وضع داكن
19-04-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 150 - فاسألوا أهل الذكر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، حياكم الله مستمعينا الأكارم عبر أثير إذاعتكم حياة fm في مجلس علم وإيمان جديد، مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله شيخنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 ربنا يتقبل الطاعات، ويفتح عليكم إن شاء الله يا شيخنا.

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل: 43]

 هو عنوان نقاشنا لهذا اليوم مع شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، شيخنا الكريم متى يسأل الإنسان أهل الذكر؟ ومن هم أهل الذكر؟

الدعوة إلى الله صنعة تقترب من صنعة الأنبياء :

الدكتور راتب :
 قبل هذا وذاك، إنسان عنده بيت لا يملك غيره، أراد أن يبيعه ليشتري بيتاً أوسع، فخرج من البيت رأى دلالاً، أي تاجر عقارات، قال له: هذا البيت قيمته كذا، هل يبيعه فوراً؟ يسأل عشرة أشخاص، من أجل بيع بيت، يسأل عشرة لأن هذا مالاً، والمال غال، وماله الوحيد، لا يوجد عنده مال ثان، فمن أجل شراء بيت تسأل عشرة خبراء، ودينك تكتفي بشخص واحد أعطاك فتوى تقبلها منه ولا تهتم بالفتاوى الأخرى؟ هذه هي المشكلة، فربنا عز وجل قال:

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل: 43]

والله عز وجل من عظمته جعل في الأرض دعاة.

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 أي ليس على وجه الأرض كلها في القارات الخمس، وفي الأزمان كلها إنسان أفضل عند الله

﴿ مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

 الدعوة إلى الله صنعة تقترب من صنعة الأنبياء، لكن الأنبياء معصمون، الداعية غير معصوم، فلذلك النبي الكريم الله عز وجل أمره أن يجهر بمعجزاته، يتحدى بها الآخرين، أما الولي فممنوع أن يتكلم عن كراماته، لأنه هو غير معصوم، فإذا تكلم عن كراماته يأتي شخص خبيث يضبطه بحال، بقضية فيها ترك الأولى، ويدعي أن هذا كان معصوماً، فهذا يقع في مشكلة كبيرة جداً، فنحن نؤمن بعصمة إنسان واحد هو النبي الكريم.
المذيع:
 سأطرح على فضيلتكم سؤالاً شيخنا يطرحه كثير من الناس بالمثال الذي ذكرته، أن إنساناً شيخنا الكريم إذا أراد أن يبيع بيتاً يسأل أو يستشير عدداً كبيراً من الناس، هل سيكون لك رد شيخنا في الدين، الدين من عند ربنا، يفترض أن الأحكام قطعية واضحة، لماذا تتضارب أصلاً الفتاوى بين العلماء؟

الأحكام الأساسية بالدين لا يختلف عليها اثنان في الأرض :

الدكتور راتب :
 نحن عندنا أحكام أساسية بالدين، لا يختلف عليها اثنان في الأرض، من يقول: السرقة حلال؟ ولا شخص واحد، من يقول: الخمر حلال؟ ولا شخص واحد، أما الله عز وجل فقد ترك هامشاً اجتهادياً، هذا الهامش ترك للنبي الكريم، لكن النبي الكريم لو أصاب في اجتهاده سكت الخالق، سكت الوحي، سكوت الوحي إقرار، النبي الكريم بشر.

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[ سورة النجم: 3-4]

 يوجد وحيان، وحي الكتاب ووحي السنة، وحي السنة ظني الثبوت، يوجد حديث موضوع، حديث ضعيف، أما الكتاب فقطعي الثبوت، السنة ظنية الثبوت، الله قال:

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل: 43]

 لابد من إنسان مرجع تسأله هذا الحديث صحيح أم غير صحيح؟ فأنت بحاجة إلى عالم، العالم مهمته يبين لك، يبين ويعطيك الدليل، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء، إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينك، ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذي مالوا، إذاً أنت بأمور الدين عندك نص قطعي الدلالة، وهو القرآن، قطعي الدلالة، انتهى لم يعد هناك اجتهاد، لا اجتهاد في مورد النص، لكن السنة ليست قطعية الثبوت، ظنية الثبوت، يوجد حديث موضوع ما قاله النبي، حديث ضعيف عليه إشكالات كبيرة.
المذيع:
 حتى نوضح للمستمعين شيخنا نقول: حديث صحيح، وحديث ضعيف، ليس معنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئاً صحيحاً أو ضعيفاً، أما المقصود في هذا فهم الرواة؟

الأحاديث الضعيفة أحاديث مختلفة في الأسانيد :

الدكتور راتب :
 طبعاً نحن عندنا السند والمتن، فالسند فيه خلاف.
المذيع:
 السند الذي هو عن فلان، عن فلان.
الدكتور راتب :
 إذا الإنسان ضبط بغلطة لا يعتبرونه من الرواة الأوائل، يكون النص صحيحاً.
المذيع:
 عندما يكون هذا التقييم أن هذا الحديث ضعيف المقصود فيه بالرواة؟
الدكتور راتب :
 ليس هناك أمة في الأرض تملك علم الرواية كالمسلمين. مثلاً: الإمام البخاري يقول: من أربعمئة ألف حديث أخذ أربعة آلاف حديث.
المذيع:
 التحقيق كان في الرواة حتى يتأكد أنه نقل الرواية كما هي عن النبي صلى الله عليه وسلم؟

حاجة أحاديث الإشكاليات إلى عالم متفوق في دينه :

الدكتور راتب :
 الآن يوجد شيء اسمه الدراية، النص نفسه، يوجد نص يتناقض مع القرآن، عليه إشكال، عندنا مئتا حديث بعلم الحديث يدعى مشكل الحديث، هذه تترك لأهل العلم، مثلاً:

(( لَوْلا أنَّكم تُذْنِبُون لذَهَبَ الله بِكُم ))

[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه]

 ما هذا الكلام أي ارتكب ذنباً؟!
 الحديث صحيح، أي إذا إنسان لم يدرك ذنبه الصغير هو بعيد عن الله كثيراً، إدراك الذنب معناه هنا:

(( لَوْلا أنَّكم تُذْنِبُون))

 إذا عرفتم ذنبكم، إذا أنتم غلطتم، السهرة كلها غيبة ونميمة، يقول لك: لم نعمل شيئاً.
المذيع:
 كيف يفسر ويفهم هذا الحديث؟
الدكتور راتب :
 يوجد أحاديث قليلة، أحاديث الإشكاليات إن صح التعبير تحتاج إلى عالم، الإنسان إذا لم يكن عنده إمكانية لا يطرحها بدرس، إذا لم يكن عنده إمكانية ليشرحها شرحاً مفصلاً.

(( لَوْلا أنَّكم تُذْنِبُون لذَهَبَ الله بِكُم ))

أي الشخص إذا ارتكب معصية كبيرة، قال: والله ما عملت شيئاً، هذا عنده خلل كبير بالمبادئ والقيم، خلل كبير جداً.
 لذلك يقولون: هناك شيء إذا صغر عندك كبر عند الله، وشيء إذا كبر عندك صغر عند الله، هو الذنب، الذنب كبير عليك، معنى هذا أنت كبير عند الله، عند الله يغفر إذا أنت استكبرته، وخفت منه، وما نمت الليل خوفاً على إيمانك، وعلى علاقتك بالله، ما دام كبر عندك صار عند الله صغيراً، ما عملنا شيئاً، السهرة كلها غيبة ونميمة، أو سهرة مختلطة، وملأ عينه من محاسن النساء، وبالعكس وصفهم لأصدقائه مثلاً، ما عملنا شيئاً، فقط سهرنا، فالذنب كلما كبر عندك صغر عند الله، وكلما صغر عندك كبر عند الله.

(( لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع استغفار ))

[ أخرجه الحارث عن أبي هريرة وعبد الله بن عباس ]

 شيء دقيق جداً، أوضح مثل أنت تمشي بطريق عرضه ستين متراً، ثلاثون بثلاثين، و أنت تمشي بالمنتصف، ما الصغيرة؟ حرفت المقود سنتمتراً واحداً فقط، لو ثبته تصبح في الوادي، ولو بعد وقت، الكبيرة حرفته تسعين درجة، لو أرجعته لا يوجد شيء، فلا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا شيخنا، إذاً الفكرة شيخنا إذا هنالك قضايا كما تفضلتم هي قطعية الدلالة كما جاء في بعض الأحكام في القرآن الكريم كتحريم الربا، والخمر، وما شابه، لا مجال للنقاش فيها، ولسنا أصلاً بحاجة إلى سؤال أحد، لأن الحكم واضح وقطعي، لكن يوجد بعض القضايا الله سبحانه وتعالى لحكمة ترك هامشاً من الاجتهاد، والاختلاف بين الفقهاء، هذه التي يسأل عنها أهل الذكر.
الدكتور راتب :

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾

[ سورة النحل: 43]

المذيع:
 من هم أهل الذكر دكتور؟

تعريف أهل الذكر :

الدكتور راتب :
 أهل الذكر هم الذين عرفوا الله، وذكروه، وذكرهم.

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[ سورة البقرة: 152 ]

المذيع:
 هل هم أهل العلم الشرعي؟
الدكتور راتب :
 طبعاً العلم الشرعي مع التطبيق، اسمه عالم رباني، يوجد إنسان قد يكون فرنسياً ومسيحياً مثلاً يقرأ الدين يصبح أستاذ جامعة بالسوربون، يتكلم عن دروس دقيقة جداً بالإسلام.
المذيع:
 بالشريعة الإسلامية وهو غير مسلم؟
الدكتور راتب :
 بأوروبا يوجد اختصاصات، يكون غير مسلم، لكن هو عنده فكر، أخذ النصوص وشرحها وجمع القواسم المشتركة بينها، ممكن، ولكن هناك شيء اسمه عالم رباني، أي عالم مطبق، وأنا أقول لك كلمة: الإنسان ما لم يكن يطبق لا يعتد بكلامه بالإسلام، أنت ممكن أن تنتفع من طبيب غير مسلم، اختصاصه جراح قلب غير مسلم تنتفع منه، علمه دقيق جداً، تنتفع من محام غير مسلم، تنتفع من مهندس غير مسلم، لكن لا يمكن أن تنتفع من عالم غير مطبق للشريعة، لا قيمة له عندك، أنت تنتفع من أي إنسان تحتاج إلى علمه فقط، فقط اختصاصه، لكن أنت لا يوجد عندك إمكان أن تصغي لرجل دين لا يطبق ما يقول.
المذيع:
 هؤلاء هم أهل الذكر، العلماء المطبقون.
الدكتور راتب :
 الربانيون، المطبقون.
المذيع:
 ما معنى دكتور أن فلاناً عالم رباني؟

العالم الرباني :

الدكتور راتب :
 هو من عرف الله.

(( ابن آدم اطلبنِي تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء))

[ورد في الأثر]

 عالم رباني أي لم يكتف أنه عرف الله، طبق منهجه، طبق، دعا إليه، عرف، وطبق، ودعا، صار عالماً ربانياً، عرف الله، وطبق منهجه، ودعا إليه.
المذيع:
 هل هذا الترتيب يجب أن يكون في حياة كل مسلم دكتور بداية يتعلم فيعرف الله، يبدأ بنفسه بالتطبيق ثم يدعو من حوله.
الدكتور راتب :
 لن تستطيع أن تقنع إنساناً بأصغر فقرة بالدين إن لم تكن مطبقاً لها.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور.
 شيخنا نتوسع أكثر بعد الفاصل بعد إذن فضيلتكم خاصة أن هناك نقطة أحياناً هنالك قضايا يسأل عنها فتجد من يتشدد من تحريمها مثلاً، ومن يتراخى تراخياً شديداً فيها، نريد أن نتوسع أكثر مع فضيلتم بعد فاصل قصير.
 حياكم الله شيخنا وأستاذنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 نلخص ما كنا نتحدث فيه أن الدين فيه قضايا قطعية كما تفضلتم في بعض أحكام القرآن، وهذه لا نقاش فيها، لكن هنالك بعض المساحة التي سمح باختلاف الآراء فيها، حتى يكون هناك اجتهاد بين علماء المسلمين بها.
 الآن شيخنا قد يتعرض الإنسان إلى جوابين مختلفين بشكل كامل، وهذا ما نشهده اليوم بكثير من الفتاوى، نتصل بشيخ، أو بقناة فضائية لنستفتي، نأخذ حكم هذه القضية حرام، بعد يومين أو ثلاثة نلتقي بشيخ - أنا صار معي نفس الموضوع- يقول: إنها حلال، هذا الكلام يعمل إشكالاً عند الناس.

على الإنسان أن يأخذ دينه عن الأرضيات لا عن الفضائيات :

الدكتور راتب :
 لي تعليق أنا بشكل طرفة: أقول لأخواني في المسجد، خذوا دينكم عن الأرضيات لا عن الفضائيات، أي إذا كان هناك عالم متمكن، موثوق بعلمه، ورع، يخاف أن يغلط غلطة صغيرة، خذ عن هذا، فخذوا دينكم عن الأرضيات، الفضائيات أحياناً فيها أجندة، يكون مع المتكلم أجندة، يتكلم شيئاً غير معقول، لكن معه مهمة، أي هو مستأجر، هو استخدم لخطة بعيدة عنا.
المذيع:
 يبيع دينه لمصلحة معينة، كيف أنا شيخنا كإنسان أميز هل هذا عالم رباني أم لا؟

للإنسان مع القرآن مهمة واحدة و مع السنة مهمتان :

الدكتور راتب :
 أنا أتمنى على أخوتي المستميعين والمشاهدين؛ إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينك، ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذي مالوا، أي أنت مع القرآن، عندك مهمة واحدة، أن تفهم ما قاله الله تعالى، لأنه قطعي الثبوت، إن الله عز وجل تولى بذاته العلية حفظ كتابه.

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾

[ سورة الحجر:9]

 مع القرآن عندك مهمة واحدة، أن تفهم ماذا قال الله عز وجل، وأن تطبق، لكن مع السنة يوجد معك مهمتان، أن تتأكد من صحة الحديث، ثم تفهمه كما أراد النبي، ثم تطبقه.
المذيع:
 هل يستطيع المسلم العادي أن يقوم بهذه المهمة شيخنا؟

العلم مبذول بلا ثمن و الله عز وجل تولى بذاته حفظ كتابه :

الدكتور راتب :

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾

[ سورة النحل: 43]

 عفواً، هل يستطيع المواطن أن يدخل على طبيب من دون مبلغ بجيبه أي أجرة المعاينة؟ هل يستطيع أن يدخل عند المحامي من دون شيء؟ عند مهندس؟ إلا رجل الدين، ادخل لأي مسجد واسأل عالماً جليلاً، وعالماً مشهوراً، وعالماً قوياً، هذه القضية جوابها بالمجان.

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾

[ سورة النحل: 43]

 العلم مبذول بلا ثمن.

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل: 43]

أنت مع القرآن قطعي الثبوت، عندك مهمتان، أن تفهم الآية، وأن تطبقها فقط، مع الحديث عندك ثلاث مهمات، أن تتأكد من صحة الحديث، ثم تفهمه، ثم تطبقه.
 الثالث: كلام إنسان آخر، غير القرآن والسنة، أكبر عالم أديسون مثلاً، أنشتاين، الثالث أن تتأكد من صحة نسب هذا الكلام لصاحبه، وأن تعرضه على الكتاب والسنة، فإن وافقهما على العين والرأس، وإلا اركله بقدمه، معنا ثلاثة مواقف، مع القرآن فهم وتطبيق، مع السنة تأكد من صحة الحديث، وفهم، وتطبيق، أما مع الثالث فأهم شيء مطابقته مع الكتاب والسنة، إذا ما طابق اركله بقدمه، هذا منهج سيدي، عندي قرآن أفهم وأطبق، عندي سنة، أتأكد، وضعت فيكم مئة ألف حديث، حللت فيها الحرام.
 نحن بالقرآن قطعي الثبوت، ثم يوجد سبب، الله عز وجل تولى بذاته العلية حفظ كتابه.

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾

  أما غير أديان:

﴿ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ﴾

[ سورة المائدة: 44]

 طلب منهم أن يحفظوا فلم يحفظوا، طلب منهم، أمر تكليفي، أما القرآن بالذات الإلهية:

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾

.
المذيع:
 فيأتي دور المسلمين في التأكد من صحة نزول الرواية.
الدكتور راتب :
 أول شيء القرآن، الفهم والتطبيق، السنة التأكد من صحة الحديث، الثالثة أقوال العلماء، أن تعرضها أولاً إن وافقته نرى مدى صلاحيتها.
المذيع:
 جميل، عندما نصل إلى هذا الحد الكبير من التضارب في الفتاوى ماذا يفعل الإنسان؟ وأحياناً قد تكون شيخنا اجتهادية.

على الإنسان ألا يقبل في دين الله كلاماً إلا بالدليل القطعي والثابت :

الدكتور راتب :
 يوجد جواب دقيق: أنا أتمنى على الأخوة المستمعين والمشاهدين ألا تقبل في دين الله كلاماً إلا بالدليل القطعي والثابت، اطلب الدليل، لا تقبل شيئاً ولا ترفض شيئاً إلا بالدليل. إن هذا العلم دين، ليس قضية سهلة، أخي سألته وقال: حرام، لماذا حرام؟ أين الآية؟ أين الحديث؟ أين أقوال العلماء الكبار؟ لا تقبل شيئاً في دينك إلا بالدليل، ولا ترفض شيئاً في الدين إلا بالدليل.
المذيع:
 شيخنا حتى في الدليل أحياناً نحتاج إلى أكثر من دليل لكل طرف.
الدكتور راتب :
أنا أؤكد لك قطعاً المخلص في إيمانه ودينه يرتاح لرأي مع دليل قوي، يرتاح نفسياً، الله يلقي في روعك - القضية دقيقة - أن هذا الشرح للحديث هو الصح.
المذيع:
 سبحان الله! لمن طلب الحق ربنا يريح صدره للشرح.
الدكتور راتب :
 لمن طلب الحق الله يودع في كيانه أن هذا هو الصواب.
المذيع:
 إذاً الخطوة الأولى شيخنا الإنسان هنالك أحكام قطعية في الدين، واضحة الدلالة، لا يوجد فيها نقاش، كتحريم الربا مثلاً.
الدكتور راتب :
 فهم وتطبيق.
المذيع:
 وهنالك بعض القضايا التي استجدت في عالمنا، أو التي هي من البداية محل خلاف بين الفقهاء أصلاً، والهدف فيها أن يكون هنالك اجتهاد علمي بين هؤلاء الفقهاء.
الدكتور راتب :
 مع الدليل.
المذيع:
 وعليّ كمسلم أن أبحث عن عالم رباني يتقي الله، ويطبق ما يقول، ومن ثم أطلب الدليل حتى أكون على بينة، جميل.
 شيخنا اليوم نشهد في بعض القضايا تشدداً كبيراً جداً إلى درجة عالية إلى أبعد الحدود، وبالمقابل هناك تراخ، مثلاً؛ في بعض القضايا يتعاملون مع البنوك، في بعض الأشخاص شيخنا يحرمها عن بكرة أبيها، لا بنك إسلامي، ولا غير إسلامي، يحرمها جملة وتفصيلاً، والبعض الآخر يقول لك: هذه تعاملات، ولم تعد كالربا القديمة وينفيه كله.

على الدعاة اعتماد التبسيط و العقلنة و التطبيق في دعوتهم :

الدكتور راتب :
 أنا العبد الفقير أتمنى من خلال مثل بسيط: إنسان فرنسي اهتدى على يد شيخ أزهري، أبقاه في أحكام المياه ستة أشهر، والحقيقة بكتب الفقه الطويلة الموسعة ممكن أن تتكلم ستة أشهر بأحكام المياه ولم تتوضأ بعد و لم تصلّ، فقط في أحكام المياه، طاهر لذاته، طاهر لغيره، الحديث طويل جداً، فهذا الرجل الفرنسي عندما أبقاه الشيخ الأزهري ستة أشهر في أحكام المياه ترك الدين، التقى مع الإمام محمد عبدو، قال له: الماء الذي تشربه توضأ منه، ألغى لك ستة أشهر.
الآن يوجد صنبور بالبيت، ودولة، وتصفية للماء، وكلور، يوجد مليون شيء، اختلف الوضع الآن، هذا الكلام كان على حياة فيها بدو، وجدت بركة ماء يا ترى هذه البركة طاهرة أم غير طاهرة؟ الموضوع طويل، هذا انتهى.
 فأنا من تمنياتي للدعاة أن يتخذوا ثلاثة أشياء في دعوتهم، التبسيط، والعقلنة، والتطبيق، التبسيط بسط الأمور، الماء الذي تشربه توضأ منه، ألغينا ستة أشهر دروس، ألغينا حوالي ألف صفحة بالكتب الفقهية، الآن التبسيط والتطبيق، طبق، عندما تطبق تقطف الثمار بنفسك، تطبيق، وعقلنة، أي لا تعمل حرباً مع العقل، دائماً يوجد أشخاص يتمنى أن يستفزك، أن هذا النص هكذا، بخلاف العقل، الذي خلق العقل هو الله، خلق العقل وأعطاك نصاً، معقول يتناقض كلامه مع مسلمات العقل؟ ليس من المعقول أن يتناقض كلام الله مع العقل.
 يقولون مرة إن شخصاً جمع أشخاصاً حوله، وقال: أضرموا ناراً، أضرموها، قال: اقتحموها، ألست أميركم؟ قالوا: نعم، قال: أليست طاعتي طاعة رسول الله؟ قالوا: نعم، قال: اقتحموا النار، ما تحملوا، شخص منهم قال له: إنا آمنا بالله فراراً منها، كيف نقتحمها؟ فعرضوا الكلام على النبي، اسمع ماذا قال لهم، قال له: والله لو اقتحمتموها لازلتم فيها إلى يوم القيامة، إنما الطاعة في معروف.
 يوجد عقل الله أعطاك إياه، ومنطق، وشيء مألوف، إنما الطاعة في معروف، ما معنى معروف؟ أي أنت تعرفه ابتداءً من دون تدريس.
 مثلاً: غرقت باخرة فمات الجميع إلا طفلاً صغيراً مع أمه، عاشا بجزيرة، كبر اصطاد أرنباً وشواه وأكله وحده، ما تلقى أي توجيه ديني بحياته، لكنه يشعر بكآبة، لماذا؟ هذه فطرة.
 الله أودع بنفسك محبة كل شيء أمرك به، و:

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات: 7]

 هذه فطرة، الفطرة متطابقة مع الشرع، أي أمر الله أمرك به ترتاح له في التطبيق، و أي نهي نهاك عنه تتضايق.
 أنا أقول مثلاً بسيطاً: شخص دخل للبيت الساعة الثانية ليلاً، والدته قالت له: أنا أشعر بألم في رأسي شديد، أريد دواء، قال لها: جميع الصيدليات مغلقة، الساعة الواحدة و الدنيا ليل، هي استحت منه فسكتت، لكن هو يعرف أن هناك صيدليات مناوبة يعرفها هو، الآن شخص ثان، نفس القصة، قالت له: أريد دواء، قال لها: على عيني، ركب سيارته، وبحث عن الدواء في الصيدليات، فوجد أن هذا الدواء مفقود، بالحالتين الأم لم تأخذ الدواء، لكن بالحالة الأولى يوجد حساب نفسي دقيق، ما ركب سيارته ودار على الصيدليات، أما الثاني فلم يجد الدواء، يوجد حساب للنفس دقيق جداً.
المذيع:
 إذاً هذا الخلاف شيخنا في بعض القضايا أنا مطلوب مني كإنسان أن أبحث عن عالم رباني، وأن أطلب الدليل.
الدكتور راتب :
 لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، التغى الدين عندئذ.
المذيع:
 هل يمكن أن يكون هنالك رأيان على صواب أم هما صواب وخطأ؟

اختلاف الأئمة رحمة :

الدكتور راتب :
 أنا العبد الفقير كنت في الحج، والبعثة كانت سورية، فيها حوالي عشرين أو ثلاثين شخصاً، وأنا أحدهم، امرأة جاءتها الدورة قبل طواف الإفاضة، وطواف الإفاضة فرض، أحد أركان الحج، فسألت أحد العلماء كان معنا هو عالم حنفي، قال له: عليك بدنة، أي جمل، أي مرسيدس تقريباً بالضبط، أو أن تبقي محرمة للعام القادم، ما قولك؟ هذا الرأي الحنفي، إما بدنة، أو تبقى محرمة إلى العام القادم، وهذه مستحيلة.
 الشافعي قال: تغدو أميرة الحج، ينتظرها قومها لكن هي موجودة مع فوج من مئة شخص، هل من المعقول مئة شخص يبقون بفندق خمس نجوم عشرة أيام أخرى؟ مستحيلة أيضاً هذه الفتوى الثانية.
 الإمام مالك قال: تطوف البيت ولا شيء عليها، هذا عرض سماوي، إن جاءتها الدورة تطوف البيت، ولا شيء عليها، انظر ما أجمل التنوع، إذا امرأة تملك أموالاً طائلة، ادفعِي، اذبحِي جملاً ووزعيه على الفقراء، الثانية يسكن ابنها بجدة، تقيم عنده عشرة أيام، أما الثالثة فهي ملحقة بفوج من مئة شخص، إما أن ينتظروها، أو معها المبلغ، أما أنت فطوفي ولا شيء عليك، من هنا قال بعضهم: اختلاف الأئمة رحمة، يغطي كل الحاجات.
المذيع:
  والآراء الثالثة لها أدلتها الشرعية ومعتبرة.
الدكتور راتب :
 شخص مليونير، يا أخي اذبح ناقة ووزعها.
المذيع:
 والثلاثة على صواب شيخنا، ولو أخذت أي واحد منها.
الدكتور راتب :
 والثانية ابنها يسكن بجدة، تقيم عنده عشرة أيام.
المذيع:
 كما تفضلتم شيخنا الأساسيات والأمور الكبيرة أحكامها قطعية ثابتة.
الدكتور راتب :
 والظنيات فيها اختلاف، والاختلاف رحمة سيدي، الاختلاف يغطي كل الحالات.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، شيخنا الكريم، قضايا مهمة، وقضايا جميلة، الآن نتوسع قليلاً شيخنا من هم أهل الذكر؟
 فضيلتك ذكرت أن يكون عالماً ربانياً مطبقاً، أنا كإنسان شيخنا كيف أختبر؟ قيل لي اسأل إمام المسجد الفلاني، اسأل فلاناً وهو دكتور شريعة، اسأل فلاناً إنه يفتي على الإذاعة والتلفاز، كيف أتأكد أن فلاناً فعلاً أهلاً لهذه الفتوى، أسأله وآخذ عنه دينه؟

الشيء الصحيح يلقي الله في روع الإنسان أنه صحيح :

الدكتور راتب :
 أنا سيدي أؤمن أن الله عز وجل، الشيء الصحيح يلقي في روعك أنه صحيح، هذا إيماني.
المذيع:
 يطمئن القلب له.
الدكتور راتب :
أبداً، يقول: " من صام رمضان ولم يغلب على ظنه أن الله غفر له فلا صيام له " بالصيام أو الحج، إذا ما غلب على ظنه أن الله قبله له، أي الله يلقي في روعه أنت عندما تسأل الله، يا ربي دلني عليك، الجواب الصحيح يريحك نفسياً، هذا جواب دقيق، أنت فوضت لله الموضوع، يا رب دلني عليك، سألت عالماً، اثنين، ثلاثة، الذي أجابك إجابة صحيحة أنت ترتاح لفتواه، هي راحة نفسية، هذه لا يعرفها إلا من ذاقها، يوجد فتوى تريحك، إذا قضية خلافية والأدلة تقاربت، أما أنت عندما تسأل الله عز وجل يا رب دلني عليك، ودلني على من يدلني عليك، تسأله ترتاح، الراحة النفسية علامة رضا.
 أقسم لك بالله، أخ من أخواني يعمل بالألبسة النسائية، الذي يقيم بفرنسا أي بباريس هذه المرة قصر التنورة، فتقصرها كل المحلات، ضيق يضيق، قصر يقصر، شقة شقة، و التابعون طبعاً غير الملتزمين يقلدون هذا المقيم بفرنسا و الذي يتحكم بالأزياء النسائية، شخص من أخواني عنده ألبسة نسائية سأل العلماء، قال لي: والله معي تسع فتاوى، أقسم بالله معه تسع فتاوى على الموضة، قال لي: أمشي في الطريق أجد امرأة تلبس تنورة من بضاعتي وقصيرة جداً، أشعر و كأني مذنب، قال لي: والله معي تسع فتاوى وأنا لست مرتاحاً.
 هنا يأتي نص دقيق: " استفت قلبك، وإن أفتاك المفتون وأفتوك "، فأنا دللته على ألبسة ولادية فحلت مشكلته، لكن الألبسة النسائية الموضة هكذا، مرة ضيق، مرة قصر، مرة اعمل شقة، لم يعد هناك شي بالمرأة للزوج، كله بالطريق صار مباحاً، فهذا لم يتحمل، أقسم لي بالله معه تسع فتاوى، بأن يتبع الموضة في صنع صناعته، قال لي: أنا لست مرتاحاً، تمشي فتاة أمامي وهي تلبس من بضاعتي، كل مفاتنها ظاهرة، هنا أقول:" استفت قلبك، وإن أفتاك المفتون وأفتوك ".
 يوجد فطرة سيدي، من يطلب الله عنده فطرة سليمة، لا يرتاح للنص، ولو كان وراءه اسم كبير.
 مرة أكبر منصب بالعالم، بمصر، أفتى بإيداع الأموال بفائدة ربوية، عندي الفتوى أعلى منصب ديني في العالم الإسلامي، أفتى بإيداع الأموال بالبنك بفوائد ربوية.
المذيع:
 أن وضع الأموال في البنوك الربوية حلال، ألن يشوش هذا المسلمين شيخنا؟
الدكتور راتب :
 طبعاً.
المذيع:
 يقول لك: هذا فلان أكبر مرجعية دينية، وهي أفتى أن البنوك حلال.
الدكتور راتب :
 لذلك سيدي أحد علماء دمشق مرة كنت معه، كان بالقاهرة، هو درس بالقاهرة أقسم بالله حضر وفاة أحد كبار علماء القاهرة بمصر، أحد علماء الكبار الكبار، وهو على فراش الموت، رفع يديه هكذا، قال: يارب أنا بريء من فتاوى المصارف، متى عرف الحقيقة؟ وقت الموت، قال: يا رب أنا بريء من فتاوى المصارف، بشهادة عالم توفى من سنتين أو ثلاث، صارت أمامه.
المذيع:
 هذا يكفيه شيخنا التراجع بآخر لحظة؟
الدكتور راتب :
 لا، لا.
المذيع:
 سؤال شرعي شيخنا: أنا كمسلم تلقيت مثل هذه الفتوى، ولم أبحث عنها وأتأكد الإثم في رقبتي أم في رقبة من أفتى؟

المخلص في تدينه يهديه الله إلى الفتوى الصحيحة :

الدكتور راتب :
 أنا سيدي عندي إيمان، أقول لهم هذا إيماني، المخلص في تدينه الله يهديه إلى الفتوى الصحيحة، والفتوى غير الصحيحة لا يرتاح لها، يسأل شخصاً و شخصين و ثلاثة.
المذيع:
 يوجد مقولة يتداولها الناس شيخنا، ضعها في رقبة عالم واخرج سالماً، هل هي مقبولة؟
الدكتور راتب :
 غير صحيحة إطلاقاً.
المذيع:
 أنا الشيخ أفتى لي هكذا، حلال حرام برقبته هو.

الإخلاص علامة الحرص على الدين :

الدكتور راتب :
 استفت قلبك، وإن أفتاك المفتون وأفتوك.
 سيدي القلب، أنت حريص، تحتاج إلى إخلاص، المخلص لا يمكن أن يقبل الغلط، بإخلاصه، هذا ضابط عندي، ما دام مخلصاً هذا الجواب.
 قال لي: والله معي تسع فتاوى، امش مع الموضوع، لأنك تريد أن تبيع، و إن لم تفعل هذا فلن تبيع أبداً، قال لي: لست مرتاحاً، قلت له: أنت اعمل بالملابس الولادية، تحل المشكلة، ولادي لا يوجد مشكلة.
المذيع:
 يوجد بعض الفتاوى الشاذة إن جاز التعبير شيخنا التي جاءت لتخالف كل إجماع العلماء بالشارع الإسلامي بقضايا جديدة نسمعها هذه الأيام من قبل بعض الناس لا يعرف أصلها في الشرع.

الإسلام قوة تأثيره عجيبة جداً :

الدكتور راتب :
 معه أجندة، ما معنى أجندة؟ مثلاً الاتحاد السوفيتي عندما انهار، كان هناك معسكران، عندما انهار بقي الغرب بيده كل شيء، بحاجة إلى شيء يهاجمه، بحاجة إلى عدو مصطنع، فجاء الإسلام حل محل الطرف الآخر، فالإسلام قوة تأثيره عجيبة جداً، والإسلام نموه ذاتي، شيء عجيب، نموه أسرع من الأديان كلها في الأرض.
 بفرنسا توقعوا خلال عقدين من الزمن إسلام فرنسا كلها، شيء أنا قرأته بعيني، دينك فيه منطق، فيه صلة بالله عز وجل.
 هذا جيفري لانك أكبر ملحد، أسلم أمام طالبة معها دكتوراه بالرياضيات، محجبة فقط، الدنيا صيف، والنساء شبه عرايا بأمريكا، فقال: ما القناعات الموجودة عند هذه بذهنها؟ تلبس مانطو طويل، وهناك شيء يغطي رأسها، قرأ القرآن، ملحد، وداعية ملحد، وهو يدعو للإلحاد، جيفري لانك قرأ القرآن، فوصل لقوله تعالى:

﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾

[ سورة يونس: 92]

 له صديق موريس بوكاي، مؤلف كتاب عن الأديان الثلاثة السماوية، قال له: تقول الإسلام دين سماوي، والآية؟ قال له: هذا الذي ذكرته الآية رممت جثته بيدي، فرعون موسى، وصار أكبر داعية الآن بأمريكا، أساسه ملحد، يوجد أشياء دقيقة جداً، أنا كتابه درسته بالجامع عندي، كتاب جيفري لانك.
المذيع:
 سبحان الله! إذاً ديننا دين حقٍ من الله سبحانه وتعالى، القضايا الأساسية في حياة المسلم فيها أحكام واضحة، قطعية الدلالة، لا خلاف، ولا اجتهاد، ولا تنوع بالآراء بها.

القضايا الأساسية في حياة المسلم أحكامها واضحة قطعية الدلالة :

الدكتور راتب :
 إذا كان هناك خلاف فهو خلاف غنى، وليس خلاف تضاد، كلامي دقيق جداً، مثلما قلت لك: المرأة إن كانت موسرة عليها بدنة، إن كان ابنها بجدة هذه حالة ثانية، تجلس عنده عشرة أيام، إذا كانت مع فوج، والفوج فيه مئة شخص، مئة راكب، مئة غرفة، مستحيل، فالخلاف رحمة.
المذيع:
 والمسلم مخير هنا شيخنا أن يأخذ أي رأي.
الدكتور راتب :
العلماء قالوا: اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة.
المذيع:
 وأنا كمسلم لي اختيار، أي آخذ أي واحد من هذه الآراء الثلاثة.
الدكتور راتب :
 من عبد الله وهو مغطى بمذهب صحيح عبادته مقبولة، أي مذهب، الإمام الشافعي له اجتهادات، والحنفي، والمالكي، وابن حنبل، من كانت عبادته عن وعي أو عن غير وعي،عن علم أو عن غير علم، توافق أحد هذه المذاهب المعتمد فهي صحيحة ومقبولة.
المذيع:
 إذاً هذا ديننا، واختلافهم هنا شيخنا كان للمسلمين رحمة لهم.
الدكتور راتب :
 اختلاف غنى لا اختلاف تضاد.
المذيع:
 والمسلم عليه أن يتعلم دينه، والذي لا يعرفه يسأل أهل الذكر ألا وهم العلماء الربانيون الذين لا يتشددون، ولا يتراخون، ويطبقون ما يقولون.
 الله يفتح عليكم يا شيخنا.
الدكتور راتب :
 يقول الإمام الشافعي: لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين.
 أحياناً فتوى تطغى عليها ملايين، تارك مئة مليون، هو قُتل، إذا قال الطبيب: موته طبيعي، يعطونه مليونين، أو خمسة ملايين، لأنه هو ترك مئة مليون.
 لذلك المؤمن لا يمكن أن يبيع دينه ولا بملء الأرض ذهباً.
المذيع:
 الله يفتح عليكم دكتور، نختم حلقتنا بالدعاء، ونسأل الله القبول.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، احفظ هذه البلاد يا رب العالمين، احفظها من كل سوء وشر يا أكرم الأكرمين، اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، وحتى موعد جديد في ظلّ إطلالاتنا الرمضانية. سبحانك لله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور