وضع داكن
23-04-2024
Logo
ومضات قرآنية - الحلقة : 23 - خيرية الأمة الإسلامية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.

الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر علة خيرية الأمة الإسلامية :

 أيها الأخوة الكرام؛ لازلنا في برنامج:" ومضات قرآنية " والآية اليوم من سورة آل عمران، هي قوله تعالى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾

[ سورة آل عمران : 110]

 أيها الأخوة الكرام؛ هذه الأمة العربية تتغنى كثيراً بهذه الآية، وقد كتبت هذه الآية في مبنى الجامعة العربية، آية رائعة، ولكن هناك إشارة دقيقة في هذه الآية، قال تعالى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

[ سورة آل عمران : 110]

 ما علة هذه الخيرية؟ لماذا هذه الأمة خيرة؟ قال تعالى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

[ سورة آل عمران : 110]

 علة هذه الخيرية قوله تعالى:

﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾

[ سورة آل عمران : 110]

 في بعض الأحاديث الدقيقة:

 

((كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر؟ - كأن الصحابة صعقوا! - قالوا: يا رسول الله، وإنَّ ذلك لكائن؟ قال: وأشدُ منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف؟ - فصعقوا صعقة أشد- قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن؟ قال: وأَشدُّ منه سيكون، قال: كيف بكم إذا أصبح المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً))

[ زيادات رزين عن علي بن أبي طالب]

من لم يحمل همّ أمته لا قيمة له إطلاقاً :

 نحن في عصر تبدل القيم، أي البيت الذي قاله شاعر في الجاهلية ودخل الشاعر السجن من أجله هو شعار كل إنسان الآن:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها  و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
***

 فالإنسان إذا لم يحمل همّ الأمة، لم يهتم بالشأن العام، لم يفكر بعمل صالح يخفف عن أمته متاعبها، لم يفرح لإنجازاتها، لم يحزن لمآسيها، لم ينتم لهذه الأمة هو إنسان هامشي، ولا قيمة له إطلاقاً، فما لم يحمل الإنسان همّ الأمة، ما لم يتحرك لخدمتها، لرفعة شأنها، لتماسكها، لتحقيق أهدافها، هو إنسان لا معنى له في حياة الناس، إذاً:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ﴾

[ سورة آل عمران : 110]

 لكن هناك ملمحاً دقيقاً كلمة كنتم أي أصبحتم، أي أصبحتم بهذه البعثة خير أمة أخرجت للناس، علة هذه الخيرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الوقت الذي تتخلى الأمة عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فقدت خيريتها، وأصبحت أمة كأي أمة خلقها الله، لا شأن لها عند الله عز وجل. فلذلك:

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

 اثنا عشر ألفاً لن يغلبوا إطلاقاً، فكيف إذا الأمة كانت ملياراً وثمانمئة مليون، وليس أمرها بيدها، وليست كلمتها هي العليا، و للطرف الآخر عليها ألف سبيلٍ وسبيل؟ إذاً قوله تعالى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾

[ سورة آل عمران : 110]

 أيها الأخوة الكرام؛ حينما يسعى الفرد لتحقيق شيء لصالح أمته يرقى عند الله، وما لم يحمل الفرد هموم الأمة، ما لم يسع لرفعة شأنها، ما لم يسع لتماسكها، ما لم يسع للنيل من عدوها، مادام الإنسان يبحث عن حاجاته الأساسية دون أن ينتمي للمجموع هذه حالة مرضية، أرجو الله عز وجل أن يشفينا منها.

اصطلاح المؤمن مع فطرته أحد أكبر أسباب سعادته :

 قال تعالى:

﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

 هناك ملمح دقيق في كلمة المعروف، أي الإنسان فطر فطرة معينة، فطرته تطابق تماماً منهج الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه﴾

[ سورة الروم : 30]

 أن تقيم وجهك للدين هكذا أنت مبرمج عليه، تطابق منهج الله عز وجل مع فطرة الإنسان تطابق تام، لذلك هناك من يقول: الإسلام دين الفطرة. الفطرة أي أنت حينما تخطئ هناك نفس فطرت على الخير، فطرت على حبّ الخير، فالألم الذي يتألمه الإنسان إذا أخطأ إما أخطأ فعصى ربه، أو أخطأ بحق فطرته، أي هناك حقيقة دقيقة هي تطابق الفطرة مع منهج الله تطابق تام مئة بالمئة، فالإنسان الذي يعصي الله خرج عن طاعة الله، وخرج عن مبادئ فطرته، إذاً هذا الإسلام دين الفطرة، أي كل شيء أمرك الله به أنت فطرت عليه، وكل شيء نهاك الله عنه أنت أيضاً فطرت على تركه، لذلك أحد أكبر أسباب السعادة التي يعيشها المؤمن أنه اصطلح مع فطرته.
 إذاً الأمر بالمعروف علة خيريتنا في هذه الدنيا، لذلك المؤمن ينصح أقرب الناس إليه، ينصح أولاده، ينصح أهله، ينصح جيرانه، ينصح زملاءه في العمل، ما دام هناك نصيحة متبادلة، نصيحة رقيقة، نصيحة ذكية، نصيحة هادفة، الأمة ترقى بمجموعها، أما إذا أهملنا النصيحة أهملنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقدنا خيريتنا، وإذا فقدنا خيريتنا أصبحنا أمة كأي أمة خلقها الله عز وجل، لا شأن لنا عند الله عز وجل.
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه الآية التي ذكرها الله تكريماً لنا، وتوضيحاً لخيريتنا، أن تكون ممثلة في حياتنا اليومية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركات.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور