وضع داكن
28-03-2024
Logo
إلى الإيمان من جديد - الندوة : 7 - العلاقة بين الاصدقاء .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، بتحية الإسلام نحييكم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم مشاهدينا الكرام ، سنتحدث في هذه الحلقة نحن وإياكم عن الملفات التي تساهم في بناء الفكر للشباب ، في بناء أمة النصر والتحرير بحول الله ، أرحب بفضيلة العالم الرباني الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله شيخنا .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ونفع بكم .
المذيع:
سيتمحور حديثنا في هذه الحلقة عن العلاقة مع الأقران ، علاقتنا نحن الشباب مع بعضنا البعض ، وعن علاقة الفتيات بين بعضهن البعض ، فبعض الأصدقاء لا يرى جمال الدنيا إلا من عيونهم ، وبعضنا قد تقوقع على ذلك الصديق ، اختزل كل الأشخاص في الحياة في صديق واحد ، فأين الصواب وأين الخطأ ؟ إلى أي درجة يمكن أن يكون دور الأصدقاء في بنائنا ؟ وماذا نأخذ منهم وماذا نعطيهم ؟ أسئلة كثيرة يدور الحوار فيها مع الشيخ محمد راتب النابلسي ، مرحباً بكم شيخنا ، ما أهمية الصديق في هذه الحياة ؟

 

بطولة الأب و الأم أن يعلموا أصدقاء أولادهم :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات .
إجابة عن سؤالك الطيب والمهم أقول : إن نهاية العلوم النفسية يتبين أن تأثير الأب والأم والأخوة الكبار والعم والخال والعمة والخالة وشيخ المسجد وخطيب الجمعة ومدرس التربية الإسلامية كل هؤلاء الرموز التوجيهية في حياة الشاب تأثيرهم لا يزيد عن أربعين بالمئة بينما تأثير الصديق يصل إلى ستين بالمئة ، فالبطولة في الأب أن يعلم يقيناً من هو صديق ابنه ، وأن تعلم الأم يقيناً من هي صديقة ابنتها ، لأن هذا التأثير قوي جداً ، وهناك آلاف القصص التي تفيد أن سبب هلاك هذا الشاب هم أصدقاؤه .
المذيع:
وبالمقابل سبب صلاحه الفكري والسلوكي ، ستون بالمئة نسبة عالية جداً .
الدكتور راتب :

(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا ، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))

[أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

المذيع:
شيخنا ما المقصود لا تصاحب إلا مؤمناً ؟

 

العلاقة الحميمة ينبغي أن تكون مع المؤمن :

الدكتور راتب :
الحقيقة هناك علاقات منوعة ، علاقات عمل ، علاقات جوار ، علاقات زمالة ، هناك علاقات كثيرة ، علاقات العمل محدودة ضمن دوام ، تلتقي مع مدرس زميلك ، مع المدير العام ، له طلبات محددة تؤديها ، فعلاقات العمل لا تصمم مع العلاقات الحميمة ، علاقات الجوار لا تصنف مع العلاقات الحميمة ، علاقات الزمالة لا تصنع مع العلاقات الحميمة ، عندنا علاقات جوار وقرابة وزمالة ، القرابة علاقات ، والزمالة علامات ، والجوار علامات وعلاقات ، لكن الشيء الذي يؤثر هو العلاقات الحميمة ، بين صديقين أو بين صديقتين .
المذيع:
أفهم من كلامك شيخنا أن وصية النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون الدائرة الأولى من الأصدقاء الذين نقضي معهم الوقت الأطول ، هؤلاء المؤمنون ، لكن لا يمنع أن يكون لدي أصدقاء أيام الدراسة أو العمل على اختلاف مستواهم الديني .
الدكتور راتب :
حالياً زملاء العمل ، الأقران ، الأتراب ، الجوار ، هناك علاقة جوار ، علاقة قرابة، علاقة زمالة ، أما العلاقة الحميمة فينبغي أن تكون مع المؤمن والسبب قوله تعالى :

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

المذيع:
أنا كشاب أدرس في الجامعة ؛ الدائرة الأولى من الأصدقاء أعتقد أن مستواهم الإيماني مرتفع يذكرني بالله ، يصلون الصلوات الخمس ، يؤدون الفرائض ، يجتنبون النواهي ، لكن لا يمنع أن يكون لدي أصدقاء غير ملتزمين ، أنت دكتور ذكرت نقطة مهمة أن الأب والأم عليهم أن يختاروا الأصدقاء ، والواقع اليوم نقول : إن قلة من الآباء والأمهات يستطيعون أن يتدخلوا في حياة ابنهم ويختاروا له الصديق ، لدينا نوع من أنواع الاستقلالية في اختيار الأصدقاء ، فإذا كنا نحن من نختار ما هي نصيحتك دكتور ؟

 

الحكمة في التعامل مع الابن :

الدكتور راتب :
لاعب ولدك سبعاً ، وأدبه سبعاً ، وراقبه سبعاً ، ثم اترك حبله على غاربه .
المذيع:
هل هذا حديث ؟
الدكتور راتب :
حكمة ، ولكن العلم يوافق عليه ، لاعب ولدك سبعاً ، درسنا بعلم النفس أن الطفل يحتاج أن يضم إلى صدر أمه أو أبيه في اليوم حوالي عشرين مرة ، غير الأكل والشرب والتنظيف ، الطفل عنده حاجة أن يضم ، فيحتاج الطفل أن يضم إلى صدر أمه أو أبيه حوالي عشرين مرة ، بل إن الأم التي ترضع ابنها بقسوة ، بكى كثيراً وعندها ضيوف أرضعته بقسوة هذا له أثر مستقبلي في حياة الطفل ، فلاعبه سبعاً وأدبه سبعاً وراقبه سبعاً ، صار مراهقاً إن عاملته ككبير يخيب ظنك ، وإن عاملته كطفل يخيب ظنك ، عمر محير ، وراقبه سبعاً ، ثم اترك حبله على غاربه .
المذيع:
شيخنا على الهامش كثيراً ما نسمع من بعض الأشخاص أنه كان يأخذ ابنه إلى شيخه و عمره شهور فيقول : قد تأخرت يجب أن تأتيني به وهو في بطن أمه .

الانتباه إلى أخطر سنّ في حياة الأبناء :

الدكتور راتب :
أنا سأقول لك كلاماً علمياً ، من أول يوم بالولادة إلى سن السابعة يقتبس عاداته ، تقاليده ، خبراته ، مهاراته ، قدراته ، 

كل شيء تتمناه في ابنك يأخذه منك من ساعة الولادة إلى سن السابعة

والذي كتب هذا البحث العلمي الدقيق اعتمد على أقوال العلماء قال : وبعد هذا السن العوض بسلامتك ، نحن قد نهمل أولادنا في هذه السنوات الحرجة نستيقظ وقد ابتعدوا عنا، وقد اتخذوا مثلاً أخرى غير مثل الأب والأم ، فهذا الشيء ، مثلاً الطفل الآن ولد بكى فهو جائع أرضعته ، بكى غير نظيف نظفته ، الآن بكى إذا حملته أنت أسأت له ، إذا لم يكن له أي حاجة وبكى ينبغي ألا تحمله ، من أول يوم يولد إلى سن السابعة هذا أخطر سن بحياة الأبناء ، مع الأسف الشديد الشديد أن الناس يهملون أبناءهم بهذه السنوات ، يصحو الأب وقد فوجئ أن الابن ليس على شاكلته ، ولا يؤمن بالقيم التي آمن بها الأب ، ولا يتبع سبيل أبيه ، لذلك الآن في بعض الدول المتقدمة مادياً ، تفرز كبار المربين للتعليم الابتدائي ، وفي الدول النامية الابتدائي أي إنسان يحمل أقل شهادة يصبح معلماً ، قد يدخن أمام الطلاب ، وقد يتكلم بكلام لا يليق بعمله كمعلم ، كل أخطاء المعلم تتسرب إلى الأولاد .
المذيع:
دكتور ودور الأهل مهم ، الآن أصبحوا شباباً وكباراً ولهم القدرة الشخصية على اختيار الصديق ، ما هي مواصفات الصديق الجيد ؟

 

بطولة الإنسان في بيته :

الدكتور راتب :
أولاً : على الأب ألا يكون عنيفاً ، أقنع ولا تقمع ، والأم ليست عنيفة ، والعلاقة التي بين الأم وابنتها علاقة صداقة ، والعلاقة بين الأب وابنه علاقة صداقة ، الابن يبوح لأبيه ببعض مشكلاته ، ويستمع إلى الجواب الصحيح ، أما إذا كان هناك قمع فيخفي عنه كل مشكلاته ، ولو أنه أباح لأبيه بمشكلاته لسمع التوجيه الصحيح ، لكن شدة الأب في البيت ، أنا أقول كلمة دقيقة جداً : هذا الأب يدخل إلى البيت ويخرج ، يوجد أسرة العيد بدخول أبيها إلى البيت ، و أسر أخرى العيد في خروجه ، الأب العنيف القاسي ، كلامه قاس ، قد يضرب ، قد يشتم ، قد يسب ، أما النبي الكريم فقد قال :

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ))

[ الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

بطولتك في البيت ، قيمة استقامتك في البيت ، لأنك خارج البيت أنت حريص على مصلحتك ، قد تتأنق ، وتتعطر ، وتلبس ثياباً جيدة ، تصافح وقد تبتسم ، وقد ترحب ، كل هذه الأخلاق نابعة من مصلحتك ، لكن أين الأخلاق الحقيقية ؟

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[ الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

إذاً إذا كان الأب منضبطاً في البيت ، لا يوجد عنده كلام بذيء أبداً ، كلامه كله منضبط ، يعامل أولاده كأصدقاء ، تعامل بناتها كصديقات ، البيت العامر بالحب هذا البيت هو البيئة المناسبة لتربية الأولاد .
المذيع:
البيت الذي يحتوي أولاده ويربيهم تربية سليمة يجعلهم أقوياء ، هؤلاء الشباب يمكنهم أن يختاروا الأصدقاء ، الآن دكتور نصيحتك للشباب والبنات في اختيار صديقي ، ما هي المواصفات ؟

 

مواصفات الصديق الجيد :

الدكتور راتب :
يا سيدي عندي لعبة اسمها شد الحبل ، فهذا الابن الواعي له صديق في الجامعة صاحبه ، فإذا شعر أنه شدّ إليه ، شدّ إلى عادات لا ترضي الله ، شدّ إلى مزاح فاحش ، شدّ إلى علاقات مع البنات ، إذا شدّ هذا الشاب إلى صديقه فالأولى أن يقطعه ، أما إذا كان الشاب إيجابياً فينبغي أن يلزمه ، والصاحب الآخر إذا صاحب صاحباً وشده إلى الدين ينبغي أن يلزمه، هذه العلاقة علاقة شدّ ، من الذي يشدّ الآخر ؟ الشدّ الإيجابي يبارك هذه الصداقة ، والشد السلبي يعترض على هذه الصداقة .
المذيع:
شيخنا هل تعتقد أن شروط اختيار الصديق الجيد والناجح تتعلق فقط بالمستوى الديني أم بالطبقة الاجتماعية و المستوى التعليمي أيضاً ؟

ضرورة التكافؤ بين الأصدقاء في كل المستويات :

الدكتور راتب :
والله نص عليها الفقهاء لا سيما في الزواج ، التكافؤ ، التكافؤ في المستوى الثقافي ، المستوى العلمي ، الثقافة غير العلم ، في المستوى الأخلاقي ، في المستوى التربوي ، في المستوى النفسي ، في المستوى الاجتماعي .
المذيع:
تكافؤ أو تقارب ؟
الدكتور راتب :
تكافؤ مطلق مستحيل ، الإنسان نسيج وحده ، صفة الله أنه فرد ، ولكرامة الإنسان عند الله أعطاه من صفاته ، فالإنسان فرد ، لا يوجد إنسان في الأرض يشبه إنساناً آخر، وهناك عدة نقاط علمية حول الإنسان ، مثلاً قزحية العين هوية ، سبعة مليارات ومئتا مليون لا يوجد إنسان تشبه قزحية عينه الآخر ، الآن بالمطارات الحديثة يضع عينه على جهاز ، فأي تزوير يكشفه هذا الجهاز ، القزحية ، رائحة الجلد ، نبرة الصوت ، بلازما الدم ، الحوين المنوي ، هناك بحث طويل جداً على أن الإنسان فرد لا مثيل له ، وهي صفة الله عز وجل منحها للإنسان :

((.... فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ))

[مسلم عن أبي هريرة]

بعضهم يفهم هذا الحديث بهذا المعنى .
المذيع:
شيخنا الفاضل نقف مع فاصل قصير ...
نتواصل عن دور الشباب في بناء هذه الأمة ، وعنوان هذه الحلقة : اختيار الأصدقاء ، نرحب بشيخ الشباب الدكتور محمد راتب النابلسي .
شيخنا الحبيب ؛ تحدثنا عن أهمية الصديق وهناك إحصائية أن مستوى تأثير الصديق ستون بالمئة ، وباقي وسائل التأثير من مدرسة ومن غيرها لا تزيد عن أربعين بالمئة ، تحدثناعن مواصفات اختيار الصديق الجيد ، نتحدث الآن عن التعلق بالأصدقاء ، النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

(( أحْبِبْ حبِيبَك هَوْنا مَّا ، عسى أن يكونَ بَغِيضَكَ يوماً مَّا ، وأبْغِضْ بغيضَك هَوْنا مَا عسى أن يكونَ حبيبَك يوماً ما ))

[الترمذي عن أبي هريرة ]

كيف يفترض أن تكون العلاقة بين الأصدقاء ، مستوى الحب ، مستوى التشابه ؟

 

حجم العلاقة الصحيحة بين الأصدقاء :

الدكتور راتب :
القاعدة الأساسية : أعط كل ذي حق حقه ، الأب له حق على الابن ، والأم كذلك، والأقرباء ، والزملاء ، والأصدقاء ، فحينما يعطي الإنسان كل ذي حق حقه يكون متوازناً ، أما حينما يبالغ في الارتماء في أحضان جهة ، وينسى كل ما حوله صار هناك تطرف ، والحقيقة عندنا تفوق وعندنا تطرف ، أنت حينما تعطي كل ذي حق حقه تتفوق ، مثلاً الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب ، وجسم يتحرك ، غذاء القلب الحب ، وغذاء العقل العلم ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، فإذا غذيت عقلك بالعلم ، وقلبك بالحب ، وجسمك بالطعام والشراب ، تفوقت ، أما إذا اكتفيت بواحدة فتطرفت ، والفرق كبير بين التفوق وبين التطرف ، فأعط كل ذي حق حقه، لا بد من علم تغذي به عقلك ، ولا بد من حب

عندنا دكتور في الجامعة في علم النفس يعد أحد خمسة علماء من كبار العلماء أن أي إنسان لا يجد حاجة في نفسه إلى أن يُحِب أو إلى أن يُحَب ليس من بني البشر، أنت تحتاج إلى علم تغذي به عقلك ، تحتاج إلى حب تغذي به قلبك ، تحتاج إلى طعام وشراب تغذي به جسمك ، لذلك أية دعوة إلى الله لا تراعي حظ العقل وحظ القلب وحظ الجسم دعوة عرجاء .
المذيع:
حجم العلاقة الصحيحة بيني وبين أصدقائي إلى أي حدّ تكون ؟ بعض الشباب يرتدون نفس اللباس ، نفس تسريحة الشعر ، لا يتحدث إلا مع صديق واحد ، ويتقوقع عليه ، هل هذا سلوك صحيح أم نوع من أنواع التشدد ؟
الدكتور راتب :
التنوع يعطيك خيارات إذا لم يكن هناك تنوع لا يوجد خيارات ، قد يتوهم الإنسان أن هذا الصديق مثالي وهو ليس كذلك ، أحياناً لا يؤدي واجباته الدينية ، أحياناً له كلام لا يرضي الله ، أحياناً يدعوك إلى معصية ، فحينما يختصر على شاب واحد ، ولا يقيّم تقييماً في ضوء الدين ، في ضوء المبادئ والقيم ، هناك مشكلة كبيرة .
المذيع:
أحياناً هناك خصوصيات للشاب ؛ هو أراد أن يأخذ تخصصاً علمياً يكون الأقرب إلى الأدبي ، قضية الخصومة دكتور ، قد تحدث بين الأخوة في البيت الواحد ، ما هي أخلاقيات الخصومة بين الأصدقاء ؟

 

أخلاقيات الخصومة :

الدكتور راتب :
والله أنا لي رأي متواضع ، لو فرضنا الزوج وزوجته إذا اتفقا أننا إذا خرجنا من البيت أنا أو أنت نعود كالسابق ، اعتبرا الخصومة تنتهي بالخروج من البيت والعودة ، أو ناما ثم استيقظا صباح الخير انتهت الخصومة ، هذه علاقات يومية ، أما إذا كان هناك خصومة تمتد إلى شهر ، ومع الأسف الشديد معظم الأسر قد تمتد الخصومة إلى أشهر ، وإلى سنوات بين الزوجين ، هذا الابن يتمزق ، هذا أبوه وهذه أمه ، فأنا أتمنى على أي أسرة هذا ميثاق غليظ نحن اختصمنا اليوم في اليوم التالي انتهت ، اختصمنا اليوم خرجت من البيت تعودين كما خرجت ، نعمل حداً إما النوم والاستيقاظ أو الخروج والعودة ، يجب أن تنتهي الخصومة ، أما الخصومة تمتد إلى أشهر فهذه مشكلة كبيرة جداً ، أو مع الأسف الشديد هناك خصومات تمتد سنوات .
المذيع:
ماذا عن الأصدقاء إذا حدث خلاف بيني وبين أصدقائي ما هي أخلاقيات هذا الخلاف ؟ تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا خاصم فجر .

 

أخلاقيات الخلاف بين الأصدقاء :

الدكتور راتب :
هناك قول لسيدنا علي دقيق جداً :" لا أصرم أخاً قبل أن أعاتبه ". ما الذي يحصل؟ يرتكب هذا الصديق خطأ ، خطأ ثان تراكم ، الرابع ، الخامس ، حينما تتراكم الأخطاء حينئذ تكون القطيعة ، حينما أخطأ الصديق أعاتبه انطلاقاً من قول سيدنا علي : " لا أقطع أخاً قبل أن أعاتبه ". أعاتبه ، أنا تألمت منك من هذه الكلمة ، ينتبه الصديق ومادام حريصاً على صداقة صديقه لا يعيدها مرة ثانية ، أنأ أعجب أشدّ العجب يتألم من زوجته فيقاطعها ، هل أبلغتها سابقاً أن هذا الكلام يؤذيني أو لا أحبه ؟ عندنا قاعدة أصولية : لا عقوبة دون توضيح ، هناك بيان أولاً و بعد البيان تأتي عقوبة .
المذيع:
شيخنا بين الأصدقاء يتحدث ، أنا يزعجني هذا السلوك ، فيعاتبني .

 

اختيار الوقت المناسب للمعاتبة :

الدكتور راتب :
المعاتبة لها آثار نفسية كبيرة جداً .
المذيع:
هل المعاتبة تتناقض مع مفهوم التمس لأخيك عذراً ؟
الدكتور راتب :
لا هذا موضوع ثان ، المعاتبة تحتاج إلى وقت آخر ، في ساعة غضب ، فلو أن الطرف الثاني عاتب الطرف الأول وهو غضبان يتفاقم الأمر ، أنا أتمنى على أخوتي الكرام إذا كان هناك مشكلة من طرف الإنسان يصبر ، يوم آخر ، ساعة أخرى ، ساعة فيها سرور ، فيها طلاقة وجه ، فيها راحة نفسية ، أعاتبه بالوقت المناسب ، لا في وقت غير مناسب .
المذيع:
إذاً نلتمس عذراً في ساعة الغضب .
الدكتور راتب :
إذاً غضبت فتوضأ ، إذا غضبت فاخرج من البيت ، قاعد مع زوجته من كلمة إلى كلمة طلقها ، غضبت اخرج من البيت أو ادخل إلى غرفتك الخاصة ، أو اسكت ، ما دام هناك دخول إلى غرفة أو خروج أو سكوت انقطع الشر عند هذا الحد ، أما إذا بقي فكلمة تجر كلمة ، وأكثر حالات الطلاق أساسها كلمة تفاقمت ، حتى الحروب بين الدول أساسها كلمة .
المذيع:
ملفات شيخنا في الصداقة والأصدقاء ، هل أنت مع أن يدع الشاب سره مع صديقه؟ وقد تفعل الفتيات هذا الكلام ، أسرارها تضعها عند صديقتها سواء مشاكل أسرية ، حالات عاطفية ، هل أنت مع إيداع الأسرار بين الأصدقاء ؟

أكبر خطأ إيداع الأسرار بين الأصدقاء :

الدكتور راتب :
أنا لي رأي ديني ، الله عز وجل تفضل على شاب أخطأ ، هذا الشاب حينما يتحدث لصديقه عن خطئه ، عن مغامراته ، عن جاهليته ، ارتكب خطأ كبير جداً لعله أكبر من خطأ المعصية لأنه استهان بستر الله له .
المذيع:
شيخنا لو كان هذا من باب الاستشارة ، وقعت بخطأ أستشيره ؟
الدكتور راتب :
لا يوجد مانع .
المذيع:
المفاخرة ، مبدأ إيداع الأسرار ، قضية ليست دينية هل أنت مع هذا ؟
الدكتور راتب :
ما دمت قد أودعت سراً عند إنسان أنت تحت رحمته .
المذيع:
الله خلقنا كبشر متواصلين مع بعض ؟
الدكتور راتب :
والله أنا لي صديق جاءني البارحة في منتصف الليل ، وعرض عليّ مشكلته ، أنا ممكن أن أتوصل إلى أخذ رأي صديقي ، لا أشعره أنني أنا ، لي صديق هل عندك حل لهذه الحالة ؟ الحسن والحسين رأيا شيخاً وقوراً يتوضأ طلبا منه أن يحكم بينهما على الوضوء ، توضئا أمامه ، فقال : أنا المخطئ ولستم أنتم ، بأسلوب لطيف جداً .
المذيع:
ماذا آخذ من أصدقائي وماذا يفترض أن أعطيهم ؟

ضرورة أخذ إيجابيات الآخر و الابتعاد عن سلبياته :

الدكتور راتب :
والله أنا آخذ كل إيجابياتهم ، وأبتعد عن سلبياتهم ، أعطيهم كل إيجابياتي ، ولا أطلعهم على سلبياتي ، هذه العلاقة الإيجابية ، هناك علاقات سلبية هو عنده خطأ افتخر به أمام صديقه ، فتوسعت دائرة الخطأ ، لو أنه كتم خطأه وأظهر ما عنده من إيجابيات ، وسمع ما عند أخيه من إيجابيات ، دوائر الخير تتوسع ، أما إذا تناقلنا أخطاءنا وافتخرنا بها فدوائر الباطل تتوسع.
المذيع:
شيخنا الفاضل كيف نصل إلى درجة من الصداقة كما كان سيدنا أبو بكر الصديق في علاقته بصديقه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟ شرب هو يقصد النبي الكريم وارتويت أنا يقصد ذاته ، كيف نستطيع أن نرقى بصداقتنا إلى هذا المستوى ؟

 

كيفية الوصول للصداقة الحقيقية :

الدكتور راتب :
والله القضية دقيقة ؛ هذا الإنسان حينما يتعرف إلى الله ، ويمشي على منهج الله ، و أخ آخر يتعرف ويمشي على منهج الله ، هناك لقاء حتمي بين الصديقين ، حتمية الهدف الواحد، والوسيلة الواحدة ، إذا كان هناك تباين بين الأقوال والأفعال ، أحدهم يتحدث بالقيم لكن أعماله سيئة جداً ، هؤلاء لا يلتقيان ، أنا أقول : اللقاء حتمي بين المؤمنين .
هناك دليل آخر قال بعض علماء النفس : للإنسان صفات وسمات ، السمة أعمق من الصفة ، هو اختار سمة الضبط ، كلامه مضبوط ، حساباته مضبوطة ، مواعيده مضبوطة، عندنا ضبط لغوي ، ضبط سلوكي ، ضبط عملي ، أنا حينما ألتقي مع أخي المؤمن و آخذ سماته وصفاته ، كل سمات الضبط لها خمسة فروع ؛ ضبط المواعيد ، ضبط الكلام ، ضبط الحسابات ، وخط ثان لصديقي ، كلما رأيت صفتين متطابقتين أومتقاربتين أضع خطاً بينهما ، الآن عندنا خط عامودي يمثل سمات وصفات الأول ، وخط عامودي آخر يمثل صفات وسمات الثاني ، فكلما كثرت الخطوط التي تبين التوافق بين الصديقين كثر الحب ، مثلاً أنت لك صديق، أنت تكره المزاح الفاحش وهو كذلك ، تحبه ، تكره خلاف الموعد وهو كذلك ، تحبه ، لذلك الآن الشيء الطريف أن هناك برامج للزواج ، طالب الزواج عنده ألف سؤال يجيب عن هذه الأسئلة كلها وهناك فتاة أخرى تطلب الزواج تجيب عن هذه الأسئلة ، هذا يأتي إلى المركز بعد شهر يضع الرقم السري يأتي اسم أقرب فتاة له عن طريق التقاطعات .
المذيع:
هل تؤمن بنجاح مثل هذا ؟
الدكتور راتب :
لا أنا كطرفة ، لكن هذا الجهاز ارتكب بعض الأخطاء يعطيك اسم شاب ، على كل القصد كلما كانت المنطلقات والسمات مشتركة كلما كثر التوافق و كلما كان الحب أكبر.
المذيع:
هل هناك فرق بين الصداقة وبين الأخوة في الله ، أو كيف تحول الصداقة إلى أخوة في الله ؟

 

الفرق بين الصداقة وبين الأخوة في الله :

الدكتور راتب :
أنا لا أرى في الحياة الدنيا علاقة أمتن ولا أدوم من الأخوة في الله .

(( وَجَبَتْ محبَّتي للمُتَحَابِّينَ فيَّ ، والمُتجالِسينَ فيَّ ، والمُتزاورينَ فيَّ ، والمتباذلينَ فيَّ ، المتحابُّون في جلالي لهم منابرُ من نُور ، يغبِطهم النبيُّون والشهداءُ ))

[الترمذي عن معاذ بن جبل]

أمتن علاقة على الإطلاق علاقة الأخوة في الله ، هذه لا تحكمها المصالح تحكمها المبادئ والقيم ، وكان الصحابة الكرام في أعلى مستوى بهذه العلاقة ، وأنا أتمنى أن ترتقي علاقاتنا إلى العلاقات الإيمانية .
المذيع:
نصيحتك للشباب كهمسة من شيخنا الكريم محمد راتب النابلسي في اختيار الأصدقاء .

 

نصيحة للشاب في اختيار أصدقائه :

الدكتور راتب :
لا تصاحب إلا من ينهض بك إلى الله حاله ، ويدلك على الله مقاله ، الإنسان له حال وله مقال ، مقاله قد يكون آية ، حديثاً ، قاعدة أخلاقية ، خبرة إنسانية ، توجيهاً دينياً ، هذا مقاله ، الإنسان المستقيم له صلة مع الله ، عنده حال طيب ، لو بقيتم على الحال التي أنتم بها عندي ، لصافحتكم الملائكة ، ولزارتكم في بيوتكم ، معنى ذلك أن الإنسان إذا كان بمجلس علم فهو بمجلس إنسان عظيم ، له حال طيب ، هذا الحال كلما امتد أمده سعد الإنسان ، نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا ، أما أنتم يا أخي فساعة وساعة ، لو بقيتم على الحال التي أنتم بها عندي ، لصافحتكم الملائكة ، فالعمل الصالح يثمر حالاً طيباً والاستقامة تثمر حالاً طيباً ، فصاحب من له حال يرقى بك ، ولا تصاحب من له حال لا يرقى بك .

خاتمة و توديع :

المذيع:
جزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي على هذه الكلمات القلبية الصادقة ، كان حديثنا مشاهدينا الكرام عن اختيار الصديق ، واختيار الأقران وكذلك الفتيات، جميل أن نتعرف على أشخاص يرقون بنا أو يساعدوننا في تجاوز عيوبنا من خلال صدقهم معنا بتوجيه نصيحة لطيفة ، وجميل أن يكون لنا أصدقاء نكون نحن قوة الشد والجذب لهم ليكونوا أقرب إلى الله ، في لحظة من اللحظات نحن كنا في جانب بعيد فجاءنا صديق لطيف الأسلوب و دلنا على الله .
إلى هنا ينتهي اللقاء ، تابعونا في حلقات جديدة في بناء الشباب فكرياً ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك ، تحية طيبة لكم ، والسلام عليكم . 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور