وضع داكن
29-03-2024
Logo
ومضات قرآنية - الحلقة : 18 - حقيقة الربا المتاجرة بالأثمان.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.

المتاجرة بالأثمان هي حقيقة الربا :

 أيها الأخوة المشاهدون؛ لازلنا في برنامج:" ومضات قرآنية "، والآية اليوم هي قوله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

[سورة البقرة: 275]

 أيها الأخوة الكرام؛ موضوع المال له شأن كبير في الإسلام، المال قوام الحياة، لذلك هناك تشريعات دقيقة جداً، الله عز وجل يقول:

﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾

[سورة البقرة: 275]

 الذي يحصل أن هناك سلعاً وهناك أثمان، حينما نجعل الثمن سلعة فنبيعها ونشتريها بفارق ربح كبير أو صغير، وقعنا في تحريم شديد في الإسلام، لأن الله عز وجل حرم المتاجرة بالأثمان، المتاجرة بالأثمان هي حقيقة الربا، لذلك أحلّ الله البيع، تتاجر بالسلع، تشتري السلعة تعتني بها، تحسن مظهرها، تحسن مخبرها، تبيعها لإنسان بفارق بين ثمن الشراء وثمن المبيع فأنت تأكل المال الحلال، أما إذا تاجرت بالأثمان فهذه هي حقيقة الربا، ما الذي يحصل؟ إنك إذا تاجرت بالأثمان جمعت الأموال بأيد قليلة وحرمت منها الكثرة الكثيرة، هذه مشكلة العالم اليوم حينما نتاجر بالأثمان – بالأموال- تجتمع الأموال في أيد قليلة، وتحرم منها الكثرة الكثيرة، أي إنسان إذا اشترى سلعة بسعر الجملة وجلبها إلى محله التجاري، وكان محله قريباً من منطقة سكنية، قدم خدمة لهذا الحي، جاء بالسلع التي يحتاجونها، قريباً من بيوتهم، فمقابل هذه الخدمة يأخذ فرقاً بين الشراء والمبيع، هذا دخل حلال، أما حينما نتاجر بالثمن هذه الأموال تتجمع في أيد قليلة وتحرم منها الكثرة الكثيرة.
 فلذلك كلما نما الإتجار بالسلع نما الاقتصاد، فإذا نما الإتجار بالأثمان وقعت المشكلة الكبرى التي يعاني منها أهل الأرض الآن، من هنا قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ﴾

[سورة البقرة: 275]

الفرق بين البيع و بين الربا :

 فرق كبير بين البيع وبين الربا، البيع متعلق بالسلع، وأما الربا فمتعلق بالأثمان، وحينما نتاجر بالأثمان تقع المشكلة، المشكلة أن هناك كتلة نقدية، وهناك مجتمع بشري، فإذا وزعت هذه الكتلة النقدية على أفراد هذا المجتمع توزيعاً عادلاً كل بحسب جهده نما المجتمع، أما إذا وزعت هذه الكتلة النقدية لا على أساس العمل بل على أساس الاتجار بها وقعت المشكلة، والطامة الكبرى، من هنا الله عز وجل حرم الربا وأحلّ البيع.
 أي أنت حينما تكسب مالك من البيع تخدم الناس، تؤمن لهم حاجتهم، إما الحاجات أو الخدمات، قدمت شيئاً، وأخذت شيئاً، أخذت وأعطيت، أو أعطيت وأخذت، أما الذي يتاجر بالأموال فقط فما قدم شيئاً، لكنه جمع الأموال بأيد قليلة، وهذه المشكلة الكبرى أن يملك الواحد مليوناً وألا يملك المليون واحداً، هذه مشكلة أهل الأرض.

 

انهيار النظام الربوي العالمي أحد النتائج السيئة للتعامل بالربا :

 فلذلك أيها الأخوة؛ انهيار النظام الربوي العالمي أحد النتائج السيئة للتعامل بالربا، وهذا الذي يعاني منه العالم ما يعاني، أكثر من مئة وستين مصرفاً أعلن إفلاسه السبب أن الله يمحق الربا ويربي الصدقات، والآية فيها ملمح لطيف:

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ﴾

[ سورة البقرة: 276 ]

 أي بالحسابات، بالآلة الحاسبة أنت أقرضت مئة ألف ردّ إليك مئة وعشرة آلاف، هذا المبلغ ازداد، أما إذا أقرضت قرضاً حسناً، أقرضت مئة ألف وعادت لك مئة ألف فقط، فبالحساب هناك مشكلة، الربا أربح، لكن الله تولى بذاته العلية أن يمحق الربا ويربي الصدقات، بطريقة أو بأخرى، بأسلوب أو بآخر، بقانون إلهي، قال تعالى:

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾

[ سورة البقرة: 276 ]

 أما بالحسابات، بالآلة الحاسبة ينبغي أن يكون الربا هو الأربح، وأن القرض الحسن هو الأقل ربحاً، أو هناك خسارة مع تبدل قيمة العملة، لذلك هذا الشأن شأن إلهي في هذا التشريع الدقيق أن الله أحلّ البيع وحرم الربا، لأن الربا قد يجمع الأموال في أيد قليلة وتحرم منه الكثرة الكثيرة، والذي يحصل أن الأموال إذا قلت بين أيدي الناس قلّ شراء هذه السلع، فلما قلّ شراء هذه السلع اضطر الباعة أن يرفعوا قيمة الربح ليؤمنوا حاجتهم من المال، أما إذا كان السعر معتدلاً لبعدهم عن الربا كان الإقبال على شراء هذه السلعة كبيراً.
 هناك دروس طويلة، وتعليلات دقيقة، وأبحاث جليلة حول حقيقة الربا، وحقيقة الكسب المشروع، نسأل الله عز وجل أن يكون كسب الإنسان مشروعاً لأن كسبه الذي يرتزق منه ألصق شيء في حياته، فلذلك:

(( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))

[ الطبراني عن عبد الله بن عباس ]

 ومعنى أطب مطعمك أي اجعل طعامك الذي تأكله من مال حلال، هذا المال الحلال فيه بركة إلهية، وفيه راحة نفسية، وإلى لقاء آخر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور