اسم مكان ، اسم زمان ، اسم تفضيل ، اسم آلة ، اسم فاعل ، اسم مفعول ، صفة مشبهة باسم الفاعل ، شجرة يقع على رأسها الجد ، فهذه اللغة العربية من أرقى اللغات الإنسانية باعتراف علماء اللغة في العالم ، لغة القرآن الكريم، مثلاً باللغة الأجنبية تقول : تيبل طاولة ، تقول : بوك كتاب ، رايت : كتب ، باللغة العربية ذات الأسر العريقة ، تقول : مكتب ، وكتاب ، وكتب ، الكتابة من ك ت ب ، والمكتب نفس الاشتقاق ، وكتب نفس الاشتقاق ، فلغتنا لغة متصرفة ، لغة اشتقاقات ، فلذلك التكذيب القولي ليس وارداً في حياة المسلمين أما الله عز وجل فيقول :

﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾

[ سورة النبأ :28]

فأنت إذا لم تعبأ بالوعد والوعيد ، ولا بالثواب والعقاب ، ولم تلتزم ، ولم تحمل هذا الدين على التطبيق ، ولم تقم الإسلام في نفسك أولاً ، وفي بيتك ثانياً ، وفي عملك ثالثاً هذا نوع من التكذيب ، قال تعالى :

﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾

[ سورة النبأ :28]

أي هناك إنسان يدخل الله في حساباته ، هذا لا أفعله ، سيدنا عمر رأى راعياً يرعى شياهاً ، فقال له : بعني هذه الشاة وخذ ثمنها ، قال : ليست لي ، قال : قل لصاحبها ماتت ، أو أكلها الذئب ، فقال هذا البدوي الراعي : والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟!
التكذيب العملي عطل كل وعود الله تعالى للمسلمين
هذا الراعي غير المتعلم لا يوجد عنده مكتبة ضخمة ، ولا أجهزة حواسيب ، هذا وضع يده على جوهر الدين ، قال له : أين الله ؟ وكل إنسان حينما يصل إلى المال الحرام يقول: لا والله ، مال حرام ، لقاء حرام ، حضور حفلة لا تجوز ، الذي يقول : لا أفعل ، وضع يده على جوهر الدين ، أما لا يوجد عنده مشكلة إطلاقاً ، يلتقي مع من يشاء ، يجلس مع من يشاء ، يطلق بصره ، يتابع أي شيء دون أي انضباط ، لكن يوم الجمعة في المسجد ، لا يوجد عنده مانع يصلي ، قال تعالى :

﴿ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى ﴾

[ سورة التوبة : 54]

قرآن ، هناك كفر دون كفر ، أنت حينما لا تعتقد ، حينما تقرأ في القرآن حرمة الربا ولا تمتنع عن أكل الربا ، فأنت تكذب هذا الكتاب تكذيباً عملياً لا قولياً ، وأنا ألح في هذا اللقاء الطيب على أن أخطر شيء هو التكذيب العملي لا التكذيب القولي ، التكذيب العملي عطل كل وعود الله لنا ، قال تعالى :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

لسنا مستخلفين ، قال تعالى :

﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾

[ سورة الصافات: 173]

لسنا كذلك ، فجميع وعود الله لنا معطلة ، لأن الدين له شكل وله مضمون ، هناك مساجد ، و مآذن ، و دروس ، و بيوت ، و مصاحف ، و لقاءات ، لكن ما لم تقم الإسلام في نفسك أولاً ، وفي بيتك ثانياً ، وما لم تبحث عن الحق ، وعن الدخل الشرعي ، وعن الإنفاق الشرعي ، وما لم تخطب امرأة صالحة تربي أولادك ، ما دمت لا تتأثر بهذه المقاييس فهناك مشكلة كبيرة .

 

من يدخل الله في حساباته يعد للمليون قبل أن يعصيه :

أخواننا الكرام ؛ العبارة الدقيقة ما أدخل الله في حساباته ، أذكر قصة لها معنى كبير، إنسان سافر من بلد إلى بلد ، على الحدود وجد تشديداً جمركياً يفوق حدّ الخيال ، أغراضه المسافر توضع على الطاولة كلها ، سافر إلى هذا البلد ، وجد أشياء رخيصة جداً ، وجميلة جداً، لكن مشهد الخروج ، التفتيش الدقيق ، والغرامات الباهظة من آمن بالله واليوم الآخر يحسب ألف حساب قبل أن يعصي الله عز وجل
هذا مشهد كلما فكر أن يشتري غرضاً من هذا البلد تراجع ، كيف سيدخله معه ؟ هذه القصة كلها ، أنت عندما ترى أن هناك موتاً ، وقبراً ، وحساباً ، وتدقيقاً ، تعد للمليون قبل أن تعصي الله ، لذلك قال تعالى :

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا * وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا * وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ﴾

[ سورة النبأ :27-29]

أعمالك كلها تعرض عليك كشريط مسجل ، وأضيف أنا : وملون ، قال تعالى :

﴿ فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ﴾

[ سورة النبأ :30]

هذه الآيات أخواننا الكرام في الجزء الأخير ، وهذه السورة مهمة جداً ، وأتمنى أن نطالع كثيراً هذا الجزء الأخير من القرآن ، وهو جزء مكي ، أهم الموضوعات فيه الإيمان بالله واليوم الآخر ، والاستقامة والعمل الصالح .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور