وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 090 - الحق لا يتعدد.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحق لا يتعدد والباطل لا ينتهي :

 أيها الأخوة الكرام؛ في الآيات التي قرئت في الصلاة، قال تعالى:

﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

[ سورة إبراهيم : 1 ]

 هذا ملمح، الظلمات جمع والنور مفرد، قال تعالى:

﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾

[ سورة الأنعام : 153 ]

 لماذا جاءت الظلمات جمعاً والنور مفرداً؟ ولماذا جاء الباطل سبلاً وجاء الحق سبيلاً واحداً؟ هذا الملمح في الآيتين دقيق جداً مفاده أن الحق لا يتعدد، الحق واحد، فبين نقطتين لا يمر إلا مستقيم واحد، ولو حاولت أن ترسم ألوف المستقيمات بين نقطتين، لجاءت كلها فوق بعضها، الحق لا يتعدد والباطل لا ينتهي، لذلك البطولة أن تستوعب الحق، لأن عمر الإنسان يتسع للحق وحده، لكن لا يتسع للباطل، أي لو ظننت أن البوذية دين عظيم إلى أن تستوعب هذا الدين تحتاج إلى عشرين سنة، أي باطل استيعابه يحتاج إلى جهد كبير، وإلى وقت مديد، فالإنسان عمره قصير يتسع لاستيعاب الحق، وما سواه الباطل، أما أن تستوعب الباطل فهذا مستحيل، والدليل الآيتان:

﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾

[ سورة الأنعام : 153 ]

﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

[ سورة إبراهيم : 1 ]

 الظلمات جمع والنور مفرد، يبنى على هذا أن الحرب بين حقين لا تكون مستحيلة، لأن الحق لا يتعدد، وبين حق وباطل لا تطول، لأن الله مع الحق، وبين باطلين لا تنتهي، فلذلك البطولة والعقل والذكاء والتوفيق والنجاح والفلاح والتفوق أن تستوعب الحق وما سواه الباطل، الحق وحي السماء، مرة كنت في أمريكا عندهم مقولة: أنت مادمت قوياً أنت على حق، هذا ليس صحيحاً، الحق ما جاء به وحي السماء، ويحتاج إلى قوة، بين أن يحتاج إلى قوة تحميه وتصونه، وبين أن الحق هو القوة، العالم الغربي كله يؤمن بهذه المقولة، أنت قوي على حق، هذا الحاضر، دولة قوية جداً ممكن أن تستنفذ خيرات العالم الثالث، لما أرسلت روسيا للفضاء الخارجي كلبة كان اسمها ليكا، العالم الغربي قام ولمن يقعد لأن الشرق القوي أقصد روسيا وقتها الاتحاد السوفيتي أرسل كلبة إلى الفضاء الخارجي ضحى بها، ترى أربعمئة ألف قتلوا بلا سبب وبلا ذنب، وأربعمئة ألف معاقون، وأربعمئة ألف مهجرون، وأربعمئة ألف مفقودون، ولا كلمة ولا تعليق، ولا تنديد ولا استنكار، ولا أي شيء، هذا هو الغرب، لذلك ما لم نكفر به لن نؤمن بالله، قال تعالى:

﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا ﴾

[ سورة البقرة : 256]

 ما دام هناك أمل بكافر فالطريق مسدود، إذا علقنا آمالنا على الغرب يكون الغرب منصفاً، الغرب ليس منصفاً، الغرب له مصلحة كبيرة جداً أن يغدو الشرق الوسط دويلات صغيرة ذات طابع مذهبي وطائفي حول إسرائيل، هذه الدويلات الطائفية والمذهبية متشاكسة فيما بينها، هذه الخطة أبلغني إياها أخ كريم مقيم في أمريكا وهو رئيس الجالية هناك، منذ عشر سنوات قال لي: هل تعلم ما معنى الشرق الأوسط الجديد؟ الشرق الأوسط الجديد؟ كيف أن الأندلس انتهى بدويلات وطوائف، دويلات صغيرة متناحرة متقاتلة متخاصمة فيما بينها، فلذلك الآية الدقيقة قال تعالى:

﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

[ سورة إبراهيم : 1 ]

 الظلمات جمع والنور مفرد، الباطل لا ينتهي، للتقريب: ارسم نقطتين وائت بمسطرة، وارسم خطاً بينهما، ارسم خطاً ثانياً يأتي فوقه تماماً، الثالث فوقه، الرابع فوقه، الحق لا يتعدد، الحرب بين حقين لا تكون، مستحيل وألف مستحيل لأن الهدف واضح وواحد، والطريق واحد وواضح، فاللقاء حتمي، أنت على حق وأنا على حق نلتقي حتماً، لكن إنساناً يدّعي أنه على حق وأهدافه دنيوية لا يلتقون، هذه المقولة دقيقة جداً: الحرب بين حقين لا تكون، وبين حق وباطل لا تطول، وبين باطلين لا تنتهي، والعمر الإنساني محدود، هذا فرصة ذهبية لسعادة أبدية لا تتكرر، فالبطولة أن تستغل هذه الفرصة باستيعاب الحق.

العمل الصالح علة وجود الإنسان في الحياة الدنيا :

 أنت - بأدق التعريفات بتعريف جامع مانع- بضعة أيام، أنت وقت، أي كل واحد لو كتب له عند الله أن يعيش مثلاً تسعاً وثمانين سنة، أنا أطيل الأعمار قليلاً بالمثل، هو أقل بين الستين و السبعين، إذا الإنسان جاوز الأربعين صار قريباً من النهاية، هناك إنسان مات و عنده دفاتره قائمة أعمال لا تنتهي، مات والأعمال تجمدت كلها، إذا جاء ملك الموت: ياربي أنا لم أصب سقف البيت؟ لا، قال تعالى:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِي* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾

[سورة المؤمنون: 99-100]

 عندما تعرف أن علة وجودك في الدنيا العمل الصالح، تكون ذكياً وعاقلاً وفهيماً وحكيماً وموفقاً وفالحاً وناجحاً، ونحن في صلاة الفجر من أدعية النبي المأثورة:" اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك" أنت حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، ولا يندم الإنسان إذا جاءه ملك الموت إلا على عمل صالح فاته أن يعمله، النبي صلى الله عليه وسلم كان ماشياً مع أصحابه، لقي قبراً فقال:

(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم))

[ابن المبارك عن أبي هريرة ]

 ركعتان، أذن العصر الله أكبر، ركعتا نفل يصليهما بسرعة، ركوع، سبحان ربي العظيم، سمع الله لمن حمده:

(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم))

[ابن المبارك عن أبي هريرة ]

 لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام مخاطباً الإمام علياً رضي الله عنه:

((فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى الله بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ))

[متفق عليه عن سهل بن سعد الساعدي ]

 أغلى أنواع الجِمال الجمال حمراء - لونها أحمر- حمر جمع حمار، الحمْر بالتسكين مثل مال نفيس جداً، إنسان معه عملات متنوعة ومعه دولار، هذا الدولار قيمته ثابتة، وهو أصل بالعملات كلها، لذلك :

(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم))

[ابن المبارك عن أبي هريرة ]

بطولة الإنسان أن يعرف الحق بالوقت المناسب :

 أيها الأخوة الكرام؛ البطولة أن تعرف الحق بالوقت المناسب، لأن أكفر كفار الأرض فرعون الذي قال:

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾

[ سورة النازعات: 24]

 والذي قال :

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

[ سورة القصص: 38 ]

 هذا فرعون عندما أدركه الغرق قال:

﴿ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾

[ سورة يونس: 90 ]

 لذلك الآية الدقيقة جداً قوله تعالى:

﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾

[ سورة الأنعام: 158 ]

 الطالب عندما يدخل امتحاناً مصيرياً حاسماً يحدد له مستقبله، ويقدم الورقة بيضاء يرسب، يعود إلى البيت، يفتح الكتاب المقرر، يقرأ الإجابة التي ينبغي أن يجيبها، ثم يفهمها ويحفظها لكن متى حفظها ومتى فهمها؟ بعد انقضاء الوقت المناسب، لذلك قال تعالى:

﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾

[ سورة الأنعام: 158 ]

 ففرعون أكفر كفار الأرض، عندما أدركه الغرق قال:

﴿ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾

[ سورة يونس: 90 ]

 متى؟ قال تعالى:

﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ﴾

[ سورة يونس: 91 ]

 لذلك قال تعالى:

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾

[ سورة ق : 22 ]

 أي إنسان حتى الملحد، هذه الرؤية حاصلة لأي إنسان على وجه الأرض يأتي عليه لحظة يؤمن إيماناً قطعياً بما جاء به الأنبياء لكن بعد فوات الأوان، وفرعون قال:

﴿ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾

[ سورة يونس: 90 ]

 فقيل له:

﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ﴾

[ سورة يونس: 91 ]

 فالبطولة ما دام القلب ينبض، مرة كنت بجلسة في عمرة، وأنا في جدة أخذني إنسان إلى البحر، رأيت بناء من اثني عشر طابقاً، قال لي: هذا البناء له قصة، جدة توسعت نحو الشمال والجنوب حتى أصبحت تسعين كيلو متراً، قطر جدة - شمال جنوب - تسعون كيلو متراً، قال لي: هناك بدوي عنده أرض، فلما توسعت جدة ارتفع سعرها، جاء مكتب عقاري واشتراها بربع قيمتها، استغل جهله، هذا باع، هذه الأرض التي بيعت كان صاحبها أعرابياً بسيطاً، باعها بربع قيمتها ولا يعرف السعر، أنشئ عليها بناء من اثني عشر طابقاً، والمكتب العقاري الذي اشترى الأرض مؤلف من شركاء ثلاثة، أول شريك وقع من أعلى البناء فنزل ميتاً، والثاني دهسته سيارة، فانتبه الثالث، وكأنه ربط بين هذه النهاية لشريكيه وبين الكذب والاحتيال الذي تمّ على هذا الأعرابي البسيط، بحث عن صاحب الأرض ستة أشهر، حتى عثر عليه، فأعطاه ثلاثة أضعاف حصته، فقال له هذا البدوي: ترى أنت لحقت حالك.
 وكل واحد منا ما دام القلب ينبض عليه أن يلحق نفسه، تحتاج إلى صحوة، أين أمشي أنا؟ إذا الشخص تجاوز الأربعين - يمكن أغلبنا فوق الأربعين- يستطيع أن يقول: بقي لي بقدر ما مضى؟ لا، لأن معترك المنايا بين الستين والسبعين، في الأعم الأغلب الذي بقي أقل مما مضى، فإذا مضى الذي مضى كلمح البصر، يقول لك : البارحة كنا بالابتدائي، قال تعالى:

﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ﴾

[ سورة الانشقاق: 19]

 من معاني هذه الآية، الطفل يولد سليماً معافى، غير مصاب بأي عاهة، والله مرة أب ابنه عنده عاهة أنفق كل ما يملك، حدثني طبيب جراح عن طفل ولد لكن الشريان عنده كان مكان الوريد، لونه أزرق، قال لي هذا الطبيب: كلفه ابنه نصف مليون ليرة لتبديل الشرايين، الشريان الأبهر ينطلق من القلب إلى الجسم ويرجع، وهناك أوردة غلطة صغيرة بشريان تكلف نصف مليون أحياناً، ولد سليم لابأس، كبر ظهرت أسنانه يفرحون، ثم مشى، ثم قال: بابا، ثم عمو، تنمو المفاهيم عنده، ليس كل الناس أبوه، هذا بابا وهذا عمو، ثم في الثالثة صار يخصص، لو فرضنا غرفة فيها الأثاث على شكل حرف u وهذا الطفل له لعبة في الطرف الآخر، هو لا يستطيع أن يمشي، يمشي على أطراف الأثاث، الآن نما في ذهنه الهدف والوسيلة، الهدف أمامه لكن لا يستطيع أن يمشي، يمشي على أطراف الأثاث، الطريق طويل ليصل إلى الهدف، موضوع علم النفس دقيق جداً، نمو المفاهيم بالإنسان، هذا الطفل نمت مفاهيمه ثم دخل الحضانة تعلّم الفاتحة، كلما جاء ضيف تعال بابا أسمع عمك الفاتحة، هو مسرور به و معه حق بذلك، ثم انتقل من الحضانة إلى الابتدائي صار عنده دوام يومي، وعنده حقيبة فيها كتب ووظائف، ثم أخذ الابتدائية ودخل المتوسط، ثم أخذ التوجيهي ثم دخل الجامعة، ثم أخذ الليسانس، ثم أخذ دبلوم عام، دبلوم خاص، ماجستير، دكتوراه، ثم وضع دال، هذه الدال تعني أنه درس ثلاثاً وثلاثين سنة، يريد أن يتزوج؛ هذه طويلة وهذه قصيرة، هذه بيضاء وهذه سمراء، يدخل في متاهة، كل وقت له متاهة، ثم اختار إنسانة لابأس بها، ما جاءه أولاد، منه أم منها؟ حل هذه المشكلة، ثم جاءه ولد، أدخله المدرسة صار يقول: بابا وماما، كبر أخذ الشهادة العليا ثم سافر إلى أمريكا، والده علق كل آماله عليه، فالابن نسي والده كلياً، و لم يعد يراسله.
 أعرف أباً قضى كل حياته من أجل ابنه، ثم بعثه إلى أمريكا، استقر هناك، ولم يعد يرسل له رسالة، ضنّ على أبيه برسالة، مرة قابلت رئيس جامعة دمشق، هناك مشكلة أن أحد أخواننا انتقل من جامعة إلى جامعة، بالجامعة المنقول إليها نزلوا مستوى دراسته، كلفوه بسنة إضافية، ووالده إنسان راق جداً، عندي والد رئيس الجامعة، ذهبت أنا وإياه إليه، أنا داخل إلى عنده، قال لوالده: أبو فلان اجلس هناك، كأنه استحى به أمام عمداء الكليات، أنا عندما خرجت قلت له: ابنك أين درس؟ قال: بأمريكا، قلت له: على حساب من؟ قال: على حسابي والله، أنا ظننت أنه ذهب بعثة مثلاً على حساب الدولة، قال: لا على حسابي أنا بعثته ودرسته حتى أخذ الدكتوراه ثم رجع وصار رئيس الجامعة، والده والله أنيق جداً، وهو بالثمانين تقريباً، يرتدي مانطو بنياً وطربوشاً أحمر، أنيق جداً استحى به أمام عمداء الكليات، أبو فلان اقعد هناك، هذه الدنيا، فالبطولة أن تعرف سرّ وجودك وغاية وجودك، أنت خلقت من أجل أن تعرف الله، قال تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

الفرق بين النجاح و الفلاح :

 سأقول لك كلمتين مختصرتين؛ هناك نجاح وفلاح، النجاح جزئي، والآن لا يسمى النجاح الجزئي نجاحاً ما لم يكن شمولياً، أي لا تسمى ناجحاً إلا إذا عرفت الله، وعرفت حقيقة الدنيا، وعرفت حقيقة الوجود، وتعرفت على الله، وعبدته، هذا نجاح، ونجحت مع أسرتك، ونجحت مع أقاربك، ومع من حولك، نجحت مع الأقوياء ما تذللت لهم، ومع الضعفاء ما استعليت عليهم، إذا لم يكن النجاح شمولياً لا يسمى نجاحاً، البطولة أن تتعرف إلى الله وإلى منهجه، وأن تحمل نفسك على طاعته، وأن تتقرب إليه بالأعمال الصالحة، وأن تكون أباً صالحاً، وابناً صالحاً، وأخاً صالحاً، وأن تعتني بأسرتك، وأن تدعو إلى الله، إذا لم يكن النجاح شمولياً لا يسمى نجاحاً، لكن حينما تعرف سرّ وجودك وغاية وجودك تكون فالحاً، الفلاح حينما تحقق الهدف من وجودك، قال تعالى:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً ﴾

[ سورة النساء : 147]

 الكون مسخر لنا تسخير تعريفٍ و تسخير تكريم، تسخير التعريف أن تؤمن، وتسخير التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك، عندئذ تتوقف كل المعالجات الإلهية، قال تعالى:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً ﴾

[ سورة النساء : 147]

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور