وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 09 - سورة الأعراف - تفسير الآيات 18- 23
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين
 اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
 أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس السابع من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثانية عشرة ، وهي قوله تعالى :

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾

تذكير للفائدة والتقرير :

1 – مسألة الخَلق :

 وفي الدرس السابق بينت لكم قصة الخلق بفضل الله عز وجل ، وكيف أن الإنسان خُلق في عالم الذر ، بل خُلقت جميع المخلوقات في عالم الذر ، قبل أن تكون صوراً .

2 – حملُ الإنسان للأمانة :

 حملُ الإنسان للأمانة
وعُرضت عليها الأمانة ، حيث قال الله عز وجل :

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

( سورة الأحزاب الآية : 72 )

3 – العبادة أصل خلق الإنسان وثمن للجنة :

 العبادة أصل خلق الإنسان
ولما حمل الإنسان الأمانة كُلف أن يزكي نفسه عن طريق تعريفها بالله ، وحملها على طاعته ، والتقرب إليه من أجل أن تكون هذه المعرفة ، وهذه الطاعة ، وهذا التقرب ثمناً لجنة عرضها السماوات والأرض ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، إلى أبد الآبدين ، فنحن في الأصل مخلوقون للجنة .

الناس قسمان : عامل للجنة وعامل للنار :

 وقد انقسم البشر قسمين في ضوء هذه الحقيقة ، فقال الله تعالى :

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾

( سورة النازعات )

 المؤمن منضبط ومطيع لله أما الكافر استغنى عن طاعة الله
أي أن الجنة ثمنها الانضباط ، أن تعرف الله ، وأن تنضبط بمنهجه ، وعلى هذا قال تعالى :

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *(5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾

( سورة الليل )

 صدق أنه مخلوق للجنة ، والحسنى هي الجنة ، بني على هذا التصديق أنه اتقى أن يعصي الله ، وبنى حياته على العطاء .

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾

( سورة الليل )

 إذاً كل شؤون حياته في اتجاه سعادته الأبدية .

﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾

( سورة الليل )

 الصنف الثاني كذب بالجنة ، وآمن أنه مخلوق للدنيا ، بُني على هذا التكذيب أنه استغنى عن طاعة الله ، وبنى حياته على الأخذ وكل شؤون حياته باتجاه شقائه .

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾

( سورة الليل )

 قصة الخلق حينما قال الله تعالى :

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

( سورة الأحزاب )

 لم يكن ظلوماً جهولاً حينما قبِل حمل الأمانة ، ولكن حينما خان الأمانة ولم يؤدِ الأمانة ،

﴿ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾

4 – مقوّمات حملِ الأمانة :

 وذكرت في الدرس الماضي أن الإنسان حينما قبل حمل الأمانة سخر الله له :

﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾

( سورة الجاثية الآية : 13 )

الكــون :

 الله سخر لنا الكون وهذا التسخير تسخير تعريف وتكريم
وأعطاه مقومات التكليف ، وذكرت أن أبرز مقومات التكليف هذا الكون الذي سخر له ، وكان التسخير تسخير تعريف وتكريم .
 لذلك رد فعل التعريف أن تؤمن ، ورد فعل التكريم أن تشكر ، وأنت حينما تؤمن وتشكر حققت الهدف من وجودك ، قال تعالى :

 

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

( سورة النساء الآية : 147 )

العـقـل :

 العقل هو أداة لمعرفة الله وهو مناط المسؤولية والمحاسبة
ثم أعطاه العقل ، كأداة لمعرفة الله وهو مناط المسؤولية والمحاسبة ، وهو ميزان :

 

﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾

( سورة الرحمن )

 والعقل مهمته التأكد من صحة النقل ، ثم فهم النقل ، ولن يكون العقل حكماً على النقل .

الفـطرة :

 ثم أعطاه فطرة سليمة تكشف له خطأه ذاتياً .

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾

( سورة الشمس )

الاختيـار :

 ثم أعطاه اختياراً ليثمن عمله :

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾

( سورة الإنسان )

الشهــوة :

 ثم أعطاه شهوة كقوة دافعة ، وهي حيادية ، يمكن أن تكون قوة نافعة ودافعة ، ويمكن أن تكون قوة مدمرة .

الشــرع :

 ثم أعطاه الشرع ، وأنزل الله على أنبيائه الكتب ليكون الشرع ميزاناً على ميزاني العقل والفطرة.
 ذكرت هذا في درس سابق ، وأنتقل اليوم إلى تسلسل الإيمان بالله .

تسلسل الإيمان وثوابته :

الثابت الأول : الكون :

 الكون هو الثابت الأول في الإيمان
أيها الإخوة ، هناك الكون يعد الثابت الأول ، لا يختلف عليه اثنان في الأرض ستة آلاف مليون إنسان هذا الكون بين أيديهم ، وتحت سمعهم وبصرهم ، فيه شمس ، وقمر ونجوم ، ومجرات ، وأرض ، وجبال ، وسهول ، وينابيع ، وأنهار ، وبحار ، وبحيرات ، ونبات ، مليون نبع من النبات ، وأطيار ، وأسماك ، وحيوانات ، ومعادن ، وأشباه معادن ، هذا الكون هو الثابت الأول في الإيمان ، كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى يمكن أن يشفَّ الكون عنها .

1 – كل أسماء الله وصفاته يشفّ عنها الكون :

 يمكن أن نرى في الكون لطف الله وقوته
كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، يمكن أن تراها في الكون ، يمكن أن ترى في الكون علمَه ، يمكن أن ترى في الكون حكمته ، يمكن أن ترى في الكون لطفه ، يمكن أن ترى في الكون رحمته ، يمكن أن ترى في الكون عدله ، يمكن أن ترى في الكون قوته ، يمكن أن ترى في الكون بطشه ، كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى يمكن أن يشف الكون عنها ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد .

 

 

2 – مبادئ العقل : السببية ـ الغائية ـ عدم التناقض :

 التناقض لا وجود له في الكون
وعقلك بني على مبادئ ثلاث مبدأ السببية ، مبدأ الغائية ، مبدأ عدم التناقض والكون أنظمته الأساسية لكل شيء سبب ، ولكل شيء غاية ، والتناقض لا وجود له في الكون ، مبادئ عقلك مطابقة تطابقاً تاماً مع مبادئ الخلق .
 لذلك هذا العقل إذا أعملته في الكون يمكن أن تتعرف إلى الله من خلاله ، إذاً : العقل أداة معرفة الله .

3 – الكون لغةٌ عالمية :

 أيها الإخوة ، ثم أن هذا الكون لغته عالمية ، العربي يقرأ ما فيه ، والأعجمي يقرأ ما فيه ، وأهل أوربا يقرؤوا ما فيه ، هذا قاسم مشترك
 الكون قرآن صامت والقرآن كون ناطق
لذلك قال بعضهم : الكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي ، فأكبر ثابت من ثوابت الإيمان هذا الكون الذي يشف عن وجود الله ، وعن كماله ، وعن وحدانيته ، وعن أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى ، لكن العقل سأوضح لكم مهمته :
 أنت دخلت إلى جامعة ، عقلك وحده ، تجد منشآت تتناسب تناسباً رائعاً مع حقيقة الجامعة ، مدرجات ، فيها عزل صوت ، فيها تدفئة ، فيها شاشات عارضة ، فيها تهوية ، فيها مقاعد مريحة ، فيها مكتبة ، وحدائق ، وسكن للطلاب ، وسكن للأساتذة ، وإدارة جامعة ، ومخابر ، أنت بعقلك يمكن أن تكتشف أن وراء هذا البناء تخطيطا ، وأدمغة ، ونظاما ، وخبرات متراكمة ، لكن مهما كنت ذكياً ، مهما كنت حصيفاً فلا يمكن أن تعرف ما اسم رئيس الجامعة ، لا يمكن أن تعرف ما اسم عمداء الكليات ، لا يمكن أن تعرف ما الكليات التي في الجامعة ، لا يمكن أن تعرف نظام القبول ، أو نظام النجاح والرسوب ، هذه المعلومات لا يمكن أن تكتشفها بعقلك ، لا بد من كتيب ، هذا الكتيب يتكامل مع عقلك ، هذا تمهيد .
 ما عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به بالقرآن
الله عز وجل جعل هذا الكون ينطق بوجوده ، بعلمه ، بقوته ، برحمته ، بعدله بلطفه ، بجماله ، لكن لماذا خلقك الله ؟ أنزل كتاباً هو القرآن الكريم ، قال لك فيه :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾

( سورة الذاريات )

 لماذا الحياة القصيرة ؟ لماذا الحياة أربعون عاما ، خمسون ، ستون ؟ قال لك في كتابه :

﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾

( سورة الضحى )

 لماذا يأتي الأنبياء ؟ يأتي الأنبياء ليبينوا للناس علة وجودنا ، وطريق سلامتنا وسعادتنا .

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾

( سورة الأنبياء )

 فصار الكتاب يكمل العقل ، ما عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به ، هذا الكتاب لعل قائلاً يقول: إنه كلام إنسان عبقري بليغ في اللغة ، أعطاك مع الكتاب شهادة الإله العظيم على أنه كلامه ، أكبر دليل على أن هذا الكتاب كلام الله إعجازه ، يعني قبل 1400 عام نزل هذا الكتاب .

صور من حقائق كونية :

1 – ظاهرة تناثر الضوء :

  تناثر الضوء هو وجود الضياء من دون أشعة
وقبل عشرين عام تقريباً صعد الإنسان إلى القمر وفي أثناء الصعود تجاوز طبقة الهواء، وهي تزيد عن 65 ألف كم ، فلما تجاوز رواد الفضاء طبقة الهواء صاح أحدهم بأعلى صوته : لقد أصبحنا عميا، التفسير العلمي أن الهواء مع الشمس يشكل ظاهرة ضوئية اسمها التناثر ، أي أن أشعة الشمس إذا سلطت على طبقات الهواء عكست هذه الذرات أشعة الشمس على ذرات أخرى لم تصلها أشعة الشمس ، فصار في الأرض مكان فيه أشعة شمس ومكان فيه ضياء الشمس ، وجود الضياء من دون أشعة هذه ظاهرة اسمها تناثر الضوء ، فلما تجاوزنا طبقة الهواء ألغي التناثر ، فصار الفضاء ظلاماً دامساً كالليل الأليل ، فصاح رائد الفضاء : لقد أصبحنا عمياً ، افتح القرآن :

﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾

( سورة الحجر )

 لا يمكن أن يكون هذا الكلام كلام بشر ، مستحيل ، لأن الحقيقة التي كشفت بعد 1400 عام ذكرها القرآن قبل 1400 عام .

2– الحاجز بين البحرين :

 مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان
يكتشف رواد الفضاء من سفينة الفضاء أن بين كل بحرين خطا ، والخط تباين لونين
 هذا المنظر يثير الفضول عند علماء البحار ، يتابعون هذه الظاهرة ، فإذا بعد التحقيق والبحث ، والدرس ، والتجريب تبين لكل واحد ماءه ، لكل بحر كثافته ، لكل بحر ملوحته ولا يمكن أن تختلط مياه البحار مع بعضها بعضا ، حتى في بعض الصور لمكان التقاء البحار كباب المندب ، أو كقناة السويس ، أو كمضيق جبل طارق ، أو كمضيق بنما ، أو بمضيق البوسفور هناك جدار بين البحرين ، تفتح القرآن الكريم :

﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾

( سورة الرحمن )

3 – النطفة هي التي تحدد جنس المولود وليس البويضة :

 النطفة هي التي تحدد جنس المولود وليس البويضة
بعد تطور علم الأجنة إلى أعلى مستوى تبين أن الذي يحدد كون المولود ذكراً أو أنثى هي النطفة وليس البويضة ، تفتح القرآن الكريم :

﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾

( سورة النجم )

4 – كل شيء في الكون يدور :

 بعد اكتشاف علم الذرة أن كل شيء في الكون يدور حتى الخشب ، حتى الصخر أي شيء في الكون مؤلف من ذرات ، والذرة من نواة ، وكهارب ، ومسارات .

﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾

( سورة يس )

5 – أدنى الأرض : غور فلسطين :

 إن أعمق نقطة في الأرض هي غور فلسطين
بعد اكتشاف أشعة الليزر تبين أن أعمق نقطة في الأرض هي غور فلسطين والآية الكريمة :

﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾

( سورة الروم )

 في أدنى الأرض باكتشاف أشعة الليزر تبين أن أعمق نقطة في الأرض غور فلسطين ، وتؤكد روايات التاريخ أن المعركة التي تمت بين الفرس والروم كانت في غور فلسطين .

 

6 – وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ :

 تركب طائرة أحدث طائرة 777 ، وأنت على مقعد وثير ، والجو لطيف ، ومكيف ، وشراب متنوع ، وأطعمة فاخرة ، ومجلات ، وصحف ، وقنوات
 ويخلق ما لا تعلمون
تفتح القرآن الكريم فتقرأ قوله تعالى :

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا﴾

( سورة النحل الآية : 8 )

 كم هي المسافة بين الحمار والطائرة ؟

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾

( سورة النحل الآية : 8 )

 لأنه كلام خالق الأكوان :

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾

( سورة النحل )

 الطائرة ، والباخرة ، والقطار ، والسيارة .

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾

7 – الحكمة من تذكية الحيوان وعدم قطع رأسه :

 تذكية الذبيحة تكون بعدم قطع الرأس كاملا
النبي عليه الصلاة والسلام يعطي أمراً تشريعياً بعدم جواز قطع رأس الدابة حينما تذبح ، قال : اقطعوا أوداجها فقط هذا التوجيه لا يمكن أن يفسر في مكان في العالم ، ما الفرق بين قطع رأسها وقطع أوعيتها الدموية ؟ لا أحد يعلم ، لا في عهد النبي ، ولا بعد مئة عام ، ولا بعد مئتي عام ، ولا بعد 500 عام ، ولا بعد ألف عام ، ولا بعد 1400 عام هناك جهة في الأرض تفسر ما سر هذا التوجيه ، الآن انكشفت الحقيقة ، لأن القلب أخطر عضو في الجسم ، ولأن القلب عليه مدار الحياة ، لا يمكن أن يكون تحت رحمة الشبكة العامة الكهربائية ، لا بد له من مولد ذاتي في مركز كهربائي ذاتي ، وهذا المركز إذا تعطل في مركز ثان ، وإذا تعطل الثاني في مركز ثالث ، احتياطيان ، وأن هذا المركز الكهربائي يعطي أمر بالنبض النظامي 80 نبضة بالدقيقة فقط ، والإنسان بحاجة أحياناً إذا هاجمه عدو أن يسرع ، أو إذا واجه حيواناً مخيفاً ، أو ثعباناً في بستان بحاجة إلى جهد أعلى من 80 نبضة ، لكن العين بإدراك الخطر تنقل صورة الخطر إلى الدماغ ، والدماغ عنده مفهومات الثعبان ، مفهومات الثعبان تنبئ الدماغ أن هذا لدغته قاتلة ، فالدماغ ملك الجهاز العصبي يعطي التماسا لملكة الجهاز الهرموني ، الغدة النخامية ، تعطي أمر لوزير داخليتها .......
 فيعطي أمرا إلى القلب ليرفع النبض إلى 180 نبضة ، وأمرا إلى الرئتين ليزداد الوجيب ، فالخائف قلبه ينبض سريعاً ، ورئتاه تخفقان سريعاً ، وأمرا إلى الأوعية المحيطية بتضييق اللمعة فيصفر الخائف ، وأمرا إلى الكبد بإطلاق كمية سكر استثنائية ، فالخائف سكره عالٍ ، وأمرًا إلى هرمون التجلط بإطلاق كمية إضافية فدم الخائف لزج .
 اللحم الذي ذُبح وفق الطريقة الإسلامية نجده زهري شهي المنظر
هذه الدابة إذا ذبحنها ، وقطعنا رأسها يبقى القلب يعمل 80 نبضة ، الثمانون نبضة تخرج ربع الدم فقط ، أما إذا أبقينا الرأس موصولا بالجسم يعمل الجهاز الاستثنائي ، فالخروف أدرك الخطر، ارتفع النبض 180 نبضة حيث يخرج الدم كله من جسم الدابة ، تجد اللحم الذي ذُبح وفق الطريقة الإسلامية أزهر اللون ، شهي المنظر ، طيب الطعم ، أما إذا ذُبح بقطع رأس الدابة يبقى أربعة أخماس الدم في الدابة ، يصبح لون اللحم أزرق ، ومؤذيًا ، واللحم بؤرة جراثيم ، ليس هذا من علم النبي ، ولا من تجربة النبي ، ولا من ثقافة النبي ، ولا من معطيات بيئة النبي:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾

( سورة النجم )

 فالكون أكبر ثابت من ثوابت الإيمان .

الثابت الثاني : القرآن :

 يليه في المصداقية القرآن الكريم ، كلام الله ، الكون خلقه ، والقرآن كلامه ، ولكن هذا القرآن معه شهادة من الله أنه كلامه .

لكل نبيٍّ معجزة :

 إخواننا الكرام ، كل نبي معه معجزة ، والمعجزة في حقيقتها شهادة الله للبشر أن هذا الإنسان رسول رب البشر ، علامة ، إلا أن الأنبياء السابقين كانوا لأقوامهم ، فالمعجزة حسية ، سيدنا موسى ألقى عصاه :

﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾

( سورة الأعراف )

 المعجزة الحسية تتألق ثم تنطفئ أما إعجاز القرآن شهادة الله المستمرة
سيدنا عيسى أحيى الميت ، وهذا شيء فوق طاقة البشر ، سيدنا إبراهيم أُلقي في النار فلم تحرقه، هذه معجزات ، لكن هؤلاء الأنبياء لأقوامهم فقط ، أما النبي عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، هو لكل البشر أجمعين ، هو رحمة للعالمين ، هو إلى نهاية الدوران ، هو حتى قيام الساعة ، إذاً كتابه خاتم الكتب ، لا بد من أن تكون شهادة الله للخلق من أن هذا القرآن كلامه مستمرة ، المعجزة الحسية كتألق عود الثقاب يتألق مرة ، ثم ينطفئ فتصبح خبراً تصدقه أو لا تصدقه ، بينما إعجاز القرآن شهادة الله المستمرة .
 في القرآن 1300 آية كونية ، سدس القرآن شهادة على خمسة أسداسه أنه كلام الله ، السدس شهادة من الله .

 

﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾

( سورة يس الآية : 38 )

 الآن ثبت أن الشمس تجري ، يعني حقائق لا تنتهي ، والإعجاز يحتاج إلى سنوات ، والآن المادة الأولى في الدعوة إلى الله الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .

الثابت الثالث : السُّنة :

 القرآن كلي وتأتي السنة لتفسره لنا
لكن القرآن كلي ، يحتاج إلى من يفسره لنا ، فيأتي النبي الكريم ليبين للناس ما نزل إليهم ، فبيان النبي الكريم هو شرح ، وتوضيح لمجمل القرآن الكريم ، وكأن سنة النبي هي تفسير لكلام الله ، فعندنا كون الثابت الأول في الإيمان ، وكتاب فيه كل شيء ، وإنسان سيشرح هذا الكتاب ، دليل أن الله موجود ، وواحد ، وكامل الكون ، ودليل أن هذا القرآن كلام الله إعجازه ، ودليل أن النبي رسول الله هو القرآن .
 لا زلنا في العقل ، لكن بعد هذه المرحلة يأتي دور النقل ، أي شيء عجز العقل عن إدراكه أخبر الله به ، صار عندنا في ديننا معقولات ، ومسموعات ، وعندنا تفكر ، ونقل ، وعندنا عقل ونقل ، وعندنا أبحاث يتولاها العقل ، وعندنا أخبار تتلقفها الأذن .

1 – إخبار الله بوجود الملائكة والجن والنار والجنة :

 الآن القسم الآخر من الدين الله أخبرنا أن هناك ملائكة . أخبرنا الله أن هناك حياة بعد الموت فيها جنة وفيها نار

 

﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾

 

( سورة التحريم )

 ما الدليل ؟ ليس عندنا دليل حسي ، بل هناك دليل إخباري ، هو إخبار الله لك.
 أنت دخلت إلى بيت ، صاحب البيت كل ذرة في دمك ، وكل خلية في جسمك تؤمن أنه صادق ، وهناك خزانة مغلقة ، سألته : ما في هذه الخزانة ؟ قال لك : كتب قديمة ، الدليل الخبر فقط ، لكن لو فتحت الخزانة ترى بعينك ، وتدرك بعقلك أن هذه كتب قديمة ، أما هو فما فتحها لك ، لكنه أخبرك .
 فأخبرنا الله عن وجود الملائكة ، وعن وجود الجن ، وأن هناك حياة بعد الموت فيها جنة وفيها نار ، فيها نار لا ينفذ عذابها ، وفيها جنة يدوم نعيمها إلى أبد الآبدين .

2 – إخبار الله بالماضي السحيق :

 أخبرنا الله عن قصص الأقوام السابقة
أخبرنا عن الماضي السحيق ، كيف خُلق الإنسان ، آدم وحواء ، وكيف كانا في الجنة ، فالشيطان أخرجهما من الجنة ، وأخبرنا عن الأقوام السابقة عن عاد وثمود وأصحاب الأيكة ، وقوم موسى وهارون ، ففي ماضي سحيق ، في مستقبل بعيد ، في حديث عن الذات الإلهية .

﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾

( سورة البقرة الآية : 255 )

 هذا الدين العظيم فيه معقولات ، ومخبرات ، عقل ، و نقل ، الذي عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به .

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَم

 أيها الإخوة الكرام ،

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَم ﴾

 لأن الإنسان قبِل حمل الأمانة كان أعلى المخلوقات
لأن الإنسان قبِل حمل الأمانة كان أعلى المخلوقات ، لأنه قبِل حمل الأمانة صار أعلى المخلوقات على الإطلاق ، فالملائكة دونه ، هنا السجود يعني خذوا أمري من آدم ، المعنى الدقيق للسجود أن نأخذ الأمر أمر الله عز وجل من آدم ، السجود هو الخضوع ، أنت حينما يأتيك أحياناً إنسان عادي معه أمر من الملك ، فإذا أطعت هذا الإنسان العادي هي في الحقيقة ليست طاعة له ، ولكنها طاعة للملِك ، فهنا السجود الخضوع يعني أيها الملائكة أنتم أشفقتم من حمل الأمانة ، لكن آدم قبِلها ، وحملها ، فكان أعلى المخلوقات ، وسوف أُنفذ له أمري ، وأنتم عليكم أن تأخذوا أمرني من خلاله :

﴿ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ ﴾

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

معصية إبليس بعدم السجود معصية كبرياء وعظمة :

 قال الله عز وجل :

﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾

( سورة الحجر )

 المعاصي نوعان معصية كبر ومعصية غلبة
لكن إبليس رفض أن يسجد ، قال :

﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾

( سورة الأعراف الآية : 12 )

 الآن بدأت معصية الكِبْر ، المعاصي نوعان : معصية كبر ، ومعصية غلبة ، وأفضل ألف مَرة أن تقع في الغلبة من أن تقع في الكبر ، لأن الكبر يتناقض مع العبودية لله ، لذلك الذي يعصي الله غلبة ترجى له التوبة ، وهو قريب من التوبة ، وربما معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً .

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾

 أي عصى :

﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾

( سورة الكهف الآية : 50 )

 لم يسجد ، هو طبعاً ليس من الملائكة ، لكن قبل أن يؤمر كان متفوقاً ، حتى ظُن أنه فوق الملائكة ، لكنه أبت نفسه أن يسجد استكباراً ، وعلواً في الأرض :

﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ ﴾

﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾

 الآن أيها الإخوة ، قال الله عز وجل :

﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾

( سورة الأعراف )

إبليس أوَّل مَن سن قاعدة : أَنَا خَيْرٌ :

 أنت أمام قضيب مستقيم ، وأمام خطاف يستخدم للحمل ، خطاف منحني هكذا أيهما أفضل ؟ كلام ليس له معنى
 لا نقارن بين الطين والنار فكل صفة تؤدي مهمتها
حينما تحتاج إلى قضيب مستقيم القضيب المستقيم أفضل ، وحينما تحتاج إلى خطاف تحمل به الأشياء فالانحناء أفضل ، فأن تقول : أيهما أفضل الطين أم النار هذا كلام لا معنى له ، كل صفة تؤدي مهمتها ، أيهما أفضل سيارة سياحية أم سيارة شاحنة ؟
 كلام مضحك ، ماذا تريد أن تستخدم هذه السيارة ، لنقل الركاب ؟ السياحية أفضل ، لنقل البضاعة ؟ الشاحنة أفضل ، فكل صفة لا يمكن أن تكون مفضلة إلا بحسب مهمتها ، لكن أنا أفاضل بين شاحنتين ، أو بين سيارتين لنقل الركاب ، أما أنا أفاضل بين مركبة مهمتها نقل الركاب ، ومركبة مهمتها نقل البضائع فهذا غير مقبول .
قال :

﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾

 لا ، الجن لهم مهمات تخطي المسافات ، والحدود ، والسدود ، وسرعة الحركة ، والإنس لهم مهمة ، أعطي كل مخلوق الصفات التي تؤهله لتحقيق هدفه .
 طبعاً قال القرآن على لسان إبليس :

﴿ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً﴾

( سورة الإسراء )

 إذاً : جاء التوضيح :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ﴾

( سورة ص الآية : 74)

بين المنعِ والامتناع :

 الله عز وجل يقول :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾

 ما الذي منعك أن تسجد ؟
 هناك فرق بين المنع و الامتناع
والحقيقة هنا نحتاج إلى وقفة متأنية ، عندنا :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾

 و:

﴿ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ ﴾

 هذا يتوضح في الفرق بين المنع و الامتناع .
أ حياناً تريد أن تأكل تأتي قوة قاهرة تشهر عليك سلاحاً ، فلا تأكل ، أنت الآن مُنعت أن تأكل ، لكن الأكل أمامك ، وهممت أن تأكل ، فجاء طبيب تثق بعلمه ، وأخبرك أن هذا الطعام يؤذي مرضك ، ويؤخر شفاءك ، الآن لم تمنع من أن تأكل ، ولكنك أُقنعت ألا تأكل ، فامتنعت ، الفرق كبير بين أن تُمنع بالقوة ، وبين أن تمتنع اختياراً .
 دقة القرآن الكريم شيء عجيب :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾

 ابليس كان مقتنعا أن خلقه من نار خير من الطين
هل هناك قوة قاهرة منعتك أن تسجد ؟ وهناك آية ثانية توضح هذا المعنى :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾

 من الذي أقنعك ألا تسجد ؟
 الفرق بين :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾

 و :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾

 هو الفرق بين أن تقهر ، وبين أن تقتنع ، فيبدو أن إبليس اقتنع أن النار خير من الطين ، فقال :

﴿ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ﴾

( سورة الحجر الآية : 33 )

﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾

هذا ما ترتب عن المعصية :

1 – الهبوط من الجنة :

 أيها الإخوة ، لما رفض إبليس أن يسجد :

﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾

( سورة الأعراف )

2 – معنى الهبوط :

  الهبوط أن تهبط مكانة الشخص وسلطته
الهبوط له معنيان ، هبوط مكاني ، الطائرة هبطت على المطار الفلاني ، هذا هبوط مكاني ، وإنسان كان مديرًا عاما بمؤسسة ، وباعتبار المؤسسة فخمة جداً مكتبه الفخم في الطابق الأول ، فهبطت مكانته ، ووظفوه رئيس دائرة في الطابق العاشر نقول : هبطت مكانته ، لكن كان هو تحت ، فصار فوق ، لا ، مكانته هبطت هنا ، كان مكتبه في الطابق الأول ، لأنه مدير عام ، أصبح رئيس فرع في الطابق العاشر ، هو لم يصعد تحت ولكنه هبط ، هبطت مكانته ، هبطت سلطته ، هبط دخله .
 لذلك :

﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا ﴾

 كنت مرشحاً أن تكون من أهل الجنة حيث فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، لكنك الآن تكبرت ، وأبيت أن تطيع الله ، وتوهمت أن النار خير من الطين ، فتستحق الآن أن تهبط منها

﴿ فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾

 من يأبى أن يطيع ويسجد لله فهو صغير عند الله
قيسوا على هذه الآية أوضاع البشر ، هذا الذي يأبى أن يطيع الله ، يتكبر أن يصلي ، يتكبر أن يسجد لله ، ترون أنتم في المناسبات الدينية المسئولون كلهم يسجدون ، هذا وسام شرف لهم ، أليس كذلك ؟ للأرض .
 قال :

﴿ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾

 أما الذي يأبى أن يسجد لله فهو صغير عند الله ، تتكبر على من ؟ على خالق السماوات والأرض، مع أن العلاقة مع الله كلما ازددت تواضعاً له وخضوعاً له أعزك الله ، أنا لا أتصور على وجه الأرض إنسان أعز الله كسيدنا محمد .
 هل من المعقول لإنسان ليس مسلماً يؤلف كتابا ، يدرس تاريخ البشرية ، ويبحث من هؤلاء البشر على عظماء البشر ، عظماء البشر في كل القرون ، وفي كل القارات ، وفي كل الثقافات ، ويختار من بين هؤلاء العظام القادة العباقرة ألف إنسان ، ثم يصطفي من هذه الألف مئة ، ثم يجعل محمد بن عبد الله على رأس هذه المئة .
 مرة ذكرت أقوالا لمفكري الغرب في هذا النبي الكريم ، رفعه الله عند المسلمين وعند غير المسلمين .
 أيها الإخوة الكرام ، قال تعالى :

﴿ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾

 لأنك استنكفت أن تسجد تنفيذاً لأمر الله .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور