وضع داكن
19-04-2024
Logo
مختلفة - الجزائر - المحاضرة : 16 - الدعاة .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

الدعوة إلى الله و مخاطبة القلب و العقل معاً :

 أيها الأخوة الكرام ، أنا أشكر لكم هذه الدعوة الكريمة التي إن دلت على شيء فعلى تعلق هذا البلد الطيب بالعلم والعلماء ، وهذا التعلق وسام شرف لكم في الحقل الذهبي .
 أيها الأخوة الكرام ما من عمل يرقى ويرقى ويرقى حتى يقترب من صنعة الأنبياء كالدعوة إلى الله ، إلا أن هذا العمل يتذبذب بين أن يكون أعظم عمل على الإطلاق وبين أن يكون عملاً لا يستأهل إلا ابتسامة ساخرة ، بين أن تبذل من أجله الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، وبين أن ترتزق به ، للإمام الشافعي كلمة رائعة قال : " لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين " .
 الدعوة إلى الله مبدأ ، منهج ، بذل ، تضحية ، قدوة ، مثالية ، والمسلمون اليوم ليسوا بحاجة إلى معرفة أصول الدين ، الأصول منته منها ، مقننة ، واضحة ، مكتوبة ، لها آلاف الكتب ، المسلمون بحاجة اليوم لخطاب ديني ، خطاب ديني موجه إلى قلوبهم ، وإلى عقولهم ، ومن أروع ما في القرآن أن الله خاطب القلب والعقل معاً في آية واحدة :

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾

[ سورة الانفطار:6-7 ]

 أولاً خاطب قلبه ثم عقله ، فإذا خاطبنا العقل وحده لاتنجح الدعوة ، وإن خاطبنا القلب وحده لا تنجح الدعوة ، لا تنجح إلا إذا جمعنا بين مخاطبة القلب والعقل معاً ، كما خاطب القرآن الإنسان عقلاً وقلباً .
 أخواننا الكرام ؛ الشيء الدقيق جداً أن الدين توقيفي ، لا يضاف عليه ، إن أضفنا عليه اتهمناه بالنقص ، والدين توقيفي إن حذفنا منه اتهمناه بالزيادة ، لا يضاف عليه ولا يحذف منه ، أين التجديد إذاً ؟ بعضهم قال : التجديد أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس به ، الشطحات والكرامات والمبالغات ، كل شيء ألصق بهذا الدين ، التجديد أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس به .

 

قواعد الدعوة إلى الله :

1 ـ القدوة قبل الدعوة :

 أخواننا الكرام ؛ هناك قواعد للدعوة ، هذه القواعد فيها مسلمات ، لو أن الدعاة أخذوا بها لكانت دعوتهم في الأوج .
 أول شيء ؛ أنت كمواطن ، كإنسان تنتفع من طبيب ولا يعنيك سلوكه الشخصي ، يا ترى مستقيم ؟ غير مستقيم ؟ هناك مشكلة في المعدة هذا الطبيب معه بورد في الهضم ، يعنيك من الطيبيب علمه فقط ، وقد يعنيك من المهندس علمه فقط ، وقد يعنيك من المحامي علمه فقط ، إلا رجل الدين لا يمكن أن تنتفع منه إلا إذا رأيت تطابقاً تاماً بين أفعاله وأقواله ، لأنه إن لم يكن هذا التطابق معنى ذلك هو مقصر ، فقبل أن يدعو إلى الله ادع نفسك إلى الطاعة ، أو معه دين غير واقعي لا يطبق ، فحينما لا ترى في الداعية تطايقاً تاماً بين أقواله وأفعاله إذاً يوجد هناك مشكلة كبيرة ، ينفرد رجل الدين فقط في هذه الخاصة ، لا بد من تطابق أقواله مع أفعاله ، لذلك هذه الدعوة ترقى وترقى وترقى وتقترب من صنعة الأنبياء ، وقد تسقط وتسقط وتسقط ولا تستحق إلا ابتسامة ساخرة ، تتذبذب بين أن تكون أعظم عمل يرقى إلى صنعة الأنبياء وبين أن يكون أتفه عمل .
 لذلك مرة ثانية الشافعي قال رحمه الله تعالى : " لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين" .
 أخواننا الكرام ؛ مع الداعية فقط لا يصدق إلا بالتطابق بين أقواله وأفعاله ، لذلك المقولة الأولى والخطيرة والأساسية والأصل بهذا اللقاء : القدوة قبل الدعوة ، لأن الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم ، ما لم ير الداعية صادقاً ، لذلك لما النجاشي التقى سيدنا جعفر قال له حدثني عن هذا الدين :

(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار -هذه الجاهلية- حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته ، وعفافه - أي إن حدثك فهو صادق ، إن عاملك فهو أمين ، إن اسثيرت شهوته فهو عفيف - فدعانا إلى الله لتوحيده ، ولنعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث -أكبر بند في العبادة التعاملية- وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 ملخص موجز للعبادة التعاملية .

 

العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تقطف ثمارها إلا بالعبادة التعاملية :

 أخواننا الكرام ؛ أخواتنا الفضليات ؛ من مسلمات هذا الدين أن العبادات الشعائرية الفرائض الخمس ؛ الصلاة ، الصيام ، والحج ، والزكاة ، والشهادة : لا إله إلا الله ، هذه العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تقطف ثمارها ولا تصح إلا بالعبادة التعاملية ، والدليل بالمناسبة لا تقبل شيئاً من دون دليل ، ولا ترفض شيئاً من دون دليل ، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء :

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً ، قيل : يا رسول الله جلهم لنا ، قال : إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))

[ ابن ماجه عن ثوبان]

 انتهت الدعوة ، ما زال هناك تناقض بين الأقول والأفعال ، لذلك :

(( من لم يكن له ورعٌ يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله تعالى بسائر عمله ))

[ مسند الشهاب عن أنس بن مالك]

القدوة قبل الدعوة أحد أكبر نجاحات الدعوة إلى الله :

 قصة من خمسين عاماً ، إنسان أعدم وهو داعية كبير في بلد عربي ، جاؤوا له بشيخ ليلقنه الشهادة قبل إعدامه ، فقال هذا العالم الكبير : أنا أموت الآن من أجل لا إله إلا الله أما أنت فترتزق بها ، وفرق كبير بين أن تموت في سبيل فكرة وبين أن ترتزق منها .
 أنا أقول : الإنسان عليه أن يرتزق بأي حرفة إلا الدين ، هذا الدين مبدأ ، هذا الدين منهج ، هذا الدين لله عزوجل ، إذاً أول حقيقة أساسية تكاد تكون الأولى القدوة قبل الدعوة .
 إذاً الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم ، النبي الكريم ما رأى أصحابه أقل مسافة بين أقواله وأفعاله ، ما قاله طبقه ، وما يطبقه يقوله ، إذاً الدعاة اقتدوا برسول الله ، أنا أرى أن النبي الكريم له سنة قولية أحاديثه ، وسنة عملية أفعاله ، وسنة إقرارية سكوته ، وأضيف أنا : وله سنة دعوية ، كيف ؟ دعا أصحابه ، وما لم يقلد الدعاة إلى الله والداعيات النبي الكريم في أسلوب دعوته لا تنجح الدعوة ، لذلك أتمنى أن يُفرز مؤلف : منهجية النبي في الدعوة ، حتى تكون قدوة للدعاة إلى الله عز وجل ، أحياناً داعية لا يحلو له إلا الحديث المطول عن الثعبان في القبر ، ما وجدت غير الثعبان في القبر ؟ هناك ملائكة ، والقبر قد يكون على مد بصر الإنسان، اذكر المرغبات والمخوفات ، يكتفون بالتحذير والتخويف ، هذا خطأ كبير ، الإنسان متوازن ، هناك الله عز وجل ، آيات الجنة من حيث العدد تتوافق مع آيات النار ، آيات الملائكة مع آيات الشياطين ، يوجد توافق ، فالدعوة يجب أن تتنوع بين الترغيب والترهيب ، بين الإيجابيات والسلبيات ، ما لم تكن قدوة لن يقنع الناس بك ، إلا أن الإنسان بحياته العملية يتأنق في ثيابه هذا ذكاء ، يتأنق باختيار ألوان ثيابه ، يتعطر ، يرجل شعره ، هذا كله بالتعبير المعاصر بزنيس، تقتضي مصلحته ذلك ، لكن أين أخلاقه الحقيقية في البيت ؟ فقال النبي الكريم :

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[أخرجه الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

 بالبيت لا يوجد أقوى منك ، أنت السيد الآمر ، فأنت إذا كنت بالبيت مصدقاً لهذا المنهج فأنت ولي والله أعلم ، هنا البطولة :

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[أخرجه الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

 فإذا لم يكن الداعية ذا وجهين أبداً ، أخلاقه في البيت كأخلاقه أمام إخوانه ، سره كعلانيته ، ما ينطوي عليه كما يظهر به ، عدم الازدواجية شيء رائع جداً ، فلذلك أحياناً المدعوون يبحثون عن تناقض بين أقواله وأفعاله ، هذه نقطة دقيقة جداً ، فكل بطولتك ألا يرى الناس حولك إلا تطابقاً تاماً بين أقوالك وأفعالك .
 كنت مرة في مصر زرت الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى ، كان عالماً كبيراً ، مرة سألته : بماذا تنصح الدعاة إلى الله ؟ أنا توقعت سيتكلم نصف ساعة ، فاجأني بجملة واحدة قال لي : ليحذر الدعاة أن يراهم الناس على خلاف ما يدعونه ، هذا التطابق للداعية أخطر شيء ، لا يوجد عنه ازدواجية ، لا يوجد عنده شيء معلن وشيء غير معلن ، لا يوجد عنده سلوك في البيت وسلوك أمام الناس ، هذه وحدة في كيانه عدم الازدواجية ، أحد أكبر أسباب إقناع الناس بالدعوة .
 أخواننا الكرام ؛ القدوة قبل الدعوة أحد أكبر نجاحات الدعوة إلى الله ، لذلك النبي الكريم أقواله سنة ، وأفعاله سنة ، وإقراره سنة ، وصفاته سنة ، أقواله وأفعاله وإقراره وصفاته .

 

2 ـ الإحسان قبل البيان :

 الآن الإحسان قبل البيان ؛ املأ قلب المدعو بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك :

(( يا داود ذكر عبادي بإحساني ، فإن القلوب جبلت على حبِّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها ))

[ ورد في الأثر ]

 الإحسان قبل البيان .

 

الابتعاد عن الغرق في الجزئيات :

 شيء آخر ؛ يوجد لدينا مرض خطير الغرق في الجزيئات ، تفاصيل تفاصيل تفاصيل ، مرة رجل فرنسي أسلم على يد شيخ في مصر ، أبقاه في أحكام المياه ستة أشهر حتى خرج من جلده وتركه ، التقى بالإمام محمد عبده قال له : "الماء الذي تشربه توضأ منه" ضغط له كلام ستة أشهر في كلمة واحدة ، لذلك أنا أرى الآن يحتاج الدين إلى أشياء ثلاثة ؛ إلى تدقيق وتطبيق وعقلنة ، لا تقم بحرب بين العقل والدين ، العقل أودعه الله فينا، والدين من عنده منزل ، والمصدر واحد ، لماذا تقيم هذا التناقض بين العقل والدين ؟ أي شيء جاء به الدين يتطابق مع العقل مئة في المئة :

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم : 30]

 هذه الآية الأصل بين الفطرة وبين الدين ، إذاً هذا المدعو يحتاج إلى معاونة ، يحتاج إلى دعم ، إلى أن يتفوق ابنه في مادة معينة ، عندما تهتم بشأن المدعو ، بحياته ، بدخله ، بأولاده ، بمستقبل أولاده ، ترقى من مستوى الملقن إلى مستوى المربي ، هناك ملقن معلومات و هناك مربّ ، فما لم يكن الداعية مربياً لا ينجح في دعوته ، يجب أن تهتم بشأن المدعووين ، لهم شأن خاص ، استشارات ، فتاوى ، عنده مشكلة مع زوجته قد تحلّ هذه المشكلة ، هناك دعاة كثر تمكنوا من حلّ ألف قضية بين الزوجين ، فالموضوع ليس موضوع معلومات تلقيها ، أنت أب ، أنت مربّ ، أنت ولي أمر .

3 ـ الأصول قبل الفروع :

 أخواننا الكرام ؛ يوجد شيء آخر ؛ الأصول قبل الفروع ، في الدين يوجد فروع كثيرة، نحن يوجد لدينا مرض الغرق في الجزيئات ، تفاصيل تفاصيل مملة ، الآن كما قلت قبل قليل: افتح أي كتاب فقه يمكن أن تمضي سنة في أحكام المياه ، الآن في كل بيت صنبور مياه طاهر، هذه السنة تلغى مع تطور الحياة ، الماء الذي تشربة توضأ منه ، ما لم نبسط ، وما لم نيسر ، وما لم يكن الإسلام وسطياً ، لا يوجد به تعنت ، و لا مبالغة ، و لا تعديل ، و لا تأييس ، يوجد دعاة ييئسوك ، يتحدث عن أن الصحابة كان يصلون الفجر بوضوء العشاء، الصحابة بشر ، والنبي بشر ، عندما تعطي الجيل السابق صفات غير معقولة أنت ميئس .
 لذلك أخواننا الكرام ؛ أحاديث كثيرة جداً من الموضوعات لأنها ميئسة ، إذاً نحن بعد القدوة قبل الدعوة ، والإحسان قبل البيان ، والأصول قبل الفروح ، دائماً اربط بين الجزئية وبين أصلها ، بين الجزئية وبين دليلها ، وقالوا : لولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، فأنت أمام إنسان له عقل ، أعطه الحكم الشرعي ، ما دليله ؟ هذا الفقه المدلل فقه راق جداً ، وأنا أنصح أخواننا الكرام أنتم دعاة لا تقتن كتاب فقه غير مدلل ، الحكم كذا لقول الإمام الشافعي كذا ، والحنفي ، والمالكي ، والحنبلي ، مع الأدلة ، التدليل في الفقه يعطيك ثقافة فقهية أصولية .
 لكن يوجد لدينا مشكلة الآن : لماذا الصحابة بقوا في مكة المكرمة سنوات طويلة فوق العشر سنوات يتعلمون عن الإله العظيم والدار الآخرة فقط ؟ التشريع في المدينة ، هذه المرحلة المكية مرحلة الإيمان بالإله ، الإيمان بكماله ، بأسمائه الحسنى ، صفاته العلا ، الدار الآخرة ، هذه كليات الدين .
 أخواننا الكرام ؛ نحن بحاجة إلى دين متوازن ، نجمع به بين الأصل وبين التفاصيل، مخاطبة القلب والعقل معاً ، المضامين لا العناوين ، المبادئ لا الأشخاص ، الترغيب قبل الترهيب ، الدليل والتعليم ، طبعاً كل بند يحتاج إلى محاضرة إن شاء الله في أيام قادمة نزوركم مرة ثانية .

 

التطابق التام بين القرآن الكريم و بين الواقع المعاصر :

 لكن يوجد نقطة دقيقة قالوا : " كمال الخلق يدل على كمال التصرف" هذا الكون شيء معجز من لوازم كمال الخلق إرسال الأنبياء ، من لوازم إرسال الأنبياء أن يؤيدوا بالمعجزات، فالنبي الكريم معجزته ليست حسية ، السابقون معجزاتهم حسية كتألق عود ثقاب تشتعل وتنطفئ وتصبح خبراً ، يصدقه من يصدقه ، ويكذبه من يكذبه ، إلا أن النبي معجزاته علمية ، جاء بآيات مثلاً المركبة "أبولو ثمانية" التي انطلقت إلى الفضاء ، إلى القمر ، فجأة صاح رائد الفضاء : لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً ، ما الذي حصل ؟ تجاوز رواد الفضاء طبقة الهواء انعدم تناثر الضوء أصبح الظلام دامساً ، قصة ثابتة علمياً بأبولو ثمانية ، وسمع الناس جميعاً أقوال هذا الرائد ، أما أن تفتح القرآن الذي نزل قبل ألف وأربعمئة عام ترى مصداق هذه القصة فهذا شيء لا يصدق ، قال تعالى :

﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 14-15]

 تطابق تام بين ما حصل قبل عشرين عاماً وبين كتاب من عند الله نزل قبل ألف وأربعمئة عام .

 

الإسلام وسطي متوازن يجمع بين الدنيا و الآخرة :

 هناك شيء آخر ؛ هذا الإنسان المخلوق الأول يوجد توجيهات نبوية متعلقة بسلامته، بصحته ، هذه التوجيهات لو طبقت لكنا نحن أمام شيء لا يصدق ، أحياناً الإنسان يتغذى ، إذا نوّع أغذيته كل نوع من الأغذية تناول جهازاً معيناً إذاً فارتقى به ، هذا شيء دقيق جداً ، الإعجاز العلمي في القرآن والسنة واسع جداً ، بعض هذه الإعجازات أن الإنسان حينما يطبق توجيهات النبي الكريم حتى في تناول الطعام ، حتى في مضغه ، حتى في جلوسه مع أهله ، حتى في الحديث الممتع أثناء الطعام ، هذه كلها تشجع على إتمام هذه الوجبة الغذائية بشيء رائع جداً .
 أخواننا الكرام ؛ الإسلام وسطي ، الحقيقة الإسلام هو الإسلام ، لكن مع التطرف أصبحنا بحاجة إلى إسلام وسطي ، التطرف نوعان ؛ تطرف تفلتي وتشددي ، أنت حينما تطبق منهج الله هذا الإسلام ، حينما ظهرت فرق تطرفت ، التشددي ، التكفير والتفجير ، هذا تطرف تشددي ، أو تطرف تفلتي إباحية ، أنت بين تطرفين ، فلابد من إسلام وسطي يجمع بينهما ، فنحن كلما تطرفنا وقعنا في إشكال كبير جداً ، هذا الدين وسطي متوازن ، يجمع بين الدنيا والآخرة ، يجمع بين القلب والعقل ، بين المادة والروح ، في كل شيء يعطي كل شيء حقه ، فالإنسان يتزوج :

(( أما و الله إني لأخشاكم لله و اتقاكم له لكني أصوم و أفطر و أصلي و أرقد و أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ))

[ شعب الإيمان عن أنس]

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم :

 أشياء كثيرة جداً أخواننا الكرام في حياتنا اليومية ، بسلوكنا ، إذا تطابقت مع الإسلام سعدنا في الدنيا والآخرة ، الله عز وجل خلقنا للسعادة :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود : 119 ]

 أخواننا الكرام : مرة في مصر طبيب لما وجد أن سيدنا يوسف ألقي على أبيه قميصه فارتدّ بصيراً ، هذه آية قرآنية ، أن هذا القميص ما به ؟ يوجد به عرق سيدنا يوسف ، جمع عرق إنسان ، طبعاً وضع إنسان في حمام حرارته عالية وجمع العرق في وعاء ، رأى أن هناك أربعاً و ستين مادة في العرق موجودة ، إحدى هذه المواد اسمها العرقية ، أتى بعدسة مبيضة أي أصبحت العدسة حليبية ، العدسة في الأصل شفافة مئة بالمئة ، مع تقدم السن أو مع الشدة النفسية القاهرة تبيض هذه العدسة فيفقد الإنسان بصره ، يسمي العوام هذه العملية : المياه الزرقاء ، وأكبر عملية هي وضع عدسة أخرى بلاستيكية داخل العين ، فجاؤوا بهذه المواد الأربعة و الستين استخرجوهم على حدة ، وضعوا قطرة من كل مادة على العدسة ، مادة واحدة اسمها العلقين وضعت على هذه العدسة فعادت شفافة ، الآن يوجد معامل تحاول إنتاج قطرة للعين تغني عن استبدال العدسة ، فهناك إشارات قرآنية دقيقة جداً .
 بالمناسبة يوجد ألف وثلاثمئة آية علمية في القرآن ، لو أن هذه الآيات استخدمت ودرست ، نحن عندنا مشكلة ، كلما صنع الغرب شيئاً علمياً نقول : هذا عندنا في الإسلام ، إذاً لماذا عندما نكتشفه نحن يصير عندكم ، موقف غير لائق ، فالبطولة أن نبادر نحن باكتشاف تلك الآيات العلمية ، وأن نؤيدها بالقوانين والأبحاث .
 نحن أمامنا مشوار طويل ، وهذا الدين دين الله ، أنا اطمئنكم جميعاً لا تقلقوا على هذا الدين إنه دين الله ، ولكن لنقلق جميعاً على أنفسنا ما إذا سمح لنا أو لم يسمح أن نكون جنوداً لهذا الدين ، هذا الدين دين الله ، والمستقبل لهذا الدين .
 أخواننا الكرام ؛ من مسلمات الأخبار القديمة الإتحاد السوفيتي قبل انهياره بعامين حرم الخمر ، هل تعلمون ذلك ؟ حرمه تحريماً قطعياً ، وعقوبات كبيرة جداً لمن يشربه ، هذا الاتحاد الذي بني على الإلحاد وجد أن الخمر يدمر الأمة ، لذلك ما من شيء الله حرمه إلا له أثر سيئ جداً ، فالحلال والحرام ؛ الحلال تحلو به النفوس ، والحرام يحرمها من السعادة .

 

خاتمة و توديع :

 أخواننا الكرام ؛ أرجو الله سبحانه وتعالى أن يجمع بيننا كل فترة ، وأن نتبادل الرأي في أمور هذا الدين العظيم ، أمور هذا العلم ، وأنا أقول للأخوة الدعاة يقول الله عزوجل :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت : 33 ]

 أي لم تجد على وجه الأرض إنساناً أفضل عند الله ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً، وأنا أقول : البطولة أن يسمح الله لك أن تدعو إليه ، أن يسمح لك ، أنت لا تفتخر بهذا أنت تفتقر إلى هذه الدعوة ، لأن الله عز وجل يسمح للمخلصين العلماء الصادقين الورعين أن يكونوا دعاة إليه .
 أسأل الله عز وجل أن يحفظكم جميعاً ، أن يحفط إيمانكم وأهلكم وأولادكم ومن يلوذ بكم ومالكم ، وآخر دعوة مهمة جداً وهي مهمة جداً و استقرار بلادكم ، هذه نعمة عظيمة جداً لا يعرفها إلا من فقدها ، حافظوا عليها ، واشكروا الله عليها ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور