وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 185 - الإنسان يفهم الكلمات على ما هي عليه وليست كما هي عليها.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

تأويل الآيات هو الوصول إلى المراد منها :

 أيها الأخوة الكرام؛ قيل: إن الإنسان يفهم الكلمات على ما هي عليه ليست كما هي عليها، كيف؟ إنسان يمشي في الطريق أستاذ بالجامعة، سمع كلمة كرسي، في الجامعة مراتب؛ هناك أستاذ محاضر – مدرس - وأستاذ بلا كرسي، أعلى شيء أستاذ بكرسي، هو الذي يقرر المناهج، وهو أعلى شخص في الجامعة وساعاته قليلة جداً، أربع ساعات أو خمس، ولكن عنده مهمات أخرى فهو مرجع، وموجه لبقية المدرسين، وهو يقرر المناهج والأسئلة، سمع شخص في الطريق كلمة كرسي هو عنده شعور أنه مظلوم، معه شهادة بورد من أمريكا، وهو أستاذ بلا كرسي، وله زميل من دولة متخلفة هو رئيسه، نصف ساعة يفكر لماذا لست أنا صاحب المنصب؟ هناك ظلم، هو أستاذ جامعة فهم كلمة كرسي بحسب واقعه، بحسب تطوراته، بحسب مشكلته، شخص ثان يمشي عنده صالون حلاقة، سمع كلمة كرسي، عنده كرسيان هل يحضر كرسياً ثالثاً؟ المالية تطالبه بضريبة، وهو مضطر لموظف، أيضاً نصف ساعة يوازن هل يأتي بكرسي ثالث أم يبقى على كرسيين، هذا مشى بطريق ثان، الكلمة واحدة، كلمة كرسي سمعها أستاذ جامعة مشى نصف ساعة بخواطر وتمنيات وآلام، وسمعها إنسان عنده صالون حلاقة، وسمعها شخص ثالث قالت له زوجته: نريد كرسي حمام، يأخذه بلاستيك أم خشب، محتار في أمره، نحن الكلمة نفهمها على ما نحن عليه.
 الآن الله عز وجل عندما أنزل هذا القرآن وذكر آية من آياته، ما هو تأويل الآية؟ أن تصل إلى مراد الله منها، هي صدرت عن الذات الإلهية، هذا كلامه، لذلك مقاصد النص هذا علم كبير جداً، أو مقاصد الشريعة، أحياناً يكون اللفظ شيئاً والمقصد كبير جداً.

مشاعر الإيمان لمن اصطلح مع الله لا يعرفها إلا من ذاقها :

 لذلك لمحة عن معنى التأويل، قال: ما معنى تأويل هذه الآية، قال تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[ سورة النحل : 97 ]

 الحياة الطيبة التي يحياها المؤمن حياة طيبة، إيمانية، عقدية، تصورية، سلوكية، باستقامته، بسعادته، ببيته، بأولاده، سعادته بعمله بمن حوله، كل إيجابيات الإيمان منطوية بهذه الآية:

﴿ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[ سورة النحل : 97 ]

 الحياة الطيبة التي يحياها المؤمن في بيته، في عمله، في علاقاته، في مكانته الاجتماعية، تأويل قوله تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[ سورة النحل : 97 ]

 والمؤمن عندما يذوق الحياة الطيبة بعدما آمن، إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادٍ في السماء والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله، مشاعر الإيمان لمن اصطلح مع الله، ومشى على منهج الله عز وجل لا يعرفها إلا من ذاقها.

 

حلاوة الإيمان أعظم ما في الدين :

 لذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجدَ بهنَّ طَعْمَ الإيمان))

[ متفق عليه عن أنس]

 حلاوة الإيمان مصطلح نبوي يقابلها حقائق الإيمان، إذا أنت عندك صورة لسيارة من أرقى الماركات، وأحدث موديل، والصورة رائعة جداً تمشي في طريق جبلي، والصورة الثانية من داخلها، والثالثة للمحرك، هذه كلها صور، فيها حقائق، سعر السيارة، أبعادها، والذي عنده السيارة يركبها المسافة كبيرة جداً، بين أن تملك صورة لسيارة أو أن تركب هذه السيارة.
 هناك قصر أبعاد الغرب ثمانية أمتار بستة، الحديقة، المسبح، الإطلالة، كلها عبارة عن صور، كتالوج عن القصر، الذي عنده كتالوج غير الذي يسكن القصر، والمسافة كبيرة جداً، هذا المعنى ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

((ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجدَ بهنَّ طَعْمَ الإيمان))

[ متفق عليه عن أنس]

 حلاوة الإيمان أن تملك القصر، أن تسكن هذا القصر، حلاوة الإيمان أن تملك هذه السيارة وأن تركبها، والمسافة بين المعلومات وبين أن تعيش هذه الميزة مسافة كبيرة جداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجدَ بهنَّ طَعْمَ الإيمان))

[ متفق عليه عن أنس]

 حلاوة الإيمان أعظم ما في الدين، لأنك أنت بحلاوة الإيمان إنسان آخر، تفكيرك ثان، مبادئك راقية جداً، قيمك أصيلة، عندك حكمة، لك مكانتك الاجتماعية، ربيت أولادك تربية إسلامية، اخترت بالأصل زوجة صالحة مؤمنة، تسعد بها وتسعد بك، المسافة كبيرة جداً بين المؤمن وغير المؤمن، والفرق ليس بالدرجة بل بالطبيعة، ذهب اثنان وعشرون، أربعة وعشرون، ثمانية عشر، ستة عشر، كله ذهب، تقول: ذهب وتنك، المسافة كبيرة جداً، هذا معدن خسيس، والأول معدن ثمين، فالإيمان شيء آخر:

((ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجدَ بهنَّ طَعْمَ الإيمان))

[ متفق عليه عن أنس]

ثمن حلاوة الإيمان :

 البند الأول:

((..مَن كان اللَّهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مما سواهما))

 لو سألت ملياراً وثمانمئة مليون مسلم أليس الله ورسوله أحب إليك مما سواهما؟ الجواب من كل المسلمين: طبعاً، ليس هذا هو المعنى، المعنى عند التعارض، عندما يتعارض النص القرآني مع مصلحتك المتوهمة الآنية وتنضم إلى النص القرآني ولا تعبأ بالمصلحة المادية دفعت ثمن حلاوة الإيمان، تكون بوظيفة نظيفة جداً، لا يوجد بها شيء محرم، والدخل قليل، هذه حالة، و هناك عمل في مؤسسة ربوية مثلاً والدخل أربعة أضعاف، لكن دائماً أنت منقبض، مرة أخ من أخواننا يعمل في تفصيل الألبسة النسائية، قال لي: معي تسع فتاوى من علماء أن أي موديل أفصله لا يوجد مانع، عندما يرى فتاة كل محاسنها ومفاتنها ظاهرة من هذه الثياب التي من تصميمه يشعر بانقباض، تسع فتاوى لم تقنعه، يعمل عملاً يجعل محاسن هذه الفتاة تكون ظاهرة تفتن بها الشباب، لذلك العبرة ليست بالفتوى بل بالتقوى، أقول لك كلمة دقيقة: لكل معصية فتوى، إذا كنت تريد فتوى فالفتوى موجودة، ولكنك تريد التقوى، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجدَ بهنَّ طَعْمَ الإيمان، مَن كان اللَّهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مما سواهما))

[ متفق عليه عن أنس]

 الله في قرآنه ورسوله في سنته أحب إليه مما سواهما، متى؟ عند التعارض، هو وكيل لشركة، والشركة ألزمته بشراء بضاعة محرمة، وإلا ستسحب الوكالة منه، فآثر أن يشتري البضاعة ويبيعها من أجل أن تبقى الوكالة معه فامتحن فرسب، يأتي إنسان آخر أقسم لكم بالله وأنا أعني ما أقول زوال الكون أهون على الله من أن تدع شيئاً لله ثم لا تعوض خيراً منه، والنص الرائع:

(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]

 في دينه لم يحجب عن الله، لم يغلط، لم يرتكب معصية، الذي تزل قدمه ويوافق على عمل فيه معصية عنده شعور بالذنب دائماً.
 لذلك التأويل النقطة الأولى أن تفهم الآية كما أرادها الله، قال تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[ سورة النحل : 97 ]

 الحياة التي يحياها المؤمن حياة طيبة، بصحته، بزوجته، ببناته، بأولاده، بعلاقاته، بمكانته، بسمعته، هذه الحياة الطيبة هي تأويل قول الله عز وجل:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[ سورة النحل : 97 ]

المعيشة الضنك لمن يعرض عن ذكر الله :

 الآن قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾

[ سورة طه : 124 ]

 فالمعيشة الضنك التي يعيشها من أعرض عن ذكر الله هي تأويل قول الله عز وجل:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾

[ سورة طه : 124 ]

 ما هو التأويل القرآني؟ بعض العلماء قالوا: وقوع الوعد والوعيد، الوعد حياة طيبة، الذي يذوق حياة طيبة من الله عز وجل، الحياة الطيبة التي يحياها هي تأويل هذه الآية، والذي أعرض عن ذكر الله المعيشة الضنك التي يحياها هي تأويل قوله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾

[ سورة طه : 124 ]

 لذلك أيها الأخوة الكرام؛ شخص سأل سؤالاً قال: ما بال الأقوياء والأغنياء؟ بيل غيت معه مليارات، من أغنى أغنياء العالم، فأي معيشة ضنك يعيشها؟ أجاب العلماء: ضيق القلب، الإنسان المعرض عن الله عنده ضيق قلب لو وزع على أهل بلد لكفاهم، قلق، لذلك المشكلة عندما يكون الإنسان بعيداً عن الله ويكتشف هذا بعد حين سيخسر كل شيء.
 مرة جسر استانبول الأول ثاني أطول جسر في العالم، الأول أنا شاهدته في لوس أنجلوس، طوله اثنا عشر كيلو متر، جسر اسطنبول ثاني أطول جسر، المهندس الذي صممه أثناء افتتاح الجسر وقص الشريط الحريري، ألقى بنفسه في البوسفور، نزل ميتاً، ذهبوا إلى غرفته في الشيراتون فوجدوه قد كتب رسالة قال فيها: ذقت كل شيء في الحياة فلم أجد لها طعماً أردت أن أذوق طعم الموت، أقسم لكم بالله أقل مؤمن بوظيفة درجة عاشرة، ومعاشه لا يكفيه خمسة أيام أسعد منه، عندما تتعامل مع الخالق العظيم تصبح سعيداً، يوجد شخص عندي غير متعلم، يحضر دروسي يفهمها، ويتفاعل معها، و لكنه لا يستطيع أن يتكلم، فذهب واشترى مئة شريط ووزعهم على أقربائه، يقول لمن أعطاه الشريط: معك أسبوع، تسمعه أعطيك شريطاً ثانياً، هذا الإنسان غير المتعلم أحضر حوالي خمسين شخصاً إلى الجامع.
 لذلك يروون أن طالباً أرسله أبوه إلى الأزهر رجع بعد سبع سنوات، بقرية في جنوب مصر، تبعد عن القاهرة ألف كيلو متر – الصعيد - عيّن الابن خطيباً في قريته، فلما ألقى خطبة أمام أبيه الأمي، بكى الأب بكاء مراً، كل من حول الأب توهموا أنه بكى فرحاً بابنه الأزهري، الحقيقة خلاف ذلك، هو بكى أسفاً على نفسه، فالنتيجة والقصة رواها لي أحد علماء دمشق الكبار، سوف أقول عبارته نفسها: ركب جحشته من صعيد مصر إلى القاهرة، وعندما وصل إلى القاهرة، قال: أين الأزعر؟ لا يحفظ اسمه، قالوا له: ما الأزعر؟ قال: مكان التعلم، قال: اسمه الأزهر، النتيجة أوصلوه إلى الأزهر، وفي الخامسة والخمسين بدأ في تعلم القراءة والكتابة، وتابع ولم يمت إلا شيخ الأزهر.
 إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام، إذا كان صادراً حقاً عن إرادة و إيمان، إذاً قال تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[ سورة النحل : 97 ]

 فالحياة الطيبة تأويلها الإلهي، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾

[ سورة طه : 124 ]

 فالمعيشة الضنك التي يعيشها المعرض عن ذكر الله هي تأويل هذه الآية.

 

امتحان الإنسان في كل شيء :

 لذلك قالوا: إن الله يعطي الصحة، والذكاء، والمال، والجمال، للكثيرين من خَلقه، ولكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين، هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، صعب أن تشرح، سعادة؟ سعادة، ثقة بالله؟ ثقة بالله، قرار حكيم؟ قرار حكيم، نظر ثاقب؟ نظر ثاقب، شيء صعب شرحه، لذلك تسعد بالسكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.
 لذلك أنت ممتحن فيما أعطاك، وممتحن فيما زوي عنك، الدعاء النبوي الرائع:

(( اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ اللَّهُمَّ ))

[ الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ ]

 أحب المال، أعطيتني مالاً، اجعلني أنفقه في سبيلك:

(( اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ اللَّهُمَّ ))

[ الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ ]

((....وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ ))

 عندي طرفة؛ أثناء إلقاء درس في الجامع وقف شخص، ما الذي حصل؟ قال: نحن نأتي إليك ونسمع درسك فنشعر كأننا في الجنة، نذهب إلى البيت نرجع مثلما كنا، ما هذه القصة؟ قلت له: غير الطقم الخاص بك، أقصد طقم الأصدقاء، غير الطقم كله، لأن الله عز وجل قال:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 تحتاج إلى حاضنة اجتماعية جديدة، تحتاج إلى بيئة جديدة، تحتاج إلى أخ مؤمن، لا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله، ولا يدلك على الله مقاله، تحتاج إلى صاحب يدلك مقاله على الله عز وجل، حاله راق، دائماً قال تعالى:

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

 سألني شخص آخر قال: أنا عندي زوجة لا أرتاح معها، ما السبب؟ قلت له: من أجل أن نشاهدك بالدرس، لن نشاهدك بالدرس إن كنت على حال طيب معها لأنك ستجلس في البيت عندئذ، الآن تعال إلى الجامع، فالإنسان حينما يفهم فعل الله فهماً عميقاً يسعد به، وإذا ابتعد عن التوحيد، ابتعد عن تلقي العلم يفهم فهماً آخر، دقق ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، ولو كشف لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء، أحياناً ترى شاباً يتيماً لا يوجد عنده إلا الدراسة، يدرس، يتفوق، يصبح بأعلى مرتبة، شاب آخر كل شيء موفر له لا يدرس، فإذا به يحصل على الدرجة العاشرة، ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، وإذا فهمت الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء.

 

المؤمن يدخل الله في حساباته كلها :

 عظمة الإيمان أنك راض عن الله، رجل يطوف حول الكعبة، ويقول: ربي اغفر لي ذنبي ولا أظنك تفعل؟ وراءه رجل، قال له: يا هذا ما أشدّ يأسك من رحمة الله؟ قال له: ذنبي عظيم، قال له: ما ذنبك؟ قال له: كنت جندياً في قمع فتنة، فلما قُمعت أُبيحت لنا المدينة، فدخلت أحد البيوت فرأيت فيه رجلاً، وامرأة، وطفلين، قتلت الرجل، وقلت لامرأته: أعطيني كل ما عندك، أعطتني كل ما عندها، فقتلت ولدها الأول، ولما رأتني جاداً في قتل الثاني أعطتني درعاً مذهبة، تأملتها، تفحصتها فإذا عليها بيتان من الشعر قرأتهما فوقعت مغشياً عليّ، البيتان:

إذا جار الأمير وحــاجباه  وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فـــــــــــويل ثم ويل ثم ويل  لقاضي الأرض من قاضي السماء
* * *

 أنا أقول لكم كلمة دقيقة: أنا لا أرى أغبى ممن لا يدخل الله في حساباته، كتلة غباء، كتلة حمق، أما المؤمن فيدخل الله في حساباته كلها، هذا وسام شرف له يوم القيامة، لذلك:

(( اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ اللَّهُمَّ، وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ ))

[ الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ ]

 الإمام الشافعي رحمه الله تعالى حينما سُئل: ندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين؟ فقال: لن تمكن قبل أن تُبتلى.

﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنون: 30]

 نسأل الله أن يلهمنا الصواب، ويحفظ إيمانكم، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، واستقرار بلدكم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور