وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 10 - سورة الأنفال - تفسير الآيات 27 - 29 ، إخلاص العمل وأداء الأمانة من تقوى القلوب
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا ابتاعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

 

الله تعالى يخاطب عامة الناس بأصول الدين ويخاطب المؤمنين بفروع الدين:

الله عز وجل يخص المؤمنين فيخاطبهم بفروع الدين
أيها الأخوة الكرام... مع الدرس العاشر من دروس سورة الأنفال، ومع الآية السابعة والعشرين وهي قوله تعالى:

﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

وقد بينت لكم مراراً أن الله سبحانه وتعالى يخاطب عامة الناس بأصول الدين.

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾

( سورة البقرة الآية: 21 ).

ويخاطب المؤمنين الذين آمنوا به بفروع الدين، فحينما يقول الله عز وجل

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

يجب على كل مؤمن أن يشعر أنه معني بهذا الخطاب، وأنه لا بدّ من أن يقف موقفاً من هذا الخطاب.

 

 

أنواع الشكر:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ ﴾

أداء الفرائض أحد أنواع الشكر
بعد أن بيّن الله عز وجل نعمه على المؤمنين التي لا نهاية لها، ذكّرهم بأن هذه النعم لا بدّ من أن تُشكر، وأنه من لوازم شُكر النعمة الوقوف عند حدود الله، وعدم تجاوزها.
الشكر أنواع، أحد أنواع الشكر: أداء الفرائض، أحد أنواع الشكر: أن يراك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك، أحد أنواع الشكر: أن تطيع الله في تفاصيل المنهج، هذا شكر، وفوق هذا الشكر هناك شكر آخر: من لوازم شكر النعمة الوقوف عند حدود الله عز وجل

 

﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾

 

( سورة سبأ ).

فالطاعة نوع من الشكر، والعمل الصالح نوع أيضاً من الشكر، فحينما ذكّر الله المؤمنين بالنعم الكثير التي أسبغها عليهم طالبهم أن يشكروه، ومن شكر هذه النعم الوقوف عند الحلال والحرام، التقييد بالأمر والنهي، أن يراك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.
ومن لوازم الشكر بشكل سلبي ألا تخون الله، ما معنى خيانة الله عز وجل ؟ الخيانة هنا تعطيل أوامر الله، ألا تعبأ بالأمر خيانة، هناك أمر لم تعبأ به، نهي لم تعبأ به، تركت الأمر واقترفت النهي، فهذه خيانة لله عز وجل.

 

 

 

من لوازم شكر النعمة الطاعة و العمل الصالح:

 

 

طبعاً الآية تبدأ:

﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ ﴾

التقديم: هناك نعم كثيرة ينبغي أن تشكرها، من لوازم شكرها الطاعة أولاً، والعمل الصالح ثانياً، وإياك أن تكفر هذه النعم، فإذا كفرت هذه النعم، وعطلت الأمر والنهي والقرآني والنبوي في حياتك فهذا نوع من الخيانة، تعطيل الفرائض، ومجاوزة الحدود.
من لم يطع الله تعالى فقد خان الله ورسوله
وأما خيانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رفض سنته، وإفشاء سره للمشركين.
إذاً كلمة خيانة كلمة كبيرة جداً، جاء الله بك إلى الدنيا كي تطيعه، وكي تدخل بطاعتك جنة الله عز وجل التي وعد الله بها المؤمنين، فأنت حينما لا تطيع الله، أو حينما تقترف الذي نهاك الله عنه، أنت لمجرد هذا الفعل فقد خنت الله ورسوله، عطلت الأوامر وتجاوزت الحدود، ولم تعبأ بالسنة، وأفشيت سرّ رسول الله، هذا الذي تعنيه هذه الآية:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

أي شيء ائتمنت عليه إن لم تقم بواجب أداء الأمانة فقد خنت الأمانة، هذا معنى واسع جداً، أي الزوجة أمانة عند زوجها، فإن لم يعرفها بالله، ويعاملها بقسوة وشدة، ويقصر في حقها فقد خان الله في زوجته.
والطبيب حينما يأتيه المريض إن لم يؤدِ له علماً جيداً، ووصفة مدروسة، وبحثاً شاملاً فقد خان الأمانة في هذا المريض.
والمحامي أيضاً حينما لا يعتني بالمرافعة، ولا يدقق في نصوص القوانين، ويقدم مرافعة هزيلة ضعيفة يخسر موكله الدعوى فقد خان الله في هذا الموكل.
والزوجة إذا قصرت في حقّ زوجها، والمعلم إذا قصر في حقّ طلابه، والبائع إذا قصر بحقّ من اشترى منه، ولم يبيّن له أن هذه السلعة ليست جيدة، بالعكس أثنى عليها فغشه بها.
والله أيها الأخوة لو دخلنا في هذا الباب لا ننتهي في سنوات.

 

أي شيء ائتمنك الله عليه أمانة في عنقك:

أي شيء ائتمنك الله عليه أمانة في عنقك، المريض أمانة، الموكل أمانة، الطالب أمانة، المشتري أمانة، حتى المزارع إذا قدمت له دواءً لا ينتفع به كثيراً، وعلمت أنه لا يملك خبرة عالية، بعته دواءً غالياً جداً، وأثره الإيجابي ضعيف جداً خنت الله، من لم يقم بواجب أداء الأمانة الموكلة له فقد خان هذه الأمانة
كأن الناس يفهمون الدين أن يأتوا إلى المساجد، وأن يصلوا، وأقسم لكم بالله أنت في المسجد ليس من أجل تلقي التعليمات فقط، ولا من أجل أداء العبادات فقط لكن الدين الحقيقي في عملك، في معملك، في حقلك، هل تقدم لهذه النباتات هرمونات ليزداد حجمها ويرتفع سعرها ؟ لكن هذه الهرمونات مسرطنة، هل تفعل هذا ؟ هل تعرض البضاعة عرضاً مغرياً بطرائق مبتكرة من أجل أن تأخذ سعراً أعلى ومستواها أدنى ؟ هذه خيانة.
أقسم لكم بالله مرة ثانية لو أردت أن أعدد أنواع الخيانة التي يقترفها المسلمون في أعمالهم التجارية، والصناعية، والزراعية، والخدمية، والإدارية لأمضينا سنوات وسنوات، لماذا تخلى الله عن المسلمين ؟ لأنهم خانوا الأمانة، الزوج لا يعتني بزوجته، والأب لا يربي أبناءه، والمعلم لا يعتني بطلابه، والطبيب لا يعتني بمريضه، كأن الهدف هو المال.
أما الطبيب المؤمن مستثنى من كل هذه الصفات، كنت أقول لبعض الأخوة الأطباء: ضع المال تحت قدمك تنله، ضعه أمامك تخسره، معنى تحت قدمك أي ليكن همك صحة المريض، شفاء المريض، إن كنت مخلصاً لهذه الدرجة تتألق في سماء الطب، ويأتيك الناس أفواجاً، وتربح المال عندئذٍ، هذا في الطب، والمحاماة، والتدريس، والهندسة، والتجارة ، والزراعة، والصناعة، بأي عمل خدمي، أو عمل تجاري، أنت حينما تخلص تتقن.

الإتقان جزء من خصائص المؤمن:

لماذا هناك شركات بضاعتها مباعة لعام قادم، والثمن مدفوع ؟ إتقان، فالإتقان جزء من دين المؤمن، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ))

[أخرجه أبو يعلى عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ].

إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه
الإتقان جزء من خصائص المؤمن.
الشيء الدقيق أيها الأخوة، الدقيق جداً أن الغرب في هذا المجال سبقنا، أذكر أنه حدثني أخ يعمل بالأقمشة، قال لي: آلة للتطريز من أرقى مستوى في العالم، عندنا منها في هذا البلد، وعند الصناع في بلد المنشأ منها، متر القماش الذي يصنع في بلدنا فيه أخطاء كثيرة، لا يوجد إتقان، الآلة راقية جداً، لكن يوجد أخطاء كثيرة، يباع في بضع عشرات من الليرات، بينما متر القماش المستورد من بلد صنع هذه الآلة واستخدمها استخداماً فائقاً ببضع مئات، بل تقترب المبالغ من الألوف، والآلة واحدة، لذلك الإتقان يأخذ الغرب ثمنه باهظاً، وعدم الإتقان يدفع الناس إلى خسارة بالغة جداً، الإتقان جزء من الدين.
أنت حينما تقدم سلعة متقنة ماذا فعلت ؟ أرضيت الله عز وجل، وخدمت المسلمين ، وأقبل الناس عليك.
الآن أحياناً هناك رواج اقتصادي، يباع كل شيء، حتى البضاعة من الدرجة العاشرة تباع، أما في أوقات الركود الاقتصادي لا تباع إلا البضاعة المتقنة، في أيام الركود الاقتصادي أصحاب المصالح المتقنين لا يتوقفون عن العمل، العمل مستمر، أما الذين قصروا في إتقان أعمالهم يقول لك: لا يوجد عمل، لا يوجد بيع، لا يوجد حركة.
فدائماً وأبداً المؤمن الذي يعمل في التجارة، أو الصناعة، أو الزراعة، أو في الخدمات، إذا أتقن عمله نال مطلبه، والإتقان جزء من الدين.
ويحضرني هنا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان واقفاً أمام قبر أحد أصحابه وقد دفن لتوه، فالذي حفر القبر ترك فرجة، قال له النبي الكريم: هذه لا تؤذي الميت، ولكنها تؤذي الحي:

(( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه )).

[ الجامع الصغير عن عائشة ].

كل إنسان سيحاسب عن مئات الأمانات التي أوكلت إليه:

لذلك الآية الكريمة:

﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ ﴾

مصلحتك أمانة، حرفتك أمانة، مهنتك أمانة، اختصاصك أمانة، طبك أمانة ، المحاماة أمانة، التدريس أمانة، الهندسة أمانة، أي هذا المهندس الذي لا يشرف على صب السطوح بنفسه قد يكون هناك أخطاء كبيرة كل إنسان سيحاسب عن مئات الأمانات التي أوكلت له
قد توضع المواد أقل مما ينبغي، فإذا انهار البناء وقتل المئات، المهندس محاسب عند الله، حتى الذي يطبب الناس، ويعرف منه طب فهو ضامن.
حينما تفهم الأمانة بالمعنى الواسع، الله عز وجل جعلها جمعاً، قال:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾

( سورة النساء الآية: 58 ).

لا يوجد واحد منا إلا وسيحاسب عن مئات الأمانات التي أوكلت إليه، ابنك الصغير أمانة، الابن جاء متأخراً، الساعة الثانية ليلاً، سألته ؟ تحققت ؟ علمت مع من سهر ؟ من يصاحب ؟ من صديقه ؟ أمانة، أنت غارق بعملك وتجارتك لم تهتم، في الثامنة عشر من عمره فجأة تطاول عليك، فجأة بدأ يسهر كل يوم، فجأة لم يعبأ لا برضاك، ولا برضا أمه يقول لك: ماذا أفعل ؟ أنت قصرت معه سابقاً، هو أمانة عندك.

 

الدين استقامة و خوف من الله عز وجل:

والله أيها الأخوة، هذا الموضوع لا ينتهي، حينما نفهم الأمانة كما ينبغي والله لا ننام الليل حتى نؤدي الأمانات إلى أهلها، والتقصير كبير جداً، وإن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة، هناك ظلم شديد، الإنسان يتزوج، لا يؤدي واجبه تجاه زوجته ينجب أولاداً، لا يؤدي واجبه تجاه أولاده، يعمل في عمل معين لا يؤدي الأمانة تجاه من يتعامل معهم، لا يصدقهم، الآن ألوان الغش، والكذب، والدخل، والتزوير لا تعد ولا تحصى.
من لم يؤد الأمانة فالمصائب ستلاحقه تباعاً
ممكن القماش مصنوع بأسوأ دولة تصنع القماش، والآن يوجد حواشي مذهبة مع المكواة يضعها على طرف الثوب وتكويها بالمكواة: (صنع إنكلترا) أرقى بلد بالجوخ، فإن وجد الإنسان أن مصنعها ببريطانيا، يدفع الثمن أربعة أضعاف، هي مصنوعة بأسوأ بلد، أنواع الغش لا تعد ولا تحصى.
قال لي إنسان مرة: أخذت كأس عصير، برتقالة واحدة ملأت الكأس، غير معقول ! محقونة مئة إبرة ماء، الله كبير.
فالمصائب تأتي تباعاً، المال يُدمر، التجارة لا تربح، هذا العمل.
حدثني أخ آخر، قال لي: والله يوجد مادة غذائية يضاف لها مادة مسرطنة، تستعمل في الدهان، لكنها تبيض هذه المادة باللون الفاتح يرتفع سعرها عشر ليرات، يضحي بصحة المؤمنين وبسلامتهم من أجل ربح زيادة.
بحقول العنب يوجد مادة إذا رششت هذه المادة على الفاكهة أصبحت مسرطنة يسمونها مادة جهازية، لا تزول هذه المادة بغسل العنقود، لا، تدخل في تركيب العنب من الداخل، تمتصها الجذور، فتصبح هذه المادة داخلة في تركيب العنب، هذه مادة مسرطنة، أي الإنسان إذا أكل هذا العنب قبل مضي ستة أشهر على رش هذه المادة هناك احتمال كبير أن يصاب بالسرطان.
مرة مزرعة نصحت صاحبها بعدم استخدام هذا المبيد، قال لي: والله ضمنتها بثلثي القيمة، ذهب الثلث، من الدبابير طبعاً، هو منع الدبابير أن يأكلوا هذا العنب، لكن ضحى بالمؤمنين الذي يأكلون هذا العنب.
إذاً هناك مواد مسرطنة، و مواد ممنوعة، و مواد ممنوع استيرادها، وأي صيدلية زراعية إذا ضُبطت فيها هذه الماد تغلق فوراً، ويودع صاحبها في السجن، ومع ذلك تأتي تهريباً، وتباع للناس.

على الإنسان أن يتقي الله فيما يقدمه للناس حتى يحبه الله:

الذي أتمنى أن أقوله لكم: دينك بعملك، دينك بمكتبك، دينك بمحاماتك، بطبك ، بهندستك، بزراعتك، هنا الدين، الدين بالاستقامة و لو لم يكن مظهرك دينياً صارخاً، لا تحتاج إلى مظهر صارخ.

(( إنما التقوى هاهنا، إنما التقوى هاهنا، إنما التقوى هاهنا ))

[رواه أحمد عن أبي هريرة].

علينا أن نتقي الله تعالى فيما نقدمه للناس
حينما تتقي الله فيما تقدمه للناس.
والله أخ من أخوانا الكرام، له مكانة عندي كبيرة جداً، حدثني، قال لي: أنا عندي معمل مواد غذائية للصغار، ويمكن أن أشتري مواداً غذائية انتهت صلاحيتها، ولا سبيل إلى بيعها في المحلات، تباع للمعامل بثلثي قيمتها، الشكولاته انتهت صلاحيتها، الزبدة انتهت صلاحيتها، كل البضائع التي انتهت صلاحيتها كيف تصرف ؟ للمعامل، المعمل يأخذها بثلث قيمتها، أقسم لي بالله هذا الأخ، قال لي: والله لأن هذه السلعة التي يشتريها الصغير بما أعطاه أبوه من مبلغ صباحاً، أعطاه عشر ليرات، معقول أنا أن أطعمه بضاعة فاسدة انتهى مفعولها صلاحيتها ؟ كيف ألقى الله عز وجل ؟ قال لي: والله أفضل المواد على الإطلاق، لأنه يشتري أفضل المواد رأسماله ارتفع ثلاثين بالمئة، ومع ذلك قال لي: والله كيف أربح لا أعرف ! في ربح، فرأسماله أعلى بثلاثين بالمئة، لأن المواد التي يشتريها جيدة.
أنا هكذا أرى، أريد مؤمناً صارخاً، لا لأنه صلى هو مؤمن، لا لأنه عمل عمرة هو مؤمن، أريد إنساناً مؤمناً بصناعته، بزراعته، بوظيفته، جاءك مواطن في معاملة ما، تقول له: تعال غداً ؟ هو من حلب يحتاج إلى ألف و خمسمئة ليرة للإقامة بالفندق، وليأكل، إذا أمنتها له خلال دقائق يرجع إلى حلب، وينام ببيته، أما إن كنت تدير حديثاً ممتعاً مع الموظفة، و قلت له: تعال غداً فقد خنت الأمانة.

 

الظلم ظلمات يوم القيامة:

والله أيها الأخوة، هذا البحث لا ينتهي، أدوا الأمانات إلى أهلها، إن كنت معلماً، إن كنت صانعاً، إن كنت تاجراً، إن كنت مزارعاً، إن كنت صناعياً كبيراً، ماذا تفعل مع هؤلاء العمال ؟ يوجد بطالة عالية جداً، يقبل معك بستة آلاف، وسبعة آلاف، هل يكفيه هذا المبلغ ؟ هل هذه السبعة آلاف يفتحون بيته الآن ؟ معملك يحتاج إلى مواصلات تقدر بألف و خمسمئة ليرة، ذهب من السبعة آلاف ألف و خمسمئة، بقي له خمسة آلاف و خمسمئة، هل هذا المبلغ يكفيه ؟ هل يستطيع أن يدفع فاتورة الكهرباء ؟ ويشتري الوقود السائل، و فاتورة يدفع الماء والهاتف، وإذا أحب أن يعالج ابنه عند طبيب يحتاج ألف ليرة و هذا أقل شيء، كيف ترضى أن يأخذ هذا العامل هذا المبلغ، وأنت تصرف باليوم مئة ألف ؟ خان الأمانة، موضوع دقيق جداً.
الظلم ظلمات يوم القيامة
لماذا تخلى الله عنا ؟ بسبب الظلم، إن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة، على الأمة المسلمة الظالمة، إياك أن تظلم الناس.

(( الظلم ظلمات يوم القيامة ))

[أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله ].

أحياناً الغني يكون قوياً، يقول لك: هذا السعر إن لم يعجبك سأرى غيرك، هو مقهور يقبل معك بسبعة آلاف، لكن لا يكفونه، أما عندما تعطيه حقه يرضى الله عنك، بحث واسع جداً، كلمة أمانات لا يستثنى منها موضوع، تبدأ بعلاقتك بزوجتك، بأولادك، و تنتهي بالعلاقات الدولية، لا تخون الأمانة، لا تشترِ معملاً لبلدك عمولته عالية، لكنه منسق من العالم من عشرين سنة و يسبب تلوثاً عالياً جداً، لا تشتره، اشترِ أفضل معمل لبلدك، بلا عمولة قدمت خدمة للأمة.
لا يوجد حقل من حقولنا، ولا جهة من جهاتنا، ولا مستوى من مستوياتنا، إلا وهذا الموضوع متعلق بها، هل اشتريت لهذه الأمة المعمل الجيد ؟ الحديد بلا تلوث، لكن لم يعطوك شيئاً مقابله، هناك معمل ثان مجدد غير جديد، أعطوك فيه مبلغاً فلكياً، وأدخلته، أي الفساد حينما يزداد نسقط جميعاً من عين الله.

على الإنسان ألا يخون الله بتعطيل فرائضه ويخون الرسول بعدم تنفيذ سنته:

لذلك الآية الكريمة:

﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ﴾

لا تخونوا أماناتكم
تخونوا الله بتعطيل فرائضه، ومجاوزة حدوده، وتخونوا الرسول بعدم تنفيذ سنته، وإشاعة أسراره ، وتخونوا أماناتكم، كل واحد منا له عمل، يمكن أن تضع قطعة مستعملة بمكان يصعب أن يصل صاحب المركبة إليه، وتعطيه سعر قطعة جديدة.
يمكن أن تضع للمريض دساماً صينياً في قلبه بخمسة و ثلاثين ألفاً، و تكتب بالفاتورة أمريكي، ثمنه اثنان و ستون ألفاً، بعدما انتهت العملية، وانتهى التخدير، وخُيط الجرح، هل يستطيع المريض أن يكتشف نوع الدسام ؟ لا يوجد قوة تكشفه.
عندما يكون في خيانة للأمانة بكل الحقول لا أستثني حقلاً، ابتداء من الطب، وبعد الطب، والهندسة، والتدريس، والتجارة، والصناعة، والزراعة، كل شيء، هذا الموضوع يشمل كل إنسان، معلم ابتدائي، رسم تفاحة رسمها الطلاب خلفه، ثم ذهب لينام وهو داخل الصف، أذهبت ساعة لم تقدم شيئاً، أوراق الطلاب لم يصلحهم، و إنما وضع علامات شكلية وارتاح.
والله هذه الآية تلاحق كل مؤمن بأي مكان بحياته، من فراش الزوجية، وانتهاء بالعلاقات الدولية.

 

من خان الأمانة ندم يوم لا ينفع الندم:

﴿ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ ﴾

المشكلة وأنتم تعلمون:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾

( سورة القيامة ).

والله يعلم علم اليقين أنه خان الأمانة، وقد نزلت هذه الآية في رجل اسمه "أبو لبابة "، حين حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة، وأمرهم أن ينزلوا على حكم سعد، فاستشارت بنو قريظة أبا لبابة ـ و كان أهله و أمواله فيهم ـ في النزول على حكم سعد، فأشار إلى حلقه، إنه الذبح، أي إن محمداً سيذبحكم، بعد أن أشار هذه الإشارة علم أنه خان الأمانة، أي أعطى معلومات للطرف الآخر ينبغي ألا يعطيها.
نقل المعلومات لأعداء المسلمين أكبر خيانة
وابن بلتعة حينما أرسل كتاباً إلى قريش قال: " إن محمداً سيغزوكم فخذوا حذركم " هذه خيانة الأمانة، ومع ذلك وقف النبي منه موقفاً رائعاً.
على كلٍ لا تعنينا الحادثة كما يعنينا شمول هذا الموضوع، أي نقل معلومات للطرف الآخر لأعداء المسلمين هذه أكبر خيانة، لو توسعنا أكثر، إذا أقمت عندهم إقامة ثابتة، وقدمت كل خبرتك لهم، وكل معلوماتك وتفوقك لهم، هم أعداء المسلمين، أنت قويتهم.
ببعض الشركات المعلوماتية يوجد خمسة و ثلاثون ألف مهندس، من نخبة مهندسو العالم، ذهبوا إلى البلاد الغنية ـ أنا أقدم لكم رأيي الشخصي ـ أنت حينما تقيم ببلاد الغرب، وتقدم كل خبرتك، واختصاصك، وكل تحصيلك العلمي، وتخدم أبناء الغرب، وهم يتفننون في معاداة المسلمين أنت قويتهم بهذا، لِمَ لا يكن علمك لبلادك ؟ طبعاً يوجد عندنا متاعب كثيرة، في أي بلد نامٍ الدخل سيكون أقل بكثير، لكن يوجد آخرة، و هناك إله سيحاسب.
أنا والله لا أتمنى على أخ أحبه أن يبقى مقيماً هناك دائماً إقامة دائمة، يمكن أن تدرس وترجع، تحصل مالاً وترجع، أما أن تقضي كل حياتك في خدمة هؤلاء، وأن تسهم في قوتهم التي تصب أسلحة فتاكة، وعدواناً، واحتلالاً، ونهباً للثروات، هم أقوياء بما عندهم من عقول، فالعقول التي نمت في بلاد المسلمين هل يعقل أن تخدم غير المسلمين ؟ هذا خيانة للأمانة.

 

من عَلِم أنه يخالف منهج الله عز وجل تضاعف إثمه:

﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

كل أنواع الخيانة تصب في حيازة المال الوفير
أنت حينما تعلم أنك تخالف منهج الله، الإثم يتضاعف، مثلاً هناك من يفتي بغير علم، يعاقب ويحاسب، لكن الذي يفتي بخلاف ما يعلم يعد مجرماً، أنت لماذا فعلت هكذا ؟ لماذا يخون الإنسان الأمانة ؟ طمعاً بالمال، لماذا يغش ؟ طمعاً بالمال، لماذا يكذب ؟ طمعاً بالمال، لماذا يحتال ؟ طمعاً بالمال، لماذا يقدم بضاعة رخيصة جداً بمواصفات عالية جداً ؟ طمعاً بالمال، كل أنواع الخيانة تصب في خانة واحدة، حيازة مال وفير، فجاءت الآية:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

( سورة الأنفال ).

 

الأموال التي يحصّلها الإنسان من خيانة الأمانة تفتنه عن طاعة الله عز وجل:

بالمناسبة المال الوفير لماذا ؟ من أجل أن تمتع أولادك، لكل ابن سيارة، لكل ابن بيت خاص، طبعاً عندما يغتني الإنسان يريد أن يبقي هذا الغنى لأولاده، فجاءت الآية:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ ﴾

أنت غششت المسلمين، وحصّلت أرباحاً طائلة، من أجل أن ينعم أولادك بمستوى ليس في مقدور كل الناس، هذه مشكلة.
الله عز وجل جعل الصعوبة بالكسب الحلال
إذاً أموالك التي حصلتها من خيانة الأمانة فتنتك عن طاعة الله،

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

لو أديت الأمانة، ولم تأتك هذه الأموال الطائلة،

﴿ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

يا أخوان لحكمة بالغة بالغةٍ بالغة جعل الله كسب المال الحلال صعباً، ومتعباً ، وجعل كسب المال الحرام سهلاً.
أمثلة كثيرة: إنسانة تعمل في البيوت ثماني ساعات بخمسمئة ليرة، وإنسانة تأخذها بالحرام بدقائق، بربع ساعة تأخذها، فالحرام سهل.
يمكن أن تغض بصرك عن مستودع تأخذ خمسة ملايين، هذا المال كان مقرراً أن يكون للدولة، والدولة ملزمة بالتعليم، والصحة، وأشياء كثيرة، فذهب المال إلى جيوب قليلة، هذه خيانة للأمانة، الموضوع واسع جداً، لكن أنت فعلت هذا من أجل دخل كبير لينعم به أولادك إذاً هذا المال، وهؤلاء الأولاد فتنوك عن طاعة الله، أنت من أجلهم عصيت الله.

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

المؤمن حينما يتقي الله يجعل له بصيرة تريه الحق حقاً والباطل باطلاً :

لو أنك أديت الأمانات، وكان دخلك أقل بكثير، هذا المال فيه بركة، يفعل الله به كل خير لك، قال تعالى:

من يتق الله تعالى يؤته الله رحمة في الدنيا والآخرة

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾

 

( سورة الأنفال الآية: 29 ).

هذه آية من أدق الآيات،

﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾

أي يقذف الله في قلوبكم نوراً ترون به الحق حقاً، والباطل باطلاً، هناك آية ثانية تؤكد هذا المعنى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ﴾

( سورة الحديد الآية: 28 ).

يؤتكم رحمة في الدنيا تسعدون بها، ورحمة في الآخرة.

﴿ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾

( سورة الحديد الآية: 28 ).

 

بطولة الإنسان أن يملك نوراً يقذفه الله في قلبه يرى به الخير خيراً والشر شراً:

عندما دعت امرأة ذات منصب وجمال سيدنا يوسف، ماذا قال ؟

﴿ مَعَاذَ اللَّهِ﴾

( سورة يوسف الآية: 23 ).

المؤمنون يقذف الله تعالى في قلوبهم نوراً ليميزوا الحق من الباطل
معه رؤيا، الآن إنسان يتعفف عن المال الحرام، إنسان يأكل المال الحرام، لكن في محاسبة، الأول له سمعة متألقة، والثاني أودع في السجن.
فالإنسان بطولته أن يملك نوراً يقذفه الله في قلبه، يرى به الخير خيراً، والشر شراً، والحق حقاً، والباطل باطلاً، والحلال حلالاً، والحرام حراماً، من دون هذا النور هناك أناس كثيرون يرتكبون أخطاء فاحشة، ويجهلون نتائجها، فإذا جاءت النتيجة دخلوا في الإحباط واليأس.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ ﴾

أنت حينما تستقيم على أمر الله،

﴿ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾

أي نوراً يقذف في قلوبكم تفرقون به الحق من الباطل، والخير من الشر، والحلال من الحرام.

﴿ وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾

والحلال يلغي الماضي الذي فيه خطأ،

﴿ وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾

 

من لم يتقِ الله فهو إنسان أعمى:

فلذلك أيها الأخوة، ما دام الموضوع عن التقوى، أنت حينما تتقي الله، أي حينما تقيم أمر الله، حينما تلتزم بمنهج الله، حينما تحل الحلال، وتحرم الحرام، حينما تهتدي بهدي الله، حينما تتحرك فوق منهج الله، حينما تكون مطيعاً لله، بكلام مختصر حينما تتقي الله

﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾

صار بقلبك نور.
هناك إغراءات كثيرة في الحياة، هذه الإغراءات تغري من طمست بصيرتهم، لا يوجد بقلبه نور، يجد مبلغاً كبيراً يفكر أن المبلغ سوف يسعده، بعد أيام يقبض عليه، ويودع في السجن، و أحياناً يُقتل، الذين يرتكبون الجرائم، لماذا يرتكبونها ؟.
أخواننا الكرام، كلام دقيق، الإنسان إذا لم يتقِ الله فهو أعمى، يرتكب حماقات لا يرتكبها طفل،

﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾

الأعمى من ضل عن سبيل الله عز وجل
والله قصة رويتها كثيراً، لكن لا أشبع من روايتها، إنسان له عمل في المطار، أحب أن يعبر عن مهارته في القيادة، كلب صغير على طرف الطريق في المطار، استطاع أن يدهس قدميه فقط، و هذه تحتاج خبرة عالية جداً، أي أن تستطيع أن تجعل العجلة فوق يديه فقط دون أن تصيبه، دون أن تقتله، هذه براعة، فاستطاع أن يدهس قدمي هذا الحيوان الصغير، ويضحك ضحكة هستيرية تعبيراً عن مهارته في قيادة المركبة، يحدثني من كان معه في المركبة، قال لي: والله بعد أسبوع بأكمله في المكان نفسه العجلة أصابها خلل، فرفع المركبة بالرافعة، وسحب العجلة من مكانها، فإذا بالرافعة تقع، وتقع المركبة على العجلة، والعجلة على رسغيه، يقسم بالله العظيم: عندما ذهبوا به إلى المستشفى يداه اسودتا، فلابد من قطعهما، قال: والله السبت الأول قطع يدي الجرو الصغير، السبت الثاني قطعت يداه، هذا لو كان طالب علم، أو حضر درس علم، لن يفعل هذا، إله كبير، والله عندي من هذه القصص مئات.
جاء إنسان يركب مركبة حديثة جداً من الخليج، فيها خطأ بسيط، عندما ذهب إلى المصلح، المصلح ذكي جداً، عرف أن هذا جاهل، قال له: تحتاج ثلاثة أيام، تحتاج إلى تغيير كذا وكذا وكذا، قال له: كما تريد، قال له: المبلغ عشرة آلاف، فجاره قريب لي، أول يوم خبر أهله أخذهم بالسيارة إلى المطار، و في اليوم الثاني أخذهم لوادي بردى، و في اليوم الثالث إلى الزبداني، هو أصلحها بدقيقة، وعندما جاء قال له: تمام، اسمح لنا بالعشرة آلاف، قال له جاره: هذا العمل والله حرام، قال له: أنت جاهل، هكذا الشغل، ابنه يعمل في مخرطة، دخلت نثرة فولاذ في عينه فدفع تقريباً ما يقدر بستة عشر ألف ليرة لبناني ـ وقتها كان الليرة بمئة و ستين قرشاً ـ أي ما يقدر بخمسة و عشرين ألفاً، دفعهم بعد يومين أو ثلاثة.

 

الله عز وجل موجود و سيحاسب كل إنسان على عمله :

المؤمن يتق الله تعالى فهو يعرف أن هناك إله يحاسب
الله كبير، الله كبير، إياك أن تخطئ مع الناس، إياك أن تبتز أموالهم، إياك أن تكذب عليهم، إياك أن تظلمهم، إياك أن تعتدي عليهم، فالمؤمن يعرف أن هناك إله يحاسب.

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

( سورة الحجر ).

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾

( سورة إبراهيم ).

والله عندي من هذه القصص مئات، بهذه الفترة في الدعوة إلى الله قصص وصلت إليّ، شيء مذهل، ترى عدل الله عز وجل.
لذلك:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾

ترى في هذا الفرقان الحق من الباطل، و الخير من الشر،

﴿ وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور