وضع داكن
18-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 17 - كلكم داع
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سلام إذاعي لكم مستمعينا الكرام أينما كنتم، فأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة وعلى الهواء مباشرة مع فضيلة العلّامة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، مرحباً بكم شيخنا وأستاذنا الكريم.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 نفعنا الله بعلمكم وعمركم دكتورنا الكريم، دكتور محمد أهلاً وسهلاً بكم مستمعينا الكرام، " كلكم داعٍ " هذا عنوان حلقتنا لهذا اليوم، ننطلق في مطلع هذه الحلقة بقول الخالق عز وجل من سورة آل عمران بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾

[ سورة آل عمران:110]

 وقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:

((كلُّكم راع، وكلُّكم مسؤول عن رعِيَّته))

[مسلم عن يونس بن يزيد الأيلي رحمه الله]

 شيخنا الكريم على ذات الوزن في حديث النبي عليه الصلاة والسلام كان عنوان حلقتنا:" كلكم داعٍ " نتحدث عن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى لغير المتخصصين، أي لا نتحدث عن كبار العلماء، والدعاة، وأساتذة الشريعة، وإنما عن عامة الناس، عن المسلمين العاديين.
 نبدأ مع فضيلتكم دكتور في هذا العنوان الدعوة ما هي؟

الدعوة إلى الله على بصيرة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 الدعوة إلى الله فرض
أخي الكريم بارك الله بك على هذا العنوان، وعلى ذاك السؤال، لو سألنا إنساناً يصلي: لِمَ تصلي؟ يستهجن هذا السؤال، يقول لك: الصلاة فرض، فإذا أثبتنا لكل أخ مستمع أن الدعوة إلى الله فرض كالصلاة تماماً، قد يستغربون، لكن لولا الدليل لقال من شاء ما شاء.
 الآية الأصل في هذا الموضوع:

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾

[ سورة يوسف:108]

 معنى على بصيرة أي بالدليل والتعليل، بالدليل القطعي، والتعليل الفهمي.

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[سورة يوسف:108]

 فالذي لا يدعو إلى الله على بصيرة قطعاً يقيناً بنص هذه الآية ليس متبعاً لرسول الله الآية الثانية:

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ﴾

[ سورة آل عمران:31]

 معنى ذلك الاتباع أصل من أصول هذا الدين، لكن أنا لا أقول هنا الدعاة المحترفون المتخصصون، المتبحرون، المتعمقون، المتفرغون، تلك فرض كفاية، التبحر والتعمق.
المذيع:
 شيخنا نوضحها كي توضح عند الناس، نتحدث في البداية عن الفرض، ثم فرض الكفاية.

الفرق بين فرض العين و فرض الكفاية :

الدكتور راتب :
 التفرغ، اختصاصه، دراساته، حرفته، عمله، هويته بالمجتمع داعية، هذا داعية متفرغ، تبحر في العلم، وتعمق به، وتخصص في بعض فروعه، كالعلماء الكبار، الدكاترة، والعلماء والدعاة الكبار، هؤلاء متخصصون، متفرغون، متبحرون، متعمقون، معهم الدليل والتعليل، يستطيعون أن يردوا على الشبهات، وإزالة الملابسات، هذا اختصاص، هذا تفرغ، هذا عمل عظيم، هذا الداعية المتفرغ.
المذيع:
 وهو فرض كفاية.
الدكتور راتب :
 فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط عن الكل.
المذيع:
 لا تطالب الأمة أن تتفرغ للعلم الشرعي.
الدكتور راتب :
 المتفرغ، المتخصص الذي أراد أن يكون داعية، درس، وتعمق، وتبحر، وبحث بالأدلة، واختار اختصاصاً يناسبه، هذا موضوع ثان، أما أي إنسان سمع خطبة جمعة، وسمع حديثاً رائعاً جداً، يحل مشكلته في البيت، أما حدث به زوجته فصار داعية!!
المذيع:
 بهذه البساطة.
الدكتور راتب :
 حدث شريكه بالعمل، صديقه، الدعوة إلى الله كفرض عين ملزم في حدود ما تعلم ومع من تعرف.
المذيع:
 هذه فرض عين.
الدكتور راتب :
 سمعت درس علم، سمعت حديثاً رائعاً جداً، سمعت تفسير آية، سمعت قصة تهز أعماقك، هذه القصة، أو شرح هذه الآية، أو بيان هذا الحديث مهمتك أن تنقله لمن حولك، لمن حولك فقط، لزوجتك، لأولادك، لأصدقائك، بالسهرة الأسبوعية، لزملائك في العمل، لشركائك في التجارة، هؤلاء من حولك، هؤلاء هم الدائرة الصغرى.
المذيع:
 وما تعلم فقط.
الدكتور راتب :
 في حدود ما تعلم، ومع من تعرف، الدعوة إلى الهل كفرض عين، والدليل: من لم يفعل ذلك ليس متبعاً لرسول الله.

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

 فكل من يستنكف، ويتأفف من أن يكون داعية مثلاً، هذا قطعاً ليس متبعاً لرسول الله، ولكن أطمئنه، لست مكلفاً أن تنال دكتوراه في الشريعة، ولا اختصاصاً، ولا تبحراً في العلم، ولا أن تقرأ الكتب، لكن سمعت خطبة، شرح الشيخ آية أذهلك شرحها، اكتبها عندك، أو سجلها على الهاتف.
المذيع:
 لو لم يفعل ذلك دكتور، لو لم ينقلها للآخرين؟
الدكتور راتب :
 صار آثماً طبعاً، في حدود ما تعلم، سمعت خطبة، جلست بدرس علم، بسهرة فيها عالم، تكلم كلاماً رائعاً، قصة مثيرة جداً، مؤثرة جداً، هذا الذي سمعته، وتأثرت به، ينبغي أن تنقله من باب المحبة، أولاً: فرض، لكن من باب المحبة لمن حولك، لزملائك في العمل، لأقربائك، لمن حولك من الجيران، عندك جار، عندك زميل، عندك قريب، هؤلاء ينبغي أن تنقل لهم هذه المعلومات، هي فرض عين على كل مسلم، كل واحد منا يسمع خطبة الجمعة، الخطيب يكون قد حضر خطبة جمعة بأكملها، ألقى موضوعاً مؤثراً، تكلم قصة مؤثرة جداً.
 والله أنا من مدة سمعت عن عمل طيب جداً يهز مشاعر الإنسان، قصة ذكرتها مرتين أو ثلاث بالدروس، دائماً وأبداً هناك قصة مؤثرة، شرح نص مؤثر، حديث يحل مشكلة كبيرة في المجتمع، المعلومات الدقيقة، النصوص الرائعة، القصص الإسلامية، المعبرة، الدعوية، هذه سمعتها تأثرت بها، انقلها لمن حولك، بأضيق دائرة زوجتك، أولادك، أقرباؤك.
المذيع:
 أنا سأسأل فضيلتكم شيخنا عن كل من يخجل، أحياناً يشعر بشيء من الحياء أن يذهب إلى بيته و يصير كأنه هو الشيخ، ويعطي درساً للبيت، يخجل.

الحياء فضيلة والخجل رذيلة :

الدكتور راتب :
 أنا لا أقول له: كن شيخاً، ولا أن يتكلم هو كل السهرة، ولا يعيد القصة، أو الحديث المتداول، أو الحديث المتبادل.
المذيع:
 أي هو في البيت لا يكون كأنه مجلس علم، أو حلقة، أو كذا.
الدكتور راتب :
 لا، لا شيخ، ولا داعية، ولا عالم، أبداً، إنسان عادي جداً، معه بكالوريا، ويشتغل بالتجارة، جاء عنده شيخ زاره، تكلم له قصة مؤثرة جداً، يحكيها هو لزوجته، لأولاده، عنده سهرة أسبوعية يتكلم عن هذه القصة لإخوانه، الدعوة كفرض عين، في حدود ما تعلم، ومع من تعرف، وفي أضيق دائرة.
المذيع:
 من يتمنع دكتور حياء.
الدكتور راتب :
 هذا ليس حياء، الحياء فضيلة، والخجل رذيلة.
المذيع:
 هذا يعتبر خجلاً؟
الدكتور راتب :
 خجل هذا وليس حياء.
المذيع:
 يقول لك: غداً سيقولون عني أنني شيخ.
الدكتور راتب :
 حديث لا فائدة منه، أو يسهر حتى الساعة الثالثة ليلاً على الأفلام، وعلى الممثلين والممثلات، هذا الشيء مقبول؟ حديث لا فائدة منه عن الأفلام، عن الممثلين والممثلات، وجلسة كلها غيبة ونميمة ولا يستحي، أما إن تكلم عن آية كريمة فيها إنقاذ لحياتنا، فيها منهج لنا، يخجل؟ هذا الخجل يعد سلبياً، أو الحقيقة مذمة بالإنسان، الحياء هو المطلوب.
الدكتور راتب :
 لو كان أصدقائي أو أهل بيتي دكتور لديهم معرفة مسبقة بمضمون هذا الدرس، هل أيضاً أنا مكلف أن أنقله لهم.

العلم فرض على كل إنسان :

الدكتور راتب :
 إذا أنت في سهرة، فيها عشرة أشخاص، والقصة تعرفها زوجتك، سمعتها مرتين، وثلاث، وعشر، ومئة، ما المشكلة؟ إذا أنت أنانية سمعتها تريدين ألا يتكلم عنها لأحد آخر؟! هذه تكون قلة ذوق بالزوجة، القصة تعرفها هي، و لكن هناك أربعة أشخاص أو خمسة لا يعرفونها، إذا سألت من يعرف هذه القصة لن أتكلم عنها أبداً و بالتالي التغى العلم كله.
المذيع:
 يمكن مع إعادة هذا الحديث أو الآية يتحقق معنى جديد في القلب.
الدكتور راتب :
 هناك أشخاص لا يعرفون القصة، و قل لزوجتك: إن كنت لا تريدين أن تسمعي فأحضري قطعة قطن و ضعيها في أذنيك، حتى ننتهي من الحديث.
المذيع:
 شيخنا الكريم، أحياناً يأتي الشيطان ويوسوس للإنسان كي لا ينقل هذا الكلام، أو يقول له: لا تتقمص دور الداعية، لأنك أنت على خطأ، أنت تصلي وتقصر.

الدين هو الحل الوحيد الذي يسمو بالإنسان :

الدكتور راتب :
 ذكرت أول شيء، الدعوة فرض عين على كل مسلم، أي مسلم صغير، كبير، متعلم، مثقف، غير مثقف، سمع تفسير آية تأثر بها، سمع حديثاً شريفاً تأثر به.
 شخص جاء من بلاده، معه ثلاثمئة صفيحة زيت، محصوله السنوي كله، معلق كل آماله على بيع المحصول، يريد أن يدفع أقساطاً لأولاده، و يريد ثمن طعام، وشراب، وكسوة، وأجرة بيت، كل مصروفه يغطى بثمن ثلاثمئة صفيحة زيت، على الحدود شخص خبيث قال له: هل تكفر بمحمد؟ قال له: لا، فأطلق الرصاص على كل ما يحمل، فمشى كل شيء في الأرض، يقول صاحب البضاعة: مشى دمي مع الزيت، كل شيء يملكه، أقساط لأولاده، مصروفه، ألبسة، ذهب أدراج الرياح، تألم ألماً يفوق حدّ الخيال، ذهب إلى البيت، علم أهل قريته بالقصة، بعد قليل وجد ببيته ثلاثاً و ثلاثين صفيحة زيت، أنا قلت كلمة في ذلك الوقت: هذه الأمة لا تموت، ما دام تفاعلوا معه، قدم كل واحد صفيحة زيت من بيته، هذه القصة بالضفة، قدم كل واحد صفيحة زيت.
 الدين هو الحل الوحيد وهو الرادع الوحيد
هذه الأمة لا تموت، لذلك هذه الأمة لا تموت لكنها تنام أحياناً، النوم غير الموت، النوم فيه استيقاظ، والآن بدأت تستيقظ، رأت كل من حولها ضد الدين، لا شيء يرفعها غير الدين، رأت أن الدين هو الحل الوحيد، هو الرادع الوحيد، هو الذي يسمو بالإنسان، هذه حقيقة، القصة أنا أرويها كثيراً، اروها يا أخي، إن كنت داعية، أو خطيب مسجد، أو معك دكتوراه بالشريعة، قصة مؤثرة، والله أنا كلما أسمع قصة دعوية جميلة جداً أكتبها عندي، صار عندي أربعمئة أو خمسمئة قصة، القصة أبلغ من النص، أبلغ من الإلقاء المباشر، هذا الإنسان ذهب إلى بيته فوجد عنده ثلاثاً و ثلاثين صفيحة زيت، معنى هذا أن هذه الأمة متكاتفة، متضامنة، متعاونة، هذه أمة لا تموت، الإسلام فيه أمة تضعف لكن لا تموت.
 وأنا أقول كلمة لأخواننا المستمعين والمشاهدين: إذا قلت انتهينا غلطة كبيرة، لا، لم ننته، ولم نهزم، نحن عندنا ساعة فتور، وساعة يقظة، ونحن بين الفتور واليقظة، بين الخمول أحياناً والنشاط، والحياة هكذا موجات موجات.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، حياكم الله أستاذنا وشيخنا الكريم.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 أهلاً وسهلاً بكم شيخنا، شيخنا الكريم كنا نتحدث وذكرت فضيلتك الدعوة لها حكمان في شرعنا، فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، وهو التفرغ للعلم الشرعي.
الدكتور راتب :
 التبحر والتعمق.
المذيع:
 ولابد للأمة من علماء متخصصين، لكن إذا قام بها البعض أسقط الحكم عن الآخرين، ولكن الدعوة تمس كل إنسان؟

الدعوة إلى الله فرض عين في حدود ما تعلم و مع من تعرف :

الدكتور راتب :
 يؤكد هذا المعنى قوله تعالى:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ ﴾

[ سورة آل عمران: 104]

 من للتبعيض.

﴿ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾

[ سورة آل عمران: 104]

 هذه غير الثانية.
المذيع:
 أما كل إنسان بغض النظر مهما كان تخصصه علمياً، أدبياً، شرعياً، غير شرعي، رجلاً، امرأة.
الدكتور راتب :
 سمع نصاً، حضر خطبة، سمع درساً، رأى مقابلة تلفزيونية دينية، تأثر بآية، بحديث، بقصة، بحكم شرعي، تكلم لزوجته، لأولاده، لأخواته بسهرة عائلية، بالشركة لبعض الموظفين، هذه هي القصة.
المذيع:
 وهذه حكمها فرض عين على كل مسلم، وهذه المعلومات لكل إنسان وإن كانت يسيرة الحجم.
الدكتور راتب :

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

  فالذي لا يدعو على بصيرة أي بالدليل والتعليل ليس متبعاً لرسول الله، هي فرض عين على كل مسلم.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، شيخنا الكريم كيف نربط هذا الكلام بقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( بلغوا عني ولو آية ))

[البخاري عن ابن عمرو ]

 ما الآية المقصودة بالحديث دكتور؟
الدكتور راتب :
 المقصود بالآية الموضوع.
المذيع:
 ليس آية القرآن؟
الدكتور راتب :
 لا، وقد تكون آية قرآنية، حديثاً شريفاً، قصة مؤثرة، حكماً شرعياً، حكماً فقهياً، مثلاً حضرت محاضرة، سهرة فيها حديث منوع، تكلمت أربع دقائق، القصة بلغت بنعومة، وأنا لست شيخاً، ولا داعية، أنا أجلس على الأريكة الكبرى جلسة عادي أتكلم بهذه القصة.
المذيع:
 بدأنا قبل الفاصل دكتور عن بعض المعوقات التي يفترض بعض الناس أنها حاجز بينهم وبين الدعوة، بالمفهوم الجميل الذي فضيلتك طرحته، أو البعض كما قلنا يخجل ويستحي، وجزاك الله خيراً وضحت أن على كل إنسان أن ينطق بالحق.

لا حياء في الإيمان :

الدكتور راتب :
 هذا خجل سيدي، والخجل سلبي ومذموم، أما المطلوب فهو الحياء، لا حياء من الإيمان.
المذيع:
 شيخنا بعض الناس يقول لك: أنا عندي عيوب، وآثام، ومعاص كثيرة، لن أدعو إلى الله حتى أستقيم بكل جوانب حياتي.

على الإنسان أن يتكلم بالحق و لو كان على حسابه :

الدكتور راتب :
 معنى هذا لن يدعو أحد إلى الله أبداً، هذه المشكلة كبيرة جداً، يوجد شقان للموضوع: إن سألك شخص عن موضوع، لا سمح الله، وأنت لست مطبقه، يجب أن تتكلم بالحق ولو لم تطبقه.
المذيع:
 أنا هكذا أكون بوجهين دكتور؟
الدكتور راتب :
 لا، لأنه سألك، أنت لم تلق محاضرة و لم تطبقها إطلاقاً، ليس هذا هو الموضوع، جالس بجلسة وأنت لك ثقافة دينية، قال لك: ما حكم الربا مثلاً؟ أنا أقول له: حرام، لو فرضنا المتكلم متلبساً بنوع من الربا، لا يستطيع أن أقول له: حلال، المشكلة أخطر شيء بحياتنا الذين يقصرون في حياتهم، في سلوكهم، يجعلون هذا التقصير شرعاً، هذا أخطر شيء، يا أخي أنا مقصر، أنا والله لم أتمكن أن أطبق هذا، وهذا التقصير مني، لكن يجب أن تقول: هذا حرام، أنت افصل بين الشرع وبين سلوكك، لا تجعل أن الذي تعمله هو الصحيح، قل: أنا هكذا فعلت وقد أكون مخطئاً.
المذيع:
 شيخنا لحساسية النقطة في قوله تعالى:

﴿ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾

[ سورة الصف:3]

الدكتور راتب :
 هذه المبادرة، أنا عندما ألقي محاضرة عن الربا، وأنا أموالي بالبنوك، هذا شيء خاطئ، أما إذا شخص سألك عن الربا، شخص عنده غلط بهذا الموضوع.
المذيع:
 يقول: والله سمعته، لكن يبقى حكمه حراماً.
الدكتور راتب :
 لا تجعل من أخطائك شرعاً، لا تشغل نفسك بتلبيس الحق، والتلبيس من إبليس دائماً.
المذيع:
 إذاً يبقى الحكم الشرعي حكماً شرعياً لو أنا قصرت أقول: هذا تقصير سلبي مني.
الدكتور راتب :
 سهرة مختلطة، النساء أجنبيات بالحكم الشرعي، أجلس معهم، وأتكلم، وأمزح، و لباسهن غير محتشم، تقول: لا شيء في هذا؟ نحن أهل، لا، هن أجنبيات كلهن، هذا صار اختلاطاً، والاختلاط خطير جداً.
المذيع:
 حتى نوضحها، الأجنبيات في المصطلح الشرعي خارج دائرة المحارم، لكن من هم محارمي كرجل دكتور؟

محارم الرجل :

الدكتور راتب :
 أخت زوجته أجنبية.
المذيع:
 الحال المتردي للأمة سببه صغائر الذنوب
أنا بالنسبة لي من هم محارمي؟ زوجتي، والدتي، عمتي، خالتي، ابنتي، وحفيدتي فقط، أخت الزوجة لا تحل لي؟
الدكتور راتب :
 لا، أبداً، الأصول والفروع.
المذيع:
 بنت العم ليست من المحارم، زوجة الخال، وزوجة العم، ليست من المحارم، هي من الرحم ولها احترامها، ولكن لا توجد هذه الخلطة.
الدكتور راتب :
 أما سهرة مختلطة، وتلبس أحدث الأزياء، ولبسها متفلت، وسهرة، ومزح، وضحك، هذا اختلاط.
المذيع:
 هذا لا يعني أن أنقطع عن رؤية محارمي.
الدكتور راتب :
 أقول كلمة دقيقة: الآن خذ مئة بيت بأي مدينة إسلامية، هذه البيوت لا يوجد بها خمر، ولا زنا، ولا قتل، هذه كبائر، لكن كلها صغائر.
 مثل أعمق من هذا: عندك بيت فيه جميع الأجهزة الكهربائية، الثلاجة، والمكيف، والميكرو ويف، والإضاءة، والثريات، لكن خط التيار مقطوع، كلامي دقيق، ما دام انقطع تعطل.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، جميل، إذاً هذه النقطة أصبحت واضحة، من بعض الحواجز الوهمية التي ممكن أن يضعها الإنسان يقول لك: أنا لا أعرف شيئاً بالدين حتى أفتي للناس، أنت تقول لهم: ليس مطلوباً أن تفتي، معلومة بسيطة.

أعظم إنسان عند الله من دعا إليه :

الدكتور راتب :
 في حدود ما تعلم، بخطبة جمعة قال لك: هذا الحديث الصحيح، ومؤثر جداً، أنت معك دفتر كتبته، معك هاتف كتبت هذه المعلومة، أو ذاكرتك قوية حفظتها، تجلس بسهرة مع أخواتك، أو أصهرتك مثلاً، أو أقربائك في سهرة: تكلم كلمة حق، كل الحديث يكون عن السياسة، عن بالأفلام، كل الحديث غيبة ونميمة، تكلم كلمة حق، والله كنا اليوم بخطبة، وهكذا قال الخطيب، أنت لست داعية، ولا عالماً، أنت نقلت شيئاً سمعته وتأثرت به لمن حولك، هذه الدعوة فرض عين.
المذيع:
 نحن كلنا شيخنا نعرف أجر الداعية والعالم عند الله سبحانه وتعالى، أنا عندما أقوم بهذه المهمة اليسيرة هل لي أجر أيضاً؟
الدكتور راتب :
 طبعاً، اسمع سيدي الكلام الدقيق، الله عز وجل قال:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 لا يوجد إنسان عند الله أعظم ممن دعا إليه، دقق:

﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 سلوكه، وحركاته، كسب ماله، إنفاق ماله، سهراته، سياحته بالصيف، ليس فيها تفلت.

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 جاءت حركته بالحياة مطابقة تماماً لدعوته، أيضاً لا يكفي:

﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 ما هذه الآية؟ دعا إلى الله بفمه، أو بإلقاء محاضرة، أو بلقاء تلفزيوني، أو بنصيحة، دعا إلى الله، لكنه غير مطبق.

﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

الدعوة انسجام :

 أنا أذكر ملاحظة لطيفة: لي درس في الشام، درس مهم جداً، تكلمت عن العلاقات الزوجية، عندي قسم للنساء بالقبو، فكان لي بنت صغيرة عمرها ثماني سنوات، وهناك امرأة تعرف أن هذه ابنتي، سألتها سؤالاً، قالت لها: أبوكِ بالبيت كما يتكلم تماماً؟
 لابد للداعية أن يتطابق كلامه مع أفعاله
الناس يأخذون علم الطبيب فقط، لا يهمهم سلوكه، يريدون علمه، معه بورد بالهضمية هو معه قرحة، يأخذون علم المحامي لا يهمهم سلوكه، يأخذون علم الطبيب لا يهمهم سلوكه إلا الداعية لا يقبلونه، ولا ينتفعون به إلا إذا تأكدوا أن الذي يقوله يفعله، نقطة مهمة جداً، لا يقبل الداعية إذا كان له موقفان.
 لذلك أنا أقول: الدعوة انسجام، كلامه ينسجم مع سلوكه اليومي، في بيته، في عمله، في نزهته، في نشاطه المتنوع، هذا الداعية فقط.

﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

  أنا لا يوجد غيري، أنا أسميه لا تؤاخذني هذا مرض التوحد، كل إنسان يتوهم أنه لا يوجد غيره يكون معه توحد، معقول الجامعة تخرج شخصاً واحداً؟ يكون هناك عشرة آلاف داعية صادقين ومخلصين.
المذيع:
 الله يفتح عليكم دكتور، شيخنا الحبيب من القضايا الحساسة التي قد تكون حاجزاً لدى البعض تمنع من الدعوة يقول: أنا لا أعرف إن كان هذا الشيء صحيحاً أم خاطئاً، الشيخ يحفظ الآية، أنا لا أحفظها، يخاف أن يتكلم عن حديث، قد يكون ضعيفاً أو غير صحيح.

بديهيات الدين لا تحتاج إلى تحقق أو أدلة أو أساليب :

الدكتور راتب :
 يوجد أحاديث قليلة جداً جداً متعلقة بالأحكام الشرعية، دعك من هذا، يوجد آلاف الأحاديث متعلقة بالإيمان، متعلقة بالأخلاق، متعلقة بالفضائل، هذه لا شيء فيها، ضعيف أو صحيح، أنت على كل حال إن تكلمت عن شيء فأكثر من ذكر الله، مثلاً يوجد كثير من الأحاديث لا تنتقل لمستوى التواتر، قد تكون صحيحة.
المذيع:
 لكن أنا إنسان عادي دكتور أنا لا أفهم عليك، ما معنى الحديث متواتر أو غير متواتر؟
الدكتور راتب :
 لست مكلفاً بهذا الشيء إطلاقاً.
المذيع:
 كيف أكون داعية؟
الدكتور راتب :
 أنت لست مكلفاً أن تتحقق من كلام الداعية، هذا ليس عملك، قال لك حديثاً بالأخلاق، يوجد أحاديث كثيرة جداً.
المذيع:
 أي دوره يبلغه هو مرة أخرى.
الدكتور راتب :
 الإيمان هو الخلق، قاله ابن القيم، يا ترى أكيد قاله ابن القيم؟ بأي كتاب موجود؟ الإيمان هو الخلق، الله قال له:

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة القلم: 4]

 أي هي بديهيات الدين، لا تحتاج إلى تحقق، ولا إلى أدلة، ولا إلى أساليب، ولا إلى أي شيء، أما حكم شرعي متعلق بكسب المال فهذا يحتاج إلى فقهاء.
المذيع:
 عند الأحكام حلال وحرام هنا تحتاج إلى علم متوسع.

حاجة الأحكام الفقهية إلى علم متوسع و عالم فقيه :

الدكتور راتب :
 طبعاً علم دقيق، وعميق، أو فتوى دقيقة، أنا يوجد عندي شيئان خطيران، التأويل والفتوى، إذا أردنا أن نهدم الدين فيكون ذلك من خلال التأويل والفتوى، قال لك الربا فيها فتوى، أعلى منصب ديني بمصر أباح بإيداع المال ببنك ربوي، وتقاضي الفوائد، على أنها مكافأة من الدولة، أي أكبر حرمة بالإسلام أصبحت محللة أحياناً، هي فتوى وراءها مصالح كبيرة.
المذيع:
 كانت في فترة زمنية معينة، إذاً التأويل ألا وهو التفسير والفتاوى هذه تحتاج إلى إنسان متعلم بناحية متوسعة.

عدم قبول شيء في الدين أو رفضه إلا بالدليل :

الدكتور راتب :
 أخطر شي بالدين، تحتاج إلى خبراء مع أدلة، لا تقبل شيئاً بالدين بلا دليل، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، ولا ترفض شيئاً إلا بالدليل، نقطة مهمة للأخوة المستمعين، هذا دين.
 لاتقبل بالدين شيء إلا بدليل
إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينك، ابن عمر دينك دينك، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا.
 لذلك بالدين لا تقبل شيئاً إلا بالدليل، وبالدين لا ترفض شيئاً إلا بالدليل، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء.
 مثلاً، أنا أقول الآن بالإذاعة: كل عمان ملكي، لكن بلا دليل، أين الدليل؟ أين أوراق الطابو؟ كل عمان ملكي.
لولا الدليل لقال من شاء ما شاء.
 إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينك، ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك.
 أنت إذا سألت خطيباً بعدما انتهت الخطبة: قلت هذه القضية حرام، سيدي ما الدليل؟ يعطيك الدليل رأساً، لا تقبل شيئاً من دون دليل، ولا ترفض شيئاً إلا بالدليل.
المذيع:
 وعلى العلماء ألا يحجبوا الأدلة عن الناس، عندما يطلبها الإنسان يجب أن تقدم له الدليل.

الابتعاد عن حجب الأدلة عند المطالبة بها :

الدكتور راتب :
 لا يصح حجب الدليل. مثلاً:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾

[ سورة التوبة: 103]

 أمر إلهي.

﴿ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ ﴾

[ سورة التوبة: 103]

 الإله أعطاك التعليل، الإله القوي، الذي يعطي الأمر فقط قال لك:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ ﴾

[ سورة التوبة: 103]

 فأنت من؟ إذا كان تكلمت بشيء تكلم بحكمة، بدليل.
المذيع:
 إذاً ما ترشد به مستمعينا الكرام أن الإنسان يبتعد قليلاً عن الفتاوى، وعن التأويل والتفسير، أما القضايا الدينية.
الدكتور راتب :
 دع الفتاوى والتأويل لأربابه، أما بالدين، بالأمور العامة، الإيمان بالله، والأخلاق العالية.
المذيع:
 أنقل ما سمعت، الله يفتح عليكم.
 أحمد حياك الله.
المستمع:
 السلام عليكم، كيف حالك سيدنا، كيف حالك فضيلة الدكتور.
 لو سمحت دكتورنا، أنا في مشواري الدعوي أمشي على النهج الذي تفضلت به حضرتك، في حدود ما أعرف، وفي حدود ما أعلم، والحمد لله رب العالمين كانت النتيجة جيدة جداً، ولكن أثناء هذه المسيرة على مر سنوات أحد الناس فتح لي مجالاً لشبهات عديدة، منها بكتب قديمة، ومنها بكتب تألفت بقراءات معاصرة للقرآن الكريم، أناس حضرتك أكيد تعرفهم، فتح لي مجالاً للشبهات بصراحة دخلت لي هذه الشبهات، لا سمح الله ليست تشكيكاً بالدين، يمكن نقص معلومات، نقص خبرة من عندي، ولكن أنا أثناء هذا التوجيه والعمل الديني يشهد الله أنه كان خالصاً لوجه الله تعالى، واجهت هذه المشكلة، وأصابني نوع من الشبهات أنا شخصياً، فحاولت أن أوصل إلى تفسيرات في أن أقرأ بعض الكتب التي ردت على هذه الكتب، ولكن بصراحة وقعت بشبهات أكبر فأنا أريد أن أفهم من فضيلتكم.
المذيع:
 الفكرة واضحة تماماً أحمد، إن شاء الله يجيبك عنها شيخنا الكريم بارك الله بك وشكراً لسؤالك.
 شيخنا الكريم، أحمد الله يمشي في مشوار الدعوة، أثيرت شبهات.

نصيحة للدعاة في مشوار دعوتهم إلى الله :

الدكتور راتب :
 أنصح الأخوة الدعاة أن يؤكدوا لإخوانهم جميعاً كل مرة الإجابة عن الأسئلة يكون في الدرس الثاني، درس أخذت السؤال، لا تقل له لا أعرف، أنت معك أسبوع بأكمله، وعندك كتب، وعندك مراجع، اسأل عالماً أكبر منك، أنت اعمل الدرس ينتهي قبل خمس دقائق، ماذا يوجد عندكم من أسئلة؟ أخذت الأسئلة، سجلتها عندك، الدرس القادم إن شاء الله نجيب عن هذه الأسئلة، لا تقل: لا أعرف أبداً، لكن أنت هذا السؤال قد يكون محرجاً، قد تجيب عن نصفه، قد يكون عندك جواب لست متأكداً منه، في هذه اللحظة لا تجيب، دائماً علمهم أنني أنا سأجيب عن الأسئلة بالدرس القادم.
المذيع:
 صديق لأحمد دكتور أثار بعض الشبهات، وتدرك فضيلتك اليوم الشبهات كثيرة، تثار في كثير من الأصول والفروع الإسلامية، بعد قراءته في الموضوع دخلت الشبهات إليه هو من الداخل، ماذا تنصحه؟
الدكتور راتب :
 والله يا أخي أن أنصحه بمتابعة العلم، هذا العلم يوجد عندنا شهوات وشبهات، أخطر شي بهذا الدين الشبهات، أي قضية تشتبه بين الحق والباطل، من جانب حق، من جانب باطل، الآن من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
المذيع:
 وقرأ شيخنا بعض الكتب، ولم يصل لشيء يريحه في الرد على هذه الشبهة.
الدكتور راتب :
 لا بد من الدليل، أنت مبرمج من قبل الله أنك إذا ذُكر لك الدليل ترتاح له.
المذيع:
 تنصحه شيخنا بالجلوس يداً إلى يد عند عالم أكثر من القراءة بالكتب حتى يناقشه.
الدكتور راتب :
 هو يقرأ ويبحث، ويكون له مرجع حي يرزق، وعلمه أشد، يلتقي معه بالأسبوعين، بالهاتف يلتقي معه.
المذيع:
 لكن هو شيء طبيعي شيخنا.
الدكتور راتب :
 أي عالم يجيبك بالهاتف.
المذيع:
 إذاً أحمد ما بين القراءة، والكتب المتخصصة، والعلماء المتخصصين، ولعل العالم يدلك في كتابه.
الدكتور راتب :
 والأكمل أن ترجئ الإجابة لدرس قادم.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور.
الدكتور راتب :
 كعادة من عاداتك أنت، هناك أسئلة أجيب عنها الآن بقي معي خمس دقائق والبقية للدرس القادم.
المذيع:
 الله يكرمك يا دكتور.
 منذر تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، كيف الحال فضيلة الدكتور؟
الدكتور راتب :
 الحمد لله.
المستمع:
 بارك الله بك، ونفع بك، دكتور سؤالي ما أثر الداعية على الداعي؟ أنا أدعو الناس إلى الله عز وجل في سيارة الأجرة، ولست حافظاً لكتاب الله وعندي تقصير، لكن أغلب أوقاتنا عمل وتعب.

كيف يمكن للإنسان أن يعمل و يكون داعية في نفس الوقت ؟

الدكتور راتب :
 بحدود ما تعلم، ومع من تعرف، أنت مكلف بشيء سمعته من عالم موثوق، عالم رباني، أو من كتاب موثوق، صحيح البخاري، مثلاً، أو تفسير معتمد، قرأته، استوعبته، تتكلم عنه لأنك استوعبته، و أنت متأكد منه، أما إذا كنت لست متأكداً، فقل له: والله لا يوجد معي جواب جاهز الآن.
المذيع:
 كيف يمكن له أن يكون داعية وسائق سيارة أجرة معاً.
 شيخنا الكريم نعود إلى فضيلتكم.
الدكتور راتب :
 أريد أن أقول للأخوة المستمعين، أن تقول: لا أعلم هذا وسام شرف للعالم، الإمام أحمد بن حنبل جاءه وفد من الأندلس، أي قطع آلاف الكيلو مترات، معهم خمسة و ثلاثون سؤالاً، أذكر أنه أجاب عن سبعة عشر سؤالاً، والباقي قال: لا أعلم، قالوا: الإمام أحمد بن حنبل لا يعلم؟ قال: قولوا لهم: الإمام أحمد بن حنبل لا يعلم، كلمة لا أعلم وسام شرف للعالم، لا أعلم، أو أمهلني يا بني حتى غد.
المذيع:
 ومن لا يعلم كما تفضلت عليه بالكتب المتخصصة، والعلماء الربانيين ليصل إلى جواب.
الدكتور راتب :
 أنا أجيبك لكن بعد حين، لا أعلم، اجعل لا أعلم وسام شرف لك.
المذيع:
 الله يكرمك يا رب، ما طرحه أخونا منذر وهو سائق سيارة أجرة، كيف له أن يستثمر عمله ووظيفته في سيارة الأجرة وأن يكون داعية أيضاً؟
الدكتور راتب :
 إذا وضع أشرطة لمن يثق بعلمه وربانيته فهذه أكبر دعوة، كثير من الناس اهتدوا بالسيارة.
 أذكر أن هناك إذاعات تبث لي كل يوم، هذه الإذاعة لها أثر يفوق حدّ الخيال، حتى والله من غير دين أسلموا، على الإذاعة بالسيارة.
المذيع:
 ننتقل إلى جولة جديدة، ومشاركات مستمعينا.
 نسرين، تفضلي أختي.
المستمعة:
 دكتور محمد أنا لي عدة سنوات أسمع لحضرتك والحمد لله استفدت، جزاك الله كل خير، لكن كان سؤالي مرات الإنسان يحاول أن يدعو المحيطين، سواء في العمل، أو في البيت، أي كل الذين من حوله و لا يجد استجابة، ولو بسيطة، هل هذا يعني أن ربنا غير متقبل منه؟

بطولة الإنسان أن يدعو الناس إلى الله و إن لم يستجيبوا :

الدكتور راتب :
 لا، أبداً البطولة أن تتابعي، الأنبياء لم يستجاب لهم، البطولة أن ندعو إلى الله، الاستجابة أنا لا أملكها.

﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾

[ سورة القصص: 56]

 هذه أول آية، الثانية:

﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ﴾

[ سورة البقرة: 272]

 الثالثة:

﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة الشورى: 52]

 ألا يستجيب الناس هذا ليس وصمة عار بحقك، ألا يطبقوا أنت لا علاقة لك بذلك:

﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾

[ سورة القصص: 56]

﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ﴾

[ سورة البقرة: 272]

﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة الشورى: 52]

المذيع:
 تخاف مثلاً أنها لم تكن صادقة، أو مخلصة بدعوتها، فربنا أحبط عملها.
الدكتور راتب :
 هذه وسوسة من الشيطان.
المذيع:
 تنصحها دكتور أن تتابع عملها؟

قمة الرياء من ترك العمل خوف الرياء :

الدكتور راتب :
 أبداً، من ترك العمل خوف الرياء فهو قمة الرياء، دقيق هذا الكلام، مثلاً: أنا لن أخدم أمي حتى لا يقول أخوتي إنني أحب أمي أكثر منهم، هذا منتهى الغلط، لا مؤاثرة في الخير، والخير كله في المؤاثرة، أن أدع عملاً صالحاً تجاه والدتي حتى لا يقولوا: هذا إنسان متكبر علينا، خدم أمه أكثر، لا هذه ليست واردة إطلاقاً، لا مؤاثرة في الخير، والخير كله في المؤاثرة، أنت تؤثر أخاك في الدنيا، أما بالدين فلا يوجد مؤاثرة.
المذيع:
 شيخنا الكريم، هذه الدعوة التي يمكن لطالب الجامعة، للموظف، للمهندس، للعامل أن يقوم بها ما آثارها على حياته في الدنيا غير أجر الآخرة؟

آثار الدعوة إلى الله على حياة الإنسان :

الدكتور راتب :
 والله إرضاء الله عز وجل، والتوفيق، ومن دعا إلى الله له عند الله مكانة كبيرة.

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾

 ، وهذه دعوة إلى الله.
المذيع:
 ما جزاؤها في الدنيا دكتور؟
الدكتور راتب :
 التوفيق أولاً، العلم كيف يثبت بالإنسان؟ إذا ألقيته على الناس، العلم إذا ألقيته ثبت عندك، وعندك حالة ثانية: الإنسان إذا دعا إلى الله، تكلم عن شيء أن هذا لا يجوز، صار عنده موانع فلا يفعله، لأنه قال: هذا لا يجوز، يقع في تناقض كبير.
المذيع:
 بارك الله بك دكتور.
 أبو أحمد باتصال جديد تفضل.
المستمع:
 السلام عليكم، لو سمحت أريد أن أسأل الدكتور، الإنسان إن أراد أن يكون داعية إلى الله وهو مقصر، لكن ليس شرطاً أن يقوم بكل الأعمال الجيدة التي يريد أن ينصح الناس بها.

على الإنسان ألا يبدأ دعوته بشيء لا يطبقه :

الدكتور راتب :
 هو الأكمل إذا سُئلت أن تجيب الحقيقة، ولو لم تكن مطبقاً لها، أما أن تبدأ بالدعوة بشيء أنت لست مطبقه أصلاً، يضعف مركزك أمام الله عز وجل.
المذيع:
 مثلاً إنسان دكتورنا يصلي لكن لنفترض يتعامل في الربا، فيحدث الناس عن الصلاة، حتى يأخذ الله بيده ويترك الربا يتحدث بهذا الموضوع، هذا المقصود شيخ؟
الدكتور راتب :
 لا يتكلم ابتداءً بشيء لا يطبقه، أما إذا سُئل فيجب أن يقول الحق لو لم يكن مطبقاً له.
المذيع:
 شيخنا الكريم لطالما قرأنا عن علماء مسلمين كانوا بارعين بالفلك، بالفيزياء، وكانوا من حفظة القرآن، ومن علماء الشريعة، هل يمكن للإنسان أن يكون داعية إلى الله وهو مهندس خبير تغذية أو لاعب رياضة؟

ارتباط التأثير بالناس باستيعاب ثقافة عصرهم :

الدكتور راتب :
 أنا الآن لي رأي قد لا تقبله، لا يمكن أن تؤثر في الناس الآن إلا إذا استوعبت ثقافة العصر، هذه الثقافة مهمة جداً، أنت تخاطبهم بثقافتهم، بمدلولاتهم، ببحوثهم العلمية، الذين يؤثرون الآن استوعبوا ثقافة العصر، واستوعبوا ثقافة الإسلام العظيمة، أحياناً تأتي بأشياء بالإعجاز العلمي كلها منجزات حديثة أنت قرأتها، تأتي بدليل كبير.
 لابد للدعاية أن يستوعب ثقافة العصر
مثلاً: لما صعد رواد الفضاء إلى القمر، صاح رائد الفضاء بالدقيقة السادسة و الخمسين: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، ما الذي حدث؟ الذي حدث تجاوزوا طبقة الهواء فلما تجاوزوا طبقة الهواء ألغي انتثار الضوء، صار الظلام دامساً، هذه القصة تفتحوا الانترنيت على أول رحلة إلى الفضاء أبولو 8، ماذا قال رائد الفضاء بعد ست و خمسين دقيقة من انطلاق الرحلة؟ تفتح القرآن الذي أنزل قبل ألف و أربعمئة عام:

﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 14- 15]

 يوجد من هذا النوع ألف و ثلاثمئة آية بالقرآن لا تؤكد بل تقطع، عندنا نحن وهم، ظن، يقين، أما القطع فأعلى شي، الذي خلق الأكوان أنزل هذا القرآن.
المذيع:
 إذاً تكون مهمة الدعوة مهمة راقية لكل مسلم، يكافأ بالبركة في الدنيا، والأجر في الآخرة، وكلما ازداد علماً ازدادت قدرته على الدعوة.
 نختم حلقتنا بالدعاء شيخنا الكريم.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور