وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 096 - التواضع صفة العالم والكبر صفة الجاهل.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

التواضع صفة العالم والكبر صفة الجاهل :

 يقول الله عز وجل:

﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

[ سورة الإسراء : 85]

 هذا كلام خالق السموات والأرض، وأحد أكبر علماء الفيزياء أنشتاين، الذي وصل إلى السرعة المطلقة في الكون، السرعة المطلقة في الكون سرعة الضوء، ثلاثمئة ألف كيلو متر في الثانية، والكلام الدقيق 299156، هذه السرعة الدقيقة توصل إليها أنشتاين وله كلمة شهيرة، قال: لم تبتل بعد أقدامنا ببحر المعرفة. فكلما تعمقت في العلم اكتشفت ضعفك وجهلك في العلم، لذلك لا يتكبر إلا جاهل، والعالم يتواضع.

 

آيات الله في النفس تدل على عظمته سبحانه :

 جانب القلب غدة حجمها بحجم سلامية الإصبع، هذه الغدة اسمها التيموس، لو فتحنا كتاب طب قبل عشرين سنة بالضبط تجد حول هذه الغدة ما يلي: لا وظيفة لها، كتاب طب يدرس في الجامعة يصف غدة لا يزيد حجمها عن سلامية الإصبع إلى جانب القلب كتب حولها أنها لا وظيفة لها، السبب لأنها تضمر بعد عامين، وتتلاشى كلياً، ما دامت تلاشت كلياً والإنسان عاش بصحة تامة من دونها إذاً لا وظيفة لها، ثم تبين أنها أخطر غدة في جسم الإنسان، ولولا هذه الغدة لما كان هذا المجلس، ولما كان هناك عمان، ولا الأردن، ولا الشرق الأوسط، ما هذه الغدة؟ قال: هذه الغدة مدرسة حربية، تدخل إليها الكريات البيضاء وتبقى فيها سنتين، هذه الكريات البيضاء تتعلم من هو الصديق، ومن هو العدو، الكرية البيضاء جندي معه سلاح فتاك لكنه جاهل، لذلك تسمى الكريات البيضاء قبل دخولها إلى هذه الغدة الكريات الهمجية، فإذا تخرجت صار اسمها الكريات المثقفة.
 أيها الأخوة الكرام؛ شيء لا يصدق هذه الكريات البيضاء تدخل إلى هذه الغدة، وتبقى عامين وتتخرج، والغدة تضمر وتتلاشى، الضمور والتلاشي أوهم العلماء أن هذه الغدة لا وظيفة لها، ثم تبين أن هذه الكريات البيضاء هي الجيش الحقيقي، إذا قلتُ جيشاً حقيقياً قد لا تصدقون، له قيادة، ومعه أسلحة، وعنده ذاكرة، حينما يواجه جرثوماً معيناً، عنده بالغدد اللمفاوية معامل تصنيع أسلحة، يصنع ضد هذا الجرثوم مصلاً مضاداً، هذا المصل المضاد يستخدم ويحفظ تركيبه في ذاكرة الغدة، لو جاء بعد سبعين سنة لا تأخذ عينة وتحللها، لا، السلاح جاهز، هذه المناعة، أنا أخذت لقاحاً ضد الكوليرا، أي أنت دخلت جراثيم كوليرا ضعيفة، والأجهزة الدقيقة في الجسم صنعت مصلاً مضاداً، وتركيب هذا المصل حفظ في ذاكرة جهاز المناعة، إذا جاءت هذه الجراثيم بعد سبعين سنة تركيب المصل المضاد جاهز، فلان عنده مناعة، أي أعطوه جرثوم كوليرا ضعيفاً يصنع الجسم مصلاً مضاداً وينتهي الأمر، يدخل بعد ذلك هذا الجرثوم مئة مرة، المصل المضاد جاهز يقضي عليه، هذه المناعة.
 الشيء الذي لا يصدق أن هذا الجنين يكون ضمن الرحم- ببطن الأم يوجد الرحم -ومعه قرص لحمي، يسمى عندنا في العامية في سوريا: الخلاص، ويسمى عند الأطباء المشيمة، هذه المشيمة فيها أعمال العقل لا يصدقها، بل عقول البشر مجتمعة عاجزة عن أداء الوظائف التي يقوم بها الغشاء العاقل، سماه الأطباء الغشاء العاقل، ماذا يفعل هذا الغشاء؟ هذا الجنين له زمرة دم و لأمه زمرة، عندما نعطي الإنسان خطأ دماً من زمرة أخرى يموت فوراً، عندنا في الشام قصة أن مريضاً إلى جانب سريره يوجد إضبارة، مكتوب بالاضبارة زمرة دمه، لما خرج هذا المريض نسي الممرض أن يأخذ إضبارته، جاء مريض آخر، كان بحالة إغماء، وبحاجة إلى دم توهم الطبيب أن هذه الإضبارة لهذا المريض فتح الإضبارة وأخذ زمرة الدم، وأعطاه ثلاثمئة ميلي فمات فوراً، إذا أعطينا الإنسان دماً من زمرة أخرى يصير عنده حالة اسمها: انحلال الدم، يموت فوراً.
 فلذلك هذا الغشاء العاقل يجتمع دم الأم ودم الجنين، ودم الأم زمرة ودم الجنين زمرة، ولا يختلطان، الذي يمنع اختلاطهما هذا الغشاء، هذا الغشاء العاقل يأخذ السكر من دم الأم يطرحه في دم الجنين، يأخذ الأوكسجين من دم الأم يطرحه في دم الجنين، ثم يأخذ الأنسولين من دم الأم يطرحه في دم الجنين، صار في دم الجنين أوكسجين وسكر وأنسولين، يحترق السكر بالأوكسجين بوساطة الأنسولين، حرارة الجنين سبع وثلاثون، جاءت هذه الحرارة من الاحتراق، الآن الغشاء العاقل يأخذ عوامل المناعة من الأم يضعها في دم الجنين، فجميع الأمراض التي أصيبت بها الأم الجنين محصن أن يصاب بها الجنين.
 أيها الأخوة الكرام؛ فهذا التيموس تجتمع به كريات الدم البيضاء، الكريات البيضاء جندي بكل معاني الكلمة معه سلاح فتاك، لكنه جاهل، لا يعرف من هو الصديق ومن هو العدو، تدخل هذه الكريات وتبقى سنتين في التيموس، وهناك صورة مكبرة بمجهر إلكتروني، المجاهر التقليدية تكبر ثماني مرات، أما الإلكتروني فيكبر خمسين ألف مرة، وضعت هذه الكريات البيضاء تحت المجهر، فرأوا عالماً قائماً بذاته، هذه الكريات جنود معها أسحلة فتاكة لكن إذا دخلت إلى التيموس تتخرج كريات مثقفة، تعرف من هو الصديق، ومن هو العدو، والذي لا يصدق أن كل كرية بيضاء كيف تخرج من المدرسة الحربية؟ تخرج بامتحان، تعطى هذه الكرية عنصراً عدواً فإن لم تقتله ترسب وتقتل، عندنا الدنيا إذا الإنسان رسب لا يقتلونه، يبقى حياً، أما هذه الكرية إن رسبت فتقتل، ثم تعطى عنصراً صديقاً إن قتلته ترسب وتقتل، الآن الخريجون من هذه الكلية كل هؤلاء كريات بيضاء مثقفة، تعرف من هو الصديق، ومن هو العدو، أما هذه الغدة فتضمر وتتلاشى، لم يعد لها وجود، قال: هذه الأجيال التي تعلمت أي الوجبة الأولى من خريجي هذه الكلية الحربية يتولون تعليم الأجيال الصاعدة حتى الموت، سبعون سنة، خمس وستون سنة يضعف التعليم، مرة سئل طالب عن أستاذه، قال: إنه على درجة كبيرة من العلم، متفوق بشكل مذهل لكنه ملّ، بعد سبعين سنة تدريس يمل الإنسان، هذا شيء طبيعي، فهذا الجهاز المناعي الخطير بعد سبعين سنة يضعف التعليم، تنشأ حالة اسمها الخرف المناعي، هذه الحالة تظهر بالتهاب المفاصل الرثوي، هذا مرض التهاب المفاصل الرثوي سببه ضعف التعليم في الجهاز المناعي.
 إنسانة مضطرة إلى عملية قلب، فالطبيب أحد أخواني طبيب جراح في سوريا، و هو الأول في اختصاصه، قالت له: إذا عملت العملية هل من الممكن أن أموت بعدها؟ قال لها: طبعاً، قالت له: كيف أموت؟ قال لها: جميع الناس سيموتون، كلنا سوف نموت، الموت حق، الإنسان أحياناً يصاب بمرض ممكن أن يشفى منه، إلا مرض الموت الشفاء منه مستحيل، لأن هذا المرض صار بوابة خروج للحياة، فإذا تفاقم المرض أي سيموت هذا الإنسان، فكل مرض يميل إلى الشفاء ليس مرض الموت، لكن مرض الموت يتفاقم حتى ينتهي بالموت.
 هذا التيموس غدة صغيرة فيها مدرسة حربية، تعلم الكريات البيضاء من هو الصديق، ومن هو العدو، و عندما تتخرج الكريات البيضاء أصبحت كرية مثقفة تعرف من هو الصديق، ومن هو العدو، هذا الإله العظيم والله لو أمضيتم كل أعماركم - ثمان وسبعون سنة، ثلاث وثمانون سنة - في دراسة أجهزة الجسم لا ننتهي.
 برأس الإنسان ثلاثمئة ألف شعرة- وهذا العدد وسطي - لكل شعرة شريان، ووريد، وعصب، وعضلة، وغدة دهنية، وغدة صبغية، لكل شعرة، والشيب له دراسة طويلة عريضة.

(( شَيَّبَتْني هودٌ ))

[ أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عباس ]

 الشيب يأتي من التقدم بالسن حالة طبيعية، ومن الشدة النفسية، أحياناً الشدة النفسية تحدث شيباً بالإنسان، أنا والله لكم عندي هذا اليمين لو فكرت بجسمك فقط، بطعامك، بشرابك، لوصلت إلى خالقك.
 إنسان يمشي في بستان، وجد أفعى، ما الذي يحدث؟ تنطبع صورة الأفعى على شبكيَّة العين إحساساً، لكن الشبكية ليس فيها أجهزة تقرأ الصورة، أحياناً أنت تعمل صورة تأتي إلى البيت لا تفهم منها شيئاً إطلاقاً، تذهب إلى الطبيب، يوجد احتشاء، أو كذا أو كذا، يفهم الطبيب من الصورة أشياء كثيرة جداً، لذلك الصورة لا تقرأ في شبكية العين، تقرأ في الدماغ، ماذا في الدماغ؟ يوجد ملفات، مثلاً هناك ملف الأفعى، ملف في الدماغ، سمع قصة من جدته عن أفعى حفظها، رأى أفعى في معرض للأفاعي معروضة في قطرميز مع محلول معين، هذه الثانية، رأى أفعى ببستان، هناك متحف علمي رأى فيه صوراً عن الأفعى، القصص والمشاهدات والتحليلات هذه كلها تجتمع في الدماغ بملف الأفاعي والثعابين، عندما تشاهد أفعى هذه الصورة تنتقل إلى الدماغ، بالشبكية لا يوجد إدراك بل إحساس، في الدماغ يوجد إدراك، تكتشف في الدماغ أن هذه أفعى، لذلك تأخذ موقفاً إما أن تقتلها أو أن تهرب منها، قال العلماء: أنت معك قانون دقيق جداً الإدراك فالانفعال فالسلوك، رأيت أفعى في بستان أدركت أنها أفعى وسمها قاتل، هذا الإدراك ولّد انفعالاً، الانفعال ولّد حركة هربت أو قتلتها، فأنت علاقتك مع المحيط علاقة إدراك وانفعال وحركة، إذا إنسان قلنا له: على كتفك عقرب، وبقي هادئاً وابتسم لك، وقال لك: أنا شاكر جداً لهذه الملاحظة، وأسأل الله أن يقدرني لأكافئك، إذاً لم يفهم ما قلت له، لو فهم لقفز.
 فكل إنسان يقرأ آيات النار لا يتحرك، بيته معاص، دخله حرام، لكنه يتبارك بالقرآن، يعلق بغرفة الضيوف مصحفاً أو آية الكرسي، ويضع في سيارته مصحفاً، وكل دخله حرام، وكل إنفاقه حرام، وكل لقاءاته الاجتماعية حرام، فهذا ما فهم شيئاً من الدين، عندما تفهم الدين يرتجف قلبك من المعصية، لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر على من اجترأت.

 

الاستقامة على أمر الله ينتج عنها طاعة للخالق سبحانه :

 هل تعلم أنت حينما تستقيم على أمر الله من تطيع؟ تطيع خالق السموات والأرض، وهل تعلم ماذا ينتج عن الطاعة؟ شيء لا يصدق قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

[ سورة الأحزاب: 71 ]

 إذا زرت أخاك عقب أعياد المسلمين، وفي البيت أولاد أخيك، وقال لك طفل صغير: معي مبلغ عظيم، كم تقدره؟ أنا أقدره بمئة دينار، إذا له أعمام وأخوال، هذا أعطاه عشرة وهذا عشرة، فكلمة عظيم من طفل تعني مئة دينار، إذا قال مسؤول كبير بالبنتاغون: أعددنا لحرب هذا البلد مبلغاً عظيماً، أنا أقدره بمئتي مليار دولار، والحقيقة كلفتهم خمسمئة مليار دولار، حرب العراق كلفت خمسمئة مليار، وكلفت خمسة آلاف قتيل، وأي شخص عميل يقوم بضعف العملية بلا مقابل، ما من داع ليحتلوا البلاد بأنفسهم، تعرفون أن أكثر من في الأرض يعملون أعمالاً بلا مقابل.
 فلذلك أيها الأخوة الكرام؛ أن تعرف الحقيقة قبل فوات الأوان، الحقيقة سوف تعرف يقيناً بعد فوات الأوان قال تعالى:

﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾

[ سورة الأنعام: 158 ]

 و قال عليه الصلاة و السلام:

((هلك المسوفون ))

[ورد في الأثر]

 يقول لك: أنا عندما أنتهي من فحص الجامعة سوف أطلب العلم، وأسلك طريق الحق، الفحص ينتهي وتأتي العطلة ويأتي العام الدراسي الثاني، عندما تسوف عند الله هلكت، لا تسوف، نويت التوبة الآن تب إلى الله، والآن نفذ توبتك.

 

جسم الإنسان معلم لمعرفة الله عز وجل :

 أيها الأخوة الكرام؛ في الجسم أشياء والله لا تصدق، هذا التيموس غدة صغيرة، حجم السلامية بالضبط، هي مدرسة حربية، وأنا كنت في أمريكا قبل عشرين عاماً كنت هناك عندما كشف هذا البحث، قرأته مترجماً، أما الآن فمعروف، أما قبل عشرين سنة كانت غدة ليس لها وظيفة إطلاقاً، لا وظيفة لها لأنها تضمر وتنتهي، كيف الإنسان يعيش من دونها؟ لا، هذه مدرسة حربية تعلم الجيل الأول، والجيل الأول يعلم الأجيال الصاعدة، وتنتهي مهمتها وتضمر، فإذا فكرنا بالجسم أي كفى بجسم الإنسان معلماً لمعرفة الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات : 21 ]

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور