وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 60 - سورة الأعراف - تفسير الآيات 204 - 206 ، كيفية قراءة القرآن الكريم بقراءة التدبر ، وقراءة التعبد
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه :

أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس الستين وهو الدرس الأخير من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الرابعة بعد المئتين ، وهي قوله تعالى :

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

أولاً فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه ، هذا كتاب ليس كأي كتاب ، إنه كتاب خالق السماوات والأرض ، هذا كتاب ليس فيه أي زيغ ، ولا فيه أي شك ، يقين قطعي ، هذا كتاب يجب أن نتلقاه بخصوصيات كثيرة ، من هذه الخصوصيات :وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾

الفرق بين سمع واستمع كبير جداً ، أنت حينما تجلس وتأتي بمسجلة وتضع شريطاً وجلست لتستمع هذا شيء ، إن كنت تمشي في الطريق ووصل إلى أذنك صوت ما من مذياع ، أو من شخص ، هذا سماع ، فالسماع غير مقصود ، أما الاستماع مقصود بذاته .
لذلك ورد في الحديث :

(( من استمع إلى قينة ))

[ابن عساكر عن أنس]

وهذا من رحمة الله بنا ، من استمع ، الإنسان يمشي في الطريق الأذن مفتوحة ، وقد يأتي صوت قد لا يرغب أن يستمع إليه ، لكنه يسمعه ، لعظمة هذا الكتاب ، قال تعالى :

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾

أي اجعل سماع القرآن الكريم مقصوداً ، اجلس كي تستمع القرآن الكريم ، اجلس كي تتأمل في آيات القرآن الكريم ، كي تتفكر في آيات القرآن الكريم .

 

القرآن الكريم يقدم للإنسان إضاءة لسرّ وجوده وغاية وجوده و لما بعد الموت :

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾

لماذا ؟ لأن الله عز وجل قبل آية واحدة قال :

﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

( سورة الأعراف )

هذا الكتاب يريك الحق حقاً والباطل باطلاً .

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

( سورة الكهف )

هذا القرآن يقدم لك إضاءة لسرّ وجودك ، لغاية وجودك ، لما بعد الموت ، لماذا خُلقت ؟ ماذا ينبغي أن تفعل ؟ ما سبب سلامتك وسعادتك ؟

﴿ بَصَائِرُ ﴾

يقدم لك تفسيراً عميقاً دقيقاً متناسقاً عن الكون ، والحياة ، والإنسان ، يقدم لك حقيقة الخير والشر ، حقيقة الجمال والقبح ، حقيقة العلم والجهل .
لذلك :

﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾

من الذي يربيكم ؟ من الذي خلقكم ؟ من الذي أمدكم ؟ من الذي يعتني بكم ؟ من الذي ينقلكم من حال إلى حال ؟

﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى ﴾

تهتدي به إلى سبل سلامتك .

﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ﴾

( سورة المائدة الآية : 16 )

سلام مع نفسك ، سلام مع أهلك ، سلام مع مجتمعك ، سلام مع من هو فوقك ، ومع من هو دونك ، سلام من أجل صحتك ، من أجل أسرتك ، من أجل سعادتك ، من أجل سلامتك .

 

الاستماع إلى القرآن الكريم طريق سلامة الإنسان و سعادته :

﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

الرحمة مطلق عطاء الله ، الرحمة سكينة ، الرحمة تجلٍّ ، الرحمة سعادة ، الرحمة أمن ، الرحمة طمأنينة ، الرحمة رضا ، الرحمة تفاؤل ، فهذا القرآن فيه هدى ، فيه رحمة ، فيه بصائر ، لذلك ليس القرآن كتاباً كأي كتاب .

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾

سماع وتلاوة القرآن راحة للمؤمن
استمع ، قد يقرأ القرآن وهناك أصوات أخرى ، يوجد حديث آخر ، مثلاً :
القرآن ينطلق من إذاعة ، والمذياع في غرفة الجلوس مثلاً وهناك حديث ، لا ، استمع وأنصت من حولك ،

﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾

قد تستمع وهناك أصوات كثيرة تأتي إليك الأولى والأكمل أن تستمتع إلى القرآن ، وألا يدخل إلى الأذن شيء آخر معه ، وإن كان هذا مستحيلاً ، لكن هذا هو الأدب الكامل مع القرآن الكريم .

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

لعلكم تسعدون ، لعلكم ترون من خلال آياته الحق حقاً ، والباطل باطلاً ، لعلكم ترون من خلال آياته طريق سلامتكم وطريق سعادتكم ، لعلكم إذا قرأتم آيات القرآن الكريم كان منهجاً لكم ، كان سبيلاً إلى سلامتكم ،

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

علامة صحة سماعك للقرآن الكريم المبادرة إلى تطبيقه :

أخوانا الكرام ، معنى الاستماع يعني هناك شيء دقيق ، الله عز وجل يريدنا أن نفهم الاستماع على أنه تطبيق ، كيف ؟ قال :

﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾

( سورة التحريم الآية : 4 )

يعني إصغاء القلوب كان صحيحاً ، لا تعد مستمعاً ، ولا تعد منصتاً ، ولا تعد متلقياً ، إلا إذا انقلبت هذه الآيات من أصوات تستمع إليها إلى سلوك يومي .
أيها الأخوة ، الدقة البالغة أن الإنصات يعني التطبيق ، نأتي بمثل بسيط : إنسان واقف بشكل طبيعي ، أمامه صديقه ، فقال له صديقه : على كتفك عقرب ، لو أن هذا الذي على كتفه عقرب ، بقي هادئاً ، مرتاحاً ، فلما سمع هذه الكلمة قال له : شكراً على هذه الملاحظة ، وأرجو الله أن يمكنني أن أكافئك عليها ، هل تعتقدون أنه فهم ما قيل له ؟ لو أنه فهم ما قيل له لقفز ، وخلع معطفه ، وصاح ، العقرب لدغتها قاتلة أحياناً فلذلك لأنه بقي هادئاً وما تحرك ، ولا خلع معطفه ، ولا اضطرب ، معنى ذلك لم يستمع .

 

علامة استماعك الحقيقي الانفعال وعلامة الانفعال الحقيقي الحركة :

علامة استماعك الحقيقي الانفعال ، وعلامة الانفعال الحقيقي الحركة .
لذلك بعض العلماء جاء بقانون ، هذا القانون أساسه أن هناك إدارك ، وهناك انفعال ، وهناك سلوك ، لا يصح إداركك إلا إذا نتج عنه انفعال ، إذا في خبر خطير ما تحركت ، قال لك عقرب ما اضطربت ، قال لك أفعى ما مشيت ، ولا تأثرت ، علامة صحة الإدراك الانفعال ، وعلامة صحة الانفعال السلوك ، تتحرك ، إما لقتل الأفعى أو للهروب منها ، أما كلام خطير متعلق بمصيرك ، متعلق بسلامتك ، متعلق بسعادتك لا تتأثر ، هنا المشكلة ، فلذلك :

﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾

( سورة الأنفال )

كأن السماع عند الله عز وجل في القرآن الكريم يعني التطبيق ، علامة صحة سماعك المبادرة إلى التطبيق ،

﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾

كان إصغاؤها صحيحاً صغت يعني من الإصغاء ،

﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾

﴿ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾

علامة صحة سماع القرآن .. التطبيق
أنت في هذا الدرس وأنا معكم إن لم تنقلب هذه الآيات إلى سلوك فكأننا ما سمعنا ، عند الله السماع يعني التطبيق ، والآيات واضحة

﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾

وهم عند الله لم يسمعوا ،

﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾

فإذا قال الله عز وجل :

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾

أي اصغوا إلى آياته ، وترجموها إلى سلوك ، قال لك غض بصرك ، غض بصرك .

﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾

( سورة هود الآية : 112 )

﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ﴾

( سورة الحجرات الآية : 12 )

لا تغتب أخاك ، هذا المعنى الدقيق لكلمة :

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾

أي طبقوا ما فيه .

 

الأدب مع سماع القرآن الكريم :

أيها الأخوة ،

﴿ وَأَنْصِتُوا ﴾

لا تسمح لتداخلات ، وأصوات كثيرة ، وتعليقات ، وأنت تستمع إلى كتاب الله ، هذا كتابنا ، هذا منهجنا ، هذا دستورنا ، هذا كلام خالقنا ، ومرة ثانية فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه .

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾

يعني حديث ورفع صوت في غرفة الجلوس ، وأنت تستمع إلى القرآن الكريم ، لا ، أنصتهم ، تعلم الأدب لسماع القرآن ، نجلس لنستمع إلى القرآن الكريم .

﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

هل تستهين بكلمة

﴿ تُرْحَمُونَ ﴾

ترحمون أي أنت سعيد ، أي أنت حكيم ، أي أنت آمن ، أي أنت موفق ، أي أنت مستجاب الدعوة ، أي أنت متصل بالله ، هذا معنى

﴿ تُرْحَمُونَ ﴾

أنت راضٍ عن ربك ، راضٍ عن وضعك في الدنيا .
الآن هناك من يستمع ولا ينصت ، يسمع قرآناً لكن لا يوجد إنصات ، لا يوجد متابعة ، لا يوجد تدقيق ، لا يوجد تأمل ، لا يوجد تدبر ، يستمع ولا ينصت ، هناك من يستمع وينصت ولا يتعبد ، هذا القرآن تعبدنا الله بقراءته ، كتاب ليس كأي كتاب ، إذا قرأناه نتعبد الله بقراءته .

 

على الإنسان أن يقرأ القرآن بنيّة عبادة الله عز وجل بقراءته :

إقرأ القرآن بنية عبادة الله
أيها الأخوة :

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾

( سورة الأنعام الآية : 1 )

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾

( سورة الكهف )

كأن الكون كله بكفة ، وكلام الله جلّ جلاله بكفة أخرى ، الله عز وجل خلق الدنيا ونورها بالقرآن ، يشق الطريق ، بعد أن يشق الطريق ، توضع شاخصات ، هنا منعطف خطر ، هنا جسر ، هنا طريق صاعدة ، هنا طريق زلقة ، انتبه يوجد شاخصات ، فالله عز وجل خالق الأكوان ونورها بالقرآن الكريم .

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

يجب أن تقرأ القرآن وأنت بنية أن تعبد الله بقراءته .

 

على الإنسان أن يقرأ القرآن قراءة تدبر :

لذلك ليست العبرة أن تقول قرأت جزءاً ، اقرأ جزءاً كتلاوة ، اجعل لك قراءتان ، قراءة تدبر ، وقراءة تعبد ، التعبد أن تقرأ القرآن كل يوم جزء ، جزأين ، وهناك كلمة عند حُفاظ كتاب الله من لم يقرأ همساً ينس ، يعني ينسى ، حُفاظ كتاب الله يقرؤون كل يوم خمسة أجزاء ، هذه قراءة تعبد ، أما أنت بحاجة إلى قراءة تدبر ، ولو قرأت في اليومين آية واحدة ، أن تقف عند معانيها ، عند مدلولاتها ، عند التطبيق العملي لها ، ماذا ينبغي أن تعمل ؟
يعني مثلاً قرأت آية فيها أمر هل ائتمرت بما أمر الله ؟ قرأت آية فيها نهي هل انتهيت عما نهى عنه الله ، قرأت آية فيها وصف لأهل الجنة ، هل تسعى إلى الجنة ؟ قرأت آية فيها وصف لأهل النار ، هل تفر من النار ولو بشق تمرة ؟ قرأت آية فيها وصف لأمة سلفت عصت ربها فأهلكها الله ، هل اتعظت بها ؟ قرأت آية فيها من آيات الكون هل تفكرت بها ؟ التدبر أن تأخذ موقفاً من الآية ، الأمر أن تأتمر ، النهي أن تنتهي ، وصف الجنة أن تسعى إلى الجنة ، وصف للنار أن تفر منها .

 

على الإنسان أن يستمع وينصت ويتعبد الله أثناء تلاوة القرآن الكريم :

إذاً هناك من يستمع ، وهناك من يضيف إلى الاستماع ، هناك من يسمع ، لو في قرآن يصدح من محل تجاري مثلاً ، أنت سمعت الآية ، هناك من يسمع ، وهناك من يستمع ، هناك من يستمع وينصت ، هناك من يستمع وينصت ويتعبد الله بهذه التلاوة .
القرآن يمنح السعادة لقارئه
مثلاً : سيدنا جعفر يقول كلاماً رائعاً ، قال : عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قوله تعالى :

﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾

( سورة آل عمران )

ماذا قال الله بعد هذه الآية ؟

﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾

( سورة آل عمران )

لذلك سيدنا جعفر يقول : عجبت لمن يخاف ولم يفزع إلى قوله تعالى :

﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾

الاستعانة بالله عز وجل أساس نجاة الإنسان من المصائب :

ثم يقول سيدنا جعفر : وعجبت لمن اغتم ولم يفزع إلى قوله تعالى :

﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

( سورة الأنبياء )

وهو في ظلمة بطن الحوت ، وفي ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر ، في ظلمات ثلاث والأمل بالنجاة معدوم ،

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

ماذا قال الله بعدها ؟ :

﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة الأنبياء )

فعجبت لمن يخاف ولم يفزع لقوله تعالى ، وقرأ هذه الآية ، وعجبت لمن مُكر به ولم يفزع إلى قوله تعالى :

﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ﴾

( سورة غافر الآية : 44 )

المؤمن المستقيم الطائع يفوض أمره إلى الله عز وجل عند مكر الآخرين به :

إذا أنت مؤمن ، مستقيم ، طائع ، محب ، مقبل ، ولك عدو خطير ، وأقوى منك فمكر بك ، ليس لك حل إلا أن تقول :

﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ﴾

﴿ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾

( سورة غافر )

فجاء الجواب :

﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾

( سورة غافر )

إذاً حينما يجتمع الناس ضدك

﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾

وعجبت لمن اغتم ولم يفزع إلى قوله تعالى :

﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

وعجبت لمن مُكر به ولم يفزع إلى قوله تعالى :

﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾

القرآن شفاء للنفوس :

بالقرآن تشفى النفوس
أيها الأخوة ، إذاً هذا القرآن فيه شفاء ، القرآن شفاء للنفوس ، والقرآن فيه طرق السلامة والسعادة ،

﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ﴾

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ ﴾

عقله .

﴿ وَلَا يَشْقَى ﴾

( سورة طه الآية : 123 )

نفسه .

﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

( سورة البقرة )

من تبع هداي لا يخاف مما سيأتي ، ولا يندم على ما سبق ، فمن يتبع هدى الله عز وجل لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه ، ولا يندم على ما فات ، ولا يخشى مما هو آت .
أيها الأخوة ، الآن عجبت لمن طلب الدنيا ، كما قال سيدنا جعفر ، ولم يفزع إلى قوله تعالى :

﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ ﴾

( سورة الكهف )

أربع آيات إما أنك تخاف ، أو يُنكر بك ، أو تطلب الدنيا من وجهها الصحيح ، فكل آية جاءت بعدها آية ،

﴿ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ ﴾

الإنصات أساسي أثناء سماع القرآن الكريم :

الآن ومعنى

﴿ أَنْصِتُوا ﴾

معنى واسع جداً ، أنصت حينما تتلو القرآن ، لا تستمع إلى غيره ، وهو معك ، أنصت حينما تقرأ القرآن في الصلاة ، وأنصت حينما تقرأ القرآن في المسجد ، وأنصت إذا استمعت إلى خطيب المسجد ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :

(( إذا قلتَ لصاحبك يوم الجمعة : أنصِتْ - والإمام يخطُب - فقد لَغوْت ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك عن أبي هريرة ]

لذلك الآخرون يعجبون من المسلمين ، تجد بالجامع في عشرة آلاف ، فإذا صعد الخطيب المنبر لا تستمع إلى كلمة ، من هذا التوجيه الإلهي ، شيء رائع جداً في حياة المسلمين خطبة الجمعة ، عبادة دعوية ، والكل ينصت ، وقد يكون المتكلم أقل علماً ممن يستمع الخطبة أحياناً ، يكون في أستاذ جامعي ، يكون في إنسان ذو رتبة عالية في الجامعة ، ينصت ، الخطيب يتلو آيات القرآن الكريم .
إذاً أول حقيقة أن الاستماع يعني التطبيق ، لن تكون مستمعاً للقرآن إلا إذا طبقت أحكامه .

(( رب تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه ))

[ورد في الأثر]

التولي و التخلي :

ثم يقول الله عز وجل :

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾

( سورة الأعراف )

التذلل لله رفعة

 

﴿ تَضَرُّعاً ﴾

أي تذللاً ، القضية أيها الأخوة كلما تذللت إلى الله رفعك الله ، وكلما استعليت خفضك الله ، إن أردت العز فتذلل بين يدي الله عز وجل ، هناك درسان خطيران درس بدر ، ودرس حنين ، درس بدر بليغ جداً ، ونحتاجه جميعاً ، ودرس حنين خطير جداً ، ونحتاجه جميعاً ، في درس بدر هناك افتقار إلى الله ، افتقروا إلى الله :

 

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

( سورة آل عمران الآية : 123 )

ببدر افتقروا إلى الله فلما افتقروا إلى الله عز وجل نصرهم ، وفي حنين اعتمدوا على كثرتهم قال :

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس ]

فلم ينتصروا ، الملخص : إذا قلت أنا تخلى الله عنك ، قلت أنا بمالي ، بقوتي ، بمنصبي ، بعلمي ، بشهادتي ، بأسرتي ، بمركزي بالمجتمع ، بتاريخي ، إذا قلت أنا تخلى الله عنك وإذا قلت الله تولاك بالرعاية .

 

من تذلل لله رفعه :

إذاً

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً ﴾

مع الله عز وجل في افتقار ، كلما ازددت افتقاراً له رفعك ، وأعلى قدرك ، ورفع ذكرك ، أعلى شأنك ، هابك أعداؤك ، بل خدمك أعداؤك ، وكلما استعليت على طاعته أذلك الله .

اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبت فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت
* * *

(( سبحانك إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ))

مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح .

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ ﴾

لذلك :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾

( سورة الأحزاب )

المناجاة بين العبد و ربه مسعدة لاتصاله مع خالق السماوات و الأرض :

أيها الأخوة ، المنافقون قال الله تعالى عنهم :

﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

( سورة النساء )

لذلك ورد في بعض الأحاديث :

(( من أكثر من ذكر الله فقد برئ من النفاق ))

[ ابن شاهين في الترغيب في الذكر عن أبي هريرة]

(( من حمل سلعته فقد برئ من الكبر ))

[ القضاعي والديلمي عن أبي أمامة]

(( برئ من الشح من أدى زكاة ماله ))

[أخرجه ابن مردويه عن جابر بن عبد الله]

مناجاة الله عبادة وسعادة

 

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً ﴾

اجعل لك ساعة تناجي بها ربك ، تتذلل له ، يا رب أنا فقير وأنت الغني ، أنا ضعيف وأنت القوي ، أنا جاهل وأنت العليم ، يا رب ارحم ضعفي ، ارحم ذلي بين يديك ، هذه المناجاة بينك وبين الله مسعدة ، لأنك تتصل مع خالق السماوات والأرض .

 

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ﴾

ورد :

(( أن يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال : أحب عبادي إليّ تقي القلب ، نقي اليدين ، لا يمشي إلى أحد بسوء ، أحبني ، وأحب من أحبني ، وحببني إلى خلقي ، قال : يا رب إنك تعلم أني أحبك ، وأحب من يحبك ، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال : ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي ))

[من الدر المنثور عن ابن عباس ]

ذكرهم بآلائي كي يعظموني ، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني ، وذكرهم ببلائي كي يخافوني .

 

ذكر الله علامة الإيمان :

المؤمن الصادق بقلبه تعظيم لله ، بقلبه محبة لله ، بقلبه خوف من الله ، في أمراض ، في أورام ، في فشل كلوي ، في خثرة بالدماغ ، في شلل ، في بلاء مخيف ، في صحة ، في راحة نفسية ، في زوجة صالحة ، في أولاد أبرار ، في دخل وفير ، وفي أشياء تحملك على محبة الله ، وفي آلاء ، وفي مجرات ، وفي كواكب تدعوك إلى تعظيم الله .
إذاً ذكر الله علامة الإيمان .

(( من أكثر من ذكر الله فقد برئ من النفاق ))

[ ابن شاهين في الترغيب في الذكر عن أبي هريرة]

دوران الذكر مع الإنسان في كل شؤون حياته :

والأمر بالذكر لا ينصب على الذكر فقط بل على كثرة الذكر لقوله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾

لكن بالمناسبة قراءة القرآن ذكر ، والاستغفار ذكر ، والدعاء ذكر ، والتسبيح ذكر والتهليل ذكر ، والتكبير ذكر ، والتمجيد ذكر ، وقراءة كتاب العلم من أجل أن تعرف الله ذكر ، والدعوة إلى الله ذكر ، والأمر بالمعروف ذكر ، والنهي عن المنكر ذكر ، لذلك الذكر يدور مع الإنسان في كل شؤون حياته ،

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ﴾

واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون
وكما قال الله عز وجل :

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

( سورة العنكبوت الآية : 45 )

قال علماء التفسير : أكبر ما فيها :

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾

( سورة طه )

أكبر ما فيها ، وقال بعضهم : ذكر الله لك في الصلاة أكبر من ذكرك له ، إنك إن ذكرته أديت وأحب العبودية له ، أما إذا ذكرك منحك الحكمة .

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾

( سورة البقرة الآية : 269 )

يعني الصلاة الصحيحة تعني أنك حكيم وقفت كي تصلي وذكرت الله ، فأنت حينما تذكره يذكرك ، يذكرك بأن يهبك الحكمة ، يذكرك بأن يهبك الرضا ، يذكرك بأن يهبك التوفيق ، يذكرك بأن يهبك السداد والرشاد في القول والعمل .
لذلك ثمار الصلاة الصحيحة تفوق حدّ الخيال ، أقل هذه النتائج أنك في حفظ الله وفي رعايته .

 

إخفاء الذكر أفضل من رفع الصوت وإزعاج الآخرين :

إذاً :

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً ﴾

أي تذللاً

﴿ وَخِيفَةً ﴾

أي خوفاً ، هذه صفات المؤمن الذاكر .

﴿ وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾

رفع الأصوات ، وأن تعلو على كل صوت ، يعني الله عز وجل يريد قلبك ، يريد إخلاصك ، يريد مودتك ، يريد محبتك ، لا يريد صوتك العالي .
لذلك :

﴿ وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾

﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾

( سورة الإسراء )

هناك إنسان إذا ما رفع صوته إلى أعلى طبقة ممكنة لا يعد ذاكراً ، لا ، أفضل الذكر إخفاء الذكر ، هناك ذكر بالقلب ، وهناك ذكر باللسان ، لكن بشكل لطيف ، أما رفع الأصوات وإزعاج الناس ، يعني الآذان بالمئذنة لكن المكبر بشكل معتدل ، لأن هناك مريض ، إنسان يعاني ما يعاني ، فرفع الصوت ، وإزعاج الآخرين ، ليس من الذكر إطلاقاً .

 

الذكر شحن للإنسان :

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾

أنت بحاجة إلى الذكر قبل الذهاب إلى العمل ، بالغدو ، وبعد العودة من العمل ، بحاجة إلى ذكر يومي وإن الصلاة ذكر ،

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾

الذكر شحن ، أنت كهاتف جوال أنت بحاجة إلى شحن يومي صباحاً ومساءً .

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾

قبل الذهاب إلى العمل إنسان صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، وصلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ، أنت مغطى برعاية الله مدة أربع و عشرين ساعة .

 

أكبر مرض يصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله عز وجل :

﴿ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾

أكبر مرض يصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله .

أيا غافلاً تبدي الإساءة و الجهل متى تشكر المولى على كل ما أولى
عليك أياديه الكرام وأنت لا تراه كأن الـــــعين حولاء أو عميا
لأنت كمزكوم حوى المسك جيبه ولكن الــــمحرم ما شمّه أصلاً
* * *

﴿ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾

الغفلة أخطر ما يصيب الإنسان لذلك قال تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾

( سورة الأعراف )

العندية هنا ليست عندية مكانية ، الله عز وجل فوق المكان والزمان ، هو خالق المكان والزمان ، عندية قرب من الله

﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ ﴾

الملائكة المقربون ،

﴿ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ ﴾

التسبيح التعظيم ، التسبيح التمجيد ، التسبيح التنزيه ، إذا قلت سبحان الله فقد مجدته ، وإذا قلت سبحان الله فقد نزهته عن كل نقص ، وإن قلت سبحان الله فقد عظمته ، التمجيد والتنزيه و التعظيم .

﴿ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾

يخضعون ، المؤمن لا يخضع لله وحده .
أيها الأخوة الكرام ، بهذا الدرس انتهت سورة الأعراف بتوفيق الله وفضله الكريم .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور