وضع داكن
19-04-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 038 - في ظلال الصدقة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الكرام على الهواء مباشرةً عبر أثير إذاعتكم حياة FM، نتواصل في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله دكتور.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 حياكم الله يا دكتور سيكون اليوم حديثنا عن الصدقة، هذه القضية الشرعية الكبيرة التي تحدثت عنها نصوص من آيات الله عز وجل، ومن حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قصص الصالحين والمصلحين في هذا الزمان، وأبدأ معكم بفلسفة الصدقة، ربنا الله عز وجل هو الذي خلقنا، وهو الذي يرزقنا، وإليه المال، فلماذا شرع الله الصدقة لنعيد المال وكأننا نعيده إلى الله عز وجل وهو من الله؟

العمل الصالح علة وجودنا في الدنيا :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.
 الحقيقة الدقيقة التي طلبتها وهي خطيرة جداً، الإنسان خلق ليعرف الله، وخلق لجنة عرضها السماوات والأرض، لأن الخلائق في عالم الذر، نحن الآن في عالم الصور، كنا في عالم الذر، الله عز وجل عرض علينا الأمانة، قال تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب : 72 ]

لأن الإنسان من بين الخلائق كلها قبِل حمل الأمانة كان إنساناً، فلما كان إنساناً كرمه الله عز وجل، فسخر الله عز وجل ما في السماوات وما في الأرض تسخير تعريف وتسخير تكريم، ولأن الإنسان قبِل حمل الأمانة خلق لجنة عرضها السماوات والأرض، لكن هذه الجنة تحتاج إلى ثمن، جيء به إلى الدنيا كي يدفع الثمن، والثمن هو العمل الصالح، لذلك الإنسان حينما يدنو أجله، لا يندم إلا على شيء واحد هو علة وجوده، قال تعالى:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

[ سورة المؤمنون : 99-100]

 والعمل الصالح مرتبته عند الله، قال تعالى:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 فلسفة العمل الصالح أن علة وجودنا في الدنيا أن نعمل صالحاً، فلسفة العمل الصالح هو دفع ثمن الجنة، فلسفة العمل الصالح هو أن الله لا سبيل إلى التقرب إليه إلا بالعمل الصالح، والدليل قال تعالى:

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾

[ سورة الكهف: 110 ]

ومعنى العمل الصالح أي الذي يصلح للعرض على الله، ومتى يكون العمل الصالح صالحاً؟ قال: إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وفق السنة، فإن لم يكن خالصاً لا يقبل، وإن كان خالصاً ولم يكن صواباً لا يقبل، والدليل:

﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ ﴾

[سورة النمل: 19 ]

 من أدعية القرآن الكريم، العمل الذي يرضاه الله عز وجل يجب أن يكون خالصاً يبتغي به وجه الله، لا زيد، ولا عبيد، ولا سمعة، ولا مكانة، ولا تألق، ولا شهرة، ولا شيء من هذا يبتغي به وجه الله.
 والشيء الثاني يكون وفق منهج الله، نحن لا نقول: يانصيب خيري، اليانصيب عليه إشكال كبير في الدين، خيري ليس لها معنى، لا بد من أن يكون العمل الصالح وفق منهج الله، وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أي صواب، ولا بد من أن تسبقه نية راقية هي الإخلاص يبتغي بها وجه الله عز وجل، لذلك المؤمن لا يبتغي من عمله إلا وجه الله، هذا إخلاصه، هو يتقصى أن يكون عمله وفق منهج الله.
المذيع:
 هل الصدقة تعد في قائمة الأعمال الصالحة؟ أي من الأعمال الأولى؟

أهم الأعمال الصالحة :

الدكتور راتب :
 من الأعمال الأولى للتبعيض، الحقيقة هداية الناس العمل الأول، والدليل:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت : 33 ]

﴿ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ﴾

[ سورة الأحزاب: 45-46 ]

 فالعمل الأول هو الدعوة إلى الله، لكن ما من عمل يتذبذب بين أن يكون أقدس عمل يرقى إلى صنعة الأنبياء كالدعوة إلى الله، لكن هذه الدعوة يوجد أعمال كثيرة جداً تدعمها، العمل الصالح يدعمها، لذلك أنت عندما تحسن إلى هذا الذي تدعوه إلى الله تكون دعمت دعوتك بعمل استجلبت قلبه به، يا داود ذكر عبادي بإحساني، فإن القلوب جبلت على حبِّ من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، أنت حينما تضع هذا المبلغ في يد الفقير قيل إن هذا المبلغ يقع في يد الله قبل أن يقع في يد الفقير، وسميت الصدقة صدقة لأنها تؤكد صدق الإنسان في عبادة الله، لأن المال محبب.

ثمن الجنة إيثار التكليف على الطبع :

هناك نقطة دقيقة جداً، لولا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات، أودع فينا حب المال فإنفاقه قربة إلى الله، لأن فيه معاكسة للطبع، الإنسان عنده طبع وعنده تكليف، الطبع مثلاً أن تحب المال، الطبع أن تحب المرأة، الطبع أن تحب المكانة، فالذي يمتنع عن النظر إلى امرأة لا تحل له يغض بصره خالف طبعه، والذي ينفق المال وطبعه كنز المال لا إنفاقه خالف طبعه، والذي يصمت أمام فضائح الناس ولم يخض في أعراضهم خالف طبعه، لذلك الطبع والتكليف متناقضان، وثمن الجنة هو أن تؤثر التكليف على طبعك، قال تعالى:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات:40-41]

 معك تكليف افعل ولا تفعل، ومعك طبع، الطبع فردي والتعاون تكليف، الطبع أن تأخذ المال والتكليف أن تنفقه، والطبع أن تملأ عينك من محاسن النساء، والتكليف أن تغض البصر، الطبع أن تخوض في فضائح الناس والتكليف أن تصمت، من تناقض الطبع مع التكليف يكون ثمن الجنة.

حجم الإنسان عند ربه بحجم عمله الصالح :

 قال تعالى:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات:40-41]

 للتقريب، راكب دراجة وصل إلى مكان صار الطريق طريقين، طريق هابطة وطريق صاعدة، والدراجة هوائية لا انفجارية، وطبعاً الطريق الهابط مريح جداً لراكب الدراجة خاصة إذا كان معبداً، وفيه أشجار، وثمار، وحدائق، لكن هذا الطريق الهابط ينتهي بحفرة مالها من قرار، فيها وحوش كاسرة جائعة، الطريق الصاعد متعب لراكب الدراجة فيه جهد، وليس معبداً، وليس فيه أشجار، ولا أزهار، ولا رياحين، لكن ينتهي بجنة هي لمن وصل إليها، على الشبكية الهابط مريح، وبالعقل الصاعد هو المجدي، لكن كتبت لوحة أمام الطريق الصاعد تذكر مصير من صعد في هذا الطريق، ولوحة ثانية كتب عليها مصير من هبط في هذا الطريق، وهناك مثل آخر وضع منظار، لك أن ترى بالمنظار ملامح الجنة، ولك أن ترى بالمنظار ملامح النار، البطولة أن تسلك الطريق الصاعد، لذلك العمل الصالح هو الطريق الصاعد، لك عمل أنت خدمت إنساناً، عالجت إنساناً مجاناً، يقول لي طبيب أسنان: جاءتني امرأة تعمل في وظيفة دخلها محدود جداً، بالتعليم، وعندها مشكلة بأسنانها، والتقويم ثمنه مرتفع، والقصة منذ عشرين سنة، قال لها: المبلغ حوالي ستين ألفاً، هي معاشها أقل من ألف في الشهر، قالت له: شكراً، والتفتت كي تذهب، قال لها: أختي هل تقبلين مني هذا التقويم هدية؟ رآها معلمة وإذا ابتسمت العيب في أسنانها فاضح، قال لي: خدمتها شهراً حتى قومت لها أسنانها، ثم قال لي: والله عشت شهراً كأني في الجنة.
 قال لي طبيب ثان: أنا أدخل إلى مستشفى عام، يوجد إهمال شديد بكل البلاد في المستشفى العام المجانية، لا يوجد بها عناية، قال لي: أهتم بالمرضى كأنهم في أرقى مستشفى، أعمل لهم تصوير إيكو مرنان، أخدمهم، ثم قال لي: أشعر بسعادة لا توصف.
 قال لي أخ ثالث: راكب سيارتي بطريق في دمشق الساعة الثانية عشرة ليلاً بالثمانينات، كان هناك نزوح من لبنان إلى سوريا بأحداث لبنان، امرأة تحمل طفلاً صغيراً وتبكي، وإلى جانبها زوجها، توقف خير؟ قالوا: حرارته أربعون ولا يوجد معهم نقود، ولا يعرفون أحداً، أخذهم بسيارته من مستشفى إلى مستشفى، من طبيب إلى طبيب، انتهى الساعة الخامسة صباحاً، قال لي: عشت بجنة لا توصف، لا أحد يعرف العمل الصالح، هو ثمن القرب من الله، قال تعالى:

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[سورة فاطر: 10]

 بل إن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، الإنسان عندما يكتشف أن العمل الصالح يضعك قريباً من الله، لذلك شخص قال للثاني: كيف أتقي السهام التي يقذفها هذا الإنسان؟ قال له: قف إلى جانبه، إن وقفت إلى جانبه لم يعد هناك سهام، لا يوجد إلا جهة واحدة في الكون هي الله، نفر منه إليه، لا ملجأ منك إلا إليك، نفر من عذابه إذا عصيناه إلى رحمته إذا اهتدينا، العمل الصالح هو ثمن الجنة، والعمل الصالح هو القرب من الله الوحيد، لكن يجب أن تسبقه نية، إخلاص، العمل الذي يقبله الله ما كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وفق السنة.
المذيع:
 دكتور بعد هذه القصص الجميلة عن الصدقة، وبركتها، وأثرها، نحب أن نتوسع أكثر، الصدقة لها أجر كبير عند الله عز وجل، كما ورد أن الصدقة تستخدم لمداواة المريض لمن أراد أن يكون عمره طويلاً، للقرب من الله عز وجل، لتكفير الذنوب، ولمحق غضب الله عز وجل، لماذا الصدقة لعلاج كل هذه المشاكل في الحياة؟

الصدقة علاج لمشاكل الحياة :

الدكتور راتب :
 أولاً: الإله العظيم جلّ جلاله يسترضى، يسترضى بالصدقة، أحياناً يكون هناك مدير عام في مؤسسة إذا كشف خطأ لا يغفر، بل يسحق صاحبه، الإله العظيم ذات كاملة، أنت إذا أخطأت بحق الإله العظيم واستغفرت وتبت قبِل التوبة، واسترضيته قبل عنك، يوجد كلمة أقولها دائماً: الله يسترضى بالصدقة.
المذيع:
لماذا الصدقة؟
الدكتور راتب :

سميت صدقة لأنها تؤكد صدق الإنسان، لو فرضنا إنساناً له قريب مريض يزوره، لا تكلفه شيء، ربع ساعة بسيارته، وصافحه، وتمنى له الشفاء، لكن هذا القريب لا يملك ثمن العمل الجراحي وهو مبلغ كبير، أنت إذا قدمت هذا المبلغ لهذا القريب وشفيت هذا الأب، والله دخلت إلى بيت صاحب البيت معه أزمة قلبية حادة، والمبلغ الذي يحتاج لإجراء عملية قلب مفتوح لا يملك واحد بالمليون منه، هو أربعمئة ألف منذ ثلاثين سنة، والطبيب الجراح أحد أخواني، الجراح الأول في سوريا، لا يوجد حل، جاء محسن، أنا زرت البيت، هو أحد أخواني قبل العملية كآبة مخيمة على البيت، الأم مريض طريح الفراش، لا يوجد عنده عمل، أو دخل، وعنده خمسة أولاد، جاء رجل محسن بلغ الطبيب الجراح قال له: العملية على حسابي، العملية نجحت نجاحاً باهراً، أقسم لك بالله زرت هذا المريض بعد نجاح العملية والله الأولاد كادوا يرقصون من فرحهم، البيت عاش فرحة لا تقدر بثمن، هذا العمل الصالح، أنت عندما ترى عملك الصالح صار أمناً، صار فرحاً، أنت رسمت بسمة على وجوه الصغار، العمل الصالح له آثار لا يعلمها إلا الله.
 أكاد أقول لك: إن علة وجودنا الوحيدة في الدنيا العمل الصالح، والدليل الإنسان إذا اقترب أجله يقول:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

[ سورة المؤمنون : 99-100]

 لا يذكر إلا العمل الصالح لأنه ثمن الجنة.
المذيع:
 كنت تحدثنا عن الصدقة، وأنها علامة صدق الإنسان مع الله، لماذا الصدقة هل لأن الإنسان فطر على حب المال فأنفقه؟

محبة الله لا تؤكد إلا بمخالفة الطبع :

الدكتور راتب :
 لا يوجد طريقة تؤكد محبتك لله إلا إذا خالفت طباعك، الطبع أخذ المال والصدقة دفع المال عكس، الطبع أن تملأ عينك من محاسن النساء والتكليف أن تغض البصر، الطبع أن تخوض في فضائح الناس والتكليف أن تصمت، فلأن الطبع يتناقض مع التكليف كان تناقض الطبع مع التكليف ثمن الجنة، قال تعالى:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات:40-41]

 المؤمن منضبط، الإيمان قيد، والتفلت يناسب عدم الإيمان.
المذيع:
 هل بركات الصدقة يقطفها الإنسان في الآخرة الذي يقرض الله قرضاً حسناً أم في الدنيا يستفيد منها؟

مهمة العقاب والثواب إعداد أنفسنا للدار الآخرة :

الدكتور راتب :
 الجواب دقيق، الله عز وجل يكافئ بعض المحسنين تشجيعاً للباقين، و يعاقب بعض المسيئين ردعاً للباقين، أما هو الحساب الختامي الكامل القطعي الثابت فهو يوم القيامة، قال تعالى:

﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

[ سورة آل عمران: 185 ]

 الله عز وجل مربّ، رحمة بنا يكافئ المحسن في الدنيا قبل الآخرة، بهذه المكافأة يشجع بقية المحسنين، ويعاقب مسيئاً في الدنيا قبل الآخرة، بهذا العقاب يردع بقية المسيئين، نحن عندنا عقاب وعندنا ثواب في الدنيا، مهمة العقاب والثواب أن نعد أنفسنا للدار الآخرة.
المذيع:
 سيكافئ المتصدقين في الدنيا قبل الآخرة، كيف تكون مكافأتهم هل تكون بمال؟

المال المزكى لا يمكن أن يتلفه الله :

الدكتور راتب :

(( ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة ))

[ أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن أبي هريرة]

 أعرف صديقاً، والده صاحب أكبر معمل في بلاد الشام، معمل ضخم جداً، ومعه بضاعة جاءته مستوردة، والباخرة غرقت في البحر الأحمر، وكل بضاعته في الباخرة، وهو يؤدي الزكاة ضعفاً، بعد أربع سنوات الباخرة أخذت بضاعتها منها، بضاعته كلها معادن، أي ربح بها عشرة أمثال:

(( ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة ))

[ أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن أبي هريرة]

 والله معي آلاف القصص، أعرف معملاً في لبنان، البناء يوجد فيه معملان، الأول معمل سرق بأكمله حتى الأشياء المتعلقة بالأساس والبناء، ما بقي شيء، والمعمل الثاني صاحبه يزكي عن ماله، أقسم بالله وهو على صلة معي بعد نهاية الأحداث فتح المعمل بالمفتاح لا يوجد شيء ناقص في المعمل، أنا أطمئن الأخوة المشاهدين:

(( ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة ))

[ أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن أبي هريرة]

 المال الذي تزكي عنه لا يمكن أن يتلف.
المذيع:
 في ظل حديثنا عن الزكاة، الزكاة لها مصارف معينة، والصدقة لها مصارف مختلفة، الزكاة ليس من مصارفها للمساجد، بينما الصدقة للمساجد لماذا هذا الفرق؟
 

ضرورة عزل مال الزكاة :

الدكتور راتب :
 قبل هذا يوجد موضوع، أنا أخاطب أخوتي المستمعين، تاجر من التجار ينتهي العام المالي، قد ينتهي عامه الهجري، ممكن، في رمضان قد يكون عامه ميلادي، انتهى العام جمع ماله، ثمن البضاعة والأموال النقدية والديون التي له محذوفاً منها الديون التي عليه، مبلغه ثلاثة ملايين، الآن الزكاة اثنان و نصف بالمئة، يا ترى بهذه الأسبوع هل يجد الفقراء المناسبين؟ لا يجد، فإذا دفع الزكاة جزافاً لمن يستحق ولمن لا يستحق، وقع في إشكال كبير، أنا أنصح أخوتي التجار أنت أنهيت بواحد شوال العام المالي السابق، ودفعت زكاته، واحد شوال العيد افتح حساب الزكاة على مدى العام، لك قريب بحاجة إلى عملية جراحية واضحة مثل الشمس، لك قريب آخر ابنه في الجامعة وهو مضطر إلى قسط واضحة مثل الشمس، أنت خلال سنة تجد مئات الحالات الواضحة لا تحتاج إلى تحقيق، لا يوجد بها كذب، أنا أنصح أخوتي التجار أن يفتحوا حساب الزكاة في أول العام، وكلما وجد حالة ضرورية جداً يدفعها، مضى العام وجد أنه قد دفع اثني عشر ألفاً، وزكاته خمسة عشر ألفاً، أنت معك سنة، حولك مؤمنون أتقياء، حولك طلاب علم، حولك من يحتاج إلى علاج، تدفع الزكاة سلفاً، آخر العام زكاة مالك عشرون ألفاً، دافع ثمانية عشر بقي ألفان، تدفعهم، أما في يوم واحد أريد أن أدفع عشرين ألفاً فلن أجد المستحقين بيوم واحد، وإن أخرت الزكاة يوجد مشكلة، أنا أتمنى أن تدفع الزكاة من أول يوم بعد العام المنتهي، معك سنة، تأتي حالات لعندك طبيعية، وأقرباء بحاجة، لا يوجد عندك مشكلة.
 إذا أنت ما وجدت مصارف للزكاة مقتنعاً بها، المال الذي في الصندوق الحديدي يعزل، تضعه بظرف زكاة العام الماضي، عزل المال نوع قريب من دفع الزكاة، أنت ما وجدت من يستحق هذه الزكاة، لم يبق المال مع مالك، أنت عزلته بطرف، أنت تنتظر في العام القادم من بحاجة إلى الزكاة، لذلك قالوا: عزل المال مهم بالزكاة.
المذيع:
 الزكاة فريضة، والصدقة سنة، لماذا جعل الله الزكاة فريضة والصدقة سنة؟

الحكمة من جعل الزكاة فريضة والصدقة سنة :

الدكتور راتب :

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾

[ سورة البقرة: 177 ]

 في نفس الآية قال: الزكاة، وآتى المال على حبه هذه صدقة، الزكاة مثل الضريبة، المبلغ الأدنى للمواطن ليسهم في بناء الدولة، أما الزائد فحباً لله، قال تعالى:

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾

[ سورة البقرة: 177 ]

 فرق كبير بين أن تؤدي الزكاة، الزكاة فرض، الحد الأدنى لتوازن الأمة، يوجد أغنياء و فقراء، مدروسة دراسة مذهلة، أنا أذكر مرة قرأت دراسة في سوريا عن استحقاق الزكاة في القطر بأكمله، لا يمكن أن يبقى فقير، الواقع لا يدفع من الزكاة واحد بالألف، يوجد أناس شردوا عن الله، لا يدفعون زكاة، أما لو تم دفع الزكاة كما أراد الله فلن يبقى عندنا فقير إطلاقاً.
المذيع:
 الزكاة جاءت إلزاماً من الله عز وجل، أما الصدقة فقرب من الله.
الدكتور راتب :
 إذا مواطن تبرع ببناء جامعة، يقام له حفل تكريم كبير، أما إذا شخص دفع ضريبة فلا يأخذ كتاب شكر، فالزكاة فرض لسلامة المجتمع.
المذيع:
 لماذا كان من مصارف الصدقة ما هو مرتبط بالقرآن وببناء مساجد ولم يكن من مصارف الزكاة؟

الحكمة من اختلاف مصارف الصدقة عن مصارف الزكاة :

الدكتور راتب :
 لقوله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

[ سورة البقرة: 60 ]

الزكاة يجب أن تنصرف إلى الجياع، إلى الفقراء، أما عملنا بناء فخماً وصرفنا كل الزكاة ما مصير الفقراء؟ أما الصدقة فممكن أن تبني مدرسة، توزع كومبيوترات على الطلاب، ممكن أن تعطي مليون شيء ليس له علاقة بالمال، هذا بالصدقة، في بعض البلاد كل طالب معه آيباد، الكتب كلها ألغيت، الكتب مكلفة مئة مليون، معك كتب الفيزياء والرياضيات..كلها على الآيباد، أنت بالعمل الصالح تعمل مشاريع مذهلة، أنا إذا عندي فقير، وعمرت بناء، البناء لا يشبع جياع، البناء تقدم، رقي، أنا عندي حالة أساسية، أريد أن أنبه الأخوة إذا أنت لك ديون مع الناس، هناك الكثير من التجار البعيدين عن منهج الله، يحسمونها من زكاة أموالهم، عليه زكاة مال، وله مع الناس أموال، فحسم وطرح المبالغ من الزكاة، ودفع الباقي، هذه لا تجوز، أنت تركت الفقير جائعاً بهذه الحالة، أنت حللت مشكلتك.
المذيع:
 هل الصدقة هي صدقة في المال، عندما نسمع النبي صلى الله عليه وسلم:

(( وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

(( تبسمك في وجه أخيك صدقة ))

[ ابن حبان عن أبي ذر الغفاري ]

ما عبد الله في الأرض بأفضل من جبر الخواطر :

الدكتور راتب :
 كل شيء يؤكد صدقك مع الله هو صدقة، أحياناً ابتسامة بوجه موظف يبقى شهراً فرح بها، أنت مدير عام، قل له: كيف صحتك يا بني؟ هل أهلك بخير؟ الله يوفقك:

(( وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

(( تبسمك في وجه أخيك صدقة ))

[ ابن حبان عن أبي ذر الغفاري ]

 ماذا أقول لك؟ أحياناً تأتي خادمة غير مسلمة تجد معاملة طيبة، معاملة راقية جداً، تدخل في الإسلام، وهناك خادمات ينتحرن بالقسوة البالغة، المؤمن محسن.
المذيع:
 التبسم يعد صدقة؟
الدكتور راتب :
 أبداً، عمل صالح، ما عبد الله في الأرض بأفضل من جبر الخواطر.
المذيع:
 هل يلجأ الفقير لهذا النوع من الصدقة إن لم يجد صدقة المال؟

الحكمة من صدقة الفطر :

الدكتور راتب :
 نحن عندنا زكاة الفطر تجب على كل إنسان كائناً من كان فقيراً أم غنياً، ما حكمة هذا الصدقة؟ قال: حكمتها كي يذوق المؤمن طعم الإنفاق، فقير جداً عليه زكاة، لكل شخص دينار واحد، مثلاً هذا الدينار عندما أنفقه ذاق طعم الصدقة، أراد الله أن يذيق المؤمن طعم الإنفاق، هذه زكاة الفطر في رمضان، الذي عنده وجبة طعام واحدة عليه زكاة فطر، وجبة طعام واحدة يملك قوت يومه فقط عليه زكاة فطر، من أجل أن يذوق المؤمن طعم الإنفاق، الإنفاق مسعد جداً، أنا كنت في بلدة ميلانو منذ سنتين أو ثلاث التقيت برجل من كبار أغنياء موريتانيا مشروعه ما هو؟ دفع ستمئة مليون دولار من أجل تعليم أبناء المسلمين الأفارقة، الابن يذهب ويتسول يعود مساء بدولار واحد مجموع تسوله، أعطى الأب عشرة دولارات عن كل ابن وأخذ ابنه وعلمه وجعل معظمهم دعاة، وعلماء، والله يوجد أعمال صالحة في الحياة شيء لا يصدق، ولا يوجد إنسان عاقل إلا العمل الصالح ديدنه.
المذيع:
 الظاهر في المال أنه عندما يتصدق يقل، معه ألف دينار تصدق بثلاثمئة المنطق أنه بقي سبعمئة، ما نعلمه في ديننا العكس، النبي صلى الله عليه وسلم:

(( أنفق بلال، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا ))

[ رواه الطبراني عن ابن مسعود ]

(( يا رسول الله لم يبق إلا كتفها، قال : بل بقيت كلها إلا كتفها ))

[ الترمذي عن عائشة ]

 كيف نفهم هذا؟

الآية التالية تخالف قوانين الأرض لكن يرعاها الله بقوانين السماء :

الدكتور راتب :
 هذه حالة نادرة أنا معي ألف لو دفعت زكاة مالي المبلغ نزل، أنا أقرضت إنساناً قرضاً ربوياً، أقرضته ألفاً يرجعون ألف ومئة، بالحسابات الزكاة تقلل المال، والقرض الربوي يرفع المال، لكن الإله يقول:

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾

[ سورة البقرة: 276 ]

 الآية بعكس الواقع، الواقع إقراض الناس قرض ربوي يزيد المال، وإقراض الناس قرض حسن يقلل المال، كيف يقلله؟ مع مضي سنة تنخفض قوته الشرائية، لكن وعد الله عكس ذلك، هذه من الآيات النادرة التي تخالف قوانين الأرض لكن يرعاها الله بقوانين السماء:

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾

[ سورة البقرة: 276 ]

 أحياناً يتوهم الطبيب أنه يوجد التهاب سحايا، يدفع الأب آلافاً ثم يكتشف أن التشخيص كان خطأ، الله عز وجل دفعه آلافاً، الله عز وجل قادر أن يخسر العبد مئات الملايين بأخطاء منه، والإنسان عندما يكون مع الله، الله يحمي له صحة أولاده، صحته مصونة، رزقه معقول، يوجد تفاهم في البيت، أحياناً خطأ في القيادة يكلف مبالغ طائلة، الله عز وجل قادر أن يتلف مال البخيل إتلافاً، وقادر أن يبارك بمال الفقير المؤمن.
المذيع:
 والصدقة تجلب الرزق؟

استجلاب الرزق بالصدقة :

الدكتور راتب :

(( استمطروا الرزق بالصدقة))

[الجامع الصغير عن جبير بن مطعم]

 الذي عنده مشكلة مالية أنا أقول لأخواني: استمطروا الرزق بالصدقة..
المذيع:
هو يبحث عن أي دينار ليسد حاجته، يذهب ليتصدق؟
الدكتور راتب :
 هو لا يدفع مبلغاً كبيراً، لكن يعتقد أن الله عز وجل يريد منك أن تدفع شيئاً، إذا إنسان توهم أن الله لا يحبه، قال تعالى:

﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 فليمدد بسبب إلى السماء أي الصدقة:

﴿ ثُمَّ لِيَقْطَعْ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 يقطع كل معصية:

﴿ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 كل أخ متوهم قد يكون من الشيطان أن الله لا يحبه، ولا يوفقه، والله سمعتها من أشخاص كثر هذه الكلمة، الله لا يوفقني، أنت بهذه الطريقة متوهم أن الله لا يوفقك؟ قال تعالى:

﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 هي الصدقة:

﴿ ثُمَّ لِيَقْطَعْ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 المنكرات والمعاصي والآثام:

﴿ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 هذه نصيحة لأخواننا الكرام: عندك وهم أن الله لا يحبك، الله يحب كل عباده، أنت الآن استرض الله بمبلغ من الصدقة، قد يكون بسيطاً لكن هذا استرضاء لله، اقطع كل معصية ثم انظر بعد ذلك.
المذيع:
 الصدقة حينما يخرجها الإنسان من ماله يبتغي بها وجه الله عز وجل هل من خلل إن كان هناك نية أخرى أن يساعد الناس؟ أن ينمي ماله؟ هل يعد إشراك بالنية مع الله عز وجل؟

من ترك العمل الصالح خوف الرياء فهو أكبر رياء :

الدكتور راتب :
 من لوازم الصدقة أن الله ينمي المال، ولا يعد إشراك، الاستقامة لها ثمار طيبة، إذا شخص عرف أنه إذا دفع من ماله أنا أسترضي الله عز وجل، الله يرزقني. من ترك العمل الصالح خوف الرياء فهو أكبر رياء.
المذيع:
 هل الصدقة تدفع البلاء وسوء الحال؟

الصدقة تدفع البلاء وسوء الحال :

الدكتور راتب :

(( باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطى الصدقة ))

[البيهقي عن أنس ]

 ادفع صدقة باكراً، صدق ولا أبالغ أنا ناصح مئات الأشخاص، عنده مشكلة ادفع صدقة، معه مرض خطير ابحث عن أقوى طبيب، واستعمل الدواء بدقة بالغة، ولكن اطلب الشفاء بالصدقة، هذا من السنة:

(( داووا مرضاكم بالصدقة ))

[ الطبراني عن عبد الله بن مسعود]

 والله قلتها لآلاف الأشخاص، عندك مشكلة ادفع صدقة، المشكلة بعملك قد تكون، بدراستك، مشكلة في البيت، استرض الله بالصدقة، الله يغير قلوب من حولك، أنا هذه أطبقها في حياتي كلها.
المذيع:
 ما علاقة الصدقة بالمرض؟

(( داووا مرضاكم بالصدقة ))

[ الطبراني عن عبد الله بن مسعود]

علاقة الصدقة بالمرض :

الدكتور راتب :
 لأن الإنسان حينما لا يكون عنده أية مشكلة يقترب من الغنى يستغني عن الله عز وجل، الله يحب أن يسمع صوت عبده المؤمن، يبعث له شبح مصيبة تجده بدأ يصلي قيام الليل، بدأ يقرأ قرآناً، بدأ يغض بصره تماماً، الله عز وجل يسوق للإنسان بعض الشدائد ليرفع سرعته إلى الله عز وجل، مصائب الأنبياء مصائب كشف فقط، ومصائب المؤمنين دفع ورفع، لغير المؤمنين ردع وقصم ، للكفار ردع أو قصم.
المذيع:
 أشكال الصدقة هل يمكن للمؤمن أن يتصدق بغير المال؟

أشكال الصدقة :

الدكتور راتب :

(( تبسمك في وجه أخيك صدقة ))

[ ابن حبان عن أبي ذر الغفاري ]

المذيع:
 غير التبسم إذا كنت تاجراً هل يمكن أن أتصدق ببضاعة من عندي؟
الدكتور راتب :
 هنا يوجد مشكلة كبيرة، هذه البضاعة إذا كانت أساسية عند الفقراء، لو فرضنا كنزة وزنها مئة غرام للتباهي، لا تقدم من زكاة مالك، أما معطف للمرأة جديد، جيد جداً، فهذا من الزكاة، مقبول أن تدفع زكاة مالك من أعراض التجارة، تجارتك أساسية.
 عندنا في الشام صندوق حفظ النعمة، تدخل المرأة الفقيرة تجد خمسين نوعاً من المعاطف، كلها جديدة، هذه من الزكاة، والذي يدفع زكاة ماله من البضاعة يسجلها برأسمالها فقط، معنى هذا لو دفع زكاة ماله مالاً يكون قد دفع أقل من البضاعة.
المذيع:
 هذا في الزكاة وفي الصدقات دكتور إذا أراد أن يتصدق لا يشترط أن يكون نقداً، لو زوجته أحضرت طعاماً وتصدقت لعائلة فقيرة، يعد صدقة؟

الصدقة ليس لها قيد إطلاقاً :

الدكتور راتب :
 الصدقة ليس لها قيد إطلاقاً، كل شيء مقبول، الزكاة يجب أن تنصرف إلى الفقراء، لكن يوجد فتاوى معاصرة هي محيرة، بناء للاجئين، بناء للفقراء، بناء تعليمي، بعضهم أجازه، وبعضهم قال: إذا بلدة لا يوجد بها جامع إطلاقاً، والصلاة معطلة فيها، يجوز أن نبني هذا المسجد من الزكاة، هذه حالات نادرة جداً.
المذيع:
 نريد قصة من حضرتكم تحث الناس فيها على الصدقة شخصياً؟

الصدقة أكبر وسيلة لتحقيق الأهداف :

الدكتور راتب :
 والله أنا أذكر أن هناك أشخاصاً يعانون ما يعانون من دخل محدود جداً، أنا نصحتهم، وهم قريبون مني كثيراً بدفع مال تقرباً إلى الله، الله عز وجل مقابل هذا المال الذي تصدق به ينعم عليه، ويحل له مشكلته، أنا أرى أن الاتصال بالله قبل الفجر، ودفع المال هو أكبر تقرب إلى الله، أكبر وسيلة لتحقيق أهدافك، الله يسترضى.
المذيع:
 نختم بدعاء..

الدعاء :

الدكتور راتب:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.

خاتمة و توديع :

المذيع :
 بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور